الخميس، 24 مارس 2011

العام 2011 تداعيات ما قبله وتوقعات ما بعده

دخل العالم العام 2011 وسط عواصف وامطار وسيول وتغييرات في المناخ بدأت في الأيام الأخيرة من العام المنصرم ومازالت على أشدها، فهل يتمخض العام الجديد عن تغييرات في الاوضاع السياسية والجغرافية لبعض الدول والمناطق في عالم تلاطمت أمواج التداعيات فيه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول لتفصح عن حقيقة المخطط الدفين لقوى الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية هذا المخطط الموسوم ببصمات القوى الصهيونية في العالم والمطعم برغبات وأطماع العديد من القوى الإقليمية التي تطابقت أو انسجمت أهدافها وأطماعها مع ما يتوقع لهذا المخطط من نتائج لاسيما في المنطقة العربية؟!
اطل العام 2011 برأسه وسط الف سؤال يطرح بحثاً عن اجابة لما سوف ينجم عن تداعيات الاحداث التي سبقته.
اطل العام 2011 برأسه فهل نجح المخطط الامريكي في العراق والشرق الاوسط؟!
وهل تمكن اوباما من تحقيق الاهداف التي كان رفع شعاراتها احد اسباب فوزه في انتخابات الرئاسة؟! وهل اوفى بوعوده لناخبيه ولاطراف كثيرة في هذا العالم بخاصة المسلمين منهم والعرب الذين طالما دغدغ مشاعرهم وعواطفهم بخطبه الرنانة؟!
اطل العام 2011 ومستقبل العراق الذي دمره الاحتلال الامريكي وعاونه في هذا التدمير التغلغل الايراني يبحث عن اجابة. ما هو مستقبل العراق في ظل وضع يتقاسم النفوذ فيه المحتل الامريكي والمحتل الايراني وبين النفوذين يتراقص الآلاف من الشياطين على معزوفات قوى تسمى اقليمية حتى وان صغر شأنها؟!
من هو الرابح الاكبر من عملية احتلال العراق وتدميره، الولايات المتحدة الامريكية، ايران، اسرائيل، دول اخرى؟!
ما هو الموقف الرسمي العربي من احتلال العراق والحالة المأساوية التي وصل اليها، وهل يعي الحكام العرب تداعيات الوضع المستقبلي للعراق على مستقبل القضايا العربية وعلى مستقبل انظمتهم نفسها؟!
وما هو موقف مجلس التعاون الخليجي مما يجري في العراق، وما هي معايير الربح والخسارة لدول الخليج بعد تدمير العراق؟! وما هو مستقبل دول الخليج بعد ان خسرت العراق الذي كان يمثل قوة التوازن الكبرى في المنطقة وهل تتفهم دول الخليج المخاطر المحدقة بها اذا ما استمر المخطط الايراني في العراق وتمكن من تحقيق اهدافه؟!
ما الذي تحقق فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما هي فرص الدور الامريكي فيها خلال ولاية اوباما، وهل بقي ثمة دور للموقف العربي؟!
وفي مطلع العام 2011 الى اين يتجه السودان؟! وما هي التداعيات المحتملة في الوطن العربي في حال نجاح المخطط الصهيوني الامريكي لتقسيم السودان؟!
وما هو دور الجامعة العربية وما حقيقة موقفها من القضايا العربية خاصة احتلال العراق؟!
وهل ثمة امل في بقائها على قيد الحياة؟!
ما هي حقيقة الموقف التركي؟! وهل تمكنت تركيا من فرض نفسها كلاعب اقليمي مؤثر وقوي؟!
وهل نجحت في لعب دور التوازن  بعد خروج العراق من معادلة القوى في المنطقة؟!
وهل يمكن ان تنجح تركيا في وقف التمدد الايراني بالتنسيق مع الدول العربية؟!
هل مازالت الامم المتحدة منظمة دولية؟! وهل ثمة مصداقية في كون مجلس الامن اميناً على السلم العالمي وراعياً لحقوق الانسان وحقوق الشعوب؟! وهل ان محاكم العدل الدولية ومحكمة الجزاء الدولية هيئات عادلة تطبيق القوانين والاعراف الدولية فيما يتعلق بحقوق الانسان وحقوق الدول بحيادية ونزاهة ومهنية؟! ام انها تابعة لاخطبوط التسلط الذي تقوده الولايات المتحدة؟!
تساؤلات كثيرة وتوقعات اكثر منها، والغريب ان العالم كله مشترك في التخطيط لما يراد للمنطقة العربية من تغيير نحو الاسوأ بالطبع، مشترك بالتخطيط بطريقة مباشرة او غير مباشرة والكل يبحث عن مصلحة او منفعة او حاجة من خلال دور يقوم به او مشاركة او تأييد لموقف او رأي ضاغط الخ من اوراق اللعب، الا العرب فانهم في غفوة لا يشعرون بما يدور من حولهم وكانهم غير معنيين بالموضوع، وربما كانوا مطمئنين الى عجزهم وتخاذلهم وعدم قدرتهم على استنفار امكاناتهم البشرية والمادية والتاريخية، العرب اليوم مستسلمون للامر الواقع، وواقع حالهم يقول ان كل ما يراد بهم وباوطانهم صائر لا محالة كانه القدر لا مفر منه ولا داعي للاحتياط له او مواجهته، العرب في مطلع العام 2011 هم بمجموعهم ونحن لا نقصد الشعب العربي انما نقصد الحكام، هم بمجموعهم لا يمكنهم ولا يملكون الارادة لتشكيل موقف نرى دولة صغيرة في اطراف هذا العالم قادرة على تحقيقه!!، ولا نعلم سر هذا الاستسلام والرضوخ، وربما كانوا مؤمنين وقانعين من منطلق (القناعة كنز لاينفى)!. او من منطلق (الايمان بالقدر خيره وشره!!).
وبإلقاء نظرة متفحصة على اجندة الاحتلال الامريكي في العراق واجندة رديفة في الخفاء وعدوة في العلن الاحتلال الايراني وتداعياتها خلال الاعوام الثمانية المنصرمة نجد ان مخطط تقسيم العراق بعد ان كان يجري بشكل ساخن تحول ليطبخ على نار هادئة بعد ان قللت الولايات المتحدة من مستوى عملياتها وسحبت الحجم الاكبر من قواتها لتبدأ دوراً سياسياً بينما تباشر ايران دوراً فعلياً بواسطة اذرعها على الارض لتعزيز انضاج هذا المخطط بهدوء وفق مبدأ تطبيع الاوضاع وتحول الشرائح حسب طوائفها من منطقة الى اخرى، وتستوعب الاحزاب الكردية بامتياز الدور المناط بها في هذا المشروع، وللحديث عن مشروع تقسيم العراق والموقف العربي منه لابد من العودة الى موضوع اجراء الاستفتاء في جنوب السودان والذي سيشكل المدخل القانوني لتقسيم السودان بدأ من انشاء دولة في الجنوب يجري بعدها تهدئة الوضع ليكون مقبولاً وفق منهج متفق عليه تثار بعده مرة اخرى المشاكل في الاقاليم الباقية من السودان بدأ (بدارفور) لاستكمال مشروع تقسيمه الى  خمس دويلات وربما اكثر من ذلك.
ويعتقد الكثير من المحللين والمستشرفين لمستقبل المنطقة السياسي ان العالم 2011 سيشهد لا محالة دولة الجنوب السوداني كما يتحرك خلاله الدور الكردي لانضاج فكرة الدولة الكردية خلال الاعوام 2011 و 2012 و 2013 يستحوذ خلالها على المزيد من الارض والمكاسب والثروات ويفتعل خلالها المزيد من المشاكل والازمات لاضعاف العراق وتأجيج فكرة الاقاليم حتى اذا ما جاء موعد الانتخابات القادمة رفع سقف مطالبه وتظلمه بما لا يعطي فرصة لاية حكومة لمجابهة اية مشاكل لعلمه يضعفها تسنده قوته العسكرية على الارض المدعومة من الكيان الصهيوني الذي يتدرب فيه طياروه وضباطه حالياً، يقدم بعدها على خطوته المباشرة في اعلان الدولة الكردية التي تكون مرتكزاتها على الارض قد تحققت ومدت جسورها الى العالم في وضع يكون العالم فيه قد اصبح جاهزاً ومستعداً لتقبل فكرة الدولة الكردية وربما الاعتراف بها على الفور مدعوماً بموقف الامم المتحدة الامريكية التي ستنبري للدفاع عن حق تقرير المصير للشعب الكردي تكون فيه تركيا الدولة المتضررة الاكبر من هذا المشروع غير قادرة على مواجهة القوى القائدة للعالم. ولقد بدا واضحاً ان الدول العربية تقودها الدولة العربية الكبرى مصر قد اقتنعت او رضخت لدورها المفروض امريكياً وصهيونياً في توجيه بوصلة الحكام العرب نحو قبول مشروع تقسيم السودان، كما نلاحظ رضوخها لقبول الدور المطلوب في مشروع الاحتلال في العراق والذي سينتهي بتقسيم العراق، ولا نظن احداً في هذا العالم يصعب عليه فهم الدور المصري وتحرك مصر السريع نحو العراق بعد تشكيل الحكومة الحالية. ان الادهى من ذلك ان قادة النظام المصري الحالي يدركون جيداً ان الدور في التقسيم في المراحل اللاحقة سيصل الى دولتهم.
اما الموقف في منطقة الخليج العربي فسوف يكون الاسوأ بحكم ضعف دولها وافتقارها الى القدرة على التصدي للموجة الايرانية بعد ان خسرت العراق الجدار الصلب في الجهة الشرقية من الوطن العربي، وهي تعلم جيداً رغم مشاركتها وتسهيلها للعدوان على العراق واحتلاله انها دمرت قاعدة التوازن الستراتيجي العسكري في المنطقة لصالح النظام الايراني وانها ستكون لقمة سائغة بين فكي ملالي طهران وان دول الغرب وامريكا لن تستمر في ضمان حمايتها في ظل متغيرات يستعد العالم لها قد تحول ايران الى صديق معلن للغرب عموماً والولايات المتحدة على وجه الخصوص ما يضمن المصالح الامريكية في المنطقة.
كما ان ايران لم تكن في يوم من الايام مهددة للمصالح الامريكية او الصهيونية في المنطقة.
ان تداعيات الوضع في العراق خلال ما مضى من سني الاحتلال سوف تلقي بضلالها السوداء على مجمل الاوضاع في المنطقة العربية ولعل اليمن اقرب الامثلة على هذا التصور.
والسؤال الملح في ضوء هذ الموقف، ما هو مستقبل المقاومة في العراق؟! هذه المقاومة اليتيمة الصابرة المضحية التي لا تلقى دعماً خارجياً بينما تقاتل في الداخل الاحتلال والنظام الطائفي الذي اسس له بكل قواه من جيش وشرطة وشركات امنية مدعومة من قوات الاحتلال وقدراته التسليحية. ان الواضح للجميع ان الاوامر قد  صدرت لكل دول الجوار العربي للعراق بمحاصرة المقاومة وقياداتها الوطنية الموجود معظمها في دولهم كسوريا ومصر والاردن ووضعها امام خيارين لا ثالث لها، فهي اما ان تتوقف عن القيام بدورها الوطني والشرعي في التصدي لمشروع الاحتلال واعوانه في العراق او ان ترحل من هذه البلدان علماً ان الضغط الامريكي لن يجعل من اية دولة خارج المحيط العربي قادرة على القبول باستضافة القيادات الوطنية العراقية او السماح بقيامها بأية انشطة سياسية وحتى السماح بتمويلها.
وعلى هذا الاساس لن يبقى للمقاومة الا الاستمرار بخيارها الوحيد وهو الاعتماد على قواها الذاتية في الداخل واستمرار مقارعة الاحتلال وعملائه رغم صعوبة الموقف وضعف الامكانات مقارنة بامكانات العدو، لكن احتمالات انتصار المقاو مة في نهاية المطاف على مشروع الاحتلال واعوانه قائمة رغم كل تعقيدات الوضع والبيئة الصعبة التي تقاتل فيها.
وعودة الى موقف الجامعة العربية الذي لا يختلف كثيراً عن موقف الانظمة العربية سواءً موقفها تجاه قضية العراق او موقفها من القضية الازلية قضية فلسطين، حيث يعتمد موظفو هذه الجامعة يقودهم (عمرو موسى) التصريحات الهامشية والعمومية التي حتى ان بدا منها ما يزعج احياناً عادوا الى لحسها وتغيير عباراتها بما ينسجم مع المطلوب امريكيا او ايرانياً او طائفياً عراقياً ولا تعدو هذه الجامعة الميتة فعلياً دائرة من دوائر الخارجية المصرية المسيرة من مخابرات الدولة الصهيونية.
وبإلقاء نظرة على التحرك التركي ومحاولات تركيا للظهور بمظهر المصلح في  المنطقة والباحث عن دور قيادي وريادي فيها ظاهره الحرص على دولها ومنع تصاعد الازمات فيها ومحاولة معادلة الدور الايراني الزاحف بقوة والبحث عن دور معوض لموقعها المتدهور نتيجة سحب الولايات المتحدة البساط من تحتها رغم كونها عضواً مهماً في حلف الناتو، فلا نجد لهذا التحرك اي صدى مسموع خاصة فيما يتعلق بالوضع في العراق او فلسطين رغم قوة تصريحات قادتها والدليل على ذلك ان تركيا المعروفة بدعمها لتركمان العراق قد فشلت في اقرار الحد الادنى من حقوقهم في المشاركة في العملية السياسية او الحكومة الحالية ووقفت عاجزة امام رغبة الاحزاب الكردية في تهميشهم وربما استلاب كركوك منهم.
وكما فشل اوباما او انه اراد التضليل بشعاراته التي طرحها على العالم فشل في تحقيق اي وعد او شعار طرحه خلال الانتخابات عدا مشروع سحب قواته من العراق وهذه كما هو معلوم حالة اضطرار فرضتها عليه المقاومة العراقية التي الحقت بها خسائر بشرية ومادية لا تتحملها الولايات المتحدة فهو لم يتمكن من اثبات ما طرحه فعلياً فيما يتعلق بحقوق المسلمين والعرب، كما فشل او انه عمل وفق ستراتيجية الدوائر الامريكية في التعامل مع قضية الشعب الفلسطيني كما ظهر ان الدور الامريكي لايجاد حل لقضية الشرق الاوسط اصبح اضعف كثيراً من اي وقت مضى وان التعنت الصهيوني اقوى بكثير من تأثير سيد البيت الابيض. وهذا ما ظهر  خلال مشروع اخراج العراق من طائلة الفصل السابع الذي برز فيه موقف الكويت اقوى من موقف الولايات المتحدة ما اخرج القرار الاممي فارغاً من مضمونه غير اننا لا نشك ان هذا الامر متفق عليه وانه للدعاية والاعلان فقط
وعلى صعيد دور الامم المتحدة فانها تبدو في مطلع 2011 قد خرجت تماماً عن كونها منظمة دولية واصبحت بشكل كامل احدى دوائر وزارة الخارجية الامريكية، ولم يعد احد في هذا العالم يشعر باي مستوى من المصداقية لهيئاتها او امانتها العامة، كما ان مجلس الامن الدولي قد تحول بشكل كامل من امين على السلم  الدولي وحقوق الشعوب والدول الى حارس ووصي ومشرعن لكل حماقات ومصالح وعدوانات الولايات المتحدة الامريكية على السلم العالمي وحقوق  الدول والشعوب وحقوق الانسان.
وفي مطلع العام 2011 نعود فنلخص مجمل التداعيات السياسية في العالم خلال ما سبقه فنقول: ان المستفيد الاكبر منها كان الولايات المتحدة والنظام الايراني والكيان الصهيوني وان الخاسر الاكبر كان العرب والمسلمون وان العراق والعراقيين كانوا ضحية المؤامرة الكبرى التي قادتها الولايات المتحدة الامريكية بتخطيط من الكيان الصهيوني وبمشاركة فعلية من قوى الغرب وايران وبتأييد اعمى من الكثير من الدول العربية.

الكاتب / كامل العبيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق