السبت، 28 مايو 2011

"جيش المهدي" الصدري والحرس الإرهابي الثوري !

السياسة الكويتية 25-جمادى الآخرة-1432هـ / 28-مايو-2011م

مع اقتراب العد التنازلي لموعد انسحاب القوات الأميركية من العراق بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين حكومة المنطقة البغدادية الخضراء والولايات المتحدة العام 2008 تتراقص عفاريت المشهد الميداني العراقي في أكثر من إتجاه ، وتنشط خطط وخيارات وتيارات كانت قد تجاوزتها الأحداث سابقا لتحاول ملء الفراغ الكبير الذي سينجم عن رحيل الأميركان رغم شكوكنا الكاملة بإمكانية تنفيذ هذا الرحيل وتلك مسألة أخرى.

المهم إن العصابات الطائفية المهيمنة على المشهد العراقي وفي ظل حالة الانهيار الكامل السائدة في العراق وتمكن التيارات الطائفية والرجعية والعدمية بأفكارها الخرافية ورؤيتها الميتافيزيقية من الهيمنة على مفاصل السلطة المهترئة أصلا في العراق تتحضر اليوم لتفجير المشهد العراقي من الداخل بعد الفشل الكبير الذي أظهرته النخب السياسية الطائفية العراقية، خصوصا حكومة نوري المالكي العاجزة والفاشلة في مختلف الميادين، والمهزومة في مختلف ملفات إدارة الصراع ، فحكومة حزب الدعوة وشركاه فشلت فشلا ذريعا في استثمار الحالة التغييرية القائمة في العالم العربي وتلقت دبلوماسيتها ضربة موجعة عبر الفشل في استضافة القمة العربية، وهي القمة التي أفشلتها الأحزاب الطائفية المكونة للحكومة العراقية، فهم قد انحازوا لخياراتهم الطائفية على حساب خياراتهم الوطنية والقومية، وأضحوا للأسف جزءا أو نسخة عربية ناطقة من المشروع التخريبي الصفوي الإيراني خصوصا في تعقيدات المسألة البحرينية وهي مسألة تجاوزت كثيرا قضية الخلاف المعروف بين السلطة والمعارضة في البحرين، تدخل ضمن إطار تخريبي كبير شعاره وهدفه المعلن والرئيسي إقامة ما يسمى بالجمهورية الإسلامية في البحرين!

أي الدعوة لاحتلال إيراني مباشر لذلك البلد العربي الأصيل، وهي مؤامرة تخريبية كبرى صيغت فصولها وأعدت ملفاتها في سراديب حزب "الدعوة" والمخابرات الإيرانية، وتلك مسألة معروفة، أما تعهد حكومة المالكي بمهلة المئة يوم التي انتهت تقريبا من أجل توفير الخدمات الحياتية الأساسية من ماء وكهرباء وخدمات صحية وبنى تحتية مفقودة فقد ذهب أدراج الرياح ، فالفاشلون لا يصنعون دولة، بل يقيمون عزاء ومآسي، ومما زاد في كهربة الموقف الميداني ه التدهور الأمني المريع والفشل في توزير الوزارات الأمنية في ظل حالة التناحر بين الأحزاب الطائفية الفاشلة، شيعية كانت أم سنية، فالتخلف واحد في جميع الظروف والأحوال ، ولعل العودة القوية والميدانية وبأسلوب استعراض عسكري لعصابة ما يسمى بـ"جيش المهدي" التابعة لمقتدى الصدر الذي غاب غيبيته الصغرى في إيران ثم عاد للعراق ورأيناه بعد ذلك في قطر!، هي من الظواهر السلبية التي تؤشر لعودة لغة السلاح والميليشيات المشكلة على النهج الإيراني للساحة العراقية، وبما سيؤدي بالضرورة إلى شحن الطرف الطائفي الآخر في استعراض قدراته العسكرية وبما من شأنه أن يعيد العراق للمربع الأول ولنقطة الصفر، وحيث الفشل يستنسخ الفشل والمأساة تكرر ذاتها بمتوالية حسابية دموية مرعبة.

الاستعراض العسكري الجديد لعصابة "جيش المهدي" بشعاراته الطائفية المتخلفة وبشكله الممقوت وبأفكاره الخرافية الجاهلية المتورمة بالتخلف ما هو إلا مسرحية إيرانية من ترتيب وإعداد الحرس الثوري الإيراني الذي يرعى مثل تلك التجمعات كما فعل قبل ثلاثة عقود مع ميليشيات "حزب الله" اللبناني الذي دربها وأعدها ومولها لوجستيا وبمساعدة نظام المخابرات السورية لتكون رقما داخليا ميليشاويا مهما في لبنان الذي كان يعيش في ثمانينات القرن الماضي أجواء حرب أهلية ساخنة ، و"جيش المهدي" الذي ارتكب الفظائع الإنسانية في العراق بحروبه الطائفية وبعناصره من القتلة والمتخلفين هو اليوم بوارد السيطرة على الشارع العراقي وتأسيس جمهوريته "الطالبانية" بنسختها الشيعية بعد أن قامت القيادات العسكرية لـ"حزب الله" اللبناني ومنهم الصريع عماد مغنية بتدريبه وإعداده ميدانيا وهي قصة معروفة ، وقضية الارتباط بين "جيش المهدي" وعصابات الحرس الثوري الإيراني لا تحتاج لتوثيق أو دليل أكثر من أدلة وجود قائد ذلك الجيش الطويل بين الأحضان الإيرانية في قم وأكثر من عمليات تهريب المعتقلين الخطيرين من أعضائه من سجون المالكي لإيران ثم إعادتهم من جديد وأكثر من الاستعراض العسكري الجديد الذي يقولون انه يمهد لقتال القوات الأميركية! رغم أن الموازين العسكرية تقول إن باستطاعة الأميركيين لو شاءوا إبادة ذلك الجيش وقائده فلا تكافؤ بين القوتين أبدا ، ولكن الهدف الأول ليس قتال الأميركيين بل ملء الفراغ والسيطرة على العراق برمته وإشعال حرب أهلية لن تبقي أو تذر وكجزء حيوي وستراتيجي من المشروع التخريبي الإيراني في الشرق الأوسط.

لقد اطلت عمائم السوء والجريمة الصدرية بقرونها على العالمين ، وسيشهد العراق كما أسلفنا سابقا صيفا دمويا مرعبا ، وهو خيار الطائفيين المتخلفين الوحيد للأسف في ظل غيبة الشعب العراقي وسيادة الجهل.

• الكاتب :- داود البصري


الكويت: عناصر جديدة من "الخلايا النائمة" في قبضة الأمن

قبل أن يجف حبر الحكم الصادر عن محكمة الجنايات أواخر مارس الماضي في قضية شبكة التجسس الإيرانية في الكويت وفيما يخرس ألسنة المسؤولين الإيرانيين الذين غمزوا ولمزوا عليه وشككوا بنزاهته ويؤكد كذب وبهتان ادعاءاتهم بشأن "العلاقات الأخوية والحميمة"، هبت الرياح بما لا تشتهيه سفن حكام طهران لتوجه صفعة مدوية لكل عمليات الكذب والنفاق السياسي، إذ كشفت أوساط أمنية رفيعة النقاب عن ضبط أجهزة الأمن الكويتية عددًا من أفراد خلايا التجسس والتخريب خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد رصد دقيق ومتابعة حثيثة لعناصرها.

وأبلغت هذه الأوساط "أن واحدة من هذه الخلايا تضم أربعة أشخاص، يعمل أحدهم عسكريًا في جهاز حساس". وفق تقارير نقلتها السياسة الكويتية.

وأوضحت المصادر "أن التحقيقات مع أفراد الشبكة تجري حاليًا تحت غطاء من السرية الكاملة وبعيدًا عن الإعلام"، مشيرة إلى أن استمرار التحقيقات من شأنه أن يكشف الكثير من التفاصيل والأهداف.

وأكدت الأوساط الأمنية أن التحقيقات مع الموقوفين قد شارفت على نهايتها تمهيدًا لإحالة أعضاء هذه الخلايا إلى النيابة العامة.

وفيما رفضت الكشف عن أي معلومات تتعلق بعدد الموقوفين، أوضحت أنهم ينتمون إلى دول عدة وبينهم إيرانيون وسوريون ولبنانيون من أتباع "حزب الله"، مشيرة إلى أن التحقيقات الأولية معهم أثبتت أنهم كانوا ينتظرون تأزم الوضع الأمني في مملكة البحرين ليبدأوا عملياتهم التخريبية في الكويت.

وأضافت: "استنادًا إلى اعترافات الموقوفين والمضبوطات التي عثر عليها بحوزتهم، فإن الأعمال التخريبية والإرهابية كانت تستهدف تفجير مراكز حيوية، إضافة إلى بعض المجمعات التجارية بقصد إسقاط أكبر قدر من الضحايا وإثارة الذعر بين السكان".

وقالت: إن "قوات الأمن ضبطت مع الموقوفين ما يثبت ضلوعهم في الإعداد لعمليات تخريب وإعمال شغب واسعة".

وكانت بعض المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الأمن من نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي ومن شبكة التجسس الإيرانية أفضت إلى اكتشاف بعض حلقات الاتصال مع أشخاص آخرين في البلاد تم رصدهم بدقة ومراقبة تحركاتهم ونشاطاتهم واتصالاتهم وبعد التوصل إلى أدلة وبراهين قاطعة ألقي القبض عليهم.

وأوضحت المصادر أن الموقوفين اعترفوا خلال التحقيقات التي أجريت معهم بتجنيدهم من قبل جهات خارجية للقيام بأعمال تخريبية في البلاد عندما يتلقون التعليمات بتنفيذ تلك المهمات، كما أفادوا بتلقيهم تدريبات خارج الكويت على كيفية صنع المتفجرات والتفخيخ وأنهم تلقوا مبالغ مالية كانت تدفع لهم نقدًا.

وبحسب اعترافات أعضاء الخلايا، فإن شبكاتهم لم يقتصر نطاق عملها وانتشارها على الكويت فقط وإنما لديها امتدادات في دول أخرى لاسيما في مجلس التعاون الخليجي باعتبارها المستهدف الأول بالتفجيرات، وهي تتعاون مع خلايا مماثلة لها في تلك الدول.

واستنادًا إلى تلك الاعترافات، تقوم الجهات الأمنية الكويتية بالتنسيق مع السلطات الأمنية في دول "التعاون" بالتحقيق في الموضوع وكشف الارتباطات الخارجية للخلايا وتجنيب دول "الخليجي" الأعمال التخريبية.

علاقات تجارية بين إيران و200 شركة "إسرائيلية"

ذكرت صحيفة "هآرتس" "الإسرائيلية أن حكومة بنيامين نتنياهو تتجاهل حقيقة وجود نحو 200 شركة "إسرائيلية" تقيم علاقات تجارية مع إيران.

وكشف الصحيفة في عددها الصادر أول من أمس الخميس "أن هذه العلاقات التجارية مع إيران تشمل الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني الذي تستخدم إيراداته لتطوير المشروع النووي في إيران".

وذكرت "أن الكنيست (الإسرائيلي) صادق في عام 2008 على مشروع قانون يحظر على الشركات (الإسرائيلية) الاستثمار في شركات عملاقة تتعاون مع إيران إلا أن الحكومة لم تحرك ساكنا لوضع مشروع القانون موضع التنفيذ".

وقالت إن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوضح أن هذا الموضوع ليس من صلاحيته بل من صلاحيات وزارة المالية. ونقلت الصحيفة عن وزارة الدفاع تأكيدها "إنها لا تعلم شيئًا عن الأنباء التي تحدثت عن بيع ناقلة نفط تابعة لشركة الإخوة عوفر (الإسرائيلية) لإيران".

ونفت الوزارة نفيًا قاطعًا ما تردد عن أنها كانت ضالعة في الصفقة واصفة هذه الأنباء بأنها "مضللة".

وفي السياق ذاته أفادت صحيفة يديعوت إحرونوت العبرية أن "الإسرائيليين" يصدرون إلى إيران بشكل خاص وسائل للإنتاج الزراعي منها الأسمدة العضوية وأجهزة التنقيط وهرمونات لإنتاج اللبن والحبوب.

نصرالله ينعى "حزب الله"!

السياسة الكويتية 25-جمادى الآخرة-1432هـ / 28-مايو-2011م

لم يخرج أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله في خطابه الأخير عما هو مرسوم له من قيادته في طهران، ولم يأت بجديد غير صراخه الصاروخي الذي اعتدنا عليه، لكنه عبر بوضوح عن هويته السياسية، ونزعة الاغتيال السياسي والقمع والقتل والمجازر التي تتحكم بهذه الهوية التي لم تعد تحتاج إلى توضيحات وأدلة أكثر مما مر في السنوات الماضية، وآخرها التعمية على ما يحصل في سورية من مذابح ترتكبها الأجهزة الأمنية وعصابات الشبيحة ضد المواطنين العزل المطالبين بالإصلاح، بل إن نصرالله طالب بإعطاء فرصة لهذا النظام الدموي، وهي في الواقع فرصة للمزيد من سفك الدماء وزج الناس في السجون، لأن نظام دمشق أقفل كل الأبواب أمام فرص الحل عبر الإصلاح حين اختار لغة الرصاص للحوار مع شعبه.

ليس غريباً أن يصف نصرالله نظام البعث في سورية بـ"المقاوم والممانع والإصلاحي"، ولا ندري أي مقاومة هذه التي جعلت من الحدود السورية - الإسرائيلية طوال أربعين عاما هادئة، ولم يحرك ساكناً لتحرير الجولان من الاحتلال، وما هي هذه الممانعة التي تبيح المفاوضات مع إسرائيل، أما في الإصلاح فمنذ 11 عاما والرئيس الأسد يتحدث عنه لكن الشعب لم يجد أمامه غير القتل والحبس والمزيد من قمع الحريات ومنع الناس من التعبير عن رأيها، إلا إذا كان نصرالله، الذي يمارس هو وحزبه أقسى أنواع كبت الحريات في مناطق سيطرته عبر سلطة موازية خارجة عن إرادة الدولة، يعتبر أن تكميم الأفواه ممانعة والاغتيال السياسي مقاومة، والتضييق على الناس إصلاحاً.

صمت نصرالله شهراً ونطق كفراً في كل ما قاله، لأنه عمد إلى تزوير الحقائق، وقلب الموازين فاعتبر المؤامرة التوسعية للنظام الفارسي ثورة، والثورة على نظام قمعي مؤامرة، فهل يعتقد أن الناس لاتزال تأخذ بهذه الخطابات الفاسدة منتهية الصلاحية التي لم تعد تقنع حتى الأطفال الرضع?

لا يغيب عن أحد أن توقف مضخة الأموال الإيرانية عن "حزب الله"، وإقفال بوابة التهريب والتسهيلات السورية، سيجعلان من نصرالله ومقاومته مجرد حكايات من الماضي، بل إن كل الذين يطبلون ويزمرون له الآن سينقلبون عليه، وستصبح كل جحافله مختبأة في شمال لبنان، ولن يبقى منها أحد في الجنوب، وعندها لن تنفع الصواريخ التي يهدد بها وفقاً للمثل الشعبي "أخاطبك يا كنة لتسمعي يا جارة"، أي يبطن تهديده لإسرائيل بتوجيه الوعيد إلى اللبنانيين أنه وحده يمتلك السلاح، وبالتالي عليهم الإذعان له أو سيكون لهم أكثر من سبعين 7 مايو كما قال في إحدى خطبه.

ربما يكون خطاب نصرالله الأخير تقديم كشف إفلاس إذ أن كل المراقبين لاحظوا رعبه وقلقه وتعجله وارتباكه، فلم يستطع إخفاء خوفه مما ينتظره بعد أن خرج الشعب الإيراني إلى الشارع مطالبا بحريته، وهاتفا ضد نصرالله وحزبه، وبعد انفجار الخلافات بين أهل النظام، واشتداد الحصار الدولي على إيران ما بات يجفف رويدا رويدا من نهر المال "النظيف" الذي يُدفع إليه، كذلك بدء النظام في دمشق السير سريعاً نحو الانهيار جراء الثورة الشعبية، أي أن نصرالله قرأ بيان نعي حزبه ومنظومة الشر التي كان يحتمي بها.

الكاتب :- احمد الجارالله

البائع و المحاسب و المدير

حانت ساعة الغداء في إحدى الشركات الصغيرة، فذهب البائع و المحاسب و المدير لتناول الطعام، في طريقهم إلى المطعم مروا ببائع خردوات على الرصيف، فاشتروا منه مصباحًا عتيقًا، و أثناء تقليبهم للسلعة، تصاعد الدخان من الفوهة ليتشكل ماردٌ هتف بهم بصوتٍ كالرعد: "لكلٍ منكم أمنيةٌ واحدة. ولكم مني تحقيقها لكم."

سارع البائع قائلا: "أنا أولاً! أريد أن أجد نفسي أقود زورقا سريعًا في جزر البهاما والهواء يداعب وجهي."

أومأ المارد بيده فتلاشى البائع في غمضة عين!

عندها، قفز المحاسب صارخًا: "أنا بعده أرجوك! أريد أن أجد نفسي تحت أنامل مدلكةٍ سمراء في إحدى جزر هاواي."

لوّح المارد بذراعه فاختفى المحاسب من المكان!

و هنا حان دور مديرهم الذي قال ببرود: "أريد أن أجد نفسي في الشركة بين البائع و المحاسب بعد انقضاء استراحة

----
العبرة:

إجعل مديرك أول المتكلمين حتى تعرف اتجاه الحديث.

ـــــــ
- أفهم ياخوي -

مضيق هرمز فى بؤرة الصراع الإيرانى- الأمريكي

فى الوقت الذى يتحدث فيه العالم عن سيناريوهات ضربة عسكرية أمريكية محتملة ضد إيران، يؤكد المحللون أن النفط سيشكل عاملاً حاسماً فى لجم اندفاع الأمريكيين إلى الخيار العسكرى، مشيرين إلى أن إيران قادرة على تعطيل نقل النفط عن طريق مضيق هرمز الذى يمر عبره أكثر من نصف إنتاج الخليج من النفط، إذ أن إغلاقه سيؤدى إلى رفع أسعار النفط إلى أكثر من 200 دولار للبرميل، مما يضع ضغوطاً هائلة على الاقتصاديات العالمية، وهو ما يمكن أن يحول دون توجيه ضربة إلى إيران.

الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز
كانت منطقة الخليج العربى تمثل أهمية بالغة فى الأمس بحكم موقعها الجيو استراتيجى الغربى الذى يربط وسط آسيا مع غربها ومع بحر العرب والمحيط الهندى وأفريقيا عبر البحر الأحمر، واليوم بلغت ذروة أهميتها لكونها تسيطر على محيط نفطى لا حدود له يحوى حوالى 730 مليار برميل. وقد زادت الأهمية الإستراتيجية والنفطية للخليج العربى من أهمية مضيق هرمز الذى يعد الباب الذى تخرج منه صادرات النفط إلى الدول المستهلكة، والعالم الصناعى على وجه الخصوص، والتى تبلغ أكثر من 17 مليون برميل يومياً.

وقضية مضيق هرمز من دون سواها فى منظور الجغرافيا السياسية (الجيوبوليتيكى) تأخذ أهميتها بحكم موقع المضيق المهم الذى يربط بين الخليج العربى وخليج عمان، وهو بذلك يدخل فى نطاق المضايق التى تصل بين بحرين عامين هما بحر عمان والمحيط الهندى والخليج العربى الذى تقع عليه جميع دول الخليج من ناحية المغرب والعراق من الشمال وإيران من الناحية الشرقية، وهو بذلك يدخل فى نطاق المضايق من الناحية القانونية الدولية.

لذلك يعد مضيق هرمز واحداً من أهم الممرات المائية فى العالم وأكثر حركة للسفن، إذ يعبره أكثر من 40% من نفط العالم بمعدل 20-30 ناقلة نفط يومياً، وبمعدل ناقلة كل 6 دقائق فى ساعات الذروة ويقع المضيق بين إيران فى الشمال والشمال الغربى وعمان فى الجنوب، وتتألف شواطئه الشمالية من الجزء الشرقى (لجزيرة ركيشيم) مع جزر (لاراك) و(هينجام)، أما شواطئه الجنوبية فتتألف من الساحلين الغربى والشمالى لشبه جزيرة موزندام الواقعة فى أقصى الشمال بالأراضى الرئيسية لسلطنة عمان.

 فى خليج عمان يبلغ عرض الطريق فى المضيق فى الاتجاه الشمالى نحو 30 ميلاً، ويجرى المضيق نفسه فى الاتجاه الجنوبى الغربى العام ويضيق حتى يصل عرضه إلى حوالى 20 ميلاً عند النهاية الشمالية الشرقية بين جزيرة لاراك وجزيرة كوين التى تبعد نحو 50.8 ميل فى الاتجاه الشمالى لشبه جزيرة موزندام، ثم يبلغ العرض فى شبه الجزيرة هذه والساحل الشرقى لجزيرة كيشيم نحو 28 ميلاً ويبلغ طول جزيرة كيشيم نحو 60 ميلاً وتقع بموازاة الساحل الإيرانى ومفصول عنه بواسطة مضيق كلانس وهو مضيق ضيق ومعقد.

وبما أن اتساع المضيق نحو 23 ميلاً، فإنه يقع ضمن المياه الإقليمية الإيرانية والعمانية، ولكونه يربط بين جزئين من البحار العالمية، فإنه يخضع لمرور الملاحة الدولية من دون الحاجة إلى إجازة مسبقة من الدولتين الساحليتين، فيما يعتبر الخط الوسط هو الحد الفاصل بين المياه الإقليمية للدولتين فى حالة وجود أو عدم وجود معاهدة بينهما.

وإذا كانت المياه الإقليمية متداخلة بسبب ضيق المضيق بالنسبة إلى مياهها الإقليمية فإن خط الحدود بينهما إما يثبت فى وسط المضيق أو مركز البحرى الوسطى، ما لم ينظم خلاف ذلك بمقتضى اتفاقات خاصة.

ومن الناحية العسكرية تسيطر القاعدة البحرية الإيرانية (بندر عباس) على حركة السفن فى المضيق من الشمال، والجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى)، (طنب الكبرى) و(طنب الصغرى) من الجنوب الغربى. وقد سارعت إيران باحتلال هذه الجزر الثلاث بالقوة فور انسحاب القوات البريطانية عام 1971. ولازالت هذه القضية موضع تنازع دولى بين إيران والإمارات، حيث ترفض الأولى إعادتها للإمارات بزعم أنها إيرانية الأصل. وقد دعمت إيران فيها وسائل دفاعها الساحلى والجوى، وتتمثل خطورة التواجد العسكرى الإيرانى فى هذه الجزر الثلاث فى أنها تشكل قواعد إيرانية لأى هجوم بحرى إيرانى ضد دولة الإمارات محتل فى المستقبل.

وإبان الحرب الإيرانية العراقية التى دامت ثمانى سنوات 1980-1989، أطلق المسئولين الإيرانيون التهديدات بإغلاق المضيق فى وجه الملاحة الدولية. ودارت آنذاك ما يعرف بحرب الناقلات، وكانت ناقلات النفط الكويتى تتحرك تحت حماية أمريكية. وكانت للتهديدات الإيرانية ردود فعل عنيفة عبرت عن القلق والاهتمام الشديدين بهذا المرفأ البحرى الدولى الذى لاغنى عنه للملاحة فى الخليج العربى الذى يعتبر شرياناً لإمدادات النفط للعالم الصناعى، خصوصاً بعد أن هدد هاشمى رفنسجانى - رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك- رسمياً بإغلاق المضيق أو ضربه إذا حتمت الظروف، مشيراً إلى أن إيران ليست فى حاجة إليه.

واليوم ومع سخونة الملف النووى الإيرانى إلى جانب تردى الموقف الأمني فى العراق بسبب التدخل الإيرانى فى العراق، وما يتسبب فيه ذلك من تكبيد القوات الأمريكية هناك خسائر بشرية مادية جسيمة، وبعد أن فرض مجلس الأمن الدولى عقوبات سياسية واقتصادية على إيران بموجب قرارين صدرا منه بالإجماع (1737، 1747) يمهدان لما بعدهما من قرارات أخرى تصعد من حجم العقوبات ونوعياتها إذا لم تستجب إيران لشروط المجتمع الدولى بإيقاف عمليات تخصيب اليورانيوم، وبما يعطى ذريعة فى هذه الحالة لشن عملية عسكرية ضد إيران بواسطة الولايات المتحدة وحلفائها، تبرز مرة أخرى قضية مضيق هرمز كورقة مهمة فى لعبة المناورات السياسية والنفطية والاستراتيجية، وخصوصاً فى ضوء التصريحات النارية لرئيس جمهورية إيران أحمدى نجاد ومرشد الثورة الإيرانية على خامنئى، ومع تكثيف التواجد العسكرى البحرى والجوى والبرى الأمريكي فى منطقة الخليج، والتهديدات الأمريكية المضادة، فإن الخيار العسكرى ضد إيران غير مستبعد من قائمة الخيارات الأمريكية.

خطة إيران للسيطرة على مضيق هرمز
تشير تقارير أجهزة المخابرات الغربية إلى أن إيران وضعت خطة من أجل الاستيلاء على المضيق وإغلاقه فى أقصر وقت ممكن إذا ما نشبت حرب بينها وبين الولايات المتحدة. 

معتمدة فى ذلك على أن الحرس النووى يمتلك 700 موقع ميناء ومرسى وجزيرة ونقاط مختلفة، وذلك على طول الضفة الشرقية للخليج العربى، يستخدمها عادة للتهريب، وفى أوقات الضرورة قد يستخدمها لأغراض عسكرية فى اعتراض السفن الحربية والتجارية وناقلات النفط ومنعها من المرور فى المضيق، وهو أمر بديهى إذا ما نشبت الحرب وذلك بواسطة ما يملكه من زوارق صواريخ وزوارق انتحارية، أو عبر زرع الألغام البحرية على جنبات المضيق.

تطويرات إيرانية فى نظم التسليح البحرية
كشفت إيران خلال المناورات البحرية التى أجرتها قوات الحرس الثورى والبحرية النظامية عن عدة تطويرات أجرتها على أنظمة التسليح البحرية، ترتبط معظمها، بخطط العمليات تجاه مضيق هرمز. ففى المناورة (الرسول الأعظم 1) التى جرت فى مارس 2006 كشفت إيران عن تطوير الغواصة الصغيرة (قادر) والتى بإمكانها شن عمليات إنزال مجموعات كوماندوز لمهاجمة قواعد وأهداف بحرية معادية وذلك بمساعدة تقنية من كوريا الشمالية، وفى هذه المناورة البحرية التى شارك فيها 17000 عنصر من الحرس الثورى، ومتطوعى الباسيج والشرطة الإيرانية، إضافة إلى 1500 سفينة وطائرة قتال ومروحيات وصواريخ، وامتدت من أقصى شمال الخليج وحتى مدينة (شاه بهار) الساحلية جنوباً وتقع على مسافة 40 كم من بحر العرب، كشفت إيران عن الصاروخ بحر/ بحر (الحوت) الذى يمكن إطلاقه من قطع بحرية أو قواعد ساحلية، وهو مخصص لتدمير السفن الحربية والغواصات تحت الماء، ويسير بسرعة 100 متر/ ثانية- أى أربعة أضعاف سرعة أى سفينة حربية (5) 2 متر/ ثانية)، كما يمكن تفادى رصده بالسونار، وذكرت المصادر الإيرانية أنه يتفوق على الصاروخ الروسى المماثل (شاكفاك- 3v) الذى صنع عام 1995، كما تم أيضاً اختبار إطلاق طائرة مائية لا يمكن رصدها بالرادار، وتستخدم فى تنفيذ مهام انتحارية ضد السفن المعادية. هذا بالإضافة لاختبار صواريخ ساحلية تم تطويرها ذاتياً فى إيران مثل الصاروخ (كوتر) المضاد للسفن.

وفى مناورات (الرسول الأعظم-2) التى جرت فى أكتوبر 2006، اختبرت بحرية الحرس الثورى الإيرانى أنواعاً مختلفة من صواريخ ساحلية (أرض / بحر)،/ وصواريخ بحرية (بحر/بحر) بينها الصواريخ (كوثر،/ نور، ونصر) حيث أعلن مسئولون عسكريون إيرانيون عن زيادة مدى هذه الصواريخ من 120 كم إلى 170 كم لتغطى منطقة الخليج كلها وبحر عمان، بحيث أصبحت كلها تحت السيطرة البحرية الإيرانية.

الخطة الأمريكية لاستعادة السيطرة على هرمز
تشير تقارير مخابراتية إلى أن الولايات المتحدة أكملت استعداداتها لشن عملية عسكرية ضد إيران، ولم يبق سوى تحديد الموعد والذى يتوقع أن يكون فى نهاية 2007 وأوائل 2008 قبل أن ينهى بوش ولايته وبعد أن تستنفذ قرارات مجلس الأمن التى تفرض عقوبات على إيران أغراضها بأن ترفضها طهران ، وبذلك تعطى المبرر لشن عمل عسكرى ضدها استناداً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وقد أعدت الولايات المتحدة نفسها لهذه الضربة بعد أن حشدت مجموعتى حاملتى طائرات فىالخليج قوامها 35 قطعة بحرية، بينها حاملة الطائرات (أيزنهاور) والأخرى (ستينس)، وبذلك تضاعف حجم المقاتلات فى الخليج إلى حوالى 150 مقاتلة، هذا بالإضافة لحوالى 50 مقاتلة أخرى F-15، F-16 فى القواعد الأرضية بدول الخليج وتركيا، إلى جانب توقع إشراك ما لا يقل عن 40 مقاتلة B-1، B-2، B-52 سوف تنطلق رأساً من قواعدها الجوية فى الولايات المتحدة وبريطانيا ودييجوجارسيا بالمحيط الهندى. وقد أفادت مصادر أمريكية أن اتفاقاً تم إبرامه بين الولايات المتحدة وقطر لتوسيع قاعدة (العديد) العسكرية والمتمركز بها مقاتلات F-117 (الشبح).

أما فيما يتعلق بالصاروخ كروز (توماهوك-المطور) فمن المتوقع أن يشارك فى العملية الهجومية ضد إيران حوالى 200 صاروخ يتم إطلاقهم من بارجتى أحدهما (فيليبى سى) والغواصة (البكركى) المتواجدتين بمياه الخليج ضمن مجموعتى حاملتى الطائرات، بالإضافة للصواريخ التى ستنطلق من القاذفات B-52. كما أدخلت القوات الأمريكية مؤخراً إلى مياه الخليج غواصات جديدة غير مأهولة ومخصصة للاستخدام لمواجهة الألغام البحرية الإيرانية المتوقع زرعها فى مضيق هرمز.

ومن المتوقع أن يكون تأمين مضيق هرمز ومنع إيران من إغلاقه أحد الأهداف الاستراتيجية للعملية العسكرية المتوقع أن تقوم بها الولايات المتحدة ضد إيران. ذلك أن منع إيران من اللجوء إلى وسائلها العسكرية لشن عمل استباقى ضد القوات الأمريكية فى المنطقة أو عمل انتقامى إذا ما أخذت القوات الأمريكية المبادرة بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران، سيكون فى صميم أهداف ومهام القوات الأمريكية التى ستوجه الضربة الأولى.. 

بمعنى إن أهداف هذه الضربة لن تكون قاصرة على قصف المنشآت النووية الإيرانية فقط، ولكن ستشمل أيضاً، وربما بتركيز أكبر وأولوية زائدة، قصف الأهداف التى تشكل وسائل الضربة الانتقامية الإيرانية، وهى قوات الحرس الثورى فى مناطق تمركزه وقواعده البحرية التى تنتشر بها زوارقه الصاروخية والانتحارية وسفن إنزاله، إلى جنب قصف وحدات الصواريخ الباليستية (شهاب - 3) قبل أن تتحرك إلى مواقع إطلاقها، مع قصف هذه المواقع فور رصدها. 

ذلك لأن المنشآت النووية المخطط قصفها وتدميرها لا تشكل تهديداً ملحاً ضد القوات الأمريكية فى الخليج ولكن وحدات الصواريخ شهاب إذا ما تمكنت من الانتشار فى مواقعها واستطاعت إطلاق صواريخها يمكن أن تشكل تهديداً داهماً للقوات الأمريكية المتواجدة فى قواعدها على الساحل الغربى من الخليج وضد الأهداف الاستراتيجية والسكانية فى إسرائيل، كما يمكن أيضاً لوحدات الحرس الثورى سواء البحرية أو البرية أن تشكل بدورها تهديداً خطيراً للقوات الأمريكية والبريطانية المتواجدة فى جنوب العراق إذا ما قررت طهران اكتساح جنوب العراق بواسطة الحرس الثورى مستنداً على عملائه وركائزه المتواجدة بالفعل هناك. نفس الأمر من حيث خطورة التهديد إذا ما دفعت إيران بزوارقها الصاروخية والانتحارية لتدمير قطع بحرية أمريكية أو ناقلات نفط لإغلاق مضيق هرمز.

لذلك فإنه من المتوقع أن تعطى الخطة الأمريكية أولوية مطلقة لتدمير وحدات الصواريخ شهاب فور اكتشاف قواعدها بواسطة وسائل الاستخبارات والاستطلاع الفضائية والجوية والبشرية، وكذلك وحدات الحرس الثورى البحرية والبرية ووسائل عملها لحرمان إيران من استخدامها فى عملياتها الانتقامية عقب ضرب منشآتها النووية.

وستفتتح المقاتلات القاذفة B1، B2، القادمة من قواعدها فى الولايات المتحدة وبريطانيا العملية العسكرية ضد إيران بتوجيه ضربات جوية ضد مواقع وحدات الصواريخ شهاب والحرس الثورى، وستصاحبها المقاتلات الشبح F-117 لفتح ثغرة فى نظام الدفاعات الجوية الإيرانية خصوصا مواقع الصواريخ أرض جو Tor - Mi التى حصلت عليها إيران مؤخرا من روسيا، كما ستخصص هجمة جوية لتدمير القوات البحرية والساحلية والبرية المتواجدة فى قاعدة بندر عباس البحرية المسيطرة على مضيق هرمز، كذلك الوحدات الإيرانية المتواجدة فى الجزر الأخرى المتحكمة فى المضيق، وأهمها أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. 

وبعد التأكد من تدمير الوحدات الإيرانية المتواجدة فى القواعد البحرية والجزر المتحكمة فى المضيق، ستسعى القوات الخاصة الأمريكية والمارينز إلى احتلال هذه القواعد والجزر بمنع الإيرانيين من إعادة احتلالها وأستعادة السيطرة على مضيق هرمز. وذلك من خلال القيام بعمليات إنزال بحرى واقتحام جوى جزئية فوق هذه القواعد والجزر، تحت غطاء جوى كثيف وحماية بحرية حتى تتمكن القوات الأمريكية من تعزيز دفاعاتها داخلها.

كما ستوجه كاسحات الألغام لتنظيف الممر البحرى داخل المضيق وعلى أجنابه من الألغام التى يفترض أن البحرية الإيرانية قد زرعتها لعرقلة المرور البحرى داخل المضيق. 

هذا إلى جانب تواجد خطة خاصة لتدمير الغواصات الإيرانية وسفن السطح بواسطة الصواريخ البحرية الأمريكية وقنابل وصواريخ الأعماق والغواصات غير المأهولة والموجهة عن بعد، إلى جانب الهجمات الجوية خصوصاً من جانب المروحيات المخصصة لاستطلاع وقتال الغواصات.

وخلال معركة السيطرة على مضيق هرمز - والتى من المتوقع أن تستغرق من 2 - 3 أيام - وبالتوازى مع تدمير أهداف الحرس الثورى الإيرانى ووحدات الصواريخ شهاب، من المتوقع أن يتم شن هجمات صاروخية بواسطة الصواريخ كروز توما هوك المعدلة ضد المنشآت الدفاعية الإيرانية الثابتة مثل مواقع الدفاع الجوى والمطارات، والقواعد الجوية، والمصانع الحربية، ومراكز القيادة والسيطرة السياسية والاستراتيجية، ومقار وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات ومراكز البحوث والتطوير العسكرية، وغيرها من المنشآت الاستراتيجية والسياسية والعسكرية. أما فيما يتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية وأبرزها منشأة تحويل اليوارانيوم الطبيعى إلى غاز UF - 6 فى أصفهان، ومنشأة تخصيب اليورانيوم وتصنيع أجهزة الطرد المركزى فى نانتانز، ومصنع إنتاج الماء الثقيل ومفاعل فصل البلوتونيوم فى آراك، وذلك باستخدام قنابل موجهة مضادة للتحصينات المتواجدة على عمق كبير حتى 30 متر طرازات GBU - 28، BLU - 109، B-69 بقوة 1 كيلو طن (1000 طن متفجرات) لإحداث تدمير وإبادة شاملة لكل ما هو داخل هذه التحصينات المكونة من طبقات من الصخور والخرسانة المسلحة من معدات وأفراد.

كما يتوقع أن تقوم الوحدات الخاصة ومجموعات المخابرات العاملة داخل الأراضى الإيرانية، بجانب مهام الاستطلاع والاستخبارات فى تحديد وتأكيد مواقع الأهداف الإيرانية، وتوجيه المقاتلات الأمريكية نحو أهدافها، أن تقوم أيضاً بعمليات تدمير للأهداف التى لم تنجح الهجمات الجوية والصاروخية فى تدميرها، وقتل وخطف عدد من القيادات السياسية والعسكرية والعلماء الإيرانيين. إلى جانب إثارة الجبهة الداخلية ضد النظام الحكام فى إيران، وقد تستخدم فى هذا المجال قوات جماعة مجاهدى خلق الإيرانية المعارضة والمتواجدة فى معسكر أشرف تحت السيطرة الأمريكية فى العراق، وقوامهم 5000 عنصر.

وفى مواجهة ما تراهن عليه إيران من إغراق سفينة حربية أمريكية كبيرة، وبما يحدث صدى دعائياً عالمياً يقلص كثيرا من هيبة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، وما قد يترتب على ذلك من حدوث خسائر بشرية جسمية فى أفراد البحرية الأمريكية قد تتعدى عدة مئات، فمن المؤكد أن ترد الولايات المتحدة على ذلك باستخدام أسلحة نووية تكتيكية ضد أكثر الأهداف السياسية والاستراتيجية الإيرانية أهمية، خصوصاً تلك التى تحوى رموز النظام الإيرانى السياسية والعسكرية، حيث ستعتبرها واشنطن كارثة لا تقل عن كارثة تدمير الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربور فى بداية الحرب العالمية الثانية، والتى كانت سبباً فى دخول الولايات المتحدة الحرب آنذاك ضد اليابان، ثم ضربها بعد ذلك بقنبلتين نوويتين.

كارثة عالمية:
إن قراراً إيرانياً بإغلاق مضيق هرمز فى حالة تعرضها لعملية عسكرية من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل أو كلاهما من شأنه أن يخلق كارثة اقتصادية عالمية. لذلك فإن النظرة الإيرانية القائمة على الإدراك بأن عرض قدرتها على إلحاق أذى بالمصالح الاقتصادية الأمريكية والغربية فى مياه الخليج كفيل بردع واشنطن وغيرها عن التفكير بالخيار العسكرى. ولقد كانت هذه الرسالة واضحة عندما أجرى الإيرانيون اختباراتهم على الصواريخ البحرية فى منطقة مضيق هرمز وليست أية منطقة أخرى، مؤكدين أن إيران تريد أن تقول للغرب أن ضربتهم للمنشآت النووية الإيرانية سيقابله تحرك عسكرى من قبلها ضد السفن المتجهة عبر مضيق هرمز، وأن إيران لديها القدرة التكنولوجية العسكرية على إلحاق أذى كبير بسفنهم وسفن حلفائهم فى هذه المنطقة، ناهيك عن إيقاف 20 - 30 ناقلة نفط يومياً، وبما سيؤدى إلى رفع أسعار برميل النفط لأكثر من 100 دولار، وما قد يترتب على ذلك من ارتفاع أسعار وسائل النقل والمنتجات الاستهلاكية المصنفة أضعاف ما هى عليه حاليا، وتتسبب فى كارثة اقتصادية واجتماعية ستعانى منها الدول الكبرى والصغرى على السواء، أشبه بأزمة الكساد العالمى فى ثلاثينيات القرن الماضى والتى كانت من أسباب نشوب الحرب العالمية الثانية.

إن التكتيكات البحرية الإيرانية التى أظهرتها المناورات التى جرت فى ربيع وخريف عام 2006، والمتمثلة فى شن حرب عصابات بحرية تعتمد على قوارب صغيرة وسريعة مسلحة بصواريخ بحر/ بر جوالة أو طوربيدات أوراجمات صواريخ كاتيوشا ومدافع رشاشة من أجل شن هجمات كروفر سريعة ضد سفن حربية أمريكية كبيرة (حاملات طائرات - مدمرات صواريخ - فرقاطات - سفن إمداد) وضد ناقلات نفط وسفن تجارية، وذلك من أجل إعادة حركة الملاحة وانهاك القوات البحرية الأمريكية والغربية المجهزة للحروب التقليدية وليس لمواجهة حروب العصابات البحرية، هذا إلى جانب شن هجمات انتحارية ضد أهداف بحرية عدة، ناهيك عن قدروة الصواريخ الجوالة C - 802 وسيلك وورم والتى يصل مدى بعضها إلى 120 كم، وبما يمكنها من توجيه ضربات بهذه الصواريخ ضد منشآت استراتيجية على طول سواحل دول الخليج العربية. فإذا ما نجحت هذه التكتيكات البحرية الإيرانية فى تدمير وإغراق قطعة بحرية أمريكية كبيرة وبما يترتب عليه وقوع خسائر بشرية جسيمة بين أفراد البحرية الأمريكية، ويؤدى لهز هيبة الولايات المتحدة دولياً، وبما قد ترد عليه الأخيرة باستخدام أسلحة نووية ضد إيران، وبما يقضى نهائياً على النظام الحاكم فى إيران ويكبد الشعب الإيرانى خسائر بشرية ومادية جسيمة قد لا يستطيع تجاوز أثارها إلا بعد خمسين عاماً، فإن ذلك يعنى تلوث منطقة الخليج - أراضى وأجواء ومياه وبيئة وبشر بالإشعاعات النووية لفترة طويلة من الزمن، وبما يؤثر سلبا وبعمق على جميع مكونات البيئة فى الخليج لعدة سنوات.

البدائل الأمريكية والعربية:

فى خطوة منها لتفادى حدوث أى نقص لديها فى النفط عملت الولايات المتحدة على زيادة مخزونها النفطى بشكل هائل، وبما يكفى لأكثر من 20 شهراً إضافيا. وهذا ما يفسر ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 70 دولار للبرميل ثم تراجعها إلى 55 دولار. وتسعى واشنطن اليوم إلى تشجيع أطراف دولية أخرى مثل دول بحر قزوين وشمال أوروبا وأمريكا اللاتينية، إضافة إلى روسيا لزيادة استثماراتهم فى عمليات التنقيب عن النفط واستخراجه وذلك لتقليل الاعتماد على نفط الخليج. والمعروف أن الكونجرس الأمريكى كان قد أصدر قانونا منع فيه الإدارة من استيراد أكثر من 15% من احتياجات أمريكا النفطية من مصدر واحد.

كما تبنت دول الخليج العربية المصدرة للنفط خطة طوارئ لتطبيقها فى حالة إغلاق الملاحة فى مدخلى الخليج والبحر الأحمر. وهذه البدائل لم تكن وليدة البارحة بسبب تصاعد المخاطر الجيوسياسية فى المنطقة نتيجة صراع محتمل بين الولايات المتحدة وإيران، وإنما وضعت على مدار أكثر من عقدين، واعتمد وزراء النقل فى الدول الست الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى مشروع خطة الطوارئ عبر منافذ دول المجلس فى حالة إغلاق منفذى مضيق هرمز وباب المندب، ينقل النفط عبر خطوطاً أنابيب إلى الدول المجاورة وبما يتجاوز مضيق هرمز بالالتفاف حوله.

ويؤكد الخبراء أنه لكى تحافظ الأسواق على استقرارها فى حالة نشوب صراع مسلح بين الولايات المتحدة وإيران يؤدى إلى إغلاق مضيق هرمز، ينبغى تزويد الأسواق العالية بـ 18 مليون برميل من النفط يوميا. مشيرين إلى أن السعودية، أكبر منتج للنفط فى العالم، يمكنها أن تستخدم طريقاً بديلاً للتصدير يتمثل فى أبنوب نفط لا يستخدم كثيراً فى الوقت الحالى تبلغ طاقته 5.5 مليون برميل يومياً ويمتد عبر المملكة إلى جدة، وهناك أيضاً خط أنابيب للتصدير بطاقة 1.6 مليون برميل يمتد من العراق عبر السعودية، إلا أنه لم يستخدم منذ غزو صدام حسين للكويت عام 1990، وللعراق كذلك خط أنابيب لتصدير النفط بطاقة 1.2 مليون برميل يوميا يمتد من الشمال الغربى عبر تركيا إلى ساحل البحر المتوسط. ومن البدائل الأخرى لجوء السعودية والإمارات إلى إنشاء خط أنابيب عبر شبه جزيرة (مسندم) العمانية يقطع عمان إلى بحر العرب. إلا أن آخرون يؤكدون أن جميع هذه البدائل، بما فيها البديل الأخير الذى من غير المرجح تنفيذه كما يقول الخبراء، لا تفى باحتياجات الأسواق العالمية البالغة 18 مليون برميل يومياً يتم تصديرها من المنطقة عبر مضيق هرمز.

الخلاصة:
مما لا شك فيه أنه إذا ما أغلق مضيق هرمز بسبب عمليات عسكرية متوقعة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن ذلك سيجعل دول العالم جميعا - المنتجة للنفط والمستهلكة له على السواء- مخنوقة اقتصادياً واجتماعياً، حيث سيكون من الصعب على الدول المنتجة للنفط أن تستخدم البدائل المشار إليها آنفا فى تعويض ما ينقل عبر مضيق هرمز من نفط يصل إلى 18 مليون برميل يومياً، وبالسرعة المطلوبة فى حالة إغلاق المضيق، خصوصاً الدول التى لا تملك مخزونا استراتيجيا من النفط وتعتمد عليه فى تسيير عجلة الصناعة بها، مثل الصين والهند واليابان وكوريا وغيرها، بعكس الولايات المتحدة وأوروبا التى لديها احتياطى استراتيجى من النفط يكفيها 120 يوميا.

وإذا ما تم إغلاق مضيق هرمز فإن الآثار السلبية لذلك ستلحق بإيران بقدر أكبر مما سيلحق بالدول العربية المنتجة للنفط. ذلك لأن إيران تعانى بالفعل من مشاكل نفطية تتمثل فى قرب نضوب حقولها النفطية التى تنتج حاليا حوالى 4 مليون برميل بأقل 370 ألف برميل عن حصتها المخصصة لها من الأوبك. ويقدر لذلك عام 2015. هذا إلى جانب سوء حالة المنشآت النفطية التى لا تجد استثمارات كافية لصيانتها وتحديثها بسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وهو ما يجعلها تعتمد أكثر على تصدير الغاز الذى تضخ منه 80 مليار متر مكعب سنوياً فى السوق العالمية، وهو ما يمثل نحو 3% من إجمالى الصادرات العالمية من الغاز.

وهو ما انعكس فى اعتماد إيران على استيراد 40% من احتياجاتها من البنزين من الخارج لعدم وجود قدرات تكرير كافية لديها، ناهيك عن تزايد الاستهلاك الداخلى من النفط، والذى يصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً. فإذا أضفنا إلى كل ذلك أنه فى حالة إغلاق إيران لمضيق هرمز بسبب العمليات العسكرية، أن رد الفعل الأمريكى سيتمثل فى قصف حقول النفط ومنشآته وموانئ تصديره فى إيران، بل وأيضاً خطوط نقله إلى الخارج، فإن ذلك سيضاعف حجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة لإيران، وهو ما ينبغى عليها إزاء ذلك أن تتجنب تصعيد المواجهة القائمة بينها وبين الولايات المتحدة، وحل الأزمة الناشئة بينها بالوسائل السلمية، والتوقف عن السياسة الإيرانية المعروفة بالوصول بالأزمة إلى حافة الهاوية ثم التراجع تدريجيا، ذلك أن هذا الأسلوب قد لا ينجح فى كل مرة، وقد لا تحمد عقباه إذا ما انفلت زمام السيطرة على الأزمة من أى جانب إذا ما دخل العامل العسكرى فيها.

الكاتب :- لواء متقاعد/ حسام سويلم

الجمعة، 27 مايو 2011

ربيع العرب .. هل نجح في عزلة إيران ؟

مفكرة الإسلام 21 من جمادى الآخرة 1432هـ / 24 من مايو 2011م

سايمون تيسدال/ صحيفة الجارديان

ترجمة/ شيماء نعمان

"ولهذه الأسباب وغيرها ... فإن عصر التحدي الإيراني المتعجرف ربما يقترب من نهايته"- سايمون تيسدال

تُخَيِّم حالة من الهياج العصبي على طهران حاليًا بعدما تحول ترحيبها الأول بانتفاضات ربيع العرب إلى سحابة من القلق والانزعاج. فقد رحبت إيران بسقوط عدوها القديم الرئيس المصري "حسني مبارك"؛ إلا أن الانتفاضة التي تهدد الآن حليفها العربي الرئيسي- المتمثل في نظام "بشار الأسد" في سوريا- قضية أخرى مختلفة تمامًا. بل والأكثر سوءًا، أن المناخ الثوري السائد في المنطقة ربما يحفز الحركة الخضراء المعارضة في إيران والتي طالما تعرضت للقمع للنهوض مجددًا؛ وهو ما يثير خوفًا حقيقيًّا.

إن التقديرات السريعة في واشنطن وتل أبيب التي توقعت أن تكون إيران المستفيد الأكبر من انهيار النظام العربي القديم تبدو الآن غير دقيقة. أما التناحر الداخلي داخل النظام الإيراني فهو يتطابق مع، ويرتبط أيضًا، بتصاعد حالة التقلب الإستراتيجي بالخارج. ولهذه الأسباب وغيرها- كالتأثير المتراكم للعقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي- فإن عصر التحدي الإيراني المتعجرف ربما يقترب من نهايته.

ووسط حالة الاضطراب الكبرى التي تعم الشرق الأوسط، يظهر فجأة كلاًّ من الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" والمرشد الأعلى "علي خامنئي" -وهما توأم طهران المزعج- في حالة من عدم التوازن والضعف وعلى خلاف.

وكان خامنئي قد حاول في البداية سرقة حركات التحرر العربي بوسمها بالطابع الديني غير الليبرالي في إيران؛ متفاديًا بصفاقة الإشارة إلى القمع الوحشي للثورة الديموقراطية في إيران نفسها عام 2009. وقال في خطابه بمناسبة العام الفارسي الجديد في شهر مارس: "إن ما أود أن أعلنه بقوة هو أنه قد بدات حركة جديدة، بفضل من الله، في المنطقة". وأضاف: "وتلك الصحوة واسعة النطاق والموجهة نحو أهداف إسلامية سيُكتب لها النصر بكل تأكيد."

وإلى حد كبير، لم يُشِر خامنئي إلى سوريا. إلا أنه مع تصاعد الاضطراب هناك وفي مناطق أخرى، وفي الوقت الذي أصبح فيه الدافع ذي الأساس العلماني والديموقراطي لذلك الاضطراب أمر لا يمكن إنكاره، تخلى خامنئي وغيره من الزعماء الإيرانيين إلى حد كبير عن محاولة تصوير ذلك على أنه انتشار للثورة الخومينية. ولكنهم بدلاً من ذلك أعربوا عن استيائهم من تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا وكذلك من "مخطط" أمريكي- إسرائيلي للإطاحة بالأسد.

إن المخاطر كبيرة بلا شك. فأهمية سوريا بالنسبة لإيران الشيعية كقناة رئيسية لجماعة "حزب الله" في لبنان، وقاعدة لقادة حركة "حماس" في غزة، وحليفًا في الخط الأمامي في المواجهة مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، وكذلك كممر سياسي وتجاري إلى العالم العربي أمر من الصعب المبالغة فيه. إلا أن طهران ربما تتفق على مضض مع التحليلات الغربية في أنه بغض النظر عن مصير الأسد، فإن التوازن السياسي بين نظام الأقلية العلوية الشيعية في دمشق والغالبية السنية قد تحول إلى غير رجعة- - إلى ما ليس في صالح إيران.

وقد أظهرت موجة التصريحات الأخيرة تصاعدًا في حالة القلق الإيراني. وقال "أحمدي نجاد" متحدثًا من تركيا أنه: ليس هناك "ضرورة للتدخل الأجنبي" في سوريا، كما لو أن أحدًا قد توقع ذلك. واتهم الناطق باسم وزارة الخارجية "رامين مهمانبرست" الإعلام الغربي بالمبالغة في إظهار حجم العنف. كما حث بيان رسمي كلاًّ من الحكومة والمحتجين على الاتفاق لصالح التضامن في مواجهة الصهيونية.

وقال المحلل الأمريكي "ديفيد إجناتيوس" نقلاً عن مسئولين أمريكيين أنه "إذا ما بقى الأسد في السلطة، فسيتعين عليه الابتعاد بعض الشيء عن إيران لتهدئة المحتجين السنة .. أما إذا ما أطيح به، فمن المرجح أن يحكم سوريا نظام يهيمن عليه السنة وسيكون أكثر عداءً لإيران."

وبالنسبة لإيران، فالآثار السلبية للثورات العربية لم تتوقف عند سوريا. فالزواج القسري بين الفصيلين الفلسطينيين المتناحرين "حماس" و"فتح" بعد سنوات من القطيعة المريرة يعزى بشكل كبير إلى شعور قيادة "حماس" الجديد بانعدام الأمن في قاعدتها السورية المعتادة. ولكنه كذلك كان نتاجًا لإيجابية جديدة من جانب مصر، التي كان تخلصها السريع من نظام مبارك الخانع الموالي للولايات المتحدة قد بدأ في استعادة نفوذ القاهرة باعتبارها القوة العربية الرائدة ووسيطًا نزيهًا في المنازعات بين الدول العربية.

ويمكن في وجود مصر أقل خنوعًا لواشنطن وأكثر استعدادًا لتحدي "إسرائيل" (عن طريق فتح معابر غزة بشكل دائم على سبيل المثال) أن تكون مفيدة لطهران من الناحية النظرية. غير أن وجود مصر أكثر ديموقراطية وقوة سياسية وأكثر استقلالية من شأنه أن يجعلها منافسًا قويًّا ورقيبًا على طموحات طهران الإقليمية. وكان"نبيل العربي"- وزير الخارجية المصري الجديد- قد صرح في مقابلة له مع صحيفة "واشنطن بوست" أن القاهرة "قد فتحت صفحة جديدة مع كل دول العالم." ولكنه امتنع عن ذكر ما إذا كان ذلك يشمل فعليًّا إيران أيضًا أم لا.

ولقد ساهمت كذلك الثورات في البحرين واليمن، والتي تتجه نحو المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج، في التوترات المفتوحة المشتعلة منذ أمد طويل؛ فعلى سبيل المثال، اتهم ملك البحرين "حمد بن عيسى آل خليفة" طهران بشكل مباشر بالتخطيط لانقلاب في البلاد. وقد حفزت المواجهة المملكة العربية السعودية ودفعتها إلى استعراض نادر للقوة في البحرين دفاعًا عن مصالحها المدركة. وفي لبنان أيضًا، ندد علنًا رئيس الوزراء المنتهية ولايته "سعد الحريري" بـ "التدخل السافر" لإيران. وتعهد أنه لن يتم السماح لطهران باستخدام حليفها "حزب الله" في تحويل لبنان إلى "محمية إيرانية".

وبالطبع لم يمر شيء من هذا دون أن تلاحظه واشنطن وتل أبيب؛ حيث يبدو صناع السياسة (باستثناء رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو") أكثر هدوءًا بشأن "التهديد" الإيراني أكثر مما كانوا عليه منذ فترة. وكتب المحلل "علوف بن" في صحيفة "هاآرتس"- الصهيونية- أن "الإيرانيين في ورطة... ومن الأفضل لـ "إسرائيل" أن تبقى هادئة ولا تتدخل، وأن تدع العمليات الداخلية في طهران ودمشق تؤدي دورها."

إن التدفق المفاجئ لمشاعر العداء المكبوتة التي أطلق عقالها ربيع العرب قد نفذت من حاجز الوهم، الذي طالما شجعته إيران بشأن تناغم العلاقات بينها وبين العالم العربي، وعزز بدلاً عن ذلك من عزلتها. والأمر الأكثر خطورة بالنسبة لخامنئي ونجاد المتناحرين، أن ذلك ربما يعمل كعامل محفز لإيقاد المعارضة الداخلية الإيرانية من جديد فيما تتزايد المشكلات الاقتصادية وتحتدم الحزبية السياسية قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة في العام القادم. وكان المتظاهرون في آخر احتجاجات المعارضة في فبراير الماضي -والتي تم تفريقها مثل غيرها- قد رفعوا شعارًا سيكون من الجيد لو تأمله التوأم المزعج وهو: "سواء القاهرة أو طهران، الموت للطغاة"!

لعنة سبتمبر تطارد ملالي إيران !

السياسة الكويتية 22-جمادى الآخرة-1432هـ / 25-مايو-2011م

كشفت ملفات محكمة أميركية لأول مرة حقائق في منتهى الخطورة حول هجمات 11 سبتمبر العام 2001 على الولايات المتحدة في إطار دعوى قضائية فيدرالية أميركية تطالب إيران بدفع تعويضات لعائلات ضحايا أخطر عمليات إرهابية في التاريخ المعاصر أدت إلى تغيير العالم بأسره, فالجميع يعرف مدى تورط ملالي إيران بدعم الإرهاب داخل إيران وخارجها, لدرجة أن إيران صنفت بأنها أحد أقطاب الإرهاب العالمي, وتبين الوثائق التي قدمت للمحكمة أن إيران كانت على علم بهجمات 11 سبتمبر وأنها شاركت في التخطيط لتلك العمليات.

وتفيد تلك التقارير أن إيران وحزب الله في لبنان نسقا الأمور فيما بينهما وساعدا تنظيم القاعدة في ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها. فقد ساعدت إيران على تدريب الإرهابيين في مخيمات خاصة, كما ساعدت في سفرهم للولايات المتحدة, وقد ظن الملالي في طهران بأنهم سينجون من المحاسبة والعقاب عندما احتضنوا تنظيم القاعدة ضمن مبدأ " عدد عدوي صديقي".

ولكن شاءت الاقدار ومتابعة من هم وراء العمليات الإرهابية ان تكشف ألاعيب إيران الإرهابية وكذبها وزيفها ونفاقها.

نعم : انقلب السحر على الساحر, وأصبح الملالي عراة وهاربين من سلطة القانون, بعدما ظنوا ان عملياتهم انتهت ولم تنكشف بعد مقتل اسامة بن لادن, فالحبل على الجرار وكما يقولون " جاك الموت يا تارك الصلاة" فلعنة 11 سبتمبر تطارد المجرمين والإرهابيين في كل مكان, فلم يتمكن زعيم القاعدة اسامة بن لادن من حماية نفسه رغم ما توفر له من حماية في باكستان الا أن القوات الاميركية الخاصة اصطادته ولم تستطع مراكز القوى في باكستان من حمايته على رغم امكانياتها واسلحتها الثورية وخرجت من بعد الغارة في حالة اذلال لامثيل لها.

ولعنة 11 سبتمبر ستصل إلى جميع الارهابيين والمجرمين لتقضي عليهم , فلن تقوم لهم قائمة بعد ذلك.

شاءت الأقدار ان تتضافر قوى الخير والقانون فأصبحت تتقدم بصورة كبيرة باتجاه مراكز الشر والطاغوت .

وها هي اليوم تحاصر إيران الإرهابية منتظرة الفرصة اللازمة وهي قادمة لا محالة, لتوجيه ضربة قاضية تخلص العالم من شرها وجبروتها ومن حكمها الجائر الذي تسميه " ولاية الفقيه" التي ستصبح بعدها " ولاية السفيه" .

بعد ذلك سيرتاح "رأس الضب " وتنتهي "دودة القز"

• الكاتب :- ناصر العتيبي

الخميس، 26 مايو 2011

أوراق الأسد المتساقطة !

السياسة الكويتية 22-جمادى الآخرة-1432هـ / 25-مايو-2011م

في ظل الربيع الثوري الذي يعيشه الشعب السوري , والخريف الأخير الذي يعصف بنظام الأسد , تتساقط أوراقه الملطخة بدماء الشعب الثائر , بانتظار سقوطه المدوي عن عرش الفساد والاستبداد الذي ورثه عن والده في ليلة ظلماء لا قمر فيها.

رعبٌ حقيقي , يعيشه نظام بشار الاسد , ويحاول نقله إلى الشعب الثائر , الذي كسر حاجز الخوف , وخرج عن صمته المطبق , بعد أن استلهم من معاني وقيم ثورات الأشقاء في تونس ومصر وليبيا واليمن .

فها هي أوراق النظام بدأت تتساقط الواحدة تلو الأخرى , سواء ما تعلق منها بسياسته الخارجية أو الداخلية , لأن دماء الشهداء الأبرار الذين قضوا برصاص الغدر والخيانة , لا تسقط بالتقادم , ولا تفتر إلا بسقوط السفاح .

فعندما تتصالح حركة "حماس" مع "فتح" , بعد سنوات طويلة من الجفاء , فهذا يعني أن ما في يد النظام من أوراق سياسية يساوم بها على حساب معاناة الأشقاء الفلسطينيين , يعني أن ثورة الكرامة قضت مضجعه وزادت من تخبطه وتعثره , وجردته من أهم أوراقه الاقليمية .

وعندما يشرع الاتحاد الأوروبي بفرض حزمة من العقوبات الرادعة على مسؤولي النظام , ومن ثم يستكملها بإدراج رأس النظام ضمن القائمة السوداء , فهذا يعني تجريده من الشرعية الدولية , يضاف إليها حزمة العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية , واللغة التحذيرية من مجلس حقوق الإنسان الدولي , ممثلاً بالمحكمة الجنائية الدولية التي تتحفز لإصدار أحكامها في أي لحظة .

ولعل أهم ورقة فقدها نظام الأسد, هي الورقة الداخلية التي تتمثل هنا بما يسمى "بالشرعية الشعبية أو الوطنية" , وفقدانه لهذه الورقة , تجلى بالغضب الجماهيري الذي عم المدن والبلدات والقرى , وبقتله المتعمد للمتظاهرين العزل وإجهازه على الجرحى في الشوارع والمستشفيات .

إن فقدان نظام الأسد لتلك الشرعية الزائفة, المبنية على البطش والغطرسة وخداع الشعب وإرعابه , سيعني في نهاية الأمر , سقوط آخر أوراقه المخضبة بدماء الأحرار .

• الكاتب:-ثائر الناشف - ناشط سياسي سوري


نصر الله المصري ونصر الله السوري !

مفكرة الإسلام 22 من جمادى الآخرة 1432هـ / 25 من مايو 2011م

العدل قيمة مطلقة، لا تعرف النسبية أبدا، فهي لا تقبل التجزئة أو التفرقة، ولا تعرف محاباة ولا تلونا، بل لا تعرف دينا ولا طائفة، عَلَّمَنَا ذلك المولى جل وعلا عندما قال لنا ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [ المائدة: 8 ]، بل إن الله عز وجل قد أنزل عدة آيات من سورة النساء على رسوله الكريم لتبرئة يهودي من أهل المدينة اتهم ظلما بالسرقة، وقد همّ الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبرئ ساحة الجاني الحقيقي من التهمة، ظنا منه أنه برئ، فتدخلت العدالة الإلهية لإحقاق الحق وإقامة العدل، وفضح الجاني، وتبرئة المظلوم، ولو كان هذا المظلوم هو أشد الناس عداوة للذين آمنوا.

وهذا الكلام نهديه إلى الذين يتاجرون بقضايا الأمة، ويعبثون بعواطف شعوبها، ويوالون ويعادون على مصالحهم الخاصة وأجندتهم الطائفية، فيجعلون من العدل قيمة نسبية، تمنح تارة وتمنع أخرى، فيتكلمون عندما يطيب لمصالحهم الكلام، ويصمتون صمت القبور عندما تتقاطع المصالح، وتتضارب المسارات، بمنتهى الاختصار هذا الكلام موجه إلى سيد المقاومة وزعيم الممانعة كما يحلو لأتباعه أن يسمونه؛ إلى حسن نصر الله زعيم حزب الله الشيعي.

نصر الله وربيع الثورات العربية

ـ "يا شباب مصر الأحباء إننا نرى في وجوه شهدائكم وجوه شهدائنا، ونسمع في أنين جرحاكم أنين جرحانا، ونشهد في صمودكم في الساحات صمود الأبطال المقاومين في لبنان وفلسطين في مواجهة كل الحروب والتهديدات والأخطار، يا إخواننا وأخواتنا يا شباب مصر الغالي من بعيد من بيروت ماذا يمكن أن نقول لكم: يا ليتنا نستطيع أن نكون معكم في ميدان التحرير، وأنا واحد من هؤلاء المحتشدين يشهد الله أنني أتلهف لو أستطيع أن أكون معكم لأقدم دمي وروحي كأي شاب في مصر من أجل هذه الأهداف الشريفة والنبيلة "

بهذه العبارات الحماسية العاطفية الجياشة، ختم حسن نصر الله خطابه المتلفز -كما هي عادته منذ فترة- في المؤتمر الذي عقد بالضاحية الجنوبية في 7 فبراير الماضي لتأييد الثورة المصرية، وهو الخطاب الذي مارس فيه حسن نصر الله دوره الذي يتقنه ويبرع فيه بشدة، ألا وهو دور المناضل الشريف الذي يقف بجوار ثورات المظلومين والمقهورين في كل بقاع الدنيا، ولكنه نضال بالأوهام، وجهاد بمعسول الكلام، فعله من قبل مع أهل غزة في العدوان الصهيوني عليهم في أواخر 2008، حيث تاجر بدماء الشهداء، وأطلق تهديدات جوفاء، وأرعد وأزبد، ولم يلق حجرا واحدا على ظهر إسرائيل المكشوف وهي مشغولة بكل قواتها الجوية والبرية في حرب غزة.

ـ نصر الله بدا منذ بداية ربيع الثورات العربية منفعلا مسرورا متفائلا بتهيئة الأجواء في المنطقة لمشروعه الثوري الإيراني كما صرح بذلك في مناسبات عديدة من قبل، لذلك كان حريصا كل الحرص على الدعم اللفظي للثورة المصرية والتونسية، خاصة وأن العديد من الأفراد المنتمين إلى حزبه والذين كانوا مسجونين في السجون المصرية على خلفية قضية خلية حزب الله في مصر منذ عامين وزيادة، قد استطاعوا أن يفروا من السجون في بداية الثورة، والعودة إلى لبنان، مما دفع نصر الله للقول بأن ما يحدث في مصر هو مقدمة لثورة إسلامية على الطراز الإيراني، وحاول جاهدا أن يركب ثورة التحرير، وأن يكون له فيها قدم وحضور مثلما حدث مع الشيخ القرضاوي، فكال المديح وأعلن الدعم والمباركة، وحشد أتباعه ومؤيدوه في مؤتمرات متتالية لإعلان التأييد لربيع الثورات العربية.

- ومع تنامي حمى الثورات في المنطقة شعر القائمون على المشروع الصفوي في العالم الإسلامي والعربي أن الفرصة مواتية للوثوب على البحرين واقتطاعها من جسد الأمة العربية والإسلامية، وتحقيق نبوءة الدعي "الخميني" بضم البحرين لمملكة الفرس الجديدة، ومن ثم انفجرت الأوضاع الهشة والمأزومة في نفس الوقت، في بلاد البحرين، وأبدت العديد من الشرائح الشيعية في البحرين تأييدها صراحة للطمع الإيراني في البحرين، واضطربت الأوضاع بشدة في البحرين مما استدعى دخول قوات درع الجزيرة التي نجحت بفضل الله وحده في إفساد المؤامرة الصفوية على أرض البحرين.

نصر الله تحول في البحرين من داعم للثورات العربية ومؤيد لها معنويا إلي خصم وعدو أيدلوجي وسياسي للحكومة البحرينية، فقد انتقد نصر الله الحكومة البحرينية ومجلس التعاون الخليجي بشدة على إرسال قوات درع الجزيرة لقمع ثورة البحرينيين، وذلك في مؤتمر عقده بالضاحية الجنوبية في 19 مارس الماضي، ووجه خلاله عبارات قاسية تصل لحد السب والقذف في حق آل خليفة حكام البحرين، واتهمهم بظلم شيعة البحرين وتعذيبهم، ولم يبال نصر الله بما أقدمت عليه الحكومة البحرينية بمنع إعطاء تأشيرات للبنانيين خوفا من تسلل عناصر حزبه المشئوم إلى البحرين ومساعدة الثوار، مما كبد لبنان هذا البلد الهش الضعيف خسائر ضخمة من أجل أن يبدو نصر الله في صورة نصير المظلومين وملهم الثائرين.

نصر الله والثورة السورية

- استمر نصر الله في ركوب موجة الثورات العربية وقد حمت وتيرة تأييده للثورات العربية على الأنظمة الاستبدادية، وقد بلغ أوج نشاطه الثوري وجهاده الحنجوري، من خلال إطلالاته المتتالية من جحره الخفي بالضاحية الجنوبية، وخطاباته التليفزيونية الملتهبة، حتى وقع ما لم يكن في حسبانه، ولا في حسبان أسياده في دمشق، واندلعت الثورة السورية، وخرجت جموع السوريين في شتى أرجاء الوطن السوري الكبير هاتفة بالحرية والقضاء على الظلم والفساد والاستبداد، وقابل النظام السوري الثوار بكل وحشية وبدلا من العصي وخراطيم المياه، انطلقت رصاصات الغدر والطغيان في صدور العزل والأبرياء، وسقط أكثر من ألف شهيد من أحرار سوريا من الرجال والنساء والأطفال.

- نصر الله الذي لعلع في مصر وليبيا واليمن والبحرين، تحول إلى نصر الله الصامت الذي لا يري ولا يسمع ولا يتكلم، وأصيبت الحنجرة الْجَهْوَرِيَّة بالخرس التام، وتحول المناضل الثوري، ومشروع الشهيد وحامل هموم الأمة -كما يصف نفسه- إلى شيطان أخرس لا يجرؤ على الكلام عن الثورة السورية من قريب أو بعيد، والرجل الذي شجع الشعب العربي على الثورة ضد زعمائه الفاسدين وتمنى له النجاح، الذي فرح جدًّا عندما انصرف عدوه وعدونا أيضًا "حسني مبارك" الزعيم الذي تجرأ على اعتقال نشطاء حزب الله من منصبه، أو عندما بدأت المظاهرات ضد "القذافي"المشبوه الرئيسي في اختفاء موسى الصدر "مؤسس النهضة الشيعية في لبنان ومحي آمالهم" في ليبيا في العام 1978 طالب بإسقاطه، يقضي على نفسه بالصمت عندما يبدأ اللهيب بالوصول إلى قصر بشار الأسد، فنصر الله الذي نجح في إحداث ثورة سياسية بامتياز داخل لبنان، قد اختار الانحياز إلى صف الطغاة وتعديل مؤشر العدالة والحرية ناحية القصر الرئاسي بدمشق وذلك لأسباب كثيرة، وهي بالمناسبة أبعد ما تكون عن خندق الممانعة والمقاومة والتصدي للهيمنة المزعومة للأمريكان والصهاينة في المنطقة.

- فنصر الله يعلم جيدًا أن سوريا الأسد تضمن له الكثير من الدعم والإسناد في منطقة مليئة بالأعداء والخصوم والرافضين لمنهج وعقيدة وحركية الحزب المثير للجدل، فالأسد ليس فقط أخ الطائفة، وقرين العقيدة لنصر الله وحزبه، ولكنه أيضا الحليف السياسي والاقتصادي والاستراتيجي لحزب الله، وحبال الأسد السرية تمد جسد الحزب وأمينه -غير الأمين- بما يلزمه من مقومات البقاء والمعاندة والمراغمة لقوى الأغلبية السنية الساحقة في المنطقة، فالسلاح الإيراني يتدفق إلى الحزب الثوري! عبر موانئ سوريا، وكذلك الأموال الطائلة والكوادر التدريبية والكفاءات القتالية وأحدث الأنظمة في التثوير والتحريض والانقلاب، وغيرها من المساعدات التي تبقي هذا الحزب الثوري رقمًا عَصِيًّا على الساحة الإقليمية يصعب تجاهله أو تجاوزه.

- نصر الله يعلم جيدًا أن المسألة أبعد من كونها مصلحة طائفية أو قرابة علوية، فنصر الله بدون الأسد، يجد نفسه محصورًا في قطعية جغرافية، بعيدًا عن أسياده في إيران، نصر الله بدون الأسد، وحيدًا في لبنان بلا دعم سياسي ولا اقتصادي ولا عسكري، نصر الله بدون الأسد لن يغادر جحره في الضاحية ولن يطل على إطلالاته المتتالية في كل مناسبة على شاشات التلفاز، ليلقي مواعظه التي سأمها الجميع، ويمارس دجله السياسي والثوري الذي انكشف عند أول اختبار حقيقي لصدق قنابله الإعلامية!

ــ والعجيب أن بقدر ما يحتاج نصر الله الأسد، يحتاج الأسد نصر الله، وعلى نحو مفعم بالمفارقة، فإن الخطر المحدق بحزب الله من سقوط الأسد هو أيضًا السور الواقي للرئيس السوري، فلقد أثبتت الأيام أن دور حزب الله في الثورة السورية لهو أخس وأحقر الأدوار التي لعبها هذا الحزب الشائن وأمينه الماجن، فلقد كشف المعارض مأمون الحمصي أن كوادر من حزب الله الشيعي اللبناني قد اشتركت مع الشبيحة الموالين لماهر الأسد في مجزرة حمص في 19 إبريل الماضي وهي المجزرة التي أوقعت ثلاثين فتيلا ومئات الجرحى، وقد وقع في أسر الثوار العديد من مقاتلي حزب الله، مما كشف عن الدور الخبيث الذي يلعبه نصر الله على أرض سوريا دفاعا عن بني دينه الأسد.

- ولقد كشف الشعب السوري حقيقة العميل الإيراني صاحب الألعاب النارية لمسرحية ما بعد حيفا، وحسن نصر الله بالرغم من أن جرائمه وطائفيته المقيتة قد كشفته وكشفت تهريجه وعمالته منذ أن شرع في أبناء وطنه اللبنانيين في يوم وصفه باليوم المجيد في حياة لبنان -8 مايو 2009- وشرع في تصفية أبناء السنة في العراق ومساعدة ميليشيات الموت هناك، وتدريب رافضة القطيف كذلك على حمل السلاح وتدريب رافضة البحرين على التخريب والتفجير، إلا أن جرائمه مع الشعب السوري قد كشفته وفضحت طائفيته وخيانته لقضايا وهموم الأمة.

ولأول مرة تخرج الجماهير العريضة بمئات الألوف في بلد عربي، وهو حمص في يوم الجمعة الماضية 20مايو وهي تهتف هادرة "يا الله يا الله تلعن حسن نصر الله" وهذه الانتفاضة والاستيقاظ من جانب السوريين الذين كانوا أكثر الشعوب العربية تعاطفًا مع نصر الله وحزبه من جراء دعاية النظام البعثي وأبواق الأسد، لهي أكبر دليل على انهيار هذا الصنم الذي ظل لفترة طويلة يخادع الجماهير ويعبث بعواطفهم ويلهب حماسهم، فقد انكشف الغطاء وبرح الخفاء وأصبح السر علانية، ولكن الذي أنا متأكد منه أن نصر الله الذي يجيد تغيير بوصلة ولاءاته جيدًا، ربما يخرج علينا غدًا أو بعد غدٍ ليعلن انضمامه وتأييده لثورة الأحرار في سوريا، ولا عجب في ذلك فنصر الله هو التجسيد الحقيقي الكامل لعقائد طائفة لا ترى أي وزن للقيم والمبادئ والمثل والأخلاق في سبيل تحقيق المصلحة ولا شيء عنده يرجح فوق المصلحة.

الكاتب :- شريف عبد العزيز



الأربعاء، 25 مايو 2011

الموازنة Budget

يقال إن قدماء المصريين هم أول من استخدم وطبق الموازنة العامة في تقدير نفقات المشروعات والعمليات الحربية ومصادر تمويل النفقات ، ونستدل على ذلك ما ذكر في القران الكريم عن سيدنا يوسف عليه السلام الذي قام بمهام وواجبات المدير المالي وكذا المحاسب الأول حيث قام بتقدير احتياجات الدولة من القمح لمدة أربعة عشر عاماً مع تنظيم استهلاكه وتخزينه حتى أمكن التغلب على المجاعة التي تعرضت لها مصر في ذلك الوقت .


قال الله تبارك وتعالى : (  يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي ارجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه تعصرون ) صدق الله العظيم -سورة  يوسف 45-49 

 أما الموازنات في وضعها الحالي فقد تم وضع القواعد العلمية لها في إنجلترا حيث نشأت نتيجة للصراع القديم بين البرلمان والملك حول محاولة فرض رقابة على المخصصات الملكية وقد قضى الميثاق الأعظم عام 1215 م بعد فرض أي ضرائب في المملكة بدون موافقة مجلس العموم وبعد ثورة 1688م أكد البرلمان في المصادقة على مصروفات الدولة بصورة إجمالية وتخصيص المبالغ التي تتفق في الأغراض الخاصة كما نصت وثيقة الحقوق في بريطانيا الصادرة ف 1689م على ضرورة موافقة البرلمان على فرض أية ضريبة وحق اعتماد نفقات الملك مقدماً ، وفي أوائل القرن التاسع عشر تطورت سلطة البرلمان البريطاني وأصبح له حق المصادقة على مصروفات وإيرادات الدولة تفصيلاً .

وقد ظهرت الموازنة بشكلها الواضح في فرنسا على إثر الثورة الفرنسية وصدور قرارات الجمعية الوطنية التأسيسية في سنة 1789م وإعلانها وثيقة حقوق الإنسان التي أكدت على حق الشعب مباشرة أو بواسطة ممثليه في الموافقة على فرض الضرائب ثم تلى ذلك دستور 1791م الذي أعطى المجلس التشريعي حق التحديد المسبق للنفقات العامة ثم تلى فرنسا في تطبيق فكرة الموازنة العامة للدولة روسيا سنة 1863م ، وبعد ذلك وبالتحديد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بدأت الكثير من الدول الإستفادة من التجربة الإنجليزية والفرنسية كمظهر من مظاهر الديمقراطية فقد بدأت أولى هذه المحاولات في الولايات المتحدة الأمريكية بصدور قانون الموازنة والمحاسبة سنة 1921 م أما على النطاق العربي فقد كانت مصر هي أول دولة تطبق نظام الموازنة العامة عام 1880 م لضمان سداد اقساط الدين الأجنبي وفوائده وكانت البداية الحقيقية لنظام الموازنة العامة في مصر عام 1923 م بإشتمال أول دستور على مواد شملت إيرادات الدولة ومصروفاتها وكيفية إقرار الموازنة العامة ومواعيد تقديمها إلى البرلمان وتحديد السنة المالية لها .


ثم تلي مصر في تطبيق نظام الموازنة العامة للدولة سوريا عام 19323 م عندما حدد قانون المحاسبة العامة الصادر في ذلك العام أسس تقدير الإيرادات والمصروفات ، ثم تطبيق الأردن نظام الموازنة العامة العامة لها 1952 م وتلتها السعودية عام 1954 ثم المغرب 1958 ثم الكويت 1960 ثم البحرين عام 1970 بشكل غير منظم وفي عام 1975 بشكلها المنظم وفي الإمارات عام 1973 م ، وفي اليمن ظهرت الموازنة العامة للدولة عام 1973 م بظهور أول تجربة تخطيطية لها تمثل في البرنامج الإنمائي الثلاثي للسنوات من عام 73 الى 1976 م .

وهنا وقبل أن أتطرق إلى تعريف الموازنة كان لا بد أن أشير إلى أن الموازنة العامة للدولة تمثل الأساس في نشوء فكرة الموازنات التخطيطية في المشروعات التجارية وذلك لأن النجاح الذي صادق تطبيق الموازنة في القطاع الحكومي شجع على إدخال تلك الأداة في قطاع المشروعات التجارية ، وبالتالي فإن أي تطور كان يحدث في الموازنة كان يؤثر بشكل فعال على تطور الموازنات التخطيطية في المشروعات الإقتصادية إلى أن أصبح إعداد وتنفيذ الموازنات التخطيطية في المشروعات الاقتصادية المختلفة حالياً من ضروريات الرقابة وتقييم الأداء والطابع السائد لإدارة الأعمال الخاصة .
سأقوم بمحاولة التعرف على مراحل تطور الموازنة العامة للدولة من حيث التطبيق وبالتالي قد تقودنا هذه المراحل الى تعريف قد يكون شامل وكامل للموازنة .

مراحل تطور الموازنة العامة للدولة 

المرحلة الأولى 

كانت تعد الموازنة في هذه المرحلة على شكل جداول تمثل اعتمادات للنفقات العامة مقابل جداول تمثل الإيرادات العامة اللازمة لتمويل تلك النفقات على أساس التقسيم الإداري في الدولة وكان يطلق على الموازنة المعتمدة الموازنة الإدارية ولكنها بعد أن أخذت بمبدا توزيع النفقات على أساس أغراض الصرف على السلع والخدمات التي تحتاجها وتنفذها الإدارات الحكومية أطلق عليها موازنة  البنود ، كما أطلق عليها في تلك المرحلة الموازنة الرقابية لأنها كانت تهدف إلى فرض رقابة مركزية على الإنفاق العام ومحاولة التغلب على عيوب الإدارة الحكومية ومنع الاختلاسات المالية والصرف بغير وجه حق وذلك ما يحقق الهدف من تطبيق نظام الموازنة في كونها وسيلة وقاية ورقابة ولا بد لتحقيق ذلك تبوب الإيرادات العامة والمصروفات العامة بشكل يمكن من الرقابة عليها ومحاسبة المسئولين عن تنفيذها .

المرحلة الثانية

في هذه المرحلة تحول الاهتمام الأساسي للموازنة العامة من فرض الرقابة إلى خدمة الإدارة الحكومية والسيطرة على فعاليات الإدارة الحكومية لتحقيق وفورات نقدية حقيقية وتحقيق أفضل استخدام ممكن للموارد المتاحة مما ترتب عليه ظهور موازنة الإدارة وموازنة البنود في شكل موازنة برامج وأداء وكان الهدف من ذلك هو تطوير الخدمة الحكومية ورفع كفاؤتها عن طريق إيجاد وسيلة لقياس الأعمال المنجزة وأطلق على الموازنة في هذه المرحلة موازنة البرامج والداء والتي تعتبر الموازنة بأنها خطة توضح الأهداف المحددة للوحدات معبراً عنها في شكل برامج ومشروعات محددة ، فطبقاً للبرامج يتم تبويب الموازنة طبقاً للوظائف الأساسية ثم تحديد البرامج تحت كل وظيفة ويقصد بالأداء التركيز على ما تم تحقيقه وليس على الوسائل المستخدمه فهو يعتمد على الماضي وعلى ماتم تسجيله فعلاً وذلك عند إعداد تقديرات الموازنة بحيث يتقرر البرنامج أولاً وبذلك يتحدد الإطار الذي يمكن من خلاله قياس الأداء .

المرحلة الثالثة 

وفي هذه المرحلة تطور اهتمام الموازنة العامة من فرض الرقابة وخدمة الإدارة إلى خدمة العملية التخطيطية من خلال النظر إلى الموازنة باعتبارها أداة فعالة في التأثير على الإقتصاد القومي بحيث أصبح الإهتمام على محاولة الربط بين السياسة المالية والاقتصادية للحكومة بخطة اقتصادية محددة عن طريق مجموعة من البرامج والأنشطة بهدف تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية للحكومة بحيث أصبحت الموازنات وسيلة لاتخاذ القرارات المرتبطة بالمفاضلة بين البرامج البديلة للوصول إلى الأهداف ، فهي تقدم البيانات الخاصة بالتكلفة والعائد بالنسبة للأساليب أو البرامج البديلة ووسائل قياس المنتج النهائي واتخاذ القرار المناسب على ضوء ذلك حتى يتم توزيع الموارد المحددة على الاستخدامات المتعددة وبذلك تحولت الموازنة الى نظام متكامل أطلق عليه نظام موازنة التخطيط والبرمجة وكما هو معروف من أن التخطيط يستلزم وجود الرقابة لذا فإن هذا النوع من الموازنات قد عالج وظائف الموازنة المتمثلة في التخطيط والإدارة والرقابة على أنها وظائف مكملة وليست متنافسة .
المرحلة الرابعة 
وقد ظهرت هذه المرحلة من مراحل الموازنة بغرض تحسين استخدام المحاسبة في مجال التخطيط وتخصيص الموارد ، لذا ظهرت إلى الوجود الموازنة التخطيطية ذات الأساس الصفري أو الموازنة الصفرية والتي بدأ تطبيقها في ولاية جورجيا الأمريكية عام 1973 م وإعتماداً على هذه الموازنات فإن التقديرات المالية للأنشطة يجب أن تبدأ من الصفر بحيث ينظر إلى كافة البرامج والمشروعات الجديد منها والقديم على أنها جديدة وعلى افتراض أنها تبدأ من نقطة الصفر وبذلك يمكن تقويم مدخلات ومخرجات النشاط مع إعطائه ترتيب أولوية التنفيذ على ضوء درجة الإلحاح في تنفيذ النشاط بالنسبة للأنشطة الأخرى .


المفاهيم المختلفة للموازنة العامة للدولة 
الموازنة بصفة عامة هي الأسلوب الذي يتم بموجبه تقدير نتائج كل الصفقات والمعاملات الاقتصادية التي تتم ضمن اطار نشاط معين في فترة زمنية محددة فمثلاً يعرف القانون اليمني الموازنة العامة للدولة بأنها موجز المعاملات المالية المفردة التي تقوم الحكومة بواسطتها بتحصيل أو بإنفاق نقود وتنظم هذه المعاملات في فئات ملائمة لأغراض التحليل والرقابة والتخطيط ووضع السياسة المالية العامة .
لقد كان يستخدم للموازنة مصطلح الميزانية التقديرية للمشروعات ومصطلح الموازنة العامة للدولة ، ولكن الإتجاه الحديث خاصة بعد التوحيد المحاسبي لبعض الأنظمة المحاسبية في بعض الدول العربية حل مصطلح الموازنة بدلاً من الميزانية فيطلق على موازنة المشروعات مصطلح الموازنة التخطيطية ويطلق على موازنة الدولة الموازنة العامة للدولة وبذلك تم استبدال مصطلح الميزانية بمصطلح الموازنة وتبرير ذلك أن استخدام لقظ الموازنة بدلاً عن الميزانية يؤدي إلى إزالة اللبس والغموض في استخدام مصطلح الميزانية حيث يقصد بذلك الخطة المالية في فترة زمنية قادمة وليس المركز المالي الذي يتضمن الموجودات والمطلوبات في تاريخ معين ولذلك كان الإتجاه نحو استخدام مصطلح الموازنة بدلاً من مصطلح الميزانية وقد أكد ذلك الاتجاه في المؤتمر العربي السادس للعلوم الإدارية الذي عقد بمقر الجامعة العربية بالقاهرة في سبتمبر 1972 م .
ويعتبر الرأي المنادي باستخدام مصطلح الموازنة التخطيطية ليحل محل اصطلاح الميزانية التقديرية هو الرأي الأصوب لأن استخدام كلمة الموازنة تعني أن عملية التوازن ليست أساساً متحققاً كما هو الحال في الميزانية الناتجة عن إثبات العمليات المالية على أساس نظرية القيد المزدوج ولكن لا بد من تدخل مباشر لإجراء عملية التوازن ولا تتم إلا لعمليات غير محددة على وجه الدقة وهي بذلك عمليات متوقعة وقد أصبحت هذه العمليات أمراً واقعاً لا بد من إثباتها محاسبياً للوصول في النهاية إلى المركز المالي الفعلي للنشاط والذي تظهره الميزانية العمومية وبذلك يدل التوازن في الميزانية على أنها متوازنة بنفسها دون تدخل وهذا التفسير يؤكد على أن مصطلح الموازنة هو المصطلح المناسب لاستخدامه في التعبير عن التقديرات التي تتم لفترة قادمة ولانه يشير بوضوح إلى كون تلك التقديرات أداة للتخطيط الذي يترتب عليه تلقائياً أنها أيضاً أنها أداة الرقابة لأن التخطيط يستلزم بالضرورة أن تقترن به عملية الرقابة ، فالتخطيط أسلوب غير مقصود لذاته وإنما يستخدم لوضع نمط أو معيار للمقارنة حتى يمكن متابعة التنفيذ وتقييم الأداء على أساس هذه الخطة المعدة سلفاً، وعموماً هناك سبعة مفاهيم رئيسية للموازنة وهي :
1- المفهوم المحاسبي للموازنة 
هو المفهوم الذي ينظر إلى الموازنة على أنها جداول لأرقام حسابية تشمل الاعتمادات المخصصة والمتوقع إنفاقها والإيرادات المتوقع الحصول عليها خلال فترة فعلية غالباً ما نكون سنة ويعتبر هذا المفهوم من أقدم مفاهيم الموازنة فقد رافق الموازنة منذ إنشائها وحتى الأن ، وطبقاً لهذا المفهوم لا بد أن تقديرات الموازنة لنشاط معين شاملة لجميع المعاملات الذي يكون ذلك النشاط طرفاً منه سواء كانت معاملات خاصة بتحقيق الدخل أو الإيراد أو كانت المعاملات تتعلق بكيفية التصرف بذلك الدخل أو الإيراد للوصول إلى بيان متوازن لتلك العمليات سواء على مستوى موازنة الأسرة أو موازنة المشروع أو موازنة الدولة .
وقد تبنى المحاسبون المفهوم المحاسبي للموازنة العامة للدولة ولذلك نشأ الارتباط الوثيق بين النظام المحاسبي الحكومي والموازنة العامة للدولة من حيث ضرورة تحليل تبويبات وجداول الموازنة التي تشير إلى الاعتمادات المخصصة للإنفاق والتحصيل طبقاً للهيكل المحاسبي الحكومي بحيث يعامل كل اعتماد مخصص في الموازنة ( الباب - الفصل - البند - النوع ) حساب مستقل في النظام المحاسبي الحكومي وكذلك بالنسبة للإيرادات المقدرة بحيث تسجل في الدفاتر الحكومية وفقاً لتوزيعها السنوي المقرر في الموازنة ، ووفقاً لهذا المفهوم تعتبر الموازنة خطة مالةي ومحاسبية كما أنها تصبح عنصراً أساسياً من عناصر علم المحاسبة والنظام المحاسبي وهو ما سارت عليه معظم تشريعات الأنظمة المحاسبية في كثير من الدول حيث تضمنت القواعد والأحكام المتعلقة بالإعداد والتنفيذ والمتابعة والرقابة والتقييم وأوكلت كل ذلك إلى الأجهزة المركزية للحسابات الحكومية وإدارات الحسابات في الوزارات والمصالح الحكومية .

2- المفهوم الرقابي للموازنة 
الرقابة عموماً هي الارتباط بهدف معين والتحقق من تنفيذ ذلك الهدف بأحسن الوسائل ، من ذلك يمكن تحديد المفهوم الرقابي للموازنة العامة للدولة بأن الموازنة هي مجرد أداة للرقابة المركزية على الإنفاق العام ولذلك فإن التصنيف التفصيلي لأوجه الانفاق هو المدخل الأساسي للرقابة وطبقاً لهذا المفهوم تبوب النفقات العامة على اساس الوحدات المتضمنة أوجه النشاط أو الخدمات والأغراض المختلفة ويتم تقدير النفقات والإيرادات طبقاً لذلك ولا بد من تحقيق تلك التقديرات عند تنفيذ الموازنة والإبلاغ عن الإنحرافات السالبة ، كما يهتم هذا المفهوم بالحدود التي تفرض على إنفاق الأجهزة الحكومية وإجراءات التبليغ التي تستخدم للرقابة على صحة الإنفاق من مال الدولة ولا يهتم هذا المفهوم بالتخطيط وإعداد البرامج كأساس يحكم هيكل الموازنة العاة للدولة .

3- المفهوم الإداري للموازنة 
يستند هذا المفهوم على اساس أن الموازنة العامة للدولة هي وسيلة لتحقيق الأداء الفعال للأعمال ولأوجه النشاط المحدده وهو بذلك يركز على الدور الذي تلعبه الموازنة في قياس الأداء وطرق هذا القياس والتقارير الخاصة ببيانات أداء العمل بحيث يساعد الموازنة على توجيه وتطوير وتنظيم الإدارة الحكومية ، وبتبني هذا المفهوم للموازنة يوكل مسئولية إعداد الموازنة ومراقبة تنفيذها إلى الجهاز الإداري المرتبط مباشرة بالرئيس التنفيذي على اعتبار ان هذا الجهاز الإداري يمثل الجهة الاستشارية للرئيس لذلك يتطلب هذا المفهوم تدعيم الموازنة العامة بخبراء في مجال الإدارة العامة دون الإعتماد كلياً على المحاسبين والمراجعين كما هو الحال في كل من المفهوم المحاسبي والرقابي للموازنة وقد ساعد هذا المفهوم على تطوير نظام الموازنة وتطور استخدامها بحيث أصبحت تستخدم كأداة للسيطرة التنفيذية على فعاليات الإدارات الحكومية المتكاثرة والتي ينتج عنها ظهور موازنة البرامج والأداء، ولكن هذا المفهوم لا يعطي الاهتمام الكافي للتخطيط ووضع البرامج عند إعداد الموازنة العامة للدولة وطبقاً لهذا المفهوم تصنف الموازنة بمايساير المفهوم الإداري لها بحيث يتم التصنيف طبقاً للمهام أو الوظائف والأنشطة والمشروعات وبذلك تدخل الموازنة في نطاق دراسة الإدارة العامة .


4 - المفهوم التخطيطي للموازنة 
أثر تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ورغبتها في إيجاد توازن حقيقي للإقتصاد القومي على مفهوم الموازنة وطبقاً لهذا المفهوم أصبح ينظر إلى الموازنة العامة على أنها أداة اساسية للتخطيط تركز على ما سيكون لا على ما تم فعلاً وأصبح الربط بين التقديرات وبين تحقيق الأهداف المخططة ومن ثم أصبحت مهمة جهاز الموازنة في إطار هذا المفهوم هو التحليل وليس مجرد الفحص وأصبحت جهود هذا الجهاز تتركز في مرحلة ما قبل الإعداد وهي مرحلة تحديد السياسات العامة ، ولا يلغي هذا المفهوم الدور الرقابي لأن التخطيط يستلزم أن تقترن به عملية رقابة ولأن التخطيط لا يحقق أهدافه إلا بوجود الرقابة وبذلك المفهوم التخطيطي للموازنة بأن التخطيط والإدارة والرقابة هي عناصر تكمل بعضها البعض في نظام الموازنة العامة ولأن هذا النظام مهما كان أولياً فإنه أعد من أجل أن يحقق أغراضاً ثلاثة هي التخطيط والإدارة والرقابة ولا يمكن الفصل بين هذه الأغراض لنظام الموازنة واختلاف مفهوم الموازنة من مفهوم إلى أخر هو بسبب سيطرة غرض على غرض اخر لنظام الموازنة .
5- المفهوم الاقتصادي للموازنة 
بعد أن تحولت السياسة المالية من مجرد الاهتمام بالنفقات العامة والإيرادات العامة إلى التدخل المباشر في النشاط الاقتصادي من أجل إنعاش الاقتصاد القومي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي أصبح هناك مفهوم أخر للموازنة وهو المفهوم الاقتصادي بحيث أصبحت الموازنة وسيلة لمحاربة التضخم أو الكساد الاقتصادي ووسيلة لتوازن التقلبات الاقتصادية وداعمة للتنمية القومية والتخطيط القومي وبذلك أصبحت أحد فروع دراسات تخطيط الاقتصاد القومي .
6 - المفهوم السياسي للموازنة 
لما كانت الموازنة العامة للدولة تشمل جميع أنشطة الدولة السياسية والمالية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية ولكي يتحقق للموازنة النجاح فلا بد أن يشارك كل أصحاب العلاقة في إعدادها بالإضافة إلى أن المشاركة في ذلك يحقق ديمقراطية الدولة الأمر الذي يساعد على تقبل الموازنة وزيادة التعاون بين المستويات المختلفة في الجهاز الإداري للدولة من حيث التنفيذ ، وطبقاً لهذا المفهوم يمر إعداد الموازنة منذ بدايتها وحتى إحالتها إلى السلطة التشريعية بخطوات مختلفة يطبعها العمل السياسي الجماعي على مستوى كل وزارة أو مصلحة حكومية ثم يلي ذلك دور وزارة المالية في التنسيق بين مشروعات الموازنات المختلفة لإعداد المشروع النهائي المتكامل للموازنة وعرضه على مجلس الوزارة الذي يقوم بدراستها على ضوء السياسة العامة للموازنة واتجاهاتها والمحددة سلفاً ثم تعرض بعد ذلك على السلطة التشريعية للموافقة عليها .


7- المفهوم القانوني للموازنة 
يرى فقهاء القانون أن الموازنة العامة للدولة هي قانون لأنها تمر بنفس الإجراءات التي يمر بها اي قانون أخر بالإضافة إلى إشتمالها على أحكام قانونية تنظم مالية الدولة وما تشمله من نفقات وإيرادات لا يمكن الخروج عنها فلا يمكن مثلاً زيادة حصيلة الدولة برفع نسب ومبالغ الضرائب والرسوم بخلاف ما هو محدد قانوناً إلا بعد الحصول على موافقة السلطة التشريعية وما يؤكد أن الموازنة هي قانون بحسب رأيهم اشتمال معظم الدساتير والتشريعات على أسلوب إعداد مشروع الموازنة وكيفية إقرارها ومن هنا نشأ المفهوم القانوني للموازنة العامة للدولة وأصبحت جزء من الدراسات القانونية .


تطرقت إلى الخلفية التارخية للموازنة وكيف أن سيدنا يوسف عليه السلام كان أول من طبق الموازنة وقام بتقدير النفقات وهذا يظهر جلياً في سورة يوسف حسب سرد القرأن الكريم لقصته في مصر ، كذلك تطرقت إلى المراحل التي أدت إلى تطور الموازنة بشكلها الحالي أضف إلى ذلك المفاهيم السبعة والتي تعرف الموازنة بحسب طبيعة تلك المفاهيم .



تختلف الموازنة العامة للدولة عن الموازنات التخطيطية لأي مشروع تجاري في أن الموازنات التخطيطية للدولة تبني أساساً على تقدير نفقات الدولة أولاً ثم تحديد تحدد بعد ذلك إيراداتها بالقدر الذي يغطي تلك النفقات أما المشروع التجاري فإنه يعد أولاً الموازنة التخطيطية للإيرادات المتوقعة على ضوء ما تسفر عنه دراسة السوق ومحاولة ضغط التكاليف للوصول إلى أكبر ربحية بأقل تكاليف ممكنة وهو بذلك يسعى للبحث عن الأنشطة الأكثر ربحية عن غيرها وبعكس موازنة الدولة التي لا تهدف إلى تحقيق ربح أو فائض إلا إذا كان ذلك يحقق بعض الأهداف الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو قد تقوم الدولة بضغط النفقات ومحاولة ترشيدها وتخفيف العب ء الضريبي المفروض على المواطنين .

ويكون هدف الربحية في المشروعات التجارية والذي يمثل الفرق بين ما حققته المشروعات من إيرادات وما تكبدته من تكاليف لتحقيق ذلك الإيراد هو المؤشر الذي يحدد مدى الثقة في كفاءة الإدارة العاملة في ذلك المشروع عن طريق ما يعطيه نظام الرقابة بالموازنات التخطيطية من تنبيه مستمر في مدى تحقيق الأرباح باعتباره الهدف الأساسي لأي نشاط تجاري ولما كانت تقديرات المشروع التجاري للإيرادات المتوقعة للنشاط الذي يؤديه مبنياً في كثير من الأحيان على التنبؤ الذي قد يؤثر عليه عوامل خارجه عن سيطرة المشروع مما يفقد معه المشروع سيطرته على إيراداته لذا فإنه لتحقيق الهدف التجاري في المشروعات التجارية تسعى تلك المشروعات إلى الرقابة على التكاليف عن طريق الموازنات التخطيطية لتحقيق أكبر عائد ممكن ،لأن عنصر التكاليف في الغالب يخضع لتحكم المشروعات التجارية في حين لا تسعى الموازنات التخطيطية للدولة لتحقيق أي عائد لأنها اعدت أساساً لهدف تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق أهداف الدولة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولأن الدولة هي المسئولة عن تحقيق مستوى رفيع من الخدمة للمواطن في المجالات المختلفة بل قد تعمد الدولة في بعض الأحيان إلى إحداث عجز في الموازنة وصولاً لتحقيق هدف ما .

من كل ما سبق نخلص إلى أن الموازنة العامة يمكن أن تعرف بأنها خطة مالية تحدد بنود الاتفاق الحكومي لسنة مالية قادمة في ضوء توقعات الدولة لأوجه الإنفاق التي تحقق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتقدير لموارد الايرادات المتوقعة التي تغطي تلك النفقات بما تملكه الدولة من سلطة للوصول إلى توازن الموازنة مع ضرورة اعتماد تلك التقديرات من السلطة التشريعية في البلاد لإكسابها الصفة القانونية .

صفات الموازنة العامة للدولة

1- خطة مالية لأوجه الإنفاق وموارد الإيراد للدولة
2- تعتمد في تقدير نفقاتها وإيراداتها على التنبؤ المبني على أسس علمية
3- تعد لفترة زمنية قادمة سنة غالباً
4- ارتباط الموازنة العامة للدولة بخطة التنمية القائمة في البلاد
5- اعتماد الموازنة العامة من السلطة التشريعية للبلاد
6- إصدار قوانين للموازنة توضح إجراءات التنفيذ مما يعطي أرقام الموازنة صفة القانونية  ( قانون الموازنة )

المبادئ العلمية التي تحكم إعداد الموازنة العامة للدولة

1- مبدأ وحدة الموازنة : أن تشمل الموازنة جميع نفقات الأجهزة الحكومية وجميع إيراداتها بحيث تشكل الموازنات الفرعية موازنة واحدة .
2- مبدأ سنوية الموازنة : أن تغطي التقديرات للنفقات والإيرادات سنة واحدة .
3- مبدأ توازن الموازنة : أن تتساوى نفقات الدولة مع إيراداتها
4- مبدأ عمومية الموازنة : أن تظهر كل النفقات وكل الإيرادات المقدرة في الموازنة دون إجراء مقاصة بينها .
5- مبدأ مرونة الموازنة : مراعاة كافة الاحتمالات عند الإعداد حتى تستطيع الموازنة الاستجابة بسرعة للتغيرات التي تحدث في البيئة الاقتصادية والإجتماعية .
6- مبدأ دقة الموازنة : بمعنى أن تتسم تقديرات الموارد والنفقات بالدقة والواقعية لأن تجاهل ذلك يؤدي إلى عدم توازن الموازنة .
7- مبدأ عدم التخصيص في الموازنة : بمعنى عدم تخصيص إيراد معين لتغطية نفقة بذاتها بهدف أن تصب كافة الإيرادات العامة في خزينة الدولة ثم توجه لتغطية جميع النفقات تبعاً لأهميتها .

إن على القائمين بإعداد الموازنة العامة للدولة أن يراعوا تلك الخصائص والمباديء التي تقوم عليها الموازنة العامة للدولة ، وأي تجاهل لأي منها لا يمكن المخططين من الوصول إلى الهدف النهائي في السيطرة على نفقات وإيرادات الدولة السنوية لتحقيق العدالة الإجتماعية التي تسعى الدولة للوصول إليها من خلال خطط التنمية المختلفة التي تنفذها .

ومن الملاحظ أن خصائص ومبادئ الموازنة العامة للدولة لا يختلف كثيراً عن خصائص ومبادئ الموازنات التخطيطية في المشروعات التجارية إلا من حيث التطبيق لتلك الخصائص والمبادئ فموازنة الدولة يتحدد إطارها العام بالإطار العام للمجتمع ككل في حين أن موازنة المشروعات التجارية ينحصر نطاقها في المشروع الذي أعدت من أجله وهنا وجب القول أن الموازنة التخطيطية للمشروعات التجارية الخاصة والعامة تعمل في ظل الموازنة العامة للدولة وفي حدود ما تسمح به هذه الموازنة ، كما أن الموازنة العامة للدولة تبني كثيراً من تقديراتها على مساهمات المشروعات التجارية في الحركة الإقتصادية .

أنواع الموازنات

وجد أكثر مننوع من الموازنات يمكن أن تتبعه الدول في إعداد تقديرات نفقاتها وإيراداتها المتوقعة لفترة مالية مستقبلية ومن أهم تلك الموازنات ما يلي :

1- الموازنة التخطيطية

تعرف بأنها " خطة شاملة ومنسقة لعمليات المشروع وموارده معبراً عنها في صورة مالية وذلك لفترة زمنية مستقبلية محددة .

خصائصها :

* الشمول : تغطي جميع الأنشطة والموارد 
* التنسيق : تعمل على التنسيق بين الموازنات الفرعية 
* وضع الخطة : الهدف المستقبلي للموازنة
* التعبير المالي : في شكل قيم نقدية 
* العمليات : كافة عمليات المشروع من إيرادات ونفقات 
* الموارد : التخطيط لمختلف أنواع الأصول 
* الفترة : فترة زمنية مستقبلية محددة البداية والنهاية 

وظائف الموازنة التخطيطية 

تمثل الموازنات التخطيطية أداة فعالة تستخدمها الإدارة في ممارسة وظيفتي التخطيط والرقابة ، إذ تقدم هذه الموازنات التقديرات المتوقعة لمجموعات مختلفة من الخطط التي أعدت عن طريق الإدارة من أجل إختيار المناسب لها لمواجهة الحوادث غير المتوقعة وكذلك تخدم الموازنات وظيفة التخطيط من خلال استخدامها كأداة لتحليل الحساسية الذي يتناول التعرف على تأثير التغيرات لخطط الإدارة على النتائج ، كذلك فإن للموازنات التخطيطية دور في التنسيق بين الأقسام المختلفة بحيث يعمل كل قسم منها نحو تحقيق الهدف الموضوع بدون أن تتعارض جهود الأقسام المختلفة مع بعضها البعض .

وعموماً فإن للموازنات التخطيطية وظائف متعددة تستفيد منها المشروعات التي تطبقها في أنشطتها ومن هذه الوظائف :

1- المساهمة في تحقيق أهداف المشروع بأقصر الطرق وبأقل التكاليف .
2- تعريف كل المستويات الإدارية بأهداف الوحدة الإقتصادية والعمل على تحقيق تلك الأهداف.
3- تحرر الإدارة العليا من العديد من المشاكل اليومية الروتينية من خلال التحديد المسبق للسياسات والسلطات والمسئوليات ( الإدارة بالاستثناء ) .
4- الحكم على الأداء من خلال مقارنة ما تحقق بما يجب أن يتحقق .
5- العمل على رفع الروح المعنوية للعاملين واشعارهم بأهميتهم في المشروع من خلال المشاركة في تحديد الأهداف ورسم الخطط .
6- تفويض السلطات للانفاق النقدي وهذه من الوظائف التقليدية للموازنات العامة للدولة .


2-  موازنة البرامج والأداء

تعرف بأنها مجموعة من الأساليب التي بواسطتها تمكن مدراء البرامج من التركيز على تنفيذ الأهداف التي تقع ضمن مسؤولياتهم بصورة دققة ومقارنة تنفيذ الأهداف حسب الوقت ، التكلفة ، المواد بمعنى أن النظام يزود من يستخدمه بمعلومات لا يمكن الحصول عليها من خلال الموازنات التقليدية حيث يساعد في الحصول على نتائج أساسية ويهئ قاعدة أفضل لإتخاذ القرارات .

وتمثل هذه الموازنة المرحلة الثانية في تطور الموازنة العامة وهدفها لا يقتصر على الرقابة المالية ولكنه يمتد إلى عنصر الكفاءه الإدارية في إنجاز الأعمال فهي تهتم بكيفية استخدام الإمكانات المالية التي تؤدي إلى رفع كفاءة الإنجاز .

وحتى يتم تنفيذ موازنة البرامج أو الأداء يجب القيام بالأتي :

* ترجمة الأهداف الرئيسية الى برامج عمل من خلال تحليلها وتقسيمها الى أهداف فرعية قابلة للتحقيق .
* تحديد وحصر نتائج وإنجازات كل برنامج بوحدات كمية قابلة للمقارنة الدورية .
* بناء نظام معلومات داخلي في كل وحدة إدارية وفي كل برنامج .
* تفعيل دور وحدات الرقابة الداخلية لتقييم الإنجازات .
* تفعيل دور التقارير السنوية لأداء الموظفين .
* بناء نظام لقياس الإنجاز وفق معايير متفق عليها .
* تعديل بعض التشريعات الضرورية من أجل ربط الأدء بالنفقة .


أهمية الموازنة العامة للدولة للاقتصاد الوطني 

تعتبر الموازنة العامة من وجهة النظر المستقبلية خطة للإقتصاد العام يمتد أجلها لفترة محددة ومن وجهة النظر الماضية بأنها سجل للنفقات والإيرادات العامة ولكنها تعبر بصدق عن أهداف الدولة الإقتصادية والاجتماعية والسياسية وعن طريقها يبرز دور الدولة في دعم عملية التنمية في البلاد .

ويمكن إبراز أهمية الموازنة العامة للدولة للاقتصاد الوطني في النقاط التالية :

1- تبرز الموازنة أهداف الحكومة في الانتاج والتوزيع من خلال دراسة العلاقة بين النفقات والدخل ومن خلال دراسة المصادر المختلفة للإيرادات العامة وتطويرها .
2- يتم تحديد الأهمية النسبية لإنتاج القطاع العام بالنسبة لإجمالي الناتج القومي ومدى التأثير على سلوك القطاع الخاص في الانتاج .
3- تعتبر الموازنة العامة المرآة التي تنعكس عليها الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للحكومة لذا فإن إنعكاس تلك الأهداف على إعداد وتنفيذ الموازنة يكون له أثر كبير على البناء الإقتصادي والاجتماعي والسياسي للوطن .
4- تعتبر كأسلوب للإدارة الاقتصادية لتحقيق الأهداف من خلال التفاعل والتكالم بين الخطة القومية والموازنة .
5- وسيلة من وسائل توجيه الإقتصاد الوطني تحت إشراف ورقابة السلطة التشريعية .
6- وسيلة من وسائل الرقابة على الإيرادات والنفقات العامة من أجل تقويم الأداء .

قولوا لا لـ "حزب الغدر" الإيراني

السياسة الكويتية 21-صفر-1432هـ / 26-يناير-2011م

انكشف "حزب الله" أمام الشعب اللبناني وكل المسلمين والعالم أجمع، وانكشفت كذبة سلاح المقاومة التي يتمترس خلفها بعدما تحول هذا السلاح أداة للتخريب في الداخل اللبناني، ولفرض أمر واقع ضد إرادة اللبنانيين، وصولا إلى نشر فكر أحادي والسيطرة على القرار السياسي. وما الطريقة التي تم بها ترشيح عمر كرامي لرئاسة الحكومة، إلا واحدة من الممارسات الديكتاتورية لـ"حزب السلاح" ما فجر الغليان الشعبي رفضا له وحفاظا على الأسس الديمقراطية التي كان لبنان قد بدأ البناء عليها.

بعد تلك المؤامرة المدبرة سقطت كل الأقنعة التي حاول حزب الغدر التستر خلفها طوال السنوات الماضية، وانكشف سعيه الى السلطة بأي ثمن، ولذلك لم يتوان لحظة عن استخدام كل أساليب الترعيب من اجل تحقيق أهدافه، وجعل لبنان مزرعة خالصة التبعية للمشروع الإيراني في المنطقة.

 وليس غريبا ألا يركن قادة هذه الجماعة الى العقل ويدفعون ببلدهم إلى شفير الهاوية وأتون الحرب الأهلية، وان يفرضوا على الأكثرية النيابية والشعبية، وعلى طائفة كبرى وأساسية في لبنان إرادتهم وينصبوا من يشاؤون على رأس الحكومة لوضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي عبر الانقلاب لاحقا على المحكمة الدولية على أمل ان يفلتوا من العقاب عن كل الجرائم التي ارتكبوها بحق بلدهم.

لم يسبق في تاريخ الحكومات اللبنانية ان استدعى زعيم من طائفة قائدا سياسيا من طائفة أخرى لإرغامه على الترشح لرئاسة الحكومة، كما فعل حسن نصرالله، حين استدعى الرئيس عمر كرامي الى جحره في الضاحية وحاول دفعه الى خوض غمار معمعة الفوضى، التي نتمنى على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ان يبعد كأسها هو ايضا عن فم اللبنانيين، ويحتكم الى العقل والمنطق ومبدأ الأكثرية، ويتخلى عن هذا المسار المراد منه تفتيت لبنان.

 وعليه أيضا ان يعتبر مما مارسه هذا الحزب مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حين تنكر لكل مواقفه الداعمة للمقاومة والمدافعة عنها في المحافل الدولية رغبة في الاستئثار بالدولة ومنع لبنان من السير في طريق اعادة البناء، وها هو يكرر التجربة ذاتها مع نجله سعد الحريري وينقلب عليه بأبشع الطرق من دون ان يتوانى لحظة عن السعي الى إهدار دمه مطلقا التهديدات ضده، وكأن القتلة والانقلابيين يجعلون التاريخ يعيد نفسه بقوة البطش والارهاب.

ما عاد خافيا ان المسمى "حزب الله" هو وديعة الولي الفقيه في لبنان، ويعمل عبر الترغيب والترهيب على تنفيذ مخططاته، مرغما فئة من الشعب على الانجرار الى عرين الاسد رغم رفض غالبيتها - اذا منحت لها الفرصة للتعبير عن نفسها- كل ممارسات هذا الحزب وارتباطاته المشبوهة مع الخارج، ولهذا نرى يوميا ذاك السلوك المشين الذي يتبعه من أجل فرض ارادته على كل اللبنانيين من مختلف الطوائف.
ان ما دبر في ليل لا بد من فضحه تحت ضوء الشمس.

 واذا كان التهديد قد فعل فعله في تخويف عدد من النواب اللبنانيين وعلى رأسهم الرئيس نجيب ميقاتي، فعليه ان يوقن ان الوطن واستقراره أغلى من كل المناصب، وأن لا يصيبنا الا ما كتب الله لنا، لذلك مطلوب منه ان يحذو حذو الرئيس عمر كرامي ويرفض منصبا رتبه "حزب الغدر"، وان يتحسس المشاعر العربية التي قالت كلمتها يوم رفعت يدها عن متابعة التسوية مع هذا الحزب الذي لم يلتزم يوما بأي اتفاق، وتركت الدمل ينفجر لأن فقء الدمل بداية للعلاج الصحيح، وهذا ما يجب ان يفهمه ميقاتي ويعيد الحق الى أصحابه.

في الساعات الماضية سقطت كل شعارات"حزب الغدر" التي لم تعد تنطلي على أحد، لا في لبنان ولا في العالمين العربي والإسلامي، وبالتالي ليس مقبولا بعد الآن التلطي خلف أي أعذار في مسايرة هذا الحزب وعدم وقفه عند حده، لأن لبنان يمر بواحدة من أصعب مراحل تاريخه ويُدفع عنوة الى فتنة عمياء لن تقف مفاعيلها المدبرة عند حدود بيروت، إنما ستطال كل العالم العربي، وهو ما يرفضه العرب، كما يرفضون ان يبقى لبنان رهينة سلاح الغدر والابتزاز.

الكاتب :- أحمد الجارالله

بعد عشر سنوات.. أدلة جديدة تفيد بتورط إيران في هجمات 11 سبتمبر

شبكة محيط الإخبارية 21 من جمادى الآخرة 1432هـ / 24 من مايو 2011م

بعد عشر سنوات.. أدلة جديدة تفيد بتورط إيران في هجمات 11 سبتمبر
ذكر الكاتب الصحفي "فيليب شانون" على مجلة "ذا ديلي بيست" أن هناك دعوة جديدة تشير إلى تواطؤ طهران في هجمات تنظيم القاعدة، هذا وتناول الكاتب عدة تفاصيل جديدة تكشف خبايا وأسرار الإعداد لهذه العملية.

وتابع الكاتب أنه مع حلول الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تلوح في الأفق، قُدمت دعوى قضائية اتحادية في مانهاتن تعرض إمكانية حل لغز تلك الهجمات، وهل كانت إيران مشاركة في الإعداد لتلك الهجمات أم لا؟

وقال الكاتب أن المحققين السابقين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر كشفوا لنا عدة حقائق، إلا أن الأدلة كانت غير حاسمة حول علاقة طهران بتلك المؤامرة، وأكدت لجنة التحقيق عن ترحيبها بفتح باب التحقيق من جديد خاصةً بعد أن ظهرت أدلة جديدة تدل على تورط طهران في الإعداد لهذه الهجمات، والتي تفيد بأن لجنة التحقيق السابقة والحكومة الأمريكية قد قصروا في متابعة أدلة التحقيق.

وتابع أن المحققين يأملون في التوصل إلى حقيقة ما إذا كان مسئولون إيرانيون على علم مسبق بالمؤامرة وقاموا بالتعاون مع القاعدة لتسهيل العمل على خاطفي الطائرات من أجل السفر بطريقة غير خفية قبل عام من تنفيذ الهجوم.

وقد رفعت الدعوى القضائية في محكمة مانهاتن نيابة عن أسر العشرات من ضحايا الحادي عشر من سبتمبر، كما أكد المحققين بأن ثلاثة من المنشقين الإيرانيين سيقومون بالإدلاء بشهاداتهم في تلك القضية، كان كلاًّ منهم أعضاء في وكالة إيرانية مركزية تعمل بأعمال تجسسية حيث قامت بتوريط إيرانيين ووكلاء إرهابيين تابعين لها في لبنان (حزب الله) في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

من جانبه ذكر "توماس ميلون" المدعي العام الاتحادي السابق والمحامي بولاية بينسلفانيا عن أسر ضحايا الهجمات أن أوراق القضية قدمت للمحكمة في الأسبوع الماضي لتحديد شهادتهم ولم يحدد المسئولين هوية الشهود بدعوى ضرورة الحفاظ على سلامتهم.

وتابع ميلون "أنا على يقين تام بأن الأدلة التي نمتلكها تعتبر أدلة قاطعة تؤكد أن إيران كانت من بين المشاركين في الأعمال التحضيرية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر".

وقال إنه تبين لنا من عملية الاستجواب والفحص والدراسة أن الثلاثة شهود الذين تم استجوابهم أيدوا ذلك من خلال عملية الاستجواب التي تمت بشكل مستقل لكل شاهد بعيدًا عن بعضهم البعض.

وتابع ميلون أن الشهود الذين أطلقت عليهم المحكمة أسماء "الشاهد إكس –الشاهد واى– الشاهد زد" أكدوا للجنة التحقيق بأن الأدلة كلها تؤكد على تورط إيران في الإعداد للعملية التحضيرية للـ 11/9.

وأعرب ميلون عن أمله في أن تعلن السلطات الأمريكية عن الثلاثة شهود في نهاية المطاف، وقال الكاتب إن المتحدث الرسمي لدولة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك لم يرد على المكالمة الهاتفية التي كانت مجلة ذا ديلي بيست تحاول أن تجريه معه للتعليق عن الدعوى القضائية.

وقال الكاتب إن الوثائق التي حصلت عليها المحكمة تتضمن بيانات حلف اليمين لموظفي لجنة 11/9، والذي كان منهم "ديتريش سنيل" المدعي العام الأعلى السابق في قضايا الإرهاب بوزارة العدل والذي أكد في شهادته أن هناك أدلة واضحة ومقنعة تفيد بان الحكومة الإيرانية قدمت الدعم اللازم لتنظيم القاعدة في التخطيط والتنفيذ لهجمات الحادي عشر من سبتمبر.

وأفاد سنيل بأن الدعم الذي جاء من إيران كان على شكل تسهيل سفر أعضاء مؤامرة الحادي عشر من سبتمبر من وإلى أفغانستان وباكستان، تلك الدول التي رأى سنيل بأنها كانت مقر الإعداد للمؤامرة.

وقال موظف آخر من أعضاء اللجنة اشترط عدم ذكر اسمه لمجلة الديلي بيست نظرًا لدواعي أمنية بأنه لا يزال يعمل لحساب الحكومة، وأكد بأن الدعوى كانت بهدف إغاثة الكثيرين الذين يعتقدون أن اللجنة لم تتصدى بشكل صحيح للشكوك التي أثيرت حول تورط طهران في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وأضاف أن إيران جاءت في وقت لاحق بحيث لم تتمكن لجنة التحقيق من التعامل معها.

وقال الكاتب أن عملية التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر تستحق بعض اللوم على عدم تناولها لموضع تورط إيران، لأنها فشلت في الخوض في ملفات وكالة الأمن القومي.

وقال الكاتب إن لجنة التحقيق قامت بإعداد تقرير نهائي عام 2004 يتضمن آخر لحظات من اكتشافهم ملفات وكالة الأمن القومي الأمريكي والتي تفيد بأن الحكومة الإيرانية قد وفرت على ما يبدو دعمًا لوجيستيًّا هامًّا لتنظيم القاعدة وعلى وجه التحديد لخاطفي الطائرات التي نفذت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في مساعدتهم على عملية التنفيذ قبل عام من الهجوم.

وقد أفادت التقارير بأن اللجنة المسئولة تمتلك أدلة تفيد بأن 10 من بين 14 إرهابي سعودي الذين كانوا على متن الطائرات المخطوفة سافروا من وإلى إيران في الفترة من أكتوبر 2000 وحتى فبراير 2001، وقد أُبلغ العميل الإيراني المختص بالإشراف على عملية انتقالهم بألا يضع طوابع تدل على أماكن تواجدهم في جوازات سفرهم لتسهيل عملية السفر.

كما أفاد التقرير بأنه كان هناك أدلة ظرفية تثبت تورط كبار المسئولين في حزب الله "المنظمة الإرهابية التي تدعمها إيران في لبنان" والتي كانت مسئولة عن متابعة حركة سفر الخاطفين من وإلى إيران في عام 2000.

وقالت اللجنة "لم نعثر في بدء عملية التحقيق على أدلة تفيد بتورط إيران أو حزب الله في عملية التخطيط التي سميت فيما بعد بهجوم الحادي عشر من سبتمبر، إلا أنه كان هناك حاجة ماسة إلى مواصلة الحكومة الأمريكية في عملية التحقيق.

وكان احتمال تورط إيران في تلك القضية بمثابة المفاجئة لكثير من المتخصصين في السياسة الخارجية في ذلك الوقت من التقرير، الذي أثبت لإدارة الرئيس السابق جورج بوش بالخطأ أن هناك احتمال على تورط صدام حسين في العراق بالتدبير لمؤامرة الحادي عشر من سبتمبر، إلا أن هذا التكهن قوبل بالرفض من قبل لجنة التحقيق في هجوم الحادي عشر من سبتمبر.

وكشفت لجنة التحقيق أن إيران متورطة في التدبير للعملية في الأسابيع الأخيرة من التحقيق عام 2004، عندما عكفت اللجنة في وقت متأخر على اكتشاف ما تضمنته ملفات ومستندات وكالة الأمن القومي.

فيما وصف مسئولون في لجنة التحقيق بأن الاكتشاف يعد عملية مؤلمة خاصةً بعد أن تجاهلت اللجنة ملفات وكالة الأمن القومي الأمريكي مصدر معظم معلومات الإدارة الأمريكية والتي تضمنت ملفاتها على معلومات عن التهديدات الإرهابية المدبرة في السنة الأولى من عملية تحقيق اللجنة.

وأدى اكتشاف وكالة الاستخبارات المركزية في تورط إيران إلى المساعدة على كتابة أجزاء من التقرير النهائي للجنة قبل بضعة أيام من نشره من أجل التأكد من إمكانية تورط إيران في عملية خطف الطائرات.

وقال محقق اللجنة السابقة إن "العملية كانت فوضوية" وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن غياب التقرير الذي يفيد بتورط إيران في الهجوم الإرهابي يدل على أنه كان هناك خطأ كبير في عملية التحقيق.

وتابع أنه كان هناك خطأ فادح بسبب عدم قيام اللجنة بتمديد فترة التحقيق لمواصلة التعرف على المزيد من الأدلة.


الكاتب :-حامد عبد الرازق