السبت، 18 يونيو 2011

حكومة ميقاتي: جماعة من الإرهابيين والمطلوبين للـ..

السياسة الكويتية 16-رجب-1432هـ / 18-يونيو-2011م

حكومة ميقاتي: جماعة من الإرهابيين والمطلوبين للعدالة والمرتزقة

تشكلت حكومة المطلوبين والقتلة والمجرمين والمرتزقة في لبنان المحتل بعد أن أعطى الرئيس السوري بشار الأسد الضوء الأخضر للخانعين والطرواديين والطبول والصنوج اللبنانيين العاملين بإمرة مخابراته، وذلك عقب زيارة الخنوع والذل الأخيرة التي قام بها وليد جنبلاط لسورية حيث التقى الأسد وعاد ومعه الخبر اليقين الفرماني.

الحكومة التي أعلنها ميقاتي من قصر بعبدا ووقع ميشال سليمان مراسيمها هي قلباً وقالباً وبالكامل حكومة إيران وسورية، وكل من سمي فيها وزيراً كان ولا يزال وسوف يبقى أداة طيعة ورخيصة بيد قادة ومخابرات ومطابخ دولتي محور الشر.

محزن ومؤسف أن يصل موطن جبران وهنيبعل وقدموس وبشير والرسالة والـ 7000 سنة حضارة وتاريخ إلى هذا الدرك من الانحطاط على كافة المستويات، وعار أن تحٌكم وطن الحرف عصابات وجماعة إرهاب وطرواديين تحت مسمى مسؤولين وفنيين. أما خنوع النظام واستسلامه كلياً للإرادة السورية - الإيرانية فهو لم يكن مفاجئاً لمن يعرفون طينة النظام وخامته والطرق المذلة والانتهازية.

براحة ضمير نقول إن ميشال سليمان هو نسخة منقحة عن اميل لحود، وها هو يُسقط القناع عن وجهه الذي حاول من دون نتيجة أن يتلطى خلفه خلال الثلاثة سنوات الماضية. مسكين "من بعد ما قد وهد"، أعطوه فقط ناظم الخوري وزيراً وهو المعروف بارتباطاته الوثيقة بالنظام السوري وسمحوا لميشال عون المرتد عن مارونيته ولبنانيته أن يلغي دوره ويهمشه.

أما نجيب ميقاتي فحدث ولا حرج لأن الرجل معروف بتاريخه وخلفيته اللتين يدوران في فلك عائلة بشار الأسد التي اختارته لينفذ أوامرها في لبنان، وهو بالتأكيد سيكون طيعاً ومطيعاً "وشاطرا" كما دائما ولن يخالف لهم أي أمر في حال تمكن من ذلك. وفي حال أمثاله يقول المثل، "الشوك لا يثمر عنباً".

المهووسون والعمي بصراً وبصيرة من أتباع ميشال عون الساقط في كل تجارب إبليس أعلنوا النصر المبين ويتوهمون في عقولهم المريضة أنهم عزلوا كل الأطياف المارونية والمسيحية الأخرى وخصوصاً ميشال سليمان والقوات اللبنانية والكتائب والمسيحيين في 14 آذار ومعهم بكركي بكردينالها صفير وبطريركها الراعي، فيما الواقع المعاش والمر والمخزي يقول إنهم أتباع ومرتزقة لأسيادهم في سورية وإيران وهم حقيقة لا يمثلون لا الموارنة ولا المسيحيين لا من قريب ولا من بعيد ولا حتى يشبهونهم في شيء لأنهم تخلوا عن كل مقومات الوطنية.

يبقى أن رغم كل الضجيج الإعلامي والمسرحيات الهزلية المملة وحفلات التزوير التي يتحفنا بها ميشال عون كل يوم ثلاثاء، ورغم الأوهام وعنتريات هذا الساقط المقززة من دويلة حزب الله في الجنوب حيث أعلن من هناك وإلى جانبه محمد رعد أنه سيلوي ذراع المخابرات الأميركية بعد أن فعل الأمر نفسه مع الإسرائيلي، وخلافاً لكل توقعات المرتزقة وقيادات دولتي محور الشر، سورية وإيران، فإن حكومة المطلوبين التي أعلنت لن تتمكن من حكم لبنان ولن تتمكن من تغيير وجهه الحضاري والسيادي والإنساني وهي لا محالة محكومة بالسقوط والفشل خلال فترة زمنية قصيرة جداً.

ما غاب ويغيب عن بال السابحين في مياه مستنقعات الأوهام والانتصارات الوهمية أن القرار الظني للمحكمة الدولة آت خلال أسابيع قليلة وهو سيكون كفيلاً بإعادتهم أذلاء وخائبين إلى جحورهم واعتقال كبارهم ونقلهم إلى لاهاي لمحاكمتهم على كل ما اقترفوه من إجرام، في حين أن سقوط النظام السوري أمسى مسألة وقت ليس إلا.

في الخلاصة نشير إلى أن كل مراجع التاريخ والمنطق والعقل والإيمان تقول بأن الشر لم يتمكن في أي وقت من الأوقات من الانتصار على الخير مهما حقق الشر من أرباح آنية لأن الشر هو إبليس والخير هو الله، والله إن كان يُمهل فهو لا يُهمل، فهل من يتعظ من جماعات الشرود والجنون وأحلام اليقظة؟


الكاتب :- إلياس بجاني
*ناشط اغترابي لبناني مقيم في كندا



لماذا يرفضون إدانة سوريا ؟

موقع المسلم 16-رجب-1432هـ / 18-يونيو-2011م

روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.. تلك هي الدول التي تعارض إصدار قرار من الأمم المتحدة لإدانة سوريا بسبب القمع الدامي الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد ضد حركة الاحتجاجات الشعبية الواسعة.

هذه المعارضة، هي ما دعت وزير الخارجية الفرنسي الآن جوبيه أن يعلن الثلاثاء الماضي أن الدول التي أعدت مشروع القرار لن تطرحه على التصويت في مجلس الأمن قبل أن تضمن توافر غالبية كافية لمصلحتها، مشيرا إلى جهود لإقناع تلك الدول بتغيير موقفها. روسيا ترفض بطبيعة الحال بسبب العلاقات الاقتصادية والتاريخية الوثيقة بين البلدين والتعاون العسكري بينهما حيث تعتبر الجيش السوري مشتريا دائما للمنتجات العسكرية الروسية.

كذلك الصين؛ حيث تعتبر هي الأخرى موردا رئيسيا للأسلحة التي يستخدمها الجيش السوري، كما لها العديد من المشاريع الاقتصادية الحيوية في سوريا.

روسيا والصين هددتا باستخدام الفيتو في حال التصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار يدين القمع الدموي في سوريا، رغم أنهما لم يلجآ لهذه الآلية خلال التصويت على إدانة ليبيا وفرض حظر عليها، وذلك رغم معارضتهم لعمليات حلف شمال الأطلسي الناتو التي تستهدف النظام الليبي.

وهذا الرفض الصارم لإدانة سوريا تجسد في مقاطعة روسيا والصين للمحادثات التي جرت نهاية الأسبوع المنصرم في مجلس الأمن الدولي على مستوى الخبراء. تلك المحادثات التي تناولت مشروع قرار الإدانة، وقد قاطعتاه رغم أنهما "كانتا على علم بمحادثات السبت ولكنهما اختارتا عدم المجيء"، بحسب دبلوماسي فضل عدم الكشف عن هويته.

وأملا في الضغط على روسيا والصين من أجل الامتناع عن استخدام الفيتو ضد القرار إذا ما طرح للتصويت، وزعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال قبل أسبوعين مسودة مشروع القرار، ثم أدخلوا عليها تعديلات لـ"إرضاء المزيد من الدول".

وتخشى فرنسا من أن يصبح مجلس الأمن الدولي "شريكا صامتا" في الأزمة السورية، كما وصفه السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار أرو.

البرازيل أيضا متحفظة على مشروع القرار، حسبما قال أرو في مقابلة مع صحيفة "استادو دو ساو باولو". لكن مبرر البرازيل مختلف؛ فهي تتحفظ على القرار بسبب القلق من أن يؤدي التصويت عليه بالموافقة إلى تدخل عسكري دولي كالذي يحدث في ليبيا، حيث فوض مجلس الأمن الدولي حلف الناتو بفرض حظر جوي على البلاد لمنع العقيد الليبي معمر القذافي من استخدام الطيران في قصف الاحتجاجات الشعبية المطالبة بسقوطه. لكن التجربة في ليبيا بدأت تتطور في اتجاه تدخل عسكري وليس فقط فرض حظر جوي، حيث بدأت أطماع الدول الغربية التي تنفذ القرار الأممي تتضح.

وعلى ذلك عدة شواهد، أهمها: الحديث المتكرر عن الحاجة إلى جنود على الأرض لمساعدة الثوار الليبيين في حربهم ضد النظام، واستمرار قصف أماكن حكومية تسفر عن مقتل مدنيين في حين أنه من المؤكد أن القذافي لا يتواجد بها، وكان آخرها استهداف مبنى التلفزيون.

وقال جوبيه مخاطبا الجمعية الوطنية (البرلمان) الفرنسية: "لن نجازف بأن نطرح على التصويت مشروع قرار يدين النظام السوري إلا إذا توصلنا إلى غالبية كافية. لدينا اليوم على الأرجح تسعة أصوات في مجلس الأمن، يبقى علينا أن نقنع جنوب إفريقيا والهند والبرازيل، ونعمل على ذلك يومًا بعد يوم".

وأضاف الوزير الفرنسي: "إذا تحركت الأمور من هذا الجانب، وإذا تمكنا من تأمين أحد عشر صوتًا فعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته. سنطرح مشروع القرار هذا للتصويت وسنرى ما إذا كانت روسيا والصين ستستمران في (موقفهما لجهة استخدام) الفيتو". وبالنسبة إلى فرنسا فإن القمع في سوريا "يثير الاستياء ويستدعي الإدانة"، على حد قول الوزير الذي أضاف أن "الأمور تتدهور من يوم إلى آخر".

وقبل عشرة أيام، اعتبر جوبيه أن مشروع القرار الذي لا يزال قيد البحث في الأمم المتحدة يمكن أن يحصل على أحد عشر صوتًا من أصل خمسة عشر في مجلس الأمن. وبعيد ذلك، أوضح أن طرح المشروع للتصويت هو "مسالة أيام وربما ساعات".

والنموذج الليبي تسبب بشكل واضح في تردد بعض الدول بدعم مشروع القرار لا سيما جنوب إفريقيا. فقد اعتبر الرئيس جاكوب زوما أن حلف شمال الأطلسي تجاوز بشكل واضح تفويضه في ليبيا.

لكن جنوب إفريقيا التي كان من المتوقع أن تتهم الحلف الأطلسي الأربعاء باستهداف الزعيم الليبي معمر القذافي عمدا، انتهى بها الأمر إلى عدم القيام بذلك أمام مجلس الأمن خلال الخطاب الذي ألقته وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية مايت نكوانا ماشابان في جلسة مغلقة.

فقد طالبت بريتوريا (إحدى العواصم الثلاثة الرئيسية لجنوب إفريقيا) مثلها مثل الاتحاد الإفريقي بجهود إضافية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية والثوار كما أعلن دبلوماسيون.

وكان رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، قد وجه انتقادات لاذعة للحملة الجوية التي يقودها الناتو في ليبيا، والتي انطلقت بموجب قرار دولي بهدف أساسي هو حماية المدنيين. لكن زوما رأى أن الحلف الأطلسي أساء استخدام التفويض بمحاولاته تغيير النظام والاغتيالات السياسية والاحتلال العسكري.

ويأتي هذا الرفض لإدانة سوريا بالرغم من مقتل أكثر من 1300 مواطن سوري على أيدي قوات الأمن المتمثلة أساسا في الجيش وقوات الشبيحة والشرطة. إلى جانب اعتقال الآلاف من الأبرياء في محاولة لقمع الاحتجاجات.


الكاتب :- نسيبة داود

الجمعة، 17 يونيو 2011

اللاجئون السوريون بين أنجلينا جولي والأمة

جريدة المصريون 14 من رجب 1432هـ / 16 من يونيو 2011م

تناقلت وكالات الأنباء خبرا بالأمس عن عزم نجمة هوليود أنجلينا جولي زيارة مخيم اللاجئين السوريين على الحدود التركية، ومن قبل زارت النجمة الهوليودية مخيم اللاجئين الليبيين على الحدود مع تونس و قبلهما أيضا زارت مخيمات اللاجئين في باكستان وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، يحدث هذا في ظل صمت مريب من قبل كثير من علماء ومثقفي وسياسيي الأمة إزاء ما يجري في سورية الحبيبة التي كنا ولا زلنا نعتقد أنها حبيبة على قلب كل مسلم وكل إنسان شريف ..

أخيرا يتحول أبناء بلدي في سورية إلى لاجئين وهم الذين كانت عاصمتهم عاصمة لكل العالم الإسلامي لقرن ونصف القرن تقريبا، يحدث هذا في بلدي في ظل تجاهل كثير من علماء الأمة لما يجري هناك بعد أن أثمل بعضهم النظام السوري بخرافة الممانعة والمقاومة، وهي الخرافة التي تهاوت عند أول امتحان يسير بتنازل رامي سيف الإسلام مخلوف حين ربط استقرار نظامه البعثي باستقرار دولة بني صهيون، يحدث هذا في ظل عدم اكتراث منظمات الإغاثة العربية والإسلامية لما يجري للاجئين السوريين، ما دامت هذه المنظمات مشغولة في أفريقيا وآسيا وغيرها من البلدان بينما أهلها وعزوتها وأبناؤها طعماً لنظام سفاح قاتل يحظى بكل أنواع الدعم والتأييد من عصابات طهران وحزب الله كما أثبتت الشواهد والروايات من الضباط و الجنود المنشقين، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي ظهرت على اليوتيوب ونشرها الناشطون السوريون الذين ألقوا القبض على بعض العناصر الإيرانية في حماة وغيرها..

تتحرك الأمم المتحدة ويتحرك العالم باتجاه الضغط على النظام السوري في ظل لا مبالاة رهيبة من قبل مجلس الجامعة العربية وكذلك مجلس التعاون الخليجي الذي رمى بالكرة في ملعب الجامعة، وكل من يتحدث عن الوضع في سورية تلميحا يُفهم منه الاعتراض على النظام القاتل السفاح يُتهم من قبل الأخير بكافة صنوف التهم الموجودة في أدراج نظام قمعي شمولي منعزل على نفسه هو أكثر ما تنطبق عليه تلك الأوصاف التي يطلقها يمنة ويسرة إن كان على عمرو موسى أو تركيا أو غيرهما، نعم تنطبق تلك الاتهامات على النظام نفسه ما دام الإنسان يقيس على نفسه، وكل إناء بما فيه ينضح ..

هل يتحرك الأزهر الشريف ويستعيد دوره في نصرة بني أمية وأحفاد بني أمية، هل يتحرك الحرمين الشريفين وخطباؤه وأئمته بالانتصار للشام الذي قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام " طوبى للشام" هل يتحرك مثقفوا الخليج وإعلاميوه بدعم الشعب السوري والتكفير عن ذنوب بعضهم بدعم هذا النظام الشمولي الاستبدادي طوال عقود، أسئلة كلها ينتظرها الشعب السوري ليشعر أنه جزء من هذه الأمة العربية و الإسلامية وليس منعزلا ومتروكا لطهران وحزب الله ..


الكاتب :- أحمد موفق زيدان

«هيئة الأسواق» تحسم مصير موظفي البورصة

حسمت هيئة أسواق المال مصير الموظفين في البورصة وما اذا كانوا موظفين لديها أم لدى البورصة. وكشفت عن سلة من أربعة خيارات أمام الموظفين المواطنين، لكل منها مكافآته الخاصة، أما الموظفون الوافدون فلم تقدم لهم الهيئة إلا ضمان الاستمرار في دفع رواتبهم حتى نهاية أغسطس 2012 إذا لم تخترهم الشركة التي ستملك البورصة للاستمرار في العمل لديها.

وتشكل الخيارات التي عرضت الموظفين المواطنين تشمل العمل في هيئة اسواق المال، أو الاستمرار في البورصة بوضعها الجديد (التحول إلى القطاع الخاص) كشركة مساهمة، مع ضمان الاستمرار فيها لعامين فقط، أو التقاعد فورا (لمن يستوفي شروط التقاعد)، أو إنهاء الخدمات طوعيا (الاستقالة).

وكانت ردود أفعال الموظفين على النموذج أو الاستبيان متبانية، فمنهم من رآهما جيدين ويقدمان أجوبة عن الاستفهامات المطروحة، كونها تتيح الفرصة لاختيار الأفضل من الخيارات الأربعة، إلا أن هناك من رأى تأجيل البوح برأيه أو الحديث عما تناوله العرض الذي يتكون من خمس أوراق الى حين مناقشة الأمر مع مسؤولين من هيئة سوق المال في اجتماع ينتظر ان يعقد الثلاثاء المقبل في مقر البورصة.

وقالت الهيئة في كتابها الذي تلقاه الموظفون إنها «ومن منطلق حرص الهيئة على القيام بواجباتها على أكمل وجه، وتحقيق استقرار العمل في سوق الكويت للأوراق المالية وضمان سير هذا المرفق المهم للاقتصاد الوطني من ناحية، والتأكد من جودة اداء وفاعلية هذا السوق من ناحية اخرى، ولما كانت هذه الاهداف لا يمكن تحقيقها الا من خلال الموارد البشرية المؤهلة للقيام بهذا الدور ومن يملكون الخبرة التي ستقود وتدعم قيام مرفق البورصة بدوره المنشود خلال المرحلة الانتقالية او عند تحويله على شركة خاصة، وكانت هذه الخبرات قد توافرت بموظفي السوق لما لهم من خبرة عملية وتجربة واقعية في القيام بمهام بورصة الاوراق المالية، فقد خلص فريق العمل المكلف بدراسة هذا الموضوع إلى تصميم جملة من الخيارات للعرض على موظفي سوق الكويت للأوراق المالية، آخذين في اعتبارهم توصية مجلس المفوضين بالحرص على ضمان الحقوق الوظيفية لموظفي السوق عند تصميم هذه الخيارات، بما يحقق اهداف الموظفين والمرفق معا».

وأضافت الهيئة: لما كانت الخيارات التي انتهت اليها الدراسة تعتمد على اختيار الموظف، استعدادا لترتيب المرحلة الانتقالية، وتكوين صورة واضحة للمرحلة المقبلة فيما يتعلق بالمواد البشرية التي ستعمل في بورصة الاوراق المالية، فقد تم تصميم نموذج الخيار الوظيفي - النموذج المرفق- لاستبيان رغبة موظفي سوق الكويت للأوراق المالية من الكويتيين (الذين هم في الخدمة وقت تنفيذ هذا القانون) سواء من كان يرغب بالعمل في السوق وبوضعه الجديد (التحول إلى شركة مساهمة) او من يرغب بالعمل في هيئة اسواق المال في احدى الوظائف الشاغرة فيها او من يفضل التقاعد او ترك العمل طوعيا عن طريق الاستقالة، مع العلم بان هيئة أسواق المال وسعيا منها لاضفاء نوع من الاستقرار لموظفي السوق وتنفيذ المشروع بشكل مرض ومقبول من جميع الاطراف المعنية، فقد عملت على تخصيص بعض المكافآت لتشجيع موظفي السوق على التعامل مع اوضاعهم المقبلة (مرفق هيكل توضيحي) وحسب الآتي:

الخيار (1):

- العمل في هيئة اسواق المال (وفي هذه الحالة يتم تسكين الموظف على احدى الوظائف بالهيئة وبذات الحقوق المكتسبة ومن دون اي مكافأة اضافية).

الخيار (2):

- العمل في سوق الكويت للاوراق المالية حتى تحوله إلى شركة مساهمة، وبشرط اتمام سنتين بعد تحول السوق إلى شركة مساهمة (يتم منح الموظفين الراغبين في هذا الخيار مكافأة مباشرة مقدارها راتب شامل ستة شهور، تصرف بعد ثلاثة شهور من تاريخ انعقاد الجمعية العامة التأسيسية لشركة بورصة الاوراق المالية)، وفي هذه الحالة يكون امام الموظف، بعد انتهاء فترة السنتين، الخيارات التالية:

أولا: الاستمرار بالعمل في الشركة (بشرط موافقة الشركة) يتم ابرام عقد عمل ملزم للطرفين لمدة لا تقل عن 3 سنوات، شريطة التزام الموظف بلوائح العمل المطبقة لدى الشركة، وفي هذه الحالة يتم منحه مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً 24 شهراً مباشرة بعد توقيع العقد مع الشركة.

ثانيا: الانتقال للعمل في هيئة اسواق المال حيث يتم تسكينه على احدى الوظائف بالهيئة مع منحة مكافأة خاصة مقدارها راتب شامل عشرة شهور.

ثالثا: الاستقالة من العمل (لمن لم يستوف شروط التقاعد) وفي هذه الحالة يمنح مكافأة خاصة وفقا للتالي:

1- مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً 24 شهراً لمن امضى اكثر من 10 سنوات خدمة في السوق والشركة.

2- مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً 12 شهراً لمن تقل خدمته في السوق والشركة عن 10 سنوات.

رابعا: التقاعد من العمل نهائيا (لمن يستوفي شروط التقاعد) وفي هذه الحالة يمنح مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً 24 شهراً.

الخيار (3):

التقاعد فورا من العمل (لمن استوفى شروط التقاعد) وفي هذه الحالة يمنح مكافأة خاصة وفقا للتالي:

1 - مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً 18 شهراً لمن أمضى اكثر من 10 سنوات خدمة في السوق.

2 - مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً شهراً ونصف الشهر عن كل سنة خدمة في السوق لمن تقل خدمته في السوق عن 10 سنوات.

علما بأن تطبيق الخيارات اعلاه سيتم تنفيذه بعد ثلاثة اشهر من انعقاد الجمعية العامة التأسيسية لشركة بورصة الاوراق المالية.

مكافأة نهاية الخدمة

ويستحق موظفو سوق الكويت للاوراق المالية وقت العمل في القانون رقم 7 لسنة 2010 مكافأة نهاية الخدمة المقررة لهم وفق أنظمة السوق المعتمدة عند العمل بهذا القانون، ولا تتأثر بالمكافأة الخاصة التي يحصل عليها الموظف والمذكورة في الخيارات عالية، اما وقت استحقاقها فيكون وفق الخيار الذي يختاره الموظف، اي ان الموظف الذي سيختار ترك الخدمة (في ثالثا من الخيار 2 مثلا) ستصرف له عند ترك الخدمة. اما من يرغب في التقاعد (في رابعا من الخيار 2 او عند اختيار الخيار 3) فتصرف له عند التقاعد. اما من يختار الخيار (1) او اولا او ثانيا من الخيار (2) فيكون استحقاقه لمكافأة نهاية الخدمة عند تطبيق الخيار.

علما بأن الهيئة ستحتسب المدة الحالية ما بين صدور القانون إلى حين تطبيق احد الخيارات المذكورة داخلة في حساب مدة خدمة الموظف، وستتحمل الهيئة كامل تكلفة المكافأة بما فيها مدة السنتين الاوليين من عمر شركة بورصة الاوراق المالية بالنسبة لمن يختار الخيار (2).

«الهيئة» تضمن رواتبهم حتى أغسطس 2012 ومن دون مكافآت خاصة

100 موظف وافد يتلقون صدمة... «التفنيش»!

جاءت الخيارات التي عرضتها «هيئة أسواق المال» على الموظفين الوافدين أسوأ مما كانوا يتوقعونه. فكل ما عرض عليهم لا يتجاوز ضمان استمرار رواتبهم حتى نهاية أغسطس 2012، إذا لم تخترهم الشركة التي ستمتلك البورصة للعمل لديها. ولن يتقاضى هؤلاء أي مكافآت خاصة كتلك المعروضة على الموظفين الكويتيين.

ووجهت شريحة من الموظفين الخليجيين والعرب الذين يقارب عددهم المئة موظف في مختلف قطاعات البورصة مناشدة عبر «الراي» للتعامل معهم بعدالة مقارنة بالتعامل مع زملائهم من الكويتيين، لاسيما أن غالبيتهم يعمل في البورصة منذ اكثر من 15 عاماً بل بعضهم منذ أكثر من 20 عاماً وبات دخلهم الرئيسي ودخل أسرهم من وظائفهم الحالية.

وتوقعت مصادر الموظفين ان يشهد اجتماع الأسبوع المقبل مع مسؤولي الهيئة نقاشات لاستيضاح عدد من النقاط التي ستحدد موقفهم واختيار أحد الخيارات المطروحة، فيما نوهت الى أن الجهات المعنية طرحت خياراً خاصاً لمن استوفى شروط التقاعد.

وقالت «هيئة اسواق المال» في كتاب تلقاه الموظفون الوافدون «حرصا منها على استقرار الاوضاع الاجتماعية لموظفي السوق من غير الكويتيين، فيسرها اخطاركم بانه سوف يكون الجميع على رأس عمله للفترة حتى نهاية الثلاثة أشهر من تاريخ انعقاد الجمعية العامة التأسيسية لشركة بورصة الاوراق المالية، ويترك للشركة بعد تلك الفترة اختيار من ترغب باستمراره في العمل لديها، اما من لم يتم اختياره للاستمرار في العمل لدى الشركة فإن هيئة اسواق المال ستتكفل بدفع رواتبهم الشاملة للفترة حتى نهاية شهر اغسطس 2012 مع تمديد اقامتهم لنفس الفترة، وبذلك تتاح امامكم الفرصة للبحث عن مكان عمل بديل وتدبير اموركم الاخرى».


المصدر :- جريدة الراي الكويتية
بتاريخ :- ١٦-٦-٢٠١١

هيئة الأسواق تبدِّد مخاوف جميع موظفي البورصة

 

قدمت هيئة أسواق المال أخيراً عرضاً رسمياً إلى سوق الكويت للأوراق المالية تطلب فيه تحديد مصير كل العاملين في البورصة وفقاً لثلاثة سيناريوهات، تتيح للموظفين الاختيار بينها.

وفيما يلي نص العرض الذي أبلغت به الهيئة موظفي البورصة:

الإخوة والأخوات موظفي سوق الكويت للأوراق المالية المحترمين.

تهديكم هيئة أسواق المال أطيب التمنيات، ويسرها إخطاركم بأنها في طور دراسة البدائل المتاحة لتطبيق المادة 157 من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن الأوضاع الوظيفية لموظفي سوق الكويت للأوراق المالية من الكويتيين في تاريخ 7 سبتمبر 2010، تاريخ العمل بالقانون.

ومن منطلق حرص الهيئة على القيام بواجباتها على أكمل وجه، وتحقيق استقرار العمل في سوق الكويت للأوراق المالية، وضمان سير هذا المرفق المهم للاقتصاد الوطني من ناحية، والتأكد من جودة أداء وفاعلية هذا السوق من ناحية أخرى، ولما كانت هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها الا من خلال الموارد البشرية المؤهلة للقيام بهذا الدور ومن يملكون الخبرة التي ستقود وتدعم قيام مرفق البورصة بدوره المنشود خلال المرحلة الانتقالية، أو عند تحوله الى شركة خاصة، وكانت هذه الخبرات قد توافرت بموظفي السوق لما لهم من خبرة عملية وتجربة واقعية في القيام بمهام بورصة الأوراق المالية، فقد خلص فريق العمل المكلف بدراسة هذا الموضوع الى تصميم جملة من الخيارات للعرض على موظفي سوق الكويت للأوراق المالية، آخذين في اعتبارهم توصية مجلس المفوضين بالحرص على ضمان الحقوق الوظيفية لموظفي السوق عند تصميم هذه الخيارات، بما يحقق أهداف الموظفين والمرفق معاً.

ولما كانت الخيارات التي انتهت اليها الدراسة تعتمد على اختيار الموظف، استعداداً لترتيب المرحلة الانتقالية، وتكوين صورة واضحة للمرحلة المقبلة في ما يتعلق بالموارد البشرية التي ستعمل في بورصة الأوراق المالية، فقد تم تصميم نموذج الخيار الوظيفي (النموذج المرفق) لاستبيان رغبة موظفي سوق الكويت للأوراق المالية من الكويتيين (الذين هم في الخدمة وقت تنفيذ هذا القانون) سواء من كان يرغب بالعمل في السوق وبوضعه الجديد (التحول الى شركة مساهمة) أو من يرغب بالعمل في هيئة أسواق المال في احدى الوظائف الشاغرة فيها أو من يفضل التقاعد أو ترك العمل طوعيا عن طريق الاستقالة. مع العلم بأن هيئة أسواق المال وسعيا منها لإضفاء نوع من الاستقرار لموظفي السوق، وتنفيذ المشروع بشكل مرض ومقبول من جميع الإطراف المعنية، فقد عملت على تخصيص بعض المكافآت لتشجيع موظفي السوق على التعامل مع أوضاعهم المقبلة (مرفق هيكل توضيحي)، حسب الآتي:

الخيار 1

- العمل في هيئة أسواق المال، وفي هذه الحالة يتم تسكين الموظف على إحدى الوظائف في الهيئة وبالحقوق المكتسبة نفسها، ومن دون أي مكافأة إضافية.

الخيار 2

- العمل في سوق الكويت للأوراق المالية، حتى تحوله إلى شركة مساهمة، شرط اتمام سنتين بعد تحول السوق إلى شركة مساهمة، يتم منح الموظفين الراغبين في هذا الخيار مكافأة مباشرة مقدارها راتب شامل ستة أشهر، تصرف بعد ثلاثة أشهر من تاريخ انعقاد الجمعية العامة التأسيسية لشركة بورصة الأوراق المالية، وفي هذه الحالة يكون أمام الموظف بعد انتهاء فترة السنتين، الخيارات التالية:

أولاً - الاستمرار في العمل في الشركة، «شرط موافقة الشركة»، يتم إبرام عقد عمل ملزم للطرفين لمدة لا تقل عن 3 سنوات، شرط التزام الموظف بلوائح العمل المطبقة لدى الشركة، وفي هذه الحالة يتم منحه مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً لـ 24 شهراً، مباشرة بعد توقيع العقد مع الشركة.

ثانياً - الانتقال للعمل في هيئة أسواق المال، حيث يتم تسكينه على إحدى الوظائف في الهيئة، مع منحه مكافأة خاصة، مقدارها راتب شامل لعشرة أشهر.

ثالثاً - الاستقالة من العمل لمن لم يستوف شروط التعاقد، وفي هذه الحالة يمنح مكافأة خاصة، وفقاً للتالي:

1 - مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً لـ 24 شهراً ، لمن أمضى أكثر من 10 سنوات خدمة في السوق والشركة.

2 - مكافأة خاصة تعادل راتباً شاملاً لـ 12 شهراً، لمن تقل خدمته في السوق والشركة عن 10 سنوات.

رابعاً - التقاعد من العمل نهائياً، لمن يستوفي شروط التقاعد، وفي هذه الحالة يمنح مكافأة خاصة تعادل راتباً شالاً لـ 24 شهراً.

الخيار 3

التقاعد فورا من العمل (لمن استوفى شروط التقاعد) وفي هذه الحالة يمنح مكافأة خاصة وفقا للتالي:

1 - مكافأة خاصة تعادل راتبا شاملا عن 18 شهرا لمن أمضى أكثر من 10 سنوات خدمة في السوق.

2 - مكافأة خاصة تعادل راتبا شاملا عن شهر ونصف الشهر عن كل سنة خدمة في السوق لمن تقل خدمته في السوق عن 10 سنوات.

علما بأن تطبيق الخيارات أعلاه سيتم تنفيذها بعد ثلاثة اشهر من انعقاد الجمعية العامة التأسيسية لشركة بورصة الأوراق المالية.

مكافأة نهاية الخدمة

يستحق موظفو سوق الكويت للأوراق المالية وقت العمل بالقانون رقم 7 لسنة 2010 مكافأة نهاية الخدمة المقررة لهم وفق أنظمة السوق المعتمدة عند العمل بهذا القانون، ولا تتأثر بالمكافأة التي يحصل عليها الموظف والمذكورة في الخيارات السابقة. أما وقت استحقاقها فيكون وفق الخيار الذي يختاره الموظف. أي أن الموظف الذي سيختار ترك الخدمة (في ثالثا من الخيار 2 مثلا) ستصرف له عند ترك الخدمة. أما من يرغب في التقاعد (في رابعا من الخيار 2 أو عند اختيار الخيار 3) فتصرف له عند التقاعد. أما من يختار الخيار 1 أولا أو ثانيا من الخيار 2 فيكون استحقاقه لمكافأة نهاية الخدمة عند تطبيق الخيار.

علما بأن الهيئة ستحتسب المدة الحالية ما بين صدور القانون الى حين تطبيق أحد الخيارات المذكورة داخله في حساب مدة خدمة الموظف، وستتحمل الهيئة كامل تكلفة المكافأة بما فيها مدة السنتين الأوليين من عمر شركة بورصة الأوراق المالية بالنسبة لمن يختار الخيار 2.

عرض غير الكويتيين

بالنسبة لموظفي سوق الكويت للاوراق المالية غير الكويتيين، قالت الهيئة في عرضها: تهديكم هيئة اسواق المال اطيب التمنيات، وبمناسبة قرب عملية تحول سوق الكويت للاوراق المالية الى شركة مساهمة تنفيذا للقانون رقم 7 لسنة 2010، وحرصا منها على استقرار الاوضاع الاجتماعية لموظفي السوق من غير الكويتيين، فيسرها اخطاركم بانه سوف يكون الجميع على رأس عمله للفترة حتى نهاية الشهور الثلاثة من تاريخ انعقاد الجمعية العامة التأسيسية لشركة بورصة الاوراق المالية، ويترك للشركة بعد تلك الفترة اختيار من ترغب باستمراره في العمل لديها، اما من لم يتم اختياره للاستمرار في العمل لدى الشركة فان هيئة اسواق المال سوف تتكفل بدفع رواتبهم الشاملة للفترة حتى نهاية شهر اغسطس 2012 مع تمديد اقاماتهم للفترة نفسها، وبذلك تتاح امامكم الفرصة للبحث عن مكان عمل بديل وتدبير اموركم الاخرى.

حوار مفتوح للتنظيم

ينتظر ان تلتقي هيئة اسواق المال كل العاملين في سوق الكويت للأوراق المالية في لقاء مفتوح الثلاثاء المقبل في مقر البورصة، للرد على كل استيضاحات العاملين، وتبديد عديد من الغيوم والملاحظات.

وافادت المصادر ان هناك كثيرا من الاستفسارات لدى العاملين في البورصة ومن ابرزها:

ــــ ملاحظات واستفسارات بشأن الحاق اي موظفي في السوق باحدى الوظائف الشاغرة، وما اذا كان ذلك يعني وضع الموظف في اي قطاع غير تخصصه السابق في السوق.. وماذا المقصود باحدى الوظائف الشاغرة.

ــــ يرى العاملون في البورصة من وجهة نظرهم انه لا جدال مع نص قانوني، بمعنى ان العرض المقدم لهم، هل لا يتفق مع المادة 157 من قانون الهيئة؟

ــــ يرى البعض ان الفترة المفتوحة لتطبيق الخيارات المقدمة للموظفين طويلة جدا، حيث يتم التنفيذ بعد 3 أشهر من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية التأسيسية الخاصة بشركة البورصة بعد خصخصتها، اي في نهاية مارس المقبل تقريبا، اذا ما مضت الأمور كما هو مرتب لها.

ــــ لاحظ قياديون في السوق بعض الثغرات التي سيتم طلب ايضاحها، وهي مسألة الزام الشركة الخاصة التي ستدير البورصة وتشغلها بعقد 3 سنوات، الا ان ذلك مشروط بموافقتها.

ــــ يرى موظفون ان المقترحات الخاصة بالعروض المالية لم ينص عليها القانون او اللائحة التنفيذية، وبالتالي يخشى البعض من عدم قانونيتها او وقوعهم في مأزق في حال موافقتهم عليها.

اجتماع مسؤولي البورصة

اجتمع أمس في مقر سوق الكويت للأوراق المالية رؤساء الأقسام ومديرو الإدارات ليتباحثوا في عرض هيئة الأسواق. وعلمت القبس ان الاجتماع أفضى إلى إرسال كتاب بداية الأسبوع المقبل إلى الهيئة تشير البورصة فيه إلى أن موظفيها هم موظفو الهيئة تلقائياً وفق القانون.

 المصدر:- جريدة القبس الكويتية
بتاريخ :- ١٧-٦-٢٠١١

لماذا تم تدمير المفاعل النووي العراقي ولم تقصف المفاعلات الإيرانية ؟


   
   منذ مدة طويلة توجه لنا أسئلة من الكثير من الأخوة عن توقعاتنا عن الوقت الذي ستقوم به القوات الأمريكية والصهيونية بتدمير المفاعلات الإيرانية ، وكان جوابنا دائما : سوف لا يتم ذلك نهائيا وإذا حدث وقامت تلك القوات بقصف بعض المفاعلات فسوف لا تكون إلا ضربات رمزية الغرض منها تقوية نظام الملالي في المنطقة وزيادة شعبيته بين العرب والمسلمين . وبالأخص السذج منهم .
   
   في هذا المقال سنحاول توضيح سبب ضرب المفاعل النووي العراقي من قبل الكيان الصهيوني ، آملين أن نقوم قريبا بكتابة مقال آخر عن سبب عدم قيام أمريكا والكيان المسخ بقصف المفاعلات النووية الإيرانية .
   
   ولكن قبل ذلك نرى أن نوضح نقطة مهمة تتعلق بموقفنا من السلطات السورية وإيران .
   بعد كتابة مقالنا ( الدكتور عبدالإله الراوي : الاعتداءات الصهيو – أمريكية : لماذا على سوريا وليس على إيران؟ (1-2) . شبكة البصرة . 26/11/2008 ) وكان المفروض في حينه أن نقوم بنشر القسم الثاني ، ولكن للأسف انشغلنا بأمور أخرى .
   
   إن ما نريد ذكره هنا هو أنه بعد نشر هذا المقال اتصل بنا بعض الأخوة السوريين – والذين فهموا مقصدنا من المقال بصورة غير واضحة - عاتبين علينا عدم احترامنا للسلطات السورية .
   
   ولذا نريد أن نوضح بأنه لم يكن غرضنا من المقال المذكور النيل من النظام الحاكم بسوريا لأنه ليس لدينا أي مصلحة في هذه المرحلة للقيام بذلك ، لكون سوريا هي أفضل قطر عربي فتح ذراعيه لاستقبال العراقيين الهاربين من الكتائب ( المليشيات ) الصفوية التابعة لملالي طهران وأصبح هذا القطر هو الملاذ الآمن لهؤلاء المهجرين ومعاملتهم معاملة السوريين في الكثير من الحقوق ومنها بصورة خاصة قبول أولادهم في المدارس أسوة بالسوريين .
   
   إن هدفنا كان توضيح التعاون بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني لضرب الشقيقة سوريا . وبالأخص فإن قصف الشقيقة سوريا تم بالتعاون والتنسيق مع القوات الأمريكية في العراق وبالاتفاق مع ما يطلق عليهم حكام العراق عملاء أمريكا وإيران .
   
   ومن جهة أخرى طرحنا وجهة نظرنا حول الموقف الذي من المفروض أن تتخذه كافة الأقطار العربية تجاه النظام الإيراني ، ودون إعادة ما كتبناه سابقا عن مواقف ملالي طهران وقم من العراق والدول العربية ، سوف نقوم بعرض :-
   
   1- نقتطف بعض الفقرات من كتاب الدكتور موسى الموسوي ( الثورة البائسة )، والذي طبع عام 1984 . وللأسف لم نستطع الحصول على الكتاب المطبوع بل اعتمدنا على نسخة من الشبكة العنكبوتية ، ولذا سوف يتعذر علينا ذكر أرقام الصفحات وسنكتفي فقط بالإشارة إلى عنوان الفصل ( النظام الإيراني و ( إسرائيل ) ).
   
   - يذكر الإمام والكاتب والفقيه الإيراني رحمه الله : " إني أعلن للعالم وأخص بالذكر دول المنطقة أن النظام الحاكم أخطر على هذه الدول من الشيوعية أو من أي غزو أجنبي ، وإن هذا النظام إذا قدر له البقاء فسيملأ المنطقة نارا وعدوانا وشرا وفسادا ."
   
   - كما يؤكد : أختم هذا الفصل بخطاب أوجهه لدول المنطقة وأقول لهم بصراحة ، إن الخمينية كإرهاب سياسي وفكري لا تتورع عن القيام بأي جريمة في سبيل مآربها داخل إيران وخارجها والإرهاب عندما يصبح سياسة الدولة الحاكمة يهدد المنطقة كما كانت النازية تهدد أوربا قبل الحرب العالمية الثانية .
   - وبعد أن يشير لتعاون نظام خميني مع الكيان الصهيوني ورفضه إيقاف الحرب مع العراق يقول :
   ولذلك فإن دول المنطقة اليوم أمام خطر عظيم يهدد كيانها وشعوبها ، وإن النظام الإرهابي في إيران إذا قدر له النجاح ( لا سامح الله ) في مآربه التوسعية الداعية إلى ( حكومة الفقيه ) فإنه سيجعل من المنطقة جحيما لا يطاق ليس على أنظمتها فحسب بل على شعوبها أيضا ..
   - ثم يقول : إن مسئولية حكام المنطقة أمام الله وشعوبهم والتاريخ والأجيال القادمة هو أن يدرؤوا هذا الخطر العظيم عن المنطقة وشعوبها ، والواجب عليهم أن يتحدوا كما اتحد الحلفاء ضد المحور وأملي عظيم أن يكون لندائي صداه في قلوب الحاكمين في هذه المنطقة الحساسة من الأرض وذلك قبل أن يندموا على ما فرطوا فيه حيث لا ينفع الندم و لات حين مناص .
   
   نكتفي بهذا القدر مؤكدين بأن الأيام أظهرت صدق توقعات الدكتور الموسوي وبالأخص تعاون هذا النظام مع ( الشيطان الأكبر !!) والكيان الصهيوني لاحتلال أفغانستان وتدمير العراق وهيمنتهم على عراقنا الحبيب بواسطة عملائهم وما يقومون به من تخريب في كافة الأقطار العربية و الدول الإسلامية وإذا استمرت الدول العربية بتغاضيها عما يقوم به هذا النظام فسيحدث ، لا سامح الله ، ما هو أعظم .
   
   2- قامت السلطات العراقية العميلة باتهام سوريا بكونها تقف خلف التفجيرات الدامية التي وقعت في بغداد يوم الأربعاء 19/8/2009 ، فلماذا لم يقم نظام الملالي بأي جهد للطلب من عملائه في العراق بالتوقف عن اتهام سوريا ؟
   رغم علم النظام الإيراني بعدم وجود أي علاقة بين تلك التفجيرات والسلطات السورية التي ليس لها أية مصلحة للقيام بذلك .
   
   3 – تم إطلاق سراح كافة الإيرانيين المعتقلين في السجون العراقية وفي عدة مناسبات نذكر منها ، على سبيل المثال ، ما قام به الجعفري ، عندما كان رئيس وزراء حكومة الاحتلال ، بإطلاق سراح كافة الإيرانيين وكذلك قيام المالكي بإطلاق سراح كافة السجناء والمعتقلين الإيرانيين .
   علما بأن هؤلاء الإيرانيين وفق مصادر أمنية رفيعة أن أعدادهم بالمئات ومعظمهم تم اعتقاله بسبب دخول العراق بشكل غير شرعي والمتاجرة بالمخدرات والسمسرة في البغاء تحت لافتة (زواج المتعة ) وغيرها من التهم الجنائية الأخرى كالتهريب . ( المالكي يأمر بإطلاق سراح السجناء الإيرانيين المعتقلين في السجون العراقية لمناسبة رمضان . وكالة حق . 12/9/07 ). هذا دون ذكر الكثير منهم ممن قاموا بتفجيرات لخلق الفتنة الطائفية .
   فلماذا لم يتم إطلاق سراح المعتقلين السوريين وعددهم ربما لا يتجاوز العشرات ، أسوة بالإيرانيين وهل أن إيران عاجزة عن أمر عملائها للقيام بذلك ؟
   4 - قبل قصف الكيان الصهيوني لسوريا ، المذكور في المقال المشار له ، وبعد قيام حزب الله اللبناني بأسر الجنديين الصهيونيين فإن الإعلام الإيراني صرح " عن مكالمة هاتفية بين نجاد والرئيس بشار الأسد وقول نجاد أن إيران سترد ردا مؤلما أذا ما قام الكيان الصهيوني بالاعتداء على سوريا هو سماها رسميا وليس الكيان الصهيوني. وهي دعوة صريحة من إيران لضرب سوريا ... ." ( شاهين محمد : إيران تحث الكيان الصهيوني لضرب سوريا . شبكة البصرة . 15/7/2006 )
   ويحق لنا أن نتساءل : هل قامت إيران بالرد كما قال نجاد أم أن التصريحات مجرد حث لضرب سوريا باعتبارها تدعم حزب الله ، ولماذا لم يقم الكيان المسخ بضرب إيران الداعم الحقيقي لحزب الله والتي تمتلك مفاعلات نووية لا حصر لها ؟
   5 – خلال هذه الأيام يقوم الكيان الصهيوني ومن ورائه أمريكا بشن حملة ظالمة ضد سوريا باتهامها بتزويد حزب الله اللبناني بصواريخ بعيدة المدى . كما أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حذرت ، الرئيس السوري بشار الأسد ، بقولها : إن قراراته قد تعني الحرب أو السلام في المنطقة . وهذا تهديد مباشر لسوريا .
   في المقابل توعد نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي : الكيان الصهيوني بتكسير أرجله إذ ما فكر للحظة باستخدام أفكار خبيثة.. وبخوض مغامرة ضد سورية وإيران ولبنان . مؤكدا : أن بلاده ستقف إلي جانب سوريا من كل النواحي وبكل ما تملك من قوة. وقال : إن سوريا بلد قوي ومقتدر ولديه الاستعداد للتصدي لأي تهديد. ( كلينتون تحذر الأسد من إشعال حرب بسبب الصواريخ وإيران تدعم سورية وتتوعد بـكسر أرجل ( إسرائيل ) .دمشق ـ طهران ـ لندن ـ 'القدس العربي': 1/5/10. و نائب نجاد : سنقطع أرجل من يعتدي علي سوريا ولبنان مستشار خامنئي يرفض عرض تركيا تبادل اليورانيوم علي أراضيها . الزمان .1/5/10 )
   ونحن متأكدون بأنه في حالة قيام الكيان الصهيوني بالهجوم على سوريا فسوف تبقى السلطات الإيرانية مكتوفة الأيدي عن نجدة سوريا كما فعلت في الهجوم السابق ، وبالأخص قول رحيمي " إن سوريا بلد قوي .. " يقدم الدليل القاطع على ما ذكرناه .
   سوف نكتفي بهذا القدر لنعود إلى موضوعنا الرئيس أي ضرب المفاعل العراقي . وسوف نقوم بعرض وبحث :-
   
   أولا : كيف تم تدمير المفاعل العراقي ؟ ثانيا : لماذا تم قصف المفاعل النووي العراقي ؟
   
   أولا : كيف تم تدمير المفاعل العراقي .
   
   قبل أن نذكر عملية قصف المفاعل العراقي نرى أن نتطرق إلى قصة إنشاء المفاعل العراقي وما قام به الكيان الصهيوني من محاولات تخريبية ثم نتكلم على تدمير المفاعل العراق . ولذا سنقوم بعرض :-
   1- قصة المفاعل العراقي . 2 - ما قام به الكيان الصهيوني من محاولات عرقلة حصول العراق على التقنية النووية .
   3 – كيف تم تدمير المفاعل النووي العراقي . 4- الموقف الدولي من العدوان الصهيوني على المفاعل العراقي .
   
   1- قصة المفاعل العراقي لغاية تدميره .
   
   بعد ثورة 14 تموز 1958، وفي شهر تموز 1960 تم التوقيع على اتفاقية لبناء مفاعل نووي تجريبي صغير للأغراض السلمية بطاقة 2 ( ميغاواط ) في التويثة ، وهو محدود الإمكانيات ، بين العراق والاتحاد السوفييتي وبالفعل سلمت موسكو بغداد ( اليورانيوم ) 235 المخصب بنسبة عالية وبادرت إلى تأهيل وتدريب وتعليم خبراء عراقيين لإدارته.
   
   ولم يكن للعراق في تلك الفترة أي طموحات لسلاحٍ نوويٍ ، ولكن كان للعراق إرادة واضحة للحاق بالركب المتحضر في مجال الطاقة النووية سلمياً . وهذا ما حداه إلى أن يوقع في عام 1969 على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وذلك للمزيد من التأكيد على حسن النية بالنسبة للمجال النووي . أما نقطة التحول وكما يراها سعد الدين الشاذلي في كتابه (الحرب الصليبية الثامنة) فكانت بعد حرب تشرين الأول ( أكتوبر) 1973 .
   
   ولذا ومنذ بداية السبعينات اتجه العراقيون إلى فرنسا للحصول على التقنيات الغربية المتقدمة والمتطورة في مجال التسلح النووي وجاءت زيارة جاك شيراك إلى بغداد في تشرين الأول ( أكتوبر ) 1974 عندما كان رئيسا للوزراء لتكلل التعاون الفرنسي العراقي في صورة مفاعل يعمل بالماء المخفف و( اليورانيوم ) المخصب بنسبة 93% وتوجت الاتفاقات بعد الزيارة الناجحة التي قام بها السيد صدام حسين ، الذي كان نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة ، إلى فرنسا في أيلول ( سبتمبر ) عام 1975 لتكتمل الصورة ويتكامل عمل لجنة الطاقة الذرية التي كان يرأسها صدام حسين بنفسه .
   ( يراجع كتاب : سراب السلاح النووي العراقي . المؤلف: عماد خدّوري . الناشر: الدار العربية للعلوم، بيروت . الطبعة: الأولى 2005 و توفيق منصور : القنبلة النووية العراقية المؤودة !! 16 و 17. دنيا. أخبار اليوم . 4/8/ 2008)
   
   وفي هذه الزيارة أوضح السيد صدام حسين لرئيس الجمهورية الفرنسية ورئيس وزرائها بأن المفاعل سيكون الأغراض السلمية . ولكنه ويا للأسف اقترف خطأ كبيرا عندما صرح لصحيفة لبنانية في نفس اليوم بأن : " المفاعل النووي العراقي الذي ستقيمه فرنسا يشكل الخطوة العملية الأولى لصناعة السلاح النووي العربي." وللأسف لم نستطع قراءة اسم الصحيفة ولكن عنوان المقال بالأحرف الكبيرة هو " زيارة صدام حسين لفرنسا أدخلت العراق مجال الاستفادة النووية " ( شريط مصور باللغة الفرنسية على الرابط .
   http://www.wat.tv/video/mossad-espionnage-france-irak-141w7_135tf_.html )
   
   وفي هذا المجال يقول السيد شيراك في مذكراته :
   بفضلي، دخلت فرنسا في مفاوضات مع العراق لتوقيع اتفاقيات تعاون في مجال الطاقة وفي الميدان الحربي، الشيء الذي قادني إلى الالتقاء بالرجل الأول للنظام العراقي، صدام حسين ثلاث مرات: أكتوبر 1974، خلال رحلة أولى قمت بها إلى بغداد، ثم في سبتمبر من 1975 في باريس، خلال زيارة رسمية قام بها الزعيم العراقي، وأخيرا في يناير من عام 1976 في بغداد مرة ثانية، أنا وريمون بار، الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير التجارة الخارجية». ( المعطي قبال : شيراك يفضح الأمراض النفسية لبعض زعماء العالم .. المساء : 08 - 11 - 2009 )
   
   وكان الدكتوران حسين الشهرستاني وجعفر ضياء جعفر من أوائل الخبراء العراقيين الكبار في المجال النووي بين عامي 1970 و 1980 فالدكتور الأول متخصص بالكيمياء النووية والدكتور الثاني متخصص بالفيزياء النووية وأحدهما يكمل الآخر وكانا مستشارين لرئيس لجنة الطاقة الذرية العراقية صدام حسين.
   
   وفي عام 1976 قام وفد عراقي برئاسة عبد الرزاق الهاشمي وعضوية جعفر ضياء وحسين الشهرستاني (الذي اعتقل لمدة 11 عاما وهرب أثناء حرب الخليج ) وهمام عبد الخالق العالم النووي، بزيارة باريس لاستكمال الموافقة على استقبال المفاعلين النوويين تموز1 وتموز2.
   وقام العراقيون استعدادا لاستقبال المفاعلين ببناء ساتر ترابي ضخم محمي بامتداد نحو 15 كلم مع ارتفاع 25م عن الأرض، وتمت تقويته بشبك حديدي وله نفقان سريان، وأجريت ترتيبات حمايته في حالة حدوث فيضان مدمر.
   وتم بالفعل تكوين فريق من العلماء والمهندسين لتدريبهم في مركز " ساكلاي " على تشغيل المفاعلين الفرنسيين، وعين مهدي غالي رئيسا لفريق معني بعملية " الطرد المركزي " كخيار في برامج تخصيب ( اليورانيوم ) للأغراض العسكرية.
   ( ومهدي هذا هو الذي قاد المفتشين الأميركيين عام 2003 إلى وثائق عن برنامج الطرد المركزي التي كان قد أخفاها في حديقة منزله عشر سنوات، وهو الآن في ضيافة الولايات المتحدة. )
   
   ثم بدأت الخلافات بين فريق التدريب الفرنسي، وكان من أخطرها التبديل المفاجئ الذي أقره الفرنسيون حول نوع الوقود النووي المنوي استعماله في المفاعلين، فبدلا من وقود نووي ذي قدرة عالية بحدود 80% استبدل به نوع ( الكراميل ) وهو ذو قدرة لا تصل 18%.
   ( عماد خدوري : سراب السلاح .. مشار له ، و عرض . إبراهيم غرايبة : سراب السلاح النووي العراقي . المعرفة . 15/2/2006 )
   
   وحسب قناعتنا فإن السبب وراء تغيير الوقود تكمن في تصريحات السيد صدام حسين المشار لها ، وكذلك من المؤكد ضغوط الصهاينة على المسؤولين الفرنسيين .
   وعلينا أن نقول بأن الخطأ الذي - إذا تأكد بأن ما ذكرته الصحيفة صحيحا- قد ارتكبه المرحوم صدام ، أي تصريحه للصحيفة اللبنانية ، لا يغتفر ، وهو بعيد عن المنطق العقلاني ، فكان المفروض أن نتعلم من الكيان الصهيوني الذي يمتلك قوة نووية أهلته ليكون رابع دولة في هذا المجال ، لم يعترف لحد الآن بكونه يمتلك هذا السلاح .
   ويجب أن لا يفوتنا موقف نظام الملالي في طهران والذي ، وفق كافة التوقعات بأنه سيمتلك هذا السلاح قريبا إذا لم يكن قد أصبح في حوزته ، فإن كافة المسؤولين الإيرانيين مصرين على أن مفاعلاتهم هي للأغراض السلمية .
   
   وفي بداية عام 1981 أثناء الحرب العراقية الإيرانية كلف فريق صغير بالسفر إلى النيجر للإشراف على نقل مائتين طن من خامات ( اليورانيوم ) بواسطة طائرات النقل العراقية وكانت لا توجد لدينا سفارة هناك أو مكتب خطوط مما يتوجب علينا أن ندفع أجور وتغذية ( الطاقم ) تباعاً مع دفع أرضية المطار ولا يمكن هنا إلى أن نسجل الجهد لطاقم الطائرات الذي استطاع أن ينقل مائتي طن لأكثر من عشرة سفرات من النيجر إلى بغداد لأكثر من أسبوعين بالرغم من أن الحرب العراقية الإيرانية مستمرة حيث لم تستطع إسرائيل بشبكاتها العنكبوتين المتصلة دولياً أن تعلم أي شي عن هذا الشحنات بالرغم من انه بدؤوا بعمليات الاغتيال والتخريب في فرنسا وايطاليا. ( سرور ميرزا محمود : "محطات حقيقية للبرنامج النووي العراقي" . شبكة البصرة .13/6/2009 )
   
   علما بأن هناك بعض المصادر أكدت أن المفاعل لم يتفجر بعد ضرب الطائرات ( الإسرائيلية ) لأنه موجود تحت الأرض ومحمي بسقوف وجدران خرسانية شديدة القوة ويقع في عمق دولة في حالة حرب وكل قطعاتها العسكرية في حالة قصوى من التأهب والاستنفار. ( توفيق منصور : القنبلة النووية .. مشار له )
   ونحن واثقون بأنه لولا دخول العراق إلى الكويت لاستطاع العراق امتلاك السلاح النووي .
   
   2 - ما قام به الكيان الصهيوني من محاولات عرقلة حصول العراق على التقنية النووية .
   
   أ- علينا أن نقول بداية بأن المجرم بيغن الذي كان رئيس وزراء الكيان الصهيوني قبل وأثناء قصف مفاعل تموز يقول : كنت لا أنام طوال الليل وعندما سألتني زوجتي ما الذي يؤرقك قلت: صدام حسين . وسألتني: لماذا؟
   قلت لها : انه يعلم أطفال المدارس حين زيارته لهم عندما يسألهم من هو عدو العراق وعدوكم يجيبونه : إنها إيران . فيقول لهم : كلا، إنها ( إسرائيل ) فكيف أنام وأطفال العراق عندما يكبرون سيقتلون أبناء (إسرائيل)!!!!. ( المحامي علاء الاعظمي : شيء من التاريخ قصّة قصف المفاعل النووي العراقي لماذا بكى صدام حسين عندما قام الصهاينة بقصف المفاعل النووي العراقي عبر الأجواء السعودية ..
   الطليعة العربية 8/6/2009 )
   
   كما أن هذا السفاح كان من ألد أعداء صدام حسين ، وكان يعتبر أن صدام حسين ليس إلا أدولف هتلر . وكان بيغن يرى أن مفاعل تموز هو الاحتمال الأكثر إنذارا بالشر من بين مشاريع العراق كلها .
   ولذا فإن قادة هذا الكيان المسخ ، ومن بينهم المجرم بيغن ، كانوا يخططون للقيام بالهجوم على المفاعل النووي العراقي في تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1979 ، لكن الاستخبارات العسكرية الصهيونية ورئيس الموساد إسحق هوفي عارضوا ذلك مؤكدين بأن المفاعل العراقي لا يمكن أن يشكل تهديدا حقيقيا إلا بعد بضع سنوات ، وإن الغارة قد تؤدي إلى حرب شاملة قد توقف أو تقضي على عملية السلام الجارية مع السادات .
   كما أن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدوا ذلك . ( جون ك . كولي : تواطؤ ضد بابل ، أطماع الولايات المتحدة و( إسرائيل ) في العراق . ترجمة : أنطوان باسيل . شركة المطبوعات للنشر والتوزيع . بيروت . 2006 . ص . 257 وما بعدها .)
   
   - في ليلة 5-6 من نيسان ( أبريل ) 1979 ، وحولي الساعة الثالثة فجرا ، هزت سلسلة من الانفجارات في وقت واحد المستودعات الضخمة لمؤسسة البناء البحرية والصناعية للمتوسط في محافظة ( لاسين سور مير ) في فرنسا ، حيث كانت قطع أساسية للمفاعل العراق مخزونة هناك بانتظار شحنها إلى العراق في تواريخ وتفاصيل مغطاة بطابع ( الأسرار الدفاعية ) وهي أعلى تصنيف أمني في فرنسا .
   وقررت في حينها الشرطة الفرنسية بأن ( إسرائيل ) هي المشتبه الرئيس للقيام بالعملية .
   . طبعا التدمير حدث على يد الموساد ولم يكن بوسع احد من العلماء القيام بمهمة إصلاح الفرن سوى د. المشد الذي نجح في إصلاحه والإشراف على عملية نقله لبغداد.
   
   - في ليلة 17-18 حزيران ( يونيو ) 1980 ، تعرض الدكتور يحيى المشد ، وهو عالم مصري متخصص في علم المعادن يعمل للجنة الطاقة الذرية العراقية والذي كان في مهمة ترتيب شحن وقود نووي للعراق ، للطعن بالسلاح الأبيض حتى الموت في غرفته في فندق ميرديان في باريس .
   وفي غياب حصول أي سرقة استبعدت الشرطة الفرنسية أن تكون عملية سطو كانت الدافع وراء الجريمة .
   علما بأن الشهيد يحيى المشد كان من ضمن ثمانية أشخاص أعضاء في لجنة استلام المفاعل الفرنسي الذي قصف في حزيران 1981.
   
   وفي الأول من تموز ( يوليو ) ، حققت الشرطة الفرنسية مع مومس فرنسية كانت قد التقت مع المشد في تلك الأمسية وسمعت أصواتا آتية من غرفته . وبعد 12 يوما أي يوم 12/7/80 ، وعندما كانت متجهة لمركز الشرطة الفرنسية ، قام سائق سيارة بدهسها وقتلها ولاذ بالفرار . ( تواطؤ ضد بابل .. نفس الصفحات و المحامي علاء الاعظمي : قصة قصف .. مشار له . و شريط مصور .. مشار له )
   
   ووفق قناعتنا فإن السلطات الفرنسية اكتشفت من يقف وراء الجريمة ولكنها اضطرت ، تحت ضغط الكيان الصهيوني والمجموعات الصهيونية الفرنسية للتكتم على نشر الحقيقة .
   
   يضاف لذلك فإن المحامي الاعظمي يدعنا نشك بأن عملية اغتيال المشد ربما كانت مدبرة بين بعض المسؤولين الفرنسيين والكيان الصهيوني عندما يذكر : في 1980 تم استدعاء د. المشد لفرنسا في مهمة بسيطة للغاية يستطيع أي مهندس أو خبير عادي أن يقوم بها على أكمل وجه..كان دكتور المشد يقوم كل فترة بإرسال كشف ( باليورانيوم ) الذي يحتاجه كماً وكيفاً.. وكان يطلق عليه اسماً حركياً " الكعك الأصفر " وكان يتسلمها مندوب البرنامج في العراق ويبلغ د. المشد بما تم تسلمه..
   
   ولكن آخر مرة اخبره انه تسلّم صنفا مختلفا وكمية مختلفة عما طلبه. فأرسل د. المشد للمسؤولين في فرنسا.. في برنامج العمل النووي ليخبرهم بهذا الخطأ فردوا عليه بعد ثلاثة أيام وقالوا له: لقد جهزنا الكمية والصنف الذي تطلبه وعليك أن تأتي بنفسك لفحصها ووضع الشمع الأحمر على الشحنات بعد التأكد من صلاحيتها..
   هل كان تغيير المطلوب كماً وكيفاً مقصوداً؟ لأنه إذا كان مقصوداً فانه يفتح لنا باباً للشك في أن هذا التغيير كان بمثابة استدراج للدكتور المشد ليتم قتله في ظروف أسهل وفي بلاد لا يعرفه فيها احد..
   
   سافر د. المشد لفرنسا وكان مقرراً أن يعود قبل وفاته بيوم لكنه لم يجد مكاناً خالياً على أي طائرة متجهة لبغداد..
   وفجأة تم العثور على د. المشد مذبوحاً في غرفته..
   وذكر راديو (إسرائيل) تعليقاً على وفاة د. المشد نقلاً عن مصادر (إسرائيلية): " أنه سيكون من الصعب جداً على العراق مواصلة جهودها من اجل إنتاج سلاح نووي في إعقاب اغتيال د. يحيى المشد "..
   
   وفي صحيفة "يديعوت احرنوت" جاءت المقالة الافتتاحية بعنوان: " الأوساط كلها في (إسرائيل) تلقت نبأ الاغتيال بسرور!! "
   أما فونونو أشهر علماء الذرة الصهاينة فقال: " إن موت د. المشد سيؤخر البرنامج النووي العراقي سنتيمتراً واحداً على الأقل.." ( المحامي علاء الاعظمي : قصة قصف المفاعل .. مشار له )
   
   وإن راديو الكيان الصهيوني أشار إلى " أن القتيل هو أحد العرب النادرين الذي يملك مؤهلات عالية في مجال الطاقة النووية . وإن مقتله سيؤخر العراق سنتين ، على الأقل ، ليتوصل لإنتاج السلاح النووي . ( شريط مصور .. مشار له )
   
   ونحن نحمل السلطات العراقية قسما من المسئولية عن اغتيال المشد ، لأنه وفق تصورنا كان بإمكان السفارة العراقية في باريس توفير الحماية له وعدم السماح له لينام وحده في غرفته بل كان المفروض أن يتم تأجير مشتمل له ولحمايته .
   
   - ابتداء من شهر آب ( أغسطس ) 1980، أعطبت قنابل مكاتب ومقرات إقامة مسؤولين في شركات إمداد للعراق في فرنسا وإيطاليا وهي : " تكنياتوم " و " سنيا- تيكنت " و " انسالدو مركانيكو نوكلياري " . وهذه المؤسسات الثلاث كانت قد عرضت تزويد العراق بمفاعل اختباري وخلايا حارة تستخدم في عملية تخصيب ( اليورانيوم ).
   وكان موظفوها وعمالها قد تلقوا رسائل تهديد تدعوهم لتعليق عملهم من أجل العراق فانصاعوا . وقد أطلق على حملة الإرهاب ( الإسرائيلية ) هذه الاسم الرمزي " عملية أبو الهول " ( تواطؤ ضد بابل .. نفس الصفحات . و المحامي علاء الاعظمي : قصة قصف المفاعل ... مشار له )
   
   3 – كيف تم تدمير المفاعل النووي العراقي .
   
   قبل أن يتم تدمير مفاعل تموز بالغارة الصهيونية ، قامت طائرات إيرانية بغارتين جويتين بقصف نفس المفاعل في شهر أيلول ( سبتمبر ) عام 1980 ، علما بأن ذلك القصف لم يؤد إلا بإلحاق أضرار طفيفة بالمفاعل . ولكن هذه العملية أدت إلى قيام الخبراء الفرنسيين والإيطاليين بمغادرة الموقع عائدين إلى بلدانهم ، ولم يعودوا إلى الموقع إلا في شباط ( فبراير ) 1981 . ( تواطؤ ضد بابل .. مشار له )
   
   علما بأن كاتب آخر يؤكد بأن .. وفي عام 1980 قامت طائرتا (فانتوم) إسرائيلية بطلعة استطلاعية فوق المفاعل النووي العراقي وتزامن ذلك مع بداية الحرب الإيرانية العراقية وتم إيهام الجميع في ذاك الوقت بأن تلك الطلعة كانت إيرانية فصدقها العراق !!. هذا وقد قُصد من تلك الطلعة وربما تلتها طلعات أخرى ، المزيد من التصوير والتدقيق وجمع المعلومات لأجل خطة مهاجمة المفاعل النووي العراقي . ( توفيق منصور : القنبلة النووية .. مشار له ) ولكن هذا السيد لم يشر إلى أن هذه الطائرات قامت بقصف المفاعل .
   
   أما الكيان الصهيوني فقد قام بقصف المفاعل النووي العراقي ، في الساعة السادسة والربع من عصر يوم الأحد الموافق 7/6/ 1981حيث انقطع البث الإذاعي في عموم بغداد واستمر لمدة 15 دقيقة ، بواسطة مجموعة من طائرات ( الفانتوم ) المقاتلة التي استطاعت أن تخترق الأجواء السعودية والعراقية وصولا إلى هدفها الذي يقع في الجنوب الشرقي من بغداد ، في المدائن ، دون أن يستطع أي جهاز من أجهزة الرصد السعودية أو العراقية ، وبالأخص العراقية التي كان من المفروض أن تكون متطورة في ذلك الوقت أي في ظرف الحرب العراقية الإيرانية ، من اكتشافها .
   
   ليس هذا فقط بل استطاعت هذه المقاتلات تدمير مفاعل تموز دون أن يتم إسقاط أو إصابة أية طائرة منها .
   وحول تفاصيل هذه العملية ننصح بمراجعة (المحامي علاء الاعظمي : قصّة قصف المفاعل النووي .. مشار له . وتواطؤ ضد بابل .. ممشار له )
   ويوضح السيد علاء في المقال المذكور بأن الرئيس العراقي صدام حسين " بعد نصف ساعة من القصف حضر الشهيد أبو عدي ومعه عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة إلى موقع المفاعل المضروب ولم يأبه أبو عدي إلى كون الموقع ملوث أو يعرض من يتواجد فيه للخطر وهاهي شجاعته كما عودنا دائما وعندما رأى المفاعل مضروب بكى وقال يجب إعادة إنشاء مفاعل جديد وأحسن من الذي ضرب . "
   ووفق المعلومات المؤكدة (للاتجاه الآخر) هي أن صدام حسين أعدم بالفعل (14) ضابطا وجنديا عراقيا لتقاعسهم في واجباتهم تجاه حماية المفاعل, وإن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق المفاعل النووي العراقي على ارتفاعات منخفضة مما يعني صعوبة رصدها من قبل الرادار العراقي.. ( د . سمير محمود قديح : قصة ضرب المفاعل العراقي كما رواها الموساد
   من هو العالم العراقي الذي نجح الموساد في تجنيده? كيف تتبع الموساد خطوات المسؤولين عن البرنامج النووي العراقي? منتديات موقع صفحة العرب . 11/4/2007 )
   
   علما بأن الطائرات التي قامت بالغارة هي ثمان طائرات مقاتلة – قاذفة اف 16، أمريكية الصنع تغطيها طائرات اعتراضية نوع اف -15( تواطؤ ضد بابل .. مشار له ) ويذكر كاتب مقال ( قصة قصف المفاعل ) إلى أن هذه الطائرات كان من المفروض أن تسلم أصلا لشاه إيران في عام 1982، ولكن بعد زوال الشاه تم تسليمها للكيان الصهيوني.
   
   ونشير إلى أن المجرم بيغن ، رئيس وزراء الكيان المسخ أطلق على عملية تدمير مفاعل تموز اسم ( بابل ) تذكيرا بسبي اليهود في عهد نبو خذ نصر . ( نظرا لعدم حصولنا على النسخة الأصلية ، حيث أن لدينا نسخة من الشبكة العنكبوتية فقط ، من الكتاب سنكتفي بذكر الفصل . المحامي خليل الدليمي : صدام حسين من الزنزانة الأمريكية : هذا ما حدث . فصل : صدام حسين في ميزان التاريخ )
   
   أما كيف استطاع الموساد اختراق قلب المفاعل والوصول لمعرفة أفضل طريقة لتدميره ، فإن مؤلف كتاب تواطؤ ضد بابل ينقل لنا قصة مثيرة من كتاب ( داخل أرض معادية ) للمدعو جرالد وستربي ، وهو من المرجح اسم مستعار .
   
   وموجز القصة : قضية تجسس قام بها الموساد بالتعاون مع أحد العلماء ( العراقيين ) الموالين لإيران ، وهو عالم فيزياء يدعى الدكتور على الرجوب ، والذي زود الموساد بمعلومات دقيقة عن المفاعل . كما قام هذا العميل بزرع جهاز توجيه على جدار قريب من قلب المفاعل .
   
   وهكذا فإن الكيان الصهيوني استغل فرصة انشغال العراق بالحرب مع النظام الصفوي في إيران بالقيام بهذه العملية لكونه كان مطمئنا بأن السلطات العراقية ستكون عاجزة عن توجيه أية ضربة ، ولو حتى رمزية لهذا الكيان المسخ لكونها كانت مشغولة بالحرب مع حليفه النظام الصفوي في إيران .
   كما أن نفس الكاتب يشير إلى قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية قامت بطرد الخبير ريشتر بعد قصف مفاعل تموز اثر شكوى عراقية تؤكد تورطه بتزويد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بمعلومات داخلية سرية عن المفاعل .
   
   ولكن السيد توفيق منصور في مقاله المشار له يشير إلى أن : الخسائر البشرية فقد تمثلت في شخص واحد فرنسي ويقال أنه كان عميلاً للموساد حيث تواجد حين القصف داخل المفاعل لمتابعة الموضوع وإرشاد الطائرات لبعض الأمور أو تحضير بعض ما يتطلبه الموقف داخل المفاعل لكنه تأخر في الخروج أو الهروب ساعة الصفر !!. ويقال أنه كان يقوم بوضع أجهزة صغيرة تصدر نبضات لتوجيه الطائرات لقصف الأماكن الحساسة للمفاعل ، ويقال أيضا أن هذا العميل كانت له يداً في وضع متفجرات بأعماق كبيرة داخل المفاعل مما ساعد في عملية تفجيرٍ عظمى بأرضية المفاعل وكذلك في باطنه . وقد كانت (مزروعاته) التفجيرية ضرورية لإحداث التدمير الشامل للمفاعل ، لأنه كان من الصعب إتمام عملية التدمير الكاملة والمؤثرة فقط عن طريق القنابل الساقطة من الطائرات . وذلك العميل أُلفت عنه بعض الكتب في الغرب وخاصة في أمريكا موضحة كيفية ممارساته وفنياته ومغامراته الاستخباراتية والتجسسية .
   
   وهكذا فقد حققت سلطات الكيان الصهيوني ما حذر منه البروفسور اليهودي إسرائيل شاحاك في كتابه (أسرار مكشوفة.. سياسات إسرائيل النووية والخارجية) قد تجسد واقعا مؤلما فقد قال في الصفحة 56 من الكتاب:
   
   أشعر بأن من الواجب تذكير القراء من غير الإسرائيليين أنه في حين أن الاستراتيجيات ( الإسرائيلية ) إقليمية في توجهها فإن اهتمامها بالفلسطينيين ثانوي.. فالحقيقة أن قمع الفلسطينيين لا يهم, لأن هم ( الاستراتيجية ) ( الإسرائيلية ) في نهاية الأمر هو فرض سيطرتها على كامل الشرق الأوسط من خلال انفرادها بسياستها النووية . (د . سمير محمود قديح : قصة ضرب المفاعل العراقي كما رواها الموساد .. مشار له )
   
   وهنا من حق القارئ العزيز ومن حق أي محلل سياسي أن يتساءل : في هذه الحالة لماذا إذا لم يستغل الكيان الصهيوني نفس الفرصة لتدمير المفاعلات الإيرانية ؟ وهذا ما سنحاول الإجابة عليه في القسم الثاني من هذا المقال وفي مقالنا المقبل إن شاء الله .
   
   4 - الموقف الدولي من العدوان الصهيوني على المفاعل العراقي .
   
   يذكر مؤلف كتاب تواطؤ ضد بابل بأنه بعد قيام الكيان الصهيوني بضرب المفاعل العراقي تم عقد اجتماع في البيت الأبيض حول رد الفعل على الغارة الصهيونية فإن وزير الدفاع الأمريكي أعلم مرؤوسيه في ( البنتاغون ) بأنه غاضب جدا على ( إسرائيل ) ويريد معاقبتها . وأقنع الرئيس الأمريكي ريغان بتأخير موعد تسليم أربع طائرات أف -16 كانت قد اشترتها ( إسرائيل ) – وهي من نفس النوع من الطائرات التي قامت بتدمير المفاعل العراقي . لكن وزير الخارجية آل هيغ ، الذي صفق للهجوم على المفاعل ، اشتكى بمرارة للرئيس ريغان عن موقف وزير الدفاع .
   
   وكان موقف الرئيس الأمريكي لم يقم بالكثير من أجل السيطرة أو الفصل في هذا الانقسام الداخلي . ووفق فريدمان فإن مسؤولا سابقا في البيت الأبيض قال له : " لم تكن هناك قيادة في الحقيقة . فقد كان ريغان نائما في خلال ذلك كله "
   
   وبعد فترة قصيرة من الاجتماع المذكور كانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة تنسق مع وزير الخارجية العراقي سعدون حمادي والسفير العراقي لدى الأمم المتحدة صلاح عمر العلي لوضع مسودة قرار يدين الكيان الصهيوني على الهجوم . وقد صدر القرار في 19 حزيران 1981 . ( الكتاب المشار له .. نفس الصفحات )
   
   وجاء القرار المشار له وكما كان متوقعاً ضعيفاً وهزيلاً ومخجلاً وذلك لتهديد أمريكا باستعمال حق الفيتو إن كان القرار مجحفاً في حق ( إسرائيل ) ، أو تضمن إخضاع المفاعل النووي الإسرائيلي للتفتيش بواسطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية !!. ولكن (بيغن) رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أعلن في نفس يوم صدور القرار وعلى الرغم من هزالته بأن ( إسرائيل ) ترفض القرار جملةً وتفصيلاً ، ولن تسمح لأية وكالة أو هيئة دولية بتفتيش مفاعلها النووي . وعليه فقد أصبح القرار كبقية القرارات الصادرة ضد الكيان الصهيوني (قرارات الضحك على الذقون) !!
   
   وختاما لهذه الفقرة يحلو لنا أن نذكر تصريحات كل من الرئيسين الأمريكي والفرنسي في هذا المجال :
   
   فالرئيس الأمريكي صرح في 16/6/1981 بأنه يُقدّر مدى القلق الذي كانت تشعر به إسرائيل تجاه المفاعل النووي العراقي ، وأن إسرائيل تصرفت هذا التصرف ( الرائع!! ) في إطار الدفاع عن النفس وأن أمريكا ستستخدم حق (الفيتو) ضد أي قرارٍ يطالب بتوقيع عقوبات على ( إسرائيل) !!.
   
   أما الرئيس الفرنسي آنذاك (فرانسوا ميتران) وبعد أن شعرت فرنسا بالإحراج جراء تشويه صورتها في العالم بواسطة الصهاينة مما جعلها تبدو كمن كان يريد بناء مفاعل للعراق يُمكّنه من إنتاج أسلحة لتدمير البشرية جمعاء ، فقد أدلى بحديث لصحيفة (الواشنطن بوست) نُشر بتأريخ 19/6/1981 قال فيه : أنني أحمل شعوراً حاراً وفياضاً تجاه ( إسرائيل ) وثقافتها وما حققته من أعمالٍ وأنني أعرف حجم التضحيات التي تحملتها وأنني معجب بقدرات شعبها ، وكان يجب على المستر ( بيغن ) رئيس وزراء ( إسرائيل ) أن يضع ثقته في رئيس جمهورية فرنسا الذي يعرف الجميع شعوره تجاه ( إسرائيل ) . لقد كان ولا يزال أمن ( إسرائيل ) والسلام في الشرق الأوسط من أولويات اهتماماتي . وإن مقتل التقني الفرنسي (شاسبيد) في هذه الغارة هو سبب كافٍ لاعتراضات فرنسا . ومع ذلك فإن موقف فرنسا لن يتغير . لقد طلبت فرنسا من مجلس الأمن إدانة الغارة وليس ( إسرائيل )!. إننا ننتقد تصرفات قادة ( إسرائيل ) ولكننا لا نطالب بتوقيع أي عقوبة على شعب ( إسرائيل ). ( توفيق منصور : القنبلة النووية العراقية (المؤودة) .. مشار له )
   
   لا نريد أن نعلق على مواقف كل من الرئيس الأمريكي أو الفرنسي لعلمنا بأن المجموعات الصهيونية هي التي تسيطر على البلدين ولكن من حقنا أن نسال المسؤولين الفرنسيين : لماذا وافقوا على توقيع عقوبات على الشعب العراقي عندما تم فرض الحصار الظالم بحق هذا الشعب والذي راح نتيجته أكثر من مليون عراقي ضحايا لهذا الحصار القاتل ؟ فهل أن العراقي ليس بشرا سويا ؟ وهل أن الصهاينة وفق تصوركم هم دائما شعب الله المختار ولذا يجب أن لا تمسهم أية عقوبات !! ؟
   
   ثانيا : لماذا تم قصف المفاعل النووي العراقي ؟
   
   قبل القيام بعرض السبب الرئيس لتدمير المفاعل العراق سوف نتكلم عن التعاون الإيراني مع الكيان الصهيوني في هذا المجال ولذا سنقوم بدراسة :
   
   1- التعاون الإيراني مع الكيان الصهيوني لقصف المفاعل العراقي . 2- السبب الحقيقي لتدمير المفاعل النووي العراقي .
   
   1- التعاون الإيراني مع الكيان الصهيوني لقصف المفاعل العراقي .
   
   - قبل أن نتطرق للتنسيق بين إيران والكيان الصهيوني علينا أن نشير إلى أن الحقد الفارسي على العرب قديم جدا ودون الخوض في طرح كافة ما لدينا من دلائل في هذا المجال وهي تحتاج لمجلدات نذكر قصة رواها أحد الأدباء -المؤرخين العراقيين والذي يقول :
   في سنة 1962 ضمني ببغداد مجلس أدبي كان من بين حضوره ، الملحق الصحفي في السفارة الإيرانية في بغداد .
   وقد جرنا الحديث إلي تطور العلاقات القائمة بين " إسرائيل " وإيران وتحولها إلى ما يشبه التحالف الحقيقي غير المعلن بينهما.
   
   ومما قلته في حينه مخاطبا الملحق الصحفي الإيراني إن من يطلع على هذه العلاقات المتطورة بين إيران و" إسرائيل " لا بد أن يطالب إيران حكومة وشعوباً بأن تعلن أنها بلد غير إسلامي، وإلا فبماذا نبرر قيام مثل هذا التحالف بين طهران وتل أبيب ؟ ثم لماذا لم نسمع عن الشعوب الإيرانية ما يؤكد بأنها شعوب إسلامية، وأنها غير راضية عن سياسة حكومة طهران إزاء " إسرائيل "، وتعلن تضامنها مع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى في معاداة الصهيونية والنضال ضدها!.
   وكان الجواب الذي أعطاني إياه الملحق الصحفي الإيراني حاسما وصريحا في الوقت ذاته، إذ قال ما معناه بالحرف الواحد : " أن إيران لا يمكن أن تنسى أبداً أن العرب المسلمين هم الذين حطموا الإمبراطورية الإيرانية، ودمروا عرش الأكاسرة، وأخضعوا الإيرانيين للنفوذ العربي الإسلامي، ولذلك كان الإيرانيون منذ ذلك الوقت وما برحوا يتحالفون مع أي عنصر يعادي العرب والمسلمين . ( سليم طه التكريتي : التحالف الفارسي الصهيوني ضد العروبة والإسلام منذ العصور السابقة للتاريخ الميلادي حتى اليوم . بغداد 1980 . المحرر على الرابط . http://www.al-moharer.net/mohhtm/salim_tekriti284.htm )
   
   - يذكر تريتا بارزي أو بارسي الكاتب الإيراني - الأمريكي رئيس المجلس الوطني الأمريكي الإيراني والمدرس بجامعة هوبكنز بالولايات الأمريكية المتحدة تحت عنوان " وزير إيراني يزور إسرائيل لشراء الأسلحة بداية حكم الخميني !" : في مستهل العام 1980، أي بعد شهور من اندلاع أزمة الرهائن، قام أحمد كاشاني، النجل الأصغر لآية الله العظمى أبو القاسم كاشاني الذي لعب دوراً رئيسياً في تأميم صناعة النفط الإيرانية في العام 1951، بزيارة الكيان الصهيوني ـ وعلى الأرجح أنه كان أول إيراني يقوم بذلك بعد الثورة ـ لمناقشة مبيعات الأسلحة والتعاون العسكري ضدّ البرنامج النووي العراقي ( أوزيراك ) تموز . بالرغم من أنه عرّف عن نفسه بأنه " مواطن غير رسمي قلق "، أثمرت رحلته عن موافقة بيغن على شحن إطارات لطائرات الفانتوم المقاتلة إضافة إلى شحن أسلحة إلى الجيش الإيراني .
   جاء قرار بيغن متناقضاً تماماً مع مصلحة الولايات المتحدة وسياسة واشنطن الصريحة القائمة على فرض عزلة على إيران لتأمين تحرير الرهائن الأميركيين. انتاب كارتر الحنق من عدم تحسس بيغن للآلام التي كنت تعاني منها أميركا. وبعد تبادل عنيف للعبارات بين الرئيسين العنيدين، وبّخ كارتر إسرائيلّ بتعليقه المبيعات المستقبلية من قطع الغيار للدولة اليهودية.
   
   لكنّ تحدّي بغين آتى ثماره، فقد بادل آية الله الخميني الخطوة ( الإسرائيلية ) بالسماح لعدد كبير من اليهود الإيرانيين بمغادرة إيران. عبر الآلاف منهم نحو باكستان باستخدام الحافلات، ومن هناك، جرى نقلهم بواسطة الطائرات إلى أستراليا حيث سُمح لهم بالهجرة إلى الولايات المتحدة أو إلى ( إسرائيل ) . واستناداً إلى محمد رضا أمين زاده، وهو مسؤول إيراني فرّ من البلاد في العام 1985، أجرى عقيد في الجيش الإسرائيلي اسمه يوري المفاوضات على الصفقة، والذي زار إيران في مستهل العام 1980. . (كتاب حلف المصالح المشتركة : التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة ، تأليف تريتا بارزي ، ترجمة أمين أيوبي ، مراجعة مركز التعريب والترجمة ، إصدار الدار العربية للعلوم ـ ناشرون ومكتبة مدبولي ، الطبعة الأولى ، 2008 ص 141 وما بعدها و إميل أمين : كتاب ترينا بارزي . التعاملات السرية بين ( إسرائيل ) وإيران والولايات المتحدة . شبكة البصرة . 12/11/ 2008 و عرض محمد دغيدي : التعاملات السرّية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة (1-2 ) تأليف د. تريتا بارزي .. رابطة الواحة الثقافية . 6/4/10)
   
   - لقد ذكرنا سابقا قيام الطائرات الإيرانية بقصف المفاعل النووي العراق ، ومن المؤكد فإن هذه الطائرات استطاعت أخذ صور قيمة عن المفاعل ، ولذا فإن صحيفة صنداي تلغراف اللندنية، أكدت بأن ( إسرائيل ) استعانت بصور ( فوتوغرافية ) وخرائط إيرانية للمنشآت النووية.
   وكان الهجوم على مفاعل تموز قد نوقش من قبل ضباط ( إسرائيليين ) كبار ومندوب عن نظام آية الله الخميني بفرنسا قبل شهر من تنفيذه، استناداً إلى آري بن ميناشي الذي شارك عن قرب في الاتصالات ( الإسرائيلية ) الإيرانية في مستهلّ الثمانينيات. في ذلك الاجتماع، شرح الإيرانيون تفاصيل هجومهم غير الموفّق على الموقع في 30 أيلول ( سبتمبر ) 1980، ووافقوا على السماح للطائرات الإسرائيلية بالهبوط في مطار إيراني بتبريز في حال الطوارئ. ( كتاب حلف المصالح .. مشار له . ص 157 وما بعدها )
   
   علما بأنه قد أكدت بعض المصادر أن المفاعل لم يتفجر بعد ضرب الطائرات الإسرائيلية لأنه موجود تحت الأرض ومحمي بسقوف وجدران خراسانية شديدة القوة ويقع في عمق دولة في حالة حرب وكل قطعاتها العسكرية في حالة قصوى من التأهب والاستنفار إذ نشرت جريدة التايمز الأمريكية في عددها الصادر 19/1/1991 خبرا يقول: (الخبراء الإسرائيليون يؤكدون استحالة ضرب المفاعل الذري العراقي لأن معظم المشروع تحت الأرض ولتدميره من قبل القوات الجوية يجب استخدام قنابل ذات نوع خاص, وحتى هذه لا يمكنها أن توقف المفاعل..). ( موسوعة وكيبيديا ) .
   ولذا فلولا دخول العراق للكويت لكان هنالك احتمال كبير بحيازة العراق للسلاح النووي .
   
   2- السبب الحقيقي لتدمير المفاعل النووي العراقي .
   
   إن أغلب المحللين ، ووفق قناعتنا سابقا، بأن من مصلحة الكيان الصهيوني أن يبق الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك القنبلة النووية ولذا قام بتدمير المفاعل النووي العراقي ، لكون العراق يعتبر العدو المباشر والحقيقي لهذا الكيان وكون العراق " أخطر أعداء ( إسرائيل ) " كما صرح المجرم شارون عام 1987 . وهنالك الكثير حول هذا الموضوع ذكرناه سابقا (الدكتور عبدالإله الراوي : تفتيت العراق والوطن العربي... مطلب صهيوني - صليبي – صفوي.. شبكة البصرة. 10/10/2007) والمقالات الأخرى بنفس العنوان .
   
   كما نرى أن نظيف إلى أن الصحافي الفرنسي إريك لوران كان قد قابل المجرم شارون ، الذي كان وزير دفاع الكيان الصهيوني ، عند ضرب المفاعل العراقي ، والذي استفسر منه عن سبب بيع الأسلحة لإيران أثناء الحرب العراقية – الإيرانية رغم عدم رضاء الولايات المتحدة ، فأجابه شارون : أستطيع أن أقول لك بأن معلوماتك خاطئة كليا ، كنا اليد اليسار – والظاهر فإن لدى الصهاينة فإن اليد اليسار أهم من اليمين - للولايات المتحدة ، التي لا تريد أن تعترف بما تقوم به ، وكنا نبلغها بكل التفاصيل : نوعية المعدات ، الكميات التي تم نقوم بتجهيزها ، سواء تلك المتعلقة بقطع غيار ( الهيلوكبترات ) أو الطائرات ، وكذلك القذائف أو الصواريخ ضد الدبابات ، كنت وزيرا للدفاع وبصفتي هذه ، لدي القناعة بأني كنت على دراية تامة بكل التفاصيل .
   
   وعندما يسأله نفس الصحافي : لماذا تساندون بهذا الشكل نظام الملالي بينما ، من المفروض ، أن ( إسرائيل ) كان من واجبها أن تتمنى سقوط هذا النظام ؟
   كان جواب شارون : بالنسبة لنا ، عدونا الحقيقي هو العراق ونريد هزيمته في الحرب . لا يوجد أي لبس في ذلك .
   ثم يضيف : كنا مستعدين للذهاب أبعد من ذلك لمساندة طهران . ( ايريك لوران : بوش . إيران والقنبلة بحث عن حرب مخطط لها . ص 94 وما بعدها . والكتاب باللغة الفرنسية حيث لم نجد له ترجمة باللغة العربية
   Eric laurent : L’IRAN et la BOMBE . Enquête sur une guerre programée. Pocket .Octobre. 2008 )
   
   كما يشير أحد الكتاب إلى : إن عقيدة بيغن ترى بأن (إسرائيل) مضطرة لمنع أي تسلح نووي في المنطقة، لم تكن هذه العقيدة هي مجرد شعار إنما جاءت نتيجة من البحث والتطوير شارك فيها العقول اليهودية الموجودة في الغرب والشرق . ( سرور ميرزا محمود : المنطقة العربية بين خطرين كلاهما مر: الخطر النووي ( الإسرائيلي ) القائم ولخطر النووي الإيراني القادم . شبكة البصرة . 23/4/10)
   
   ولكن لماذا تم تدمير المفاعل العراق ؟ إن الصحافي الفرنسي المذكور أعلاه يوضح لنا سببا لا يمكن ، في أول وهلة الاقتناع به ، مع ذلك فإنه يروي قصة حقيقية لا تقبل الشك وبالأخص فإن هذا الصحافي لا يكن أي احترام للرئيس العراقي ويقارنه بهتلر ويقول عنه بصورة واضحة : أني لست من المعجبين بصدام ، وبالنسبة لي : فهو من أسوأ القادة العرب المعروفين . والقصة تتلخص ب : في شهر حزيران ( جوان ) 1998 كان مؤلف الكتاب في زيارة خاصة لصديقه الحسن الثاني ملك المغرب ، وكان يريد معرفة رأيه حول لقائه المقبل مع الرئيس العراقي صدام حسين .
   
   وهنا يقول الحسن الثاني للصحافي : أنت الذي يحب كشف الزوايا الخفية ، من واجبك الاهتمام بخفايا الحرب الإيرانية – العراقية . لأن فيها قضايا مهمة . خلال قسم كبير من هذه الحرب ، فإن ( إسرائيل ) وكذلك الولايات المتحدة استمرا بتزويد الجمهورية الإسلامية بالأسلحة ، كما أن قصف مفاعل تموز النووي لم يكن هدفه حماية ( إسرائيل ) ولكن حماية إيران من هجوم نووي عراقي .
   
   وهنا يقول الصحافي : نظرت له مندهشا . واستمر الملك قائلا : إن المسؤولين ( الإسرائيليين ) يعلمون جيدا بأن صدام لا يجرأ ، نهائيا ، على استعمال السلاح الذري ضد بلدهم .. شرب قليلا من الماء وهو مفتونا بتأثير كلامه علي ، قبل أن يضيف متهكما : أنت لا تجهل بأني أستطيع ، في بعض الأحيان ، الحصول على معلومات دقيقة .
   
   كما يذكر الحسن الثاني لصديقه : إذا كان لدي نصيحة أقولها لك : اذهب إلى العراق ولكن عليك أن تهتم بإيران . لأنه بتدمير المفاعل النووي العراقي ، فإن ( الإسرائيليين ) قاموا ، بطريقة غير مقصودة ، بترك الحرية لطهران لتستطيع وبسرعة تطوير ( برنامجها ) النووي . ( إريك لوران : بوش إيران والقنبلة .. مشار له . ص .7 وما بعدها )
   
   قبل أن ننتقل إلى فقرة أخري نرى أن نعلق على ما ذكره الحسن الثاني فنقول :
   - حسب قناعتنا فإن معلومات الملك ، فيما يتعلق بالدافع لتدمير المفاعل العراقي ، قد حصل عليها من أصدقائه قادة الكيان الصهيوني .
   أما سبب خشيتهم من استعمال العراق للسلاح الذري ضد إيران لكونهم لا يريدون أن يحقق العراق انتصارا جليا على إيران حليفتهم ، لكونهم يعلمون جيدا مدى تأثير ذلك على الجماهير العربية التي ستطالب العراق والدول العربية بتحويل قدرات الأمة لمجابهة الكيان الصهيوني ، وبالأخص بعد امتلاك أحد أقطارها ، العراق ، للسلاح الذري .
   
   إن الكيان الصهيوني يعلم جيدا بأن ، ترك الحرية لطهران لتطوير قدراتها النووية ، لكون القنبلة النووية الإيرانية سوف لا توجه ضد الكيان الصهيوني بل ستكون وسيلة تهديد للدول العربية .
   
   وننهي مقالنا هذا بالقول تهانينا لمساندي ، نظام الملالي المتعفن والحاقد على كل ما له علاقة بالإسلام والعروبة ، من العرب والمسلمين الأغبياء والسذج أو الذين باعوا ضمائرهم لهذا النظام لقاء مكاسب دنيوية حقيرة .
   
   
   الدكتور عبدالإله الراوي
   دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
   

الخميس، 16 يونيو 2011

الفشل في البحرين وسوريا فجّر الخلاف بين خامنئي ونجاد

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 14 من رجب 1432هـ / 16 من يونيو 2011م

عام 1981 كان الخطر على دول الخليج إيران وقضية تصدير الثورة. عام 2011 لا يزال الخطر ذاته. عام 1981 بدأ الخليج يفكر في حماية نفسه. كانت أميركا مشغولة بأفغانستان في مواجهة السوفيات، والعراق مشغولا بإيران، وكانت مصر معزولة عن العالم العربي بسبب اتفاقيات «كامب دايفيد» واليمن غير مستقر. أنشأ الخليج منظمة مجلس التعاون الخليجي كحلف دفاعي. بعد 30 عاما زاد الخطر الإيراني وصار أكيدا وعلنيا ومنتشرا. يقول الدكتور سامي الفرج رئيس «مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية» والمستشار في مجلس التعاون الخليجي، إن النفوذ الإيراني يقوم «على حسابنا وحساب الدول الإقليمية الأخرى، بما فيها مصر، وسوريا، وتركيا، وإسرائيل. نحاول ونسعى عن طريق المساعدة والاستثمارات. مثلا استثماراتنا المالية في لبنان، جاءت حرب واحدة (2006) لتدمر لنا 2,5 مليار دولار. ويأتي بعدها حزب الله بـ350 مليون دولار من إيران ويقول إنه يريد أن يبني»!

نحن الآن في عام 2011. الولايات المتحدة مرة أخرى في أفغانستان، العراق فيه عدم وضوح، مصر خارج العالم العربي بسبب حالتها الانتقالية ووضعها الاقتصادي، واليمن على كف عفريت. وتجد دول الخليج نفسها مضطرة إلى ضم ملكيات أخرى. يشرح الدكتور الفرج: «عندما نتكلم عن الخيار الأردني مثلا، هو خيار إيجابي وسلبي. إيجابي لأنه يزيدنا عددا إنما عدد قليل، لكنه سوف يجلبنا إلى منطقة الصراع العربي - الإسرائيلي وإلى الحدود مع سوريا، إذا ما بقي النفوذ الإيراني، وإلى حدود أخرى مع العراق غير الحدود العراقية مع الكويت والسعودية» ويضيف: «عندما ننظر إلى المغرب وعلى الرغم من أنه أبعد، فهو يجلب لنا حالة سلبية مثلا بالنسبة لقضية الجزائر، لكن الإيجابي فيه أنه ستكون لنا حدود مع أوروبا».

كثيرون يشعرون بقرب حدوث شيء ما في إيران. يقول الفرج: «نحن نتكلم عن دولة لا نريد بها شرا إنما نريدها أن تكف شرها عنا. يقلقنا هذا الصلف والازدراء في التقدير العقلاني للأمور الذي سوف يزيد من مشكلات إيران الداخلية».

يعطي مثلا عن هذا الصلف ما حصل في البحرين وما حصل في سوريا. فإيران وعدت وفشلت. أرادت في البحرين أن تسوق أن حركة المظاهرات ليست شيعية إنما أناس مسحوقون. يقول: «وزعت إيران الناس للقيام بأعمال تخريبية، والكشف عن وجوههم بإعلان الجمهورية "الإسلامية" في مقر منعزل في جزيرة سرت، والأمر الأخطر أن أكثرية سكان الخليج من غير المواطنين ومن بينهم الجالية الإيرانية وهي متخصصة في أعمال البناء، والصرافة، والأغذية». يتساءل: «لماذا لم تقم مثلا الجالية الهندية أو الفيليبينية في البحرين بالإضراب تأييدا للمظاهرات؟ لاحظنا أن الجالية الإيرانية أغلقت دكاكين الأغذية، هذا عمل لا يقوم به شخص من تلقاء نفسه، لأنه يمكن أن يفقد تأشيرته وإقامته فهو مواطن أجنبي، لا بد أن يكون الأمر جاءه من جهة أعلى».

يرى أن هناك سوء تقدير إيرانيا بالنسبة إلى ما حدث في سوريا فرغم أن الوجود الإيراني هناك استخباراتي فقد فشلوا في التخمين. كان السيناريو السوري قائما على ثقته بالأجهزة الأمنية، وأنه بالتالي يستطيع أن يواجه أي تحد في الشارع، وكان على الإيرانيين أن يكونوا محامي الشيطان ويفكروا في الاحتمال الأسوأ. يشرح الدكتور الفرج، أن الطرفين الآن وبصورة عشوائية يحاولان إسناد النظام. ويقول: «إن الدليل على فشل إيران هو الأزمة القائمة في إيران. لا شك أن الذي يدير السياسة الخارجية هو الرئيس، ويريد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أن يحمّل الرئيس هذا الفشل في سوريا كي لا يطاله». ويضيف: «الرئيس محمود أحمدي نجاد قد ينقلب على المرشد، لأنه ليس في أجندة التيار الفارسي (أحمدي نجاد ومشائي) التنازل والخروج من المسرح السياسي». ويرفض أحمدي نجاد التنازل على أساس أنه فشل في توقع الأحداث في سوريا. هو أقال وزير النفط حيدر مصلحي ليكون كبش فداء، والمرشد لا يريد التضحية بمصلحي كي لا يكون هو المسؤول عن الفشل في سوريا.

شخصيا يتوقع الدكتور الفرج سقوط النظام السوري آجلا أم عاجلا. الاحتمال الأسوأ للنظامين الإيراني والسوري هو سقوط النظام السوري. الاحتمال الأقل سوءا هو أن يتغير النظام السوري بصورة كبيرة إلى درجة أنه لا يمكن التعرف عليه، بأن يعتمد الديمقراطية، ويقبل بتعدد الأحزاب، ويحاول الرئيس بشار الأسد أن يفصل نفسه عن الآخرين.

ما زالت الدول الغربية تعطي الفرصة لسوريا خوفا من مواجهة مع إيران الآن، لأن أميركا لن تفكر في مواجهة إيران قبل عام 2014. بعض التقارير تقول إن إيران مع عام 2014 ستعيد تشكيل برنامجها النووي وتنتج 3 رؤوس نووية، لكن لأن عام 2014 هو عام الانسحاب، فإن إيران باتت تنظر إلى كل انسحاب على أنه بداية لعملية ضدها.

يعتقد الدكتور الفرج أن المخططين الاستراتيجيين الإيرانيين لا بد أنهم يدركون أن النظام السوري آيل إلى السقوط. لذلك فإن إيران تستعد للانتقال إلى لبنان إذا استطاعت. ويتساءل، ما الذي دفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لإلقاء خطاب مساندة للرئيس السوري بعد كل هذه المدة المتأخرة؟ ويجيب: هذا يعني أنه لم يكن يريد ذلك، «كان يريد أن يعد لاستراتيجيته داخل لبنان كجزء من المكون اللبناني».

«ما أقدمت عليه حركة حماس بالبحث عن صفقة مع فتح، يعود إلى شعورها بأن النظام في سوريا سيسقط، إذا أخذنا هذا بعين الاعتبار، فما الذي يمنع حزب الله من التحرك بهذا الاتجاه داخل لبنان». يقول الدكتور الفرج.

التراجعات الإيرانية بدأت في لبنان، عندما منع حزب الله بالاتفاق مع الجيش اللبناني، الفلسطينيين من التظاهر في 12 من الشهر الجاري في جنوب لبنان، على الرغم من أنهم تظاهروا في الجولان. بدا الحزب كمن يقول: «هذه قدرتي وهذه حدودي».

ما تبين خلال القلاقل في سوريا، أن «أوراق اللعبة» التي كانت تهدد بها لإشعال المنطقة (حماس، حزب الله في جنوب لبنان، إيران) سقطت كلها من يدها. وكذلك البعثيون العراقيون، وهؤلاء يصبون في خانة التراجعات الإيرانية في العراق. يعطي الدكتور الفرج عدة أمثلة عن العراق: اغتيال رئيس «حزب الله العراقي»، أو المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة علي اللامي. برأيه أن البعثيين هم الذين قتلوه «لأنهم يريدون الخروج من سوريا وإعادة بناء قواعدهم في العراق على أساس الانتصار السياسي الذي حققه إياد علاوي».

يشير أيضا إلى المظاهرة التي دعا إليها مقتدى الصدر حيث سار رجاله وعلى صدورهم علم العراق، وهذا يعني أن الصدر يعيد تموضعه داخل السياق السياسي العراقي، ثم انسحاب علاوي من حكومة المالكي بعدما قال إن كل العهود التي أعطاها المالكي لم تنفذ، وكفاه ازدراء بإرادة الشعب العراقي.

يُسْتَنْتَج: «هذه التغيرات لا تصب في صالح إيران. تراجعات في سوريا، في لبنان، في موقف حماس، والأتراك في ضوء هذا التراجع الإيراني، سوف يرفعون راية حماية السنّة في سوريا، وتراجعات في العراق. ما الذي يمنع أن تصل هذه التراجعات إلى الشارع الإيراني؟ لذلك يجب أن يدفعوا إلى الأمام، فاختاروا مجلس التعاون الخليجي عبر لغة الطائفية».

من ناحية أخرى، وبسبب أحداث البحرين، بدأ تفكير جدي في دول الخليج، في توحيد الطاقات العسكرية في جيش موحد في ظل فيدرالية سياسية لتحقيق القدرة على الرد السريع في ضوء الأخطار، ويميل التفكير إلى أنه عندما يستكمل بناء الجيش «فلا بأس من الحصول على سلاح نووي للتوازن مع إيران».

الكاتبة :- هدى الحسيني

الولايات المتحدة وإيران : الصفقة أم الحرب ؟

يتناول هذا المقال التوجهات الممكنة لمسار المفاوضات المباشرة الجارية حالياً بين الولايات المتحدة وإيران بحضور القوى الكبرى، خاصة بعد عودة الجدل حول ما إذا كانت إيران ستعمل هذه المرة أيضاً على التملص من الإيفاء بالتزاماتها وإعطاء جواب محدد ونهائي حول مصير المفاوضات، كما فعلت في التكتيكات السابقة التي تعتمد لعبة الوقت والمماطلة، كما يتناول الموقع الأمثل لطهران على (رقعة الشطرنج الإقليمية) بين خياري الصفقة والحرب.

لا شك في أن جلوس المفاوض الإيراني على طاولة المفاوضات في جنيف في الأول من أكتوبر 2009 لم يكن أمراً سهلاً، كما أنه لم يأت من فراغ. فسياسة الرئيس باراك أوباما جاءت مغايرة لسياسة بوش الابن، وعملت على نزع الذرائع التي من الممكن أن تحول دون إجبار الإيراني على الجلوس للتفاوض، على اعتبار أن القطيعة كانت تعطي الإيراني الحجة بعدم وجود مصلحة له في التفاوض مادامت أن أمريكا لا تستطيع أن تفرض عليه ذلك.

اليوم تغير هذا الوضع، وبالإضافة إلى ما تم ذكره أعلاه، أصبحت للإيراني مصلحة في التفاوض المباشر، ويأتي ذلك باعتقادي استجابة لعدد من المعطيات المهمة ومنها:

1- عدم الظهور بمظهر المتشدد غير الراغب في الوصول إلى حل: إذ تولي إيران أهمية كبرى لهذا الموضوع، على اعتبار أن لعبة الرئيس أوباما التي اتبعها منذ مجيئه إلى الحكم تقوم على إظهار أن الولايات المتحدة تعمل على تقديم التسهيلات والتنازلات اللازمة فيما إيران ترفض الاستجابة، بالمثل وترفض أيضاً الوصول إلى حل عبر التفاوض.

ومن المعلوم أن هذه السياسة تحشد المجتمع الدولي ضد إيران وتقلص من هامش مناورتها وتزيد من الضغط عليها، لذلك ارتأت إيران أن هناك مصلحة ذاتية في التجاوب مع الولايات المتحدة في المرحلة الحالية وإجراء التفاوض المباشر من أجل تنفيس هذا الضغط.

2- الإيمان بالقدرة على متابعة (لعبة كسب الوقت): وهي اللعبة المفضلة لدى الطرف الإيراني خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن ملف الأزمة النووية لا يزال يخضع لنقاشات مستفيضة على الصعيد الدولي منذ الكشف عنه في عام 2003. أي أن إيران نجحت في كسب 6 سنوات حتى الآن في لعبة الوقت عبر مزيج مدروس من الرفض تارة والتعاون تارة أخرى، فاستطاعت التقدم بثبات في برنامجها النووي حتى وصل إلى مرحلة (اللاعودة) وفق الكثير من الخبراء في المجال النووي. وعليه، فمن الطبيعي للنظام الإيراني أن يرى في المفاوضات الجارية فرصة أخرى لمتابعة سياسة كسب الوقت حتى الوصول إلى امتلاك القدرة النووية الكاملة.

3- احتواء إجماع المجتمع الدولي والعمل على تفكيكه:  إذ يبدو المجتمع الدولي في عهد الرئيس باراك أوباما الآن أكثر تماسكاً وتفاهماً إزاء التعامل مع الأزمة النووية الإيرانية لاسيما بعدما خبر طرق التملص والمراوغة الإيرانية خلال السنوات الماضية، وهو متفق الآن على ضرورة إرسال رسالة واضحة وصريحة ناجمة عن رؤية موحدة في التعامل مع الطرف الإيراني.

ولا شك في أن إيران تعي هذا التحول جيداً لاسيما بعد الموقف الروسي الذي عبر عنه الرئيس ميدفيديف في أواخر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي وأبدى فيه استعداد بلاده لفرض عقوبات على إيران، إثر تنازل الولايات المتحدة عن خطط نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا. ولذلك تحاول طهران ضرب الإجماع الدولي من خلال المفاوضات التي لابد أن تحمل آراء مختلفة حيال الاقتراحات الإيرانية الموضوعة على الطاولة.

4- تخفيف عبء جبهات المواجهة المفتوحة: إذ تعاني إيران حالياً من تعدد جبهات المواجهة المفتوحة لاسيما بعد اشتعال الجبهة الداخلية إثر انتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت في 12 يونيو 2009، والتي شقت الموقف الداخلي واستجلبت العداء لرموز النظام الممثلة في نجاد وحكومته.

وتعي الحكومة الإيرانية أنه ليس باستطاعتها مهما بلغت من قوة المواجهة على كافة الجبهات، لذلك قررت تنفيس الجبهة الخارجة مؤخراً لترتيب الجبهة الداخلية وقمع أي معارضة داخلية لسياستها لما لها من وقع سلبي على استمرار تماسك الموقف الإيراني إزاء السياسة النووية المتبعة.

الولايات المتحدة و(المسار المزدوج)

من الواضح أن الولايات المتحدة تعتمد الآن سياسة (المسار المزدوج) الذي يتضمن التفاوض والتحضير لفرض عقوبات قاسية على طهران. وعلى الرغم من أن عدداً من الخبراء الأمريكيين يعتقدون عدم جدوى هذا الأسلوب، إلا أن باستطاعتنا أن ندرك أن أي مفاوض يحتاج إلى أوراق ضغط عند جلوسه على طاولة المفاوضات، ولذلك يسعى المشرعون الأمريكيون إلى تزويد الرئيس أوباما بالأوراق اللازمة للضغط على طهران لكي لا تظهر الولايات المتحدة بمظهر الضعيف المستسلم للإرادة الإيرانية، وتغدو العملية مجرد تحادث من أجل التحادث.
ولابد من الإشارة هنا إلى لغط منتشر بشكل واسع في الأوساط البحثية والصحافية العربية، حول طبيعة الموقف من النووي الإيراني. فالقوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لم تقل يوماً من الأيام ولا في أي مناسبة من المناسبات أنها ضد امتلاك إيران للقدرات النووية السلمية، ومن الضروري جداً التركيز على هذه النقطة لأن ما يعارضه الجميع هو امتلاك طهران للسلاح النووي.
ومن هذا المنطلق فإن إصرار إيران على إظهار الوضع بشكل يفيد بأن العالم يريد منعها من امتلاك القدرات النووية السلمية التي هي حق مكفول للجميع، هو ضرب من الدعاية يجب ألا نقع فيه أو نخلط بينه وبين مخاطر امتلاك إيران للسلاح النووي خاصة في ظل السوابق الإيرانية غير المطمئنة، والغموض الكبير الذي يلف السياسة الإيرانية حيال الهدف الحقيقي من البرنامج النووي، والتكتم على منشآت (وجعل بعضها سرياً كمنشأة (قم) التي تم الكشف عنها مؤخراً)، وكلها أمور تطرح تساؤلاً مشروعاً ما الهدف من تخبئتها في الأصل والإعلان عنها مع بداية التفاوض إذا كانت سلمية، ولم تكن هناك أهداف أخرى من ورائها؟

 وما الذي يضمن أنه ليست هناك منشآت سرية أخرى غير معروفة إلى الآن؟

وما الهدف من البرنامج النووي في هذه الحالة؟
 فالتصرفات الإيرانية المتكررة تولد شعوراً بعدم الثقة بها، وأنها تتلاعب بالآخرين من أجل الوصول إلى هدفها النهائي.

العقوبات وفشل المفاوضات

من هذا المنطلق، أصدر مجلس النواب الأمريكي في 9 أكتوبر 2009، قراراً تضمن نصاً مدرجاً في موازنة الدفاع لعام 2010، حيث يطالب النواب بموجب هذا النص:

1- أن يقوم الرئيس الأمريكي برفع تقرير بحلول 31 يناير 2010 حول سير العملية الدبلوماسية التي انطلقت مع إيران بشأن ملفها النووي.

2- أن يقوم وزير الدفاع برفع تقرير سنوي إلى الكونغرس حول الاستراتيجية العسكرية الحالية والمستقبلية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي موازاة ذلك يعمل المشرعون الأمريكيون على إعداد قانون عقوبات واسع وشامل ويأخذ في الاعتبار كافة العقوبات الصادرة سابقاً، وتلك التي من الممكن أن تفرض لاحقاً ومنها تشديد العقوبات المتخذة في عام 1996 بحق مجموعة من الشركات والمؤسسات المالية التي توافق على التعاون مع طهران، ويتضمن القرار إجراءات تستهدف بالأساس:

1- القطاع النفطي: حظر صادرات الوقود إلى إيران والتي تبلغ حوالي أكثر من ثلث حاجاتها الكلية من الوقود، وحجب الاستثمارات الخارجية المطلوبة لتطوير قطاعات النفط والغاز في إيران، ومعاقبة كل من يخرق هذه البنود من شركات ومؤسسات وكيانات.

2- القطاع المالي: استهداف القطاع المالي والمصرفي والتجاري في إيران، وتشديد العقوبات المفروضة في هذا الإطار وتعزيز إمكانية تجميد أرصدة، وعزل إيران تجارياً، ومعاقبة كل من يخرق هذه البنود أيضاً.

ونستطيع أن نفهم من خلال هذه الإجراءات أن المفاوضات مع إيران غير مفتوحة إلى ما لا نهاية، وأن الأمريكي يريد جواباً صريحاً وواضحاً من طهران حول الإشكالية المتعلقة ببرنامجها النووي، ولذلك فالمهلة تمتد نظرياً إلى 3 أشهر أي حتى نهاية هذا العام وبداية عام 2010. كما أنه لن يكون باستطاعة إيران التهرب من العقوبات عبر مفاوضات، إذ إن العقوبات المقترحة ستطبق على طهران في ثلاث حالات:

1- في حالة عدم التعاون بشأن وقف تخصيب اليورانيوم.
2- في حالة المراوغة والمماطلة في المفاوضات.

3- في حالة إعلان فشل المفاوضات.

وبطبيعة الحال، من شأن هذه الآلية أن تحد من مساحة التحرك في (رقعة الشطرنج) الإيرانية، وتضيق المساحة أمام طهران للتملص من التزاماتها أو الالتفاف على المفاوضات وتمييعها، لكن تطبيق العقوبات المستجدة حال حصولها لن يكون كما اعتقد من أجل إيقاف البرنامج النووي الإيراني، لأنها لن تكون قادرة على فعل ذلك في هذا التوقيت حتى لو كان الهدف من تطبيقها منع إيران من التحول إلى قوة نووية.

ولو تم تطبيق العقوبات القاسية المقترحة في بداية الأزمة، لكانت حالت على الأرجح دون تحول إيران إلى قوة نووية، أما الآن فالوقت غير كاف أولاً، وفرض عقوبات أو عدم فرضه لن يدفع النظام الإيراني إلى تغيير سلوكه إذا كان هدفه التحول إلى قوة نووية، وعندها من البديهي أن يكون الهدف من هذه العقوبات القاسية إنهاك إيران ورفع فاتورة التكلفة عندها وإبقاء الضغط العالي عليها لفتح الباب أمام الخيار العسكري.
هل تريد طهران حقيقة التوصل إلى صفقة مع الولايات المتحدة أم لا؟

السؤال الذي يشكل المحور الأساسي لكل المفاوضات الجارية، ولب الموضوع في هذا الإطار هو: هل تريد إيران التوصل إلى صفقة مع الولايات المتحدة أم لا؟

الأكيد أن النظام الإيراني لا يريد حرباً تؤدي إلى اقتلاعه وسقوطه، فهو يبني ما يبني من أجل ترسيخ سلطته وضمان استمراريته، وهو ليس انتحارياً بحيث يدفع الآخرين إلى قلبه وتغييره.

لكن المتابع الدائم للسلوك الإيراني والمقترحات الإيرانية المقدمة لحل الأزمة منذ عام 2003، يستطيع أن يرى بوضوح أن هذا النظام يريد صفقة (غير واقعية). بمعنى آخر هو يريد صفقة (يتم رفضها من قبل الآخر)، أي أقرب ما يكون إلى وضع (السلام الذي تريده إسرائيل) وهو سلام غير ممكن لأحد أن يقبله.

لذلك نرى بشكل دائم أن طهران تحاول دوماً أن ترفع من سقف مطالبها عبر الأوراق والمقترحات المقدمة إلى المجتمع الدولي إلى حدود اللامعقول، وكأن الولايات المتحدة تتفاوض مع الاتحاد السوفييتي أو مع قوى عظمى من طرازها.

 ولذلك فإذا أردنا أن نفهم ماهية التصرف الإيراني هذا والهدف منه، فعلينا الرجوع إلى الوراء حتى عام 1979 أي تاريخ الثورة الخمينية. فالنظام المتحكم في إيران اليوم جاء عبر ثورة أطاحت بالشاه، وإحدى الركائز المهمة التي بنى النظام عليها شرعيته، ولايزال يستمدها منه أيضاً، هي العداء لأمريكا وإسرائيل (ولو شكلياً). وحصول صفقة بهذا المعنى ستنهي كل الخلافات مع الولايات المتحدة، وترتقي بالعلاقات إلى مستوى متميز نظراً لموقع إيران وحجمها وقدراتها وأيضاً لحجم الملفات المشتركة بينها وبين أمريكا، وعندها لن تكون هناك حاجة في ذهن الإيرانيين لهذا النظام، لأن ما يسعى إليه الآن كان الشاه المطاح به قد توصل إليه منذ زمن بعيد.

ما نستطيع أن نستنتجه من خلال متابعتنا لسياسة النظام الإيراني وتحركاته وجدول أعماله، أن جل ما يريده هو التفاهم على ملفات وقضايا أو إبرام (صفقة كبرى)  لن تكون مقبولة بأي حال من الأحوال كما سبق وشرحنا، كما أنها ستؤدي إلى إضعاف نظام الحكم في طهران وليس إلى تقويته، أي ستكون بمثابة حصان طروادة، وهذا ما يفسر رفض إيران المتكرر للحوافز المقدمة إليها من قبل المجتمع الدولي وآخرها المقدم في 14/6/2008، ووصف حينها بأنه (عرض مغر جداً)، إلا أن الوضع المثالي الذي يسعى إليه النظام باعتقادي دائماً هو حالة (لا حرب ولا صفقة) أي التفاهم على الملفات مع احتفاظه دائماً بأوراق تخوله حماية نفسه، مما يتيح له الحفاظ على نفسه وتوسيع رقعة نفوذه وهي السياسة المتبعة من انتهاء الحرب بينه وبين العراق في عام 1988 وحتى اليوم.

عرض الحوافز المغري المقدم لإيران بتاريخ 14/6/2008 وفقاً لما نشره مجلس الاتحاد الأوروبي والذي تم رفضه من قبل إيران
الطاقة:


• توفير المساعدات التقنية والمالية اللازمة لاستخدام إيران السلمي للطاقة النووية، ودعم استئناف مشاريع التعاون التقني في إيران من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

• دعم إقامة مفاعلات الماء الخفيف استناداً لآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا.

• مساندة الأبحاث والتنمية في الطاقة النووية وذلك مع استعادة الثقة الدولية تدريجياً.

• توفير ضمانات إمدادات الوقود النووي الملزمة قانونياً.

• التعاون بخصوص معالجة الوقود المستنفد والفضلات الإشعاعية.

• إقامة شراكة استراتيجية طويلة الأجل وواسعة النطاق في مجال الطاقة بين إيران والاتحاد الأوروبي وغيره من شركاء على استعداد للتعاون، مع اتخاذ إجراءات وتطبيقات عملية.

الاقتصاد:

• اتخاذ خطوات باتجاه تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية كتحسين قدرة إيران على الوصول إلى الاقتصاد والأسواق والاستثمارات الدولية من خلال دعم عملي للاندماج الكامل في مؤسسات دولية بما فيها منظمة التجارة العالمية، وإنشاء إطار لزيادة الاستثمارات المباشرة في إيران والتجارة معها.

• دعم التنمية الزراعية في إيران، وتسهيل الاكتفاء الذاتي التام بالغذاء من خلال التعاون في مجال التقنية.

• المساعدة على إقامة مشاريع مدنية في ميادين حماية البيئة والبنية التحتية والعلوم والتكنولوجيا المتطورة، تطوير بنية تحتية للنقل بما في ذلك ممرات نقل دولية.
• دعم تحديث البنية التحتية للاتصالات البعيدة في إيران، أو حتى في قطاع النقل والطيران المدني، كإمكانية التعاون في الطيران المدني بما في ذلك إمكانية إلغاء القيود المفروضة على المصنعين الذين يصدرون طائرات إلى إيران، وتمكين إيران من تجديد أسطول طائراتها المدنية.

السياسة:

• تحسين علاقات الدول الست ( 5 + 1 ) والاتحاد الأوروبي مع إيران وإقامة ثقة متبادلة.
• تشجيع الاتصالات المباشرة والحوار مع إيران.

• دعم إيران في القيام بدور مهم وبناء في الشؤون الدولية.

• تشجيع الحوار والتعاون بشأن قضايا عدم الانتشار والأمن الإقليمي وإشاعة الاستقرار.

• العمل مع إيران وغيرها من دول المنطقة على تشجيع إجراءات بناء الثقة والأمن في المنطقة.

• تأسيس آليات ملائمة للتشاور والتعاون.

• دعم فكرة عقد مؤتمر يتناول قضايا الأمن الإقليمي.

• التأكيد مجدداً على أن حلاً للقضية النووية الإيرانية سيساهم في جهود منع الانتشار، وتحقيق منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك وسائل إطلاقها.

• التأكيد مجدداً على الالتزام بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لأية دولة، وبأي شكل لا ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة.

• التعاون حول موضوع أفغانستان، بما في ذلك تعزيز التعاون في الحرب ضد تجارة المخدرات ودعم برامج حول عودة اللاجئين الأفغان إلى بلادهم، والتعاون بشأن إعمار أفغانستان، والتعاون في مجال حراسة الحدود الإيرانية ـ الأفغانية.

الكاتب :-
علي حسين باكير
باحث في العلاقات الدولية

الأربعاء، 15 يونيو 2011

ملخص كتاب حرب العملات للأمريكي ومؤامرة انخفاض الدولار

يكثر الحديث هذه الأيام عن قضية انخفاض الدولار..ولا يخرج الحديث عادة عن تحليلات تقليديه مكرره لاجديد فيها..لكن ظهور كتاب حرب العملات للأمريكي من أصل صيني سنوغ هونغبين أحدث ضجة عظيمة وربما كشف الكثير مما خفي.. بحثت عن ذلك الكتاب فوجدت العديد من المقالات تحدثت عنه وعن أبرز الأفكار التي أثارها..وبالنسبة لي كانت المعلومات مثيرة جداً وللمرة الأولى أسمع بها..

في الوقت الذي تنخفض فيه قيمة الدولار الأميركي مقارنةً باليورو، يعزّز ارتفاع أسعار النفط والذهب الشكوك التي كان كتاب «حرب العملات»(The currency war) الذي صدر في أيلول الماضي قد أثارها بالحديث عن «مؤامرة يهوديّة» تعدّ لتقويض «المعجزة الصينية»

يتعرّض كتاب «حرب العملات»، الذي ألّفه الباحث الأميركي من أصل صيني، سنوغ هونغبينغ، لهجوم من منظّمات يهوديّة أميركيّة وأوروبيّة تتّهم مؤلّفه بمعاداة الساميّة بسبب تحذيره من تزايد احتمال تعرّض ما يسمّيه «المعجزة الصينية» الاقتصادية للانهيار والتدمير بمؤامرة تدبّرها المصارف الكبرى المملوكة لليهود منذ القرن التاسع عشر، حين تمكّنت عائلة روتشيلد اليهوديّة من تحقيق مكاسب هائلة حينذاك زادت على 6 مليارات دولار، وهي ثروة تساوي مئات الأضعاف اليوم.
ويرى هونغبينغ أنّ تراجع سعر الدولار وارتفاع أسعار النفط والذهب سيكونان من العوامل التي ستستخدمهما عائلة روتشيلد لتوجيه الضربة المنتظرة للاقتصاد الصيني. وبهذه الفرضيّة، حقّق كتابه مبيعات قياسيّة منذ صدوره، بلغت نحو مليون وربع مليون نسخة.
خطة المؤامرة اكتملت
منتقدو هونغبينغ يتّهمونه بأنّه يميل إلى نظرية المؤامرة في ما يتعلق بالسيطرة اليهودية على النظام المالي العالمي، فهو يعتقد أنّه لم يعد هناك شك في أن عائلة روتشيلد انتهت بالفعل من وضع خطة لضرب الاقتصاد الصيني، مشيراً إلى أنّ الشيء الذي لم يُعرف بعد، هو متى ستُوَجَّه هذه الضربة، وخصوصاً أنّ «الظروف المهيّأة» تتبلور: ارتفعت أسعار الأسهم والبورصة وأسعار العقارات في الصين إلى مستويات غير مسبوقة، في ظلّ احتياطيّات ضخمة. لذا، دعا الصين إلى اتخاذ إجراءات وقائيّة بشراء الذهب بكميّات كبيرة من احتياطها من الدولار، مشيراً إلى أنّ الذهب هو العامل الوحيد القادر على مواجهة أي انهيار في أسعار العملات.
ويقول هونغبينغ في معرض تحذيره للصينيّين إنّه عندما تصل أسعار الأسهم والعقارات إلى ارتفاعات مفرطة، يكفي المتآمرين الأجانب ليلة واحدة فقط لتدمير اقتصاد البلاد، من خلال سحب استثماراتهم من البورصة وسوق العقارات ليحقّقوا أرباحاً طائلة بعدما يكونون قد سبّبوا خسائر فادحة للاقتصاد الصيني.
فرغم أنّ الصين تحاول الحدّ من تدفّق رؤوس الأموال الأجنبيّة عليها بمعدلات تفوق المعقول، فإنّ المسؤولين الصينيّين ينظرون بشكّ عميق تجاه النصائح الغربيّة بفتح نظامهم المالي وتعويم عملتهم اعتقاداً منهم «أنّها وسيلة جديدة لنهب الدول النامية». إلّا أنّ الكتاب يكشف عن أنّ حكومة بكين لم تستطع على عكس ما تتخيّل، السيطرة بشكل كامل على دخول المليارات إلى السوق بسبب تسلّل هذه المليارات من بوابة هونغ كونغ وشينزين.
ويرى الكتاب أنّ وضع الصين الاقتصادي يقترب إلى حدّ كبير من الوضع الاقتصادي لدول جنوب شرق آسيا وهونغ كونغ عشيّة الأزمة الاقتصاديّة الكبرى عام 1997. ويستعرض بقدر من التفصيل المؤامرة التي أدّت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي، مشيراً إلى أنّ تفتت هذه القوة العظمى لم تكن على الإطلاق وليدة الصدفة، بل هي انهيارات خُطّط لها بعناية من عائلة روتشيلد وحلفائها.
بداية سيطرة روتشيلد
يرى هونغبينغ أنّ حرب العملات الحقيقيّة بدأت في واقع الأمر على يد عائلة روتشيلد اليهودية في 18 حزيران 1815، قبل ساعات قليلة من انتصار القوّات البريطانية في معركة «ووترلو» على قوّات إمبراطور فرنسا، نابوليون بونابارت. ويوضح أنّ الابن الثالث لروتشيلد، ناتان، استطاع بعدما علم باقتراب القوّات البريطانيّة من تحقيق فوزها الحاسم، استغلال هذه المعلومة العظيمة للترويج لشائعات كاذبة تفيد بانتصار قوّات نابليون حتى قبل أن تعلم الحكومة البريطانيّة نفسها بهذا الانتصار بـ24 ساعة، لتنهار بورصة لندن في ثوانٍ معدودة، وتبادر العائلة لشراء جميع الأسهم المتداولة فيها بأسعار متدنية للغاية لتحقيق مكاسب طائلة، بعد عودة الأمور إلى مجرياتها الصحيحة.
ويستشهد هونغبينغ بمقولة مشهورة لناتان روتشيلد، بعدما أحكمت العائلة قبضتها على ثروات بريطانيا: «لم يعد يعنيني من قريب أو بعيد من يجلس على عرش بريطانيا، لأنّنا منذ أن نجحنا في السيطرة على مصادر المال والثروة في الإمبراطورية البريطانيّة، فإنّنا نكون قد نجحنا بالفعل في إخضاع السلطة الملكية لسلطة المال التي نمتلكها».
وقد حوّلت هذه المكاسب العائلة من مالكة لمصرف مزدهر في لندن إلى إمبراطوريّة تمتلك شبكة من المصارف والمعاملات الماليّة تمتدّ إلى باريس مروراً بفيينا ونابولي وانتهاءً ببرلين وبروكسل. وفي هذا الصدد، يتحدّث الكاتب عن كيفيّة نجاح الابن الأكبر، جايمس روتشيلد، عام 1818، في تنمية ثورة العائلة من أموال الخزانة العامّة الفرنسية؛ فبعد «ووترلو»، حاول ملك فرنسا الجديد، لويس الثامن عشر، الوقوف في وجه تصاعد نفوذ العائلة في بلاده، فما كان من جايمس إلّا أن قام بالمضاربة على الخزانة الفرنسيّة حتى أوشك الاقتصاد الفرنسي على الانهيار. وهنا، لم يجد الملك مخرجاً سوى اللجوء إلى جايمس الذي لم يتأخر عن تقديم يد العون، لكن نظير ثمن باهظ، هو الاستيلاء على جانب كبير من سندات المصرف المركزي الفرنسي واحتياطيّاته.
وبذلك، تمكّنت العائلة اليهوديّة، بين عامي 1815 و 1818، من جمع ثروة تزيد على 6 مليارات دولار من بريطانيا وفرنسا، ما جعلها، وفقاً للكتاب، على تلال من المليارات من مختلف العملات العالميّة. ولم يعد أمامها سوى عبور الأطلسي، حيث الولايات المتحدة التي تمتلك كل المقوّمات لتكون القوّة العظمى الكبرى في العالم في القرن العشرين.
الانتقال إلى أميركا
رأت عائلة روتشيلد بعد ذلك، ومعها عدد من العائلات اليهودية الأخرى البالغة الثراء، أنّ المعركة الحقيقيّة في السيطرة على العالم تكمن في واقع الأمر في السيطرة على الولايات المتحدة، فبدأ مخطط آخر أكثر صعوبة، إلّا أنّه حقق مآربه في النهاية.
فقد شهد يوم 23 كانون الأوّل عام 1913 منعطفاً مهماً في تاريخ الولايات المتحدة عندما أصدر الرئيس الأميركي ويدرو ويلسون قانوناً بإنشاء المصرف المركزي الأميركي، الاحتياطي الفدرالي، لتكون الشرارة الأولى في إخضاع السلطة المنتخبة ديموقراطياً لسلطة المال وكبار رجال المصارف الخاضعين لليهود بعد حرب شرسة بين الطرفين استمرّت 100 عام.
ويتناول «حرب العملات» بالتفصيل ظروف تلك الحرب الشرسة بين رؤساء أميركا والأوساط الماليّة والمصرفيّة التي يسيطر عليهما اليهود، والتي انتهت بسقوط المصرف المركزي الأميركي في براثن إمبراطورية روتشيلد وأخواتها.
ويستشهد الكتاب بالرئيس أبراهام لينكولن، الذي شدّد أكثر من مرّة على أنّه يواجه عدوّين: الأوّل، «الأقلّ خطورة»، قوّات الجنوب. أمّا الثاني والأخطر، فهو أصحاب المصارف المستعدّين لطعنه.
ويكشف هونغبينغ عن أنّ الحرب أدت إلى مقتل 6 رؤساء، إضافة إلى عدد آخر من أعضاء الكونغرس. فقد كان الرئيس وليام هيريسون، الذي انتخب عام 1841، أوّل ضحايا الحرب عندما عُثر عليه مقتولاً بعد شهر واحد فقط على تولّيه مهماته، انتقاماً من مواقفه المناهضة لتغلغل أوساط المال في الاقتصاد الأميركي. أمّا الرئيس زيتشاري تايلور، الذي مات في ظروف غامضة، فقد أثبتت التحليلات التي جرت على عيّنة من شعره، استخرجت من قبره بعد مرور 150 عاماً على وفاته (عام 1991) أنّها تحتوي على قدر من سمّ «الزرنيخ».
كما قتلت الحرب لينكولن عام 1841، بطلق ناري في رقبته، فيما توفّي الرئيس جايمس غارفيلد إثر تلوّث جرحه بعد تعرضه لطلق ناري من مسدّس أصابه في ظهره. أمّا الرئيس الأميركي الذي أعطى الانطباع بأنّه انتصر على رجال المصارف، فهو أندرو جاكسون (1867 ـ 1845) الذي استخدم مرتين حق الفيتو ضد إنشاء «الاحتياطي الفدرالي، وساعدته في مقاومته، شخصيّته الجذّابة في أوساط الأميركيّين».
الاحتياطي الفدرالي
أوصى الرئيس جاكسون قبل وفاته بأن يُكتب على قبره عبارة: «نجحت في قتل لوردات المصارف رغم كلّ محاولاتهم للتخلص منّي»، غير أنّ ذلك النجاح المؤقّت لم يمنع العائلة وأخواتها من السيطرة على المرافق الماليّة، وبينها المصرف المركزي.
وحاولت بعض وسائل الإعلام الصينيّة التحقّق من هذا الأمر باستضافة الرئيس السابق لـ«الاحتياطي الفدرالي»، بول فولكر، الذي اعترف بأنّ المصرف المركزي الأميركي ليس مملوكاً للحكومة الأميركيّة بنسبة 100 في المئة لوجود مساهمين كبار في رأسماله، غير أنّه طالب الصينيّين بعدم إصدار أحكام مسبقة في هذا الصدد.
ومن المعروف أن «الاحتياطي الفدرالي» يصف نفسه بأنّه «خليط غير عادي من عناصر القطاعين العام والخاص». ويتجاوز هونغبينغ ذلك ليؤكّد أنّه يخضع لخمسة مصارف خاصّة، على شاكلة «سيتي بانك»، وهي تخضع بالفعل لأثرياء اليهود الذين يحرّكون الحكومة الفدراليّة من وراء الستار، وبالتالي فهم يتحكّمون باقتصاد العالم.
واتهمت بعض الأوساط اليهوديّة الكتاب بأنّه «معادٍ للسامية»، مشيرةً إلى أنّه في حال حدوث أيّ انهيار للاقتصاد الصيني فإنّ المسؤوليّة عن ذلك يجب أن تلقى على عاتق انتهاكات الصين لحقوق الإنسان وكبت الحريّات وحرمان تايوان من الاستقلال، لا على عاتق اليهود، وذلك رغم إشادة هونبينغ بذكاء اليهود، حيث يقول: «يعتقد الشعب الصيني أنّ اليهود أذكياء، لذلك ينبغي أن نتعلّم منهم. وحتى أنا أعتقد أنهم بالفعل أذكياء، وربما أذكى الناس على وجه البسيطة».

[ اتمنا ان نفهم ما يدور حولنا ]

قيادة أمريكا للعالم برسم السؤال ؟

الأستاذ جواد الحمد / مدير مركز دراسات الشرق الأوسط - صحيفة الدستور الأردنية - 29/4/2011
كثيرة هي الملاحظات والانتقادات بل والاتهامات التي وجهت للولايات المتحدة في تعاملها مع العامل الإسلامي ومن ثم مع الوطن العربي، وتفاصيل الصراع العربي-الإسرائيلي، وكثيراً ما قدم المدافعون عنها التبريرات التي لم تقنع الشعوب العربية والإسلامية وأن اقنعت جزءاً من النخب السياسية الحاكمة وبعض من يسمون بالليبراليين في البلاد العربية والإسلامية.

لكن الثورة العربية الجديدة شكلت منعطفاً لم يتعامل وفق المقاييس والمعايير والحسابات، فقد أعلنت ومنذ اللحظة الاولى بأكثر من شكل وتعبير وواقع بأنها لن تقبل بتبعية دول العرب للولايات المتحدة بعد اليوم.

الملفت للأنتباه أن الإدارة الأمريكية فوجئت بإندلاع الثورة في تونس وفوجئت بانتقالها إلى مصر، ولذلك أتسم تعاملها مع هذه الثورات بالتردد والإرتباك، حيث شكلت هذه الثورة متغيراً استراتيجيا دفع بقوى جديدة إلى الحكم، وأبعد قوى قديمة عنه، ما وفر جواً جديداً ومنطقاً جديداً يعتمد على بناء الشرعية الشعبية التي يفترض أن تحقق مصالح الشعب والأمة أولاً، ولذلك عكفت مراكز التفكير الأمريكية عل دراسة المتغير بكل جوانبه لتقديم توصياتها في كيفية التعامل معه خلال التشكل وبعده، ولم تنجح الولايات المتحدة بتقديم الجيوب المتقدمة التي مولتها وأعدتها لمثل هذه اللحظة، وأن كانت لم تيأس حيث تحاول عبر مؤسسات وشخصيات، وعبر تدخل مع القيادات الجديدة، المشاركة في رسم المشهد والبنية الجديدة للنظام السياسي، وعينها ترنو على مصالحها المتعددة والتي من بينها حفظ أمن إسرائيل.

ولذلك فإذا كانت الولايات المتحدة قد فقدت السيطرة على الوضع السياسي في الشرق الأوسط بنجاح ثورات وتصاعد أخرى في أنحاء الوطن العربي، وإذا كانت لم تنجح في توقع هذه الثورات أو قريباً منها، وإذا كانت أدواتها وسياساتها القديمة لم تعمل بشكل يحفظ مصالحها، ما يؤكد فساد السياسات والأداوات والأنظمة الموكل لها أو التي أعتمد عليها حفظ هذه المصالح، فأن التساؤل المشروع اليوم يثار حول أهلية الولايات المتحدة وقدرتها على قيادة العالم وسياساته في المنطقة.

لقد تعرضت السياسة الخارجية الأميركية لانتقادات لاذعة في العقود الاربعة الماضية، حيث تداول الساسة الامريكيون مسالة الدرجة التي يمكن للولايات المتحدة ان تعمل بها كشرطي عالمي، وكقوة طاغية في تهديد او حماية الآخرين وفق مؤشرات مصالحها، واليوم يعود التساؤل من جديد، هل ستبقي الولايات المتحدة على ادواتها ومقاييسها وفلسفاتها الاستراتيجية السابقة في ظل هذه الثورات العربية، وهل ستنجح في ان تحفظ مصالحها في ظل الاوضاع الجديدة التي تسوق قوى مناهضة لهيمنتها ولاسرائيل الى الحكم حسبما يلحظ المراقبون، وهل ستكلف نفسها عناء التحول الاستراتيجي في التعامل مع العرب كطرف ولاعب مهم على الصعيدين الاقليمي والدولي ؟

ان التساؤل في العالم العربي يتزايد عن مدى الاستعداد الامريكي للاعتراف باستقلال المنطقة وحريتها، والابتعاد عن سياسة الهيمنة والسطوة الامنية في التعامل مع النخب الحاكمة الجديدة، وسواء تمكنت امريكا من تحقيق نصيب وافر في تشكيل الوضع الجديد أو تراجعت نجاحاتها إلى نسب متواضعة فأن التساؤل سيبقى مشروعا لان منهج وبرنامج الثورة الشعبية أصبح مظهراً اجتماعيا وأستند إلى ديناميكيات التغير والتطور الاجتماعي الخاص بالمنطقة والذي ساهمت فيه برامج وسياسات قوى عربية وإسلامية حية من جهة، كما ساعده سياسات الدول والنخب الحاكمة التي استنارت بالوصفات الامريكية للتعامل مع التطور والحراك وبما في ذلك استمرار انتهاك حقوق الانسان وممارسة الاستبداد بابشع صوره، ناهيك عن الارتهان للسياسات الامريكية على حساب مصالح الشعب والامة وعلى حسبا قضاياها الكبرى مثل قضية فلسطين والعراق والتجارة البينية العربية وغيرها من القضايا القومية الكبرى.

لذلك فان النظر الى المستقبل بروح الثورة ونتائجها الاولية، وفي ظل تطلعات شعوب المنطقة للحرية والكرامة والاستقلال والتقدم، والقضاء على الفساد والاستبداد والظلم، يؤكد ان صورة الولايات المتحدة لا تزال بعيدة كثيراً عن الاحترام في مثل هذا الجو وهذه البيئة السياسية والفكرية، ما يؤثر تأثيراً بليغاً على صلاحيتها قائداً أو زعيماً للنظام الدولي الذي يعتمد على نفط المنطقة ويعتبر إسرائيل مصلحة استراتيجية وهي تعادي الأمة وتنتهك كل القوانين والحقوق، فهل بالفعل أصبحت قيادة الولايات المتحدة للنظام الدولي وعلى الأقل في منطقة الشرق الأوسط برسم السؤال والبحث الجاد عربياً وأمريكياً ؟

الاقتصاد الإيراني في ظل نظام الباسداران

موقع مصباح الحرية 28-10-1429هـ / 28-10-2008م

تقع إيران حاليا في قلب الحدث السياسي بسبب برنامجها النووي. وبالرغم من الاضطراب السياسي الناجم عن أزمة الملف النووي الإيراني يجب أن لا ننسى المحنة الاقتصادية الحقيقية التي يعيشها المجتمع الإيراني. فإذا سلطنا الضوء على المعطيات الكََمية للاقتصاد الإيراني نصل إلى خلاصة مفادها أن 85 % من البنية الإنتاجية الإيرانية مملوكة من قبل النظام الحاكم. وعلى غرار الاقتصاديات الموجهة، فالقرارات لا تصدر بدون موافقة "السلطات المعنية" الشيء الذي يضعف الحريات الاقتصادية ويشجع اقتصاد الريع. ففي إيران، قام النظام الحاكم القائم على ولاية الفقيه بتفويض إدارة شؤون البلاد الاقتصادية للحرس الثوري (الباسداران) مقابل توفير الحماية للنظام. مما أدى إلى سيطرة الباسداران بقيادة الجنرال سفافي على جزء كبير من الاقتصاد الإيراني وما نتج عنه من تضييق على حرية ممارسة التجارة وعرقلة نمو و تطور البلاد بشكل واضح.

تعتبر تركيبة نظام الحكم في إيران تركيبة معقدة. إذ أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية تقوم، كما ينص الدستور الذي وضع بعد الثورة الإسلامية سنة 1979 و عدل سنة 1989 بعد وفاة أية الله الخميني، تقوم على ركيزتين أساسيتين: الإسلام من جهة والنظام الجمهوري من جهة أخرى. فشرعية السلطة مزدوجة وهي تُستمد من الإرادة الإلهية (مادة 2) من جهة ومن إرادة الشعب (مادة 1 ومادة 6) من جهة أخرى.

كما أن الدستور يولي أيضا أهمية خاصة لمؤسسة ولاية الفقيه. فالمرشد الأعلى للثورة يعتبر العمود الفقري للنظام الإيراني. فهو يشرف على السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، و يحافظ على حسن سير المؤسسات، ويضع الخطوط العريضة لتوجهات البلاد السياسية والاقتصادية والأخلاقية. وتوزيع الريع من قبل الدولة والذي يشكل أداة لدعم الاقتصاد الفارسي، لا يستفيد منه إلا الأشخاص الذين يؤمنون بمبادئ الثورة.

ويعتبر جهاز الحرس الثوري الإيراني، الباسداران، الذي أسسه الإمام الخميني في بداية الثورة في إيران، من اقرب الأجهزة من المرشد الأعلى للثورة. فحتى نهاية الحرب ضد العراق كان الباسداران يُعتبر جيش تحرير. بعد ذلك قاموا بتنظيم أنفسهم وأصبحوا تنظيما عسكريا و استخباراتيا حقيقيا، لا يتوانى عن التدخل في الشؤون المدنية، كالتصنت على المكالمات الهاتفية و التجسس على المعارضة الموالية للغرب، وذلك من أجل حماية مبادئ الثورة. وبعد دلك تحول حوالي اثنا عشر ألفا من عناصر الباسداران إلى التجارة مستفيدين من السلطة المطلقة التي يتمتعون بها. فالرئيس الإيراني الحالي، السيد أحمدي نجاد، وعدد من وزرائه ينتمون إلى الباسداران. ومن البديهي أن يصبح من السهل حصول التجار المنتمين إلى الباسداران، على مشاريع الدولة الكبيرة كمشروع تطوير حقل بارس الجنوبي للغاز المقدر ب 1.56 مليار يورو (حوالي 2.10 مليار دولار).

إن الاقتصاد الإيراني الحالي يعيش على الإعانات المالية الضخمة التي يقدمها النظام الحاكم. فرجل الأعمال الذي ينجح في إيران هو الذي يتلقى دعم الدولة. نحن أمام نظام مبني على الفساد، والبحث عن المكاسب المالية. اقتصاد غير قابل للتطور في ظل هذه الظروف. فككل مجموعة ضغط، حول الباسداران دعمهم للثورة إلى امتيازات. إذ عُهد إليهم الأمن الداخلي والخارجي وجميع الصناعات العسكرية والنفطية والزراعية فأصبحوا يسيطرون على الاقتصاد بدون أي منافس. وشكل الباسداران في العديد من القطاعات التي يسيطرون عليها اتحادات احتكارية، فأصبحوا بذلك المُسيرين الجدد للاقتصاد الإيراني على حساب حرية ممارسة التجارة وديناميكية السوق.

ويعتبر الاقتصاد الإيراني في الوقت الحالي فريسة للتخلف. فالناتج المحلي الإجمالي الإيراني يقارب ال196.3 مليار دولار. والدخل الوطني الإجمالي (بمقياس القوة الشرائية للعام 2005) وصل إلى 545 مليار دولار، أي ما يقارب ال8050 دولارًا للفرد الواحد. أما بالنسبة لمؤشر التنمية البشرية، فتحتل إيران المركز ال 96 بين دول العام بمعدل 0.746. كما أن التضخم الذي تصل نسبته إلى 15% سنويا يعرقل بدوره مشاريع الفاعلين الاقتصاديين. يضاف إلى ذلك نسبة بطالة مرتفعة تطال 20 مليون نسمة من سكان إيران الذين يصل عددهم إلى 70 مليون نسمة. كما أن سوق العمل حاليا مشبع ولا يمكنه أن يحتوي ال 800.000 شاب الوافدين إليه سنويا.

يعتمد الاقتصاد الإيراني بشكل أساسي على الصادرات النفطية. فالذهب الأسود يشكل 85% من إجمالي الصادرات. صحيح أن العائدات النفطية ارتفعت من 32 مليار سنة 2004 إلى ال50 مليار سنة 2006 . إلا أن غياب التنوع في نشاطات التصدير يضر بالاقتصاد لأنه يقوم على التخصص في قطاعات أولية غير متطورة وغير قادرة على مواجهة المنافسة. كما أن الضعف التكنولوجي للاقتصاد الإيراني يفرض عليه التموين من الخارج خاصة وأن ذوي الكفاءات يهاجرون إلى الغرب مما يزيد من حدة ظاهرة ضعف التنوع الاقتصادي.

إن الاقتصاد الفارسي يعيش حالة من الازدواجية لأن الاقتصاد المقنن يصطدم مع اقتصاد السوق السوداء الذي يتمثل بالتجار الصغار الأحرار. فالسوق السوداء أو الاقتصاد الموازي يشكل ما بين %20 و%30 من الاقتصاد الحقيقي في إيران. هذه الازدواجية تعكس الشغف بالتجارة المعروف عند الإيرانيين. شغف يتم اضعافه وإهماله من قبل الباسداران، الساعد السياسي والاقتصادي للمرشد الأعلى وأصحاب القرار الجدد في إدارة الاقتصاد الإيراني.

باحث في مركز الدراسات الاقتصادية في جامعة بول سيزان في مرسيليا.


الكاتب :- نيكولا لامي