السبت، 4 يونيو 2011

نصر الله يهدد السعودية ؟

الشرق الأوسط اللندنية 1-رجب-1432هـ / 3-يونيو-2011م

يا لها من سخرية.. زعيم حزب الله يهدد المملكة العربية السعودية، ويدافع عن النظام القمعي السوري في يوم ذكرى وفاة الخميني، حيث تغنى حسن نصر الله بما سماه المميزات التي تركها الولي الفقيه لإيران والإيرانيين! في ذلك الخطاب، يقول نصر الله إنه في حال تقسمت سوريا، فالدور على السعودية، في تهديد واضح وصريح للرياض من قبل زعيم حزب الله الذي يكشف يوما بعد آخر عن وجه طائفي، وجهل سياسي، وضعف بالذاكرة أيضا.

وكما قلنا سابقا، فمع كل تصريح لنصر الله يتورط ويورط حزبه أكثر. فنصر الله، الذي يتحدث اليوم عن مشروع تقسيم أميركي في المنطقة يستهدف سوريا، يتناسى ما قاله هو بنفسه تعليقا على ما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل يوم أعلن أن خادم الحرمين الشريفين قد رفع يده عن ملف الوساطة اللبنانية، وحذر وقتها الفيصل من خطورة تقسيم لبنان. بعدها خرج نصر الله معلقا، بل متهكما، على تصريح الفيصل، وقال في خطاب متلفز إنهم يقولون إن هناك خطرا على تقسيم لبنان «يا عمي شو هالحكي.. لبنان كله هالقد» مشيرا بكف يده، وهو يتبسم باستخفاف.

واليوم يخرج نصر الله نفسه ليحذر من خطورة التقسيم، فهل من سذاجة أكثر من هذه؟ بل دعونا نتأمل الموقف بدقة أكثر، فنصر الله يدعم شيعة البحرين المطالبين بالجمهورية البحرينية الإسلامية ولا يخشى من أضرار التقسيم، أو المخطط الأميركي، لكنه يخشى التقسيم اليوم في سوريا لأن الشعب المحكوم من قبل أقلية - تحكم كالملكية - هب يطالب بحقوقه وكرامته! فيا سبحان الله، هل بعد هذه الطائفية طائفية؟ تهديد نصر الله للسعودية واضح، وأهدافه كذلك.. فزعيم حزب الله بيننا مثله مثل «محللي» النظام السوري في الفضائيات العربية، إلا أن نصر الله يعتبر «محلل» إيران على الأرض وبالسلاح الذي يختطف به لبنان، وهو السلاح الذي لن يفيده، خصوصا إذا ما لاحظنا أمرا مهما في خطابه الأخير، الذي هدد فيه السعودية، حيث كشف نصر الله عن خوف عميق يعتريه، إذ نادى بضرورة تطوير مفهوم الدولة في لبنان، في محاولة واضحة لاستباق ما هو آت بعد سقوط النظام السوري.

فنصر الله، وإن تظاهر بالثقة ولاطف جمهوره بالقول بأن دولة الولي الفقيه لا يوجد فيها شباب «ستار أكاديمي»، فهو بالتأكيد قد سمع الشباب السوري يهتف: «لا إيران ولا حزب الله.. بدنا مسلم يخاف الله».

ونصر الله يعرف جيدا أن هذا ليس هتاف شباب «ستار أكاديمي» في سوريا، بل هتاف من قال بصوت مسموع: «الموت ولا المذلة». عليه، فإن تهديد نصر الله للسعودية واضح، ودعمه للنظام القمعي السوري واضح كذلك، ويكشف عن وجه طائفي، مثل ما يكشف عن ورطة حزب الله اليوم، الذي يعرف أن سقوط نظام دمشق يعني انهيار سياسة إيران الخارجية، ونهاية الحزب نفسه، وهذه كل القصة، التي نشاهد أكثر فصولها تشويقا اليوم!

أما بالنسبة للسعودية، فنصر الله وإيران، يعلمان جيدا أنه لا خوف على من «عبر الجسر»!

الكاتب :-طارق الحميد

من باع مليون بيكسل - قصة قد تستفيد منها

أنهى أليكس تيو (21 عاماً) دراسته الثانوية، وبدأ الاستعداد للمرحلة الجامعية، وكونه شاباً إنجليزياً يعيش في العاصمة لندن حيث التعليم الجامعي باهظ التكاليف ومستهلك للثروات الصغيرة، مما دفعه لهذه الفكرة (وقتها كانت المجنونة، وأما بعد نجاحها فهي العبقرية) لكي تعينه على تكاليف الدراسة الجامعية، والتي تتلخص في إنشاء موقع به صفحة واحدة يضع عليها مليون نقطة/بكسل مع عرضه كل نقطة منها للبيع مقابل دولار واحد فقط، ولأن نقطة واحدة لن تكون مرئية بما يكفي، فأقل مساحة يمكن شرائها هي مستطيل صغير من 10 نقاط ضرب 10 نقاط (بإجمالي 100 نقطة أي ما يساوي مئة دولار) وأما الدافع وراء شراء الإعلانات في موقع أليكس هو لمساعدته على الذهاب للجامعة!
سياسة أليكس التسويقية تمحورت حول مراسلة جميع أصدقائه، طالباً منهم مساعدته بنقل خبر إنشائه لهذا الموقع لكل من يعرفون وحثهم على الشراء على سبيل المساعدة، وبعدما تدور العجلة وتبدأ بعض الإعلانات في الظهور، يخبر الصحافة من أجل بعض الدعاية لموقعه. في يوم الجمعة 26 أغسطس 2005 كان كل شيء معداً وبدأ أليكس العمل. أول ثلاثة أيام تمكن أليكس من بيع 400 بكسل (بما يعادل 400 دولار). مبلغ ليس صغيراً في مقابل مجهود الشاب الإنجليزي البسيط. بعد يومين تم بيع 100 بكسل، وبعدها بيوم تم بيع 400 أخرى، وبعدها بيومين باع 200 ثم بدأ البيع في التوقف، لكن وسائل الإعلام المحلية كانت قد التقطت الخبر وبدأت تتناقله فيما بينها، ما أدى إلى بيع 2500 بكسل في يوم واحد (8 سبتمبر 2005) تلتها 1900 بكسل مباعة، وهكذا.

خلال أسبوعين كان أليكس قد حقق قرابة عشرة آلاف دولار من المبيعات، أو 1% مما كان يخطط له، وخلال ثلاثة أسابيع كان قد أمن من المال ما يكفيه لقضاء ثلاث سنوات في جامعته، شاملة الإقامة والمعيشة (قرابة 37 ألف دولار). قبل ذهاب أليكس للجامعة فعلاً كان قد باع قرابة 110 ألف بكسل، وبدأ يعاني من كثرة المقابلات الصحفية وكثرة الطلبات على شراء المزيد من النقاط، مما جعله يسهر الليالي الطوال لتنفيذ طلبات العملاء والرد على استفساراتهم. في الوقت ذاته بدأ ترتيب موقعه العالمي ينطلق بسرعة الصاروخ إلى قمة الترتيب.

بعد مرور 38 يوماً على إطلاق فكرته العبقرية، كان أليكس قد جمع ربع مليون دولار، على أن أليكس كان قد أطلق فكرة جديدة تماماً انتشرت كما النار في الهشيم، وبدأت مئات المواقع تقلد فكرته خلال شهر واحد، ولا عجب في ذلك فشبكات التلفزة كانت قد بدأت تطلب عقد مقابلات معه، وبدأت جميع الصحافة الأوروبية وبعدها الأمريكية تبرز موقعه وتتحدث عن فكرته، على أن أليكس اعتبر في ذلك إطراء له، بل وأعجبه الإضافات التي جاء بها المقلدون الآخرون.

شركة معامل DSL وضعت إعلاناً في موقع المليون عند أليكس، فتضاعف عدد زوار موقعها 20 مرة في اليوم التالي، هذه الزيادة جاءت جميعها من عنده، بل إن مبيعات جميع المواقع التي لها روابط على الصفحة الأولى في موقع معامل DSL قد حققت زيادة قدرها 50% في المبيعات خلال أسبوع واحد من وضع الإعلان. هذا الأمر تحقق بنسب متفاوتة مع بقية المعلنين عند أليكس، والرأي الذي قد يفسر ذلك الرواج هو أن زوار موقع أليكس ما هم إلا شريحة من العملاء الذين لم يهتم لأمرهم مُعلن من قبل، وبالتالي حققت الدعاية لهم أفضل النتائج.

بعد مرور أربعة أشهر كان أليكس قد جمع 900 ألف دولار، وعند بداية العام الميلادي الجديد، كان زوار موقع المليونير الشاب تخطوا مليون زائر فريد يومياً، وبلغ ترتيبه العالمي بين المواقع 127 وتبقى له ألف بكسل فقط، فما كان منه إلا أن عرضها للبيع بالمزاد في موقع EBay الإنجليزي لمدة عشرة أيام، ورغم أن هذه الألف بكسل كان سعرها المفترض ألف دولار، لكن المزايدات خلال يومين فقط وصلت بسعرها إلى 23 ألف دولار تقريباً، وانتهى المزاد عند سعر 38 ألف دولار، معلناً بذلك انضمام أليكس إلى نادي المليونيرات والمشاهير.

على أن نجاح أليكس جلب له أعداءً من أشرار المخترقين، والذين صمم أحدهم فيروساً اخترق 23 ألف حاسوب وعمد إلى توجيه سيل رهيب من طلبات الزيارة إلى موقع أليكس حتى جعله يقع تحت الضغط الرهيب ويتوقف عن العمل، ولم يكتف المخترق بهذا، بل أرسل له رسالة تهديد تطالبه بدفع خمسة آلاف دولار مقابل أن يتركه في حاله، وعندما لم يخضع أليكس لهذا التهديد، زادوا المبلغ إلى خمسين ألفاً.

لكن أليكس أثبت لنا مرة أخرى أنه عقلية تجارية حتى النخاع، إذ سارع لعقد صفقة مع شركة حماية أمن المواقع والبيانات لتحمي موقعه، مقابل أن يعطيها أليكس مساحة إعلانية على موقعه. رد أليكس الصاع صاعين، إذ أوكل هذا التهديد إلى المباحث الفيدرالية الأمريكية، والتي بدأت التحقيق في الأمر بعدها.
الآن جاء وقت التحليل والخروج بالفوائد من هذه القصة:

شبكة إنترنت لا زالت منجم ذهب لم يستغل بالكامل بعد، ولا زالت هناك فرص مدفونة تنتظر من يستخرجها.
ليست هذه أول فكرة تخطر على بال أليكس، بل كان له مشاريع عديدة قبلها لم تنجح مثل هذه الأخيرة.
قدم أليكس أسباباً وجيهة مقنعة للإعلان عنده وللدعاية له، فهو كان يريد هذه النقود للذهاب إلى الجامعة من أجل الدراسة.
التزم أليكس بالطريق الذي رسمه لنفسه، فهو رفض إنشاء صفحة ثانية مماثلة، والتزم بدراسته الجامعية.
التزم أليكس بعدم بعثرة المال يمنة ويسرة، بل كان أول ما اشتراه من المال الذي جمعه جورب ثم اتبعه بكاميرا رقمية لاستعمالها في التقاط صور يستخدمها في مدونته.
ظهور أليكس في المقابلات الصحفية والتليفزيونية بطريقة تلقائية جمع حوله المزيد من المعجبين والمشترين.
والآن، هل ظهرت مواقع شبيهة عربية؟ بالطبع ولعل أشهرها موقع المليون درهم والذي قرأت عنه بمحض الصدفة، ورغم مرور شهر على تدشينه فلا أراه جمع سوى بعض الإعلانات التي أظنها مجانية، وألخص فيما يلي بعض أسباب هذه البداية البطيئة في رأي الخاص

الموقع مجهول تماماً لم يسمع عنه أحد، فهو فكرة منسوخة وربما ظن أصحابها (كما الكثيرون) أنها ستنجح وحدها، ولذا لم يهتموا بالدعاية لموقعهم كما يجب.
الموقع متجمد قليل التجديد، وبه صفحات لم تنته بعد.
الموقع صورة طبق الأصل من موقع أليكس، بدون تجديد أو ابتكار وهذا خطأ تسويقي كبير.
الموقع يعد بتقديم نصف العوائد في أوجه الخير، ويعد باستمرار الموقع لمدة سنة على الأقل، وأسلوب اللغة المستخدم في صفحاته يدل على قلة الثقة في نجاح الفكرة، كما لا تجد آليات توضح كيفية قياس الربح، وما هي أوجه الخير، وما هي تكاليف إدارة الموقع وطريقة توزيع الأرباح، وغير ذلك.
الموقع لا يعطينا معلومات كافية عن الشركة المؤسسة للموقع وسابقة أعمالها، وهل أصحابها من الذين لا هم لهم سوى المكسب السريع.
بالطبع يجب ألا ننسى أيضاً أن الكثير من الأفكار التي نجحت في الغرب لم تنجح عند تطبيقها في عالمنا العربي، لكن هذا الموضوع يحتاج لمقالة أخرى.وفي النهاية تبقى الأماني ممكنة التحقيق، وأليكس خير شاهد على ذلك.


- وسنتحدث في بعض التفاصيل بالمستقبل التي يمكن ان نستفيد منها .

موقع مدونة أليكس
milliondollarhomepage.com 
موقع المليون درهم
milliondirhamwebsite.com

قصة تأسيس موقع هوتميل

وُلد فى صيف عام 1968 و نشأ فى اقليم بنجالور الهندى و درس فى معهد بيرلا للتكنولوجيا لسنتين ثم انتقل لولاية باسادينا الأمريكية فى معهد كالتك حيث درس الهندسة الكهربائية ثم انتقل لكلية ستانفورد ليحصل على شهادته العلمية من هناك ، تخرج و حصل على وظيفة بشركة أبل ثم بعد سنة فيها انتقل الى شركة ناشئة تعمل فى تصميم الدوائر الإلكترونية حيث راودته فكرة أن ينشأ شركته الخاصة فى وادى السيليكون، وادى الأحلام التى تتحقق.

مع شريكه جاك سميث بدئا البحث عمن يمول فكرتهما التى تعتمد على فكرة إنشاء قواعد بيانات على شبكة الانترنت، لكن فى ذلك الوقت كانت الانترنت لا تزال فى مراحل نموها الأولى، ولذا لم يتحمس كثيرون لفكرتهما لكنهما لم ييأسا، و فكرا فيما يحتاجه مستخدمو انترنت فعلاً، ونشأت الفكرة وتخمرت جراء إحتياج الاثنين لإرسال رسائل بريدية لبعضهما البعض من خلال انترنت دون الدخول فى تفاصيل كثيرة أو استعمال حسابات بريد الشركة والتي كانت تخضع للرقابة والمساءلة.

مشاريع الانترنت الناجحة تعتمد على تقديم خدمات مجانية للجميع، ولما لم يفكر أحد من قبلهما فى تقديم خدمة البريد الإلكترونى المجانى، لذا أسرع صابير بانيا وجاك سميث بالبحث عمن يمول فكرتهما الجديدة، وبعد ثلاث ساعات من النقاش اقتنع مسئولى شركة درابر فيشر وجيرفستون بالفكرة و قرروا المساهمة بمبلغ 300 ألف دولار مع الثنائى الحالم الذان انطلقا يصلون الليل بالنهار فى عمل دائم من أجل إطلاق الموقع الجديد هوت ميل.

وتم التدشين فى يوم الرابع من يوليو من عام 1996 و الذى وافق عيد الاستقلال الأمريكى ليكون بمثابة يوم تحرير مستخدمى الانترنت من صعوبات تبادل رسائل البريد الإلكترونى، وتقديم خدمة مجانية لا تحتاج لأجهزة مخصوصة أو تضبيطات أو أى شئ، فقط السهولة المطلقة بعينها، و سرعان ما انتشر الخبر كالنار فى الهشيم وإنهال المشتركون وحاز الموقع على جوائز من العديد من المجلات و المواقع و الخبراء ، حتى وصل عدد المشتركين الى أكثر من عشرة ملايين مشترك من 230 دولة يشاهدون 40 مليون إعلان يومياً.

لم تنتظر شركة مايكروسوفت أكثر من سنة حتى أعلنت رغبتها فى الاستثمار فى هوت ميل، ثم لم تلبث أن ابتلعته بمبلغ 400 مليون دولار أمريكى فى أكتوبر من عام 1997 و كان نصيب الثنائى الحالم كبيراً مع عقد عمل لصابيير باتيا لمدة سنة فى شركة مايكروسوفت من أجل تطوير و تحسين طريقة عمل هوت ميل الذى أصبح يخدم أكثر من 40 مليون مستخدم حالياً و محققاً لسوق دعائى كبير جداً لمايكروسوفت -التى عمدت لفترة قصيرة في توفير خدمة هوت ميل مجاناً دون إعلانات لمستخدمى نظام التشغيل – ويندوز – الخاص بالشركة محققاً لها مزايا تنافسية أكثر من غيرها، على أن هذا الأمر لم يستمر.

و ماذا عن الثنائى الحالم؟ لم يحققا ذات الشهرة فى المشاريع التى انطلقوا ينفذونها، ولم نعد نسمع عنهما بعدها إلا فيما ندر…

سبعة دروس نتعلمها من أوبرا

نشرت مجلة Inc مقالة عددت فيها 7 أشياء يمكن لنا أن نتعلمها من سيرة أوبرا وينفري المذيعة الأمريكية السمراء، التي نجحت من خلال 4560 حلقة تليفزيونية في معالجة قضايا كثيرة جدا، بشكل مشوق وناجح، ما جعل القلوب الأمريكية تتوجها ملكة لها. هذه الدروس يمكن تحويرها لتناسب مجال الأعمال، وهي تبدأ بـ:

1 – كن معطاء لمحبيك ومتابعيك
اشتهرت أوبرا بأن من يحضر إلى الاستوديو ليكون ضمن جمهورها أثناء تصوير حلقاتها التليفزيونية لا يرجع خالي الوفاض، فمن هدايا مثل كاميرات أو سيارات أو جلسات تجميل أو أطعمة أو ملابس أو أحذية غالية. هذه النقطة تذكرني بشكوى بعض المسوقين من أن إهداء العملاء لا يجدي، وحين تسألهم ما الهدية التي قدمتموها لهم، تجدها رخيصة قليلة الشأن، وما أن توضح لهم قلة شأن هديتهم، حتى يشكون من تكلفتها. إن لم تكن الهدية تستحق، فلا تهادي بها!

2 – لا تخف من المخاطرة و احصل على الانتباه
في عام 1988، دعت أوبرا مجموعة من النازيين الجدد (الرابط) إلى برنامجها حيث استضافتهم وناقشتهم. بعدها أقرت أوبرا نفسها بأن قرارها المثير للجدل هذا لم يكن صائبا، لكنها تعلمت ذلك بعدها لا قبلها، وهي خاطرت لكي تتعلم وتجرب، الأمر الذي انعكس في أذهان المشاهدين بأنها امرأة لا تخشى تجربة الجديد والخطير! هذه المقابلة جعلتها محط الاهتمام الإعلامي، حيث أن النازية مكروهة بشدة وهي كانت يوما العدو الأول للشعب الأمريكي.

3 – لا تقف عند مجال واحد
في بدايتها عام 1983 كانت أوبرا مقدمة برنامج حواري قصير ويذاع في وقت قليل المشاهدة، لكنها بعد فترة انتقلت بعملها إلى برنامجها التليفزيوني الخاص ثم مجلتها المطبوعة ثم قناتها التليفزيونية الخاصة. هذه النقطة شائكة، فأوبرا حين عددت طرق تواصلها مع الجمهور، فهي وحدت المادة المقدمة.

4 – اكشف عن جانبك الإنساني من القصة
حين تتكلم أوبرا، لا تجدها تتخفى خلف وجه حديدي خالي من العواطف، على العكس، تجدها تذكر موقفها من القضية التي تناقشها، ولا تخجل من ذكر المشاكل النفسية والأسرية والشخصية التي تعرضت لها هي نفسها. حين تشاهد حلقات أوبرا، ستجد الضيوف يبكون، ومعهم أوبرا، وكذلك الجمهور. الدموع أكثر وسيلة يعرف بها المشاهد حقيقة الباكي، فهي صعبة التزييف. الجانب الإنساني دليل على الصدق، وباعث على الود وداعي لترحيب الجمهور. التصنع لا يجدي!

5 – ضم المشاهير إلى صفك
كلما مر فنان أو مشهور بفضيحة أو مشكلة، تجده يحضر إلى برنامج أوبرا ليحكي قصته، على أن أوبرا ليست بمقدمة البرامج الساذجة، المغلوبة على أمرها تنفذ أوامر رب المحطة التليفزيونية، بل تناقش وتعرض مقابلات مع خبراء في المجال وتقلب الموضوع من جميع أوجهه، ولا تمانع في توبيخ المخطئ. للمشاهير مشاكلهم وجوانبهم الإنسانية التي يريدون توصيلها لجمهورهم بدورهم.

6 – كن شخصية مؤثرة
الأمثلة كثيرة جدا، منها أن نادي الكتب The Book Club الذي تنصح أوبرا متابعيها بقراءة الكتب التي تضمها إلى هذا النادي تحقق مبيعات جنونية في فترات قصيرة. كل ما تنصح به أوبرا على شاشتها من منتجات وخدمات يحقق مبيعات كثيرة في وقت قصير. هذه النصيحة لا تأتي اعتباطا، ولا تذهب لمن لا يستحقها!

7 – اعرف متى تعتزل
حتى الشمس، لها وقت تشرق فيه، وتغرب فيه. كذلك النجاح، له بداية وله نهاية، والحكيم من يعترف بتلك الحقيقة ويتقبلها ويستعد لها. بعد 25 سنة في تقديم البرامج التليفزيونية، قررت أوبرا الاعتزال للتركيز على إدارة قناتها التليفزيونية الخاصة.

ولا يأتي الختام بدون التأكيد على أن أوبرا شخصية مكافحة حصلت على النجاح بالتعب والكد والجهد، ومن حقنا أن نختلف معها في هذه وتلك، دون أن يقلل خلافنا من احترامنا لكفاحها. هذه الدروس السبعة فيها ما هو أهم من غيره، وما زُج به للوصول إلى الرقم سبعة، لكني تعلمت من الكتابة أنك لا تجد مادة واحدة تفيد الناس جميعا، يجب أن تذكر ما تراه الأكثر فائدة، وكذلك الأقل وربما عديمها. لكل قارئ نظرته وحالته، والتي تجعله بحاجة لدرس واحد أكثر من أي شيء آخر.

ان تتعلم .

التمسك بالسلطة حتى آخر مواطن !

موقع المسلم 2-رجب-1431هـ / 4-يونيو-2011م

هناك طرفة كانت منتشرة في مصر قبل ثورة 25 يناير تقول: إن الشعب ذهب إلى الرئيس لكي يسلم عليه فرد الرئيس قائلا :"خير إلى أين سيذهب الشعب؟", والمقصود من وراء الطرفة أن الرؤساء في الأنظمة المستبدة أصبحوا هم الباقون إلى الأبد ولا يتصورون إمكانية رحيلهم أما الشعب فقد يذهب أو يموت أو يهاجر, وهذا الاعتقاد أنتج نوعية من الحكام على استعداد تام أن يقتلوا الشعب كله حفاظا على "مصلحة الأمة" التي تتمثل في بقائهم في الحكم نكاية في الغرب الذي يسعى للإطاحة بهؤلاء الأبطال الذين يقفون لمخططاته بالمرصاد! ليس من المهم أن تسأل هؤلاء الطغاة طبعا أي مصلحة للأمة ستكون بعد فنائها على أيديكم؟ أو بعد إفقارها وإذلالها وسلخها من دينها ومن آدميتها؟ المهم هو أن يبقى الحاكم المستبد حتى تأتيه المنية ثم يورثها للفرعون الصغير من بعده ويستمر السلسال النكد يذيق الشعب الهوان..

حدث ذلك في مصر في عهد عبد الناصر بعد أن صبر الشعب سنوات طويلة على شد الحزام والفقر والخوف ثم جاءت الهزيمة من الكيان الصهيوني لتكشف المستور ومع ذلك خرج منافقوه يقولون أن المهم هو بقاء الزعيم في مكانه "لإفشال مخططات الأعداء" وإلى الآن يوجد من يردد هذه البلاهات رغم أن هذه الهزيمة ما زالت الامة العربية والإسلامية تعاني من تداعياتها حتى الآن بعد أن شدت عضد الاحتلال الصهيوني ومنحته فرصة ذهبية لكي يوسع نفوذه في فلسطين..اليوم وبعد تذوق بعض الشعوب العربية للحرية ما زالت بعض الانظمة تتمسك بالسلطة متحدية إرادة شعوبها مرددة نفس الشعارات الفارغة عن المخططات الخارجية التي تستهدف البلاد إذا تخلوا عن السلطة؛ فهذا بشار الاسد يزعم أن مؤامرة صهيو أمريكية تدبر ضده..

طيب لماذا؟ وبأي دليل؟ هل جيوشه التي يقتل بها الابرياء في درعا وحمص وحماة ودير الزور كان من المخطط لها التوجه لتحرير الجولان بعد احتلال دام أكثر من أربعين عاما فأرادت أمريكا و"إسرائيل" صرفها عن هذا الهدف السامي؟! إن أمريكا والكيان الصهيوني لن يجدوا أفضل من بشار وأبيه من قبله الذين يخدرون العالم العربي بالخطابات الرنانة عن مواجهة الاستعمار وهم يتفاوضون معه في السر أو على الاقل لا يحركون ساكنا لتحرير أراضيهم وأصدق دليل على ذلك موقف واشنطن وقيادات الاحتلال الصهيوني مما يحدث في سوريا, والعجيب أنك تجد ممن يسمون أنفسهم بـ "المثقفين" من يدافع عن هذا النظام الذي ينص دستوره على سيطرة حزب البعث على السلطة إلى الأبد..

فأين الديمقراطية أيها المثقفون؟! نعم تذكرت "الديمقراطية هذه من أجل البشر العاديين أما الحكام الملهمون مثل بشار وأبيه فهؤلاء يفعلون ما يشاءون"!.. الامر نفسه مع مخبول ليبيا معمر القذافي الذي يعرف جميع الحكام قبل الشعوب أنه ليس في كامل قواه العقلية بالإضافة إلى ساديته ومع ذلك ما زال حتى هذه اللحظة يتشبث بالسلطة وينفق أموال الشعب الليبي التي نهبها من عائدات النفط على حرب المعارضة "العميلة للغرب", على حد قوله..طيب لماذا هذا الإصرار على التمسك بالسلطة؟ لماذا لا يتركها للشعب وهو يختار من يريد وليرحل هو وأبناؤه؟ ألم يكفه 40 عاما في السلطة؟ ثم ماذا قدم القذافي من تضحيات ضد الاستعمار الغربي؟ ألم ينبطح لامريكا ويعطيها كل المعلومات عن أسلحته وبرامجه بعد أن خشي على رأسه عقب سقوط صدام؟ ثم دفع التعويضات التي طلبها الغرب منه في حادثة لوكيربي وسلم المتهمين في القضية وعادت العلاقات بينه وبين الغرب كالسمن على العسل.. الآن الغرب يريد الإطاحة به بعد أن قدم له كل ما يطلب وزيادة!..

كان من الأولى أن يحدث ذلك قبل سنوات عندما كان يواصل عنترياته الجوفاء وأفعاله الخرقاء في تاييد ثورات أمريكا اللاتينية معتمدا على علاقته بروسيا والمنظومة الشيوعية أما الآن فمن يريد إزالته ومحوه هو شعبه..الرئيس اليمني كذلك يعيش نفس الوهم ولكن مرة يتهم دول الخليج ومرة يتهم الغرب المهم هو عدم سماع أو رؤية الحقيقة بأي شكل ولو يفنى الشعب كله..صالح الآن دخل في حرب مع القبائل وهو خط أحمر يعرف جيدا أنه لن يبقي ولن يذر ومع ذلك هو مستمر في غيه بعد أن دخلت البلاد في شبه حرب أهلية وهي معرضة أكثر من أي وقت سابق للتقسيم ولكن من أجل كرسي الحكم يهون الشعب وتهون البلاد..هذا هو الشعار الذي يرفعه الحكام المستبدون الآن "ليس من المهم أن يبقى الشعب ولا البلاد المهم هو بقاء النظام لكي يعيد بناء البلاد بعد تدميرها وإفشال مخططات الاعداء" هذا العبث المستمر منذ عشرات السنين تتحمل الشعوب فيه مسؤولية كبيرة كما يتحمل الغرب فيه المسؤولية أيضا رغم محاولته تبرئة نفسه جزئيا الآن؛ فالشعوب صمتت وجبنت ومنحت الحكام شرعية مزيفة أما الغرب فقد ساند هؤلاء الطغاة سعيا وراء مصالحه ورفاهية شعوبه وعقد صفقة العار مع الحكام بتركهم ينهبون ويقمعون شعوبهم شريطة تنفيذ إملاءاته وعدم الاقتراب من مناطق نفوذه..يقظة الشعوب العربية الآن أعظم درس لهؤلاء الحكام الذي اقترب زوالهم وللحكام القادمين أيضا للتأكيد على أن الفواتير مهما ارتفعت قيمتها وقدم عهدها فسيأتي يوم لا مهرب فيه من السداد.


الكاتب :- خالد مصطفى

الشعب الإيراني الربيع السياسي آت ؟

الملف نت 30 من جمادى الآخرة 1432هـ / 2 من يونيو 2011م

نعم آت صوت الشعب المضطهد، نعم زلزال الشارع بات وشيكًا، نعم تحرير الشعب الإيراني من العبودية والتخلف والدموية والدكتاتورية الدينية قاب قوسين أو أدنى؟ إن الحقوق والحريات الأساسية لا تمنحها الفاشية التي تعيش عصر ما قبل التاريخ في خرافاتها وأوهامها الخيالية بل إنها تنتزع رغم إرادة القتلة باسم الدين والمذهب الذين حرفوا مقاصدها إلى حيث الخرافات التي يستمد منها الدجالين ديمومتهم على حساب الدماء الزكية الطاهرة من أبناء الشعب الإيراني المظلوم، إن ما يسمى بولاية الفقيه ما هي إلا مؤامرة خمينية على مذهبنا الجعفري الجليل الغرض منها إحياء إمبراطورية خميني الدموية على حساب دماء المسلمين سنة كانوا أم شيعة.

لقد توهم رجالات الدين المتصهينين بالماسونية العالمية أن ثقافة المؤامرة ضد الدين الإسلامي تمدهم بأسباب البقاء، إن الشعب الإيراني اليوم مطالب من أي وقت مضى بالاقتداء من زخم التضحيات للشارع العربي الذي أذهل الدنيا في كيفية مقاومته للطغيان والدكتاتورية والحرمان والفساد والتخلف والفتنة الطائفية بين مكونات الشعوب وكذلك مصادرة الحقوق والحريات التي أقرتها الأديان ومذاهبها والعهود والمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية.

إن مبادئ الديمقراطية لن تلقى القبول من الأنظمة الدينية المتطرفة ولا من الفاشيست من رجال الدين الموهومين بالخرافة كما هو حال المؤسسة الدينية الحاكمة في طهران؟ إنني أسأل الضمير العالمي عن ضحايا الاضطهاد والقتل والقمع من الشعب الإيراني الذي وصل عددهم بالملايين على يد المجرمين من الملالي؟ واليوم وبعد أن نجحت الجماهير العربية في الإطاحة بالعروش والطغاة والقتلة وأضحت تجربتهم فريدة في مسيرة التاريخ الإنساني، ماذا ينتظر المواطن الإيراني الذي أبدع هو الآخر في التخلص من الدكتاتورية الملكية الشاهنشاهية المقبورة والتي صادرها خميني إلى مزيد من القمع والتسلط والاستحواذ على السلطة ومصادرة الحريات وقتل الأبرياء دون وازع أخلاقي أو ديني، وإن ديدن المؤسسة الدينية هو قتل الشعب فحسب؟

عزيزي المواطن الإيراني الشريف والعريق! إن موجبات التضحيات أمر لا بد منه وإن كل قطرة دم تسيل في الشارع الإيراني يسطرها التاريخ والدين والمذهب بأحرف من نور لك ولعائلتك ولعشيرتك ولشعبك بل العالم كله يقف باحترام وإجلال وإكبار كما هو اليوم مع الشارع العربي؟



الكاتب :- محمد الاسدي

التنظيم السري الذي يستعد لحكم مصر !

سيكون مرشد الأخوان هو المرجعية العليا في أي أمر من أمور البلاد، وهو وضع يشبه من بعض جوانبه ما يحدث في إيران لكن مع فارق كبير. فمرشد الثورة الإيرانية له وضعية قانونية داخل النظام السياسي الإيراني، وبالتالي له دور يحدده الدستور. بينما مرشد الثورة المصرية سيمارس هذه الوصاية دون أية تبعات قانونية عليه.

أما التنظيم السري الذي أعنيه فهو جماعة الأخوان المسلمين. وليس في وصفهم بالسرية أي افتئات عليهم ولا تجن على الرغم من أنها الآن جماعة ملء السمع والبصر، مقارها في كل مكان في مصر، وقادتها منتشرون في الإعلام بكل تنويعاته المرئية والمقروءة والمسموعة، واجتماعاتها تتم تحت سمع وبصر كل أهل المحروسة أو هكذا نظن.

السرية في جماعة الأخوان المسلمين ليست في هذا الجانب، فاسم المرشد معروف وأسماء أعضاء مكتب الإرشاد أيضا معروفة، وكذلك أسماء أعضاء مجلس شورى الجماعة، كل هذا ليس الجانب الأكثر أهمية في الجماعة، فكل الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية لها تنظيمها الخاص بها، وربما تتشابه مع جماعة الأخوان في بعض النواحي، لكن الفارق الأساسي أن الطريق إلى عضوية جماعة الأخوان دونه خرط القتاد.

وفي هذا الطريق تكمن خطورة الأخوان الكبرى، ويكمن إبداعهم وقدرتهم على البقاء تحت ظروف شديدة القسوة، واضطهاد حطم جماعات أشد منها إيمانا بأفكارها.

لا يتاح لكل أحد أن يكون عضوا في جماعة الأخوان المسلمين. هذا أمر بعيد عن الخيال، أمر لا يمكن التهاون فيه ولا الاختلاف حوله. لا يتاح لك كذلك بعد أن تحضر بعض الاجتماعات وتشارك في بعض الفعاليات الادعاء أنك أصبحت عضوا في الجماعة. في هذه المرحلة أنت تسمى في أدبيات الجماعة محبا للأخوان أو مؤيدا وهي درجة لا تصل إليها إلا بعد مشاركة فعالة في أنشطة الجماعة. وعلى هذا فإن الكتلة الكبرى التي يحركها الأخوان في الشارع هم في الحقيقة من محبي الجماعة أو مؤيديها وليسوا أعضاء تنظيميين داخلها.

أما أن تكون عضوا في الجماعة نفسها فإن هذا له طريق آخر. اختيار الأعضاء يتم وفق آلية شديدة الصرامة.

وبحسب ما تقوله الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الأخوان المسلمين فإن النظام الأساسي للجماعة يقسم أعضاءها إلى مؤيد ومنتسب ومنتظم وعامل على التوالي ووفقاً لآليات تحددها الجماعة يتم تصعيد العضو من مرحلة إلى أخرى أو من تصنيف إلى آخر، وذلك بعد اجتياز عدد من الاختبارات السلوكية والتثقيفية داخل الجماعة، وبعد ذلك يلتزم العضو بدفع اشتراك شهري للجماعة، يقتطع من دخله الشهري بحد أدنى 3% وحد أقصى 7%، ويستثنى من ذلك الإخوان المصنفين كمؤيدين والطلاب وأصحاب الرواتب الضعيفة.

كما أن بعض الأنشطة التي يمارسها الإخوان تمول نفسها ذاتياً مثل المستشفيات ودور الرعاية التي تقدم خدماتها نظير رسوم الخدمة.

إن ما يجعل هناك مشروعية لوسم جماعة الأخوان بالسرية هو العبارات التي وردت في الجزء السابق عن الآليات التي تحددها الجماعة لتصعيد العضو من مستوى إلى آخر.

فأي جمعية أهلية أو أي تنظيم حزبي يحدد مسبقا طريقة تصعيد أعضائه من مستوى إلى آخر سواء من خلال الانتخاب أو من خلال مرور فترة زمنية على التحاق العضو بالجمعية أو الحزب وممارسة الأنشطة ممارسة بها قدر من الفاعلية، وهي آلية يعرفها العضو بدءا، ويرى نهاية الأفق منذ لحظة دخوله إلى المكان.

لكن أمرا مثل هذا لا يحدث في جماعة الأخوان، فقد تظل عمرك كله مع جماعة الأخوان مجرد محب أو مؤيد ولا يتاح لك الانتقال أو التصعيد إلى الدرجة الأعلى لأن الآليات الغامضة التي وضعتها الجماعة لا تنطبق عليك. وهي غامضة لأنك لا تعرفها، وهي أيضا غامضة لأنها ليست ثابتة في كل وقت، لكن هذه الآليات ليست هي كل شيء، فالاختبارات السلوكية والتثقيفية هي أيضا من الأمور التي تضفي طابعا سريا على تنظيم الجماعة، إنهم حين يقررون تصعيد عضو من درجة إلى أخرى، وهو قرار لا يأخذه العضو نفسه، بمعنى أنه لا يطلب أن يتم تصعيده داخل الجماعة، بل إن هناك من يقرر ذلك، وحين يتخذ القرار فإن هذا العضو المحتمل يخضع لاختبارات مباشرة وغير مباشرة تشمل كل نواحي حياته، وتخترق بيته لتراقب سلوكه، بل يصل الأمر إلى اختراق غرفة نومه لمتابعته في أدق تفاصيل حياته، وحين يطمئنون إليه يتم تصعيده إلى الدرجة الأعلى. لكن من هؤلاء الذين يضعون الآليات والاختبارات ويقررون التصعيد؟

إنهم جزء من فئة العضوية العاملة: مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة، الكتلة التي حافظت على تماسك الأخوان وفرضت سياجا حديدا منعتها من الانهيار في أشد لحظات الاضطهاد التي مورست ضدهم.

هؤلاء هم الذي يفكرون ويقررون ويختارون، ثم يفرضون ما يقررون وفق مبدأ السمع والطاعة. مبدأ لا يمكن التنازل عنه لأنه أيضا ساعد على أن تظل الجماعة قوية في مواجهة خصومها.

كل هذا الإحكام يرتبط بما هو أشد منه، ففي ممارسات الجماعة الاجتماعية والسياسية هناك خلط ساذج ومتعمد بين عقيدتك باعتبارك مسلما وبين هذه الممارسات، بمعنى أنك لا تمارس أنشطتك داخل الجماعة لأنك تريد أن تخدم وطنك أو أبناء مجتمعك، أو حتى أن تحقق رؤيتك السياسية لبلدك، بل أنت تفعل ذلك تقربا إلى الله وتعبدا، ممارساتك الاجتماعية والسياسية جزء مكمل مهم لعقيدتك. أنت بها تعلي من كلمة الله وتطبق أحكامه.

 منع الشر الذي يحاول الآخرون إشاعته بين الناس، لتأتي لهم بالخير الذي يقربهم من الله ويدخلهم الجنة.

تنظيم مثل هذا لن يرى في بقية الجماعات والتنظيمات إلا أنهم الآخر الذي يدعون له بالهداية لأنه على ضلال.

وهذا يفسر نبرة الاستعلاء التي يتحدثون بها في مواجهة الجماعات والأحزاب الأخرى، إنهم هم المؤمنون أصحاب الدعوة والرسالة الذين اختارهم الله لنشر كلمته وإعلاء دينه.

لذلك تجد من الشائع وصفهم للآخرين بأنهم علمانيون أو شيوعيون أو ليبراليون أو يساريون أو غير ذلك من الأوصاف، ولا بأس من هذه الأوصاف في ظل التنافس السياسي المشروع بين الجماعات المختلفة على كسب رضا الناس وجذبهم إلى برامجهم، لكنك حين تضع كل هذا في مواجهة "الأخوان المسلمين" فاللعبة شديدة الخطورة، لأنك تلقي في روع الناس أن هؤلاء هم المسلمون، وأن العلمانيين أو اليساريين أو غيرهم ليسوا كذلك، وقد رد أحد قادة الأخوان وهو سعد الحسيني على مثل هذا الطرح بأنهم لا يخرجون أحدا من الإسلام، وأن هذا مجرد وصف للجماعات الأخرى. ولو كان ما يقوله صحيحا فلماذا لا يتم وصف المنتمين للأخوان بمثل طريقتهم، بمعنى أن الليبرالي مثلا قد يكون منتميا لحزب الجبهة أو الغد، واليساري قد يكون منتميا لحزب التجمع أو الكرامة، والعلماني قد يكون في حزب آخر. لكنك في وصفك له لا تصفه منتسبا لحزبه بل تصفه منتسبا إلى توجهه الذي اختار على أساسه الحزب.

 إذا طبقنا القاعدة نفسها على المنتسبين لجماعة الأخوان المسلمين، فما الوصف الذي يمكن وصفهم به؟

لو قلت إن توجههم الفكري الذي اختاروا على أساسه الانضمام إلى جماعة الأخوان المسلمين هو الإسلام، فأنت تؤكد بذلك منطق الإقصاء والإبعاد الذي يجاهدون –دون طائل- في نفيه عن أنفسهم.

مع ذلك، فإن الممارسات السياسية للجماعة تعطينا وجها آخر لهم. لقد رفضوا في البداية النزول إلى الشارع حين بدأت صفحة "كلنا خالد سعيد" الدعوة قبل عشرة أيام من 25 يناير، وحين وجدوا الاستجابة عالية من الناس نزلوا يوم 28 يناير، وأسهموا –لا شك في ذلك- في استمرار الثورة ونجاحها. لكن سلوكهم في أثناء الثورة يحتاج إلى بعض تأمل. لقد نحوا جانبا كل شعاراتهم المعتادة. رفعوا مثل غيرهم شعارات تنادي بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، وكان هذا موقفا توافقيا جيدا منهم ومن غيرهم من القوى السياسية الأخرى.

 كنه كان أيضا مؤشرا على أن هذه الثورة ليست ثورتهم الخاصة. إنها ثورة المصريين جميعا.

لا يحق لأحد الادعاء أنه وحده صاحبها.

فلماذا يريدون الاستيلاء عليها دون غيرهم؟

قد نسلم لهم بما يريدون الوصول إليه لو كانوا هم الذين بدؤوها ورفعوا شعاراتهم خلالها بحيث نعرف نحن المصريين ويعرف العالم أنها ثورة الأخوان المسلمين ضد كل القهر الذي مورس ضدهم في عهد مبارك. شعاراتها هي شعارات الأخوان، وتوجهها هو الحكومة الإسلامية والدولة الدينية.

وهنا يترك لبقية المصريين أمر المشاركة أو عدم المشاركة معهم. لكن الواقع أنها لم تكن ثورة الأخوان، إنها ثورتنا نحن جميعا، فلماذا يريدون إقصاءنا بعد هذا؟

ألا يشبهون هنا عضو الحزب الوطني الذي لا يختاره الحزب في انتخابات مجلس الشعب، فيرشح نفسه مستقلا، ويقوم بالدعوة لنفسه على أساس أنه مستقل ويرفع شعارات تنبئ أنه مستقل، وحين ينجح يعود إلى قواعد الحزب خادعا ناخبيه الذين اختاروه. لقد قالوا في أثناء الثورة أن نسبتهم العددية في الثورة لا تتجاوز 20%، بمعنى أن الكتلة الكبرى التي حركت الشارع هي كتلة غير المنضمين إلى جماعة الأخوان المسلمين.

لكنهم في الواقع الإسلامية، وسيقيمون حكومة مدنية ذات مرجعية إسلامية، وهي في التحليل الأخير حكومة دينية، لأن المرجعية الإسلامية التي يقصدونها ليست القيم الروحية والمبادئ العليا التي جاء بها الإسلام، بل هي التفاصيل الصغيرة في الشريعة مثل قطع اليد للسارق والرجم للزاني.

لقد قال بعض قادة الأخوان صراحة إنهم سيقيمون الحدود حين يتولون الحكم.

 نها أوامر الله في القرآن، ومن كانت لديه مشكلة مع القرآن فهذه مشكلته الخاصة. هذه هي أقوالهم الآن التي لم تكن معلنة في أثناء الثورة. فهل نحن قمنا بالثورة على هذا الأساس؟

لم يكن الدين مشكلة في عهد مبارك، فلماذا أصبح حاضرا بقوة الآن؟

 يف استطاع الأخوان أن يجعلوا من الدين هو المشكلة الكبرى التي قاموا من أجلها؟ يعرفون ونعرف ويعرف العالم أننا لم نقم بالثورة من أجل الدين ولا من أجل الحكومة الإسلامية ولا من أجل الدولة الدينية. قمنا بالثورة لأن مبارك قتل الروح المصرية، ومرمغ كرامتنا في التراب. وأهال على مصر كل مساوئه وعقده، فأحال البلد إلى ضيعة خاصة به وبأنجاله والمنتفعين حوله.

خرج الناس من أجل البحث عن كرامتهم الضائعة وحريتهم المفقودة، وحقوقهم التي أكلها المغول الجدد. إنك تستطيع أن تصف مبارك بكل شيء، لكنك لا يمكن الادعاء عليه بأنه كان يمنع الناس عن الصلاة أو الصوم أو الزكاة.

بل يمكن القول إنه كان يشجع بعض التيارات الدينية لأسباب تخصه مثلما فعل مع السلفيين وجماعات الصوفية.

فلماذا أصبح الدين حاضرا بقوة الآن؟

هذا موضوع معقد جدا ويحتاج إلى حديث مستقل، لكن ما يرتبط منه بسياق الحديث هنا أن الأخوان عرفوا بذكائهم المعتاد أنهم لن يستطيعوا استمالة المصريين الوسطيين البسطاء إلى جانبهم إلا بوساطة من الدين، لذلك تحالفوا مع السلفيين الذين رفعوا في فترة مبكرة جدا من عمر الثورة يوم 12 فبراير لافتة ضخمة في ميدان شهير بالإسكندرية مؤداها تحذير من المساس بالمادة الثانية من الدستور التي تتعلق بالهوية الإسلامية للمصريين.

في وقت كان الناس فيها يلملمون جراحهم ويحصون خسائرهم، ويلتفتون في ذعر إلى الأمن الغائب عن البلاد بعد الهروب المهين للشرطة يوم 28 فبراير. كان السلفيون مشغولين عن كل هذا بالتحضير إلى معركة الدين التي اشتعلت بقوة في الأيام التالية. وقد تحالف معهم الأخوان تحالفا غير معلن، لكن يمكن تلمس كثير من آثاره في تصريحات قادتهم ولقاءاتهم المعلنة مع رموز التيار السلفي، تحالف غير مقدس سيقودون من خلاله البلاد إلى ما لا يمكن توقعه.

بقي من الأخوان حتى الآن طريقتهم في الدخول إلى الحياة السياسية. لقد كان أمامهم طريقان في ذلك، إما أن يتحولوا إلى حزب سياسي ينافس على السلطة أو ينشئوا حزبا منبثقا عن جماعتهم. لقد اختاروا الطريق الثاني، كي يكون الحزب ذراعهم التي يحكمون من خلالها. وهو الاختيار الذي يحتاج إلى نقاش.

لقد تخوف كثير من المثقفين من هذا الحزب القادم خاصة في طبيعة علاقته بالجماعة الأم، وحاولت الجماعة أن تطمئن الرأي العام بالقول إن أعضاء الجماعة الذين سيتولون الحزب سيقطعون صلتهم التنظيمية بالجماعة بمجرد دخولهم الحزب. وهي حجة عجيبة استنسخوا من خلالها أسلوب الحزب الوطني حين أراد أن يعين رجال أعمال وزراء في الحكومة، فقال إن هؤلاء الوزراء سيقطعون صلاتهم بأعمالهم بعد أن يتولوا شؤون الوزارة،

وماذا كانت النتيجة: زهير جرانة وأحمد المغربي محكوم عليهما بالسجن الآن، ورشيد محمد رشيد هارب في أصقاع الأرض يطارده الأنتربول. لكن الأمر مع الجماعة أشد، فالصلة بين الحزب والجماعة ليست صلة أموال ومصالح اقتصادية، بل هي صلة أيديولوجية عميقة .

فكيف يمكن أن يتخلى عضو الحزب عن أفكاره وطريقته في إدارة الحياة العامة التي كان يمارسها وهو عضو في الجماعة. ماذا يعني هذا؟

 عني ببساطة أن الحزب لو حصل على الأغلبية البرلمانية، لن يكون هو الحاكم الحقيقي لمصر، بل سيكون الواجهة التي تحكم بها الجماعة مصر، وسيكون مرشد الأخوان هو المرجعية العليا التي يعودون إليها في أي أمر من أمور البلاد، وهو وضع يشبه من بعض جوانبه ما يحدث في إيران لكن مع فارق كبير.

 مرشد الثورة الإيرانية له وضعية قانونية داخل النظام السياسي الإيراني، وبالتالي له دور يحدده الدستور. بينما مرشد الثورة المصرية سيمارس هذه الوصاية دون أية تبعات قانونية عليه.

ألا ترون أننا ذاهبون إلى مجهول.

 تمنى ألا يندم وائل غنيم يوما على أنه دعا الناس إلى الخروج يوم 25 يناير.

المصدر :-
ميدل ايست أونلاين

بقلم: د. أحمد صبرة

الجمعة، 3 يونيو 2011

طابور إيران الخامس

جريدة المصريون 30 من جمادى الآخرة 1432هـ / 2 من يونيو 2011م

..."وما كنت متخذ البذاءة حبرا ولا سندا, ولكن من يصر على استغفالي واستغبائي والتلصص عليَّ, فقد أعددت للنائبات التيوس سيخا محميا يستأهل فتحة (صراصير آذانهم) "

وأما بعد.,

فالشرفاء من الباب يدخلون وفقط اللصوص والفئران هم من يختارون الشباك, أما الحشرات فتعشق عتبة الدار, ودار يا دار يا دار, وداري الدمع يا عيني, ومصر فتحت ذراعيها لإيران وغنينا: عفونا عن بني فارس وقلنا القوم إخوان, عسى الأيام ترجع قوما كالذي كانوا, والأخبار المتناثرة لو جمعناها لصنعت سوارا من نار ودخان وخسة.

أولها القبض على جاسوس إيراني دبلوماسي جمع معلومات عن المجلس العسكري يعني الجيش, ومعلومات عن المنشآت الاقتصادية, ومعلومات عن القوى السياسية الناشئة, الخبر الثاني الشيعة والطرق الصوفية يتقدمون ببلاغ للنائب العام ضد شيوخ سلفيين بتهمة العمالة للسعودية والتحريض على هدم أضرحة وتوزيع سي دي على المعتمرين المصريين يحفز لذلك, وللصدفة فأخي قدم من العمرة هذا الأسبوع وطلبت منه ذلكم السي دي فأنكر واستنكر وأقسم برب الساعة والمحشر أن أحدًا لم يعطه شيئًا، وهكذا تبين أن المسألة كذب كعادة التيوس, والتيس -يا رعاك الله- باطني يفكر في بطنه ومقتله في تطفله.

الخبر الثالث مقال للصحفي حلمي النمنم يتساءل: "هل أَنْسَتْنَا الثورة تصريحات وزارة الداخلية بوجود عناصر من حزب الله هاجموا السجون, وما بثه التلفزيون بعد الثورة من تحقيق عن كيفية هروب مساجين حزب الله". الذين وصلوا سالمين لديارهم وبقينا نعاني الأرق من انفلات أمر السجون.. يعني الناس موجودة من قبل الثورة وتمارس عملا يمس السيادة المصرية, ونفس النائب العام هو من أحال القضية المعروفة بخلايا حزب الله للمحاكمة, ويدهشني عدم تقدم محام مصري واحد بدعوى لطلب تسلم سجناء حزب الله الهاربين.

ثم الداهية الكبرى هي إصرار الوفد الشعبي المصري على زيارة إيران وعلى نفس الطائرة التي أقلت الجاسوس الدبلوماسي المذنب والمجرم, ولو نسي الوفد المصري فنحن أصحاب الثورة, يعني مصر هي أم العروس وعلى الجميع القدوم للتهنئة في بيتها, أما أن تذهب أم العروس فهذا يخالف أعرافنا المصرية ويخالف كل عقل سليم, والأدهى كما قلت: على نفس الطائرة طب كنتم أخذتم توك توك آخر!

نعود إلى بداية الأخبار فمن المفترض أن الدولة المعنية بجمع معلومات عن جيش مصر هي إسرائيل أو حلفاؤها التاريخيون, فما الذي يهم إيران في ذلك ولو تفلسف أحدهم وقال إن جمع المعلومات عمل يهم كل الحكومات فسأرد أن أباه السقا مات, والمعلومات ستذهب للدولة التي تحاصر إخواننا في غزة وأن إيران مجرد محطة للتبادل والتحويل وهي مجرد ملف لجمع أوراق ضغط أمام المفاوض الأوروبي فيما يعرف بملفها النووي.

أما المعلومات الخاصة بالقوى السياسية الناشئة فتلك هي لعبة إيران المفضوحة -أقصد اللعبة ولا تذهب بخيالك أن إيران مفضوحة- فهي تحترف صناعة الطابور الخامس وأول الواقفين في طابور الجواسيس قوم جوامييس -الجاموس طال عمرك دون العجل وأكبر من التيس- وطبعًا ستذهب بخيالك المتطرف -واعذرني- أني أقصد متشيعين مصريين يتهمون شيوخا كمحمد حسان ويحاولون تمييع المسائل والتغطية والتمويه على فضيحة الجاسوس المنحوس في بلد تحرس تاريخه وحاضره قلعة تسمى الأزهر الشريف, فقم في فم الدنيا وحي الأزهرا, والعبوا غير تلك المسخرة.


الكاتب :- محمد موافي


حادث في محطه الرمال - قصة أعجبتني -

تجمع العديد من المارة فى شارع ( محطه الرمل ) الشهير فى الإسكندريه حول مبنى من أحد المبانى القديمه فى هذا الشارع الذى جمع – كمعظم شوارع الإسكندريه – بين عراقه الماضى وتجديد الحاضر والنظرة للمستقبل , ولم يفض تجمع المارة حول هذا المبنى سوى ظابط شرطه ترجل من سيارة بوكس , ثم إقترب من المتجمعين وقال بصوت عال منذر إعتاد إستخدامه فى مثل هذة الأحوال :

- إبتعدوا جميعا , لا أريد أى تجمهر هنا , أنا وائل محمود من قسم الرمل .

إبتعد الناس بصورة تلقائيه ليفسحوا المجال لظابط الشرطه الذى شق طريقه إلى داخل مدخل العمارة , وتوجه بنظرة إلى البواب الذى كان يقف مرتعدا فى ركن قصى من المدخل الكبير , توجه إليه ثم سأله بلهجه قويه :

- ماذا حدث بالظبط ؟

- أحضرت الطلبات التى يحتاجها الأستاذ عادل الدمنهورى كما أفعل كل يوم , وصعدت إلى شقته كى أسلمها له فلم أجدة , إستعملت المفتاح الذى أعطانى إياه , فأنت تعلم سعادتك أنه يعمل محامى , ولا يتواجد كثيرا فى المنزل لحضور جلسات فى المحكمه , فدخلت إلى الشقه عندما ....

تلجلج صوت البواب عندما بلغ هذا الجزء من الروايه فحثه الظابط بنظرة من عينه فأكمل على الفور :

- عندما وجدته ميتا ... لقد كان المشهد بشعا إلى أقصى حد ......
- أين يقع منزل الأستاذ عادل ؟
- فى الطابق قبل الأخير .. يوجد مصعد هنا ....

إتجه الظابط إلى المصعد , ولم تمضى لحظات حتى كان الجميع فى منزل المحامى عادل الدمنهورى , كانت شقه جيدة الإضاءة , فاخرة الأثاث , يبدو أن عادل الدمنهورى كان محاميا شهيرا , فلقد تناثرت فى الشقه قطع من الأثاث المستورد , ولم يخل المكان من لمسه أنثويه أضافت للمنزل بريقا خاصا ...

سأل الظابط وائل محمود البواب بنفس اللهجه الحازمه :

- أين الجثه ؟

سار البواب معه حتى بلغا أحدى حجرات المنزل , ثم توقف البواب بغته ونظر لوائل بهلع وقال له بلهجه ملؤها الخوف :

- سامحنى يا سيدى لن أستطيع أن أسير أكثر من هذا , لا تظننى جبانا يا سيدى فأنا من أعماق الصعيد , وتربيت منذ أن كنت شابا على إعتياد منظر الدماء , ورأيت فى حياتى العديد من الجثث إلا أننى لم أر يوما شيئا كهذا ...

نظر له ظابط الشرطه بإستخفاف , وقطع الخطوات المتبقيه نحو الغرفه بخطوات ثابته , ثم نظر إلى الغرفه , وإنتابه ذهول رهيب ....

* * *

وائل محمود ظابط شرطه من طراز خاص , أثبت كفاءة متميزة منذ أن إلتحق بكليه الشرطه بعد إتمامه الثانويه العامه بمجموع بسيط , إلا أن واسطه قويه دفعته للقبول بكليه الشرطه , بالإضافه لمبلغ كبير من الرشوة قضت والدته ردحا طويلا من الزمن فى محاوله تكوينه , بعد أن توفى والدة , إلا أن كل هذا لا يعنى أن وائل ليس كفئا للدراسه بأكاديميه الشرطه ...

وأجمعت معظم التقارير التى قدمها مدربيه عنه إلى أن قدراته العقليه عاديه أو أقل من العاديه قليلا , إلا أنه صبور كالسلحفاه مطيع كالكلب شرس كالنمر , لا يخالف أى أوامر تعطى له ايا كانت غير منطقيه , ويقدس رؤساؤة إلى حد العبادة ... لذلك وجد من تم رفع هذة التقارير لهم تعيين وائل فى مباحث أمن الدوله , إلا أنهم قرروا تعيينه فى البدايه كظابط عادى حتى يكتسب من الكفاءة العمليه ما تؤهله لكسب موقعه فى مباحث أمن الدوله ..

هكذا وجد وائل نفسه متنقلا بين وظائف ظباط الشرطه العاديين , فهو يمضى عدة أشهر فى مصلحه الجوازات ثم مكافحه المخدرات ثم الأداب ... حتى شرطه المسطحات المائيه ... وجائت كل التقارير عن وائل محمود تثبت أنه بالفعل ظابط شرطه مجتهد ومثالى , وأشارت التقارير إلى عنفه المبالغ فيه مع هؤلاء الذين يحقق معهم , وأشار أحد التقارير إلى واقعه حدثت لوائل عندما كان يعمل فى مكافحه المخدرات , أن أصر على تفتيش جبيرة لكسر يد لطفل لم يتجاوز العشر أعوام من أطفال الشوارع , ظنا بأنه يخفى فى طيات الجبيرة قطعه من الأفيون ...

وعبثا حاول الطفل – ولا سيما زملاء وائل – من إقناعه أن الأفيون أغلى من أن يمتلكه طفل فى مثل حاله هذا الطفل المشرد , إلا أن عقليه وائل أبت إلا أن يهوى بالجزء الخلفى من مسدسه الميرى على جبيرة الفتى , غير عابئا بصرخات الأخير التى إمتزجت بتوسلاته , فقط ليكتشف أن الجبيرة خاليه كمحفظه موظف فقير فى أخر أيام الشهر ... هكذا إستحق وائل هذا اللقب الذى أطلقه عليه زملاؤة فى العمل وهو ( وائل الجزار ) نظرا لجرأته ودمويته الشديدة ...

أدرج من هم أعلى من وائل سلطه هذا الموقف وغيرة من المواقف الكثيرة التى تصرف بها وائل بلاشفقه , ولم يدركوا أن هذة المواقف لاقت إستحسان من قرر متابعه هذا الظابط لإلحاقه بأمن الدوله , فهم يبحثون عن ظابط يستطيع أن يسلخ طفل رضيع ولا تطرف له عين , وكان وائل هو هذا الظابط الذى يبحثون عنه ....

هكذا إلتحق وائل الجزار بأمن الدوله , ليثبت أنه ظابط كفء , لا يتورع عن تنفيذ أوامر رؤساؤه أيا كانت , ولا يترك سبيل لتحقيق ما يريد إلا وسلكه , حتى تلك الطرق المتسمه بالعنف والمدمويه ...

أما عن حياته الشخصيه , فلقد تزوج وائل الجزار من سارة إبنت خاله الحسناء , وتعجب كل من حضر الفرح كيف تعيش هذة الملاك بجوار هذا الجزار فى مكان واحد , إلا أن زواجه إستمر بدون منغصات , وأنجبت سارة : محمد ومنى ... وسارت حياه وائل فى وتيرة منتظمه واحدة لاتتغير إلا لماما ...

* * *

عندما دلف وائل الجزار للغرفه التى فيها جثه المحامى عادل الدمنهورى , كان يتوقع أن يرى جثه أخرى من الجثث التى إعتاد التعامل معها ... فعمله فى أمن الدوله كان يقتضى التحقيق فى جرائم القتل الغريبه , وترك الجرائم العاديه لأقسام الشرطه والمباحث , لذلك لم يكن وائل ليتعجب إذا وجد جثه عادل وقد إنتفخت جراء التعفن , أو أصيبت بطلق نارى أطاح بالمخ , أو طعنه سكين أخرجت الأمعاء .. فلقد تعود على هذا , لذلك لم يكترث لتوسلات البواب ودلف إلى الغرفه ..

إلا أن ما وجدة وائل هذة المرة يختلف عن كل ما رأى وعايشه من قبل ....

كانت جثه عادل الدمنهورى جالسه على المكتب , وقد إرتدى روب الترافع الأسود , وقد إنغرست سكينتان فى كل عين من عيونه , ثم إندفعت سكينه ثالثه من أسفل الذقن حتى خرجت من أعلى الرأس , بينما ثبتت يداه وقدماه فى المكتب أمامه بسكاكين مشابهه , وسالت كل دماؤة على الأرض والمكتب فأصبحت الجثه صفراء شاحبه شحوب الموت , وترهل كرش المجنى عليه أمامه يعلن عن إنتهاء سيطرة الروح على الجسد ....

تمالك وائل نفسه , ومنع نفسه من القىء بصعوبه , فخرج من الغرفه وتحاشى النظر للبواب , ثم أخرج هاتفه المحمول وإتصل برقم مخزن سلفا ثم قال بلهجه حازمه :

- هنا الظابط وائل الجزار من أمن الدوله , أريد فريق بحث جنائى ومصور فوتوغرافى وخبير بصمات وأسلحه حالا إلى شارع محطه الرمل عمارة ( .... ) ... حالا ...

أنهى الإتصال بعصبيه وأسرع يغادر المكان وهو يشعر لأول مرة منذ مارس هذة المهنه بالتقزز الشديد ...

* * *
وصل وائل إلى منزله فى ساعه متأخرة من الليل كعادته , كانت سارة زوجته قد نامت هى والأولاد , لذلك تسلل إلى المنزل حتى لا يوقظهم , غير ملابسه وجلس قليلا أمام التليفزيون يتابع الفيديو كليبات على أحد القنوات الغنائيه الشهيرة , أخذ يفكر فى كل تلك الأحداث الغريبه التى مرت به فى هذا اليوم , بدايه من جريمه القتل البشعه فى شقه محطه الرمل , وحتى ما فعله فريق البحث الجنائى من رفع للبصمات وتحليل لكل نقطه دم وكل شعرة رأس فى مسرح الجريمه , دون أن يتوصلوا لأى شىء قد يساعد على كشف هويه القاتل ...

كان يعلم منذ بدا عمله , أنه لا توجد جريمه كامله , دائما مايخطىء المجرم فى شىء ما مهما كان بسيطا , حينها يكون هذا هو طرف الخيط الذى يصل به حتى يستطيع القبض على المجرم , إلا أنه لم يصادف مجرم مثل هذة الجريمه الأخيرة , كان يعلم انه كلما زادت بشاعه الجريمه كلما زادت نسبه وجود أخطاء من الجانى , فهذا النوع من المجرمين يتسم دائما بحاله من الشذوذ العقلى يجعله اقرب لللوحش منه لإنسان يفكر بمنطق ... أما إذا نفذ المجرم كل شىء بمنتهى الدقه فلا يستطيع منع نفسه من العودة مرة أخرى لمسرح الجريمه ليتأكد أن كل شىء على مايرام , حينها تكون لحظه الإمساك به ...

أفاق من تفكيرة على صوت من خلفه , تلفت وراؤة فرأى زوجته , إبتسمت له وإبتسم لها , قالت له فى حنان ممزوج بالمعاتبه :

- جئت متأخرا كعادتك .

- أسف ... إنما هى ظروف العمل .

نظرت له نظرة ذات معنى ثم قالت له :

- لقد أنتظرتك طوال البوم , ألن تخلد للنوم ؟

إقترب منها ولف ذراعه حول خنصرها ثم إحتضنها برفق وأدار ظهرها نحو التلفاز , شعر بحرارة جسدها وحانت منه إلتفاته نحو التلفاز فقفز ملسوعا كمن لدغه عقرب , بهلع شديد قالت له سارة :

- ماذا ؟ ماذا حدث ؟

لم يجبها , فأمامه على شاشه القناه الغنائيه الفضائيه , وعلى شريط دردشه الجمهور عبر رسائل المحمول , تكررت رساله واحدة مئات المرات , تجرى بسرعه محمومه على الشريط الصغير ...

رساله تقول :

" أنا أعلم جيدا ماذا حدث اليوم فى محطه الرمل " .


* * *

إستيقظ الأستاذ عادل الحفناوى مدير محلات ( تذوق ) للعصائر من نومه على صوت هاتفه المحمول , تثائب ثم وضع التليفون على أذنه , وأخذ يردد الكثير من تلك العبارات التى لا تجعل أحدا يعلم مالذى يقوله الطرف الأخر , مثل " ماذا ؟ , حقا ؟ حسنا ؟ , وإن كانت ملامح وجه دلت على الكثير من الدهشه والمفجأه ...

أسرع يرتدى ملابسه وينزل إلى الشارع حيث ينتظرة السائق الخاص به , وقال له فى خشونه إعتاد عليها السائق :

- إلى فرع محطه الرمل يا عم محمود .

إنطلقت السيارة بسرعه متوسطه فى الشارع , بينما أخذ عادل الحفناوى يفكر فى ما يمكن أن يجدة هناك ...

كانت سلسله محلات ( تذوق ) للعصائر , فى البدايه عبارة عن محل واحد , إستطاع خواجه يهودى تأسيس محل للعصائر فى منطقه محطه الرمل فى الإسكندريه , ومالبث الخواجه أن رحل مع من رحلوا من يهود مصر بعد قيام الثورة وإعلان فلسطين وطنا قوميا لليهود , هكذا إشترى المحل رجل مصرى يدعى الحاج أحمد الدباغ , وما إن إشترى المحل حتى أخذ يحقق شهرة متميزة , فلم تكد تمضى سنوات حتى أصبحت محلات ( تذوق ) من أشهر محلات العصير فى مصر , وإفتتحت فروعا لها فى كل مكان فى الجمهوريه تقريبا , وإن ظل فرع محطه الرمل فى الإسكندريه هو الأكبر والأشهر , وكانت أجيالا عديدة قد توارثت ملكيه هذا المحل , حتى إنتقل لعادل الحفناوى بالإرث , وإستطاع هو أن يشترى مخزنا للعصير بالقرب من المحل , يتم صنع العصير فيه , ومن ثم نقله إلى الفرع الرئيسى , لضمان السرعه والدقه ...

هكذا إستقرت عصارة ضخمه كلفت عادل أموالا كثيرة , فى المخزن الصغير , وكانت تستطيع عصر ما يقارب 3000 حبه فاكهه دفعه واحدة , من خلال عصارات عملاقه , ثم ينزل العصير إلى أطباق ضخمه مخصصه للعصير , ويتم جمعه فى حاويات كبيرة وتوصيله لفرع محطه الرمل الرئيسى ...
وكانت المكالمه التى أيقظت عادل من نومه وجعلته يهرع إلى هناك , كانت من عم عبد التواب , كبير المشرفين على عمل العصارة الضخمه , وقد وضع – بمعاونه من معه – كميه الثمار المطلوبه , ثم ضغط على زر العصر , فتحولت الثمار إلى عصير فى ثوان معدودة ...

لاحظ العاملين أن لون العصير أحمر على غير العادة , تذوقوا بعضا منه فوجدوا طعمه له مذاق الدم , فحصوا الأله فإكتشفوا الكارثه ....

كان هناك شخص قد تم ربطه ووضعه حيا فى قاع العصارة , وأفرغوا هم الثمر عليه دون أن يدروا , نظرا لإرتفاع سطح العصارة , ثم عصروا الرجل مع ما عصروة من ثمار للبرتقال ... إتصلوا بعادل على الفور , الذى عاين المكان , وهاله مشهد الجثه المعصورة , ثم إبتعد عن المكان واضعا منديل كبير على فمه وأنفه .. أخرج هاتفه المحمول وإتصل بالبوليس ....

* * *

- " لا يمكننى إمدادك بأرقام هواتف من يرسلون رسائلهم للمحطه , هذة هى سياستنا فى الحفاظ على المعلومات السريه للعملاء "

هكذا قالت مهندسه الكمبيوتر المسئوله عن مراقبه الرسائل الخاصه بدردشه الشباب على القناه الفضائيه الشهيرة , إلا أن وائل الجزار تنهد بقوة , شأنه كشأن من يسمع كلام لاقيمه له , ثم نظر إلى المهندسه وقال لها بلهجه توحى بعدم الصبر :

- إن هذا الأمر متعلق بأمن الدوله , يجب أن تتعاونى معى فوق أى إعتبار للسريه .

قرن عبارته بأخراج بطاقه تحقيق شخصيته التى تفيد أنه يعمل فى مباحث أمن الدوله , تمالكت المهندسه نفسها وقالت له :

- فى هذة الحاله يجب أن أرى تصريحا من المباحث أو أمر قضـ....

قاطعها وائل بحدة , ولم يترك لها فرصه لإكمال حديثها وقال لها فى خشونه بالغه :

- قبل أن أحضر إلى هنا كنت أطالع بشغف ملف حضرتك فى أمن الدوله , تعرفين أننا نجمع معلومات شيقه عن معظم العاملين هنا , وقد طالعت فى الملف عدة إشتباهات فى ضلوعك فى التحايل على ماكينات عد النقود , بالإضافه لمحاولات ناجحه لسرقه فيزات من بنوك عالميه , يبدو أن لك ملفا حافلا لدينا ... هل ياترى وضعت كل هذة الخبرات فى السيرة الذاتيه الخاصه بك عند التقدم لهذة المهنه المحترمه ؟

تعاونى معى وإلا ... أقسم بالله أن أقدم نسخه من ملفك الشيق لدينا لمدير عملك شخصيا , هل تدرين معنى هذا يا ( باشمهندسه ) ؟

ضغط على الحروف الأخيرة فى جملته , ونظر للفتاه أمامه نظرة مرعبه , وتحول وجه الفتاه إلى ألوان الطيف فى لحظات معدودة , تلعثمت فى الحديث عدة مرات قبل أن تقول له برعب :

- أرجوك .. سأتعاون معك لـ... للنهايه ...

جذب مقعدا وجلس بجوارها , بينما أخذت هى تقوم بالعديد من الإجراءات الإلكترونيه المعقدة على حاسب ألى متطور أمامها ... وفى النهايه طالع وائل شاشه بالرسائل التى تم إرسالها للقناه فى الأيام الاخيرة , أخذ يفحص بعينه الرسائل حتى وصل إلى رسالته المنشودة ...

" أنا أعلم جيدا ماذا حدث اليوم فى محطه الرمل "

أشار بيدة إلى المهندسه للرساله الموجودة على الشاشه , فأجرت بعض العمليات على الكمبيوتر ثم أخذت ورقه وكتبت له رقم هاتف محمول وقدمته لوائل بيد مرتعشه وهى تقول له :

- هذة هى الـ.... هذا .... الرقم ... الذى أرسلت منه الرساله ....

أخذ منها الزرقه ثم حدجها بنظرة ناريه , ثم خرج من مكتب إدارة القناه , إتصل بصديق له فى شبكه المحمول التابع لها الرقم الذى أخذة للتو , وماهى لحظات حتى أتاه صديقه بالمنطقه التى يقع فيها هذا التليفون , ثم مالبث أن حدد له رقم المنزل الموجود فيه هذا الهاتف ....

فيلا 313 طريق الحريه ....

إستقل وائل سيارته وإتجه إلى المكان بسرعه البرق ...

لم يكن يعرف أن المواجهه فى هذة الفيلا ستحمل طابعا مختلفا ....

ودمويا ...

* * *
" لا يوجد خيط واحد ... هذا مستحيل "

هكذا نطق مدير مباحث أمن الدوله فى سخط شديد , وهو يوجه نظرة ناريه للظابط ( أحمد الخواجه ) الواقف أمامه ... طأطأ الأخير رأسه فى صمت بينما تابع المدير بنفس اللهجه :

" من المسئول عن التحقيق فى هذة القضيه ؟ "

" وائل الجزار يا فندم "

" وائل الجزار ؟ أليس هو ذلك الظابط الذى قتل واحدا ممن يستجوبهم ذات مرة ؟ "

" هو بعينه يا فندم ! "

" إذن أخبرة أن مستقبله المهنى متوقف على هذة القضيه ... كيف لا يوجد خيط واحد فى هذا القضيه ؟ "

" لا توجد بصمات أو أثار أقدام غريبه , القاتل دخل وخرج كالسراب , ونفذ جريمته ببشاعه مطلقه و ... "

" كونكم لا تستطيعون الوصول للقاتل حتى الأن فهذا يعنى تقصير من وائل الجزار .. ولن أسامحه على هذا "

رن هاتف ( أحمد الخواجه ) المحمول فإستأذن المدير بسرعه وأجاب على الهاتف , فأخذت أساريرة تمتقع ثم أعلق هاتفه بسرعه , ونظر للمدير قائلا :

" كارثه يا فندم .. كارثه "

حملت عيون المدير كل تساؤل بينما تابع الخواجه قائلا :

" حدثت جريمه أخرى أكثر بشاعه فى مخزن عصائر محلات ( تذوق ) ! "

وسقط الخبر على المدير كالصاعقه ... ثم مالبث أن صرخ :

" أين وائل الجزار الأن ؟ أين ؟ "

وبقى التساؤل معلقا ...

* * *

إنتبهت كل حواس وائل الجزار , وهو جالس فى سيارته الخاصه , يتابع عن كثب الفيلا 313 فى طريق الحريه فى الأسكندريه ... كانت الفيلا فى منطقه هادئه غير عامرة بالسكان إلا منازل متفرقه بعيدة , وكان الليل قد إنتصف ولم يخرج أو يدخل أحد للفيلا المظلمه مما يوحى بأنه لا يوجد أحد بداخلها ...

كان وائل جالسا فى السيارة منذ فترة طويله , إلا أن عقله لم يزل يسترجع النقاش الحاد الذى تناقشه مع الفريق الذى يعمل معه فى حل جريمه قتل المحامى ...
كان من الغريب ان القاتل لم يترك أثرا وراؤة , كما أنه لم يعد لمكان الجريمه كما تصور وائل , أما عن ملف المحامى فأظهر أنه محامى فاسد , يترافع فى قضايا المخدرات والدعارة , وهكذا إكتسب شهرة واسعه , ناهيك عن تحقيقه لأرباح قويه فى هذا المجال ...

وأفادت معامل البحث الجنائى والطب الشرعى أن القتيل تم إلباسه ملابس الترافع بعد قتله , يبدو أن القاتل كان يريد توجيه رساله ما لمن سيحققون فى هذة القضيه ...

أفاق من غفلته المؤقته على شاب يقترب من الفيلا ... كان فى حوالى التامنه والعشرين من عمرة , يرتدى بنطالا وجاكت من الجينس الأزرق , رفيع , إلا أنه متين البنيان , إل أن عدم وجود إنارة فى هذة المنطقه منع وائل من التمعن فى وجه الشاب ...

أراد وائل أن يطمئن لمرة أخيرة أنه هو بالفعل الشاب الذى يبحث عنه , أخرج من جيبه هاتفه المحمول وإتصل برقم الشاب الذى إستطاع الحصول عليه , نظر للشاب مليا , فوجد الشاب يدخل يده فى جيبه ثم يخرج هاتفه المحمول ... أسرع وائل يغلق الخط قبل أن يجيب الشاب ... وقد تأكد تمام التأكد أنه هو الجانى ....

إنتظر وائل حتى دخل الشاب للفيلا , إنتظر قليلا ثم هبط من السيارة وإتجه نحو الفيلا ... إحتمى بشجرة قريبه , ووقف خلفها بعض الوقت خوفا من أن يلمحه الشاب من أحد النوافذ ... إقترب وائل مرة أخرى , ودار حول الفيلا , وأخذ يدرس مداخلها ومخارجها جيدا ...

كانت هناك نافذة منخفضه عند أحد الأركان , إستند وائل بقدمه على حاجزها ثم قفز إلى داخل الفيلا ...
كانت الحجرة التى دخل إليها وائل عبارة عن قبو للفيلا .. أخذ وائل يتحسس طريقه إلى حجرات الفيلا , متحسسا بيدة مسدسه المستعد للإنطلاق فى أى لحظه , متحاشيا الإرتطام بأى شىء حوله شأنه شأن أى ظابط محترف فى عمليات التسلل لأوكار الجريمه ...

إنتقل وائل من القبو إلى أحدى الغرف .. اسرع بالدخول إليها وأخرج مسدسه , وأخذ يديرة فى كل إتجاه خشيه من أن يكون الفتى فى هذا الغرفه , وعندما تأكد أنه لا أحد بالغرفه أخذ يتطلع فى أركانها ...
كانت غرفه واسعه , غير مرتبه , تناثر فيا عدد كبير من الكتب والمجلات , وتم لصق العديد من صفحات المجلات والجرائد على جدرانها , وعلى الأرض تكومت مجموعه من الأغطيه والمفارش كساها التراب ...

تطلع وائل فى الكتب بدهشه ... هل يوجد كاتب مثقف ؟ نظر إلى الكتب ففوجىء بوجود مجموعات من كتب لنجيب محفوظ ومصطفى محمود وأنيس منصور ! هو نفسه لم يقرأ فى حياته كتاب سوى دليل التقدم لكليه الشرطه , وبعض الكتب التى درسها فى الكليه ...

إنتقل وائل من غرفه إلى غرفه أخرى , وأخذ يتطلع فى محتوياتها , وقبل أن يشاهد ما بها , إرتفع صوت جرس هاتفه المحمول يرن بأقصى قوة , ساعد على إنتشار الصوت عدم وجود إناس فى الفيلا مما جعل الصوت له صدى كمن يتكلم فى كهف !

إرتبك وائل , ورغم أنه محترف إلا أنه لم يتوقع مفجأه كهذة , إلا أنه أغلق هاتفه على الفور , إلا أن الأوان قد فات ...

لقد سمع صوت فى غرفه بعيدة , وميزت أذنه الخبيرة صوت مسدس يتم إعداده لإطلاق النار , ثم سمع صوت من يعدو بأقصى سرعه من الغرفه متجها إلى حيث يقف ....

كان الموقف معقدا , وكانت صوت خطوات الشاب تكاد تهز الأرض من فرط سرعتها وحماسها ....

وفجأه وجد وائل نفسه وجها لوجه أمام الشاب ....
وإستل الشاب مسدسه بإحتراف

وكانت المواجهه ....

* * *
إذا سألت أى خبير فى علوم الصراع بين البشر , سيخبرك أن الإنتصار فى أى صراع عضلى بين شخصين متوقف على عامل مهم من عوامل الصراع , ينسب له الفضل فى إنهاء معظم الصراعات لصالح من يجيد إستغلاله ... ألا وهو عامل المفاجأه ...
أما فى حاله هذا الموقف العجيب , الذى وجد فيه وائل الجزار , ظابط أمن الدوله عديم الرحمه نفسه أمام قاتل ضحايا محطه الرمل وجها لوجه فى فيلا هذا الأخير , فأن عامل المفاجأه كان من نصيب القاتل والظابط فى أن واحد ...

لم يكن يتوقع وائل الجزار أن ينكشف أمرة للشاب نتيجه رنين هاتفه المحمول , ففوجىء بالأخير يستل مسدسه يستعد لإطلاق النار , ولم يكن المجرم الشاب يتوقع أن يصل إليه أحد , ففوجىء بوائل أمامه مستلا مسدسه ...

ودار القتال ....

كان الشاب هو أول من بدا هجومه , أطلق عيار نارى نحو رأس وائل , إنبطح هذا الأخير على ظهرة متفاديا الطلقه , وشعر بوهج الطلقه يدمى أنفه ويمر من على بعد إنشات قليله من رأسه , سقط وائل أرضا , إلا أنه سدد طلقه ناريه نحو ظهر الفتى , إلا أن الأخير تفاداها بمهارة مدهشه جعلت وائل يدرك للوهله الأولى أنه يواجه خصما محترفا , وليس مجرد مدنى لا يفقه فى أمور المعارك شيئا ...

تفادى الشاب طلقه مسدس وائل ثم تحرك نحو مقعد خشبى كبير فى ركن الغرفه وطوحه بكل ما له من قوة فى وجه وائل , الذى إستطاع تفادى المقعد , إلا أنه أصاب يدة فأطارت مسدسه من يدة , ورأى وائل المجرم بطرف عينه يستعد للتصويب مرة أخرى , فجرى بكل ما له من قوة وألقى بنفسه على الشاب , وسقطا سويا على الأرض , ويد وائل تستميت على المسدس لتمنع المجرم من التصويب مرة أخرى ...

وإنطلقت فى سقف الحجرة عيارات ناريه نتيجه الصراع المحموم على المسدس فى يد الشاب , حسمه وائل لصالحه بصعوبه عندما أطار مسدس الفتى من يدة , ثم أكال له لكمه فى أنفه تفقد أى شخص عادى صوابه , إلا أن الفتى إحتملها ثم أرجع رأسه للخلف مسافه قصيرة , ثم هوى على قصبه أنف وائل بقوة , جعلت يد الأخير ترتخى عن يد الشاب , ونهض الشاب من الأرض ثم أكال ضربتين بقدمه كالقنبله لوجه وائل , أتبعها بثالثه لمعدته , إلا أن الأخير تثبث بقدمه فى المرة الأخيرة , وإستطاع أن يوجه له بقدمه ضربه فنيه فى مفصل قدمه الذى يقف عليه , فسقط المجرم مرة أخرى أرضا ليستقبله وائل بلكمات كالقنابل فى أماكن متفرقه ... تحملها الشاب بصلابه نادرة , وأمسك بوائل من شعرة ثم جذبه إليه بقوة وصدم رأسه بالجدار بمنتهى العنف ..
ثم أتبعها بصدمه أخرى بالجدار
وأخرى ...
وأخرى ...
وأخرى ...

وبدأ وائل يشعر بالدوار ... وأحس بالدماء تسيل غزيرة من رأسه لتغرق ملابسه .. سقط وائل أرضا وقبل أن يفقد وعيه تماما سمع أول وأغرب جمله من المجرم الشاب ...

- " لن تستطيع الإمساك بى يا وائل باشا ... لن تستطيع "

* * *

إزدحم طريق الحريه فى الإسكندريه بسيارات المطافىء والإسعاف , وكانت كلها تقصد منطقه بعينها , فيلا 313 طريق الحريه ... هذة الفيلا التى شهدت منذ أقل من ساعه صراعا دمويا غريبا بين ظابط شاب لا يعرف الرحمه ... ومجرم من طراز خاص ...

تم إخراج وائل على محفه تابعه لإسعاف الإسكندريه , وأدخلوة عربه الإسعاف على الفور , وإلتف حوله زملاء مهنته فى السيارة , ينظرون إليه بشفقه وخوف على صحته ... كانت الدماء تغطى جسدة بالكامل , وهناك جرح كبير فى رأسه , وقد غطته مياه سيارات المطافىء بالكامل ...

إستعاد جزء من وعيه , فتطلع فى الواقفين حوله ثم سأل السؤال الشهير الذى يسأله كل من يفيق من إغماءته ...

" أين أنا ؟ ماذا حدث ؟ "

أجابه أحد زملاءة :

أنت فى سيارة إسعاف... ماذا حدث يا وائل ؟ لقد تلقت المطافى مكالمه من مجهول بأن حريقا كبيرا شب فى الفيلا , وعندما دخلوا وجدوك على هذا الحال .... وائل .. وائل ؟
كان وائل قد أغمض عينه , وترك نوبه الإغماء تأخذة بعيدا ...

* * *

" هذا تهريج وإهمال وتفريط ! "

هكذا إرتفع صوت مدير الأمن عاليا حتى سمعه ظباط مكافحه الشغب فى الدور الأخير للمديريه , وحاول وائل أن يتكلم فقال بصوت حاول أن يجعله هادئا :

" يا سيدى أنا لم أكن ألعب , لقد كنت أتتبع المجرم فى منطقه ... "

قاطعه المدير بنفس درجه الصوت العالى :

" وماذا جنيت من مطاردته يا أخ ؟ كاد أن يقتلك ثم أشعل النار بالفيلا , ويبدو أنه من أتصل لإنقاذك ... لقد جعلته يسخر منا يا حضرة الظابط وائل ... كان يجب عليك أن تطلب الدعم قبل أن تدخل.. لاتنسى أن هناك فريق من الظباط يعمل معك , ويجب أن تتعاون معهم , لكنك لم تطلب الدعم , ظننت نفسك ( رامبو ) وتسرعت فى الدخول وحدك .. كان يجب إما أن تقبض عليه أو أن تموت محترقا قبل أن تجلب لزملاءك عار الإهانه ! "

حاول وائل التحدث قائلا :

" لكن الـ ... "

" لا يوجد لكن ... أقسم بالله إنك إن لم توقع بهذا الوغد فى أقرب فرصه , لأشرف بنفسى على طردك من المباحث , بل من سلك الشرطه كله , وحينها ستتمنى أن تكون أمين شرطه ولن تستطيع ...
أخرج من المكتب .. هيا "

أسرع وائل يخرج من المكتب ... تحاشى النظر لعيون زملاءة ... دخل دورة المياه , تطلع لوجهه فى المرأه ... كانت الكدمات تغطيه على أثر مطاردة البارحه , بالإضافه لقطعه صغيرة من الشاش لجرح رأسه الغائر .. وكانت أثار عدم النوم ظاهرة على وجهه ...

كيف إستطاع المجرم معرفه إسمه ؟ لقد سمعه جيدا يقول له قبل أن يفقد الوعى : لن تستطيع الإمساك بى يا وائل باشا ! ... كيف عرف إسمه ؟ هل يوجد بينهم سابق علاقه ؟ هل هو أحد زملاؤة فى العمل ؟!

أفاق من تفكيرة على صوت جهاز الاسلكى المعلق فى خصرة .. إرتفع الصوت فى دورة المياه لزميله يقول :

" نداء للوحدة 17 نجدة ... نداء للوحدة 17 نجدة ... جريمه جديدة فى محطه الرمل ... جريمه جديدة فى محطه الرمل ! "

إندهش وائل وأصغى السمع للجهاز :

" من الواحدة 17 إليك .. من الواحدة 17 إليك ... حدد الجريمه وجارى التوجه إلى هناك "

" الجريمه خطف سيدة فى السابعه والعشرين .. الإسم سارة محمد أحمد , أكرر ... الإسم سارة محمد أحمد .. توجهوا إلى هناك وتقصوا الأمر فورا ... "

سقط جهاز الاسلكى من يد وائل وقد أدرك أنهم يتحدثون عن زوجته !

* * *

لم تشهد منطقه محطه الرمل فى الأسكندريه من قبل كل هذا التكثيف الامنى ... كانت المنطقه تشبه إلى حد كبير المزار السياحى .. كان السياح يأتون من الكثير من دول العالم , خصوصا إيطاليا ( لقربها من الإسكندريه ) ليستمتعوا بالتسوق من محلات محطه الرمل , ويتذوقوا قهوتها الرائعه من مخزن البن البرازيلى , بالإضافه بالتمتع بالجو المشرق ومشهد البحر الرائع ...

إلا أن فى هذا اليوم بدا للجميع أن محطه الرمل قد تحولت إلى ما يشبه الثكنه العسكريه .. فقد وقف مجموعه من ظباط الحراسه ( حوالى 3 ) عند كل مدخل منزل , كما تم تشديد الحراسه على المساجد والكنائس فى المنطقه , وإنتشر العديد من رجال المباحث فى ملابس مدنيه فى كل أرجاء المنطقه ...

وكان الناس يتناقلون همسا الأحداث الأخيرة .. كيف مات المحامى , وكيف تم ( عصر ) أخر فى معاصر محلات ( تذوق ) والتى شهدت فتورا رهيبا فى عدد عملاءها , وتهامس الناس أن تحليلات الشرطه أثبتت أن الرجل الذى تم وضعه فى المعصرة هو رجل أعمال غنى , وتهامس أولو العلم منهم أن هذا الرجل من أحد حيتان الإسكندريه , وأن له من النفوذ القانونى وغير القانونى ما يجعله يستطيع التحكم فى من يريد وقتما يريد ... ولم يكن الناس مخطئه فى هذا ...

والسؤال الذى ظل يؤرق الناس , كيف إستطاع هذا المجرم إقتلاع رجل الأعمال الفاسد من وسط حراسته المشددة وإلقاؤة فى المعصرة ؟

ولم يكن يعلم الناس أن فى منزل وليد الجزار ظابط أمن الدوله , كانت مسرح أحدث عمليه لسفاح محطه الرمل , كما أصبح الناس تسميه ...

* * *

جلس وائل محتضنا أبناؤة , الذين أجهشوا بالبكاء .. كانت عيونهم تتسائل قبل شفاههم ... أين ماما ؟ وعندما سألهم وائل عما حدث لم يحصل على الكثير من المعلومات ... لقد إنتزعها شخص ما من فراشها ليلا , ومن ثم إختفت أمهم دون أن تتمكن من إطلاق صرخه واحدة ...

مقارنه سريعه بين الوقت التقريبى للخطف ووقت صراعه مع السفاح , يجعله يعلم أنه لم يضع الوقت .. وأنه أجهز على وائل فى الفيلا وأسرع يخطف زوجته من منزلها ...

كانت ملايين الأسئله تتصارع فى ذهن وائل ...

كيف عرف السفاح إسمه ؟
كيف عرف محل إقامته ؟
لماذا أبلغ المطافىء بالحادث ولم يتركه يلق مصرعه ؟
لماذا إختطف زوجته ولم يقتلها ؟

ترك وائل أطفاله وإتجه إلى غرفه نومه مع زوجته ... جلس على حافه الفراش , وأخذ يسترجع ما حدث له فى الفترة الأخيرة ...

لقد فقد كل شىء منذ ظهر هذا السفاح ...

خسر شهرته الأسطوريه فى عالم المباحث ... مع تهديد حقيقى بفقد وظيفته...
خسر كرامته وسمعته عندما تغلب عليه رجل واحد وكاد أن يقتله لولا عنايه إلهيه يجهل سببها !
خسر زوجته ... حبيبته ... ام أطفاله ...

نظر بجوار الفراش فتلاقت عيناه مع عينى صورة زوجته ...

أخرج مسدسه من جرابه ... وضع المسدس عند رأسه ....

لقد خسر اللعبه ويجب أن ينسحب من كل شىء ...

رن هاتفه المحمول فإنتفض وائل , وسقط مسدسه من يدة على الأرض , وبدل نظرة بين هاتفه ومسدسه فى رعب ... رفع الهاتف لأذنه وسمع صوت زميله فى إدارة البحث الجنائى يصرخ بجنون :

" وائل ... وائل ... إفتح محطه ( ... ) الفضائيه حالا .. يبدو أن هناك رساله جديدة لك ! "

* * *

جرى كالملسوع إلى التلفاز , وفتح القناه الفضائيه وعينه تتابع شريط الدردشه السفلى , وجمله واحدة تتكرر دون ملل على الشريط :

" وائل باشا .. ما رأيك فى مقابله أخيرة ؟ لدى ما يهمك , تعالى وخذة , ولا تنسى أن تأتى وحدك ... تعرف كيف تجدنى .. إلى اللقاء "

* * *

تطلع وائل الجزار لمنزل من طابق واحد .. يقع على مشارف مدخل مدينه الإسكندريه , ثم نظر إلى زميله الواقف بجوارة وقال له :

" إرحل أنت يا سامى "

" مستحيل .. يجب أن أدخل معك ونلقن هذا الوغد درسا و .... "

قاطعه وائل قائلا :

" لقد طلب منى أن أأتى وحدى , أخشى الا أنفذ أوامرة فيقتل سارة , سأتمكن منه إن شاء الله "

لم يكن أمام منطق وائل إلا أن رحل سامى , وقبل أن يرحل , نظر إليه وائل نظرة طويله ثم قال له :

" سامى ... إذا حدث شىء لى فسارة والأولاد أمانه فى عنقك " ...

بادله سامى نظرة حملت من المعانى ما يعجز كتاب عن وصفها ورحل فى صمت ...

ترجل وائل من سيارته , وتأكد من حشو مسدسه فى خصرة , و تحسس بيدة مسدسه السرى بالقرب من جوربه , ثم تحسس بيدة الأمشاط الإضافيه للمسدس فى جيوبه الخلفيه ... وسار نحو المنزل فى بطء وحزم ...

كان يعلم أن ما سيفعله بالداخل سيتحدد به مصير كل شىء فى حياته ... وسيكشف كل الأسرار التى خفيت عنه ... أو يموت وتبقى هذة الأسرار طى الكتمان إلى مالانهايه ...
توقف وائل أمام بوابه المنزل الذى تم إرسال الرسائل إلى المحطه الفضائيه منه , قرع الباب بعنف , ففوجىء أن الباب مفتوح بالفعل ... أزاح الباب بعيدا , ثم دلف إلى الداخل ...

رغم ضوء الصباح الذى يغمر الإسكندريه فى الخارج , إلا أن المنزل من الداخل بدا معتما , يبدو أن سكانه قد أغلقوا كل النوافذ , وأسدلوا كل الستائر ... كان المنزل متواضع إلى حد كبير ... به الأساسيات فقط .

أخذ وائل يتطلع إلى تفاصيل المنزل حينما أتاه صوت من الأعلى يقول :

" أهلا وائل باشا ... يبدو أنكم فى الداخليه تتعاونون جيدا مع إدارة القنوات الفضائيه وشركات المحمول ! "
كان هذا هو الشاب بعينه الذى إنتصر على وائل فى المواجهه الاولى , يقف فى الدور الثانى من المنزل , ووراءة تدلت سارة زوجه وائل , وقد ربطت من يديها فى السقف , بينما إلتف حول قدماها حبل غليظ , وأسندت على مقعد بسيط حتى لا تنخلع يدها من جسدها جراء هذا الوضع المؤلم ...

بمجرد أن نظر وائل إلى السفاح , حتى أخرج السفاح مسدسا من جيبه , ثم ألصقه برأس سارة التى أطلقت صرخه مكتومه ونظرت لوائل نظرة إستعطاف , وقالت له بصوت مبحوح من البكاء :

- " وائل ... ماذا حدث ؟ أنقذنى !

- " سارة ... حبيبتى لا تخـ.... "

قاطعه صوت السفاح بغضب :

- " كفانا هذة المنولوجات يا وائل باشا .. ولنتكلم فى المفيد "

ضغط وائل على أسنانه بشدة ونظر للسفاح نظرة قاتله وقال له :
" إسمعنى أيها الوغد ... قبل أن تبدأ أنت جرائمك كنت أنا الأسطورة ... الأستاذ ... لقبنى اصدقائى بوائل الجزار , ولم أفشل فى حل قضيه واحدة أوكلت إلى .. وحين ظهرت أنت أيها المعتوة تبدل كل شىء , وسأخسر وظيفتى , وخسرت كرامتى , وأضفت أنت إلى هذا أنك أخذت منى زوجتى ... لذا فلن أقسم بالله ... أقسم بالشيطان , أننى سأقتلك ... فإن تركت زوجتى فأعدك أن أقتلك بهدوء وبأقل قدر ألم ... أما إذا مسست شعرة منها فسأذيقك العذاب لمدة إسبوع كامل ....."

مسح وائل عرقه من على جبينه , ثم أكمل والشرر يتطاير من عينه , واللعاب يتناثر من فمه :

" أما إذا أذيت إنشا واحدا من جسدها فسأذيقك العذاب لمدة شهر ... أقسم بالله أننى سأجرى لك عمليه نقل دم لأبقيك على قيد الحياه وأستمتع بتعذيبك .. قبل أن أشوى لحمك على نار متوسطه ... "

إرتفع صوت تصفيق هادىء من كف السفاح ... ثم قال ببرود :

" أداءك المسرحى متميز يا وائل باشا ... وقبل أن أرد تفصيليا على كلامك يجب أن أفعل شىء بسيط أولا ... "

قالها وهبط السلم الذى يوصله للطابق السفلى , وإقترب من وائل غير مهتم بما قد يفعله به هذا الأخير , وفكر وائل بسرعه البرق , فوجد أن أى محاوله منه لأن يستل مسدسه ويطلق النار على السفاح لن تجدى , فسيستطيع السفاح إطلاق النار على سارة قبل أن يخرج هو مسدسه , كما أنه درس فى أكاديميه الشرطه حقيقه علميه تقول أن جسد أى شخص عندما يتم قتله , يملك ما يعرف بإسم ( لحظه الثبات ) وهى لحظه واحدة يكون فيها القتيل مسيطرا على جسدة كليا قبل أن يموت , فحتى إن أطلق وائل النار على رأس السفاح , فأن السفاح سيقتل سارة خلال ( لحظه الثبات ) ...

إقترب منه السفاح , وإستمر فى توجيه مسدسه إلى رأس سارة التى أخذت تشاهد ما يحدث بجزع , ثم بحركه سريعه أحاط السفاح أيدى وائل بـ ( كلابشات ) خاصه , بحيث تعجز يداه عن الحركه , ثم هبط بسرعه إلى قدمه فأوثق قدما وائل بحبل متين على الأرض , وعبثا حاول وائل أن يضع قدمه بوضع لا يريح السفاح فى ربطهم , أو يتيح له حريه الحركه , إلا أن الأخير أحكم ربطهم جيدا ...

صعد السفاح بسرعه مرة أخرى حيث يقف , ثم خاطب وائل قائلا :

" الأن إلق إلى بمسدسك يا وائل باشا .... "

بهدوء أدخل وائل يدة المكبله بصعوبه إلى جيبه وأخرج مسدسه ثم ألقاه بإهمال بإتجاه السفاح الذى تكلم محدثا وائل :

" والمسدس السرى الأخر .... "

" لا يوجد مسدس أخـ ... "

صرخ السفاح بنفاذ صبر وهو يلصق المسدس بجبه سارة :

" المسدس السرى الأخر وإلا نسفت رأس المدام ! ... لا تتعجل بإنهاء المرح قبل أن يبدأ ! "

أسرع وائل يخرج المسدس السرى من مكانه ويلقى به هو الأخر ...

جلس السفاح على مقعد بالقرب من سارة , ولم يفته أن يوجه ماسورة المسدس بإتجاهها , متجاهلا نحيبها المتواصل .. ثم تحدث مخاطبا وائل :

" كنت أستمع متمتعا بوعيدك لى بالتعذيب والقتل ... غريب هو أمركم يا رجال الشرطه ... بل هى غريبه طبيعه النفس البشريه .. أنت الأن تتوعدنى بالتعذيب والقتل إذا لمست زوجتك .. فهل تتذكر ما فعلته أنت يا وائل باشا ؟ "

صمت قليلا ثم أكمل :

" بالتأكيد لا تتذكر .. فأمثالك لا يتذكرون ضحاياهم .... لا لضعف ذاكرتكم , بل لكثرة عدد الضحايا .... ولو كانت ذاكرتكم قويه فى تذكر الضحايا بقدر قوتها فى تذكر القضايا الناجحه والنياشين والترقيات ... لما نمتم يوما واحدا ... "
إلتقط أنفاسه , وأخرج سيجارة أمريكيه , أشعلها ثم تابع وهو يستمتع بأول أنفاسها :

" دعنا نتعارف أولا يا وائل باشا ... أنا محمود عباس .. مواطن مصرى سكندرى شريف ... وأنت ؟ "

تابع بسرعه كمن لا ينتظر إجابه :

" وائل ... وائل الجزار ... ظابط شرطه سابق محترف , وظابط أمن دوله حالى لا تعرف الرحمه ... هل أخطأت فى شىء ؟ "

" هل تذكر إسم محمود عباس ؟ هل يعنى لك هذا الإسم شيئا ؟ "

أخذ وائل يبحث فى عقله بسرعه البرق .. لم يجد لهذا الإسم أى صدى أو معنى لديه .. هز رأسه بعلامه النفى فتابع محمود :

" كنت أعرف أنك لا تتذكر .. حسنا يا وائل باشا ... سأحكى لك حكايتى ... "

أخذ نفسا عميقا أخر من السيجارة ثم تابع :

" أنا يا وائل باشا مواطن سكندرى شريف .. من الطبقه المتوسطه , تلك الطبقه التى لا تتسول رزقها على الأرصفه , وأيضا لا تعيش فى فيلات وقصور ... هذة الطبقه التى تنهار الأن فى ظل الغلاء , وسيطرة الخصخصه ... نجحت قله من هذة الطبقه فى القفز إلى مصاف الطبقه الغنيه الراقيه , ومعظمهم قفزوا بفعل أمور غير مشروعه ... وهبط من هبط من أبناء الطبقه المتوسطه إلى مستوى تحت المتوسط ...

ليست هذة محاضرة دراسات إجتماعيه , إنما أريدك أن تعلم أننى مواطن عادى وبسيط , يعانى من كل ما يعانى منه المواطن العادى والبسيط ... كنت أعمل لدى أحد أكبر رجال الأعمال فى الأسكندريه , وكان يثق فى ويعاملنى كإبنه , حتى أنه أعطانى قرض بخمسه ألاف جنيه لأبدأ بهم مشروع صغير خاص بى .... فشل المشروع وتعثرت فى السداد , إلا أن الرجل الطيب صبر على , وأخذ يصبر ولم يطالبنى بالسداد , حتى إتصل بى ذات يوم رجل أعمال منافس لرئيسى , وأخبرنى أنه يستطيع أن يدبر لى ملغ نصف مليون جنيه , وتذكرة إلى أى دوله أختارها إذا قتلت مديرى فى العمل وكان معه محامى ذئب من خبراء اللعب بالقانون حاول أن يطمئننى لأنفذ ما يريدونه ... رفضت بقوة وهاج هو , فلم يكن يتوقع أن أرفض , وبعدها بأيام مات رئيسى فى العمل , بالطبع وجد رجل الأعمال المنافس من قبل بهذة الصفقه القذرة ...

هكذا حامت الشبهات حولى , فأنا المدين له بمبلغ كبير , وأنا من أتعثر فى ديونى وفشل مشروعى الشخصى , وهكذا إستدعتنى النيابه للمثول أمامها للتحقيق ...

سكت محمود برهه , ثم أخذ نفسا جديدا من السيجارة بين أصابعه قبل أن يتابع :

" عندما إقتادنى الجندى إلى حجرة التحقيق , قال لى جمله لن أنساها ... قال لى : يبدو أنك أغضبت أمك أو ربك بشدة , فوائل الجزار لا يرحم أحدا .... أنت مثل ولدى , عندما تمثل أمامه أعترف بما يريدك أن تعترف به , وضع إمضائك على ما يريد من أوراق , وإلا فالويل لك "

أكمل محمود قصته قائلا :

" كنت حينها شابا جامعيا متفتحا , متزوج حديثا وحب زوجتى يملأ قلبى , وأنظر للحياه من منظار وردى , وكنت أتوقع أن ألقى تحقيقا مع متهم , من المفترض أنه برىء حتى يثبت دليل إدانته لا العكس ... , إلا أننى عندما مثلت أمامك تغيرت كل الحقائق أمامى ... وتفتحت عينى للمرة الأولى على حقيقه ما يحدث فى مجتمعنا "

بمجرد أن دخلت غرفه التحقيق , أجلستنى يا وائل باشا أمامك على مقعد جلدى وثير , ثم طلبت لى كوبا من الليمون , وأخذت تهدىء من روعى , فلم أكن معتادا على دخول أقسام الشرطه ... وأخذت ألعن فى سرى هذا الجندى الغبى الذى قال لى أنك لا تعرف الرحمه .... وبهدوء أخرجت لى ورقه من أوراق المحضر , وطلبت منى أن أضع إمضائى عليها ... قرأت الورقه فوجدت إنه إعتراف كامل وموثق بأننى من قتلت رب عملى , مع شرح بطريقه التنفيذ , وإعتراف على شركاء وهميين أيضا !!

بالطبع رفضت .... وهنا رأيت الوجه الثانى لوائل الجزار ....

توقف محمود قليلا عن التحدث , وبدا وجهه كأنه يعانى من تذكر لحظات صعبه مرت عليه فى حياته , ثم تابع قصته قائلا :

" بدايه إنهلت على أنت ورجالك ضربا بالأيدى والأقدام ... كسرتم أنفى و نصف أسنانى , وشججتم رأسى , ثم إنهلتم ضربا على بكرباج تضعه فى درج مكتبك , غير عابىء بتوسلاتى وصرخاتى التى ملأت المكان ... "

" ثم عرضتم على الإمضاء مرة أخرى فرفضت , فبدأتم فى إستعمال الكهرباء ... هذة الأجهزة السوداء الصغيرة التى وزعتها عليكم الحكومه لتفريق المظاهرات سلميا وشل حركه المجرمين مؤقتا .. هذة الأجهزة التى تطلق تيارا كهربائيا متقطعا , هذة الأجهزة التى تستعمل لدى كل بلاد العالم فى نطاقها الطبيعى , إلا أنها لديكم تستعمل لغرض قذر ... التعذيب ...

أخذتم تصعقونى صعقا متقطعا حتى لا أموت , وكل مرة تزيدون الجرعه .. أخذت أتوسل لكم ... أحاول بكل طريقه إرضاؤكم إلا أنكم إمتنعتم عن أى شىء إلا إجبارى على الإمضاء ... وكنت أعلم أن الإمضاء يعنى أن أموت شنقا .. فأثرت الموت صعقا عليه ...

وإستمرت جلسات التعذيب ثلاثه أيام ... يحضرنى أحدهم من الزنزانه أول اليوم ويرجعنى لها مع نسمات الفجر الاولى ... كانت هناك ( نبطشيات ) تعذيب تتم على , حتى نسيت طعم الراحه , وأصبح الألم صديق لى , والدم فى الزنزانه أكثر من ماء الشرب , وقطع لحمى المتناثرة جراء التعذيب أكثر من خبز السجن .... "

أخذ محمود أخر أنفاس السيجارة , وألقاها بإهمال عند قدم سارة .. التى أخذت تستمع مذهوله لما يحكيه محمود عن زوجها .. كانت تعرف أن زوجها يعمل فى المباحث قبل أن ينتقل لأمن الدوله , إلا أنها لم تكن تعلم أنه يقوم بكل هذا , كانت ترى أحيانا مشاهد التعذيب فى أحد الأفلام , وتسأل زوجها إذا كان يفعل هذا أم لا , قكان يقول أن له زملاء يقومون بهذا , وهم قله تعمل الأفلام على المبالغه فى تصويرهم , وأخبرها أنه لا يفعل هذا مطلقا ...

وهاهى تسمع قصه يشيب لها الرضيع .. عن زوجها ...

تابع مجمود بعد أن ألقى باقى سيجارته :

" وفى اليوم الثالث أحضرونى إليك يا وائل باشا ... كنت وحدك فى المكتب لأول مرة .. لم يكن معنا أحد ... وأخبرتنى أنت بشماته أن لديك مفاجأه لك , ثم غبت داخل غرفه ملحقه بمكتبك وجئت بأخر شخص قد أتخيل أنك قد تحضرة إلى هنا ... "

صمت قليلا ثم قال بصوت يكاد يقطر دما من الألم :

" زوجتى "

ثم تابع :

" أحضرت زوجتى إلى المكتب ... كانت تبكى وتنتحب وتتوسل إليك أن تتركها وتتركنى , وتقسم لك بأغلظ الأيمان أننى لم أقتل أحدا ..

كانت الكثير من التصورات تدور فى رأسى وقد أحضرت زوجتى , إلا أن أبشعها تصورا هو أننى تصورت أنك تمارس نوع من الضغط على , فتحضر لى زوجتى التى لم يدم على زواجنا أكثر من شهر , وتذكرنى بجمال الحياه فأعترف .... ثم قيدتنى من يدى بـ (كلابشات ) ومن قدمى بحبل غليظ .. ثم قلت لى بالحرف الواحد :

" علمت عنك أنك عريس جديد يا محمود ... فهل كنت جيدا فى ليله الدخله ؟ , سكت لحظه ثم وجهت سؤالك لزوجتى : هل كان جيدا فى ليله الدخله يا ( بت ) ؟

تجاهلت زوجتى سؤالك وتلميحه القذر , فاخذت برأسها وأخذت تضربه بالجدار حتى سال دمها ... حتى إضطرت أن تجيبك : نعم .. لقد كان جيدا ...

سأظل أتذكر مدى حياتى ضحكتك القذرة حينها , متجاهلا صرخاتى وتوسلاتى أن تتركها , ثم قلت لها :

" وكيف تعرفين وأنت لم تجربى رجالا أخرين ؟ "

هنا فقط بدأت أفطن لما تريد أن تقوله يا وائل باشا ...

ثم رأيتك تخلع بنطالك فى هدوء , وتمسك بزوجتى بعنف رهيب , وتقطع ملابسها قطعه قطعه أمامى ...

حينها .. وحينها فقط أخذت أتوسل إليك أن تتركها ... أقسمت أن أوقع على كل ما تريدة من أوراق ... أخذت أزحف وأنا مقيد حتى أقبل قدميك , أخذت أتلحس فى بنطالك المخلوع ككلب وفى ... إلا أنك قلت كلمه واحدة فقط حينها ...

" لقد تأخرت جدا يا محمود ... تأخرت .. "

ثم أكملت إغتصابك لزوجتى .... حتى النهايه ...

* * *

أجهشت سارة بالبكاء ... لا لكارثه أنها مخطوفه ومقيدة , ولا لأزمه أن زوجها مقيد أمامها , وإنما لهذا الهول الذى تسمعه عن زوجها بأذنها ... ضع نفسك مكانها ... زوجه لديها طفلان تسمع عن قصه إغتصاب زوجها لإمرأه أخرى .... ماذا يكون رد فعلها ؟

نهض محمود من مكانه , وإتجه إلى حوض صغير فى نهايه الطابق الثانى , غسل وجهه جيدا فى محاوله لإخفاء توترة وغضبه , ثم عاد مرة أخرى لمكانه وأخذ يكمل :

" هذا ما تعلمه أنت يا وائل باشا ... قد يتوة فى بحر ذكرياتك , إلا أنه سيطفو لحظه ما على ذاكرتك , أما ما لاتعرفه هو أننى وضعت إمضائى بعد إغتصاب زوجتى على كا ماتريد من أوراق , ثم أحاولنى للمحاكمه فانهرت أمام القاضى وأعلنت أننى وقعت على الأوراق تحت إكراه رهيب , ظنا منى أن هذا كفيلا بمحاكمتك , إلا أنهم أعادوا التحقيق معى مع شخص أخر غيرك .. كان قمه فى التعامل الراقى مع البشر ,ويعامل المتهم كإنسان ومواطن لم تثبت عليه التهمه بعد ... وهكذا تمت تبرئتى من القضيه .. وعدت لأجد أننى أعيش مع حطام زوجه ... وكانت هى الأخرى تعيش مع حطام إنسان ...

لن أحكى لك معاناتى الشخصيه مع زوجتى , فلسنا فى إذاعه نجوم FM ولست أنت أسامه منير ! يكفى أن تعلم أنها ماتت بعد شهر واحد من ما حدث معها وإكتشفت عندما ماتت أن ثمه جنين كان يتكون فى أحشاء هذة المسكينه ... هنا فقط قررت الإنتقام ...

* * *

بدايه بدأت أستعد جسديا ونفسيا لما أنا مقدم عليه .. تدربت على التايكوندو والكاراتيه , وتعلمت إطلاق النار , ودرست قضايا الشرطه فى معظم أنحاء العالم , لأتعرف على أخطاء المجرمين ,وأخذت أراقبك وأتحسس أخبارك وأراقب منزلك يوميا , ودرست عبر الإنترنت معظم مناهج أكاديميات الشرطه فى العالم , وتعلمت وسيله لمنع أن تكون لدى بصمه قدم أو إصبع فى أى مسرح جريمه ... كانت الوسيله بسيطه لكن مؤلمه إلى أقصى حد ... كان يجب أن أقطع مقدمه أصابعى ... هذة البشرة الرقيقه فى أسفل كل إظفر ... كان يجب على أن أقطعها فى كل أصابعى , وأن أرتدى أى كيس بلاستيك حول قدمى ... هكذا لا تظهر لى أى بصمه فى أى موقع جريمه ...

وضعت خطه لا يمكن أن تفشل ... بحيث أصل إليك من خلال قتل رجل الأعمال الذى قتل رب عملى ووضعنى فى ما أنا فيه هو والمحامى التابع له , وكان يجب أن أقتلهم فى منطقه محطه الرمل .. محل عملك , وهكذا أضمن أن يتم تكليفك بالتحقيق فى الواقعه , وساعدنى القدر بأن سكن المحامى فى محطه الرمل , وهكذا وجدتم أنتم جثته وقد البسته ملابس الترافع ... عل الرساله تصلك ...

كنت أستطيع أن أتسلل إلى منزلك ليلا فأقتلك وينتهى الأمر .. إلا أننى أحببت أن أغلق الجرح بالكامل .. فلولا رجل الأعمال والمحامى لما وجدت نفسى أمامك , وكنت أريد أن أحول حياتك لجحيم , وأن أهدم أسطورتك التى بنيتها على البطش والقوة , أن أحطم حياتك العمليه والنفسيه والإجتماعيه ... أن أحرمك من أن تنام فى المساء كما حرمتنى .... كنت أريد أن أراك كما أراك الأن ... مقيد كما قيدتنى ... وأن أرىى زوجتك أمامى كما رأيت زوجتى .

سكت قليلا ثم تابع :
ثم قتلت رجل الأعمال نفسه ... وكان هذا سهل جدا , لقد وافقت أحدى فتيات الليل أن تستدرجه مقابل مبلغ من المال وتجعله يتخلى عن حراسته المشددة ليقضى معها لحظات من النشوة , إلا أنه وجدنى أمامه , وصدقنى كاد أن يموت هلعا وأنا أقيدة , وأتركه يواجه قدرة فى معصرة محلات ( تذوق ) ... تخيل أن تظل مستيقظا مكمم الفم مقيد الحركه لمدة 12 ساعه , وأن تعتصر الماكينات عظامك حتى الموت ....

ثم أخذت أرسل برسائل على كل شبكات الدردشه فى القنوات الفضائيه , حتى أسترعى أنتباهك , إلا أننى أعترف أنك فاجئتنى بالوصول إلى فى فيلا طريق الحريه , وأدركت فيما بعد أنك تتبعت رقم المحمول ..

صدقنى يا وائل باشا لم أجد متعه أكبر من أن أرطم رأسك فى الحائط حتى تفقد الوعى كما فعلت مع زوجتى تماما ...

وهكذا تركتك تصارع الموت , إلا أننى قررت أنقاذك لأن الجوله الأخيرة لم تحن بعد , لهذا إتصلت بالمطافىء بعد أن أشعلت النار فى الفيلا لمسح اى دليل, وإتجهت إلى حيث منزلك و .. وإختطفت المدام ..

* * *

خيم الصمت على المنزل بالكامل ... وأخذت سارة تنظر برعب إلى زوجها , بينما تسمر وائل فى مكانه , وهو يحاول فك قيود قدمه بلا فائدة ... تكلم وائل فخرج صوته مرتعشا وهو يقول :

" إسمع يا أستاذ محمـ ... "

قاطعه محمود بقوله :

" أستاذ محمود ؟! الأن تنادينى أستاذ محمود بعد أن وقعت فى يدى ؟ بعد أن تحول الصياد إلى فريسه ؟ أين كان كل هذا الإحترام وأنت ... وأنت تنتهك زوجتى ؟ أين كان وأنت تصعقنى ؟ "

تحدث وائل مجددا :

" أستاذ محمود ... أنت لا تعلم طبيعه عمل الشرطى ... أنه يتعامل مع أسوأ أنواع البشر , ودائما يجب أن تحدث مخالفات و ... "

إرتفع صوت محمود بشكل شديد وهو يصرخ :

" مخالفات ؟ تسمى الإغتصاب مخالفات ؟ تسمى الصعق مخالفات ؟ كف عن ترديد هذة الترهات ... "

ثم إعتدل فجأه وهو يقول بهدوء :

" العين بالعين والسن بالسن ... والجروح قصاص " !!!

وبدأت المذبحه ....

* * *

بمجرد أن أنهى محمود جملته حتى ترك مسدسه على المقعد أمامه , وأسرع يخلع بنطاله وهو يصرخ :

" سأغتصب زوجتك كما إغتصبت زوجتى أيها الوغد "
ثم أسرع بخلع بنطالع بشكل جزئى , ثم أخذ يخلع عن سارة ملابسها ... أخذت هذة الأخيرة تتلوى وتصرخ وتتوسل وتكافح للخلاص من قيدها , بينما إنتابت وائل الجزار مايشبه حاله الهياج , فأخذ يخبط قيودة فى كل مكان حوله وأخذت قدماه تتحرك فى كل مكان تحاول الخلاص من قيدها , صاحب ذلك صراخه بأقذر مايعرف من ألفاظ , ثم أخذ يهدد ويتوعد :

" سأقتلك أيها الوغد ... إبتعد عنها وإلا جعلتك تنـ..... "

قطع وائل حديثه لأنه إستطا ع فك قيود قدمه , فجرى بأقصى سرعه نحو الطابق الثانى , وتجاهل يدة المربوطه ببعضها بالـ ( كلابشات ) , وبسرعه البرق وجد نفسه أمام محمود وهو يهم بإغتصاب سارة أمام عينه ...
وجه وائل ضربه لصدر محمود , أودعها كل ما فى قليه من حقد وغل , وما فى قلبه من حب لزوجته , أطاحت بمحمود إلى الخلف عدة أمتار , أفاق محمود من هول المفاجأه بسرعه , ثم أكال لكمه كالمطرقه لوجه وائل , مستغلا عدم قدرة هذا الأخير على تحريك يديه بحريه - بسبب الكلابشات - .. لكمه أودعها كل غيظ وغل مما حدث لزوجته على يد وائل .... كان صراع بين رجلين ... أحدهما يدافع عن شرف زوجته التى تغتصب أمامه والثانى ينتقم لشرف زوجته التى أغتصبت أمامه ....

إستمر الصراع بين الرجلين لمدة دقائق , مرت على سارة ووائل ومحمود كأنها ساعات , أخذ الإثنان يتدحرجان أرضا وكل منهم يحاول السيطرة على الأخر ...

بصعوبه ركل وائل محمود فى قدمه , ثم وقف بسرعه وهو يشعر بالدوار ... وقف محمود بعيدا عن وائل كإنما يستعيد قوته مرة أخرى ... كانت سارة أمامه بلا ملابس تقريبا إلا أنه لم يستطع إكمال إغتصابها , وكان وائل أمامه يمنعه من إكمال ما وهب حياته من أجله ...

إستعد محمود للهجوم مرة أخرى , بينما رفع وائل يدة ووضعها خلف ظهرة ثم قال بثقه – رغم وضعه الصعب - :

" هل تعلم يا محمود .. رغم إطلاعك على مقررات أكاديميات الشرطه فى الكثير من دول العالم ... إلا أنه توجد أشياء يتعلمها رجل الشرطه .. لا من الكليه , بل من الخبرة والمران ... هل تعلم ما هى ؟ "

لم يجبه محمود وإنما أطلت كل خليه من خلايا وجهه تنطق بالسؤال ... " ماهى " ؟

أجابه وائل :

" أن تحتفظ دائما بمسدس ثالث فى حال تم تجريدك من المسدس الأساسى والإحتياطى "

قالها وهو يخرج مسدس ثالث من جراب سرى فى مقدمه ظهرة , كان صغير الحجم رقيق السمك بحيث لا يمكن تمييزة , كان وائل يحمل واحد دائما , وقد قرر ألا يستخدمه إلا عندما تسنح له الفرصه المثاليه , فهو يعلم أنه لو أضاع هذا المسدس لدفع ثمنا لهذا حياته وشرف زوجته ...

أخرج وائل المسدس وسدد فوهته بدقه إلى رأس محمود ... إبتسم هذا الأخير وإعتدل فى وقفته وقال :

" حسنا يا وائل باشا ... هل تعتقد انك تفوز ؟ لتخبرنى من الفائز فى كل لحظه تغمض فيها عينك فتجد وجهى أمامك .... "

صمت قليلا ثم قال بالإنجليزيه :

Game Over

إنطلقت رصاصه وائل تخترق جمجمه محمود فى منتصفها ... وتخرج من الجانب الأخر لرأسه وقد أحدثت ثقبا دمويا بشعا فى منتصف جبهته .... سقط محمود جثه هامدة ... وإن لم يختف شبح الإبتسامه من على وجهه !

* * *

أسرع وائل يوجه المسدس بيدة اليمنى إلى السلسه التى تربط أساور الـ ( كلابشات ) .. أطلق رصاصه عليهم ثم أسرع يفك قيود سارة ... كانت ماتزال واعيه رغم كل ماحدث لها , أخذ وائل يستر جسدها بما لديه من ملابس ... بينما إنتشرت أشلاء مخ محمود تغطى المكان من حولهم ...

ضمها إلى صدرة وأخذ يهتف بها بلا توقف :

" لقد إنتهى الكابوس يا حبيبتى ... إنتهى الكابوس "

* * *

" مبروك يا وائل "

إرتفع الهتاف من عدة زملاء لوائل فى مكتب أمن الدوله , لم يبال بهم وائل , دلف مباشرة إلى مكتب رئيسه , لم يطرق الباب , ولم يهتم المدير بذلك ... قام المدير بنفسه ليحتضن وائل ويجلسه على المقعد أمامه , وأخذ يلقى عليه بعبارت الثناء والمديح ...

تعجب وائل من هذا الوجه البشوش أمامه .. هذا الوجه الذى كان ينذرة بالويل منذ بضعه أيام !

أفاق وائل على عبارة مديرة :

" سيادة الوزير مهتم جدا بما فعلته , لقد أخبرته أنك أفضل رجل لدى , وأخبرته كم دربتك وأعطيتك من التوجيهات لإنهاء هذة القضيه ... وهو يريد مقابلتك شخصيا ليشكرك ... ماهذا الذى تحمله معك يا وائل ؟ "

لم يرد عليه وائل وإنما وضع أمامه ملف من ورقه واحدة , وغادر المكتب غير عابىء بمديرة الذى أخذ يتكلم وكإنما يحدث نفسه :

" ماهذا ؟ إستقاله ؟ هل جننت أيها المعتوة ؟ تستقبل بعد أن أغلقت ملف أسوأ سفاح شهدته مصر ؟ "

خرج من مبنى المديريه , ليسطع فى عينه فلاش الكاميرا , ويباغته شاب يحمل كاميرا تليفزيونيه ومذيعه حسناء تسأله :

" ما هو شعورك بعد أن قتلت أشهر سفاح فى مصر ؟ "

كاد ألا يجيبها ثم فضل أن يجيبها بكلمه واحدة ..

" أشعر بالعار "

ترك المذيعه لذهولها وواصل مسيرته حتى وصل إلى سيارته ... قادها بجنون حتى وصل إلى منزله ...

دلف إلى المنزل وأخذ يبحث عن زوجته .. وجدها جالسه على طرف فراشها ... قبلها فأبعدت وجهها فى اللحظه الأخيرة , قالت له :

" عدت مبكرا على غير عادتك "

أجابها والإبتسامه على شفته :

" إستقلت ... سأطوى هذة الصفحه من حياتى , وسنسافر مع الأولاد إلى .... "

قاطعته بقوة وهى تقول :

" طلقنى "

" لكن الأولاد والحياه و ... "

" طلقنى "

" لم أكن أنوى أن أغتصب زوجه محمود لقد ... "

" طلقنى "

" أرجوك أغفرى لى أو ... "

" طلقنى "

" أنت طالق "

* * *

الأن أكتب السطور الأخيرة فى مذكراتى , بعد أن رحلت سارة ومعها الأولاد إلى غير رجعه , وبعد أن تركت العمل فى الوظيفه الأحقر فى تاريخ الإنسانيه ... لا .. هى ليست حقيرة ... لكن طريقتنا فى التعامل والتصرف مع البشر هى الحقيرة .. لكم كنت أسخر من زملائى الذين يستعملون اللين فى التحقيقات ... اليوم أعرف أننى كنت الأحمق الأكبر فى العالم ...

وهكذا بعد أن فقدت كل شىء , لم يبق لى سوى الرجوع للحى الذى لا يموت , الله الذى يقبل توبه عبادة مهما فعلوا ... فهل يقبل هو الأخر توبتى ؟ أم أخسر معه الدنيا والأخرة ؟ لا أتذكر الأن سوى عبارة محمود الأخيرة ...

" حسنا يا وائل باشا ... هل تعتقد انك تفوز ؟ لتخبرنى من الفائز فى كل لحظه تغمض فيها عينك فتجد وجهى أمامك .... "

أنت الفائز يا محمود .. أنت الفائز ...


لن أشغل نفسى بالبحث عن إجابه لسؤالى عن قبول الله لتوبتى ... وسأترك للزمن ونعمه النسيان الإجابه ...

وائل محمود ... وائل الجزار سابقا .


تمت بحمد الله

الكاتب :- محمد حمدى
6 مارس 2007





مخاوف من تأثيراته «المدمرة» على الاقتصاد العالمي

هل خرج مارد التضخم من قمقمه ؟

«هناك خبر سار يتمثل باحتمال انحسار الأنباء الاقتصادية السلبية قريبا.

في ظل التوقعات بتراجع معدلات التضخم، وانتعاش النمو الاقتصادي الياباني، غير أنه يوجد بعض التحديات الهيكلية التي ستشكل عقبة حقيقية أمام الإقبال الاستثماري في السوق؛ إذ لم تجد أزمة الديون اليونانية طريقها بعد نحو الحل، ولا سيما بعد قيام مؤسسة (فيتش)، الأسبوع الماضي، بتخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية اليونانية إلى المستوى (المعدم).

وبالتالي لا نزال نتشبث بنظرتنا الحذرة حيال أسواق المخاطر».
هذا ما يراه الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة في مجموعة الإمارات دبي الوطني المصرفية، إحدى أكبر الكيانات المالية في المصرفية.

ويرى غاري دوغان، في التقرير الاقتصادي الأسبوعي الذي يكتبه، أن معظم البيانات الاقتصادية العالمية تؤكد تعرض النمو عموما إلى موجة تباطؤ ملحوظة، «ولا يزال ينتابنا القلق، لأن الوتيرة المتباطئة للنمو الاقتصادي لم تنعكس في توقعات المحللين المتعلقة بأرباح الشركات.

ومن المحتمل أن تواجه أسواق الأسهم ظروفا صعبة، تتمثل بتراجع متواضع في توقعات المحللين بخصوص أرباح الشركات حتى نهاية شهر يونيو (حزيران)».

وشهدت أسعار السلع استقرارا، بعد موجة الضعف الأخيرة التي أصابتها، حيث استطاعت استعادة عافيتها إلى حد ما.

ومن جهة أخرى، يستمر الاختلال الجوهري القائم بين آلية العرض والطلب وتقلبات الطقس والمناخ في صعود الأسعار على نحو مفاجئ في السوق؛ فقد أفضى انخفاض مستويات المخزون والجفاف وشح الأمطار في منطقة الغرب الأوسط في الولايات المتحدة وأوروبا إلى ارتفاع أسعار القمح والذرة بشكل حاد.

في رأي دوغان، «من المتوقع أن تشهد هذه الأسعار مزيدا من الصعود، على الرغم من ارتفاعها مؤخرا بوتيرة شديدة».

وفي سوق النفط، يشير دوغان إلى أنه نظرا لاستمرار الطلب القوي على النفط، والقيود المفروضة من جانب «أوبك»، لزيادة الإمدادات، «نعتقد أنه يشكل ضعف إمداد النفط ضغوطا على الشركات للشراء بهدف إعادة بناء المخزونات.

وبناء على ذلك، نؤكد للمستثمرين أن تعرض أسعار النفط لانتكاسة سيشكل فرصة مواتية للشراء».

إلى ذلك، يرى المسؤول في البنك أن استقرار أسعار السلع، نتيجة تراجع التضخم، سيسهم في تعزيز موجة الأنباء الإيجابية بالنسبة للأسواق المالية، لا سيما أن الارتفاع السريع لمستوى التضخم أجبر البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع بكثير من توقعات الأسواق، «وقد نشهد خلال الأسابيع القليلة المقبلة قيام بعض المحللين بخفض مستوى توقعاتهم حيال التضخم خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)».

وتبقى نقطة الخلاف هنا أن مارد التضخم خرج من قمقمه، وأصبح من الصعب كبح جماحه؛ فقد باتت المشكلة الأساسية للتضخم مثار قلق دائم للبنوك المركزية، خاصة أن ارتفاعه تجاوز المستويات المتوقعة، كما أن ارتفاع تكاليف الأجور سيفضي إلى إطلاق جولة جديدة من ارتفاع الأسعار، حتى يتحول الأمر برمته إلى آلية دورية ستلحق الضرر بالاقتصاد».

ويشير دوغان إلى أن استراتيجية البنك الحالية تتمثل على صعيد الأسهم في التركيز على الشركات التي توفر أرباحا متزايدة؛ فعند وقوع الأزمة المالية العالمية الأخيرة، قامت الكثير من الشركات، في خطوة غير مسبوقة، بتقليص أرباح الأسهم للمحافظة على السيولة النقدية.

وعقب مرور الأزمة واستقرار الميزانيات العمومية للكثير من الشركات والمؤسسات، تطمح عدة شركات اليوم لزيادة حصص أرباح الأسهم فيها مجددا، وبينما تتوخى الشركات الحذر حيال توسيع أعمالها، يبقى نمو العمالة ضعيفا في شتى أرجاء العالم المتقدم، حيث «نتوقع أن يتم إعادة مزيد من الأموال النقدية للمساهمين، عبر زيادة أرباح الأسهم، وإعادة شرائها.

وبطبيعة الحال، ستسجل الشركات التي تقوم بإعادة السيولة النقدية للمساهمين مستويات أداء قوية».

إلى ذلك، لا تزال المشكلات الاقتصادية تعكر صفو أجواء منطقة اليورو.

فقد شهدت عوائد السندات الحكومية اليونانية قفزة حادة، في حين انخفضت أسعار السندات عقب قيام مؤسسة «فيتش»، الأسبوع الماضي، بتخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية اليونانية إلى المستوى «المعدم»، في وقت استقرت فيه عوائد السندات الحكومية اليونانية لأجل 10 أعوام عند 16.2 في المائة.

الكاتب :- محمد نصار

الخميس، 2 يونيو 2011

لا ولاية لقاتل وفاسد.. بشار الأسد أنموذجا

جريدة المصريون 28-جمادى الآخرة-1432هـ / 31-مايو-2011م

يحرص السوريون في كل مظاهراتهم السلمية والتي تصل ذروتها في يوم الجمعة و المنادية بإسقاط النظام على ترديد عبارة" اللي بيقتل شعبه خائن" وهي عبارة تنزع كل أثواب الشرعية عن رئيس النظام السوري بشار الأسد ، وحين يُمعن النظام السوري أكثر في القتل من خلال توجيه الدبابات إلى المدن و القرى والبلدات السورية، وحين يرسل فرقة كاملة قوامها عشرين ألف جندي مدعومة بأكثر من مائة دبابة وعربة عسكرية إلى مدينة بحجم تل كلخ، ويعيث فيها فسادا وقتلا وتشريدا ونهبا للبيوت وتدميرا لمخازن المياه فهذا يعني شيئا واحدا أن الشرعية سقطت، وإن كان هذا النظام لم يحز على شرعية طوال تاريخه ..

للتذكير فقط فإن الرئيس السوري بشار الأسد وصل إلى السلطة من خلال قرصنة سلطوية ربما لم يشهد العالم الحديث لها مثيلا، ففي غضون خمسة دقائق تم تغيير مادة كاملة في الدستور لتلائم سن الرئيس الجديد، وبهذا فقد دشن الرئيس منذ اللحظة الأولى رئاسته بالفساد، والتزوير واستمر على ذلك، ولا نعرف مثيلا في التاريخ أن فاسدا أصلح أو أن ديكتاتورا تحول إلى مصلح وديمقراطي .

حين يبدأ النظام بقتل شعبه، فهذا يعني شيئا واحدا أن الشعب لن يغفر له ذلك، وهل سيغفر أهالي حوران وتلكلخ وحمص وحماة وغيرها من المدن المحاصرة والتي تم التنكيل بها ما فعله النظام السوري بها، وهل سينسى الأبازيد والمسالمة وغيرهم ما حصل لأبنائهم وبناتهم، وهل سينسى أهالي تلك الفتاة التي خرجت ملثمة وهي تعلن أن خمسة من الشبيحة اغتصبوها ؟ ..

بعد كل الفساد الذي لحق بسورية وباقتصادها حتى قدرت صحيفتان بريطانيتان وهما الوول ستريت جورنال والاندبندنت البريطانية ثروة رامي مخلوف ابن خالة الرئيس بأنها تعادل 60% من حجم الاقتصاد السوري، أبعد كل هذا يريد النظام أن يصلح، بينما شاهد ولمس الكل على الأرض وأمام شاشات الجوالات في ظل منع وسائل الإعلام من العمل في سورية نوعية الإصلاح الذي يسعى النظام السوري إليه..

إذا احتاجت شبكة الجزيرة والعالم كله 19 يوما ليعرفوا مصير الصحافية دروثي بارفاز العاملة في القناة والتي اختفت في سورية، وهي التي لديها جنسيتان أميركية وكندية بالإضافة إلى الإيرانية فكم سيحتاج السوري الذي يختفي في السجون السورية ؟؟!! سؤال قد لا يهم العالم الآخر الذي يبحث عن مصالحه بعيدا تماما عن معاناة وعذابات الشعب السوري، فحين كتبت الكاتبة الفرنسية كتابها الاستثناء السوري، أصابت كبد الحقيقة حين صوّرت كل شيء في سورية استثناءً،ولعل موقف العالم كله تجاه سورية استثناء، فحين حرّك النظام المصري جماله بغاله فيما وصف بموقعة الجمل ضد المتظاهرين طالبه أوباما بالرحيل، لكن حين يحرك بشار الأسد دباباته وأسلحته الثقيلة ويدك البيوت الآمنة ويفعل كل ما فعله فإن أوباما يناشده أن يقود عملية التغيير،مشفوعا بحديث وزير تركي كان خنجرا في ظهر الشعب السوري من أنه لا بديل لبشار الأسد، فأي احتقار لشعب بأكمله مثل هذا الاحتقار، أن يتصحر بلد بأكمله عن قيادة بلد، في حين رحل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، وظلت الأوطان قائمة وباقية.

هنا يُصاب المرء بالاستغراب والدهشة فإذا كانت الدول الكبرى ومدعية احترام حقوق الانسان والديمقراطية تتصرف وكأن بشار الأسد قدرا سوريا، وأنه لا بديل عنه، فمن حق الطغاة في ليبيا وسورية واليمن أن يُقنعوا أنفسهم أن لا بديل عنهم وأنهم بمقدورهم أن يناوروا شعوبهم ويستمسكوا بالسلطة، فهل من المعقول أن تنقل صحيفة تركية عن وزير تركي أن لا بديل عن بشار الأسد وتتحدث صحيفة أخرى عن طلب تركي من أوباما قبل ساعات من خطابه أن يُمهلوا بشار الأسد مزيدا من الوقت، ولا ندري ماذا يفعل في هذا الوقت، هل سيقتل مزيدا من السوريين؟،فمن فشل طوال إحدى عشرة سنة في الإصلاح هل تظنه قادرا عليه بعد أن قتل أكثر من ألف شخص وجرح ثلاثة آلاف آخرين واعتقل أكثر من عشرة آلاف، واجتاح المدن واستخدم الدبابات ضد شعبه،ما لكم كيف تحكمون ..

وعلى الرغم من كل التزيين الذي يقوم به البعض تجاه نية النظام السوري بالإصلاح إلا أن الأخير لم يظهر منه سوى العكس تماما، فصحيفة الوطن المملوكة لرامي مخلوف نقلت عن بشار الأسد قوله إن الأزمة أصبحت وراءنا، وأبواق النظام السوري من أكاديميين وإعلاميين يقودون معركة النظام في ظل تواري المسؤولين من مواجهة الشعب السوري، ويقول شبيحة النظام من الإعلاميين أن لا حوار مع المعارضة ولن يعود أفراد المعارضة في الخارج إلا على جثثهم، هل هذه اللغة تصالحية وإصلاحية، لا ندري ماذا أبقى هؤلاء الأكاديميون للسياسيين إن كانوا يتكلمون بلغة إقصائية واستئصالية كهذه، وفي الوقت الذي كان يبيع هؤلاء بضاعة إصلاحات النظام السوري الفاسدة،كان الأخير يهاجم المدينة الجامعية في حلب ويعتقل أكثر من ألف طالب جامعي ويفصل آخرين ممن تظاهروا تضامنا مع درعا المحاصرة، عداك عن الجرائم التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية يرتكبها النظام في المدن المحاصرة و المقابر الجماعية وقنص الأهالي حتى من اللبنانيين في وادي خالد عقوبة لإيوائهم أقاربهم السوريين في تلكلخ.

فالرئيس الذي شهدت بلاده أزمة لفتت العالم كله، لم يكلف نفسه عناء الخروج إلى الشعب عبر خطاب متلفز يتحدث عن الأزمة وخريطة طريق للخروج منها، فقد فضل أن يخاطب مجلس الشعب في المرة الأولى، ويعلن فيه الحرب على الشعب، وفي الخطاب الثاني كان موجها للحكومة، وهو ما خلف كثيرا من الأسئلة هل الرئيس يملك القرار، أم أنه ترك الأمر لقوى الأمن والشبيحة أن تعمل على الأرض ليتصرف على ضوء اتجاهات الوضع على الأرض.

النظام السوري يسعى إلى بيع الهواء للدول الكبرى ومعها تركيا، وأخيرا كان ما تم تسريبه عن انتخابات رئاسية متعددة ولكن ضمن حزمة إصلاحات تصل إلى 2014، وهي أساليب وتكتيكات لم تعد تنطلي على الشعب السوري، وإن كانت قد تنطلي على الآخرين، فالشعب السوري الذي حسم أمره بالتظاهر ضد هذا النظام ورفع شعار إسقاطه يتعذر العودة إلى البيوت خالي الوفاض بعد أن قتل وجرح واعتقل الآلاف منه، وبالتالي فلا أعتقد أن أي دولة أو جهة تتشرف بالدفاع والاصطفاف إلى جانب هذا النظام بعد كل ما فعله وخدع به الشعب السوري وخدع العالم كله،إلا إذا كانت هذه الدولة أو الجهة من جنس النظام السوري .


الكاتب :- أحمد موفق زيدان


الإسرائيليون في إيران !

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 29 من جمادى الآخرة 1432هـ / 1 من يونيو 2011م

نعلم أن البراغماتية جزء من السياسة، وأن الساسة يتعاملون مع الرأي العام على طريقة «افعل ما نقول، وليس ما نفعل»، ونعلم.. ونعلم، لكن أن يصل إلى حد علمنا اليوم في سياسة المنطقة أن سفنا إسرائيلية؛ تجارية أو خلافه، ترسو في الموانئ الإيرانية، ومنذ سنين.. فهذا أمر آخر!

ومجرد التساؤل عما إذا كانت السلطات الإسرائيلية قد سمحت بذلك أم لا، يعد مضيعة للوقت، خصوصا أن الأمر لم ينفضح في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، التي يفضل زعيم حزب الله ترديد اسمها لوصف الصحف العربية المهنية التي لا تروق له، كما أنه لم يكن سبقا صحافيا كشفته محطة «المنار» التابعة للحزب، أو قناة «العالم» الإيرانية، المشغولتان بمساندة النظام السوري، بل انفضح أمر السفن التجارية الإسرائيلية - التي تزور طهران ومنذ سنوات لدوافع تجارية - من خلال قائمة العقوبات التي أعدتها الخارجية الأميركية ضد الشركات المتعاملة مع إيران. وبالطبع، الآن فهمنا لماذا توجد معابد يهودية في طهران بينما لا يوجد مسجد سني واحد في العاصمة الإيرانية.. فيبدو أن التسامح الديني يتم بمقدار عدد الزوار، والمصالح!

وبالطبع، يجب عدم الانشغال بالعلاقات الإسرائيلية - الإيرانية، سواء الخاصة بالسلاح أو النفط أو خلافه، بل دعونا ننظر إلى تأثير ذلك على عملاء إيران في المنطقة، سواء دول، مثل سوريا التي يردد متظاهروها: «لا إيران ولا حزب الله.. بدنا مسلم يخاف الله»، أو ميليشيات، مثل حزب الله، أو حتى إعلام وجماعات متحدثة باسم الديمقراطية، مثل ما يحدث في العراق أو البحرين، أو الكويت.. وغيرها، أو حتى الوفد الشعبي المصري الذي يزور إيران لأسباب لا نعلمها، ولا نعلم من هو «الحملة دار» السياسي لها.. فبالتأكيد سيكون التأثير سيئا، لكن هل هذا يهم؟

الإجابة بالتأكيد: لا. فالأهم هنا هو المواطن العربي غير الملوث بالتيارات السياسية، وليس أصحاب الهوى الإيراني، خصوصا أن الإيرانيين والمحسوبين عليهم في منطقتنا من حلفاء وعملاء، كثيرا ما يتهمون الأنظمة العربية، أو الإعلام العربي المحترم، بالعلاقة مع إسرائيل، وهذا ما نراه اليوم في الإعلام السوري الذي لا يتوانى عن صياغة الأكاذيب للنيل من الانتفاضة السورية، والتعاطف العربي معها. لذا، فإن الأهم هو تنبه المواطن العربي غير الملوث بآيديولوجيا ليرى كيف تتصرف إيران في المنطقة تحت ذريعة التصدي لإسرائيل بينما تفتح مرافئها البحرية للسفن الإسرائيلية، وما خفي كان أعظم بالطبع!

ومن المهم أيضا أن يلحظ المواطن العربي الفرق بين من يملك علاقات واضحة، ومعلنة، مع إسرائيل وفق اتفاقيات، ومن يهاجم إسرائيل صباح مساء ويفتح لها سواحله في الخفاء، ثم يدعي أنه يدعم الحق الفلسطيني، وأنه مع «المقاومة» في لبنان، وسوريا، من أجل الصمود ضد إسرائيل، ويصف الأنظمة العربية المتمسكة بعروبتها ومصالحها بأنها أنظمة عميلة لإسرائيل، بينما الواقع اليوم يقول إن إيران شريك تجاري، أو أكثر، لإسرائيل في المنطقة!

ولذا، نقول: هل السفن الإسرائيلية تعد فضيحة لإيران؟ الإجابة: لا. فطهران تجاوزت الفضائح بكثير، وإنما هي تنبيه للعرب المخدوعين بإيران! فهل يتنبهون؟

الكاتب :-طارق الحميد

"سرسرية" طهران يدعمون شبيحة الشام.. معركة المصير الواحد

السياسة الكويتية 29-جمادى الآخرة-1432هـ / 1-يونيو-2011م

"الفزعة" والنجدة التي قدمها نظام الإرهاب الثوري الإيراني لحلفائه الإستراتيجيين "شبيحة الشام" وهم يخوضون معركتهم التاريخية والحاسمة مع الشعب السوري يمكن اعتبارها بمثابة "معركة المصير الواحد" بالنسبة إلى نظامين مارسا الدجل الثوري والإرهاب المؤدلج ويشتركان في عناصر كثيرة, أهمها التاريخ الإرهابي المشترك لملفات محورية في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر , وأبرزها أيضا أن مصير الاضمحلال والانقراض والخروج من مسرح التاريخ مشيعين باللعنات بات يمثل الهاجس المشترك لكلا الطرفين اللذين استعانا بأدوات بالية من العملاء والمحاسيب والأزلام في بعض "لوبيات" حكومات المنطقة للدفاع عنهم , ومن دون شك فإن قيام نظام طهران بتقديم الخدمات اللوجستية لحلفائه وحوش الشام يمثل في البداية والنهاية موقفا من مواقف الدفاع عن النفس .

والنظام الإيراني له خبرة كبيرة وواسعة جدا في التعامل الأمني وبوسائل تكنولوجية مع احتجاجات الشارع ومع وسائل التواصل الحديثة وهي المهمة التي يفتقر اليها النظام الاستخباري الغبي في الشام وغير المهيأ أصلا للتعامل مع مسائل التكنولوجيا الإعلامية المتطورة إلا من خلال حفلات التعذيب وتقطيع الأوصال واستعمال "دواليب الهوا" !

وغيرها من وسائل التعذيب البدائية, وخصوصا تلك المتعلقة بالأعضاء الجنسية فالنظام السوري لم يكن يتوقع أو يضع في حساباته وتصوراته وتوقعاته الستراتيجية احتمالية نشوب ثورة شعبية سورية تطيح به وتزعزع أركانه وتهد عرشه على رأسه!

لقد كان يتصور من واقع الإفراط المرضي بالثقة بالنفس من أنه قد تمكن من ترويع الشعب وإرهابه بوحشية أجهزته الأمنية والإستخبارية وبتاريخه الدموي الحافل في تقويض المدن السورية على رؤوس ساكنيها! , وما درى بأن الزمن قد تغير , وبأن أحفاد أبطال الشام وثواره قد كسروا حواجز الخوف والرهبة وحطموا أصنام الهزيمة وداسوا على بقاياها بأقدامهم , كما حرقوا صور فراعنة العصر الحديث من الذين يضحكون ملأ أشداقهم لمناظر الجثث المقطعة والدماء المسفوكة في شوارع المدن السورية.

لقد كسر شعب سورية العظيم كل حواجز وسدود التردد والرهبة وأثبتوا ميدانيا عن عقم وجبن الفاشيين الذين لم تنفعهم حصونهم الأمنية الواهية والذليلة فاستنجدوا بالجيش السوري الذي يمارس اليوم أبشع مهمة عار ستلطخ تاريخه في قتل الشعب الأعزل و إذلال إرادته و تأخير مسيرة التحرير الوطني الناجز , فمهما أفرط "شبيحة" الشام في مهرجان القتل والدماء فإن النهاية لن تكون في صالحهم مطلقا.

لقد انهارت قلاع الخوف والطغيان وعلى الجيش السوري تدارك الموقف قبل فوات ألأوان والانحياز لصالح الشعب الثائر و إتخاذ موقف العز والكرامة الذي سار عليه الشهيد يوسف العظمة وهو يرى بلاد الشام تحتل من الفرنسيين , فكيف يرضى اليوم أحفاد العظمة وهنانو وصالح العلي وسلطان الأطرش وفارس الخوري أن تداس كرامة السوريين وأن تسفك دماؤهم على أيدي زبانية النظام و بمساعدة من شياطين الدجل والخرافة في طهران ? كيف يرضى البعثيون السوريون أن تمدد أيام سطوتهم بمساعدة الصفويين والشعوبيين من حكام طهران الذين بسقوط حليفهم نظام الشام ستقطع رقبة الأفعى الإيرانية العدوانية وسيتبخر أنصارهم و تنتحر خلاياهم النائمة وتتغير صورة الشرق الأوسط ومستقبله بالكامل , وهي المهمة التي سينجزها أبطال الشام لا محالة مهما كان حجم التضحيات ودرجة المساعدة الإيرانية أو مساعدات الحثالات المرتبطة بالنظامين.

النظام السوري الوحشي في حالة احتضار وموت سريري معلن ولا فائدة من كل الحقن و المقويات الإيرانية المزيفة والفاقدة لصلاحيتها , والشعب السوري العظيم الذي يرتعب النظام المهزوم المتوحش من أطفاله سيقطع رقبة الأفعى الإيرانية السامة وينتزع أنيابها ويحيلها لمتحف التاريخ ويحرر سورية العربية الحرة من أدران العصابات الشعوبية لتعود للشام هويتها وصورتها الحقيقية كوعاء حضاري فسيفسائي جميل معبر عن شعوب الشرق القديم وحضاراته وأديانه , لتكون سورية وطنا جامعا مانعا لكل السوريين وليس لعصابة من الوحوش وقتلة الأطفال , محاكم الشام المقبلة ستكون تاريخية في دلالاتها و متغيراتها, وسيهزم مغول العصر الحديث ويولون الدبر ,وحرية الشام اتية بأيدي أهلها الأحرار الشجعان الذين دوخوا الدنيا وأدهشوا العالم بشجاعتهم و بطلبهم للموت من أجل أن توهب لأجيالهم الحياة , الثورة السورية ستدخل التاريخ الإنساني باعتبارها واحدة من أشجع وأشرف وأنبل الثورات في تاريخ العالم, فلا فضل لأحد في قيادتها وانتصارها سوى لرب العزة والجلال أولا وللشعب السوري الثائر برمته الذي يخوض التحدي وصناعة التاريخ وحيدا أعزلا بلا ناصر ولا معين ووسط تآمر ضباع الشرق وشياطينه عليه , ومع ذلك فإن الله متم نوره ولو كره العتاة و الدجالون وعملاء النظام الإرهابي الإيراني المتغطرس الحقود , نعم لن يستطيع "سرسرية" طهران نجدة "شبيحة" الشام...

لقد قالها الشعب السوري كلمة واحدة مقدسة العار للقتلة وسيبقى الشعب السوري واحدا موحدا بوجه الدجالين والطغاة و من يلوذ بهم من المرتزقة والتافهين... لن يهزم الأحرار في الشام أبدا.



الكاتب :- داود البصري