السبت، 11 يونيو 2011

إيران توجه صواريخها لـ "إسرائيل".. عفوا "لدول الخليج" !

موقع المسلم 8-رجب-1432هـ / 10-يونيو-2011م

جاء كشف المعارضة الاحوازية عن توجيه إيران لصواريخها ـ التي تسعى كل يوم لتطويرها والتهويل من شأنها ومن شأن قدراتها "الفذة" ـ إلى دول الخليج ليصدم بعض الناس الذين ما زالوا يصدقون الدعاية الإيرانية بشأن العداء مع الغرب والكيان الصهيوني ودعواتها لتحرير فلسطين..

لقد تصور البعض أن هناك خطأ ما في الخبر وأن المقصود هو توجيه الصواريخ للكيان الصهيوني "استعدادا للحرب المقدسة لتطهير أرض فلسطين المحتلة من أيادي اليهود" ـ كما تقول طهران وتروج أجهزة إعلام الشيعة في كل مكان وفي كل وقت ـ لكن الحقيقة أن طهران توجه صواريخها لدول الخليج المسلمة بعد أن شنت خلال الفترة الماضية حملة شعواء ضدها مهددة إياها بـ "الويل والثبور وعظائم الامور"" بسبب وقوفها بجانب البحرين لمواجهة محاولات الشيعة للانقضاض على الحكم مستغلين الحركة الثورية التي تشهدها بعض الدول العربية ضد أنظمتها , وهي حركات لم ترفع علم دولة أخرى ولم يكن لها شعارات طائفية من أي نوع وتركزت مطالبها في الحرية والعدل واحترام آدمية الشعوب وحقها في العيش الكريم خلافا للمعارضة في البحرين التي أعلنت عن طائفيتها بشكل واضح منذ أول يوم لتحركها, وهو ما دعا دول الخليج لدعم البحرين طبقا للاتفاقيات الموقعة بين هذه الدول في إطار مجلس التعاون الخليجي, وكان دورها حماية الحدود والمواقع الاستراتيجية بعد تأكد وجود مخطط مدعوم من إيران للقيام بانقلاب يستهدف في مرحلة لاحقة بقية دول الخليج لتحقيق حلم إيران القديم بإمبراطورية فارسية تنشر من خلالها تشيعها وحقدها ضد العرب وأهل السنة..

إن إيران التي تم الكشف مؤخرا عن حلقة جديدة من تعاونها السري مع الكيان الصهيوني بعد نشر أدلة تثب تورط طهران في التعامل مع شركات صهيونية تعمل في مجال النفط, لا ترى في الغرب و"إسرائيل" عدوا حقيقيا ـ بعيدا عن الخطاب الإعلامي طبعا ـ لأنها تعرف أن العلاقات معه يحكمها المصالح وما دامت أطماعها لن تتقاطع مع مصالحه فهي في مأمن من بطشه لذلك تجد أمريكا تقف بالمرصاد لأي دعوة لمهاجمة إيران عسكريا وكذلك بعض القيادات الكبيرة في الكيان الصهيوني تتخذ نفس الموقف, كما اتضح ذلك من تصريحات الرئيس السابق للموساد والذي حذر فيها من مهاجمة إيران رغم كل ما يتم الإعلان عنه بشأن برنامجها النووي ووجود أدلة على عسكريته..

العدو الحقيقي لإيران هي الدول السنية التي تقف أمام أطماعها في المنطقة والتي تقف بالمرصاد أمام طابورها الخامس التي تحركه من وقت لآخر والمتمثل بالشيعة الذين يسكنون في هذه الدول والذين يدينون بالولاء التام لإيران وقد ظهر هذا جليا خلال التصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولون الإيرانيون ضد دول الخليج ومحاولة إرسال سفينة "لإنقاذ شيعة البحرين" ومطالبة شيعة البحرين لطهران بالتدخل, وتأكيد نجاد على أن بلاده لن تقف صامتة أمام ما يحدث في البحرين وتهديده الصريح بتغيير موازين المنطقة إذا لم يتم الوصول لحل يرضي شيعة البحرين..

نجاد وقادة إيران لم يفطنوا إلى أنهم يفضحون أنفسهم بشكل فج بهذه التصريحات التي تعتبر تدخلا سافرا في شؤون دولة أخرى ترتبط مع إيران بعلاقات جوار ينبغي احترامها خلافا لروابط الدين ـ كما تدعي إيران ـ كما أنهم "لم يفطنوا" إلى أنه من باب أولى نصرة الفلسطينيين ضد الاحتلال الصهيوني والتدخل العسكري هناك من باب أولى "لتغيير موازين المنطقة" أما أن تصرف إيران جهودها لمهاجمة جيرانها وتنصيب نفسها حامية للشيعة في العالم فهو إنذار خطير خصوصا وأن هذه اللهجة أصبحت عالية وعلنية مما يشير إلى اطمئنان طهران للموقف العالمي تجاهها في وقت يستعد الاحتلال لما يسميه "انسحاب قواته" من العراق ويسعى لوضع ترتيبات أمنية مع دول الجوار خوفا من حدوث المزيد من تدهور الأوضاع الأمنية.. تدخل قوات درع الخليج لحماية البحرين يعد أول تحرك عربي فعلي في وجه الهيمنة الإيرانية المتصاعدة, وهو ما أثار حفيظة إيران وجعلها تسفر عن وجهها القبيح, وهذا التدخل يعد بادرة لما ينبغي العمل عليه بين دول المنطقة لمواجهة النفوذ الإيراني, وإذا كانت جامعة الدول العربية ستفشل في تحقيق تعاون مماثل بين دولها فستكون العواقب وخيمة.



الكاتب :-خالد مصطفى

(سيّد) المقاومة !.. يختار طريق التشبيح

شبكة الدفاع عن السنة 7-رجب-1432هـ / 9-يونيو-2011م

كلما طلع علينا زعيم حزب خامنئي اللبنانيّ، يذكِّرنا بالمهديّ المنتظر الغائب، الذي يتحدّث عنه معمَّمو النجف وإيران، ذلك المهديّ القابع في سرداب (سامّرّاء) منذ مئات السنين، الذي يكره (الفول) كراهة إبليس، ويلعن (البرعص أو الحردون أو الضبّ) كما يلعن المجوسُ صحابةَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم!..

حسن نصر الله، لم يعد يظهر للجمهور بين الفينة والأخرى.. إلا على شاشةٍ ضخمةٍ في الضاحية الجنوبية.. يظهر.. فيستعيذ اللبنانيون بالله عزّ وجلّ من ظهوره، لأنّ ذلك يترافق عادةً مع مصيبةٍ أو مؤامرةٍ أو فوضى، تُعَكِّر صفو الأمن في لبنان!.. لكنّ ظهوره مؤخَّراً، ضمّ السوريين إلى أشقّائهم اللبنانيين، للتعوّذ بالله من مصائب الدنيا ونكباتها!..

عندما يرى تابع الوليّ الفقيه (حسن)، أنّ ما جرى في دولة البحرين إنما هي ثورة ضد الظلم، وانتفاضة للمستضعَفين، علماً بأنّ طائفته في البحرين هي التي انفردت بتلك الهبّة.. ثم يرى في الثورة الشعبية السورية التي تجاوز عدد ضحاياها آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين.. يرى أنها من صنع (إسرائيل) وأميركة!.. عندما يرى (حسن) ذلك.. فلنا أن نحكمَ على هذه النظرة بالعمى، عمى البصر والبصيرة معاً!..

يُذكِّرنا (حسن نصر الفُرس) كذلك، بموقفه من المحتلّ الأميركيّ في العراق، المختلف عن موقفه من أميركة في لبنان.. إذ أميركة في العراق –حسب النظرة الثاقبة لحسن- قد حرّرت الشعب العراقيّ.. بينما هي تتآمر على لبنان لاحتلاله، بعد أن احتلّت –كما يزعم- دول الخليج العربيّ!.. لذلك فهو لا يستنكر احتلال العراق، ولا يدعو لمقاومة المحتلّ فيه، بل يبارك كل الخطوات الأميركية لتنصيب العصابة الطائفية الحاكمة هناك، ويدعمها بكل الوسائل الإيرانية الممكنة!..

الفرق طبعاً، أنّ زمرته وشيعته في العراق وإيران، هم الذين استقدموا القوات الأميركية لاحتلال بلاد الرافدين.. فأميركة هناك نبراس للتحرّر والتحرير، بينما هي دولة محتلّة تحتلّ الخليج العربيّ كما يزعم!..

* * *

يتابع (سيّئ المقاومة) هراءه: [على الشعب السوريّ أن يحافظَ على نظام حكمه.. نظام (الممانعة) و(المقاومة)] الأسديّ!.. يقولها –دون أن يرفّ له جفن- وهو يشاهد حليفه (الممانِع) يمتدّ بجيشه وقوّات بطشه من درعا جنوباً إلى الحسكة وجسر الشغور شمالاً وشرقاً وغرباً، بينما يدفع ببعض المغرّرين الفلسطينيين المدنيّين، إلى جبهة الجولان المحتل، دون حمايةٍ أو تغطية، فتقتل عصابات الصهاينة بعضَهم، كما يقتل جيش هذا النظام المجرم شعبَه الأعزل في المحافظات والبلدات والقرى السورية!..

لماذا يدعم (حسن) طائفته في البحرين، والعراق، وسورية؟!.. ولماذا تأخذه الحماسة لتأييد الثورات العربية في تونس ومصر واليمن، بينما يحارب الثورة الشعبية السورية؟!.. ولماذا يؤيِّد الفوضى والتخريب والعدوان الذي تقوم به طائفة واحدة في البحرين، بينما يؤيِّد نظامَ الحُكم الطائفيّ في سورية، في الوقت نفسه؟!..

الجواب بات بسيطاً مكشوفاً: لأنّ (حسن) وحزبه.. طائفيّان بامتياز، لا تحرّكهما إلا النوازع الطائفية، ولم يُصنَعا أصلاً إلا ليكونا مخلباً طائفياً تابعاً للوليّ الفقيه الفارسيّ، الذي يعمل على تفتيت أوطاننا وشعوبنا، لإعادة مجد الإمبراطورية الفارسية الكسروية!.. ولم يعد هناك أوضح من هذه الحقيقة.. إذ سقطت الأقنعة كلها دفعةً واحدة، فما أعظم الثورة السورية، وما أعظم ثمراتها، وما أصعب يوم الحساب الذي سيقوم به شعبنا السوريّ بحق كل مَن تآمر عليه أو تواطأ، فحذارِ يا إيران العدوانية، وحذارِ يا حسن، فلن تفلتا من عقاب شعبنا العظيم إن شاء الله!..

نحن لسنا طائفيّين، فأنتم تمارسون الطائفية.. بينما نحن نحاربها ونقاومها.. فهل تفهمون؟!..

* * *


الكاتب :- د. محمد بسام يوسف

الجمعة، 10 يونيو 2011

مصائب اليمن عند إيران فوائد !

موقع المسلم 7 من رجب 1432هـ / 8 من يونيو 2011م

الأزمة التي تتصاعد في اليمن الآن نتيجة لإصرار صالح وعائلته على البقاء على مقاعد السلطة رغم الاحتجاجات التي تعم البلاد منذ أشهر وانضمام كبرى القبائل وبعض القادة العسكريين وسرايا الجيش للثوار ينذر بكارثة حقيقية ستتعدى عواقبها اليمن إلى بقية دول المنطقة..

وهذه الكارثة ليس فقط بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد وتأثير ذلك على الوضع الاقتصادي المتدهور أصلا فحسب بل لأن البلاد تشهد دعوات انفصالية في الجنوب وفي الشمال وإذا كانت دعوات الجنوب تعتمد على أسباب سياسية واقتصادية نتيجة لاتهام صالح وسلطته بإهمال الجنوب طوال فترة الوحدة وتجاهل إشراكه في خطط التنمية وعدم تولي أبنائه لمناصب رفيعة في الجيش وفي السلطة خوفًا من انقلابهم على النظام، إلا أن الوضع يختلف كليًّا في الشمال؛ حيث يسيطر الحوثيون الشيعة على أجزاء منه مستغلين انشغال الجيش بمواجهة المظاهرات وحالات الانشقاق, وهي فرصة ذهبية لهم ليعيدوا تنظيم أنفسهم وتلقي المزيد من الأسلحة الجديدة لكي يعلنوا الانفصال وإقامة دولة شيعية في اليمن تدعمها إيران وحزب الله..

الحوثيون دخلوا في حروب عديدة ضد نظام صالح وتمكن الجيش اليمني المتحد من هزيمة الحوثيين وإجبارهم على الموافقة على هدنة, لكن مع تفكك الجيش وحدوث انهيار في أركان الدولة واندلاع مواجهات بين القوات الموالية لصالح وبعض القبائل وحالة الفراغ التي تشهدها السلطة بعد نقل صالح للعلاج في السعودية والحديث عن خطورة حالته الصحية وإمكانية عدم رجوعه للبلاد دون معرفة كيفية الترتيب لنقل السلطة، هذه الأمور جميعًا ستصب ولا شك في مصلحة دولة مثل إيران تريد أن تجد لها مَوْطِئَ قدم في كل دولة من دول المنطقة عن طريق طابورها الخامس الذي حركته في وقت سابق في البحرين من أجل الانقلاب على الحكم قبل أن تحبط دول الخليج المخطط..

الآن هناك دولة على مفترق الطرق وهناك عناصر مسلحة مدربة لها أجندة طائفية مستعدة للانقضاض وهو ما يثير المخاوف من عملية مسلحة تؤدي إلى وجود دولة شيعية على حدود المملكة العربية السعودية التي تعتبر أكبر دولة سنية في المنطقة والشوكة المعلقة في حلق إيران.. إيران اعترفت أنها نشرت غواصات في البحر الأحمر لجمع معلومات عن "الدول المعادية"، وفي وقت سابق شنت حملة عنيفة على السعودية لأنها وقفت بجانب البحرين قبل أن تسقط بين أيدي الشيعة, وهو ما أثار غيظ طهران وهددت بأن السعودية لن تكون بعيدة عن الاضطرابات, في إشارة للشيعة السعوديين الذين حاولوا تنظيم مظاهرات للمطالبة بما أسموه "حقوقهم المسلوبة"..

لقد سعى الحوثيون لنقل معركتهم إلى داخل السعودية خلال الحرب الأخيرة مع النظام اليمني وقتلوا العشرات من الجنود السعوديين قبل أن تتمكن القوات السعودية من ردعهم, وهو أمر إن دل فإنما يدل على أن أحد الأهداف الأساسية للحوثيين هو التحرش بالمملكة ومحاولة إثارة الاضطرابات فيها خدمة لمخططات "الأب الروحي" للشيعة في الوطن العربي..

ليس بعيدًا عن ذلك مقتل 3 من حرس الحدود السعودي أول أمس بعد محاولة جديدة لاختراق الحدود السعودية المتاخمة لليمن وهي حدود طويلة يصعب السيطرة عليها بشكل كامل وهو أمر لم يحدث منذ فترة طويلة ولكن مع التردي الأمني في اليمن قد يصبح متكررًا..

إيران تسعى بكل ما أوتِيَت من قوة لزرع دول شيعية في المنطقة لدعم مخططاتها بالاستيلاء على الخليج, وتصريحات المسؤولين الإيرانيين عن ردع الأعداء و"القوة المهولة" التي يدعون امتلاكها هي نوع من الحرب النفسية ضد أنظمة وشعوب المنطقة, في نفس الوقت تقدم إيران نفسها كحامية للشيعة في كل مكان حتى وصل الأمر بإرسال سفن للدفاع عنهم في البحرين، وهي طريقة استفزازية تشير إلى أن طهران انتقلت من التقية والخفاء في تنفيذ أهدافها إلى العلانية والتبجح وهو تحول خطير يبين تحول موازين القوى الذي تستشعره إيران بعد سقوط العراق في أيدي الاحتلال والصفقات التي عقدتها إيران معه لكي توطد من نفوذها..

اليمن على فوهة بركان يؤجج نيرانه حب السلطة المسيطر على عدد من الحكام العرب الذين استولوا على السلطة كبدائل للاستعمار فأصبحوا أذنابًا له وكل يوم يمر تتكشف معه حقائق وأسرار عن كيفية وصولهم للحكم وما الثمن الذي دفعوه للوصول والبقاء.



الكاتب :- خالد مصطفى

الخميس، 9 يونيو 2011

الخامنئي ودماء الشعب السوري !

السياسة الكويتية 4-رجب-1432هـ / 6-يونيو-2011م

الفتوى المعلبة و الاتهامية و الجاهزة التي أطلقها مرشد النظام الإيراني ووليه الفقيه آية الله علي خامنئي ضد الثورة الشعبية السورية الكبرى و اتهامها بكونها عملا مدبرا من تدبير الولايات المتحدة! هي استهانة فظيعة و ظالمة لدماء الشهداء السوريين من مسلمين و مسيحيين وهي فتوى سياسية ذات أغراض دنيوية متحيزة لاعلاقة لها أبدا بالقيم الإسلامية ولا بالمعايير الدينية القحة التي تصنف الظالم ظالماً و المجرم مجرماً الدموي دموياً بصرف النظر عن أصله و فصله حقيقة لا أدري وفق اي معايير صنف خامنئي ثورة الشعب السوري بكونها ثورة مدعومة أميركيا ؟ وماهي الأدلة الشرعية والثبوتية التي تدعم رأيه ؟

وهل يمتلك وثائق رسمية معينة تؤيد رأيه و تساند طروحاته ؟ و إني لأتساءل حقيقة كيف يبرر الخامنئي إستشهاد أكثر من ألف شهيد سوري في ساحة المواجهة مع نظام القتلة و البرابرة في الشام ومع استمرارية مهرجان القتل و سفك الدماء ؟

وهل يرضى الخامنئي عن قتل الأطفال بالجملة والمفرق و عن حملات القمع التي تقوم بها المخابرات السورية وعناصر "الشبيحة" المجرمين الذين يرفعون شعارات تؤله قائد البرابرة و تجعله آلها فوق الآلهة ؟ هل يرضى الولي الفقيه وهو ولي أمر المؤمنين كما هو مفترض وضمن واجباته الشرعية المعلنة عن كل هذا القدر الهائل من سفك الدماء لمسلمين وموحدين كل ذنبهم هو رفضهم للظلم و للمطالبة بحريتهم و كرامتهم و أرزاقهم و مستقبل أبنائهم ؟

كيف يتهم الخامنئي كل هذا القدر الهائل من الشهداء بالعمالة للولايات المتحدة ؟ وهل الولايات المتحدة مصنعا للشهداء و المقاومين ؟ هل يعلم الخامنئي شيئا أي نزر ولو بسيط من تاريخ الشعب السوري المقاوم ضد الإستعمار و الصهيونية وكل أشكال الهيمنة والاستغلال ؟

لقد قدم الشعب السوري قوافل متلاحقة من الشهداء في مقاومة الاستعمار الفرنسي بل أن بطل معركة ميسلون التي فتحت أبواب دمشق أمام الاحتلال الفرنسي عام 1920 الجنرال يوسف العظمة قدم حياته رخيصة رفضا للهزيمة و الاحتلال ! وهو موقف حر و شجاع لا يوجد في كل التاريخ الإيراني المعاصر ما يوازيه أو يساويه في الشجاعة و الإيثار؟

على من يعزف الخامنئي مزاميره وهو يلوث دماء الشهداء الذين سقوا بدمائهم ربى الجولان و كل معارك العرب القومية الكبرى فيما كان الإيرانيون مزرعة من مزارع إسرائيل وهم حتى اليوم لم يطلقوا طلقة واحدة على الإسرائيليين إلا من خلال المذياع و خطب المنابر و حملات المزايدة و التسويق الكاذبة المدفوعة الثمن ؟ كيف يتجرأ الخامنئي على دماء الشهداء في الشام الحرة بكل هذه الخفة ؟ ومن يحسب نفسه لكي يكون قيما على ثورات الشعوب الحرة العريقة التي علمته و أصنافه معنى الثورة و الحرية و الكرامة ؟

أليس من الأولى و الأجدى له الالتفات لمصائب إيران و لانفجار الشارع الإيراني ذاته الذي هتف و مازال يهتف بشعاره الخالد "مرك بر دكتاتور" أي الموت للديكتاتور ! و طبعا السيد خامنئي يعرف جيدا من هو الديكتاتور الحقيقي! وهو الشارع الذي يتهيأ اليوم للانتفاض و الثورة و إطلاق العنان لقواه الحرة التي ستعيد صياغة المشهد الإيراني و الإقليمي من جديد و سيعيد وضع النقاط على الحروف ليس من حق الخامنئي ولا من هو أكبر منه تشويه كفاح وجهاد ودماء شهداء شعب سورية العظيم الشجاع الذي يرتدي أبطاله أكفانه كل يوم وهم يقارعون أردأ خلق الله من الطواغيت الوراثيين الذين هدموا المدن السورية الحرة على رؤوس أهلها ؟ كما أن ثوار الشام و أبطاله الصناديد لا يأخذون الشرعية ولا فتاوى النفاق و المصلحة من أي طرف كان فمرجعيتهم الأولى و الأخيرة هي رب العزة و الجلال الواحد الأحد الذي سينصر عباده و سيفضح القتلة و البرابرة و يخزيهم في الدنيا قبل الآخرة و سيشفي صدور القوم المؤمنين و ليس المنافقين!

و للسيد خامنئي أقول بأن معدن وحقيقة السياسة الإيرانية قد تبلور وهو إرتباطها بالمصالح القومية الدنيوية البعيدة عن الدين ومرجعية الخامنئي ليست مرجعية فقهية قحة بل أنها مرجعية سياسية صرفة مغطاة بجبة الدين و التقوى ، و إلا فأن الحق واضح فأعرف الحق تعرف أهله ، والاتهام الخامنئي لشهداء الشام من الرجال و الأطفال و النساء و الشيوخ هو اتهام ظالم وقد رد عليه أهل الشام خير رد بحرق الأعلام الإيرانية المنحازة للظالم و الطاغوت ، عموما الثورة السورية ستنتصر على الدجالين و البرابرة ، ووجه المنطقة سيتغير بالكامل و ستسود وجوه و تبيض وجوه و سنرى القوم سكارى من شدة ضربات الثوار المؤمنين بربهم و عقيدتهم النقية من الخرافات و بحقهم الكامل في الحرية ، ولا عزاء للدجالين وهم يتخبطون خبط عشواء...!

كاتب:- داود البصري



المهدوية في إيران المعاصرة

الجزيرة نت 6 من رجب 1432هـ / 8 من يونيو 2011م

ركز باحثون في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في ورقة خاصة أعدوها حول ظاهرة الحراك المهدوي الأخير في الجمهورية "الإسلامية" الإيرانية على تناول هذا الحدث من زاويتين وهما التداخل الدقيق بين العاملين العقدي والسياسي في أداء الجمهورية "الإسلامية" الإيرانية. وسعى الباحثون في ورقتهم لرصْد تطور الفكر السياسي الإيراني في علاقته بعقيدة الإمام المهدي، ثم دور هذه العقيدة في قيام نظام الجمهورية "الإسلامية" الإيرانية، لتنتقل بعد هذه المعالجة إلى تتبع تجليات المهدوية في خطاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وارتباط ذلك بالحراك الذي تعرفه إيران منذ انطلاق الثورات العربية الأخيرة.

وتفترض الورقة البحثية -التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- أن الحراك المهدوي المتفاعل في الساحة الإيرانية هذه الأيام امتداد لنقاش مذهبي صاحب تطور الفكر السياسي الاثنى عشري، كما تفترض وجود وجهات نظر متباينة لموضوع المهدوية عند الفاعلين في نظام الجمهورية "الإسلامية"، وأن خطاب أحمدي نجاد المهدوي وسيلة اعتمدها لتحقيق برنامجه داخليًّا وخارجيًّا.

الخروج قريب جدًّا

وتشير الورقة إلى أن إيران منذ بداية مارس/آذار 2011 تشهد نقاشًا في شأن موضوع خروج الإمام المهدي وما يتصل به من قضايا مذهبية وفكرية، وذلك عقب توزيع مؤسسة "مبشران ظهور" مئات الآلاف من نسخ قرص مضغوط بعنوان "الخروج قريب جدًّا"، تتنبأ فيه بأن العالم على مشارف خروج الإمام الثاني عشر المهدي بن الحسن العسكري، وعلامة ذلك برأي معدي القرص هي بروز القادة الممهدين لخروجه.

وتناقش الورقة عدة قضايا هي فكر المهدوية وأثرها في الفكر السياسي الإيراني، والمهدوية والجمهورية "الإسلامية" الإيرانية، والمهدوية في خطاب الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد، والمهدوية الإيرانية والتحولات العربية الأخيرة، والمهدوية والدور العالمي المنتظر، والمهدوية في قلب التجاذب بين خامنئي ونجاد.

وتخلص الورقة إلى أن الشّرخ الحاصل اليوم بين المرشد خامنئي والرئيس أحمدي نجاد لا يعدو أن يكون صراع مواقع.

وتتوصل الورقة إلى أن فهم التيار الإصلاحي لولاية الفقيه وخروج المهدي يختلف بدرجات عن فهم التيار المحافظ لهذين الأمرين، كما أن التيار المحافظ ليس كتلة كاملة التجانس، ففيه بالطبع قراءات متقاربة، لكنها ليست بالضرورة متطابقة كما يظن البعض، ذلك أن الممارسة السياسية ساهمت في إبراز الاختلافات الفقهية بين الفاعلين.

إن إصرار أحمدي نجاد على فكرة اتصال حكومته بإرادة الإمام المهدي المنتظر وتدبيره، قد يفسر من جهة بنوع من الانجذاب الشعوري، ومن جهة أخرى قد يعني تنزيلاً واقعيًّا لفهمه بخصوص دور المهدي وحضوره وأبعاد شخصيته.

أزمة جديدة

ولا تستبعد الورقة أن تكون إيران موشكة على أزمة جديدة تتمايز عن سابقاتها بالعناصر التالية.

أولاً: تحدث في دائرة المحافظين المؤثرة في المؤسسات الكبرى للنظام، أي مؤسسة المرشد ورئاسة الجمهورية والبرلمان والأجهزة الأمنية والعسكرية والأجهزة الإعلامية.

ثانيًا: جذورها العقدية والمذهبية.

ثالثًا: تعالج مؤسسة المرشد الوضع وهي أقل قوة وتماسكا من أي وقت مضى، وذلك بعد تخلي خامنئي عن رفيق عمره وسنده هاشمي رفسنجاني.

رابعًا: تأتي هذه الأزمة ضمن متغيرات دولية وإقليمية حساسة ومتقلبة، خاصة ما يحدث في سوريا التي تعد حليفًا هامًّا للنظام في طهران.

وأمام هذه الاعتبارات لا تستبعد الورقة البحثية توقع مفاجآت على مستوى دور المهدوية في الحراك السياسي الإيراني، وربما لن تخلو المرحلة المقبلة من مفاجآت في تاريخ الصراع السياسي المذهبي داخل هذا البلد.


الكاتب والمصدر :- الجزيرة نت

العلاقات الإسرائيلية - الإيرانية خلف الكواليس

السياسة الكويتية 6-رجب-1432هـ / 8-يونيو-2011م

الفضيحة التي ظهرت أخيرا في إسرائيل عن مجموعة الشحن والنقل الإسرائيلية الخاصة "الأخوان عوفر" التي باعت ناقلة نفط لإيران عن طريق شركة إيرانية معروفة استعملت كواجهة وهمية, والتي تنقل المنتجات النفطية من إيران وإليها منذ عقد, تزيدني شكوكاً بأن الأمور ليست أبداً كما تبدو عليه ظاهرياً في عالم السياسة الغامض فمن جهة, تدعو حكومة نتانياهو واشنطن إلى التشدد في عقوباتها على إيران, ومن جهة أخرى تتعامل شركة يملكها الرجل الأكثر ثراء في إسرائيل, سامي عوفر (الذي توفي يوم الخميس 2 يونيو الجاري عن 89 عاماً), مع إيران منذ سنوات وترسو سفنها بانتظام في الموانئ الإيرانية.

أنكر المسؤولون الإسرائيليون معرفتهم بما يجري. بيد أن نظريات المؤامرة تنشط بعدما أوقف كبير المسؤولين الأمنيين في وزارة الدفاع الذي كان عضواً من قبل في مجلس إدارة "الأخوان عوفر", نقاشاً كان يجريه أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية في الكنيست حول المسألة. في البداية, أكدت عائلة عوفر أنها تعاملت مع إيران باسم إسرائيل, لكنها عادت فبدلت أقوالها بالكامل مما أثار تكهنات حول عقد صفقة معها. نكون سذجاً إلى أقصى الحدود إذا صدقنا أن الموساد وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بت) لم يكونا على علم بما يجري طوال عشر سنوات, ويعرف الجميع أن فضيحة عوفر قد تكون رأس جبل الجليد.

تُذكرنا هذه القضية بالجدل الذي أثير حول ناحوم منبر, المظلي السابق في قوة الدفاع الإسرائيلية الذي اتُّهِم ببيع إيران مكوِّنات تُستعمَل في صنع غاز الخردل وغاز الأعصاب. عام 1997, صدر حكم بسجنه 16 عاماً إثر محاكمة أجريت خلف الأبواب الموصدة. كشف الكاتب وعضو الموساد السابق, فيكتور أوستروفسكي, أن منبر كان على صلة بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية فيما لمح آخرون مطلعون على بواطن الأمور إلى أن إسرائيل استعملته كبش فداء عندما فُضِح أمر الصفقة.

لطالما أصر منبر على أن تعامله مع الإيرانيين تم بمباركة الاستخبارات الإسرائيلية, ويستهجن التساهل الذي تعاملت به الحكومة الإسرائيلية مع عائلة عوفر. قال "انتقم النظام مني في حين أن للأخوان عوفر روابط مع الحكومة, ولا أحد يمسهم".

الأسبوع الماضي, أورد موقع "Ynetnews" (الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت) الاسرائيلية أن "الروابط التجارية تزدهر بين إسرائيل وإيران" مع "انخراط عشرات الشركات الإسرائيلية في علاقات سرية مع الجمهورية الإسلامية عن طريق أطراف ثلاثة". ينقل المقال عن رئيس "رابطة الصداقة الإسرائيلية-العربية" يهوشوا ميري, قوله "رغم ما نراه على الأرض, تبلغ قيمة العلاقات التجارية السرية مع إيران عشرات ملايين الدولارات سنوياً... تزدهر الأعمال رغم صدور تصاريح حادة اللهجة عن الجانبَين العلاقات مع الشركاء التجاريين الإيرانيين ممتازة, بغض النظر عن التصريحات السياسية".

قبل بضعة أيام فقط, كان على وزارة التجارة الإيرانية أن تُقدِّم إجابات للمصدِّرين / المستوردين الإيرانيين الذين اشتكوا من بيع التفاح والبرتقال الإسرائيلي في أسواق البلاد. إنه سر مكشوف أن إسرائيل تشتري الرخام والكاجو والفستق من إيران فيما تستورد الأخيرة الأسمدة العضوية والهرمونات الاصطناعية لزيادة إنتاج الحليب, وأنابيب الري والحبوب من إسرائيل.

على الأرجح أنكم تتساءلون, كيف يُعقَل ذلك في الوقت الذي يوجه فيه الرئيس محمود أحمدي نجاد انتقادات شديدة القسوة لإسرائيل منذ تسلمه منصبه? ورد في مقال نُشِر أخيراً على الموقع الإلكتروني الإنكليزي لصحيفة "يديعوت أحرنوت" أن كبير المستشارين لدى أحمدي نجاد, إسفنديار رحيم مشائي, صرح قبل ثلاث سنوات أنه يتعين على إيران إقامة "روابط ودية" مع الدولة اليهودية, وهذا كلام أيده فيه رئيسه.

أشرت في إحدى مقالاتي الأخيرة إلى أن العداوة المتبادلة التي تظهر حالياً بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى هي تمثيلية في جزء منها, بحيث تتيح لطهران أن تنال حظوة لدى العالم العربي, ولإسرائيل أن توجه إصبع الاتهام إلى إيران معتبرةً أنها تشكل تهديداً لوجودها وبهذه الطريقة تضع إسرائيل نفسها في موقع الضحية, كما أن أميركا تستخدم العداء مع إيران كذريعة للإبقاء على قواعدها العسكرية في المنطقة.

ولقد أشرتُ رغم أن واشنطن وطهران "عدوتان لدودتان" منذ الثورة الإسلامية عام 1979, سهل الإيرانيون القصف الإسرائيلي لمفاعل نووي عراقي عام 1981, وشحنت إدارة ريغان أسلحة لإيران في منتصف الثمانينات من القرن الماضي عن طريق إسرائيل. وبعد اجتياح أفغانستان والعراق, عرضت إيران تدريب الجنود الأفغان تحت إشراف أميركي وحضت العراقيين الشيعة على عدم مقاومة المحتلين الذين تقودهم الولايات المتحدة.

فضلاً عن ذلك, رغم فشل إيران في تهدئة شكوك المجتمع الدولي حول تطويرها لأسلحة نووية, تبين أن العقوبات ضدها مجردة من أي فعالية مقارنةً بالعقوبات التي شلت العراق في عهد صدام حسين لأكثر من عشر سنوات. ويوجه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسائل متناقضة في هذا السياق. فقد تعهد الشهر الماضي بمواصلة الضغوط على إيران, لكن السؤال المطروح هو "أي ضغوط?" من المؤكد أنها لا تصل أبداً إلى مستوى الضغوط التي مارسها البيت الأبيض على الرئيسَين مبارك وبن علي للتنحي.

خلاصة الموضوع أن القوى العسكرية الثلاث تعتبر أن منطقة الشرق الأوسط والخليج هي دائرة نفوذ لها, ولن تذرف دمعة واحدة إذا اندحر العرب في هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز ذات الموقع الستراتيجي.

أناشد قادة دول "مجلس التعاون" الخليجي العربي التركيز على التهديدات المحدقة بالمنطقة واتباع خط سياسي وعسكري مستقل, ويتعين على مصر خصوصاً أن تقاوم الاقتراحات الإيرانية الداعية إلى تطبيع العلاقات الديبلوماسية والتي تصب في مصلحة طهران. في الوقت الذي تُحتضَر فيه عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية, وتتقاذف العواصف "الربيع العربي", وتعمل إيران على توسيع نفوذها, لم يعد مقبولاً أن نستمر في التفرج ونكتفي بالتمني.

رجل أعمال ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور. وهي شركة مقرها دبي ذات امتداد واسع في المنطقة والعالم من خلال عملها في مجالات عدة أبرزها الإنشاءات والفنادق والتعليم والسيارات والعقارات.

الكاتب :- خلف أحمد الحبتور
www.habtoor.com

الأربعاء، 8 يونيو 2011

رجعوا بخفي حنين الإيراني

جريدة المصريون 5 من رجب 1432هـ / 7 من يونيو 2011م

لو دخل لص منزلي وشبَّهْتُه لك أثناء حديثي بأنه (جزمة) فهل على المسروقين من سبيل للاستنكار؟! طيب ولو فَتَحَت مصر ذراعيها وسرقت منها ثورتها مقابل (مائة ألف طن قمح) هل وقتها تسمح لي بقليل من الرغي؟ و"حنين الإسكافي غضب من الأعرابي الحافي لما رفض شراء خفين لارتفاع السعر, وقرر أن يغيظ الأعرابي, فتبعه بمكيدة وسبقه في الطريق وألقى بأحد الخفين على طريق جمل الأعرابي وما إن وصل الأعرابي ونظر ونزل وأمسك بالخف وأصابته الحسرة وهو يردد "ما أشبه الخف بخف حنين الإسكافي ولكنه لا ينفع وحده, ولو معه الخف الثاني لأخذتهما ماشيًا ومتفاخرًا بما أنتعل من خفين رائعين.. وترك الخف مكانه وانصرف وركب جمله وبعد عشرات الأمتار نظر ووجد الخف الثاني فنزل مسرعًا وأخذه وهو يتحسر لماذا تركت الأول، سأعود على الفور وألتقطه، ورجع مهرولاً تاركًا جمله حتى وصل للخف الأول وأخذه وانتعلهما فرحًا، وما إن عاد لمكان الجمل صرخ: أين جملي أين أشيائي, أين بضاعتي؟ وبالطبع كان حنين الداهية يراقب الأحداث وسرق الجمل بما حمل وعاد المسروق الأبله إلى قبيلته ودخل عليهم ماشيا, فتعجبوا وسألوه ماذا أحضرت من سفرك فأجاب بحسرة: رجعت بخفي حنين".

وسافر الوفد المصري بثورته إلى إيران وعاد بخفي حنين وعومل معاملة لا تليق -حسب مراسلة المصري اليوم- بعد سفره دون تفويض من أحد, وقال الوفد: لأُرجعن العلاقات ولأُعلنن على الملأ في طهران أن ما فات مات, ففوجئ وفد الأعراب بمحاضرة أحمدي نجاد عن أن الثورة المصرية هي امتداد تأخر لأختها الخومينية, وأن إيران على استعداد لحل مشاكل مصر بكل ما تملك وأولها يمكنها إرسال مائة ألف طن قمح ونصف مليون سائح للمزارات، وأن مصر وإيران يد واحدة, وكان الوفد مندهشًا ومتأثرًا إلا فتاة كالذهب هي الزميلة نشوى الحوفي وحدها -مع وائل الإبراشي- رَفَضَا الوصاية ونقلت لنا نشوى أجواء الجاسوسية وقالت: "لا أخفي سرًّا أنني عند دخولي غرفتي انتابني إحساس يراودني حين أشاهد مسلسلات الجاسوسية التي دأبنا على مشاهدتها صغارًا مثل «رأفت الهجان» و«دموع في عيون وَقِحة».

وإذا كانوا أخذوا منا جوازات السفر فلماذا لا تكون بالغرف عدسات مراقبة، خاصة أن أفراد الأمن المصاحبين لنا كانت لهم غرف في نفس الفندق بجوارنا".

وبينما راح أعضاء الوفد ينتشرون كالإعلانات على الفضائيات كان الجاسوس الإيراني الذي اصطحبوه معهم أو اصطحبهم معه على الطائرة الإيرانية ناعمًا مستمتعًا مخرجًا لنا لسانه العريض كأحد خفي حنين, بينما يبدو أن الوفد ربما عاد بالخف الثاني وربما -من يدري- على نفس الطائرة, مقابل ترك مصر ميدانًا لكل عابِث يسرق أخبارها وينقلها لطهران، ومنها إلى تل أبيب, والشاتمون يمتنعون عن التعليق فنحن نبيع ثورتنا بخفي حنين.


الكاتب :- محمد موافي

المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً: General Accepted Accounting Principles

المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً: General Accepted Accounting Principles

إنها قمة البناء الفكري فهي جوهر النظرية .والمبدأ هو قانون عام يتم التوصل إليه من خلال الربط المنطقي بين الأهداف والفروض والمفاهيم.

والمبادئ نوعان :

مبادئ نهائية تحكم مجال الدراسة
ومبادئ أولية (الفروض العلمية )التي تستخدم للتوصل إلى المبادئ العلمية وترتبط صحتها بصحة المبادئ الناتجة عنها.

مما سبق نجد أن المبدأ علاقة تمثل ثمرة البحث العلمي لا جدال فيها ونستطيع أن نرى نتائجها على ارض الواقع وله تبرير منطقي بينما الفروض هي مقدمات وأداة بيان للظروف والحدود التي تحكم البحث العلمي.
والمبادئ والفروض تتغير (وإلا ظهرت المشاكل)باستمرار وذلك تبعا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحكم عمل المنظمات الاقتصادية.
ولكي يكتسب أي مبدأ محاسبي صفة انه من المبادئ المتعارف عليها فانه يجب أن يحقق مايلي:
1-أن يكون مقبولا قبولا عاما في التطبيق العملي.
2-أن يحظى بقدر ملحوظ من التأييد الرسمي من قبل الجهات المسؤولة عن تنظيم وتطوير مهنة المحاسبة.
أهم المبادئ المحاسبية المتعارف عليها:
1-مبدأ مقابلة النفقات بالإيرادات 5-مبدأ الحيطة والحذر
2-مبدأ التكلفة التاريخية 6-مبدأ الثبات في إتباع النسق
3-مبدأ الإفصاح التام 7-مبدأ الموضوعية
4-مبدأ الأهمية النسبية 8-مبدأ تحقق الإيراد

1- مبدأ مقابلة النفقات بالإيرادات:Principle Of Matching Costs and Revenues
ينبغي مقابلة تكلفة المبيعات والنفقات العائدة للدورة المالية بالمبيعات والإيرادات العائدة لها وفق علاقة سببية مع تحديد نقطة زمنية فاصلة للمحاسبة من حيث البداية والنهاية عند معالجة كل من المخزون السلعي والمصروفات والنفقات والالتزامات , وبالتالي فالنفقات التي لا تخص الدورة المالية الحالية يجب عدم إدخالها في قائمة الدخل لهذا العام بل يجب إظهارها في قائمة المركز المالي باعتبارها نفقات مقدمة أو مستحقة أي يجب مراعاة أساس الاستحقاق.أما بالنسبة للنفقات التي لا يمكن تخصيصها للإيراد بشكل مباشر فانه وفقا لطبيعتها:
أ- يتم تحميلها على قائمة الدخل في مرحلة لاحقة.
ب- يتم اعتبارها نفقات ايرادية مؤجلة توزع على السنوات المستفيدة(مصاريف التأسيس).
ج- يتم اعتبارها نفقات رأسمالية تضاف إلى تكلفة الأصل الثابت المعني .

مشكلات تطبيق مبدأ مقابلة النفقات بالإيرادات:
1- عدم وجود علاقة سببية بين الإيرادات والمصروفات كما في حالة النشاط الحكومي فمن المعروف أن الدولة لها قدرة على فرض الضرائب وجباية الإيرادات وتوزيع أعباء ذلك على المواطنين دون التقيد بحجم الخدمات التي تقدمها.
2- إن المقابلة على أساس الربط بين المصروفات وبين الفترات المحاسبية يثير لنا كثيراً من القضايا المتعلقة بالتوزيع والتحميل بطريقة منتظمة ومنطقية والتي يعاب عليها:
أ- لا يمكن تفضيل أي منها على الأخرى بمعنى آخر ليست هنالك طريقة صحيحة وسليمة لتوزيع عناصر
المصروفات على الفترات والمنتجات. وبالتالي لا يمكن إثبات أن طريقة القسط الثابت أفضل من طرق الاستهلاك الأخرى.
ب- إن كافة طرق التحميل لا تعتمد على تبرير منطقي وهذا ما يفسر كثرة الطرق البديلة لمعالجة هذه الظاهرة.

2-مبدأ التكلفة التاريخية:Principle Of Historical Cost
أي تقويم الأصول والخصوم على أساس السعر النقدي المعادل لتلك الموارد والالتزامات وذلك في تاريخ اقتناء الأصل أو قيام الالتزام أي أن الإثبات يتم وفقا للتكلفة وليس حسب القيمة.
فالقيمة تتجسد بالقيمة الحالية لمقدار الخدمات المتوقع الحصول عليها من هذا الأصل خلال سنوات العمر الاقتصادي ولا يتم الاعتراف بالقيمة إلا عند تحققها (بتحقق الإيراد أو البيع).

مشكلات تطبيق مبدأ التكلفة التاريخية:
أ- تغيرات الأسعار مع ثبات قيم بعض الأصول والخصوم يمكن أن تؤدي إلى تعقيدات واضطرابات في القوائم المالية ففي فترات التضخم المالي وارتفاع الأسعار تظهر الآثار التالية :
1-إن التكلفة التاريخية تكون أدنى بكثير من تكلفة الاستبدال الجارية.
2-عند تغير المستوى العام للأسعار تصبح وحدة القياس النقدي غير ثابتة , وثبات وحدة القياس النقدي هو فرض أساسي في منهج التكلفة التاريخية وفي إعداد القوائم المالية وفق المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً.
3-تظهر مكاسب وخسائر حيازة بالنسبة للأصول غير المالية ولا يقرر عنها.
4-تظهر مكاسب وخسائر حيازة بالنسبة للمدينين والدائنين ولكن لا يقرر عنها.
5-تجري مقابلة غير عادلة بين بعض المصاريف القديمة مثل الاهتلاكات وبين إيرادات المبيعات الحالية.
إن نتيجة آثار التضخم النقدي:
في الميزانية سيكون التقرير المقدم أدنى من التكاليف الجارية أما تأثيرها على صافي الدخل فهو غير قابل للتنبؤ لأنه يعتمد على صافي نتيجة مكاسب وخسائر الحيازة بالنسبة للأصول غير المالية والمدينين والدائنين.
ب- عدم إثبات الكثير من الأصول غير الملموسة في القوائم المالية بسبب صعوبة تقديرها, مثل شهرة المحل والأصول البشرية والمزايا الاحتكارية…….الخ
جـ-الاعتماد على التكلفة التاريخية يؤدي إلى قياس غير سليم للربح الدوري بسبب:
1- مزج الإيراد الناتج عن النشاط العادي مع الإيراد الناتج عن عملية المضاربة أو الاحتفاظ بالأصول.
2- الخلط بين الدورات المالية فإثبات الربح حين تحققه يؤدي إلى إثبات إيراد عدة سنوات سابقة في السنة الحالية فقط.
د- جعل القوائم المالية غير قابلة للتجميع أو التلخيص وذلك بسبب اختلاف قيمة وحدة النقد المستخدمة للتعبير عن عناصر القوائم المالية.

3-مبدأ الإفصاح التام:Full Disclosure Principle
يجب أن تتضمن القوائم المالية معلومات كافية لجعل هذه القوائم مفيدة وغير مضللة للمستخدم.أي أن مبدأ الإفصاح يتطلب عدم حذف أو كتمان أي معلومة جوهرية يمكن أن يستفيد منها المستخدم في اتخاذ القرار.وبالتالي يجب أن تشتمل القوائم المالية على مذكرات إيضاحية وقوائم إضافية وكشوف ملحقة بالإضافة لتقرير الإدارة وتقرير مراجع الحسابات حيث تشمل السياسات المحاسبية المستخدمة وتفاصيل المخزون وطرق الاهتلاك…..الخ
وهناك نوعان :
1- الإفصاح الوقائي: يهدف إلى أن تكون المعلومات المالية على أعلى درجة من الموضوعية حتى لا يساء استخدامها ولو ترتب على ذلك استبعاد كثير من المعلومات التي قد تكون ملائمة ويدخل ضمن هذا الإفصاح مايلي:
السياسات المحاسبية و التغيير في التطبيقات المحاسبية وتصحيح الأخطاء في القوائم المالية…..الخ
2-الإفصاح التثقيفي:أي الإفصاح عن معلومات ملائمة لأغراض اتخاذ القرارات مثل التنبؤات المستقبلية والفصل بين العناصر العادية وغير العادية في القوائم المالية والتقارير القطاعية على أساس خطوط الإنتاج وعلى أساس المناطق الجغرافية والإفصاح عن مكونات الأصول الثابتة والمخزون السلعي والإفصاح عن الإنفاق الرأسمالي الحالي والمخطط ومصادر تمويله وريعية الأسهم.

مشكلات تطبيق مبدأ الإفصاح التام:
1-استخدام التقديرات للأصول والخصوم يجعل رقم صافي الربح وبعض أرقام الميزانية تعاني من أخطاء التقدير.
2-استخدام طرق محاسبية بديلة في المنشأة الواحدة أو في المنشآت المماثلة سيضعف دلالة المقارنة.
3-استخدام إجراءات مختلفة لتقييم الأصول في المنشأة الواحدة وبالتالي إن المنشآت ذات الأصول المماثلة تنتج
صافي دخل مختلف ويختلف تقييم أصولها إذا اختلفت تواريخ الحصول على هذه الأصول المماثلة.
4-غياب بعض الأصول والخصوم بشكل كامل بسبب صعوبة التقدير واختلافه من محاسب إلى آخر وبالتالي
يصبح التقدير ذاتيا.مثل شهرة المحل واكتشاف بترول ومناجم وزيادة في المزارع والغابات.
5-تغيرات الأسعار .
6-غياب المعلومات النوعية والحقائق غير القابلة للقياس مثل قدرة الإدارة على توليد الربح……….وغيرها

4-مبدأ المادية(الأهمية النسبية):Materiality Principle
أي التقرير المالي عن معلومات مهمة وجوهرية لدرجة أنها تؤثر على التقديرات والقرارات.وبالتالي إن مفهوم المادية يجب أن يختلف حسب الغرض من البيانات المحاسبية وحسب الفئة المستفيدة من تلك البيانات.

مشكلات تطبيق مبدأ المادية:
1- إن أهمية عنصر معين في القوائم المالية تختلف من منشأ ة إلى أخرى وفقًا لحجم المنشأة وإمكانياتها. حيث إن خسارة /1000000/ل س قد تكون مهمة في بعض المنشآت وقد لا تمثل شيئاً يذكر في منشات أخرى .
2- إن الظروف المحيطة بالمنشأة والرأي الشخصي للمحاسب أو المراجع يلعبان دورا في تحديد إطار الأهمية النسبية.

5-مبدأ الحيطة والحذر:Conservatism Principle
أي تجاهل الأرباح التي لم تتحقق واخذ كل الخسائر المتوقعة في الحسبان وعدم تسجيل المكاسب المحتملة حتى تتحقق بالفعل.

مشكلات تطبيق مبدأ الحيطة والحذر:
1- إن مبدأ الحيطة والحذر يظهر تناقضاً ذاتياً فهو يأخذ موقف متشائم عند تحديد الدخل في دورة معينة ولكن هذا الإجراء نفسه سيؤدي إلى زيادة مقابلة في أرباح العام التالي وهذه الزيادة تناقض مبدأ الحيطة والحذر.
2- إن الإفراط في التشاؤم باعتماد القيم الأدنى للأصول والقيم الأعلى للخصوم وفق مبدأ الحيطة والحذر يتناقض مع فرض الدورية في المحاسبة وضرورة تحديد نتيجة أعمال كل دورة بشكل دقيق واقعي فهو ينقص أرباح جيل من المساهمين في دورة محاسبية معينة لصالح غيرهم في الدورات المتعاقبة.
3- لقد تغيرت الظروف الاقتصادية التي أدت لهيمنته فبدلاً من انخفاض الأسعار تعاني اغلب دول العالم اليوم من التضخم .لذلك يمكن اعتباره عرفاً أو مفهوماً أو قاعدة أو سياسة ومع ذلك فهناك من يعتبره مبدءاً.

6-مبدأ الثبات في إتباع النسق:Consistency Principle
أن تسجل الأحداث الاقتصادية ويقرر عنها بطريقة موحدة من دورة إلى أخرى وبالتالي تطبيق نفس الإجراءات المحاسبية على الأحداث المماثلة في المشروع الواحد عبر الزمن من دورة إلى أخرى حتى تصبح البيانات أكثر قابلية للمقارنة وأكثر فائدة للمستخدمين.

مشكلات تطبيق مبدأ الثبات في إتباع النسق:
هذا المبدأ ليس إلزامي فإذا كانت هناك ظروف تستدعي تغيير سياسة محاسبية معينة فيمكن إدخال التعديل أو التغيير وفي كافة الأحوال يجب تحديد اثر التعديل بوضوح حتى يستطيع مستخدم القوائم المالية مراعاة هذه التعديلات عند تحليل القوائم واتخاذ القرارات.

7-مبدأ الموضوعية: Objectivity Principle
تعني الأخذ بعين الاعتبار جميع الحقائق وفحص هذه الحقائق وتقديم الإثباتات والمستندات المؤيدة لصحة العمليات المالية للوصول إلى معلومات مالية صحيحة وموثوقة لاستخدامها في اتخاذ القرارات الرشيدة.
لذلك يجب أن تكون هذه البيانات قائمة على أسس موضوعية وأدلة خالية من الأحكام والأهواء الشخصية.
وبالتالي يجب أن تقاس المعلومات المالية بطريقة تكفل الوصول إلى نفس النتائج بينما لو قام محاسب آخر بإعادة عملية القياس.

مشكلات تطبيق مبدأ الموضوعية:
إن بعض الأرقام الواردة في القوائم المالية لا تعبر دائما عن حقائق وإنما توجد بعض التقديرات مثل تقدير الحياة الإنتاجية للأصول طويلة الأجل….ويؤدي استخدام التقديرات إلى صعوبات بالنسبة لمراجع الحسابات الخارجي عند فحص هذه العناصر وينبغي باستمرار الموائمة والموازنة بين اعتبارات الملائمة والموضوعية عند إعداد القوائم المالية بمعنى هل ينبغي الإفصاح عن بيانات تفتقد شيئا من الموضوعية؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل ينبغي أن تكون بالإيجاب فمن المرغوب فيه دائما الإفصاح عن القيم الجارية للأصول حتى ولو كانت تلك القيم تفتقد الدليل الموضوعي نظراً لان وجود تلك القيم يكون مهما ومفيدا بالنسبة لمستخدمي القوائم المالية.

8-مبدأ قياس وتحقق الإيرادات:Principle Of Revenue Realization
أ- يتطلب الإثبات المحاسبي للإيرادات توافر الشرطين التاليين :
1-الاكتساب:أي أن جميع العمليات اللازمة لاكتساب الدخل قد تمت بالفعل أو على وشك الانتهاء, كإنتاج السلعة المباعة أو تقديم الخدمة.
2-التحقق أو قابلية التحقق:التحقق هو تحويل الأصول غير النقدية إلى نقدية أوالى ماهو في حكم النقدية.أما قابلية التحقق فيقصد بها أن يتوافر لإنتاج الوحدة سوق حاضرة نشطة وبأسعار تنافسية لا تتأثر كثيرا بكمية الإنتاج المطروح للتبادل.
- يمكن حصر أهم أسس الإيراد الشائعة الاستخدام في التطبيق العملي في مجموعتين:
 أسس تعترف بالإيراد على انه تيار متدفق من الإنتاج المشترك فيما بينü الأنشطة والفترات المحاسبية المختلفة.وهي تشمل أساس الاستحقاق الدوري, أساس نسبة الإتمام, أساس إعادة التقدير.
 أسس تعترف بالإيراد كاملا في نقطة من الزمن يتمü عندها أداء النشاط الرئيسي مثل أساس تمام الإنتاج, أساس تمام البيع, أساس التحصيل النقدي.
ب- لاختيار أساس التحقق المناسب ينبغي التمييز بين مصادر الإيراد التالية:
1- إنتاج وتوزيع السلع:القاعدة هي أن يتم الاعتراف بالإيراد عند تمام عملية البيع.
2- أداء وتقديم الخدمات :القاعدة هي أن يتم الاعتراف بالإيراد عند إكمال أداء الخدمة أو عند إكمال أداء كل مرحلة من مراحل النشاط الخدمي-أساس تمام الإنتاج.
3-السماح للغير باستخدام أصول الوحدة:القاعدة أن يتم الاعتراف بالإيراد على أساس الاستحقاق الدوري عبر الفترات الزمنية كالإيجار الدائن والفوائد الدائنة……….الخ
والقاعدة العامة التي تحكم الاختيار بين أسس التحقق البديلة وبغض النظر عن مصدر الإيراد فهي انه يجب الاعتراف بالإيراد في اقرب وقت ممكن طالما انه قد تم اكتساب الإيراد.
ج- في حالة إتمام البيع أو التحصيل النقدي أو كليهما قبل إنتاج السلع وأداء الخدمات.القاعدة ألا يتم الاعتراف بالإيراد إلا عند اكتسابه باكتمال عملية الإنتاج(أساس إتمام الإنتاج) مثل دفع العربون.
د- في حالة العقود طويلة الأجل يمكن إتباع طريقة نسبة الإتمام وذلك بشرط توافر تقديرات لتكاليف الإنتاج يمكن الاعتماد عليها.أما إذا لم تتوافر هذه التقديرات فيجب الاعتراف بالإيرادات على أساس تمام الإنتاج.
هـ- في حالة الأنشطة التي يتوافر لناتجها خاصية القابلية للتحقق فالقاعدة أن تم الاعتراف بالإيراد بمجرد إتمام الإنتاج(المعادن النفيسة,الحاصلات الزراعية) أو عند تغير الأسعار(الأوراق المالية).
و- في حالة ما يكون تحصيل القيمة على درجة عالية من عدم التأكد فالقاعدة هي أن يتم الاعتراف بالإيراد طبقا للأساس النقدي.(ربح دعوى قضائية).

واقع المحاسبة اليوم :
نلاحظ انه لا يوجد اتفاق تام حول المبادئ المحاسبية بسبب عدم ترابطها المنطقي وتعارضها مع بعضها البعض فهي غير مكتملة و يعود ذلك إلى عدم وجود إطار فكري متماسك لنظرية المحاسبة وهذا ما يؤدي لعدم توحيد الممارسات العملية فيما بين أبناء المهنة . مما يستوجب إيجاد معايير محاسبية دولية تضعها الجمعيات والمنظمات المهنية لتوحيد التطبيق العملي ولكن هذه المعايير ينجم عنها مشاكل أخرى هذا ما سوف نستعرضه في المحاضرة القادمة.

المراجع المستخدمة:
1- د.حلوة حنان, محمد رضوان نظرية المحاسبة منشورات جامعة حلب
2- د.الشيرازي, عباس مهدي نظرية المحاسبة منشورات جامعة الكويت
3- د.الشيخ,سهيل نظرية المحاسبة سلسلة محاضرات جامعة حلب
4-( د.الخداش,حسام
د.صيام, وليد أصول المحاسبة المالية منشورات جامعة القاهرة
د.عبد الناصر, نور )

منقول

المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً: General Accepted Accounting Principles

المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً: General Accepted Accounting Principles

إنها قمة البناء الفكري فهي جوهر النظرية .والمبدأ هو قانون عام يتم التوصل إليه من خلال الربط المنطقي بين الأهداف والفروض والمفاهيم.

والمبادئ نوعان :

مبادئ نهائية تحكم مجال الدراسة
ومبادئ أولية (الفروض العلمية )التي تستخدم للتوصل إلى المبادئ العلمية وترتبط صحتها بصحة المبادئ الناتجة عنها.

مما سبق نجد أن المبدأ علاقة تمثل ثمرة البحث العلمي لا جدال فيها ونستطيع أن نرى نتائجها على ارض الواقع وله تبرير منطقي بينما الفروض هي مقدمات وأداة بيان للظروف والحدود التي تحكم البحث العلمي.
والمبادئ والفروض تتغير (وإلا ظهرت المشاكل)باستمرار وذلك تبعا للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحكم عمل المنظمات الاقتصادية.
ولكي يكتسب أي مبدأ محاسبي صفة انه من المبادئ المتعارف عليها فانه يجب أن يحقق مايلي:
1-أن يكون مقبولا قبولا عاما في التطبيق العملي.
2-أن يحظى بقدر ملحوظ من التأييد الرسمي من قبل الجهات المسؤولة عن تنظيم وتطوير مهنة المحاسبة.
أهم المبادئ المحاسبية المتعارف عليها:
1-مبدأ مقابلة النفقات بالإيرادات 5-مبدأ الحيطة والحذر
2-مبدأ التكلفة التاريخية 6-مبدأ الثبات في إتباع النسق
3-مبدأ الإفصاح التام 7-مبدأ الموضوعية
4-مبدأ الأهمية النسبية 8-مبدأ تحقق الإيراد

1- مبدأ مقابلة النفقات بالإيرادات:Principle Of Matching Costs and Revenues
ينبغي مقابلة تكلفة المبيعات والنفقات العائدة للدورة المالية بالمبيعات والإيرادات العائدة لها وفق علاقة سببية مع تحديد نقطة زمنية فاصلة للمحاسبة من حيث البداية والنهاية عند معالجة كل من المخزون السلعي والمصروفات والنفقات والالتزامات , وبالتالي فالنفقات التي لا تخص الدورة المالية الحالية يجب عدم إدخالها في قائمة الدخل لهذا العام بل يجب إظهارها في قائمة المركز المالي باعتبارها نفقات مقدمة أو مستحقة أي يجب مراعاة أساس الاستحقاق.أما بالنسبة للنفقات التي لا يمكن تخصيصها للإيراد بشكل مباشر فانه وفقا لطبيعتها:
أ- يتم تحميلها على قائمة الدخل في مرحلة لاحقة.
ب- يتم اعتبارها نفقات ايرادية مؤجلة توزع على السنوات المستفيدة(مصاريف التأسيس).
ج- يتم اعتبارها نفقات رأسمالية تضاف إلى تكلفة الأصل الثابت المعني .

مشكلات تطبيق مبدأ مقابلة النفقات بالإيرادات:
1- عدم وجود علاقة سببية بين الإيرادات والمصروفات كما في حالة النشاط الحكومي فمن المعروف أن الدولة لها قدرة على فرض الضرائب وجباية الإيرادات وتوزيع أعباء ذلك على المواطنين دون التقيد بحجم الخدمات التي تقدمها.
2- إن المقابلة على أساس الربط بين المصروفات وبين الفترات المحاسبية يثير لنا كثيراً من القضايا المتعلقة بالتوزيع والتحميل بطريقة منتظمة ومنطقية والتي يعاب عليها:
أ- لا يمكن تفضيل أي منها على الأخرى بمعنى آخر ليست هنالك طريقة صحيحة وسليمة لتوزيع عناصر
المصروفات على الفترات والمنتجات. وبالتالي لا يمكن إثبات أن طريقة القسط الثابت أفضل من طرق الاستهلاك الأخرى.
ب- إن كافة طرق التحميل لا تعتمد على تبرير منطقي وهذا ما يفسر كثرة الطرق البديلة لمعالجة هذه الظاهرة.

2-مبدأ التكلفة التاريخية:Principle Of Historical Cost
أي تقويم الأصول والخصوم على أساس السعر النقدي المعادل لتلك الموارد والالتزامات وذلك في تاريخ اقتناء الأصل أو قيام الالتزام أي أن الإثبات يتم وفقا للتكلفة وليس حسب القيمة.
فالقيمة تتجسد بالقيمة الحالية لمقدار الخدمات المتوقع الحصول عليها من هذا الأصل خلال سنوات العمر الاقتصادي ولا يتم الاعتراف بالقيمة إلا عند تحققها (بتحقق الإيراد أو البيع).

مشكلات تطبيق مبدأ التكلفة التاريخية:
أ- تغيرات الأسعار مع ثبات قيم بعض الأصول والخصوم يمكن أن تؤدي إلى تعقيدات واضطرابات في القوائم المالية ففي فترات التضخم المالي وارتفاع الأسعار تظهر الآثار التالية :
1-إن التكلفة التاريخية تكون أدنى بكثير من تكلفة الاستبدال الجارية.
2-عند تغير المستوى العام للأسعار تصبح وحدة القياس النقدي غير ثابتة , وثبات وحدة القياس النقدي هو فرض أساسي في منهج التكلفة التاريخية وفي إعداد القوائم المالية وفق المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً.
3-تظهر مكاسب وخسائر حيازة بالنسبة للأصول غير المالية ولا يقرر عنها.
4-تظهر مكاسب وخسائر حيازة بالنسبة للمدينين والدائنين ولكن لا يقرر عنها.
5-تجري مقابلة غير عادلة بين بعض المصاريف القديمة مثل الاهتلاكات وبين إيرادات المبيعات الحالية.
إن نتيجة آثار التضخم النقدي:
في الميزانية سيكون التقرير المقدم أدنى من التكاليف الجارية أما تأثيرها على صافي الدخل فهو غير قابل للتنبؤ لأنه يعتمد على صافي نتيجة مكاسب وخسائر الحيازة بالنسبة للأصول غير المالية والمدينين والدائنين.
ب- عدم إثبات الكثير من الأصول غير الملموسة في القوائم المالية بسبب صعوبة تقديرها, مثل شهرة المحل والأصول البشرية والمزايا الاحتكارية…….الخ
جـ-الاعتماد على التكلفة التاريخية يؤدي إلى قياس غير سليم للربح الدوري بسبب:
1- مزج الإيراد الناتج عن النشاط العادي مع الإيراد الناتج عن عملية المضاربة أو الاحتفاظ بالأصول.
2- الخلط بين الدورات المالية فإثبات الربح حين تحققه يؤدي إلى إثبات إيراد عدة سنوات سابقة في السنة الحالية فقط.
د- جعل القوائم المالية غير قابلة للتجميع أو التلخيص وذلك بسبب اختلاف قيمة وحدة النقد المستخدمة للتعبير عن عناصر القوائم المالية.

3-مبدأ الإفصاح التام:Full Disclosure Principle
يجب أن تتضمن القوائم المالية معلومات كافية لجعل هذه القوائم مفيدة وغير مضللة للمستخدم.أي أن مبدأ الإفصاح يتطلب عدم حذف أو كتمان أي معلومة جوهرية يمكن أن يستفيد منها المستخدم في اتخاذ القرار.وبالتالي يجب أن تشتمل القوائم المالية على مذكرات إيضاحية وقوائم إضافية وكشوف ملحقة بالإضافة لتقرير الإدارة وتقرير مراجع الحسابات حيث تشمل السياسات المحاسبية المستخدمة وتفاصيل المخزون وطرق الاهتلاك…..الخ
وهناك نوعان :
1- الإفصاح الوقائي: يهدف إلى أن تكون المعلومات المالية على أعلى درجة من الموضوعية حتى لا يساء استخدامها ولو ترتب على ذلك استبعاد كثير من المعلومات التي قد تكون ملائمة ويدخل ضمن هذا الإفصاح مايلي:
السياسات المحاسبية و التغيير في التطبيقات المحاسبية وتصحيح الأخطاء في القوائم المالية…..الخ
2-الإفصاح التثقيفي:أي الإفصاح عن معلومات ملائمة لأغراض اتخاذ القرارات مثل التنبؤات المستقبلية والفصل بين العناصر العادية وغير العادية في القوائم المالية والتقارير القطاعية على أساس خطوط الإنتاج وعلى أساس المناطق الجغرافية والإفصاح عن مكونات الأصول الثابتة والمخزون السلعي والإفصاح عن الإنفاق الرأسمالي الحالي والمخطط ومصادر تمويله وريعية الأسهم.

مشكلات تطبيق مبدأ الإفصاح التام:
1-استخدام التقديرات للأصول والخصوم يجعل رقم صافي الربح وبعض أرقام الميزانية تعاني من أخطاء التقدير.
2-استخدام طرق محاسبية بديلة في المنشأة الواحدة أو في المنشآت المماثلة سيضعف دلالة المقارنة.
3-استخدام إجراءات مختلفة لتقييم الأصول في المنشأة الواحدة وبالتالي إن المنشآت ذات الأصول المماثلة تنتج
صافي دخل مختلف ويختلف تقييم أصولها إذا اختلفت تواريخ الحصول على هذه الأصول المماثلة.
4-غياب بعض الأصول والخصوم بشكل كامل بسبب صعوبة التقدير واختلافه من محاسب إلى آخر وبالتالي
يصبح التقدير ذاتيا.مثل شهرة المحل واكتشاف بترول ومناجم وزيادة في المزارع والغابات.
5-تغيرات الأسعار .
6-غياب المعلومات النوعية والحقائق غير القابلة للقياس مثل قدرة الإدارة على توليد الربح……….وغيرها

4-مبدأ المادية(الأهمية النسبية):Materiality Principle
أي التقرير المالي عن معلومات مهمة وجوهرية لدرجة أنها تؤثر على التقديرات والقرارات.وبالتالي إن مفهوم المادية يجب أن يختلف حسب الغرض من البيانات المحاسبية وحسب الفئة المستفيدة من تلك البيانات.

مشكلات تطبيق مبدأ المادية:
1- إن أهمية عنصر معين في القوائم المالية تختلف من منشأ ة إلى أخرى وفقًا لحجم المنشأة وإمكانياتها. حيث إن خسارة /1000000/ل س قد تكون مهمة في بعض المنشآت وقد لا تمثل شيئاً يذكر في منشات أخرى .
2- إن الظروف المحيطة بالمنشأة والرأي الشخصي للمحاسب أو المراجع يلعبان دورا في تحديد إطار الأهمية النسبية.

5-مبدأ الحيطة والحذر:Conservatism Principle
أي تجاهل الأرباح التي لم تتحقق واخذ كل الخسائر المتوقعة في الحسبان وعدم تسجيل المكاسب المحتملة حتى تتحقق بالفعل.

مشكلات تطبيق مبدأ الحيطة والحذر:
1- إن مبدأ الحيطة والحذر يظهر تناقضاً ذاتياً فهو يأخذ موقف متشائم عند تحديد الدخل في دورة معينة ولكن هذا الإجراء نفسه سيؤدي إلى زيادة مقابلة في أرباح العام التالي وهذه الزيادة تناقض مبدأ الحيطة والحذر.
2- إن الإفراط في التشاؤم باعتماد القيم الأدنى للأصول والقيم الأعلى للخصوم وفق مبدأ الحيطة والحذر يتناقض مع فرض الدورية في المحاسبة وضرورة تحديد نتيجة أعمال كل دورة بشكل دقيق واقعي فهو ينقص أرباح جيل من المساهمين في دورة محاسبية معينة لصالح غيرهم في الدورات المتعاقبة.
3- لقد تغيرت الظروف الاقتصادية التي أدت لهيمنته فبدلاً من انخفاض الأسعار تعاني اغلب دول العالم اليوم من التضخم .لذلك يمكن اعتباره عرفاً أو مفهوماً أو قاعدة أو سياسة ومع ذلك فهناك من يعتبره مبدءاً.

6-مبدأ الثبات في إتباع النسق:Consistency Principle
أن تسجل الأحداث الاقتصادية ويقرر عنها بطريقة موحدة من دورة إلى أخرى وبالتالي تطبيق نفس الإجراءات المحاسبية على الأحداث المماثلة في المشروع الواحد عبر الزمن من دورة إلى أخرى حتى تصبح البيانات أكثر قابلية للمقارنة وأكثر فائدة للمستخدمين.

مشكلات تطبيق مبدأ الثبات في إتباع النسق:
هذا المبدأ ليس إلزامي فإذا كانت هناك ظروف تستدعي تغيير سياسة محاسبية معينة فيمكن إدخال التعديل أو التغيير وفي كافة الأحوال يجب تحديد اثر التعديل بوضوح حتى يستطيع مستخدم القوائم المالية مراعاة هذه التعديلات عند تحليل القوائم واتخاذ القرارات.

7-مبدأ الموضوعية: Objectivity Principle
تعني الأخذ بعين الاعتبار جميع الحقائق وفحص هذه الحقائق وتقديم الإثباتات والمستندات المؤيدة لصحة العمليات المالية للوصول إلى معلومات مالية صحيحة وموثوقة لاستخدامها في اتخاذ القرارات الرشيدة.
لذلك يجب أن تكون هذه البيانات قائمة على أسس موضوعية وأدلة خالية من الأحكام والأهواء الشخصية.
وبالتالي يجب أن تقاس المعلومات المالية بطريقة تكفل الوصول إلى نفس النتائج بينما لو قام محاسب آخر بإعادة عملية القياس.

مشكلات تطبيق مبدأ الموضوعية:
إن بعض الأرقام الواردة في القوائم المالية لا تعبر دائما عن حقائق وإنما توجد بعض التقديرات مثل تقدير الحياة الإنتاجية للأصول طويلة الأجل….ويؤدي استخدام التقديرات إلى صعوبات بالنسبة لمراجع الحسابات الخارجي عند فحص هذه العناصر وينبغي باستمرار الموائمة والموازنة بين اعتبارات الملائمة والموضوعية عند إعداد القوائم المالية بمعنى هل ينبغي الإفصاح عن بيانات تفتقد شيئا من الموضوعية؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل ينبغي أن تكون بالإيجاب فمن المرغوب فيه دائما الإفصاح عن القيم الجارية للأصول حتى ولو كانت تلك القيم تفتقد الدليل الموضوعي نظراً لان وجود تلك القيم يكون مهما ومفيدا بالنسبة لمستخدمي القوائم المالية.

8-مبدأ قياس وتحقق الإيرادات:Principle Of Revenue Realization
أ- يتطلب الإثبات المحاسبي للإيرادات توافر الشرطين التاليين :
1-الاكتساب:أي أن جميع العمليات اللازمة لاكتساب الدخل قد تمت بالفعل أو على وشك الانتهاء, كإنتاج السلعة المباعة أو تقديم الخدمة.
2-التحقق أو قابلية التحقق:التحقق هو تحويل الأصول غير النقدية إلى نقدية أوالى ماهو في حكم النقدية.أما قابلية التحقق فيقصد بها أن يتوافر لإنتاج الوحدة سوق حاضرة نشطة وبأسعار تنافسية لا تتأثر كثيرا بكمية الإنتاج المطروح للتبادل.
- يمكن حصر أهم أسس الإيراد الشائعة الاستخدام في التطبيق العملي في مجموعتين:
 أسس تعترف بالإيراد على انه تيار متدفق من الإنتاج المشترك فيما بينü الأنشطة والفترات المحاسبية المختلفة.وهي تشمل أساس الاستحقاق الدوري, أساس نسبة الإتمام, أساس إعادة التقدير.
 أسس تعترف بالإيراد كاملا في نقطة من الزمن يتمü عندها أداء النشاط الرئيسي مثل أساس تمام الإنتاج, أساس تمام البيع, أساس التحصيل النقدي.
ب- لاختيار أساس التحقق المناسب ينبغي التمييز بين مصادر الإيراد التالية:
1- إنتاج وتوزيع السلع:القاعدة هي أن يتم الاعتراف بالإيراد عند تمام عملية البيع.
2- أداء وتقديم الخدمات :القاعدة هي أن يتم الاعتراف بالإيراد عند إكمال أداء الخدمة أو عند إكمال أداء كل مرحلة من مراحل النشاط الخدمي-أساس تمام الإنتاج.
3-السماح للغير باستخدام أصول الوحدة:القاعدة أن يتم الاعتراف بالإيراد على أساس الاستحقاق الدوري عبر الفترات الزمنية كالإيجار الدائن والفوائد الدائنة……….الخ
والقاعدة العامة التي تحكم الاختيار بين أسس التحقق البديلة وبغض النظر عن مصدر الإيراد فهي انه يجب الاعتراف بالإيراد في اقرب وقت ممكن طالما انه قد تم اكتساب الإيراد.
ج- في حالة إتمام البيع أو التحصيل النقدي أو كليهما قبل إنتاج السلع وأداء الخدمات.القاعدة ألا يتم الاعتراف بالإيراد إلا عند اكتسابه باكتمال عملية الإنتاج(أساس إتمام الإنتاج) مثل دفع العربون.
د- في حالة العقود طويلة الأجل يمكن إتباع طريقة نسبة الإتمام وذلك بشرط توافر تقديرات لتكاليف الإنتاج يمكن الاعتماد عليها.أما إذا لم تتوافر هذه التقديرات فيجب الاعتراف بالإيرادات على أساس تمام الإنتاج.
هـ- في حالة الأنشطة التي يتوافر لناتجها خاصية القابلية للتحقق فالقاعدة أن تم الاعتراف بالإيراد بمجرد إتمام الإنتاج(المعادن النفيسة,الحاصلات الزراعية) أو عند تغير الأسعار(الأوراق المالية).
و- في حالة ما يكون تحصيل القيمة على درجة عالية من عدم التأكد فالقاعدة هي أن يتم الاعتراف بالإيراد طبقا للأساس النقدي.(ربح دعوى قضائية).

واقع المحاسبة اليوم :
نلاحظ انه لا يوجد اتفاق تام حول المبادئ المحاسبية بسبب عدم ترابطها المنطقي وتعارضها مع بعضها البعض فهي غير مكتملة و يعود ذلك إلى عدم وجود إطار فكري متماسك لنظرية المحاسبة وهذا ما يؤدي لعدم توحيد الممارسات العملية فيما بين أبناء المهنة . مما يستوجب إيجاد معايير محاسبية دولية تضعها الجمعيات والمنظمات المهنية لتوحيد التطبيق العملي ولكن هذه المعايير ينجم عنها مشاكل أخرى هذا ما سوف نستعرضه في المحاضرة القادمة.

المراجع المستخدمة:
1- د.حلوة حنان, محمد رضوان نظرية المحاسبة منشورات جامعة حلب
2- د.الشيرازي, عباس مهدي نظرية المحاسبة منشورات جامعة الكويت
3- د.الشيخ,سهيل نظرية المحاسبة سلسلة محاضرات جامعة حلب
4-( د.الخداش,حسام
د.صيام, وليد أصول المحاسبة المالية منشورات جامعة القاهرة
د.عبد الناصر, نور )

منقول

قوائم مالية حسب الطلب !

تلعب القوائم المالية دورا هاما وحيويا في أسواق المال فهي بمثابة القلب للإنسان إذا صلح القلب صلح الجسد كله وإذا فسد القلب فسد الجسد كله ولعل الجسد هنا في معرض حديثنا هو أسواق المال من هنا اهتم الباحثون والمستثمرون والهيئات الرقابية بالاهتمام بالقوائم المالية للشركات بصفة عامة وبالشركات المساهمة بصفة خاصة نظرا لهذه الأهمية المتعاظمة.

وقد جاء الاهتمام المتزايد بالشركات المساهمة العامة وبقوائمها المالية لعدة أسباب، لعل أهمها وأبرزها كون القوائم المالية تعبر بصدق وعدالة عن المركز المالي للشركة صاحبة تلك القوائم المالية، ومن هنا تم وضع الضوابط الرقابية والمعايير المحاسبية الحاكمة من قبل هيئات سوق المال وجمعيات المحاسبة القانونية فضلا عن هيئات الرقابة المالية والأجهزة الرقابية المختلفة.

وهذا حتى يستطيع هؤلاء المستثمرون والمساهمون الاعتماد على تلك القوائم المالية السليمة في تحديد اختياراتهم والاقتناع بالشركات التي يشترون أسهمها أو يستثمرون فيها وكلهم ثقة في تلك القوائم المالية التي تعبر عن المركز المالي الحقيقي لتلك الشركات اعتمادا على ما أسلفنا من الضوابط والرقابة المستمرة لتلك الشركات وقوائمها المالية التي تكون بصفة مستمرة تحت عين الرقيب.

ولعل السبب الرئيس لذلك هو حماية هؤلاء المستثمرون في حماية مدخراتهم واستثماراتهم ويقع عليهم فقط – أي على مسئوليتهم فقط – عبء اتخاذ قرار الاستثمار أو المساهمة في هذه الشركة أو تلك..!! اعتمادا على قوائم مالية حقيقية شفافة ملتزمة بالمعايير المحاسبية السليمة الملزمة في البلد الموجودة بها الشركة.

ومن هنا درج الناس على اعتبار معايير المحاسبة الدولية أو الأمريكية من أفضل معايير المحاسبة المستخدمة في العالم دون أن ينتبهوا لأمر هام على أن هذه الأفضلية ترجع إلى البنى التحتية التي تتوافر للسوق الأمريكي مثلا من وجود قواعد صارمة للرقابة ومعايير حاكمة للشفافية وعقوبات رادعة للمخالفات، وكأني بقائل يرد على ويقول وإذا كانت السوق الأمريكي كما تدعى.

فكيف ظهرت الاحتيالات المختلفة والشركات المفلسة والتجاوزات المعروفة ولشركات كبيرة جدا وعملاقة ؟. الجواب بسيط هوان الوقائع المذكورة صحيحة ولكن لولا ما ذكرناه آنفا من وجود القواعد والإجراءات والمعايير ما تم اكتشاف تلك الحالات المذكورة آنفا. وقد يكون هناك حالات لم تكتشف ولكنها من المؤكد أنها قليلة مقارنة بحجم تلك الأسواق العملاقة والكم الهائل من الشركات.

وارجع للمقارنة بين الأسواق العالمية مثل السوق الأمريكي والقوائم المالية فيها وبين أسواقنا المالية في دولنا النامية حيث ترى الفرق العجيب والبون الشاسع، ترى في أسواقنا المالية وشركاتنا قوائم مالية حسب الطلب من قبل صاحب الشركة أو مجلس الإدارة وضرب بعرض الحائط بالمعايير المحاسبية المعتمدة فضلا عن الضحك على ذقون المستثمرين والمساهمين بل، في بعض الأحيان وعلى الجهات والهيئات الرقابية.

ولعلى أتذكر الشركات التي كانت فيما مضى ترد على المراجع القانوني لها وتعلن أنها تختلف مع المراجع القانوني في رأيه وتحفظاته وهو ما يدل على خلل في فهم ثقافة القوائم المالية وأهميتها بل والاهم من ذلك في كونها إحدى أهم وسائل معرفة المركز المالي للشركة والوسيلة الأولى والاهم لمعرفة التزامات وأصول وموجودات ومطلوبات وقروض وحقوق الملكية للشركة المذكورة فضلا عن المؤشرات المالية للشركة والمعلومات الهامة التي تحيط بها بل لقد صدرت معايير محاسبية عن الأحداث التي حدثت بعد تاريخ القوائم المالية وإذا كانت تؤثر على مركز الشركة المالي.

ولقد ذكرني هذا الموضوع بأحد أصحاب الشركات الذي كان يقوم بإعداد 3 مراكز مالية لشركته. المركز المالي أو الميزانية الأولى وهى الحقيقية أي الواقعية وهى التي يحتفظ بها لنفسه ليعرف المركز الحقيقي لشركته. والمركز المالي الثاني أو الميزانية الثانية وهى التي يرفع فيها حجم المبيعات وصافى الربح وهى التي يعطيها للبنوك للحصول على تسهيلات بنكية أو قروض مالية. والمركز المالي الثالث أو الميزانية الثالثة وفيها يخفض من حجم المبيعات وقيمة الأرباح الصافية وهى التي يقدمها للجهات الرقابية والزكوية أو الضريبية، لقد كنت لا اصدق ما يحدث ولكنها الحقيقة الغريبة.

ولعله الآن لا يستطيع أن يفعل مثل تلك الأفعال الصارخة، ولكنه يستطيع أن يحتال أو يتلاعب بقوائمه المالية بصورة أو أخرى. إن مجال الاحتيال والتلاعب في القوائم المالية قائم ولن يمنع نهائيا، ولكن طالما أن هناك ضوابط رقابية ومعايير محاسبية معتمدة ومحاسبين قانونيين جادين ثم بعد ذلك هيئات مهنية جادة وعقوبات رادعة تمنع بقدر الإمكان فبذلك نستطيع أن نمنع بصورة كبيرة وجود قوائم مالية حسب الطلب.


الكاتب :- د. جمال محمد شحات

تعريف البنك

 
    هو منشأة مالية تتاجر بالنقود ولها غرض رئيسي هو العمل كوسيط بين رؤوس الأموال التي تسعى للبحث عن مجالات الاستثمار وبين مجالات الاستثمار التي تسعى للبحث عن رؤوس الأموال.
 
أنواع البنوك :
 
من حيث الوضع القانوني للبنك :
 
1. بنوك عامة :
هي البنوك التي تمتلكها الدولة وتمتلك كامل رأس مالها وتشرف على أعمالها وأنشطتها.
كالبنوك المركزية( مؤسسة النقد العربي السعودي )، البنوك الوطنية التجارية، البنوك المتخصصة( أي متخصصة في مجال معين ) مثل البنك العقاري، البنك الزراعي، البنك الصناعي، بنك التسليف.
 
2.  بنوك خاصة :
 هي البنوك التي يملكها أشخاص سواء كانوا طبيعيين أو معنويين ويتولوا إدارة شؤونها ويتحملوا كافة مسؤولياتها القانونية والمالية إزاء الدولة ( ممثلة في البنك المركزي )
 
3. بنوك مختلطة :
هي البنوك التي تشترك في ملكيتها وإدارتها كلا من الدولة والأفراد أو الهيئات ولكي تحافظ الدولة على سيطرتها على هذه البنوك فإنها تقوم (تعمد) إلى امتلاك رأس المال بما يسمح لها بالإشراف عليها وتوجيهها بما ينسجم والسياسة المالية والاقتصادية للدولة.
 
من حيث طبيعة الأعمال التي تزاولها البنوك :
 
1-   بنوك تجارية :
 هي البنوك التي تزاول (تمارس) الأعمال المصرفية من قبولها للودائع وتقديم القروض وخصم الأوراق التجارية أو تحصيلها وفتح الإعتمادات المستندية، وقد تمارس هذه البنوك أعمالا أخرى غير مصرفية مثل : المشاركة في المشاريع الاقتصادية وبيع وشراء الأسهم والسندات.
 
2-   بنوك صناعية :
هي البنوك التي تختص في التعامل مع القطاع الصناعي وتساهم في عملية التنمية الصناعية من خلال دعم المشاريع الصناعية وذلك مقابل تقديم القروض ومنحها للتسهيلات المصرفية (البنكية والمصرفية).
 
3-   بنوك زراعية :
 هي البنوك التي تتعامل مع المؤسسات الزراعية حيث تختص بتقديم كافة التسهيلات والخدمات المصرفية لمساعدة هذه المؤسسات لأداء دورها في عملية التنمية الزراعية سواء كانت هذه المؤسسات تابعة لأفراد أو جمعيات تعاونية.
 
4- بنوك عقارية :
هي البنوك التي تقدم كافة التسهيلات والخدمات المصرفية للأفراد أو المؤسسات أو الجمعيات التعاونية السكنية لمساعدتها في إنشاء العقارات.
 
ملاحظـــة :
   من الجدير بالذكر هنا أن البنك المركزي لا يدخل ضمن هذه التصنيف بصفته هو البنك الذي يشرف على عمليات الجهاز المصرفي ويراقب أنشطته دون أن يمارس أي نشاط معتاد من أنشطة المصارف السابقة.
 
من حيث مصادر الأموال تنقسم البنوك إلى :
1- بنوك مركزية : هي البنوك التي تنشئها الدولة لتتولى عملية الإشراف و التوجيه و الرقابة على الجهاز المصرفي كما أن لها حق إصدار العملة و الاحتفاظ بالأصول السائلة الخاصة بالدولة كالذهب و العملات الأجنبية، ويكون رأس مال البنوك المركزية ما تخصصه الدولة لها و كذلك من ودائع البنوك التجارية لديها.
 
        2- بنوك الودائع(البنك التجاري) : هي البنوك التي تتكون أموالها الخاصة من رأس المال المملوك للشركاء و كذلك من الودائع التي يقدمها الأفراد و المؤسسات لغرض الاستثمار أو الحسابات الجارية.
        3- بنوك الأعمال أو الاستثمار: هي البنوك التي تعتمد بشكل رئيسي على أموالها الخاصة بالإضافة إلى الودائع لأجل في قيامها بالأعمال التي أنشأت من أجلها و من أهم هذه الأعمال تقديم القروض طويلة الأجل للمشروعات أو المساهمة فيها لأغراض الاستثمار، و القانون سمح لهذه البنوك بإنشاء شركات استثمارية.
 
من حيث شرعية العمليات :
 
1- بنوك تقليدية ( ربوية )
 
2- بنوك إسلامية :
 تقوم البنوك الإسلامية بالعمل وفق ما تفرضه الأحكام و القواعد في الشريعة الإسلامية و قد تميزت هذه البنوك بعدم التعامل بالفائدة أخذاً من المقترضين أو إعطاءً للمودعين، و لكن اتسمت علاقتها بعملائها بأنها علاقة شريك مع شريكه حيث لا يحدد عائداً مسبقاً على الأموال المودعة لديها أو تقدم أموال لعملائها في صورة أموال بالمرابحة أو المضاربة أو المشاركة.
و تقوم البنوك الإسلامية بأداء الخدمات المصرفية المختلفة كتلك التي تقوم بها البنوك التقليدية مقابل عمولات تتقاضاها.                             
 
البنك التجاري :
1) تعريف البنك التجاري :
هو منشأه تقوم بصفة معتادة بقبول الودائع و التي تدفع عند الطلب أو بعد أجل محدد لا يتجاوز السنة.  
2) وظائف البنك التجاري :
1-        الاحتفاظ بودائع العملاء بالحسابات الجارية الدائنة تحت الطلب.
2-   منح قروض للعملاء قصيرة الأجل بضمان ما يقدمونه من ضمانات كبضائع أو أوراق مالية أو أوراق تجارية أو بضمانات شخصية.
3-   القيام ببعض الخدمات الخاصة بالأوراق المالية مثل: شراء و بيع الأوراق المالية و حفظها، تحصيل الكوبونات نيابة عن العملاء أو دفعها نيابة عن الشركات.
4-        خصم الأوراق التجارية أو تحصيلها في ميعاد استحقاقها أو تسديد قيمة أوراق الدفع نيابة عن العملاء.
5-        فتح الاعتمادات المستندية و إصدار خطابات الضمان.
6-        شراء و بيع العملات الأجنبية.
3) النظام المحاسبي في البنوك التجارية :
   إن النظام المحاسبي يختلف من منشأة لأخرى بحسب حجم وطبيعة عمليات المنشأة والبيانات التي تتطلبها الإدارة والأجهزة الخارجية للإشراف والرقابة وتقييم الأداء بالإضافة إلى الدفاتر المستخدمة وطريقة الإثبات المتبعة.
4) خصائص النظام المحاسبي في البنوك التجارية :
   1- الدقة والوضوح والبساطة في تصميم المستـندات ومن المهم عند تصميم الدورة المستنـدية أن نتحاشى  
        التكرار بين موظف وآخر أو بين قسم وآخر( الابتعاد عن الازدواجية ) وأن تقتضي طبيعة كل
        عملية تدخل أكثر من موظف أو أكثر من قسم بحيث يكون عمل الموظف التالي أو القسم التالي
         تكملة ومراجعة لعمل الموظف أو القسم السابق.
  2- السرعة في إعداد وتجهيز البيانات لتلبية احتياجات إدارة البنك والأجهزة الخارجية.
  3- تقسيم العمل بين الموظفين بالبنك وتحديد مسؤولية كلا منهم بشكل خـاص وفصل وظيفة المحاسبة عن
      باقي عمليات البنك وعن عمليات الصندوق.
   4- يجب أن يأخذ تصميم النظام المحـاسبي بعين الاعتبار التنـظيم الإداري بالبـنك  وتقسيماته الداخلية
      وطبيعة العلاقة بين الإدارة المركزية للبنك والفـروع من جهة  وبين الإدارات والأقسام المختلفة
     للإدارة أو للفروع من جهة أخرى.
 5) مقومات النظام المحاسبي في البنوك التجارية :
يعتمد النظام المحاسبي على عدة مقومات أساسية تكفل له القدرة على تحقيق الأهداف المطلوبة منه وتتمثل فيما يلي:
1-   المجموعة المستندية : وهي من أهم مقومات النظام المحاسبي، وهي مصدر القيد الأول في النظام المحاسبي وتتكون من نوعين:
أ‌)       مستندات داخلية وهي التي يتم إعدادها من قبل البنك نفسه مثل: مستندات الخصم والإضافة.
ب‌)   مستندات خارجية وهي التي يتم إعدادها من قبل العملاء مثل: قسائم الإيداع وإيصالات السحب النقدية.
2-     المجموعة الدفترية : تختلف المجموعة الدفترية التي تحتفظ بها البنوك التجارية تبعا لاختلاف الطريقة المحاسبية المتبعة في تسجيل العمليات في كل بنك ومن أكثر الطرق شيوعا في مجال النظام المصرفي الطريقة الإنجليزية والطريقة الفرنسية.
3-   دليل الحسابات : عبارة عن قائمة تتضمن رموز أو أرقام الحسابات المستخدمة في الوحدة الاقتصادية أو مجموعة الوحدات المتجانسة للنشاط مصنفة بطريقة قابلة للاستخدام بسهولة والتي عن طريقها يتم متابعة الحسابات والتغيرات التي تطرأ عليها عند الحاجة إليها.
4-   أدوات التحليل المالي والرقابة : تتمثل الرقابة في النظام المحاسبي في الأسلوب الذي يتم بواسطته قياس الأداء الفعلي ومقارنته بالخطط أو المعايير المحددة مقدما، كما تتمثل في تصميم دقيق للدورة المستندية بشكل تسمح معه لإدارة الوحدة الاقتصادية في القيام بمسؤولياتها في المحافظة على الأصول وحماية حقوق الغير وهو ما يعرف بالرقابة الداخلية والتي تمتد لتشمل جميع عمليات الوحدة الاقتصادية محاسبيةًً كانت أو إدارية.
5-   التقارير الدورية (المحاسبية) : يعتبر النظام المحاسبي في البنك التجاري الوسيلة الوحيدة التي تمكن إدارة البنك أو المتعاملين معه من الخارج على الوقوف على مركزه المالي ومدى قدرته على الفاء بالتزاماته ووظائفه وذلك عن طريق ما يوفره من أدوات الرقابة والتحليل المالي والتي في مقدمتها التقارير المحاسبية التي تقدم للعديد من الأطراف الداخلية والخارجية لمساعدتها في تقييم الأداء واتخاذ العديد من القرارات، ويمكن التمييز بين نوعين من التقارير المحاسبية لأغراض الرقابة وتقييم الأداء في البنك التجاري وحسب هدف أو طبيعة الجهة المستفيدة منها إلى نوعين:
أ‌)   تقارير داخلية: ويقصد بها التقارير التي يعدها قسم المحاسبة لأغراض الاستخدام الداخلي في البنك مثل: الموازنات التخطيطية، خطط النشاط المستقبلية، الحسابات الختامية، قائمة المركز المالي، التقارير الدورية حسب ما يحدده البنك، وقد تكون هذه التقارير عن كل أو جزء من النشاط الجاري في البنك.
ب‌)  تقارير خارجية: وهي التقارير التي يعدها البنك التجاري لمقابلة احتياجات الأطراف الخارجية على اختلاف فئاتها إلى البيانات والمعلومات التي ترغب الإطلاع عليها ومن هذه البيانات ما يتم تقديمه إلزاما على البنك بموجب القوانين والأنظمة السائدة كالبيانات المقدمة إلى البنك المركزي أو وزارة المالية أو من المعلومات التي ترغب إدارة البنك إطلاع الغير عليها كالعملاء والمستثمرين ووسائل الإعلام.
   6) أقسام البنوك التجارية :
      تختلف الأقسام الداخلية للبنك باختلاف وتنوع الوظائف والخدمات التي يقدمها للعملاء فمنها ما هو مرتبط ارتباطاً مباشراً بالعملاء وهي الأقسام الفنية للبنك أما الأقسام الإدارية فهي التي تنظم عمليات الأقسام الفنية وتراقبها وتمسك حساباتها وتسجل إجماليات القيود المحاسبية للعمليات اليومية التي تحصل في الأقسام الفنية للبنك.
         أولاً : الأقسام الإدارية : هي الأقسام التي تكون مسئولة عن تنظيم سير العمل في البنك، وتحدد مسؤولياتها التنظيمية وفقا للهيكل التنظيمي المحدد للبنك، وليس لهذه الأقسام عدد محدد يتحتم وجودها في كل بنك بل إن هذا مرتبط بحجم العمل في البنك وعدد الأقسام الفنية فيه وتتكون من:
1-       الشؤون الإدارية 
2-       الشؤون القانونية
3-       التحقيق والتفتيش   
4-       المحاسبة العامة
5-       إدارة العلاقات الخارجية 
6-       شؤون الفروع
7-       المطبوعات 
8-       الاستعلامات
9-       الدراسات والأبحاث     
10-   العلاقات العامة
11-   شؤون الموظفين 
12-   الحاسب الآلي
13-   الأرشيف 
14-   التسهيلات الائتمانية والسلف
15-   المشتريات واللوازم والصيانة.
 
       ( على سبيل المثال لا الحصر)
 
        ثانيا : الأقسام الفنية : وهي الأقسام التي يؤدي البنك من خلاله عمله ونشاطه اليومي للعملاء ومن أمثلتها:
1-       قسم الخزينة
2-       قسم الحسابات الجارية
3-       قسم الودائع
4-       قسم المقاصة
5-       قسم الأوراق المالية
6-       قسم الأوراق التجارية
7-       قسم الاعتمادات المستندية
8-       قسم خطابات الضمان
9-       قسم الحوالات والعمليات الخارجية
10-   قسم تأجير الخزائن
11-   قسم صندوق التوفير
12-   قسم الصرف الأجنبي
 
   7) مصادر استخدامات الأموال في البنوك التجارية :
أولا :  مصادر التمويل : تعتمد البنوك في مزاولة نشاطها على نوعين من مصادر التمويل.
1- مصادر تمويل داخلية : وتتمثل في حقوق الملكية والتي تشتمل على رأس المال المدفوع مضافا إليها الاحتياطيات ، وهذه المصادر عادة تمثل نسبة ضئيلة من مجموع الأموال الموظفة في البنوك التجارية ( 10%) من جملة الأموال المستثمرة ” موارد البنك “.
2- مصادر تمويل خارجية : و توفر هذه المصادر الجانب الأكبر من الأموال اللازمة لتشغيل البنك و القيام بوظائفه المختلفة،وتشتمل المصادر الخارجية على:
1) قروض من البنك المركزي بضمان الأصول.
2) الودائع من العملاء سواء كانت من الحسابات الجارية أو لأجل أو صندوق التوفير.
3) قروض من البنوك التجارية.
4) إصدار سندات طويلة الأجل.
 
ثانياً : إستخدامات الأموال(الموارد المالية):-
1-    تقديم القروض والسلف.
2-  الاستثمارات ومنها المساهمة في المشاريع الاقتصادية أو شراء الأسهم بهدف الحصول على أرباح أو المتاجرة بهذه الأسهم في سوق الأوراق المالية أو الاستثمار في سندات حكومية وخصم الأوراق التجارية.
3-  الأرصدة(الأصول)النقدية وهي عبارة عن النقدية التي يحتفظ بها البنك كاحتياطي لحماية حقوق المودعين والتي في خزانتها لمقابلة العمليات المصرفية اليومية لدى البنوك المحلية أو الأجنبية.
4-  الأصول الثابتة وتتمثل في مجموعة العقارات التي يملكها البنك و يمارس فيها نشاطه بالإضافة إلى الأصول الثابتة الأخرى مثل: الأثاث, السيارات، الحاسبات، أجهزة آلية وإلكترونية، وسائل النقل.                                           

 
 

                                          
الكاتب الأستاذة : أنيسة تركستاني

خامنئي والمالكي والمركب الواحد !

الملف نت 4 من رجب 1432هـ / 6 من يونيو 2011م

اليوم الحاسم بات حاسمًا ومحتومًا في نهاية النظامَيْن الطائفيين في بغداد وطهران وبالإرادة الأمريكية التي جاءت بالعملاء المأجورين ابتداءً. لقد خبرنا الإستراتيجية الأمريكية في تجنيد الخونة لشعوبهم ونظريتها في حرق المراحل والأشخاص وكيفية إيقاعهم في مستنقع الخيانة للشرف العام والخاص.

إن عناصر الحسم في بداية النهاية تكمُن ليس في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والتخلص من الشعوبية المذهبية بل المحاسبة التاريخية عن الجرائم المرتبطة بالأمن القومي وشرف الأمة وأعمال النهب والسلب للمال العام وجرائم القتل للأبرياء من أبناء الشعبين الذي وصل أعدادهم بالملايين سواء العراقي أو الإيراني، ونتيجة لهذه الاحتمالية المتوقعة راحت الرموز الطائفية الموهومة بالخيال التاريخي غير المحكم في صحته تهلهل إلى الخرافات المذهبية المضحكة لكل تستقطب السذج بغية بقائها على سدة الحكم بالرغم من فاشستيتها الإجرامية.

من كل هذا تدخل منظمة مجاهدي خلق التحررية في إطار الاستهداف من قبل النظامين الدمويين، لقد تكالب أقطاب الهلوسة الطائفية ضد هذه المنظمة التي حظيت بملايين الإيرانيين والعراقيين.

إن استهداف معسكر أشرف بهذه الطريقة الهستيرية ينم عن فقدان التوازن لدى الساسة العراقيين ويدل على الشعور بالهزيمة المتوقعة. لن نسمع أو نقرأ نحن رجال القانون أن جهلة القوم يتبوءون مصدر القرار الذين يجهلون حقائق العلم السياسي وخفاياه ويتفقون في الشعوبية الحمقاء فحسب.

إن تجمعنا يتحدى الخونة السذج من النيل أو استهداف اللاجئين الإيرانيين في العراق من سكان أشرف كما نتحدى المالكي الشعوبي من الاستمرار في الحكم بعد أن أثبت للأمريكي الذي جاء به عمالته للفاشية الدينية في طهران وأنه لا يرتبط بالعروبة ولا بعشائرها بل هو هجين عائلي لا يعرف أصله وفصله إلا عبر وسائل الإعلام المأجورة؟

إن جهل شخوص الطائفية في أحكام القوانين يُعَدُّ أمرًا مسلمًا به لأن الأصل والجوهر مهزوز من حيث الثبات.

إن معسكر أشرف عصي على المالكي وأسياده الملالي الحاكمين في طهران، وكلنا سوف نشهد محاكمات العصر لهؤلاء المهووسين، والدليل الشارع المزلزل؟


الكاتب :- محمد الاسدي

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

أمريكا تداري عجزها بطبع 600 مليار دولار دون رصيد

بالرغم من إقرار الإدارة الأمريكية العديد من الخطط الإنقاذية خلال عامي 2008 و2009، وتضمنت تقديم وضخ مئات المليارات من الدولارات بشكل قروض ومساعدات قدمت لمختلف القطاعات المالية والاقتصادية.

 فإن اقتصاد الولايات المتحدة ما زال يعاني من مفاعيل وإرهاصات الأزمة التي بدأت فيها، ثم تحولت إلى أزمة عالمية الطابع والتأثير، وبات من الصعب إخراج الاقتصاد الأمريكي من دائرة أسوأ أزمة أصابته منذ ما عرف بالكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الـ 20 المنصرم، وكأنه أشبه باقتصاد من ورق، ما زال في حاجة إلى عديد من خطط الإنعاش والعناية كي يقف على قدميه.

توسيع الحيازة


يأتي إعلان لجنة السوق المفتوحة في المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن برنامج جديد لسياسة ''التيسير الكمي''، كي يكشف عمق الأزمة التي ما زالت تعصف بالاقتصاد الأمريكي، حيث قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أخيرا، شراء سندات ديون طويلة الأجل بمقدار 600 مليار دولار، وبما يعادل نحو 75 مليار دولار شهريا، وهو ما يعني طباعة 600 مليار أخرى، من دون رصيد، من أجل ضخها في الاقتصاد الأمريكي بحلول منتصف عام 2011؛ بغية العمل على زيادة وتيرة الانتعاش في قطاعي الإنتاج والعمالة، التي لا تزال بطيئة في الولايات المتحدة. لكن القرار جاء بعد أن استنفد المجلس أداة سعر الفائدة، الذي بات يقترب من الصفر في المائة في أيامنا هذه، دون أن يكون له أي تأثير ملموس على أداء الاقتصاد الأمريكي؛ لذلك قررت اللجنة الإبقاء على المجال المستهدف لسعر فائدة الأموال الفيدرالية عند صفر إلى 0.25 في المائة، مع مواصلتها رصد التوقعات الاقتصادية والتطورات المالية، وتوظيف أدوات سياستها ''عند الضرورة لدعم الانتعاش الاقتصادي والمساعدة على ضمان أن التضخم يسير بمستويات تتماشى مع تفويضها مع مرور الوقت''.

وتأمل اللجنة، من خلال شراء المزيد من سندات الخزانة الأمريكية، تخفيض تكاليف الاقتراض من القطاع المصرفي الأمريكي، وتشجيع المستثمرين على زيادة إنفاقهم، لكن الغاية من قرارها تتمحور حول ''توسيع حيازاتها'' من الأوراق المالية؛ أملا في أن ''يسير الانتعاش الاقتصادي بوتيرة أقوى وللمساعدة على ضمان أن التضخم يسير بمستويات تتوافق مع تفويضها بمرور الوقت''، حسبما أعلنته اللجنة نفسها.

غير أن عملية ''توسيع الحيازة'' تفضي في حالة الولايات المتحدة طباعة المزيد من الدولارات، الأمر الذي سيترك بالضرورة أثرا تضخميا كبيرا على قيمة الدولار نفسه، ويزيد في الوقت نفسه من خفض قيمته. والإجراء الأخير هو أمر تسعى إليه الولايات المتحدة في سياق ''حرب العملات'' غير المعلنة، التي تدور رحاها بين الدول القوية اقتصاديا، حيث يشكل خفض قيمة الدولار أحد أهم الطرق الهادفة لتحميل أعباء الديون التي ترزح تحتها خزانة الولايات المتحدة على الدول الأخرى، خاصة الدول التي تقوم عملاتها بالدولار، أو الدول التي تحتفظ بأرصدتها بالدولار، وكذلك الدول التي تبيع نفطها بالدولار.

التيسير الكمي

تنهض سياسة التيسير الكمي على توفير كمية كبيرة من السيولة النقدية في الأسواق؛ كي تتمكن من القيام بنشاطاتها وعملياتها، وبالتالي يتمّ التخلص من الاختناقات الائتمانية ما بين مختلف البنوك وفي تعاملاتها مع سائر العملاء.

 وهذه هي المرّة الثانية التي يلجأ فيها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى إتباع هذه السياسة النقدية غير التقليدية، التي تتمحور حول قيام الاحتياطي الفيدرالي بشراء أدوات الدين الحكومية، طويلة الأجل من السوق، بواسطة إصدار المزيد من الديون قصيرة الأجل، وتوسيع القاعدة النقدية في جانب الخصوم في ميزانيته.

ويريد المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تطبيق سياسة التيسير الكمي؛ كي يتمكن من خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل في سياق محاولة إقناع المستثمرين بالاستثمار في القطاعات الاقتصادية الحقيقية، وكذلك إقناع البنوك بتوسيع الإقراض؛ من أجل دفع النشاط الاقتصادي بشكل العام. لكن عديدا من خبراء الاقتصاد يشككون في نجاعة هذه السياسة، بوصفها غير مباشرة، وغير مضمونة العواقب والنتائج، خصوصا في ظروف الأزمة الراهنة.

وقد قام المجلس الاحتياطي، في المرة الأولى من تطبيق سياسة التيسير الكمي في عامي 2008 و2009، بضخ ما يقارب 1.7 تريليون دولار، استخدمها في شراء سندات الخزينة، وشراء ديون شركات تمويل الرهن العقاري، مثل شركة فاني ماي وفردي ماك، واستخدم أدوات مالية أخرى مدعومة بقروض الرهن العقاري، وبالتالي كان الهدف من سياسة التيسير الكمي، في نسختها الأولى، مبادلة الحكومة الأمريكية الأصول الخطرة المرتبطة بالرهن العقاري في مقابل النقد الخالي من المخاطر. وتمكنت الإجراءات التي قامت بها في ذلك الوقت من المساعدة على تنظيف ميزانيات البنوك، مما عرف باسم ''الأصول المسمومة''، الأمر الذي أسهم في إعادة الثقة للأسواق المالية الأمريكية.

أما اليوم، وفي النسخة الثانية من سياسة التيسير الكمي، فإن الحكومة الأمريكية تحاول من خلال المجلس الاحتياطي الفيدرالي مبادلة النقد مقابل أصول لا تقل أمنا عن النقود السائلة، حيث يمكن لهذه السياسة أن تعمل من خلال توفير السيولة للبنوك في مقابل الأصول غير النقدية؛ وذلك لحملهم على تقديم قروض للقطاع العائلي وقطاع الشركات.

غير أن خبراء الاقتصاد يرون أن الإشكاليات التي تعيشها البنوك الأمريكية في الوقت الحالي لا تتعلق بشكل جوهري بحجم احتياطياتها؛ لأنها ترجع إلى عدم قناعة البنوك بكفاية العائد الذي ستجنيه على هذه القروض في مقابل المخاطر المرتبطة بها. لذلك تلجأ سياسة التيسير الكمي إلى قناة أخرى، من خلال مبادلة الاحتياطي الفيدرالي النقد، بوصفه أصلا لا يدر عائدا، بالسندات الحكومية، بوصفها أصولا تدر عائدا. لكن المشكلة تحتاج إلى مبالغ كبيرة، حيث يرى بول كروجمان، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد في 2008، أن مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي سيحتاج إلى شراء ما قيمته من ثمانية إلى عشرة تريليونات دولار من هذه السندات؛ كي يصبح لسياسة التيسير الكمي تأثير في الاقتصاد الحقيقي.

والأثر الضار لهذه السياسة هو أن ضخ السيولة بشكل كبير واستثنائي سيفضي إلى زيادة التضخم المتوقع، من حيث إنه إذا كانت توقعات الشركات والمستثمرين تشير إلى ارتفاع معدلات التضخم في المستقبل، فإن ذلك سيولد لديهم الحافز لمزيد من الاستثمار في الوقت الحالي، لكن معدلات التضخم الحالية تعد منخفضة جدا، في الاقتصاد الأمريكي، الذي يعتبر الأكبر حجما على المستوى العالمي.

أما من جهة تخفيض قيمة الدولار، فلا شك أن سياسة التيسير الكمي ستعمل على تحسين وضع الميزان التجاري الأمريكي من خلال تخفيض قيمة الدولار، شريطة ألا تلجأ الدول الاقتصادية القوية الأخرى إلى إبطال هذه السياسة أو محاكاتها.

فقاعة أصول

في إثر قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ضخ 600 مليار دولار لتحفيز الاقتصاد الأمريكي ارتفع صرف العملة الأوروبية اليورو مقابل الدولار، وارتفعت عملات أخرى، وخصوصا العملات مرتفعة العائد، حيث سجل الدولار الأسترالي أعلى مستوياته منذ 1982. ولوقف ارتفاع العملات بادرت اليابان إلى وقف صعود الين؛ كونه يضر بصادراتها الضخمة. وأعلنت البرازيل مجموعة من الإجراءات للحد من صعود عملتها، بالتدخل المباشر في الأسواق. فيما كشفت كولومبيا عن حزمة من الإجراءات لكبح جماح ارتفاع عملتها.

وحدث ارتفاع العملات العالمية بالتزامن مع تحقيق المعادن النفيسة مكاسب مهمة، وصعود أسعار النفط إلى مستويات قياسية. وبالرغم من ذلك، فإن بعض خبراء الاقتصاد حذروا من تداعيات الخطوة الأمريكية؛ كونها ستؤدي إلى زيادة سريعة في معدل التضخم، وخلق فقاعة أصول جديدة في الاقتصاد العالمي.

ولم يرق القرار الأمريكي لعديد من الدول الصناعية؛ كونه يدخل في إطار حرب العملات، حيث أعلن وزير المالية البرازيلي ''جيدو مانتيجا'' أن بلاده ستستخدم الاجتماع القادم لمجموعة العشرين للشكوى من قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي، القاضي بطبع مليارات الدولارات؛ كونه ''يفاقم الاختلالات الحاصلة في الاقتصاد العالمي، ومن غير المرجح أن يحفز النمو العالمي''. واعتبر رئيس البنك المركزي جنورمان شانج في هونج كونج أن حزمة التحفيز الاقتصادي التي أقرها مجلس الاحتياط الفيدرالي ''تزيد المخاوف من حدوث فقاعة عقارية في هونج كونج''، بينما يعتبر المسؤولون الصينيون أنه ما دامت لا توجد قيود على إصدار الدولار، فستحدث أزمة جديدة لا محالة.

الضعف الاقتصادي

تظهر معظم التقارير الرسمية الأمريكية أن الاقتصاد يعاني ضعف وتيرة نموه في المرحلة الراهنة، ولا يشجع على خفض معدلات البطالة، بالرغم من إنفاق مئات المليارات من الدولارات على مساعي وخطط إنعاش الاقتصاد الأمريكي؛ لذلك يعتبر بعض الخبراء الاقتصاديين أن تلك المساعي والخطط فشلت عمليا في تحقيق الهدف المطلوب منها، وتسببت في رفع قيمة الديون إلى جانب فشلها في تحقيق النمو. وفي هذا السياق ذكر تقرير لوزارة التجارة الأمريكية، أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 1.7 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري. في حين أن الخبراء يرون أن نموا اقتصاديا أقل من 2 في المائة يعد بطيئا لتحفيز الشركات على بدء التوظيف من جديد.

وأكدّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن ضعف الاقتصاد الأمريكي أفضى إلى هزيمة حزبه الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي، التي أفضت عن سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب وقلّصت من أغلبية الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، واعتبر بعد ظهور نتائج الانتخابات أنه ''لم يتحقق تقدم كاف لتحسين الاقتصاد الأمريكي، خاصة من خلال زيادة فرص العمل''. وأعلن تحمله المسؤولية، وأن أفراد ''الشعب الأمريكي يتوقعون التركيز على تلك القضايا التي تؤثر على وظائفهم وأمنهم ومستقبلهم وخفض عجز الموازنة وتشجيع اقتصاد الطاقة النظيفة، إضافة إلى التأكد من أن أطفالنا يتلقون أفضل تعليم في العالم، وأننا نحقق استثمارات في التكنولوجيا تسمح لنا بالحفاظ على قدرتنا التنافسية في الاقتصاد العالمي''.

وإضافة إلى ضعف النمو الاقتصادي، فإن الولايات المتحدة، ومعها معظم دول الاتحاد الأوروبي، تواجه عجزا ماليا كبيرا؛ نظرا إلى ضخها كميات كبيرة من الأموال في الاقتصاد خلال العامين الماضيين، بغية مواجهة أسوأ موجة ركود منذ الحرب العالمية الثانية، كما تواجه حكومات هذه الدول الآن تحديا صعبا من أجل السيطرة على عجز الميزانية المتفاقم. وفيما أعلن المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية الأمريكي خروج الاقتصاد الأمريكي من أطول ركود اقتصادي شهدته البلاد منذ الحرب العالمية الثانية في حزيران (يونيو) من العام الماضي، إلا أن الخبراء يرون أن التداعيات ثقيلة، ويستبعدون أن يعود الاقتصاد الأمريكي إلى سالف نشاطه وقوته. ويبدو أن التعافي الطفيف للاقتصاد الأمريكي لا يمنع من أن يشكل أي تراجع جديد فيه ركود جديد.

وهناك تيار من الاقتصاديين الأمريكيين يتكهن بحدوث كارثة اقتصادية كبيرة لأول اقتصاد في العالم، تزامنا مع ارتفاع نسبة البطالة والعجز في الميزانية العامة. ويتزعم هذا التيار الاقتصادي نورييل روبيني، الذي دفعته الأزمة المالية العالمية إلى واجهة الشهرة؛ إذ إنه توقع حدوث أزمة الرهن العقاري، وما زال ''يبشر'' بالأسوأ، ويعتبر أن ''الولايات المتحدة استنفدت كل ذخيرتها، وأية صدمة صغيرة في هذه المرحلة يمكن أن تدفع بها إلى الانكماش''.


الكاتب :- عمر كوش

الدم يعبد طريق التغيير في سوريا

مضى حتى الأن شهران على انطلاق حركة الاحتجاج في سوريا المطالبة باخراج البلاد من ضيق النظام المستبد والفاسد، الى رحابة النظام الديموقراطي الحر العادل، وما حدث على مدى هذين الشهرين كان فوق ما تحتمله الأحداث والمرحلة، وأفق الفكر السياسي في عالم اليوم .

لقد اعتمد النظام السوري الحل الأمني العسكري في مواجهة حركة الاحتجاج، واستخدم هذا الحل في أقصى أشكاله، مما أسفر عن وقوع نحو الف شهيد وقتيل حسب أوثق التقديرات، وأكثرها تحفظا، ولا نذكر هنا الجرحى والمعتقلين الذين صاروا بالالاف.


واعتمد النظام الانكفاء على الذات، فلم يعد يسمع إلا نفسه، ولم يعد يتطلع إلا في مرآته، فيرى أنه صاحب الحق الوحيد في فهم الأحداث وروايتها، وفي رسم الطريق الى الخروج من مآزقها.

ولقد جاءت تصريحات المسؤولين فيه، كأداء الاعلام لديه، تعبيرا عن هذه الزاوية التي وضع نفسه فيها، وجاءت إجراءات السلطة في التحرك السياسي لمواجهة متطلبات المرحلة في الإطار نفسه.

**الرواية الرسمية تتحدث عن قوى خارجية وسلفية وارهاب، ومؤامرة كبرى على سوريا لموقفها من القضية الفلسطينية ، وللممانعة التي عرف بها النظام، ولمواقف النظام التحررية.

**والرواية الرسمية تنفي وجود "شبيحة"، وتتحدث عن قناصة ومسلحين، يمارسون قتل الناس، ومن ضمن الناس الذين يستهدفونهم عناصر الأمن والجيش.
**والرواية الرسمية تأتي على مطالب الاصلاح باعتبارها مطالب القيادة السياسية نفسها، وأنها هي التي أطلقتها في"خطاب القسم"، وأن ما تقوم به الآن من خطوات إصلاحية تندرج في إطار هذا الادراك، وهذا الموقف.

وحين تتخذ القيادة السورية قرارا بتغيير الحكومة، أو تغيير هذا المسؤول في هذه المحافظة أو تلك، سواء كان هذا المسؤول إداريا أو أمنيا، أو تتخذ قرارا بالغاء حالة الطوارئ، أو ببدء البحث في قانون جديد للأحزاب، أو نظام انتخابي جديد، فإن هذا كله تقدمه كجزء من توجهها الأصيل في عملية الاصلاح.

لذلك يأتي حوارها الذي بدأته مع بعض رموز المعارضة من هذه الزاوية بالتحديد، من زاوية اليد العليا، اليد التي تحدد من تحاور، وعلى ماذا تحاور، وحدود هذا الحواروآفاقه، وحتى دوافعه.

إن مسافة كبيرة ما زالت تفصل بين أداء السلطة، وبين بداية التحرك المجدي لاخراج سوريا مما هي فيه، وكل ما تقوم به السلطة من تحرك ميداني باعتماد العنف والحل العسكري والأمني، أو سياسي باعتماد تغييرات معينة وفتح قنوات حوار واتصال مع بعض رموز المعارضة، لايقرب هذه المسافة ولا يحسر الهوة بين طرفيها، والسبب في ذلك أن السلطة كما أشرنا بدايةً، ما تزال تفكر وتتحدث وتحاور نفسها.

الوضع في سوريا في حالة استعصاء، ولقد أثبتت مشاهد الأيام السابقة أن شيئا مما فعلته السلطة على المستويين الأمني العسكري، والسياسي، لم يقدم شيئا، بل إن حمام الدم ما زال يتفجر رغم ما قيل عن توجيه مشدد من الرئيس السوري لأجهزة الأمن والجيش بعدم اطلاق النار على المتظاهرين، وهو توجيه يحمل في طياته الكثير مما يفسر حجم ما أريق من دماء على مدى الشهرين الماضيين .
والسؤال الذي يبحث عن جواب: هل انعدمت سبل الخروج بسوريا الى بر الأمان، وانتشالها مما هي فيه؟.

هل انسدت كل الافاق ولم يعد من سبيل إلا المضي في طريق العنف والحل الأمني والعسكري الى نهاياته؟.

البعض يقول إن المعركة في سوريا بين حركة الاحتجاج الشعبية، والسلطة، لم تعد قابلة لحل وسط، وصارت النهاية مرسومة بزوال أحد الطرفين، ويرى هذا البعض أنه كلما زاد حجم المعارضة، واتسعت جبهة المحتجين، يصبح من الصعب القضاء عليها، وإزالتها، فلا يبقى إلا زوال هذا النظام.

وأصحاب مثل هذا الطرح يدركون أن معنى ذلك الكثير من القتلى والضحايا، لكنهم يقولون: إن أي توقف في وسط الطريق سيكون مدمرا، وإن عودة النظام المستبد القمعي والفاسد الى تمكين نفسه سيجعله أكثر شراسة، وأكثر عنفا، وسيذوق السوريون حينئذ نوعا من الاستبداد والقهر لايقاس بما مضى، ويستدلون على ذلك بما ورد في تصريحات رامي مخلوف في مقابلة صحفية منسوبة اليه بشأن السير بهذا الصراع الى نهاياته، وهي تصريحات شديدة الخطورة في مضمونها ودلالاتها ومآلاتها، وهي تعطي منطق القطاع "الأمريكي والمتصهين" من المعارضة الخارجية، قوة ومصداقية كان وما زال يفتقدها.

ويتجند أصحاب هذا الرأي في حتمية الوصول بهذا الصراع الى نهاياته، بتطور الشعارات التي طرحت في حركة الاحتجاج، التي كانت بداية تطالب بالحرية والاصلاح، ووصلت مع ازدياد عمليات القتل، والعنف السلطوي، الى شعار اسقاط النظام، وانهاء كل مكوناته.

وإذا كان هذا الرأي يمثل قطاعا من حركة المعارضة يزداد وزنا، كما أوغلت السلطة في هذه الطريقة في التعاطي مع هذا الوضع، ومع هذه المطالب، فإن هذا البعض لايمثل كل الرأي المطروح في ساحة المعارضة، فالمعارضة السياسية الوطنية ـ وهي موجودة في الداخل أساسا ـ، بتراثها وتجربتها، وبالتزامها بالانتقال السلمي بسوريا الى مجتمع حديث مدني ديموقراطي، تقدم طريقا آخر يتيح للسلطة القائمة، كما يتيح لكل القوى السياسية والشعبية والمدنية في سوريا المشاركة في صنع هذا الطريق، والمساهمة في بناء صورة سوريا المستقبل، ويتيح لسوريا الشعب والوطن، أن تخرج إلى بر الأمان، وبأقل الخسائر.

ويقوم هذا الطريق على التمسك بسلمية التحرك الشعبي الاحتجاجي، وبالدعوة الى استمراره واتساعه، باعتبار أن من شأن ذلك أن يفرض على النظام الانصياع الى مطالب هذه الحركة، وأن يساعد أيضا صاحب القرار فردا كان أو مؤسسة على التحرك في الإستجابة للمطالب الشعبية، وأن يعلي من شأن القوى الناعمة في النظام السوري إذا أرادت أن تدفع صاحب القرار للاستجابة الى هذه المطالب، والدخول بسوريا الى الطريق الآمن في التغيير.

لكن هذه المعارضة وهي تلتزم هذا النهج، وتتطلع الى من يلتزم به، لاتضع جميع أطراف الأزمة على ذات المستوى من المسؤولية، وإنما هي ترى أن المسؤولية الحقيقية في ولوج طريق التغيير الآمن يقع على عاتق السلطة، فهي المالكة للدولة والمسيطرة علي مقدراتها، وهي المسؤولة دستوريا عن ذلك، ويأتي في قمة هذه السلطة رئيس الجمهورية، بل هو في إطار النظام الجمهوري الرئاسي صاحب المركز الأهم والمسؤول الأول، وحين يُطلب شيء من النظام، فإنه يُطلب منه أولا وأخيرا.

إن غزارة الدم الذي يراق بفعل المنهج الأمني المتبع، والذي يخلف إصرارا شعبيا على استمرار الاحتجاجات وتصعيدها، لايمكن أن يخفي تطلعا سوريا عاما لوقف حمام الدم هذا، ولبدء التحرك على طريق المستقبل، لكن تصاعد الاحتجاجات على مدى الشهرين الماضيين، يؤكد أن ثقة الشارع بجدية تحرك السلطة لمواجهةٍ حقيقيةٍ للأزمة باتت مفقودة، وأن المطلوب من السلطة خطوات حقيقية تعيد هذه الثقة، وتضع سوريا على بداية الطريق الصحيح، ولعل من هذه الخطوات:-

1ـ أن يعبر النظام وبشكل لا لبس فيه عن قناعته بأن الأزمة الحقيقية في سوريا مبعثها خمسون عاما من إقصاء الناس عن موقع القرار، واستئثار فئة بهذا القرار على اختلاف المسميات التي ظهرت فيها، أي أن الاستبداد سبب رئيس في الأزمة الراهنة.

2ـ أن يعبر النظام عن قناعته بأن الفساد في سوريا ليس أمرا عارضا يمكن مواجهته بالأساليب التقليدية ـ كما في المجتمعات الأخرى ـ، وإنما بات يحيط بكل شيء، وأنه مسؤول أساسي عن حالة العطالة التي عاشتها أجهزة الدولة المكلفة أصلا بمحاربة الفساد من قضاء، وصحافة، ورأي عام.

3ـ إعلان النظام أن البحث عن حلول للخروج من هذه الحالة، يتطلب التحرر من الصيغ والمؤسسات التي أوصلت البلاد الى هذه الحالة، فليست الحكومة، ولا مجلس الشعب، ولا الحزب الحاكم، هم المرجعية في تحديد طريق الخروج ولا آلياته. ففي هذه المؤسسات صنع الاستبداد، ومن هذه المؤسسات انتشر الفساد وتمكن.

4ـ إعلان النظام أن الحل الوحيد الممكن لطريق آمن في التغيير والوصول بالوطن كله الى المستقبل يرتسم عبر مؤتمر وطني عام يضم كل فعاليات الشعب السوري : أحزابه، منظمات المجتمع المدني فيه، القوى الشعبية والشبابية، التي حركت هذه الاحتجاجات وقامت بها،

5ـ والمدخل لكل ما سبق أن يمهد النظام لذلك بإجراءين أساسيين :-

**الأول: وقف نهائي للمنهج الأمني العسكري في التعامل مع الإرادة الشعبية ومطالبها واحتجاجاتها، وإعادة الجيش الى مواقعه الحقيقية، ومهماته الوطنية التي وجد لأجلها دستوريا وعرفا.

**الثاني: إطلاق سراح معتقلي الرأي والمعتقلين بسبب موجة الاحتجاجات المستمرة منذ الخامس عشر من مارس، دون قيد أوشرط.

إن مثل هذا التحرك من السلطة سيكون بمثابة تغيير جوهري في رؤيتها للأزمة الراهنة، وفي طريق التعامل معها، ولن يكون من قبيل الأماني الظن أنه سيخلف تغييرا في حركة الشارع السوري، وفي شعاراته.

**وسيكون على هذا المؤتمر الوطني العام أن يؤسس لعقد اجتماعي جديد، يجتمع عليه أبناء سوريا، يحددون من خلاله دستورهم الجديد، ومكانتهم في أمتهم العربية، والتزاماتهم تجاه قضاياها الرئيسية، ويتحدد فيه مكانة أجهزة الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والاقتصادية، من الوطن والمواطن واحتياجاتهما.
**وسيكون على هذا المؤتمر أن يرسم طريقا للمصالحة الوطنية تطوى فيها صفحة الماضي القاتمة ومخلفاتها، وتوطد فيها أركان الوحدة الوطنية التي لايمكن بناء سورية المستقبل دونها.

**سيكون على هذا المؤتمر أن يحدد مفهوما جديدا، وأصيلا، للخدمة العامة، أو الوظيفة العامة، يكون فيها المسؤول أيا كانت درجته، من أدنى المراتب وصولا الى رئيس الجمهورية، أجيرا عند هذا الشعب المعلم والقائد، وخادما أمينا على مصالحه وشؤونه، إن أحسن فهذا واجبه، ويشكر على إحسانه، تشجيعا لمن دونه على اعتماد الإحسان في العمل، وإن قصر أو اساء فيحاسب لتقصيره، وردعا لأي مسؤول يقصر في عمله و يخون أمانته.

إن المهتمين بالشأن السوري، والمنتمين الى هذا البلد ومستقبله، يدركون أن قوى حقيقة تملك أدوات الفعل والتأثير على اختلاف أوزانها، داخل السلطة وخارجها، لا تريد لسوريا أن تخطو في هذا الاتجاه، وهي ترى في استمرار نزيف الدم، استمرارا لحالة الاستعصاء التي تعيشها سوريا حاليا، وتتغذى عليها قوى التطرف داخل النظام ومؤسساته وخارجها.

إن هذه القوى تتغذى وجودا وفاعلية على دم المواطن السوري، لايهمها عدد الاف السوريين الذين تراق دماؤهم، ما دام من شأن ذلك أن يوصلها الى أهدافها، أوأن يمكنها من الإحتفاظ بمصالحها وامتيازاتها.

ووجود هذه القوى ـ ووجودها لا يخفى على ناظرـ يجب أن يمثل دافعا اضافيا لأصحاب القرار والمسؤولية في السلطة السورية، لانتهاج هذا السبيل، وقطع الطريق على تلك القوى، فكل يوم يمر دون سلوك هذه السبيل، يمثل فرصة ضائعة تمكن لقوى التطرف، وتكسبها أرضية إضافية، وتدفع بالوضع الى هاوية جديدة يعبدها دم سوري طاهر وزكي.

ليست القضية هنا أن نمحص في رواية السلطة عن المؤامرة الخارجية التي تتعرض لها البلاد، إذ يمكن للبعض أن يقبلها كما هي، أو يقبلها جزئيا، أو يرفضها، ليست هذه هي المشكلة، فسوريا كانت دائما هدفا للمؤامرات، ومن السذاجة أن يتصور أحد عدم تدخل الخارج، والمرتبطين به، في مجرى الأحداث التي تعصف بالبلاد، في محاولة للإستفادة منها وحرفها عن مسارها.

لكن السؤال هنا: كم لهذا الخارج من تأثير في مجرى حركة الاحتجاج، وفي دعوات التغيير التي تحرك الشارع السوري من أقصاه الى أقصاه؟!،

هذا هو المهم في رؤية الحدث ومساره، ومن هذه الزاوية فإن حركة الاحتجاج ومطالب التغيير شعبية بلا شك، وتعبر عن حاجة موضوعية طال انتظارها، وكل تعامل على خلاف هذه الحقيقة هو تعامل ينقصه الاخلاص، كما يفتقد الى الجدية، وصاحب اليد العليا في التعامل مع الوضع، والمسؤول الحقيقي عن ذلك، هو السلطة بما تملك.

لذلك نقول إن كل قطرة دم تراق، إنما تقع مسؤوليتها أولا على السلطة وأصحاب القرار الحقيقي فيها، وكل يوم يضيع دون الولوج الى الطريق الأمن، تقع المسؤولية عنه على السلطة، وأصحاب القرار الحقيقي فيها، وكل أذى يصيب قضايا النضال الوطني والقومي جراء انتهاج النظام الطريق الأمني والعسكري في التعامل مع مطالب الشعب في التغيير، لايتحمل وزرها إلا النظام وأصحاب القرار الحقيقي فيه.

ولا يشك المتابعون والمهتمون بالشأن السوري أن المتاح من الوقت لانتهاج السبيل الآمن يتآكل بسرعة، وأن ما هو ممكن اليوم قد لايكون كذلك غدا، وأن الخاسر حينئذ سيكون الشعب السوري، والجغرافيا السورية، والمستقبل السوري.

الكاتب :- د.مخلص الصيادي

الوضع العربي: انهيار النظام العربي أم إعادة تشكيل

مقدمة
سرعة التغيرات في المنطقة العربية تحمل في طياتها مشتركات ومختلفات ويحتاج تفصيل الأمر إلى تحليل دقيق لتمييز المختلف والمشترك بينها. وهذا يتطلب قراءة للتركيبة الداخلية لكل دولة وبنفس الأهمية دراسة مجموعة العوامل المحيطة والمؤثرة.

في هذا الجزء سوف نقدم عرضا موجزا لتوقعات كل حالة دون الدخول في تحليل لتفسير النتائج المتوقعة وسوف نقوم بذلك ضمن الجزء الثاني مع الأخذ بالاعتبار أن هناك مواقف اميركية ربما تختلف في دوافعها عن المواقف الإسرائيلية والتي ربما تنعكس على مجمل سياسة الولايات المتحدة في المنطقة لسنوات طويلة قادمة. لكنها أيضا لا تلغي إمكانية السقوط الأميركي مرة أخرى ضمن فلك المصلحة الإسرائيلية ورؤية المحافظين الجدد إذا لم تتطور الثورات بشكل يمنع ذلك أو يجعله صعبا.

وهذا يعني ضرورة اليقظة والحذر الكبير في فهم ما يجري والتعامل معه. والأخذ بالاعتبار خطورة انكفاء الأمر لخدمة مشروع الشرق الأوسط القديم الذي ربما تخلت عنه أميركا الرسمية لكنه مدعوم من دوائر كثيرة ضمن أوروبا والولايات المتحدة والصهيونية.

إن اختلاط الأوراق وسرعة التغيير والتقاء المواقف المتناقضة استراتيجيا ( قوى المقاومة والغرب وأحيانا إسرائيل) يتطلب وعيا غير عادي. لكنه لا يعني أيضا الخوف والشلل أو الاعتقاد بحتمية هيمنة الموقف الغربي أو الصهيوني. إنه فقط يعني أن على الشعوب التي تقود الثورات (بالأساس مصر) معرفة أنها تتحمل مسئولية فوق عادية تؤثر عليها وعلى مجمل الإقليم. بل ربما على مستقبل الثورة العالمية الحديثة والتي أخذت طابعا جديدا يحمل التغيير دون العنف بالاعتماد على وسائل ثورة المعلومات ويقبل الاقتصاد الموزع والحر والذي يرفض الاحتكار وهيمنة متعددة الجنسيات ويحتوي في الأعماق متطلبات نشوء نظام عالمي جديد لما بعد الرأسمالية.

تونس
سقط بن على وتم تشكيل حكومة من بنية النظام القائم والمؤشرات ليست واضحة بعد إن كان المسار نحو تغيير جذري أم مجرد انقلاب بوجه جماهيري. والسبب وجود بقايا مفصلية من النظام السابق في معظم المواقع. ومع أن العوامل الخارجية ( الولايات المتحدة وفرنسا) لا تبدو ظاهرة إلا أنها ربما وضعت حدودا للتغيير بما يضمن مصالحها. وهذا يعني أن ثورة تونس تحتاج إلى عمل مستمر شعبيا وصمود بالحد الأدنى لتحقيق مصالح تونس الوطنية والقومية.

مصر
انسحب مبارك واستلم العسكر الأمر مؤقتا كما يؤكدون احتراما "لإرادة شعب مصر العظيم" وبسبب ضغط مستمر منذ شهر بتنظيم مميز وبتجانس ووحدة وطنية نادرة وبحضارية عالية. لكن الأمر لم يحسم بعد بشكل كاف أيضا. والأسباب كثيرة فمبارك موجود ونصف الحكومة التي شكلها مع رأسها مستمرون بالحكم. ولعل بقاء وزير الخارجية يمثل حالة واضحة لبقاء الرموز السابقة وخاصة بما يتعلق بالسياسة الخارجية. ومع أن ثورة مصر قامت لتغيير جوهري داخلي وتحقيق حد أدنى من العدالة الاجتماعية إلا أن العامل الخارجي هام ويتضمن إعادة كرامة مصر وتحييد هيمنة إسرائيل وتحرير السياسة المصرية العربية والإفريقية. وكلها عوامل حيوية لمستقبل ومصير مصر نفسها وليست عوامل تجميلية لتحسين العلاقة بالمحيط.

المسألة الأخرى تتعلق بالقوى التي صنعت الثورة. فهناك عدم وضوح حتى الآن في نسبة وتأثير التيارات المختلفة. وقد حاول الإخوان من خلال تحركات القرضاوي الظهور بمظهر القوة الرئيس. ولكن تحرك القرضاوي ربما خلق ردة فعل سلبية أكثر من خدمة للإخوان أو الوحدة الوطنية. من الأفضل للقوى الداخلية حسم وزنها من خلال الانتخابات فقط ومبروك لمن يقود.

البحرين
قبل ان تلتقط مصر أنفاسها بدأت حركة احتجاج في البحرين يبدو أنها ستظل ضمن إطار الحكم الملكي. ويبدو أن التعبير الطائفي موجود وقائم مهما حاولت القوى التمسك بشعار الوحدة الوطنية في المطالبة بالتغيير. ربما يكون ذلك وارد جزئيا لكن من الصعب تصور تطوره إلى درجة تهديد النظام القائم أساسا على الملكية وهيمنة السنة على مؤسسات الحكم مع بقاء الكثير من الثروة مع الشيعة. وهناك عوامل خارجية مؤثرة استراتيجيا تؤثر على إرادة العمل الداخلي. وتشمل هذه العوامل الولايات المتحدة ودول الخليج وإيران. وفي أفضل الأحوال يمكن تطور النظام ليشبه الحال في الأردن.

اليمن
ويستمر مسلسل اليمن السعيد البطئ نسبيا بالمقارنة مع الحركات الأخرى. ولعل من المستبعد تطور الأمر إلى درجة إسقاط النظام فعلا لأسباب هامة ليس أقلها الخوف من تقسيم اليمن وصعوبة توفر وحدة وطنية شاملة تشبه الحالة المصرية أو التونسية تتفق ضد النظام.

فالحوثيون والحراك الجنوبي لا يملكون أغلبية أصلا وبسبب نزعتهم الانفصالية أو الانعزالية من الصعب توقع تجنيد قوى رئيسة أو دعم جماهيري شامل من أبناء اليمن الشمالي السنة مع الأخذ بالاعتبار حجم قبيلة الرئيس علي عبد الله صالح ونفوذها.

ورغم أن هناك الكثير من التحفظات الشعبية من أبناء اليمن الشمالي على تحول النظام إلى شبه عائلي وتأثيرات الحرب ضد تنظيم القاعدة السني الحضن على موقف الرئيس صالح سلبيا في بعض الأحيان بسبب تداخل ذلك مع العلاقة الاميركية باليمن وسيادته فإن الإصلاح بمواصفات المجتمع اليمني ممكن دون ضرورة الدخول بمعركة إسقاط النظام لأن تلك المعركة لن تنجح أولا ولأن هناك مخاطر تحقيق انقسام البلاد فقط.

لكن هذا يعني أيضا أن على الرئيس صالح العمل كثيرا من أجل إرضاء أبناء الشمال أولا وامتصاص نقمة الجنوب ثانيا وإيجاد صيغة تفاهم مع الحوثيين بالإضافة إلى إيجاد مخرج ديموقراطي. سيكون من الخطيئة التمسك بطريقة الحكم القديمة باعتبار أن البلاد لا تقبل التوحد ضده.

ليبيا
انفجر الوضع في ليبيا بشكل سريع جدا وغير متوقع. وعند الأخذ بالاعتبار تركيبة ليبيا القبلية وضعف وجود بنية مجتمع مدني بالمعنى التقليدي ولأن معظم عوامل القوة والمال يتحكم بها القذافي من المفاجأة ظهور حركة مستمرة. والحقيقة أن الأمر في ليبيا غير واضح حتى الآن رغم سيطرة المعارضة على معظم الشرق والتنافس بشكل قوي في الغرب.

لا شك أن هناك معارضة قوية للنظام ومن الأفضل الاعتراف أن قدرة القذافي على تجييش الجماهير محدودة وقد تبين أن كثيرا من أركان النظام والمؤسسات الحكومية لا توالي القذافي بما يكفي.

بالمقابل لا يبدو أن كل ما يذاع في وسائل الإعلام من سيطرة الثوار على معظم المدن دقيق أو محسوم. وليس من الواضح أيضا أن العنف يحصل من قبل قوات النظام فقط. فهناك أكثر من تقرير يشير إلى استخدام العنف من قبل الطرفين. ويبدو أن هناك مؤثرات جغرافية رئيسة وتأثير للنظام الملكي السابق والمعارضة المتمركزة في أوروبا.

ومع أن القذافي يحاول تفسير مجمل الأمر بتحريض القاعدة وثورة المهلوسين إلا أن ذلك غير مقنع لأن القاعدة ليست بارزة في الأحداث رغم أنها أيدت. ولكن الإخوان المسلمين وإيران وحزب الله أيدوا أيضا بل إن معظم القوى الإقليمية أيدت الثورة عليه. من الواضح أنه لا يمتلك الكثير من الأصدقاء في المنطقة.

في نفس الوقت علينا الاعتراف أنه لا يجد الكثير من الأصدقاء في الغرب بل إن إسرائيل لا تخفي سعادتها باحتمال سقوطه. وهذا يعني أن بقاءه ليس مرتبطا بالغرب أو إسرائيل وهذا يختلف عن الحالة المصرية. الحقيقة أنه يمثل حالة فريدة تليق به فهو الوحيد الذي تتفق ضده كل من إيران وحزب الله والإخوان المسلمون والقاعدة وفرنسا واسرئيل بشكل غير قابل للشك. طبعا لكل أسبابه لكن هذا يعني أيضا أن المسألة ملغومة وخطرة.

ومع أن القذافي قد حصر نفسه كثيرا في السنوات العشر الماضية وسمح لهيمنة ابنائه على مقاليد الحكم بحيث تحول الحكم إلى عائلي أيضا. ورغم أن وسائل القذافي في التعبير ونظرياته في الحكم والإدارة تبدو غريبة عن العرف العام في العمل السياسي أو حتى الثوري إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة انتشار النظام بشكل عمودي وأفقي ضمن مساحات جغرافية هامة بغرب ليبيا والصحراء. وهذا يجعل إمكانية الحسم على الطريقة المصرية غير محتمل. والخوف أن ينتهي الأمر بانقسام البلاد لفترة قد تطول.

ومع الأخذ بالاعتبار تعدد مواقف القذافي التاريخية من قضايا كثيرة في العالم فليس من السهل توقع توفر دعم حاسم للمعارضة بنفس مقدار صعوبة توفير دعم للقذافي أيضا بما يضمن الوحدة الوطنية والجغرافية. طبعا الحكم في كل هذا يبقى للشعب الليبي فإن توفرت لدية إرادة الوحدة الوطنية سوف يخرج من الأزمة لكن المؤشرات غير مطمئنة حتى الآن.

ومع الاعتبار أن القذافي وليبيا قد قطعا في السنوات الأخيرة شوطا من العلاقات الاستراتيجية مع أوروبا وتحديدا ايطاليا فربما يفسر هذا التردد الأوروبي وربما الأميركي في حسم الموقف باستثناء ايطاليا التي يبدو أنها اقرب لدعم النظام. هناك عوامل أخرى لا تصب باتجاه حتمية سقوط النظام.

المغرب
وتبدو كبادرات مترددة لتصعيد الوضع. والمغرب من الناحية المدنية والشعبية يمكن أن يتحد في موقف شبيه بتونس أو مصر لأن الفقر في المغرب كبير جدا والمجتمع المدني موجود بشكل يسمح للتنظيمات المدنية القيام بدور توحيدي. لكن غير الواضح هو مدى توفر دعم من أي جهة دولية لهذا التغيير وعليه لا يبدو أن الشعب وصل إلى نقطة اللاعودة.

الأردن
يبدو أن تحرك المعارضة سوف يستمر بالمطالبة بتعميق الملكية الدستورية لكن لن يكون هناك تحولات دراماتيكية رغم أن الحركة الأردنية ربما تكون أكثر الحركات جذرية وتقدمية في مطالبها. والسبب أن ظروف الأردن الجيوسياسية والديموغرافية لن تسمح بأكثر من درجة معينة من التغيير تبقيه ضمن المعادلات القائمة. لكن هذا سوف يعتمد إلى درجة كبيرة على محصلة ونتيجة التغيير في مصر.

العراق
العراق محتلة ومقسمة طائفيا وعرقيا وهذا يعني أن دور الجماهير محدود. ورغم أن هناك الكثير من المبررات لمحاولة التغيير الشعبي إلا أن ذلك يبقى متأثرا بمواقف إيران والولايات المتحدة. ورغم أن الولايات المتحدة ربما ترغب بتغيير يبعد العراق عن نفوذ إيران إلا أن النفوذ الإيراني مستمر. وقد كان مفاجأة أن يفتي الخامنئي بعدم جواز المظاهرات في العراق كما ورد في بعض الأخبار.

الجزائر
لن تنجر الجزائر إلى صراع رئيس لأنها ببساطة جربت ذلك على مدى 20 عاما ولأن نظام الرئيس بوتفليقة يقوم على حد أدنى من الشرعية الانتخابية والتجاوب مع المطالب الشعبية بشكل متسارع ومن ذلك رفع حالة الطوارئ.

دول الخليج:
من الصعب ظهور حركات احتجاج في السعودية وقطر والإمارات وربما يحصل بعض الحراك في عمان أو الكويت لكن ضمن حدود كبيرة. ومن الصعب توقع تحرك في هذه الدول دون دعم صريح لذلك من قبل الولايات المتحدة أو بريطانيا تحديدا. وليس هناك مؤشرات لتحرك شعبي رغم أن الولايات المتحدة ربما تضغط على الأنظمة لتحسين وضعها بخصوص الحكم وتناوب السلطات.

السودان
تصويت انفصال الجنوب كان صدمة كبيرة للسودانيين لكن ذلك كان متوقعا. ويبدو أن السودانيين قد وصلوا لحالة قبول عامة للأمر الجديد. لكن هذا يحمل في طياته أيضا حرصا غير عادي من الشمال لعدم التورط في صراع داخلي يمكن أن يسرع انفصال دارفور. وعليه لا أتوقع ثورات احتجاجية في السودان بالمعنى الشعبي وأي تحرك ربما يحمل مظاهر تهديد للأمن وحركات تمرد إثنية أو مناطقية.

سيكون هناك تأثير استراتيجي لنتائج الثورة المصرية على السودان. فإن حسمت باتجاه المبادئ الناصرية (القومية والعدالة الاجتماعية) بمظهر وإخراج ديموقراطي وحر (وهذا أقصى المتوقع من الثورة المصرية لكنه ممكن) فسوف تكسب السودان كثيرا وسيتم الوصول إلى صيغة تحقق أمن مصر المائي وأمن ووحدة السودان رغم الانفصال. فمصر واثقة من نفسها في أفريقيا سوف تهزم معظم مشاريع إسرائيل للحصار ضمن دول حوض النيل. وعند ذلك لن تجد دولة جنوب السودان الناشئة دافعا لتكون معادية للسودان أو مصر وستكون خسائر الانفصال بالحد الأدنى.

سوريا ولبنان:
من الصعب توقع قيام حركة تغيير رئيسة في سوريا رغم بعض التحفظ السني على النظام ورغم أن الولايات المتحدة لا تحفظ ودا للنظام السوري وربما تتمنى تغييره. من الأسباب أن بقاء النظام السوري لا يعتمد كثيرا على دعم الولايات المتحدة ولم يصل الأمر بالنظام إلى درجة الانفصام مع الشعب كحالة مصر. وليست السياسة السورية متعثرة ومتخبطة كما حالة ليبيا. لكن ذلك غير مضمون ومن الأفضل عدم الركون إليه فقد كانت الحركة في ليبيا مفاجئة لكثير من المراقبين.

أهم عوامل قوة النظام السوري (مع أنها سبب العداء الغربي الرئيس له) تبقى تبنيه لخط المقاومة ودعم إيران وتركيا وقوى لبنانية رئيسة. لكن أهم ضمانة للموقف السوري واستقراره تتطلب مزيدا من الانفتاح على الشعب والعمل على محو الانطباع بارتباط النظام بأي بعد طائفي.

أما لبنان فمن الواضح أنها استطاعت الصمود ضد المشروع الأميركي والإسرائيلي أيام قمة الهيمنة الأميركية في المنطقة. ولا شك أن قوى المقاومة تسود في لبنان بشكل عام. وعليه لا أرى انقساما ممكن أكثر مما حصل سابقا بل ربما تكون هناك تفاهمات أفضل من أي وقت مضى. من المتوقع خفوت نجم الحريري وحلفه بسرعة وعلى السنة في لبنان العمل على التأقلم مع ذلك مع الاعتبار أن ضعف الحريري لا يعني ضعف السنة. فتاريخيا كان السنة من قاد المعركة القومية والمقاومة وعليهم العودة لذلك الخندق. وهذا ممكن لهم الآن بتكاليف أقل من أي وقت مضى.

فلسطين
وهذا يحتاج لتحليل دقيق وعميق لأن كل العوامل تتشابك في الحالة الفلسطينية وإرادة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وخياراته محدودة ولأن الشعب متردد كثيرا في حسم أموره بعد سنوات عجاف من الانقسام والتشرذم. سوف نتطرق لهذا ضمن مقالة منفصلة.

سيعتمد مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية كثيرا على نتائج الثورة المصرية وهذا يشمل إنهاء الانقسام وتغيير توجهات فتح وإعادة رسم خارطة القوى السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج. من الخطأ طبعا انتظار الفلسطينيين حتى تظهر معالم الموقف المصري لأن بإمكان القوى الشريفة والوطنية بدء العمل لتحقيق أقل حد من الاتفاق دون الدخول في تفاصيل طويلة أو الخوف من متطلبات كبيرة.

وأقل هذه المتطلبات إعلان قبول الإعداد لانتخابات مجلس وطني لكل الشعب في الداخل والخارج يكون مصدر الشرعية للجميع ويتم أينما أمكن من كل مناطق تواجد الشعب الفلسطيني. والاتفاق على صيغة حكم انتقالي مشترك دون الدخول بالقضايا الخلافية لتسيير أمور الضفة وغزة. وعدم استثمار الكثير من الجهد في مسيرة المفاوضات فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستحق منها إغضاب إسرائيل ولو بقرصة أذن.

وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة فقدت اهتمامها بالعملية السياسية وإنما فقط أنها لا تعتقد بصلاحية النمط السابق أن يؤدي إلى شيء. وربما تراهن على التغييرات الإقليمية لوضع شروط جديدة. وهذا يعني أن تركيبة الشعب الفلسطيني السياسية الحالية لا تستطيع تحمل الواقع الجديد. وعليها التغير حسب أعلاه.

الأسباب والتوقعات
لكل حالة من حالات المنطقة عوامل وضعها الداخلي والمحيط الخارجي وبناء على هذه العوامل يمكن توقع تطور الأمور وتحديد المواقف. سيعتمد كل ذلك على تطور الثورة العربية بشكل أكثر حكمة وحسم مفاصل جوهرية. وهذا ما سنقوم بدراسته في الجزء الثاني الذي يشمل تصورا لعوامل التأثير الخارجية والداخلية لكل دولة وظاهرة الدومينو التي تحرك المسار بنسبة أو أخرى.

وتبقى أسئلة: ما هي أسباب التحولات الكبيرة ولماذا الآن. وهل هي خير خالص أم تحمل في طياتها مخاطر وتحديات تصل في حالة عدم الحذر إلى إمكانية الانقلاب وربما تسهيل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بدأه بوش. ورغم تشكك إدارة أوباما الكبير بجدوى أو قيمة ذلك المشروع إلا أن نفوذ الدوائر الصهيونية والمحافظين في أميركا لا يلغي ذلك الاحتمال. هناك مخاطر حقيقية على مجمل حركة التغيير مع أن كفة التغيير الإيجابي هي الأرجح.


مقدمة
في الجزء الأول قدمنا عرضا لتوقعات كل حالة عربية دون الدخول في تحليل لتفسير النتائج المتوقعة. وقد تطابقت التوقعات مع تطور الوضع بشكل كبير نسبيا مما يشجعنا على طرح لتفسير التوقعات وتعميق الفهم لكل حالة من حالات التغيير القائمة وعدم الوقوع بخطأ التعميم المتسرع.

اختلاط الأوراق وسرعة التغيير والتقاء المواقف المتناقضة استراتيجيا ( قوى المقاومة والغرب وأحيانا إسرائيل) يتطلب وعيا غير عادي. لكنه لا يعني أيضا الخوف والشلل أو الاعتقاد بحتمية هيمنة الموقف الغربي أو الصهيوني. إنه يعني أن على الشعوب التي تقود الثورات (بالأساس مصر) معرفة أنها تتحمل مسئولية فوق عادية تؤثر عليها وعلى مجمل الإقليم بل ربما على مستقبل الثورة العالمية الحديثة. وهو يعني أيضا أن لسوريا والجزائر وتركيا أدوارا مميزة لأسباب نتطرق لها تميزها عن غيرها لا بد من العمل بها لحماية مستقبل المنطقة.هناك استخلاصات من كل ما نرى نضعه في نهاية الدراسة.

لكل حالة عوامل وضعها الداخلي والمحيط الخارجي التي تؤثر على تطور الأمور وتحديد المواقف. سندرس هذه العوامل لكل دولة فوق ظاهرة الدومينو التي تحرك المسار بنسبة أو أخرى.

أولا: مواقف القوى الخارجية
قوى فعالة ومؤثرة ولها مصالح وبعد استعماري ( الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل)

الولايات المتحدة
ضمن استراتيجية كونية للتحكم وعلاقة خاصة بإسرائيل هناك موقفان:
الموقف الأول: يميل لترسيخ المصالح الكونية لأميركا فوق مصالح إسرائيل وضرورة خضوع العلاقة معها للتقييم الاستراتيجي. القوى الفعالة: البيت الأبيض (أوباما) والجيش ومنظمات مدنية وحقوقية وبعض المؤسسات الاقتصادية والصناعية والعسكرية.
الموقف الثاني: يميل لترسيخ مصلحة إسرائيل فوق أي مصالح تحت شعار استحالة تناقض المصلحة الاميركية مع إسرائيل وأنها ذخر دائم لأميركا. القوى الفعالة: اللوبي الصهيوني والكونغرس وقيادة الحزب الجمهوري والإعلام وبعض المراكز الفكرية والمؤسسات المالية.

وبشكل عام يتراوح الموقف الأميركي النهائي بين الموقفين بنسبة تأثير متقاربة. وبسبب ذلك يعتمد حسم أي خطوة على عوامل التأثير الدولية اللحظية أحيانا. مما يجعل الموقف الأميركي عرضة للتذبذب أكثر من أي وقت مضى وهذا مؤشر ايجابي وسلبي في نفس الوقت.

وحسب هذا التحليل فقد سادت وجهة نظر الموقف الأول بما يتعلق بمصر وتونس وتتأثر كثيرا بدوافع الموقف الثاني بما يتعلق بليبيا واليمن. وليس هناك فرق كبير بما يتعلق بدول الخليج والمغرب. وهناك تفاوت كبير بما يتعلق بسوريا ولبنان وفلسطين وتركيا. فالموقف الأول يعتقد بإمكانية كسب هذه القوى بينما الثاني يدعو للمواجهة.

بريطانيا
الميل لتبني سياسة موالية للموقف الأميركي الثاني والموالي لإسرائيل مع الاعتقاد أن ذلك يمثل أفضل الطرق لتحقيق مصالح بريطانيا التاريخية والاستراتيجية. ومن غير المحتمل خروج قوى مناوئة للنفوذ الصهيوني. وهذا موقف يعبر عن ضالة لا تليق بدور بريطانيا العظمي. والحقيقة أن السياسية البريطانية متهالكة وكاذبة بشكل كبير ولا يبدو هناك أمل بصلاحها إلا بتغيير الموقف الأميركي لأنها منقادة له وليس هناك سياسة مستقلة في الواقع.

وبذلك يمكن فهم الترابط مع السياسات الإسرائيلية رغم أن تحليلها الاستراتيجي يختلف. وهي تساعد في العادة على حسم الموقف الأميركي بالاتجاه الموالي لإسرائيل رغم أن ذلك لم يكن ضروريا معظم الوقت.

وبما يتعلق بقضايا المنطقة العربية فهي تؤيد بتحفظ التغيير في مصر ولا دور لها بتونس وربما هي المحرك الأول في دعم التحرك في ليبيا. بل ربما هي من جند فعليا دول الخليج والجامعة العربية لاحقا بنفس الاتجاه لدعم تدخل دولي. طبعا استفادت بريطانيا من دعم غير محدود لموقفها من قبل الموقف الثاني في الولايات المتحدة والموقف الفرنسي. والدور البريطاني والفرنسي خطير في دفع أوباما للتورط في ليبيا وتهديد توجهات الثورة في مصر في هذه المرحلة المبكرة.

فرنسا
بعد الحرب العالمية وانتهاء حقبة الاستعمار المباشر وخاصة في الفترة الديغولية مالت فرنسا لسياسة مستقلة عن الولايات المتحدة وبشكل يخدم مصالحها المباشرة وأبدت انفتاحا على حركات الاستقلال لكن بشكل انتهازي. وهي ذات تأثير محدود على السياسة العالمية.

بعد ساركوزي اقتربت السياسة الفرنسية كثيرا من التصور الصهيوني العالمي لكنها لم تصل إلى درجة التماهي بسبب وجود تيارات قوية في فرنسا تقاوم مثل هذا الاتجاه. بخصوص ليبيا فالموقف المبالغ في دعمه دون مبرر حقيقي لخدمة مصالح فرنسا يعكس ولاء ساركوزي للصهيونية أكثر منه موقفا فرنسيا خالصا.

إسرائيل
ومع أنها دولة صغيرة الحجم ولا تملك الكثير من الوزن الاستراتيجي الذاتي ووجودها وعدمه لا يؤثر على تركيبية القوى العالمية واقعيا إلا أن وزنها الرئيس ينبع من نفوذ الحركة الصهيونية الكبير على الموقف الأميركي والأوروبي بشكل عام وعلى الروسي بشكل متقلب.

إسرائيل دولة طفيلية لا يمكنها الاستمرار بخلفيتها الفكرية وطبيعتها الطفيلية وتركيبتها العنصرية إلا من خلال توفر حاضنة تضخم دورها الإقليمي من خلال علاقات عضوية وابتزازية مع مراكز القرار الدولي. وهي نجحت كثيرا في ذلك.

وتميل إسرائيل إلى العدوانية والرغبة في التقسيم المستمر والتجزئة للمنطقة العربية ولا تقبل وجود نظام عربي حقيقي ووطني. وهي تعادي كل الحركات المخلصة وتتحالف وتدعم الحركات الموالية لها فقط. وتمارس نفوذها بخيوط خفية عن الجمهور من خلال دراسة المسائل الاستراتيجية وفهمها بشكل عميق والعمل على التأثير عليها من خلال فهم واستغلال توازن القوى ووزنها المحلي والدولي للتأثير بطريقة مركزة.

وبما يتعلق بالموقف الراهن فهي تتحفظ كثيرا على الثورة في مصر. ومع أنها راهنت في البداية على إمكانية احتواء الموقف من خلال بدائل من صلب النظام إلا أن ذلك انتهي فيما يبدو بعد سقوط حكومة شفيق وزوال معالم النظام السابق وهذا يعني لإسرائيل معركة مفصلية. وهي تميل لانتقاد أوباما وتتهمه بإيصال الأمر في مصر لهذه الدرجة الخطيرة.

وعليه هناك فرضية أنها ربما ساعدت وحرضت بريطانيا وفرنسا على تفجير الموقف في ليبيا بهذه المرحلة المبكرة قبل تشكل وتصلب الموقف المصري مراهنة على أن النظام الليبي سيقاوم بما يكفي لانقسام البلاد وتكون حرب أهلية تجعل ليبيا دولة فاشلة وما يحمل ذلك من إرباك وتهديد لمستقبل مصر فوق انه مدخل يحقق استراتيجية الموقف الأميركي الثاني المتعلق بالنفط وتشكيل الشرق الأوسط الجديد كما عمل بوش له على مدى فترة حكمه.

وعلى هذا فالموقف من ليبيا مثل نقطة تحول خطرة في مسار الثورات التي نجحت بطرق سلمية وبأغلبية شعبية كاسحة ضد الأنظمة وموقف معتدل من الجيش. عكس كل هذا تماما ما حصل في ليبيا فعلا.

وتعمل إسرائيل بنفس الوقت على فتح قنوات مع نظام الحكم في ليبيا في فترة "زنقته" بما يسمح لها بالكسب في كلا الاحتمالين. وكما يبدو حتى الآن فاستراتيجية بريطانيا والموقف الأميركي الثاني ما يحرك معادلات ليبيا رغم أن ذلك غير مؤكد الاستمرار لأسباب أهما موقف الجيش الأميركي المتحفظ ونتائج الميدان في ليبيا.

تتمنى إسرائيل ثورة مشابهة في سوريا وإيران ولا تمانع من أخرى في السعودية لكنها لا تراهن كثيرا على حصول ذلك إلا إذا انكفأت الثورة المصرية بسبب قوى الثورة المضادة داخلها والوضع في ليبيا.

قوى ذات وزن واهتمامات استثمارية ونفوذ أقل (روسيا والصين والهند وبعض أوروبا)

هذه الدول لا تميل حاليا لممارسة دور سياسي فعال بحكم عدم الرغبة في مواجهة الهيمنة الاميركية أو بسبب اختراق نسبي لمؤسسات القرار لديها من قبل قوى أخرى.

روسيا:
تنقسم إلى موقفين بشكل عام أحدهما ميال لسياسة روسية مستقلة عن الغرب وواثقة من نفسها وأهم عنوان بوتين والخارجية الروسية والدوما. وتيارات أخرى تميل إلى التماهي مع الموقف الصهيوني بشكل عام وعناوينها غير واضحة مع أن موقف مديفايف يتقاطع مع هذه السياسة في كثير من الأحيان. من الصعب التنبؤ بالموقف الروسي مع الميل لتحفظه على توسيع التدخل الدولي في المنطقة.

بالنسبة لمصر أبدت بعض الدوائر درجة من التحفظ على التغيير ولم يكن واضحا هل هو صدى لقلق إسرائيل أم غير ذلك. بالنسبة إلى ليبيا يبدو أن الموقف الروسي الأول ما يسود حتى الآن رغم انه غير مضمون بسبب احتمالات إغراءات غربية ذات وزن.

الصين والهند
الموقف الصيني ليس مركزيا مع أن لدى الصين الكثير من المصالح وهي بالتأكيد لا ترغب في رؤية ليبيا تقع في براثن الغرب لكن كالعادة لن تبادر الصين لأكثر من اعتراضات وسيكون مفاجأة إن استخدمت الفيتو. نفس الأمر يتعلق بالهند.

أسبانيا
أسبانيا لا تملك تأثيرا كبيرا على السياسية الدولية وهي بمعظم القضايا اقرب للموقف العالمي المتوسط بما عدا بعض القضايا المتعلقة بالمغرب وموريتانيا والصحراء.

ألمانيا وايطاليا
تحاول التأقلم مع واقع العالم ولديها اهتمامات كبيرة بالاستثمار. ومع أن ميركيل أميل للسياسات الموالية للصهيونية إلا أن موقف ألمانيا العام لا يميل لأي دور عسكري بسبب اعتمادها المباشر على النفط الليبي ونفس الأمر يتعلق بايطاليا لكنهما في النهاية تابعان للموقف الذي تتخذه أميركا وبريطانيا وفرنسا.

قوى ذات قيمة أخلاقية ولديها اهتمامات مشابهة للتحرر من الاستعمار

أميركا اللاتينية
وهي دول ذات طبيعة قريبة للعرب من ناحية الإرث الاستعماري وطبيعة الشعب المختلطة من العنصر الأوروبي والأصلي والأسود. وهي حركات تتعامل بشكل كبير من الشك تجاه الشمال ولديها الاستعداد للتعامل مع العرب من منظور المساواة الإتسانية وتعتبر الجماهير العربية حليفا طبيعيا لها. وهذه القوى تميل لدعم أي تغيير جماهيري يعارض الهيمنة الأوروبية وليس لديه ود أو نفوذ إسرائيلي كبير. وعلى هذا الأساس ليس مفاجئا تحفظ كاسترو وتشافيز وبدرجة أقل البرازيل على التصعيد ضد ليبيا.

قوى مؤثرة بحكم الجغرافيا أو التاريخ المشترك (الدول العربية وتركيا وإيران وأفريقيا)

الدول العربية:
ليس هناك موقف واحد يجمع الدول العربية بل هناك انقسام حاد فعلا ربما لا نرى شدته الحقيقية بسبب تقاطعات ومخاوف عربية كبيرة. وقد تميز الموقف العربي بالتحفظ من الثورتين المصرية والتونسية وبانقسام ملكي ضد ليبيا واليمن وجمهوري بعكس ذلك. طبعا من الصعب توقع موقف مصري قوي في هذه المرحلة الحرجة لكن من الواضح أن دول الخليج تميل للتخلص من القذافي وتدعم اليمن بدرجة قليلة وتقاتل مع البحرين. أما سوريا والجزائر فتميل للتحفظ على الموقف ضد ليبيا وللحياد في اليمن والبحرين.

ورغم أن الموقف العربي مائع إلا أن قيمته تنبع من خدمته لتمرير مواقف دولية أخرى وهذا ما حصل مع حالة قرار الجامعة العربية الذي طالب مجلس الأمن الدولي بفرض حظر الطيران فوق ليبيا. وهو موقف هزيل وضعيف وغير قانوني في الحقيقة وقيمته الوحيدة ربما التجاوب مع فرنسا وبريطانيا وجزئيا أميركا أكثر منه موقفا ذاتيا.

تركيا وإيران
ومع أن هذه القوى تحمل إرثا سلبيا نسبيا تجاه العرب كل لأسبابه ( تركيا بحكم العلاقة زمن الدولة العثمانية والسلبية الاتاتوركية تجاه العرب والمسلمين بشكل عام- وإيران بسبب البعد القومي والطائفي) إلا أن هناك تيارات حقيقية في كلا الدولتين تؤمن بضرورة تنسيق الجهد ضمن دائرة الإسلام الموسع وإقليم الشرق المتوسط لحماية المنطقة وتحريرها من الهيمنة الغربية ولحصار دور إسرائيل التخريبي.

وبحكم قرب تركيا الاستراتيجي من مؤسسات الغرب الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي وإسلامها السني المعتدل فهي أكثر واقعية ودقة في دعمها للتغيير وفي التمييز وفهم الفروق بين الثورات العربية. وبشكل عام يعبر موفقها بشكل جيد عن المصلحة الإقليمية والإسلامية للمنطقة. وهذا يفسر حماسها للثورة المصرية ودعمها للتونسية وتحفظها على الليبية واليمنية. مما يعكس فهما عميقا للدوافع لكل حالة أفضل بكثير من الفهم العربي الجمعي العقيم.

أما إيران فلديها مقاييس تختلف نسبيا وهي تعتبر إسرائيل والولايات المتحدة خصمان متطابقان لا يمكن التفريق بينهما وتميل لدعم أنظمة أقرب لها عقائديا أو طائفيا ولا تقرأ التفاوت بين الحالات كما تركيا. وهي تميل بالمحصلة إلى دعم تغيير إقليمي غير موالي للغرب. لكن تقييمها التفصيلي للأمور يتأثر بمواقفها القومية أو الطائفية ( دعم الثورات في البحرين وليبيا والحوثيين).

أفريقيا
أفريقيا فقيرة وللعرب نفوذ كبير فيها على مدى التاريخ. والأنظمة العربية غير الموالية للغرب تجد عادة حلفاء في أفريقيا ومع أن كثيرا من الأنظمة الأفريقية أسوأ من الأنظمة العربية إلا أن هناك رأيا عاما أفريقيا يميل للتناغم مع سياسية عربية مستقلة عن الغرب. ثورة مصر وتوجهاتها تميل إلى ترسيخ هذا الدور مع أن التغيير في ليبيا يصنع العكس. وعليه نرى قبولا للتغيير في مصر وتونس وتحفظا كبيرا من التدخل الدولي في ليبيا. من المستبعد رغم ذلك تطور موقف صلب للاتحاد الأفريقي يصنع فرقا جوهريا.

ثانيا: المؤثرات والعوامل الداخلية
ندرس هنا حالات الشعوب والأنظمة العربية المختلفة من ناحية التناغم الشعبي والوحدة الوطنية والموقف من النظام في كل حالة. وقد تطرقنا لذلك ضمن الجزء الأول وسنحاول هنا ذكر العوامل دون تفصيل إلا في حالة ليبيا لما لها من أهمية.

1- جماهير متجانسة وأنظمة بشريحة فوقية رقيقة
وهي دول تتميز بالتناغم الشعبي الطبيعي وبأنظمة حكم منعزلة نسبيا عن الشعب لأسباب أهمها سياسية واقتصادية ولديها فقر منتشر وليس هناك انتشار عمودي عميق للنظام يقوم على بنى طائفية أو عرقية قوية تسمح له بالركون إليها. وعليه فهي أسهل النماذج لنجاح الثورات شريطة توفر حد أدنى من الحياد الخارجي أو الدعم المعنوي.

مصر
تمثل حالة شبه مثالية من تجانس شعبي وانقسام طبقي حاد ووحدة ثقافية وعزلة للنظام القائم لأسباب داخلية أو خارجية بحكم مهادنة النظام لأميركا وخدمته للدور الإسرائيلي. وتطورت الثورة بشكل شبه مثالي وقد درسنا ذلك سابقا.

وعليه أتوقع أن تستمر الثورة بشكل ايجابي وتصل إلى مرحلة من الاعتداد والانفصال عن الموقف الإسرائيلي خلال فترة عامين. لكن ذلك سيعتمد على نوعية التغيير في المناطق الأخرى. وأهم تهديد لمستقبل الثورة المصرية يكمن خطر انقسام ليبيا أو تحولها لدولة فاشلة.

تونس
تشبه مصر إلى حد كبير وتختلف في الوزن الإقليمي فقط. وتميل تونس للقيام بدور ايجابي لكنه سيكون أقل بروزا من الموقف المصري مع بقاء تأثير كبير لفرنسا.

المغرب
المغرب دولة مؤهلة لحالة شبيه بمصر من الناحية الداخلية. فهناك طبقة حاكمة غير سميكة وهناك نفوذ استعماري كبير على النظام. الفرق الرئيس عن مصر وتونس هو عدم توفر حاضنة غربية تقبل التغيير.

2- جماهير غير متجانسة اثنيا أو طائفيا وأنظمة منتشرة عموديا وأفقيا:
وبحكم عدم تجانس الجماهير من السهل الوقوع بخطأ التقدير بأن المعارضة واسعة والنظام معزول. درجة التجانس تتفاوت بين هذه الدول فاليمن هي الأقرب للتجانس لكن هناك فروقا جغرافية وطائفية تمنع اعتباره من المجموعة الثالثة. أنظمة هذه المجموعة أقدر على البقاء ومن الصعب نجاح ثوراتها الشعبية إلا بتدخل خارجي أو انقلابات عسكرية.

ليبيا:
حالة ليبيا خطيرة وتهدد مستقبل مجمل الحركات العربية وخاصة مصر وتونس. وعند الأخذ بالاعتبار تركيبتها القبلية وضعف المجتمع المدني بالمعنى التقليدي ولأن معظم عوامل القوة بيد النظام من المفاجئ ظهور حركة مستمرة. لا شك أن هناك معارضة قوية للنظام ومن الأفضل الاعتراف بذلك. وقد تبين أن كثيرا من أركان النظام لا توالي القذافي بما يكفي.

بالمقابل لا يبدو أن ما يذاع من سيطرة الثوار على البلاد وشعبيتهم دقيق أو محسوم. وليس من الواضح أيضا أن العنف الذي يحصل من قبل قوات النظام يختلف عن العنف الذي تقوم به قوات الثوار. ربما ما ينتجه النظام أكثر بحكم تفوق أسلحته لكن كلاهما يمارس العنف أينما يعتقد ذلك مناسبا. لقد فقدت حركة التغيير في ليبيا مبكرا طابعها السلمي والشعبي وتورطت بحرب عصابات تعطي النظام مهما تم وصفه بالقسوة أو الدكتاتورية الحق حسب القانون الدولي الدفاع عن نفسه وعن وحدة البلاد الجغرافية.

يبدو أن هناك مؤثرات جغرافية رئيسة وتأثير للنظام الملكي السابق والمعارضة المتمركزة في أوروبا على مجمل مقومات الثورة. ومع أن القذافي حاول اختصار مجمل الأمر بتحريض القاعدة وثورة المهلوسين إلا أن ذلك غير كاف لأن القاعدة غير بارزة رغم تأييدها. فالإخوان المسلمون وإيران وحزب الله أيدوا أيضا بل إن معظم القوى الإقليمية أيدت الثورة عليه.

في نفس الوقت فهو لا يجد الكثير من الأصدقاء في الغرب بل إن إسرائيل لا تخفي شماتتها باحتمال سقوطه. وهذا يعني أن بقاءه ليس مرتبا بدعم الغرب وإسرائيل بل بالرغم عنه. الحقيقة أنه يمثل حالة فريدة تليق به فهو الوحيد الذي تتفق ضده كل من إيران وحزب الله والإخوان المسلمون والقاعدة وبريطانيا وفرنسا واسرئيل بشكل غير قابل للشك. طبعا لكل أسبابه لكن هذا يعني أيضا أن المسألة ملغومة وخطرة.

ومع أن القذافي قد حصر نفسه كثيرا في السنوات العشر الماضية وسمح لهيمنة أبنائه على مقاليد الحكم بحيث تحول الحكم إلى عائلي أيضا. ورغم أن وسائل القذافي في التعبير ونظرياته في الحكم والإدارة تبدو غريبة عن العرف العام في العمل السياسي أو حتى الثوري إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة انتشار النظام بشكل عمودي وأفقي ضمن مساحات جغرافية هامة بغرب ليبيا والصحراء.

الخوف طبعا أن ينتهي الأمر بانقسام البلاد لفترة قد تطول. فعند الأخذ بالاعتبار تعدد مواقف القذافي التاريخية من قضايا كثيرة في العالم ليس من السهل توقع توفر دعم للمعارضة يحقق حسما شعبيا أو عسكريا بما يضمن الوحدة الوطنية والجغرافية. بل هناك أصدقاء له من أميركا اللاتينية وأفريقيا وبعض الدول العربية. وهناك تحفظات كبيرة من قبل روسيا والصين على تصعيد وتدخل خارجي. وحيث أن ليبيا قطعت في السنوات الأخيرة شوطا من العلاقات الاستراتيجية مع أوروبا وتحديدا ايطاليا ربما يفسر هذا التردد الأميركي في حسم الموقف.

من الواضح أن القذافي يمتلك دعما ضمن الجيش والقبائل والتمويل والعتاد يسمح له حسم المعركة لصالحه. ويبدو أن مصير ثورة ليبيا أصبح مرهونا بدعم غربي يتجاوز حتى الحظر الجوي الذي تطالب به قوى المعارضة. من الصعب قبول استعانة الثوار بالدعم الغربي لإسقاط نظام تتهمه بالارتباط بالغرب والدكتاتورية معا.

نجحت مصر في المعركة لأن أقصى ما طلبته من العالم كان عدم التدخل. أما في ليبيا فمنذ أول يوم طالبت قوى المعارضة بالدعم الدولي وتريدها حربا وليس ثورة شعبية سلمية ترسخ مدى الدعم الجماهيري لها مما يؤهل شرعيتها. من الصعب قبول التبرير أن القذافي دموي ولا يسمح للمظاهرات وللشعب التعبير عن نفسه رغم إمكانية صحة ذلك. لأن قدرته تعكس حقيقة أن النظام مدعوم من قطاعات كافية من الجيش والشعب للوقوف ضد قوى الثورة المسلحة والمدعومة دوليا بشكل غير مسبوق. المعارضة في ليبيا تعتبر مدللة مقارنة بالثورات الشعبية.

يبدو أن فرص نجاح ثورة ليبيا قليلة لأسباب كثيرة أهمها عدم وضوح أهدافها وجهات دعمها واختيارها المبكر لوسائل استخدام القوة. وبروزها من موقع جغرافي بدلا من مواقع متعددة يرسخ فكرة الانقسام. وبسبب سهولة اتهامها بالارتباط بالغرب لأنها فعلا كذلك. ولن يكفي دعم الجزيرة أو إيران أو حزب الله أو الأخوان المسلمون أو حتى جامعة الدول العربية لأنها مؤثرات محدودة بما يخص الميزان العسكري.

حسم الأمر بعكس المتوقع أعلاه يتطلب تنفيذ سيناريو شبيه بإسقاط النظام العراقي بالتدخل المباشر من قوى استعمارية وهذا أسوأ ما يمكن حدوثه وليس فيه ما يعتز به. فوق هذا فهو مسار مستبعد بسبب التحفظ الأميركي العسكري.

التصعيد في ليبيا لا يحمل مواصفات ثورة شعبية بمقدار ما يحمل صيغة التدخل الدولي بغرض إحباط الثورة المصرية بمرحلة مبكرة فوق أهداف أخرى. فلو سقط النظام فرضا بعد معارك دموية وتدخل أجنبي فسوف ينعكس ذك بشكل قاتل على آمال وطموحات قوى الثورة الفتية في مصر ويدفعها نحو مسار محافظ ومنغلق عن الأمة العربية والإقليم. وإذا صمد النظام بعد تعميق الجرح ضده وعرض الكراهية المخيف من قبل الأنظمة والقوى الثورية وغير الثورية في المنطقة ستكون ردة الفعل سلبية تجاه كثير من المفاهيم. هناك خطر أن تستطيع القوى الغربية ابتزازه بمحنة من هذا النوع في صراع البقاء إذا لم تبادر القوى الإقليمية والحكيمة بتدارك ذلك.

فشل الثورة دون تدارك المخاطر سيلقي ظلالا سوداء على مستقبل التغيير رغم انه كان من الممكن تجنيد ليبيا ضمن هذا المعركة لو تم التعامل معها بشكل أكثر حكمة.

السودان:
يبدو أن السودانيين قد وصلوا لحالة قبول عامة لانفصال الجنوب رغم الصدمة. لكن هذا يحمل في طياته أيضا حرصا غير عادي من الشمال لعدم التورط في صراع داخلي يمكن أن يسرع انفصال دارفور. وعليه لا أتوقع قيام ثورات شعبية لأن تركيبة السودان لا تحتمل ولا تسمح بإجماع شعبي ضد النظام وستبقى له قوى تدافع عنه.

سيكون هناك تأثير استراتيجي لنتائج الثورة المصرية على السودان. فإن حسمت باتجاه المبادئ الناصرية (القومية والعدالة الاجتماعية) بمظهر وإخراج ديموقراطي وحر (وهذا أقصى المتوقع من الثورة المصرية لكنه ممكن) فسوف تكسب السودان كثيرا وسيتم الوصول إلى صيغة تحقق أمن مصر المائي وأمن ووحدة السودان رغم الانفصال. فمصر واثقة من نفسها في أفريقيا سوف تهزم معظم مشاريع إسرائيل للحصار ضمن دول حوض النيل. وعند ذلك لن تجد دولة جنوب السودان الناشئة دافعا لتكون معادية للسودان أو مصر وستكون خسائر الانفصال بالحد الأدنى.

لبنان:
من الواضح أنها استطاعت الصمود ضد المشروع الأميركي والإسرائيلي أيام قمة الهيمنة الأميركية في المنطقة. ولا شك أن قوى المقاومة تسود في لبنان بشكل عام. وعليه لا أرى انقساما ممكنا أكثر مما حصل سابقا بل ربما تكون هناك تفاهمات أفضل من أي وقت مضى. من المتوقع خفوت نجم الحريري وحلفه بسرعة وعلى السنة في لبنان العمل على التأقلم مع ذلك مع الاعتبار أن ضعف الحريري لا يعني ضعف السنة. فتاريخيا كان السنة من قاد المعركة القومية والمقاومة وعليهم العودة لذلك الخندق. وهذا ممكن لهم الآن بتكاليف أقل من أي وقت مضى.

البحرين:
التعبير الطائفي موجود وقائم مهما حاولت القوى التمسك بشعار الوحدة الوطنية في المطالبة بالتغيير. من الصعب تصور تطور الأمر إلى درجة تهديد النظام القائم أساسا على الملكية وهيمنة السنة على مؤسسات الحكم مع بقاء الكثير من الثروة مع الشيعة. وهناك عوامل خارجية مؤثرة استراتيجيا تؤثر على إرادة العمل الداخلي. وتشمل هذه العوامل الولايات المتحدة ودول الخليج وإيران. من السهل الاستعانة بدول مجلس التعاون لتصفية أي تهديد حقيقي للنظام لذلك لا أرى إمكانية نجاح ثورة شعبية وفي أفضل الأحوال يمكن تطور النظام ليشبه الحال في الأردن.

اليمن:
اليمن تاريخيا يمثل مجتمعا متجانسا. فليس هناك فرق كبير بين الجنوب والشمال وقد حصل ذلك صناعيا بسبب تطور التاريخ الحديث لهما بمسارين مختلفين. أما الحوثيون فيمثلون أقلية صغيرة لا تكفي لوصف البلد بعدم التجانس. رغم هذا علينا اعتبار اليمن غير متجانسة ضمن التركيبة القائمة وخاصة عند الأخذ بالتركيبة القبلية.

مبدأيا من المستبعد تطور الأمر إلى درجة إسقاط النظام لأسباب هامة ليس أقلها الخوف من تقسيم اليمن وصعوبة توفر وحدة وطنية شاملة تشبه الحالة المصرية أو التونسية تتفق ضد النظام.

فالحوثيون والحراك الجنوبي لا يملكون أغلبية وبسبب نزعتهم الانفصالية أو الانعزالية من الصعب توقع تجنيد قوى رئيسة أو دعم جماهيري شامل من أبناء اليمن الشمالي السنة مع الأخذ بالاعتبار حجم قبيلة الرئيس علي عبد الله صالح ونفوذها.

ورغم الكثير من التحفظات الشعبية من أبناء اليمن الشمالي على تحول النظام إلى شبه عائلي وتأثيرات الحرب ضد تنظيم القاعدة السني الحضن على موقف الرئيس صالح سلبيا في بعض الأحيان بسبب تداخل ذلك مع العلاقة الاميركية باليمن وسيادته فإن الإصلاح بمواصفات المجتمع اليمني ممكن دون ضرورة الدخول بمعركة إسقاط النظام لأن تلك المعركة لن تنجح أولا ولأن هناك مخاطر تحقيق انقسام البلاد فقط.

لكن هذا يعني أيضا أن على الرئيس صالح العمل كثيرا من أجل إرضاء أبناء الشمال أولا وامتصاص نقمة الجنوب ثانيا وإيجاد صيغة تفاهم مع الحوثيين بالإضافة إلى إيجاد مخرج ديموقراطي. سيكون من الخطيئة التمسك بطريقة الحكم القديمة باعتبار أن البلاد لا تقبل التوحد ضده.

هناك تزايد مستمر في عدد قبائل الشمال الناقمة. وهذه ليست أخبار طيبة للرئيس صالح أو لليمن لأن مشاركة قطاع كبير من الشمال ضد النظام دون تخلى الجيش أو قبيلته عنه يعني الوقوع بحرب أهلية. الوضع في اليمن خطير ومن المفضل للجميع تقبل مبادرة الرئيس صالح بدلا من الإصرار على إسقاط النظام الآن. فاليمن ليست مصر والجيش اليمني ليس الجيش المصري. لكن تزايد المنشقين من الشمال يعني أيضا أن معالجة الرئيس صالح ليست كما يجب.

الأردن
يعتبر الأردن متجانسا من الناحية الشعبية أو المذهبية إلا أن التقسيم القسري بسبب إسرائيل ونفوذها واستغلال وصنع فرق بين الشرق أردني والفلسطيني خلق حالة ليست أصيلة لوضع غير منسجم شعبيا مهما حاولنا إنكار ذلك رغم وجود قوى كثيرة وطنية لا تفرق.

تحرك المعارضة سوف يستمر بالمطالبة بتعميق الملكية الدستورية لكن دون تحولات دراماتيكية رغم أن الحركة الأردنية ربما تكون أكثر الحركات جذرية وتقدمية في مطالبها. والسبب أن ظروف الأردن الجيوسياسية والديموغرافية لن تسمح بأكثر من درجة معينة من التغيير تبقيه ضمن المعادلات القائمة. سوف يعتمد هذا إلى درجة كبيرة على محصلة ونتيجة التغيير في مصر.

جماهير متجانسة وأنظمة منتشرة عموديا وأفقيا

سوريا
سوريا متجانسة بشكل عام رغم الطرح بأن النظام طائفي. وحتى لو صدق ذلك فهو لن يغير الأمر كثيرا لأن الطائفة العلوية صغيرة جدا بحيث لا تكفي لإبقاء النظام وعليه يبقى وصف المجتمع بالمتجانس صحيحا لأنه لا يمكن استمرار النظام دون الانتشار العمودي والأفقي بما يغطي جزءا هاما من شرائح المجتمع. الأكراد لا يمثلون وصفة تصلح للتقسيم أيضا.

من الصعب توقع قيام حركة تغيير رئيسة في سوريا رغم بعض التحفظ السني على النظام ورغم أن الولايات المتحدة لا تحفظ ودا للنظام السوري وربما تتمنى تغييره. من الأسباب أن بقاء النظام السوري لا يعتمد كثيرا على دعم الولايات المتحدة ولم يصل الأمر بالنظام إلى درجة الانفصام مع الشعب كحالة مصر. وليست السياسة السورية متعثرة ومتخبطة كما حالة ليبيا. لكن ذلك غير مضمون ومن الأفضل عدم الركون إليه فقد كانت الحركة في ليبيا مفاجئة.

أهم عوامل قوة النظام السوري (مع أنها سبب العداء الغربي الرئيس له) تبقى تبنيه لخط المقاومة ودعم إيران وتركيا وقوى لبنانية رئيسة. لكن أهم ضمانة للموقف السوري واستقراره تتطلب مزيدا من الانفتاح على الشعب والعمل على محو الانطباع بارتباط النظام بأي بعد طائفي.

الجزائر
تركيبة الجزائر متجانسة بشكل عام رغم وجود الأمازيغ والانقسام الرئيس تاريخيا كان سياسيا بين قوى الإسلام السياسي والحكومة ومثلت صراع قوى بين الولايات المتحدة وفرنسا. وعليه يبقى تقييم الجزائر بكيان متجانس قائما. لن تنجر الجزائر إلى صراع رئيس لأنها ببساطة جربت ذلك على مدى 20 عاما ولأن نظام الرئيس بوتفليقة يقوم على حد أدنى من الشرعية الانتخابية والتجاوب مع المطالب الشعبية بشكل متسارع ومن ذلك رفع حالة الطوارئ.

جماهير تحت الاحتلال وأنظمة مقسمة

العراق
العراق محتلة ومقسمة طائفيا وعرقيا وهذا يعني أن دور الجماهير محدود. ورغم أن هناك الكثير من المبررات لمحاولة التغيير الشعبي إلا أن ذلك يبقى متأثرا بمواقف إيران والولايات المتحدة. ورغم أن الولايات المتحدة ربما ترغب بتغيير يبعد العراق عن نفوذ إيران إلا أن النفوذ الإيراني مستمر. وقد كان مفاجأة أن يفتي الخامنئي بعدم جواز المظاهرات في العراق كما ورد في بعض الأخبار.

فلسطين
فلسطين متجانسة شعبيا رغم الاحتلال ورغم كل التقسيم التاريخي والفصل القسري للشعب على مدة 60 عاما بقيت الهوية الفلسطينية ظاهرة وقوية. وهناك أسباب كثيرة لذلك فالشعب متجانس فعلا والاحتلال وتهديد البقاء جعله أكثر التصاقا. واللعب على وتر الشرق أردني وفلسطيني رغم هدفه الأصل المشبوه لإبقاء الطرفين ضمن حالة انعدام وزن إلا انه أيضا خلق دون قصد تمسكا فلسطينيا أكثر بهويتهم رغم أن كل الأمر لم يكن ضروريا أصلا. فوحدة الأردن وفلسطين تاريخيا قائمة من الناحية الشعبية والتماثل بين شمال الأردن وفلسطين أقوى منه بين شمال وجنوب أي من القطرين. كل المسألة مصطنعة ومن السهل تجاوزها.

المسألة الأخرى الجديدة هي الانقسام السياسي بين حماس وفتح والفصل القسري وتطابق ذلك على غزة الضفة مما أظهر أن هناك انقساما حقيقيا. ورغم معرفة الجميع أن غزة ليست حكرا لحماس ولا الضفة طابو لفتح إلا أن الميل يستمر في تجذير ذلك. الفترة الزمنية قصيرة طبعا ويمكن تجاوز ذلك إذا توفرت إرادة شعبية أو تنظيمية بالحد الأدنى لكن ذلك سوف سيعتمد كثيرا على تطور الثورة في مصر.

كل العوامل تتشابك في الحالة الفلسطينية. فإرادة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وخياراته محدودة والشعب متردد كثيرا في حسم أموره بعد سنوات عجاف من الانقسام والتشرذم.

سيعتمد مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية كثيرا على نتائج الثورة المصرية وهذا يشمل إنهاء الانقسام وتغيير توجهات فتح وإعادة رسم خارطة القوى السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج. من الخطأ طبعا انتظار الفلسطينيين حتى تظهر معالم الموقف المصري لأن بإمكان القوى الشريفة والوطنية بدء العمل لتحقيق أقل حد من الاتفاق دون الدخول في تفاصيل طويلة أو الخوف من متطلبات كبيرة.

وأقل هذه المتطلبات إعلان قبول الإعداد لانتخابات مجلس وطني لكل الشعب في الداخل والخارج يكون مصدر الشرعية للجميع ويتم أينما أمكن من كل مناطق تواجد الشعب الفلسطيني. والاتفاق على صيغة حكم انتقالي مشترك دون الدخول بالقضايا الخلافية لتسيير أمور الضفة وغزة. وعدم استثمار الكثير من الجهد في مسيرة المفاوضات فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستحق منها إغضاب إسرائيل ولو بقرصة أذن.

وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة فقدت اهتمامها بالعملية السياسية وإنما فقط أنها لا تعتقد بصلاحية النمط السابق أن يؤدي إلى شيء. وربما تراهن على التغييرات الإقليمية لوضع شروط جديدة. وهذا يعني أن تركيبة الشعب الفلسطيني السياسية الحالية لا تستطيع تحمل الواقع الجديد وعليها التغير.

جماهير محدودة التأثير وأنظمة مرتبطة عضويا بالغرب

دول الخليج
ومثل هذه الأنظمة تختلف كثيرا عن بقية العرب فهي في معظمها دول قليلة السكان ما عدا العربية السعودية فليس هناك إمكانية لاعتبار الأعداد كافية لوصف حالات شعبية تسمح ببلورة مواقف سياسية ذلت وزن جماهيري. وحتى السعودية فسعتها الجغرافية وتركيبتها القبلية تجعل من الصعب تصور دور جماهيري ذا وزن وخاصة أن النظام الذي قامت عليه ملكي ولم يكن للجماهير دورا ذا قيمة. ورغم أن هناك فروقا عميقة بين مختلف مركبات المجتمع السعودي (نجد والغرب والخليج) إلا أن عدم وجود تجربة عمل جماهيري يجعل توقع الثورة شبه مستحيل.

من الصعب ظهور حركات احتجاج في قطر والإمارات وربما يحصل بعض الحراك في عمان أو الكويت لكن ضمن حدود كبيرة. من الصعب توقع تحرك في هذه الدول دون دعم صريح من الولايات المتحدة أو بريطانيا. وليس هناك مؤشرات لتحرك شعبي رغم أن الولايات المتحدة ربما تضغط على الأنظمة لتحسين وضعها بخصوص الحكم وتناوب السلطات.

ثالثا: خلاصة:


1- تعتبر الثورة في مصر أهم متغير لصالح المنطقة ومن المهم دعمها شعبيا لتبقى وطنية الهوى ومساعدتها في التحرر من نفوذ إسرائيل والغرب بأقل تضحيات لأن ثورة مصر تحتاج وقتا ليشتد عودها.


2- ثورة ليبيا غير موفقة الأهداف أو المحركين أو الوسائل وتمت ضمن بئية لا تؤهلها للنجاح وتحمل في طياتها مخاطر على مستقبل ثورة مصر. وعليه من الضروري معالجة الأمر بالحوار الوطني والسرعة العربية في العمل على تخفيف ردة فعل النظام الليبي الذي يبدو انه سوف يستمر والاستعانة بتاريخ القذافي القومي والإفريقي ليبقى نظاما وطنيا وعدم دفعه للاحتماء بالغرب أو إسرائيل كما تريد له تلك القوى.


3- من المهم تخفيف حدة الصراع في اليمن وإيجاد صيغة تعايش. ومن الخطأ دفع النظام لاستخدام العنف لأنه يمتلك ذلك أو محاولة تقليد ما حصل في مصر لأنها لن تتكرر.


4- ليس واقعيا الاعتماد على تغيير جماهيري في الخليج ولن يتجاوز التغيير إصلاحات تطلبها أميركا. لكن نجاح مصر سوف يجبر دول الخليج على التأقلم مع الوضع الجديد ويحقق إنجازات أكثر من محاولة إسقاط الأنظمة على المدى القصير.


5- من المفيد الاستفادة من فهم سوريا والجزائر وتركيا للمعادلة الدولية ومن المهم توفر صيغة تنسق بينها لأنها الأكثر قدرة على التعامل مع المواقف الدولية.


6- من المهم فهم التغييرات التي تحصل في الفهم الأميركي ودرجة التمايز بين الموقفين الداخليين في أميركا وانعكاس ذلك على السياسة الخارجية.


 لكن هذا الموقف المتردد لن يطول كثيرا فإذا نجح الجمهوريون ستتوقف مسيرة دعم التغيير على طريقة مصر.

 بالمقابل إذا نجحت الثورة قبل تراجع التفهم الأميركي فسوف يساعد ذلك في استمرار سياسة اميركية أقل عدوانية في المنطقة. نجاح ثورة مصر وترسيخها خلال السنوات القادمة يعتبر أهم عامل لبناء نظام عربي أفضل. والسماح باستمرار فوضى بعض الثورات دون نتائج سيضعف الحركات الايجابية بشكل كبير وربما يؤدي إلى السقوط في هاوية الشرق الوسط الذي أراده بوش.

7- أوروبا متناقضة ولا تستطيع إنجاز الكثير والاعتماد على موقف أوروبي مفيد ومنفصل عن الموقف الأميركي غير محتمل.

8- من المهم العمل من قبل الدول الحكيمة في العرب والإقليم على كسب روسيا والصين والهند فهذه قوى كبيرة وواعدة.

الكاتب :- بروفسور سلمان محمد سلمان أستاذ الفيزياء النووية والطاقة العالية