السبت، 2 يوليو 2011

موقف إيران من الأزمة السورية

مفكرة الإسلام 28-رجب-1432هـ / 30-يونيو-2011م

في عام 1980، أي بعد عام واحد من اندلاع الثورة الإيرانية، انطلقت حركة احتجاجية في بلدة جسر الشغور السورية أضرم المشاركون فيها النيران في المؤسسة الاستهلاكية واقتحموا مقر حزب البعث، فأرسل الرئيس حافظ الأسد تعزيزات عسكرية إلى البلدة، وجرت مواجهات سقط فيها خمسون قتيلاً، وفُرض حظر التجول في جسر الشغور.

 وبعد ذلك بعامين أي في عام 1982، وعلى خلفية اتهام نظام الأسد جماعة الإخوان المسلمين بتدبير حادثة كلية المدفعية، جرى التعامل بعنف مفرط مع معقل الجماعة في مدينة حماة، فدكت المدينة دكاً، وبلغ عدد الضحايا وفق أقل التقديرات عشرة آلاف شخص.

في الحالتين كان الموقف الإيراني عصيباً وحرجاً؛ لأن قمع مستضعفين على هذا النحو في ذروة الزخم الثوري الإيراني، وفي ظل إمامة الخميني الذي كان يعد بلاده لقيادة العالم الإسلامي، دون أن تتحرك الجمهورية الإسلامية لنصرة هؤلاء المستضعفين، بل تحتفظ بعلاقات وطيدة مع نظامهم الحاكم، كان يشير بوضوح إلى الفجوة العميقة بين شعارات الثورة الإيرانية وسياساتها.

 بطبيعة الحال لم يكن أحد يتصور أن يكون التحرك الإيراني المقصود من النوع العسكري في وقت كانت توجد فيه جبهة مفتوحة مع العراق، لكن كانت هناك بدائل أخرى تستطيع من خلالها إيران أن تصل إلى دبلوماسية توفق بين حفاظها على علاقتها مع النظام السوري الذي ساندها من أول لحظة، وبين حرصها على الشعب السوري بأكثريته المسلمة المستضعفة، لكن الجمهورية الإسلامية التزمت الصمت، وساعدها على ذلك أن الأبعاد الحقيقية والكاملة لما جرى بالذات في حماة لم تتكشف إلا بعد أعوام في ظل تخلف وسائل الاتصال في حينه.

وعندما كتب خمسة عشر تلميذاً من أبناء مدينة درعا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" على جدران مدينتهم لم يكونوا يعلمون بالتأكيد المسار الذي سوف تتخذه الأحداث. فمثل كرة اللهب انتقلت المظاهرات التي اندلعت من مدينة درعا إلى أنحاء متفرقة من سورية ومنها إلى مدينة حماة التي سقط في مواجهاتها نحو ثلاثة وخمسين قتيلاً وعشرات الجرحى والمصابين. لكن الأخطر كان ما وقع في مدينة جسر الشغور، حيث قتل مائة وعشرون من رجال الأمن، وقُدمت في تفسير ذلك روايتان متضاربتان.

 رواية رسمية تحدثت عن إطلاق الرصاص على رجال الأمن بواسطة حركة مسلحة، ورواية شعبية أشارت إلى أن إطلاق الرصاص على رجال الأمن تم بواسطة زملاء لهم رداً على رفضهم فتح النار على المدنيين المشاركين في المظاهرات.

إذا تأملنا مفردات السياق الذي وقعت فيه الانتفاضة السورية في عام2011 سنجدها تختلف بالكلية عن نظيرتيها في عامي 1980 و1982، ورغم ذلك فقد تشابه رد الفعل الإيراني في الحالات الثلاث، وتعمقت بالتالي عدم مصداقية الشعارات الإيرانية عن "المظلومية" و"الاستضعاف"، ويتضح ذلك في نقاط عدة: -

1ـ من مفردات الاختلاف بين سياقي الثمانينيات والألفية الثالثة أن الانتفاضة السورية الراهنة هي جزء لا يتجزأ من حركة الشارع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا.

وهذا معناه أن رد الفعل الإيراني من كل الحراك الشعبي العربي يجب أن يوضع في إطار مقارن.

وهنا ستبدو المفارقة بين اعتبار الخطاب الرسمي الإيراني أن الحراك الشعبي العربي استلهم "روح الثورة الإسلامية الإيرانية" في إشارة إلى حالات مصر واليمن وتونس وليبيا، وبين استثناء ذلك الحراك الذي جاء بتحريض من الخارج في إشارة إلى حالة سورية.

كما ستبدو المفارقة أشد بين التعاطف الفوري والمطلق مع مطالب المحتجين في البحرين، والتلويح باحتمال التدخل العسكري رداً على تدخل قوات درع الجزيرة، وبين الاكتفاء المبهم بالمطالبة بعدم استخدام القوة ضد المدنيين مع تأكيد أن ما يجري في سورية هو شأن يخصها وحدها، والتحذير من أن إطاحة النظام السوري يخدم مصالح إسرائيل.

ويُلاحظ هنا أنني تحفظت في الحديث عن تدريب إيران لمسؤولي الأمن في سورية على وسائل قمع الانتفاضة، أو تورط الحرس الثوري في هذا القمع على نحو ما تشير المصادر الغربية، نظراً لعدم توفر أدلة ملموسة. علماً بأن تلك الاتهامات كانت من وراء شمول رئيس الحرس الثوري نفسه بعقوبات من الاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو2011.

2ـ من مفردات الاختلاف أيضاً أن إيران تعيش منذ عام 2009 على وقع عدم استقرار داخلي بسبب تداعيات الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية وما تلاها من تطورات.

وعندما وقعت الثورتان المصرية والتونسية أرادت الحركة الخضراء التي ترمز للمعارضة الإيرانية استثمار هذا المناخ من أجل تعزيز مطالبها السلمية بالإصلاح السياسي. لكن كما ميزت إيران بين انتفاضة الشعب السوري والانتفاضات العربية الأخرى، فإنها ميزت بين انتفاضة شعبها نفسه وانتفاضات مجمل الشعوب العربية.

 فلقد دأبت الماكينة الإعلامية الإيرانية على وصف رموز الحركة الخضراء بالمتآمرين والعملاء والخونة، وطالب بعض أقطاب النظام الإيراني بحرمان هذه الرموز من حقوقها السياسية، ودعا بعض آخر إلى إعدامهم!!

 علماً بأن جانباً من هذه الرموز خضع فعلاً للإقامة الجبرية. وتلك السياسة المزدوجة تزيد في إحراج النظام الإيراني أكثر مما كان عليه الحال في مطلع الثورة.

 فمن الصحيح أنه في الأعوام الأولى من ثمانينات القرن الماضي كان هناك صراع داخل إيران بين قوى الثورة والقوى المضادة، لكن هذا الصراع يختلف كلياً عن نظيره حالياً حيث تنتمي رموز الحركة الخضراء من أمثال موسوي وكروبي وخاتمي إلى المؤسسة الدينية نفسها، وتنصب مطالبها على الإصلاح في داخل النظام وليس إطاحته.

3ـ إن الثورة الاتصالية الكبرى التي نعاصر ثمارها جعلت دخائل النظام معروضة على فضائيات العالم كله. وبالتالي فمن الصعب جداً أن تدافع إيران عن قتل الطفل حمزة الخطيب، أو عن انتهاكات حرائر سورية، أو عن دوس جثث القتلى بأحذية رجال الأمن.

 ومثل هذا العنصر لم يكن متوفراً في القرن الماضي، ومع ذلك يبدو أنه لم يؤثر في شيء على سياسة إيران بحيث تدعو النظام السوري إلى الانحناء أمام العاصفة وتجربة السير قدماً في طريق الإصلاح السياسي، وعدم وضع العربة أمام الحصان باشتراط أن تستقر الأوضاع قبل إجراء الإصلاح.


وإذا كان الثبات على الموقف رغم اختلاف سياق الألفية الثالثة عن سياق الثمانينيات يكبد إيران ثمناً باهظاً، لا أدل عليه من الهتاف ضدها في المظاهرات التي اجتاحت المدن السورية، فإن السؤال هو: لماذا لم يتغير شيء في الموقف الإيراني؟

1ـ لقد كانت أمام إيران فرصة كبيرة للاستفادة من تغيّر خريطة المنطقة بسقوط بعض النظم الموالية للولايات المتحدة، وهي في ذلك تحتاج إلى الحليف السوري القوي.

 ويكفي فقط أن نطلع على بعض ما يمكن أن يسببه استمرار الأزمة السورية من ارتباك في ساحات بالغة الأهمية بالنسبة لإيران، كالساحة الفلسطينية على سبيل المثال، عندما تجد حركة حماس التي تنتمي للإخوان المسلمين نفسها مطالبة بإدارة ظهرها للإخوان المسلمين في سورية كونها، أي الحركة، تحظى بدعم نظام الرئيس بشار الأسد، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من تأثير على علاقة حماس بإخوان مصر، أو ما يمكن أن يترتب على عودة "المجاهدين" السوريين الذين عبروا الحدود إلى العراق وشاركوا في المقاومة، إلى بلادهم، علماً بأن لإيران نفوذاً أكبر بكثير في العراق عن سورية، وبالتالي فهي أقدر على ضبط نشاط هؤلاء "المجاهدين" في الساحة العراقية.

 أو ما يمكن أن يؤدي إليه تسخين الجبهة اللبنانية على نحو ما حدث باندلاع المواجهات بين العلويين والسنة في طرابلس.

2ـ إن إيران تعلم علم اليقين أن هناك دوراً للخارج في أحداث سورية، وليس هو دور المنشئ ولكنه دور المستفيد والمُصَعِد، وأن أحد أسباب هذا الدور هو فك التحالف بين سورية وإيران، سواء أكان لجهة التمهيد لتعامل مختلف مع الملف النووي الإيراني، أم لجهة الإعداد لتفاوض سوري-إسرائيلي كانت تركيا قد شرعت في تهيئة أجوائه قبل حادثة السفينة مرمرة، وبالتالي فإن أحد مبررات موقف إيران من سورية هو إحباط المسعى الغربي لفك تحالف يربو عمره على الثلاثين عاماً.

3ـ تريد إيران أن تكرس التمييز بين حراك شعبي عفوي وحراك شعبي مصنوع، فهذا يخدم منطقها في التعامل مع الحركة الخضراء، ويبرر موقفها المزدوج حين ترى ما يصلح لشعوب عربية لا يصلح للشعب الإيراني.

المعطيات السابقة تفيد أن إيران ستظل حريصة على الدعم المطلق للنظام السوري في مواجهة الحركة الاحتجاجية الشعبية، وأنها لا تستطيع أن تحذو حذو تركيا التي قامت بمراجعة سياسية لما يحدث، و انتقلت من التحفظ إلى دعم المحتجين السوريين ثم إلى الاصطفاف بالكامل إلى جانبهم. ومن المفارقة أن الغرب، الذي يريد إضعاف إيران عن طريق إضعاف نظام الأسد، يقدم للنظام الإيراني خدمة جليلة عندما يلوح بإحالة الملف النووي لمجلس الأمن، أو يعد مشروع قرار يصدر عن المجلس يتضمن إدانة صريحة للأحداث في سورية؛.

 فمثل تلك التحركات، ولاسيما في ظل ما حدث في ليبيا، تؤكد التفسير التآمري للأحداث في سورية، وهو التفسير الذي يلتقي حوله الطرفان السوري والإيراني وأطراف عربية أخرى تعتقد أن تصحيح مسار النظام السوري يؤدي حتماً لانهياره، بينما أن العكس بالضبط هو الصحيح.

الكاتب :- د. نيفين مسعد
المصدر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

موقف إيران من الأزمة السورية

الفيتو الأمريكي ضد الثورة السورية!!

موقع المسلم 28-رجب-1432هـ / 30-يونيو-2011م

قبل الحديث عن الاستثناء الأمريكي إزاء ثورة الشعب السوري، ينبغي استذكار مقدمات ضرورية، حول الموقف الأمريكي العام من الربيع العربي، الذي قدحت تونس شرارته الأولى، ثم أضرمت مصر ناره المتوقدة!!

فالغربيون بعامة والأمريكيون بخاصة، كانوا يعيشون شهر عسل مديد، مع نظم القمع المستبدة بالشعوب العربية، التي كانت تنفذ إملاءات الغرب تنفيذاً مطلقاً، وتتنافس في خدمة مصالحه وحماية ربيبته دولة الغصب والظلم فوق أراضي فلسطين المحتلة.وكانت هذه النظم تستبيح حرمات مواطنيها وتنهب خيرات أوطانها، بمباركة غربية لا لبس فيها.

لكن نجاح التونسيين في إزالة العميل ابن علي أيقظ الغرب من سباته واضطره إلى مراجعة رهانه على كلاب حراسته الذين كان يتوهم أنهم في مأمن واستقرار لا يهدده شيء!! ولذلك بادر تجار الديموقراطية هؤلاء بمغازلة موجة التغيير الشعبية في مصر لما استشعروا عجزهم عن وأدها!!ثم تحركوا بعد مماطلة في ليبيا، وبدرجة أبطأ في اليمن!! لكن الموقف الأمريكي من تمرد السوريين يظل استثناء مريباً!!

فبشار الأسد ارتكب من الجرائم في حق شعبه ما لم يرتكب عُشْرَه مبارك وزين العابدين والقذافي وعلي صالح مجتمعين!!ومع ذلك تواصل واشنطن محاباته، بصورة شبه مكشوفة، وتتخفى وراء غباء الروس وهوس الصينيين، لمنع صدور قرار إدانة لا غير من مجلس الأمن الدولي!!

وها هو عضو كونجرس أمريكي عن الحزب الديموقراطي –حزب الرئيس أوباما!!!!- يزور دمشق بعد 100 يوم من المجازر والفظائع، ومن المفارقات المثيرة للاهتمام، أن جون ماكين كان في القاهرة في حين كان زميله يغازل نظام الأسد، وفي عاصمة مصر أطلق رجل الكونجرس الشهير يصف الأسد بأنه سفاح وجزار!!

وفي دمشق جرى لقاء تشاوري لعشرات من المثقفين المعارضين للنظام من غير المنتمين لأحزاب المعرضة، فلقي الاجتماع انتقاداً شديداً من قوى المعارضة في الداخل والخارج، وقوبل بغضب شديد من تنسيقيات الثورة التعي تعبّر عن حراك الشارع الثائر، الذي يعترف له الجميع بأنه سبقهم في الحركة كما في سقف مطالبه!!

العم سام بدا كأنه يتلقى هدية ثمينة كان يحلم بها، فقد سارع إلى الترحيب بالخطوة ترحيباً مبالغاً فيه، وليته وقف هنا!!وإنما تجاوز الثناء المفرط الممجوج إلى اعتباره علامة طيبة في سجل النظام الدموي الهمجي!!هذا مع علم سدنة البيت الأبيض أن هذه الخطوة الرمزية المتواضعة لم تكن مبادرة من نظام استمر في قتل شعبه واعتقل 1000شخص آخرين عشية المؤتمر.

ولا يصح لعاقل أن ينسى إقرار المؤتمرين أنفسهم أنهم لا يمثلون الشارع السوري ولا قوى المعارضة، وأنهم لا يمثلون أنفسهم!!فكيف أجاز دهاقنة الخارجية الأمريكية لأنفسهم أن يتعاملوا مع خطوة شديدة التوضع كأنه فتح الفتوح!!

وإذا كان هذا "الإنجاز" يستحق شيئاً من التقدير، فإن أهل الفضل فيه هم حشود السوريين الشجعان الذين يتصدون بصدورهم العارية للدبابات وسائر صنوف القتل الوحشية، وبخاصة لهؤلاء الأبطال الذين قضوا نحبهم في مظاهراتهم السلمية على أيدي رعاع النظام!!فهؤلاء البواسل خرقوا بدمائهم ثغرة في جدران بطش النظام، واضطروه إلى التغاضي عن تجمع رمزي كهذا، من دون أن يستغله للتسويق لأكذوبة إصلاحه المزعوم ولشق صفوف معارضيه، وتخفيف ضغوط المنظمات الحقوقية السورية والأجنبية، التي تقاتل وحيدة حتى بح صوتها، في ظل قوى غربية تتظاهر بالصمم والعمى معاً.

وهنا، ربما جاز لنا تصديق أنصار نظرية المؤامرة، الذين يقولون:إن الغرب الذي ما زال يرعى بقاء النظام الطائفي الهمجي المتسلط على سوريا، هو الذي أوحى لعملائه في دمشق بضرورة غض النظر عن لقاء شكلي لا يسمن ولا يغني من جوع، لكي يتولى الأمريكيون تضخيم الأمر وتصويره للرأي العام العالمي، كعلامة على قابلية النظام للإصلاح!!أليس أوباما يصر حتى الآن على تخيير بشار الأسد بين الإصلاح والتنحي!!

ومتى كان الذئب يصلح راعياً!!لكنها مخاريق الدجل الأمريكي الذي يمقت الشعب السوري لأن ثورته تفردت بتعرية واشنطن وطهران ونصر الله وعصابة الأربعين حرامي في دمشق!!!!أفليس مدهشاً أن تلتقي على مؤازرة هذا النظام الرهيب واشنطن وتل أبيب وطهران !!!

وكيف يكون لهذا النظام أدنى صلة بأي إصلاح، ودباباته ما زالت تلاحق مواطنيه حتى الحدود بين سوريا وكل من تركيا ولبنان والأردن!!

الكاتب والمصدر :- موقع المسلم

شيعة الكويت والتوريط السياسي للوبي الإيراني !

السياسة الكويتية 29-رجب-1432هـ / 1-يونيو -2011م

لا مناص من الاعتراف بحقيقة أن المناخ السياسي العام في العالم العربي وخصوصا في منطقة الخليج العربي يتسم بالروح والمشاعر العدوانية الطائفية النتنة و بالاستقطاب الحاد وهي حالة ليست جديدة بالمرة بل أنها طبعت مسيرة العقود الثلاثة المنصرمة من عمر الحياة السياسية في الشرق الأوسط.

وشيعة الكويت باعتبارهم نسيجاً شعبياً مهماً و أصيلاً من مكونات الشعب الكويتي عاشوا كغيرهم أجواء حرية وانفتاح على مستوى التعاطي السياسي أو الحياتي أو الحرية في أداء الشعائر الدينية والطقوس المذهبية ، وهي خصلة مهمة تتميز بها الدولة الكويتية الحديثة منذ فجر الاستقلال الوطني عام 1961 وبداية تبلور المشروع الوطني والحداثي الكويتي القائم أساسا على الديمقراطية والمشاركة الشعبية في تسيير الدولة إضافة إلى هامش الحريات الكبير الذي حول الكويت في السبعينيات من القرن الماضي لمركز استقطاب سياسي ولحالة عربية متقدمة في ظل صحراء واسعة من القمع و التنكيل و التخلف.

 والتجربة السياسية الكويتية التي عانت من إشكاليات و تحديات خطيرة خلال مرحلة البناء في العقود الماضية في ظل السياسة الاستقلالية للدولة ومشاركتها الواسعة في متابعة هموم الأمة العربية و خوض صراعاتها مما ولد لها مواقف وصراعات تأثرت بها الحالة الداخلية ، وعلى المستوى الطائفي فإن أهل القرار و الرأي في الكويت لم يكونوا يوما أداة للتفرقة الطائفية أو القبلية أو العنصرية للنظرة الى المواطنين .

 بل كان الكويتيون جميعا متساوين امام القانون و في الواجبات و الحقوق وهي حالة كويتية معروفة وشاخصة كانت على الدوام عنوانا للكويت قديما وحديثا ، فآل الصباح الكرام هم لأهل الكويت كافة وكانوا على الدوام نواخذة السفينة الكويتية المبحرة في عواصف و أنواء خطرة كانت لها تداعيات مؤثرة في مراحل زمنية معينة.

وقد تصاعدت حالة الشد الطائفي في المجتمع الكويتي مع تصاعد المد الطائفي في المنطقة بعد الثورة الإيرانية عام 1979 وبروز سياسة ما يسمى بتصدير الثورة التي تحولت لحالة عدوانية فظة أسفرت عن تفجر نزاعات إقليمية حادة و شرسة فرضت للأسف منطقاً طائفياً تجسد بقوة الأحداث و التأثيرات المباشرة لها ، وقد مرت مياه ودماء عديدة تحت كل الجسور وعاشت الكويت في ثمانينات القرن الماضي وضعا أمنيا صعبا فرض معادلة الخيار بين الأمن و الديمقراطية وحفل بصدامات لم تكن مرغوبة ولامطلوبة ولكن خطط لها بإمعان في الدوائر الإيرانية تحديدا .

 وكان مسلسل التفجيرات الإرهابية للسفارات الأجنبية و للإدارات الوطنية ومسلسل خطف الطائرات وحالات المواجهة في الشوارع وبلغت الذروة مع محاولة اغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد عام 1985 وجميع تلك الأحداث الفظيعة مررت تحت يافطات طائفية مصدرها إيران رغم براءة شيعة الكويت عموما من الإرهاب و أهله و توابعه.

فالشيعة كطائفة إسلامية كريمة لا يعبر عنها و عن طموحاتها إرهابي حاقد أو أجير و عميل للحرس الثوري و لا يمكن أبدا أن يرتبط وجود الطائفة مع مجاميع غير منضبطة لها مصالح و ارتباطات وولاءات خارجية لا تعبر بالضرورة عن مصالحها ، وجاء غزو العراق للكويت عام 1990 ليكون فلترا للحالة الوطنية الكويتية التي أفشلت العدوان و أسست لمرحلة انطلاق كويتية جديدة.

اليوم للأسف يكرر التاريخ نفسه بصورة درامية زاعقة ويحاول بعض المحسوبين على شيعة الكويت أخذ زمام الطائفة بعيدا عن خياراتها و توجهاتها الإنسانية المعروفة ونصرتها للمظلوم و نبذها للظالم من خلال تجيير المصالح الطائفية صوب الإنحياز لصالح نظام القتلة و الوحوش في الشام ليشوهوا مواقف الشيعة ضد الثورة الشعبية السورية الجامعة المانعة المتسامية على الطائفية و المناطقية و الباحثة عن إقرار دولة المواطنة و الحق و القانون و العدل.

فاعتبار نظام البعث السوري نظاما شيعيا مؤمنا ينبغي على الشيعة الدفاع عنه هو مغالاة بعيدة عن الواقع و لا يصب في النهاية في مصلحة شيعة الكويت الذين تحاول زمرة من أصحاب المصالح التجارية و السياسية من أهل اللوبي الإيراني سرقة مواقفهم و خياراتهم المنحازة دوما لنصرة المظلوم تأسيا بتراث أهل بيت النبوة الكرام .

 ينبغي عزل التيار و اللوبي الإيراني العدواني العنصري الذي لا تهمه في النهاية مصالح شيعة الكويت و لا الشيعة عموما بل تهمه المصالح القومية و الإنتهازية للنظام الإيراني المتآكل من الداخل و الذي يعيش نزاعات و تناحرات خرافية ذات أبعاد عنصرية واضحة ، شيعة الكويت و أتباع أهل بيت النبوة الكرام لا يمكن أبدا أن يتنكروا لتاريخهم الحافل في نصرة المظلوم و رفض الظلم أيا كان مصدره ، إنها محاولة بسيطة للفصل بين مواقف تجار السياسة و أدوات الشياطين الإيرانية و بين مواقف الأغلبية الصامتة.


الكاتب :- داود البصري

الخميس، 30 يونيو 2011

تركيا والاستفزاز السوري - الإيراني

موقع المسلم 28 من رجب 1432هـ / 30 من يونيو 2011م

في ظل الأحداث التي تشهدها سوريا حاليا ونزوح الآلاف في اتجاه الأراضي التركية وقيام الجيش السوري بعمليات عسكرية على الحدود وقتله للاجئين الذين قرروا الرجوع إلى ديارهم تزداد الحلقة ضيقا على الحكومة التركية التي تعلم جيدا أهمية استقرار الأوضاع في بلد مثل سوريا بتركيبته السكانية المشابهة لها والتي تربطها به علاقات دينية وثقافية وجغرافية وتاريخية...

رئيس الوزراء التركي حرص منذ بداية الاحتجاجات في تركيا على إسداء النصيحة لنظام الأسد, بإجراء إصلاحات حقيقية وعدم التعالي على مطالب الشعب السوري والإصغاء لمطالبه المشروعة, كما انتقد بشدة محاولة النظام السوري حصر الاحتجاجات في إطار طائفي أو نسبتها لجماعات مسلحة كما اعتادت الآلة الإعلامية السورية أن تفعل, مؤكدا على وجود مطالب شعبية ملحة للشعب السوري, كما رفض أردوغان إغلاق الحدود أمام النازحين الذين هربوا من قمع السلطات السورية وبعضهم من الجنود والضباط الذين رفضوا الانصياع للأوامر بقتل المتظاهرين العزل, في نفس الوقت أثار دخول الجيش السوري لعدة مدن على الحدود وتنفيذه لعمليات عسكرية مكثفة وإطلاقه النار على المدنيين وورود أنباء عن تخطيه للحدود التركية لتعقب الفارين, أثار هذا قلق الحكومة التركية؛ الأمر الذي جعل قائد الجيش الثاني التركي يزور المنطقة للاطلاع على آخر التطورات, كما سيزور وزير الخارجية التركي سوريا لبحث هذا الملف..

تركيا إلى الآن ترفض قيام الغرب بعمليات مسلحة ضد سوريا وتعتبر أن الأوضاع في سوريا تختلف عن الأوضاع في ليبيا وتراهن على تراجع الأسد عن ممارساته والقيام بخطوات جادة للإصلاح أو ترك السلطة للشعب ليقرر مصيره, إلا أن المؤشرات كلها لا تذهب في هذا الاتجاه التي ترجوها أنقرة؛ مما يشير إلى احتمال تصاعد التوتر بين الدولتين..

إيران من جهتها تلقي بثقلها إلى جانب نظام الأسد الذي يمثل أكبر داعم لمخططاتها الطائفية في المنطقة ويزداد قلقها يوما بعد يوم من تزايد الهجوم على أطماعها والحذر من تآمرها على دول المنطقة خصوصا بعد موقفها مما حصل في البحرين, كما أنها تتوجس خيفة من تركيا السنية والتي يزداد دورها الفاعل في المنطقة وشعبيتها منذ وصول حزب العدالة إلى الحكم منذ عدة سنوات ووقوفه بقوة بجانب القضايا الإسلامية والعربية ودفاعه عنها؛ لذا شنت هجوما على أنقرة وحكومتها وهددت باستخدام القوة ضدها, مشيرة إلى أن النظام السوري يعتبر "خط أحمر" بالنسبة لها ولا يمكن التخلي عنه..

إيران لم تكتف بهذا التهديد فقط فهي متورطة تماما في قمع المظاهرات بسوريا وتقديم دعم لوجيستي للنظام السوري بحسب شهادات الجنود الفارين من سوريا والذين أكدوا وجود عناصر تابعة للحرس الثوري بسوريا لتنفيذ مهام أمنية, رغم أن طهران تعارض بشدة أي تعامل مع الاحتجاجات الشيعية في البحرين مما يبرز الدور الطائفي للسياسة الإيرانية في المنطقة وخطورة اقتراب أي دولة منها تماشيا مع تصريحاتها الخداعية التي تطلقها بشأن ما يسمى بـ "الوحدة الإسلامية"..الغرب له حساباته التي ينطلق منها في التعامل مع نظام الأسد الذي يراه متعاونا في عدة قضايا رئيسية حيوية بالنسبة له بعيدا عن الدعاية الإعلامية الفارغة التي يقوم بها النظام السوري والتي يتغاضى عنها الغرب ما دامت الممارسات الواقعية تصب في مصلحته, ولكن مع استمرار الاحتجاجات في سوريا وخروج الأمور من أيدي الأسد وزبانيته سيكون للغرب رأي آخر كما حصل في مصر, وسيبدأ الغرب في فتح الجسور مع القوى المعارضة الفاعلة لبحث المستقبل في سوريا بعد الأسد وهو ما سيضع تركيا في اختبار صعب بين أمنها الداخلي ودورها الإقليمي والإسلامي..

حزب العدالة صاحب الجذور الإسلامية يعاني بشدة من المعارضة العلمانية التي تتحين الانقضاض عليه محاولة استغلال أي ثغرة للنفاد منها, كما يعاني من جنرالات الجيش الموالين للعلمانية والذين يحاولون الإطاحة به ولهم سوابق في ذلك معروضة أمام القضاء الآن, كل هذا يزيد من الضغوط القادمة على الحكومة التركية والتي أثبتت السنوات الماضية عودتها إلى أحضان محيطها الإسلامي الذي نزعها منه أتاتورك.


الكاتب :- خالد مصطفى

إيران تستنجد بطموحات إقليمية لتجنب «انتفاضة مدنية»

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 28 من رجب 1432هـ / 30 من يونيو 2011م

الأسبوع الماضي تسلم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي تقريرا داخليا جاء فيه أن كل النقاط التي ذكرت في تقرير المنتصف من شهر أبريل (نيسان) الماضي تبقى صالحة مع استثناء واحد هو الاضطرابات السورية، التي لم يقيمها بهذه الخطورة واضعو التقرير السابق، لذلك كان التشديد الجديد أنه على إيران «أن تبذل قصارى جهدها لمنع تغيير النظام هناك». وأضيفت ملاحظة أن الوضع في مصر وأسعار النفط ما زالا يعملان لصالح إيران، وبالتالي: «إنه وقت مشرق لإيران، لكنه ليس مشرقا بالقدر الذي اعتقدناه في المرة السابقة». وكانت عناصر من الأجهزة الأمنية حذرت من أن عدم حل الخلافات بين المرشد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يعرض النظام للخطر، خصوصا في ظل ما يجري في الشرق الأوسط. وكان قادة كبار في الأجهزة الأمنية الإيرانية عملوا على إجراء مصالحة بين الطرفين، وحذروا من أن استمرارهما في الخلافات العلنية قد يزرع بذور الثورة في إيران، التي نجحوا حتى الآن في قمعها وإخفائها.

وحسب معلومات تلقتها الأجهزة الأمنية الإيرانية، فإن انتفاضة مدنية في إيران باتت وشيكة، وعلى النظام بالتالي توحيد قواه للتعامل مع هذا التهديد غير العادي، الذي من شأنه أن يكون أكثر فعالية من المظاهرات والأحداث التي وقعت إثر الانتخابات الرئاسية.

وفي التقرير الذي أعد بطلب من المرشد الأعلى في منتصف شهر أبريل، إثر الخلافات التي ظهرت على العلن بينه وبين أحمدي نجاد، راجع مسؤولون أمنيون القضايا المحلية واتفقوا على أنه من الأهمية العليا لقادة النظام أن يقدموا صورة للشعب الإيراني على أنهم جبهة موحدة.

الأوضاع الداخلية الأخرى التي أشاروا إليها في التقرير، أن هناك احتمالات متزايدة عن خطر مظاهرات للاحتجاج على ارتفاع أسعار الغذاء، كما أشاروا إلى المنع المستمر للمظاهرات بسبب مخاوف حول تفشي احتجاجات المتظاهرين التي يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة على الشعب، كذلك المخاوف من التمرد والعصيان في مؤسستي الجيش والحرس الثوري (في ضوء الأحداث التي وقعت في سوريا ومصر). وأشار التقرير، الذي قدم إلى خامنئي، إلى التخوف من انتفاضات الأقليات والقلق من استغلال ضعف إيران من قبل المعارضة، في مواجهة الأزمة العميقة بين المرشد والرئيس بعد محاولة الرئيس إقالة وزير الاستخبارات مصلحي، إذ يثير هذا الأمر الشعور بأن القيادة تفتقد السيطرة.

وذكر التقرير بصورة قاطعة، أن مظاهرات حاشدة في طهران، قد تزعزع جديا النظام، «لأنه في الحقيقة لا يزال عرضة للضرر من الداخل» وبالنظر إلى خطورة أن تمتد الأحداث في الشرق الأوسط إلى إيران.

ووفقا للتقرير، فإن التعاون والتنسيق بين السلطات يسمحان لها باتخاذ خطوات لا تحظى بشعبية، لأن الناس يظنون بأن النظام موحد. وأكد التقرير على أن زعماء إيران أن يتعلموا من دروس الماضي، ويتأكدوا أنه بضغط من «القائد» (المرشد)، تتوحد السلطات الثلاث في البلاد لتعزيز السياسات المحلية، ومنع أي انتفاضة خلال هذه الفترة الحساسة.

وأشار التقرير إلى مثل إيجابي عن هذا النوع من التعاون بين السلطات في الماضي، ما حدث في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2010، في التنفيذ التدريجي لخطة خفض الدعم في أعقاب سلسلة من التأخير، وقد دعم «القائد» هذه الخطوة «لأنها كانت نقطة ضعف ويمكن أن تسبب مشاكل» في مواجهة الحاجة إلى المضي قدما في تنفيذ التخفيضات، على الرغم من أن النتائج المترتبة عليها كانت ضارة للغاية لجزء من الشعب.

لفت التقرير إلى نقطة مثيرة للقلق: مخاوف بشأن العصيان من قبل عناصر النظام مثل الجيش والحرس الثوري والأمن الداخلي والباسيج، وذلك بسبب تسلل أفكار عن الأحداث التي تقع في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، وأيضا بسبب المشكلة الأساسية في افتقاد حكومة أحمدي نجاد إلى الشرعية.

والمسألة التي أثارها التقرير تعلقت في كيف ستكون ردة فعل النظام في حال «انضمام أعضاء من النظام إلى المتظاهرين».

وبالنسبة إلى الحرس الثوري، قال التقرير، من دون الخوض في التفاصيل، إن فرق الحرس الثوري مستعدة لمواجهة هذا التحدي، ورسمت لنفسها عدة دوائر يمكن أن يأتي الخطر منها. واستنتجت أساليب يمكن من خلالها التعامل مع التمرد. لكن التقرير أشار إلى أن فرق الحرس قلقة لأن الإجراءات التي استعدت لاتخاذها قد لا تنجح، إذا انضمت الجماهير الغفيرة إلى المظاهرات، ولاحظ الحدود الضيقة التي يستطيع النظام التحرك فيها، بسبب الضغوط الداخلية والخارجية وبسبب التساؤلات المتعلقة بشرعيته.

وفي إجابة عن أسئلة محددة حول الخطر الذي تشكله «المعارضة الداخلية على النظام»، قال ضباط الاستخبارات، إنه في الوقت الراهن تم إضعاف المعارضة، ولا تعتبر التهديد الحقيقي للنظام، «إنما، كما الحال في الدول العربية، حيث اللاتوقعات أسفرت عن إسقاط وزعزعة أنظمة، فإن إيران يجب أن تفكر أكثر وأعمق بطرق أوسع، لإبعاد شبح اللاتوقعات عن تهديد نظامها».

هذا ما دفع إيران إلى تصعيد نشاطها السياسي والدبلوماسي حول المشكلة الأفغانية والوضع الإقليمي، لأسباب كثيرة أخرى لها علاقة بالمد السعودي. قدرت إيران أن علاقات الولايات المتحدة مع الحكومتين الأفغانية والباكستانية قد تعرضت لانتكاسة، وأن أي تعاف سريع أمر مستبعد، التركيز الإيراني المباشر يهدف إلى نسف خطط أميركا في إقامة قواعد عسكرية في أفغانستان والتوسع في منطقة حيوية من الناحية الاستراتيجية في آسيا الوسطى، وأيضًا الالتفاف على إيران من الشرق. فأكثر ما يقلق إيران هو أن القواعد العسكرية المزمع إقامتها تشمل «هيرات» و«شنداد» في غرب أفغانستان على الحدود مع إيران.

بعد النكسة التي منيت بها في البحرين، تسعى طهران إلى بعثرة طوق التحالف القائم بين أميركا ودول الخليج في أعقاب الاضطرابات في الشرق الأوسط. ولوحظ أن خامنئي حذر آصف زرداري الرئيس الباكستاني من أن «واشنطن تسعى إلى زرع بذور الشقاق في باكستان لتحقيق أهدافها غير المشروعة».

ترى إيران، أن باكستان هي دولة سنية كبيرة، وتكمن مصلحة إيران في أن لا تصبح باكستان جزءًا من التحالف الذي تقوده السعودية ضد إيران في الشرق الأوسط. هي تريد استغلال «صداقتها» مع باكستان لدحض الحملات التي تحذر من انقسام بين الشيعة والسنة في الشرق الأوسط، بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية.

أما أفغانستان، فإنها بعد كل شيء، أصبحت جزءًا من الشرق الأوسط الكبير، وتعترف إيران بأن باكستان حليف منذ فترة طويلة للولايات المتحدة والسعودية، لذلك فهي تعتقد بأنها إذا نجحت في استمالة أفغانستان وباكستان إلى معسكرها، في وقت يتعرض فيه معسكرها في الشرق الأوسط: سوريا، حزب الله و«حماس» إلى تهديد جدي، تصبح الدول الثلاث (إيران، أفغانستان وباكستان)، مركزًا استراتيجيًّا ذا أهمية كبرى على الجغرافيا السياسية لمنطقة شاسعة تمتد من بلاد الشام حتى وادي فرغانة في أوزبكستان.

إيران تستنجد بطموحاتها الإقليمية لتجنب المواجهة الحتمية في الداخل، لكن هذه الطموحات الإقليمية المتفرعة سيعرقلها الركود الاقتصادي الذي تعاني منه، وتزايد التناحر السياسي الذي يمكن أن يكلف أحمدي نجاد وظيفته.

لا يمكن التسرع في الحكم على الاستنتاج بأن إسلام آباد وكابل تنسقان معارضتهما للولايات المتحدة. أحمدي نجاد كان يحث على «التعاون الوثيق بين دول المنطقة حول قضايا السلام والأمن في الشرق الأوسط». يفكر «كبيرًا»، كي يتجاوز أزمة طموحاته الداخلية. «الاستغلال» كان متبادلاً، كرزاي وزرداري قاما بزيارة طهران مع الوعي الكامل بأنها «فعل تحد استراتيجي للولايات المتحدة»، والأهم من ذلك، كانا يعلمان بأن واشنطن ستتلقى الرسالة. هذا يعني، أن «عنصر إيران» سيعطيهما مجالاً للمناورة مع أميركا.

باختصار الثلاثة، كرزاي وزرداري وأحمدي نجاد يريدون جذب انتباه واشنطن، كل لهدف يختلف عن الآخر، رغم أن الهدف المشترك البعيد، هو «حماية أنظمتهم».


الكاتب :- هدى الحسيني

نجاد وخامنئي.. "سلطة المرشد" في مواجهة "بركات المهدي"

موقع الإسلام اليوم 27 من رجب 1432هـ / 29 من يونيو 2011م

"هل انقلب السحر على الساحر؟"، لعل ذلك أول ما يرد على ذهن المتابع للخلاف المحتدم في إيران، بين الرئيس محمود أحمدي نجاد ومعسكر المحافظين ورجال الدين، الذي يتزعمه المرشد الأعلى علي خامنئي، وإن كان المرشد –حتى الآن- يسعى للحفاظ على صورته كمرجعية تحتضن الجميع تحت عباءتها، لكن مجريات الأمور تشير إلى صدام وشيك بين الطرفين، وأن ما حدث خلال أزمة استقالة وزير الاستخبارات حيدر مصلحي، التي فرض فيها المرشد سلطته، وأجبر نجاد على إعادته لمنصبه، لا يعدو أن يكون "بروفة مصغرة"، لانفجار أكبر تتجمع نُذره مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في مارس 2012.

وللتذكرة، فإن صعود نجاد، المهندس البسيط القادم من رئاسة بلدية طهران، في انتخابات الرئاسة عام 2005، لم يكن مجرد صدفة أو "اجتهادًا فرديًّا" من نجاد، فالأمر جرى تدبيره والتخطيط له بمهارة فائقة من قبل معسكر المحافظين، المقرب من خامنئي، لقطع الطريق على المرشح الأبرز في تلك الانتخابات، هاشمي رفسنجاني، في العودة مجددًا لكرسي الرئاسة.

وسبب ذلك أن "رفسنجاني"، المدعوم بقوة من البازار (كبار التجار)، وصاحب العلاقات المتشعبة دوليًّا وإقليميًّا، لم يكن ليقبل بأقل من اقتسام حقيقي للسلطة مع المرشد، كما أن دهاءه السياسي ونفوذه المتغلغل داخل الحوزة الدينية، كان سيجعله في موقع أقوى بكثير من الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، الذي تحول في سنوات حكمه الأخيرة إلى "رئيس صوري"، بعدما جرده فريق المرشد من أي صلاحيات، فيما أحكم المحافظون قبضتهم على البرلمان.

"صعود نجاد"

ولتجنب هذا السيناريو، ونظرًا لافتقاد معسكر المحافظين لشخصية كاريزمية قادرة على هزيمة رفسنجاني، جرى الدفع بـ "نجاد" إلى واجهة المشهد، ورغم أنه ليس من رجال الدين أو الحرس الثوري أو حتى الساسة المحسوبين تقليديًّا على المحافظين، إلا أنه يتمتع بلمسة تدين تكسو وجهه، فضلًا عن زهده وبساطته، ويضاف لذلك النقلة الضخمة التي حققها في بلدية طهران، ونجاحه في حل الكثير من مشاكلها المستعصية، وهو ما منحه شعبية واسعة، خاصة بين سكان الأحياء الفقيرة، التي أمدها نجاد بمختلف المرافق والخدمات بعد طول حرمان.

وهكذا جرى الترويج لنجاد باعتباره "منقذ الفقراء ونصير المستضعفين"، في حين وصم رفسنجاني بـ"الارستقراطي فاحش الثراء"، والمتحالف مع المستغلين وأباطرة المال، وبالفعل نجح ذلك السيناريو، واكتسح نجاد الانتخابات، مدعومًا بأصوات الفقراء والبسطاء، خاصة في المحافظات النائية، بعدما وعدهم نجاد باقتسام عادل لثروات البلاد.

وتكرر سيناريو دعم المرشد ومعسكر المحافظين لنجاد في انتخابات 2009، لكن هذه المرة في مواجهة أعداء الثورة المتحالفين مع الغرب، ممثلين في التيار الإصلاحي، بقيادة مير حسين موسوي، خاصة أن نجاد أثبت في سنوات حكمه الأولى ولاءً كاملًا للمرشد، كما أحدث نوعًا من "تجديد الدماء" داخل الثورة التي أوشكت أن تشيخ وتفقد بريقها وسط الإيرانيين. إضافة إلى أن صورة نجاد "الزاهد الورع"، الذي يتكلم بصراحة وبساطة، ودونما مراوغة أو تردد، منحت إيران بريقًا جذابًا في أنحاء كثيرة من العالم، خاصة في أوساط المسلمين الذين طربوا لهجومه الضاري على إسرائيل، وكلماته الحماسية عن فلسطين والمقاومة، وانتقاداته الحادة للغرب وهيمنته.

"بداية الفراق"

إلى هنا وتبدو علاقة نجاد وخامنئي في "انسجام كامل"، باستثناء مناوشات متكررة من البرلمان، الخاضع لسيطرة المحافظين، (لفرملة) قرارات نجاد الجامحة، أو لمنعه من الجور على سلطات هيئات أخرى، وكان المرشد –عادة- يترك الأمور لمساومات الطرفين، أو يتدخل لطرح صيغة وسط، لكنه دومًا كان يؤكد دعمه لنجاد وسياسته، ثم ظهر أول "خلاف جدي" بين الرجلين مع العرض الذي قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لنقل يورانيوم إيراني منخفض التخصيب إلى الخارج لتخصيبه إلى درجة أعلى، ثم إعادته لإيران مرة أخرى، حيث أبدى نجاد ترحيبًا بالعرض، وبدأت حكومته في التفاوض على تفاصيله، لكن اعتراضات من جانب المرشد جعلت التفاوض يصل إلى طريق مسدود.

ومع أن هذا الخلاف لا يعد "مفصليًّا"، فالدستور يمنح المرشد "الكلمة الفصل" في كافة شئون الدولة، إلا أن الخلاف لم يكن سوى "قمة طافية"، لصراع رهيب على الصلاحيات والنفوذ بين فريق نجاد وفريق المرشد، ويبدو أن نجاد قد تجاوز "الخطوط الحمراء" عندما سعى بقوة لزرع مؤيديه في أجهزة وهيئات نافذة، تخضع لسلطة المرشد مباشرة، مثل الحرس الثوري والاستخبارات، كما منح نجاد الوزارات السيادية لأشخاص يدينون بالولاء التام له، في حين أقصى آخرين مقربين من المرشد، على غرار ما حدث مع مصلحي، وفي بعض الأحيان كان المرشد يتدخل لترضية المستبعدين ومنحهم مناصب بديلة، كما حدث مع علي لاريجاني، الذي أطاح به نجاد من إدارة الملف النووي، لكن المرشد دفع به لرئاسة البرلمان.

"إلغاء النيابة"

وإذا كان من الممكن تفهّم الصراع بين نجاد وفريق المرشد على الصلاحيات ومراكز النفوذ، في ظل النظام الدقيق لتقاسم السلطة الذي وضعه الخميني، ويحول عمليًّا دون انفراد أيٍّ من الساسة أو رجال الدين بمفاصل الحكم، إلا أن "ثورية نجاد" -على ما يبدو- دفعته لمحاولة قيادة "ثورة داخل الثورة"، فإذا كانت ثورة الخميني قد أنهت حالة "الإستكانة الشيعية" في انتظار الإمام الغائب، ومنحت قيادة الدولة لـ "ولي فقيه" باعتباره نائبًا عن الإمام الغائب، فإن "ثورة نجاد" تريد إبطال تلك النيابة، والإيحاء بأن الإمام الغائب أو "المهدي المنتظر" يتمثل في صورته وأنه يتمتع بدعمه وبركته، وأن ظهوره بات وشيكًا، مما يستوجب التمهيد له عبر خطوات ثورية.

وحديث نجاد عن التواصل المباشر مع المهدي المنتظر -وهو أمر جائز وفقًا للمذهب الشيعي- يعني عمليًّا سلب المرشد سلطته الروحانية، فإذا كان الرئيس يتواصل مع المهدي مباشرة، فما هي الحاجة إلى نائب (أي المرشد)، وخطورة هذه النظرية تكمن في أن نجاد يتمتع بشعبية طاغية في أوساط كثير من البسطاء، وهؤلاء يتعلقون بفكرة المهدي، ويهيئون أنفسهم لظهوره، كي ينصفهم ويقيم العدل، ولذا فهم مستعدون لتصديق تلك الروايات، خاصة إذا جاءت من شخص يثقون به مثل نجاد، الذي يصور نفسه كأحد جنود المهدي، وليس نائبًا له أو قائدًا يتحدث باسمه، ويضرب نجاد على هذا الوتر بذكاء، حيث يُرجع أي نجاح تحققه إيران أو فشل يمنى به خصومها -كسقوط النظام المصري الموالي للغرب- إلى دعم وتأييد المهدي المنتظر.

"بركات المهدي"

ولم يقتصر الأمر على خطابات نجاد، حيث أقدم رحيم مشائي، صهر ومدير مكتب نجاد، على إنتاج فيلم وثائقي بعنوان "ظهور إمام الزمان بات وشيكًا"، وجرى توزيع ملايين النسخ المجانية منه داخل وخارج إيران، وفي حين وصف رجال الدين المحافظون الفيلم ومنتجه بـ"الشعوذة والتحريف"، فإنهم تجنبوا تصويب سهامهم صوب نجاد مباشرة، وركزوا هجومهم على مشائي، واعتبروه المسئول عن زرع تلك الأفكار في عقل نجاد، حيث سبق للمحافظين خوض معركة ضارية ضد تعيين مشائي نائبًا للرئيس، وتدخل المرشد لإجبار نجاد على سحب الترشيح، وهو ما حدث، لكن نجاد أعاد تعيين "مشائي" مديرًا لمكتبه.

ويتحدث البعض عن تحركات لمعسكر نجاد تستهدف الدفع بقائمة كاملة لمنافسة المحافظين في الانتخابات البرلمانية، على أن يتم الدفع بـ"مشائي" في انتخابات الرئاسة المقررة بعد عامين، حيث لا يحق لنجاد الترشح لفترة ثالثة، ولعل ذلك ما يفسر محاولات نجاد الدفع بمؤيديه إلى مواقع مهمة داخل الدولة، فالرجل لا ينوي التواري عقب انتهاء ولايته الثانية، وإنما يعتزم البقاء في صدارة المشهد، ولو من وراء ستار، سواء كان هذا الستار "رحيم مشائي أو "المهدي المنتظر" نفسه.

لكن السؤال الأهم هو: هل يستطيع نجاد تحدي سلطة المرشد، خاصة أن هناك من توعده بمصير أبو الحسن بن صدر، أول رئيس لإيران عقب الثورة، حيث تمرد على الخميني، فكان مصيره الطرد من الحكم والنفي خارج البلاد، كما أن رفسنجاني بكل نفوذه وتاريخه فشل في تحدي خامنئي.. فهل يعول أحمدي نجاد على "بركات المهدي"؟!


الكاتب :- مصطفى عياط

ورطة النظام السوري كبيرة

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 26 من رجب 1432هـ / 28 من يونيو 2011م

سمح نظام الأسد للمعارضة بالاجتماع في أحد فنادق دمشق، لتناقش أوضاع البلاد ومستقبلها ومستقبل الإصلاح فيها، لكن التشكيك في تلك الخطوة كبير، ومحق؛ فالاجتماع يأتي بموافقة النظام، فهل هذا الاجتماع طوق نجاة للنظام، أم هو مجرد محاولة لشق صفوف المعارضة، حتى داخليا؟

قناعتي أن نظام الأسد يحاول الخروج من مأزقه الحالي، داخليا وخارجيا، وبكل الحيل، خصوصا أن وعود النظام، منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية، لم ينفذ منها شيء. ولفهم ذلك، علينا أن نتنبه لأمر مهم؛ فنظام الأسد لجأ إلى المعارضة نفسها في عام 2002 بعد توليه الحكم، واجتمع يومها بأحد المعارضين البارزين، وطلب من المعارضة الاجتماع وتقديم خارطة طريق، أو مقترحات للإصلاح الذي يرونه ضروريا للبلاد. وهذا ما حدث بالفعل؛ حيث اجتمعت المعارضة السورية وخرجت بمقترحات، كان أولها: القضاء على الفساد الحكومي، وتم تسليم المقترحات وقتها للرئيس بشار الأسد، لكن ما النتيجة؟

النتيجة كانت سجن أعضاء المعارضة، ومنهم المعارض الذي طلب منه الأسد الاجتماع، وخرج بعضهم عام 2005 من السجن، والمحصلة هي أن الرئيس استخدمهم وقتها لترسيخ رسالته، التي أراد منها المشروعية بعد أن ورث والده، بالداخل السوري؛ حيث أراد أن يظهر وقتها أمام السوريين أنه رجل الإصلاح، والتطوير، وليس الرئيس الوريث وحسب.

اليوم يستخدم النظام المعارضة نفسها، ليس لأنه مؤمن بالإصلاح والمطالب المشروعة للمواطنين السوريين.. فمن يؤمن بذلك كله لا يواصل القتل، والقمع، والاعتقال، والتهجير.. بل إن النظام يستعين بالمعارضة الداخلية اليوم ليمنح نفسه الشرعية أمام الخارج هذه المرة، وليس الداخل؛ فالنظام جرب التحرش بالأتراك عبر الحدود، على أمل تفعيل سياسة الاستفزاز التي يتقنها خارجيا. ولكن، كما أسلفنا ذات مرة، لم يحصل على عرض فحواه «افعل هذا.. وخذ ذاك»، بل إن المجتمع الدولي يطرقه كل أسبوع بمطرقة العقوبات التي تبقى واحدة منها، وهي الصادرات البترولية، ولو تمت لخر النظام واقفا، والحديث يقول إنها تقترب.

عليه، فإن ورطة نظام الأسد اليوم كبيرة لعدة أسباب، أهمها هو: ماذا لو خرجت المعارضة بكل ما يريده، وصمت المجتمع الدولي؟ ولكن خرجت المظاهرات يوم الجمعة الماضي بالمستوى نفسه الذي تخرج به كل جمعة، وواصلت رفض النظام، وكالعادة مارس النظام معهم القتل والتنكيل.. فما موقف المعارضة وقتها؟ وما موقف النظام والشارع يرفضه ويرفض المعارضة التي اجتمعت بأحد الفنادق؟ هنا ستكون ورطة للنظام الذي يصعب تصديقه، داخليا وخارجيا، فهو النظام نفسه الذي وصف المعارضة بالمتآمرين خارجيا، وهو النظام نفسه الذي أجبر الأب على أن يتبرأ من ابنته، والابن على أن يتبرأ من أبيه، ويكفي منظر والد الطفل حمزة الخطيب وهو يثني على الرئيس بشكل محزن، فكيف يصدق العالم بعدها أي رواية سورية، خصوصا أنه لا شيء ملموسا تم تحقيقه على الأرض؟

ملخص القول: إن موقف النظام صعب جدا، بحكم الزمان والتركيبة، فإن أصلح سقط، وإن بقي على حاله سقط، وإن تخلف أكثر سقط أيضا؛ لذلك فإن ورطة النظام كبيرة، ودعونا نرَ المقبل من الأيام.


الكاتب :- طارق الحميد

الأربعاء، 29 يونيو 2011

النظام السوري باع الجولان واليوم يسحق الشعب

السياسة الكويتية 27-رجب-1432هـ / 29-يونيو-2011م

تواترت الروايات في ما يتعلق باحتلال إسرائيل لهضبة الجولان السورية أثناء حرب عام 1967 بين العرب وإسرائيل أن هذا الاحتلال لم يكن أمرًا طبيعيًا وذلك بسبب الوضع الجغرافي المحصن لهذه الهضبة باعتبارها في وضع مرتفع جدًا يصعب معه على الجيش الإسرائيلي احتلالها, وإنما تم الاحتلال الإسرائيلي بطريقة سهلة وبأسلوب خياني في الجانب السوري.

ففي إحدى هذه الروايات المتواترة المنقولة عن بعض ضباط الجيش السوري المشاركين في القتال إن الجيش السوري كان على وشك تحقيق نصر كبير على إسرائيل حيث نزل الجيش السوري من هضبة الجولان وكان يلاحق فلول الجيش الإسرائيلي المندحر وفجأة تلقى الجيش السوري الأوامر من وزير الدفاع السوري - آنذاك - حافظ الأسد بضرورة الانسحاب بسبب سقوط الجولان في يد إسرائيل, وهو أمر مستغرب, إذ كيف تسقط الجولان والجيش الإسرائيلي داخل الأرض المغتصبة سنة 1948? وهذا دليل على أن حافظ الأسد كان يخطط للوصول للحكم منذ ذلك الوقت, وانه تنازل عن الجولان لإسرائيل مقابل صفقة معها لكي يصل للحكم ثم بعد ذلك يتخذ من الجولان ورقة للمناورة من اجل الاستمرار في الحكم.

وما يؤكد ذلك عدم وجود أي مقاومة مسلحة من الجانب السوري منذ سنة 1967 حتى اليوم بهدف تحرير الجولان, كما أن ما يؤكد ذلك انزعاج إسرائيل من انتفاضة الشعب السوري الحالية ضد نظام الحكم الاستبدادي الخائن لكونها ترى مصلحة لها في استمرار هذا النظام حيث ظلت جبهة الجولان هادئة طيلة فترة حكم حافظ الأسد ثم فترة حكم ابنه بشار الحالية.

وبدلاً من أن يعمل هذا النظام الطائفي على تصحيح الخطأ التاريخي ببيع الجولان بالعمل على تحريرها كما فعلت مصر بتحرير سيناء والأردن بتحرير أراضيه في وادي عربة, وتحسين مستوى حياة الشعب السوري رأيناه يقوم بإشعال وقود الفتنة وعدم الاستقرار في لبنان, ويقوم بخدمة أهداف إيران التوسعية والمذهبية في المنطقة العربية, كما رأيناه يقوم بقمع وقتل الشعب السوري كما حصل في حماة سنة ,1982 حيث قتل ما يزيد عن 20 ألفًا وتم اعتقال ما يزيد عن 40 ألفًا لا يزال مصيرهم مجهولا حتى اليوم.

وكما يحدث اليوم حيث واجه النظام الظالم انتفاضة الشعب السوري بكل قواته المسلحة وجلاوزته وجلاديه يساعده في ذلك النظام الصفوي الإيراني وما يسمى بـ»حزب الله« باعتبار أن استمرار النظام السوري الاستبدادي والطائفي يخدم مصالح إيران و»حزب الله« ولكن الشعب السوري بإذن الله سيستمر في ثورته حتى يحقق النصر بإسقاط هذا النظام الفاسد ولن يثنيه عن ذلك ازدياد عدد الشهداء ومدرعات ودبابات النظام العميل, بل إن زيادة عدد الشهداء تكون دفعا قويا للاستمرار في الانتفاضة, فالشعب السوري أدرك أن هذا النظام أصبح من مخلفات الماضي وانه لن يقوم بأي إصلاح جدي مادام انه يعتمد في الحكم على القمع والفساد والطائفية والتحالف مع ايران و»حزب الله«.

* كاتب :- د. عبدالرحمن مبارك الدوسري


إسرائيل.. وخيارات مواجهة إيران ؟

موقع أخار البشير 25 من رجب 1432هـ / 27 من يونيو 2011م

تكتسب التحذيرات غير المسبوقة التي وجَّهها رئيس جهاز الموساد المنصرف مئير دغان لدائرة صُنْع القرار السياسي في تل أبيب من مَغَبَّة توجيه ضربةٍ عسكريةٍ للبرنامج النووي الإيراني- أهميةً خاصة؛ فعلى مدى ثلاثة أسابيع وفي أربع مناسبات مختلفة، حذَّر دغان من "التداعيات الكارثية" لأيِّ قرار إسرائيلي بضرب المنشآت النووية الإيرانية. وسرعان ما هَيْمَنت هذه التحذيرات والردود عليها على الجدل الداخلي في إسرائيل، فالذي أطلق هذه التحذيرات هو الشخص الذي فوَّضته آخرُ ثلاث حكومات إسرائيلية بقيادة الجهود الهادفة لإحباط المشروع النووي الإيراني.

وقد تبيَّن من خلال احتدام هذا الجدل، أن جميع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الذين أنهوا خدمتهم خلال الفترة القريبة الماضية، يتبنون موقف دغان، ويعتبرون أنَّ توجيه أي ضربة لمشروع إيران النووي يُمثِّل خطأ استراتيجيًّا، ستدفع إسرائيل مقابله ثمنًا أكبر من قدرتها على التحمل.

المستوى السياسي متحمِّس لضرب إيران

بخلاف الانطباع الذي كان سائدًا حتى الآن، فإنَّه يُسْتَدَلُّ من تحذيرات دغان والتسريبات الإعلامية التي جاءت في أعقابها أنَّ المستوى السياسي في تل أبيب مُمَثَّلٌ بكل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه إيهود براك قد حاول بكل ما أُوتِي من قوة إقناع المستويات الأمنية العليا بتأييد توجههما لتسديد ضربة استباقية للمشروع النووي الإيراني. وقد تبيَّن أن كلاًّ من جابي إشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش ويوفال ديسكين رئيس المخابرات الداخلية "الشاباك"، وعاموس يادلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، الذين كانوا على رأس مهامهم حتى وقت قريب، قد شاركوا دغان في التصدِّي لمحاولات نتنياهو وبراك جر إسرائيل لضرب إيران.

وهناك من يقول: إنَّ وصف الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس لإشكنازي على وجه الخصوص بأنَّه "أعظم رئيس هيئة أركان للجيش في تاريخ إسرائيل"، يرجع بشكلٍ أساسي لموقفه الحاسم في رفض ضرب إيران، وهو ما جعل نتنياهو وبراك يعاقبانه بعدم التمديد له بعام إضافي في رئاسة أركان الجيش، كما جرت العادة.

ضربة بنجاعة محدودة

تنبع اعتبارات قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الرافضين لضرب إيران من حسابات الرِّبْح والخسارة؛ فهؤلاء يجزمون أن قدرة إسرائيل على توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني محدودة جدًّا، وذلك بسبب الانتشار الواسع للمنشآت النووية الإيرانية. فقد حرص الإيرانيون على نشر المنشآت النووية على مساحة جغرافية هائلة، بحيث تتمّ كل مرحلة من مراحل تطوير البرنامج النووي في منشأة منفصلة عن المنشآت التي تتم فيها المراحل الأخرى، مما يعني أن توجيه ضربة قوية لهذه المنشآت يتطلب قدرات تفوق إمكانيات إسرائيل.

في نفس الوقت، فقد حرص الإيرانيون على بناء منشآتهم النووية في عمق الأرض؛ بحيث إن ضمان تدمير هذه المنشآت يتطلب توفّر إمكانيات عسكرية وتقنية ولوجستية، يستدلّ من حديث دغان إنها لا تتوفر لإسرائيل. ويرَى الإسرائيليون أن الإيرانيين استخلصوا سريعًا العبر من تجربة البرنامج النووي العراقي، الذي تمكنت إسرائيل من تدميره عام 1981، حيث كانت كل مراحل هذه البرنامج تتم في مفاعل ذرِّي واحد.

كابوس الحرب الإقليمية الطويلة

يرى قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنه إزاء الضمانات المحدودة جدًّا لنجاح الضربة الإسرائيلية، فإنَّ هناك خطر قيام إيران بردٍّ انتقاميٍّ كثيف على إسرائيل. وحسب هؤلاء القادة فإنَّ إيران بإمكانها أن تُطْلِق عشرات الآلاف من الصواريخ على إسرائيل، ولعدة أشهر، بحيث يؤدِّي ذلك إلى إصابة إسرائيل بالشلل الكبير.

ويرى هؤلاء القادة أنه في حكم المؤكّد أن ينضم حزب الله إلى الجهد الحربي الإيراني، وهو ما يعني أن ضرب إيران سيفتح المجال أمام اندلاع حرب إقليمية طويلة، تملك إسرائيل فيها خيارات محدودة؛ حيث إنَّ الخيار الوحيد المتاح أمام إسرائيل لوقف هذه الحرب هو استخدام سلاحٍ غيرِ تقليدي، وهذا ما لن يكون بوسع إسرائيل حشد دعم دولي له. والذي يجعل هذا السيناريو كابوسًا مقلقًا لقادة الأمن حقيقة أن كل المعطيات تؤكِّد أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير جاهزة لمواجهة هذه الحرب.

ويعيد الكثيرون في إسرائيل إلى الأذهان عجز الحكومة الإسرائيلية الحالية عن مواجهة الحريق الذي التهم الأحراش التي تكسو جبل الكرمل في حيفا قبل عام، مع العلم أن الخسائر التي نجمت عن هذا الحريق ستكون "مزحة" مقارنة مع الخسائر التي ستتكبدها الجبهة الداخلية في ظل أي حرب إقليمية طويلة.

شرعية التحول للبرنامج النووي العسكري

ومما لا شك فيه أن أخطر تداعيات الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران، في نظر القادة الأمنيين الصهاينة، يتمثَّل في انهيار الضغوط الدولية التي تُمارَس على طهران حاليًا لوقف برنامجها النووي، بالإضافة إلى تهاوِي منظومة العقوبات الاقتصادية التي تتعرض لها الجمهورية الإسلامية، والتي نجحت الإدارة الأمريكية في حشد عددٍ كبيرٍ من الدول للإسهام فيها.

في نفس الوقت فإنَّ مثل هذه الضربة ستحرِّر إيران نهائيًّا من التزاماتها الدولية بعدم إنتاج السلاح النووي، وسيمكن هذا الواقع إيران من نقل برنامجها النووي بشكل سريع وعلني من الطابع المدني للطابع العسكري، دون أن تخشى تبعات هذه الخطوة. وسيفسح هذا الواقع الطريق أمام إيران لإجراء تجارب نووية بشكل مُعْلَن، حيث يتوقع على نطاق واسع أن يؤدّي هذا الواقع إلى سباق نووي في المنطقة، لن يقتصر على إيران.

وتخشى الهيئات القيادية الأمنية في تل أبيب أن يؤدي نجاح إيران في تطوير سلاح نووي، إلى مضاعفة الدافعية لدى دول عربية، ترى إسرائيل أن حصولها على السلاح النووي أكثر خطورة على أمنها ومصيرها من حصول إيران عليه، لا سيما مصر والسعودية وسوريا، على اعتبار أن هذه الدول أقرب للكيان الصهيوني، عوضًا عن أن إمكانية مشاركتها في حرب ضد إسرائيل في المستقبل أكبر من مشاركة إيران.

وترَى الهيئات القيادية الأمنية الإسرائيلية أن الحكم بأن إيران تطوِّر سلاحًا نوويًّا من أجل استخدامه ضد إسرائيل فيه كثير من المبالغة، حيث تشير هذه القيادات إلى أن الإيرانيين مَعْنِيّون بتطوير برنامجهم النووي لتعزيز مكانتهم في منطقة الخليج العربي، على اعتبار أن هذا المسوّغ هو أكثر المسوغات منطقية مقارنة مع المسوغات الأخرى.

ومن الواضح أن أي ضربة إسرائيلية لإيران ستتمّ بدون موافقة الأمريكيين، الذين عبروا أكثر من مرّة عن رفضهم أي خطوة عسكرية إسرائيلية أحادية الجانب، وذلك لإدراك الإدارة الأمريكية أن لدى الإيرانيين الكثير من الأوراق التي بإمكانهم توظيفها في إيذاء الولايات المتحدة، لا سيما في أفغانستان والعراق.

الرهان على العمليات السرية

لا يجب أن يفهم من اعتراض النُّخبة العسكرية الإسرائيلية على توجيه ضربة عسكرية للمشروع النووي الإيراني، أنها تقترح التسليم بتطور البرنامج النووي الإيراني؛ فدغان ألْمَح أكثر من مرة إلى ما نُسِب من دور للموساد في تعطيل البرنامج النووي وذلك عبر شنّ حرب إلكترونية سرية تتمثل في استخدام فيروس "ستاكسنت"، الذي عمل على تعطيل الحواسيب التي تشغل أجهزة الطرد المركزي المسئولة عن تخصيب اليورانيوم.

في نفس الوقت، فإن كل الدلائل تؤكِّد أن الموساد هو المسئول عن تصفية عدد من علماء الذرة الإيرانيين في تفجيرات غامضة في طهران. وقد حاكمت السلطات الإيرانية وأعدمت عددًا من الإيرانيين الذين جنَّدهم الموساد وأسهموا في تزويد المشروع النووي الإيراني بتجهيزات معطوبة أثرت سلبًا على تطوره. ويقترح دغان ورفاقه أن تواصل إسرائيل تنفيذ العمليات التي لا تترك أثرًا يدين إسرائيل ويبرّر لإيران مهاجمتها.

إسرائيل بلا خيار عسكري

لا شكَّ أنه في ظل تحذيرات دغان العلنية، فإنَّه سيكون من الصعب جدًّا على نتنياهو تمرير أي قرار بشأن توجيه ضربة لإيران. صحيح أنه من ناحية نظرية يحقّ للمستوى السياسي في إسرائيل اتخاذ أي قرار بشأن ضرب إيران، بغضّ النظر عن موقف المستوى العسكري، لكن المستوى السياسي يَعِي في المقابل أنه في حال كان هناك احتمال أن تفشل الضربة، ولو كان ضئيلاً، فإنّ المستوى السياسي هو الذي سيتحمَّل وحده المسؤولية عن الفشل؛ لذا من الصعب جدًّا أن يُقْدِم نتنياهو على ضرب إيران في ظلّ مجاهرة قادة الأجهزة الأمنية- الذين كانوا على رأس عملهم حتى وقت قصير- بتحذيره من تداعيات هذه الخطوة.

إنَّ النتيجة المباشرة لتحذيرات دغان هو تهاوي عنصر الردع الإسرائيلي في مواجهة إيران، بحيث إنه بإمكان إيران أن تبني خطواتها على أساس أن قيام إسرائيل بضرب مشروعها النووي بات أمرًا مستبعدًا.

الكاتب :- صالح النعامي

انت مطرود من العمل و - سلسلة هوليدي إن !

أنت مطرود من العمل ؟
*
التحق شاب امريكى يدعى " والاس جونسون " بالعمل فى ورشه كبيره لنشر الاخشاب وقضى الشاب فى هذه الورشه احلى سنوات عمره ،

حيث كان شابا قويا قادرا على الاعمال الخشنه الصعبه ،
وحين بلغ سن الاربعين وكان فى كمال قوته
واصبح ذا شأن فى الورشه التى خدمها لسنوات طويله فوجىء برئيسه فى العمل يبلغه انه مطرود من الورشه وعليه ان يغادرها نهائيا بلا عوده !

فى تلك اللحظه خرج الشاب الى الشارع بلا هدف ، وبلا امل وتتابعت فى ذهنه صور الجهد الضائع الذى بذله على مدى سنوات عمره كله ، فأحس بالاسف الشديد وأصابه الاحباط واليأس العميق واحس " كما قال ؛

وكان الارض قد ابتلعته فغاص فى اعماقها المظلمه المخيفه ..

لقد اغلق فى وجهه باب الرزق الوحيد ، وكانت قمه الاحباط لديه هى علمه انه وزوجته لا يملكان مصدرا للرزق غير اجره البسيط من ورشة الاخشاب ، ولم يكن يدري ماذا يفعل!!

وذهب الى البيت وابلغ زوجته بما حدث
فقالت له زوجته ماذا نفعل ؟
فقال : سأرهن البيت الصغير الذي نعيش فيه وسأعمل فى مهنة البناء ..
وبالفعل كان المشروع الاول له هو بناء منزلين صغيرين بذل فيهما جهده ، ثم توالت المشاريع الصغيره وكثرت واصبح متخصصاً فى بناء المنازل الصغيره ، وفى خلال خمسة اعوام من الجهد المتواصل

اصبح مليونيراً مشهورا إنه " والاس جونسون " الرجل الذى بنى سلسله فنادق ( هوليدي إن ) انشأ عدداً لا يحصى من الفنادق وبيوت الاستشفاء حول العالم ..

يقول هذا الرجل فى مذكراته الشخصيه ؛ لو علمت الآن أين يقيم رئيس العمل الذى طردني ، لتقدمت إليه بالشكر العميق لأجل ما صنعه لي ، فَ عندما حدث هذا الموقف الصعب تألمت جدا " ولم افهم لماذا سمح الله بذلك ، اما الآن فقد فهمت ان الله شاء ان يغلق فى وجهى باباً " ليفتح امامى طريقا " أفضل لى ولأسرتى .

دوماً لا تظن أن أي فشل يمر بحياتك
هو نهاية لك .. فقط فكر جيداً
وتعامل مع معطيات حياتك
وابدأ من جديد بعد كل موقف
فالحياة لا تستحق أن نموت
حزناً عليها لأنه بإستطاعتنا أن
نكون أفضل
كن واثقا بالله وبحكمه الله سبحان الله.

الثلاثاء، 28 يونيو 2011

حزب الله.. ماذا الآن ؟

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 25 من رجب 1432هـ / 27 من يونيو 2011م
«لا، هذا ليس إنكارًا، بل انتقائية في التقبل» (بيل واترسون)

أطل السيد حسن نصر الله مجددا قبل نهاية الأسبوع، ليخاطب جمهور حزبه، واستطرادا عموم اللبنانيين والعرب ومن يهمهم الأمر، حول أحدث ما يشغل قيادة «الحزب».

لكثيرين لم يحمل كلام السيد نصر الله جديدا، بل إنه جاء قليل الانفعال نسبيا على الرغم من الفترة الحرجة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص سوريا ولبنان. غير أنه كان لافتا إعلانه اعتزازه بالحكومة اللبنانية الجديدة، التي تبناها -كما هو متوقع- وحثه معارضيها على الابتعاد عن التحريض «الخارجي» عليها. وكذلك في تعامله مع الاختراقات الأمنية التي سجلت في الفترة الأخيرة، والتي رأى بعض المتابعين أنها في أفضل الأحوال محرجة لحزب الله وفي أسوئها تثبت أن «الحزب» معرض مثله مثل أي تنظيم آخر لاختراقات استخباراتية معادية.

حقيقة الأمر أن تطورات الأشهر القليلة الأخيرة في المنطقة العربية، ما كان من الممكن إلا أن تؤثر في وضع حزب الله، وهذا، مع الأخذ في الاعتبار الدور المتنامي الذي بات يلعبه داخل لبنان وخارجه. وهنا، بالذات عند نقطة «الداخل والخارج»، لدى حزب الله مشكلة جدية مع خطابه السياسي، ومع أولئك الذين يخصهم بهذا الخطاب. فعند نقطة «الداخل والخارج» تضعف حجة «الحزب» كثيرا، أسباب يفترض أنها بديهية، غير أن قيادة «الحزب» -على ما يبدو- لا تكترث بهذا الواقع، بل تحاول الالتفاف عليه.

بداية، حزب الله لا يعترف بأن المرجعية الإيرانية في قم «خارجية»، بما أنه يؤمن بـ«ولاية الفقيه»، و«الولي الفقيه»، كما نعلم موجود خارج حدود لبنان، بل خارج حدود العالم العربي. ووفق هذا المنطق لا يجوز لـ«الحزب» أن يغضب إذا ما اعتبر الماروني والكاثوليكي حاضرة الفاتيكان من «أهل البيت»، ونظر الأرثوذكسي إلى الروس على أنهم مرجعيتهم وحاميتهم السياسية، كما فعل في الزمن غير البعيد الصرب والبلغار في مواجهة العثمانيين والنمساويين. ثم إنه سبق لأجداد لبنانيي اليوم أن عاشوا هذه «الولاءات» المصطنعة خلال القرن التاسع عشر الميلادي، عندما نصبت كل دولة أوروبية نفسها «حامية» و«راعية» لإحدى الطوائف.. تحت أنظار السلطان العثماني، خليفة المسلمين.

ثم عندما أطل «الربيع العربي»، اختار حزب الله أن يدلي بدلوه في الانتفاضات العربية. ولكن تبين في ما بعد أن قراءته للتغيير جاءت مجزوءة وانتقائية. واعتبار السيد نصر الله في خطابه الأخير أن المنتفضين على النظام السوري يخدمون المشروع الإسرائيلي-الأميركي قضية تستدعي وقفة تفكير. فما نعرفه أن النظام في دمشق مستمر منذ أكثر من 40 سنة على حدود صامتة ساكنة مع إسرائيل. ونعرف أن قادة إسرائيل أعربوا في غير مناسبة عن «قلقهم» من أي تغيير يمكن أن يحدث على حدودهم الشمالية الشرقية. وكما يتذكر المتذكرون، كانت إسرائيل وراء دعوة واشنطن لسوريا إلى «قمة أنابوليس» (خريف 2007) إبان عهد الرئيس جورج بوش الابن، كما أنها اكتفت، حتى عندما كانت «تكتشف» نشاطات تسليحية أو تدريبية على الأراضي السورية، بتوجيه «رسائل» قصف.. لم تصل ولو مرة واحدة إلى التلويح بإسقاط النظام.

هذه حقائق. وإدراك القيادة الإسرائيلية مدى عمق العلاقة بين طهران ودمشق، وطبيعتها أيضا، من الحقائق المحسومة. لكن ما لم يرغب السيد نصر الله في التوقف عنده هو الحقيقة السياسية الأهم، وهي أن الأنظمة قابلة للتغيير والتبديل، وأن القوى الفاعلة قد تقرر أن تبقي على تفويضها لنظام ما، أو ترى من منطلقات مصلحية أن الوقت قد حان لسحبه. وهكذا، عندما تنتفض الشعوب بصدور عارية يصبح الإبقاء على أي نظام مسألة مكلفة سياسيا. وبالتالي، فإن أي مواطن سوري يخرج للتظاهر وفي حسابه احتمال أن يسقط قتيلا برصاص القناصة أو «الشبيحة».. لا يمكن أن يفعل ذلك تنفيذا لمشروع «خارجي». إنه يفعل نتيجة كبت وقهر «داخليين».

أما بالنسبة إلى حكومة لبنان الجديدة، التي قال عنها الأمين العام «فخر لنا أن تكون هذه الحكومة بما فيها من تيارات سياسية وتمثيل لغالبية شعبية أن تسمى بحكومة حزب الله، لكن الحقيقة أنها ليست كذلك»، فأغلب الظن أن اللبنانيين، على جانبي السياج السياسي الفاصل، يعرفون ماهيتها تماما. ويفهمون جيدا أن لحزب الله فيها أكثر بكثير من وزيرين.

أولا، من دون أي محاولة تحريض، اللبنانيون على بينة من هوية القوة المسلحة المسيطرة على الأرض في لبنان.. القوة التي «تحمي السلاح بالسلاح». وثانيا، هم على بينة من «التبرعات» الانتخابية التي ضمنت للنائب ميشال عون كتلته البرلمانية الحالية، وبأصوات مَن احتكر عون عمليًّا التمثيل المسيحي في الحكومة الجديدة. وثالثا، لا يخفى على أحد من متابعي الشأن اللبناني الحجم التمثيلي لرئيس الحكومة نفسه.

القول إنها حكومة «لبنانية مائة في المائة» يفتقر إلى المبرر المنطقي القابل للتصديق، ولا سيما في ظل تأخير تشكيلها قرابة خمسة أشهر بعد تكليف رئيسها. وفي الأساس، قلما شهد لبنان في تاريخه حكومة «لبنانية مائة في المائة».. وهذا قبل أن يخرج السلاح من أيدي السلطة الشرعية الجامعة للبنانيين. المسألة بكل بساطة، أن الجهات القابضة على مصير الحكومة وجدت نفسها مدفوعة تحت ضغط التداعيات الإقليمية إلى الإمساك بأي شكل من الأشكال بـ«الورقة اللبنانية» تمهيدا لاستخدامها كالعادة للمقايضة على تبدلات ما في أماكن «خارج» لبنان.

ونصل إلى مسألة الاختراق الأمني، وكلام السيد نصر الله عن دور للاستخبارات الأميركية في تجنيد عنصرين أو أكثر من عناصر حزب الله. وهنا أعتقد أن ثمة أسئلة تطرح نفسها..

ما هو دور السفارات الأجنبية في مختلف دول العالم؟ أليس في كل سفارة من سفارات الدول الكبرى «ضباط سياسيون» في صميم مهماتهم المفهومة الاستقصاء وجمع المعلومات وتحليلها وإرسالها إلى حكوماتها؟ وهل تُمْلَأ سفارات دول العالم بالممرضات أو المهندسين الزراعيين مثلا؟

ثم إن حزب الله قرر منذ وقت طويل أنه في «حرب» مع أميركا وإسرائيل، بل ولطالما أصر على أنه لا فارق بين أميركا وإسرائيل. فلماذا يفاجَأ اليوم إذن بأن التنسيق -كما قال السيد نصر الله بالأمس- حاصل بين «العدوين» المشتركين؟

وإذا كان «الحزب» مرتاحا ومطمئنا إلى أن «الاختراق» الإسرائيلي -المغطى أميركيًّا- محدود ولا يمس بنية المقاومة، فهل حسم «الحزب» براءة أحد أقرب المقربين من «حليفه» عون من أي علاقة مع إسرائيل؟ وهل كان رهان «الحزب» في محله على أحد وزراء الغفلة السابقين، الذي يمضي وقته هذه الأيام خطيبا في محافل مختلفة من سوريا، بعدما اكتشفت أجهزة حزب الله الأمنية أن مرافقه الأمني ضالع بالتجسس لإسرائيل؟

المطلوب أكبر بكثير من الكلام الإنكاري. المطلوب إعادة «الحزب» ترتيب سياساته للتصالح مع غالبية الشعب اللبناني، وخاصة بعدما ظهرت خطورة عجز حليفه نظام دمشق عن التصالح مع غالبية الشعب السوري.


الكاتب :- إياد أبو شقرا

عنتريات المذعور حسن نصرالله

السياسة الكويتية 25-رجب-1432هـ / 27-يونيو-2011م

ظهر حسن نصرالله في خطابه الأخير بالع الموسى، بل أكثر من ذلك، بدا كالطائر المذبوح الذي لا يقوى على شيء، وسجل ثلاث خيبات كبرى ستدخله التاريخ كمثال للمهزومين المكابرين حتى أثناء اعترافهم بفشلهم.

فالمبررات التي ساقها لكل واحدة من القضايا الثلاث التي طرحها كانت تزيد إحساس الناس بمدى الذعر الذي يعانيه مما تحمله الأيام، لذلك كان سهلا اكتشاف ارتباكه وإفلاسه الكبير، أكان في موضوع الحكومة اللبنانية أو قضية الاختراق الاستخباراتي لحزبه، أو المسألة السورية، ولم تسعفه المراجل التي تنطح بها في إخفاء الخراب الذي يقيم عليه امبراطوريته الوهمية، ولهذا وجب ان يفهم ان عهد العنتريات المتلفزة قد مضى، والأفضل له ألا "يعمل أبوعلي على الناس".

نسي حسن نصرالله وهو يعلن ان الحكومة اللبنانية "التي هي صناعة لبنانية مئة في المئة" -كما قال- ان الصناعة اللبنانية تلك لا تمنحها صكا للتخلي عن التزامات لبنان الدولية، فالعالم لا يخضع لمزاجية مجموعة تستقوي ببعض السلاح من أجل احتكار قرار بلد، وبالتالي لن يسمح لهذا الإرهابي بقتل الناس في لبنان والإفلات من المحاسبة، كما يحدث حاليا في سورية وإيران، بل عليه ان ينظر الى ما يفعله أسياده في دمشق وطهران الذين يبحثون عن صفقات تعقد في كواليس السياسة والاقتصاد لتعتقهم من المحاسبة الدولية، ولذلك لن ينطلي على الناس كل ما قاله في خطابه للتعمية على الحقيقة المعروفة للجميع، بل ان المراقبين وجدوا فيها مبررات العاجز الذي وصل الى طريق مسدود.

حاول الأمين العام لـ"حزب الله" أن يزوِّر الحقائق، كعادته، فجعل من الاختراق الاستخباراتي لحزبه، إنجازا لأن بعض جماعته كشفوا العملاء، لكن فاته ان حزبه"العصي على الاختراق" كما كان يتبجح دائما، ليس أكثر من هيكل يتآكله سوس العمالة، فكيف لمن لا يخجل من إعلان عمالته لإيران أن يكون عصيا على أجهزة استخبارات أخرى، كما فاته أيضا ان الاستخبارات الأميركية ليست بحاجة إلى زرع جواسيس في حزبه لأن جواسيسها موجودون في الفضاء، ومنه تستطيع اختراق كل شيء، ورؤية ثياب الشاطر حسن الداخلية، وحتى لو أرادت اصطياده لما تأخرت لأنه ليس أكثر تخفيا وحصانة من ابن لادن نفسه، ولهذا لم يقتنع أحد في تبريراته لإخفاء حقيقة ان الاستخبارات الإسرائيلية اخترقت حزبه، بل اخترقت جلبابه.

الخيبة الثالثة كانت محاولته الفاشلة تسويق مسار نظام دمشق في عمليات القمع التي يمارسها ضد شعبه، وحديثه الممجوج عن دولة الممانعة التي تقاوم المؤامرة، فأي دولة ممانعة هذه التي يتحدث عنها، وهي مجردة من شرعيتها الشعبية، وتمعن في قتل المواطنين وتسومهم سوء العذاب،بينما هي لم تحرك ساكنا طوال أربعة عقود على خط الجبهة مع إسرائيل رغم المطالبات الشعبية في ذلك، فهل هي دولة ممانعة منح الناس حقوقهم وتسلط شرذمة من الفاسدين والمنتفعين عليهم ونهب ثروات سورية?


المثير للاستغراب ان نصرالله الذي يزعم مقاتلة إسرائيل وأميركا معا يلتقي بموقفه معهما من النظام السوري، فهذا الثلاثي لا يزال حتى اللحظة يغمض عينيه عما يجري في المدن والقرى السورية، ويراهن على ضرورة منح نظام البعث فرصة للسير في الإصلاح بدلا من المطالبة بإسقاطه وتخليص السوريين منه، ألا يعني هذا ان هناك ما يثير الريبة بشأن توزيع أدوار بين أضلاع هذا المحور الخفي في كل ما يحدث في المنطقة?


احمد الجارالله

جراثيم المخابرات السورية وجرذان الحرس الثوري الإيراني!

السياسة الكويتية 25-رجب-2011م / 27-يونيو-2011م

المعركة الوجودية لنظامي دمشق وطهران باتت مفتوحة على أكثر من اتجاه تصعيدي قد يوسع مساحات إدارة الصراع الإقليمي ليمتد طوليا وعرضيا، فمعركة الحرية في الشام هي من طراز المعارك التاريخية الكبرى التي تؤسس نتائجها لأوضاع سياسية وأمنية مختلفة بالمرة، والحرب المقدسة التي يشنها أحرار الشام البواسل ضد نظام الوحوش و»الشبيحة« البعثي الآيل للسقوط تتعدى حدودها وميادينها الإطار الداخلي السوري لتشمل الإقليم الملتهب بأسره.

إنها حرب حسم المواقف وإنهاء الأوضاع الشاذة وحيث حشد نظام القتلة والجلادين السوري كل قواه واحتياطياته الداخلية والخارجية للخروج من الورطة القاتلة التي وجد نفسه فيها بعد أن قرر الشعب السوري بنفسه وبقوته الذاتية، وبدماء أحراره وحرائره قلب الطاولة على رؤوس المستبدين. وحسم الصراع التاريخي، وبالمقابل فإن قادة النظام الإرهابي وعلى رأسهم المعلم الكبير والجلاد الأعظم لم يعدموا الوسيلة ولا الفرصة لإهانة دماء شهداء الشعب ووصف الثوار والمنتفضين ودعاة الحرية بأوصاف غير لائقة كالمندسين والإرهابيين وأخيرا الجراثيم!

 وهي جميعها توصيفات تعبر عن حقيقة مطلقيها ولا تعبر أبدا عن حقيقة المارد الشعبي السوري الذي يفجر بدمائه أعظم وأشرف ثورة شعبية عربية في التاريخ الحديث، ومن الطبيعي إزاء المصير القاتم الذي ينتظر النظام وأقطابه والمحاكمات التاريخية التي ستكون دمشق ميدانها والتي ستكشف رزايا ومصائب وملفات سوداء، ومؤامرات كثيرة. أن يحشد النظام أنصاره ومواليه وحلفاءه الشعوبيين وخصوصا، أهل النظام الإيراني الذي يبذل جهودا جبارة ومضاعفة لمنع إنتصار الثورة الشعبية السورية، وهو أمر أكبر بكثير من قدراته وإمكانياته، فجرذان الحرس الثوري الإرهابي الذين فشلوا في البحرين فشلا ذريعا، والمنتشرين في دول الخليج العربي .

والذين يتخذون من العراق المحتل قاعدة عملية وميدانية لتحركاتهم باتوا يهددون اليوم بعد أن وصلت سكاكين الحرية الى رقابهم الغليظة بردود فعل إنتحارية وتصعيدية لحماية معابدهم الإرهابية في الشام وقواعدهم العميلة لهم وأبرزها عصابة حسن نصر الله الذي لم يحترم عمامة رسول الله التي يتلفع بها رياءا ونفاقا ويغمض عيونه عن معاناة ودماء الشعب السوري المراقة على أيادي البعثيين البغاة والشبيحة المجرمين وليتنكر لكل القيم الإسلامية الحقة التي لا تعترف بالنفاق و تنتصر للإنسان أولا وأخيرا.


لقد سقطت البراقع عن الوجوه الإرهابية والمنافقة وأصحاب وأهل المشروع الصفوي الشعوبي الإيراني المتدثر بعباءة المقاومة والممانعة المزعومة قد كشف دجلهم وبانت معادنهم الحقيقية المنافقة والمتآمرة على حرية الأحرار، ولن يفلح الطغاة من حيث أتوا، وسيفضحهم رب العزة و الجلال، وجراثيم فروع المخابرات السورية وجرذان الولي الخراساني الفقيه لن توقف أو تمنع أبدا تيار الحرية السورية المتدفق الذي يزداد صلابة وتجذرا كل يوم. لقد عانق الشعب السوري الحرية والكرامة، والتاريخ لا يمكن أن يعود للخلف أبدا، ودماء الشهداء الذين سطروا ملحمة الثورة الشعبية السورية ستظل أبد الدهر عن الثأر تستفهم وستثأر بكل تأكيد من كل جرثومة استخبارية ومن كل جرذ إيراني أو من عصابة حسن نصر الله الذين تلوثت أياديهم بدماء الأحرار.


معركة الحرية السورية المقدسة تزداد سخونة وملحمية وتجذرا، وكل ضحكات وسخريات وترهات (المعلم الكبير) لن تصلح وضعا أو تقوم اعوجاجا، او تطيل في عمر نظام قمعي وراثي استنساخي انتهت صلاحيته للاستهلاك السلطوي وبات مطالبا اليوم بتقديم جردة حساب تاريخية وشاملة عن كل جرائم الحاضر وملفات الماضي الدموية السوداء، فالجرائم الشنيعة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وحساب العقود الخمسة الدموية الماضية ستكون ثقيلة للغاية.


فجر جديد يتهيأ الشعب السوري لاستقباله اليوم بكل فخر وكرامة وسيفضح رب العزة والجلال لوبيات التآمر الإيرانية / البعثية بكل جراثيمها وجرذانها المعروفين أو المستورين! مارد الحرية السوري أكبر وأجل من كل الدجالين.. والأيام بيننا.


الكاتب :- داود البصري

شبكات الحرس الثوري الإيراني والعقوبات الأوروبية !

السياسة الكويتية 24-رجب-1432هـ / 26-يونيو-2011م

مسلسل العقوبات الدولية ضد قيادات الحرس الثوري الإيراني المتورطة في دعم الإرهاب الإقليمي, وحماية الأنظمة الشمولية الموشكة على السقوط, كالنظام البعثي السوري ليسا أمرًا جديدا , فالمخابرات الدولية تمتلك معلومات تفصيلية عن جميع النشاطات التمويلية الإيرانية التابعة لمؤسسات الحرس الثوري في العالم, وفي المقدمة العالم العربي, وخصوصا منطقة الخليج العربي التي تتمركز فيها مصالح إيرانية مهمة تبدأ بالتجارة والاستيراد والتصدير, ولا تنتهي عند تمويل شبكات التجسس, وبناء منظومة اللوبيات الاقتصادية والسياسية المستثمرة لأموال وعوائد النظام الإيراني من تجارة الأفيون والمخدرات, وفوائض البترول, والتي تستثمر في بعض دول الخليج العربي, ولعل تذكر قضية ذلك الوزير الخليجي المتورط بتشغيل واستثمار وتنظيف أموال الحرس الثوري تسلط جانبا من الضوء على ذلك المشروع الإيراني الخطير.

النظام الإيراني في ظل المتغيرات الإقليمية الكبرى اكتسب مساحات تمدد ستراتيجية مريحة للغاية مكنته من التحرك أفقيا وعموديا وتشغيل ماكنته السرية واستثماراته العملاقة, وبناء الشبكات واللوبيات والمصالح الكبرى المرتبطة به , ونجح ذلك النظام في إبراز عناصره والمرتبطين به في مختلف المجالات المالية والسياسية والبرلمانية في دول المنطقة , ونجح بشكل لافت في بناء قواعد عمل مهنية ومركزية مهمة, بل أن نفوذه قد تغلغل للأسف حتى في المؤسسات العسكرية والأمنية في دول المنطقة كما أظهرت ذلك حقائق كشف شبكات التجسس , وعلينا ألا نتجاهل ان الاستثمار الاقتصادي والسياسي والستراتيجي الإيراني الأكبر كان في العلاقة التحالفية والخاصة جدا مع النظام السوري منذ عام 1980, وهي علاقة أنتجت كما هائلا من الاستثمارات الاقتصادية في دمشق, وتعزيز شبكة العلاقات السياسية والأمنية بأموال الفوائض البترولية الإيرانية مما مكن الإيرانيون من توسيع شبكاتهم السرية في لبنان والعراق, وحتى دول الخليج العربي , كما كان تغلغلهم الكبير والستراتيجي في العراق بعد احتلاله عام 2003 وهيمنة الأحزاب الطائفية التي صنعها النظام الإيراني ونفخ فيها من روحه على السلطة في العراق, وإدارة العملية السياسية الكسيحة هناك بمثابة النصر الإيراني الأكبر, وفتح الفتوح للستراتيجية الإيرانية التي تمكنت بعد احتلال العراق وسرقة منشآته النووية, وحتى علمائه ووثائقه للتسريع في بناء المشروع النووي الإيراني بشكل غير مسبوق, وبما يحاول النظام تحقيقه من امتلاك كامل لسلاح ردعي يعزز به وضعه الداخلي المتآكل والمهزوز.


العقوبات الأوروبية على قيادات الحرس الثوري بشأن التورط في قمع الثورة السورية ليست من الحدة التي تؤثر في هيمنة ذلك الجهاز العسكري الكبير والأخطبوطي لأنها جاءت متأخرة أولا ولأن محمد علي جعفري أو قاسم سليماني أوحسين نائب, وهم القيادات التي طالتها تلك العقوبات, لا يحتاجون إلى السفر لأوروبا أبدا , ثم أنهم لا يمتلكون حسابات هناك! فهناك جيوش كبيرة من رجال الأعمال ومن اللوبيات والمتمولين والأثرياء يشكلون تغطية حقيقية لأموال الحرس الثوري, ولا أستطيع نشر بعض الأسماء لأن مقالتي لن ينشر أبدا للاعتبارات المعروفة...! ولكن الحر تكفيه الإشارة , وجميع الملفات أضحت واضحة لمن يرغب ويتابع ويهتم بالمعرفة التفصيلية.


هناك في العراق مثلا أحزاب كاملة ومؤسسات سياسية واقتصادية متكاملة على علاقة مع الغرب ولكنها تعمل بأموال النظام الإيراني كحزب "الدعوة" أو "جماعة المجلس الأعلى" أو مجاميع مقتدى الصدر وغيرها من التنظيمات والأرزقية وحملة المباخر والانتهازيين الجدد أو القدماء , كما أن بعض اللوبيات الخليجية, وتحديدا في الإمارات والكويت توفر خدمات هائلة للشبكات المالية والاستخبارية الإيرانية يضاف الى ذلك كله التمدد السرطاني الإيراني في العراق, والذي هو فعليا تحت الإدارة الإيرانية, لنكتشف فيما بعد أن تلك العقوبات مجرد قرصة إذن لا قيمة لها على أرض الواقع, طبعا من دون أن ننسى جيش رجال الأعمال المرتبطين بمنظومة "حزب الله" اللبناني وهي شبكة رهيبة تضم أطيافا واسعة من المتعاملين العرب والأوروبيين والأميركيين اللاتينيين , وهو ملف واسع ومتورم للغاية وحافل بالغرائب والعجاب التي تصل لدرجة الخرافة..!

العقوبات الحقيقية التي سيأكلها النظام الإيراني ستكون أشد فاعلية وهولا بعد سقوط النظام السوري وتحلل منظومته الأمنية والاستخبارية , فتلك الخطوة وحدها هي التي ستجعل المؤسسة الأمنية الإيرانية عارية تماما حتى من ورقة التوت, وسقوط نظام البعث السوري ستتبعه حتما انكشاف ملفات سرية رهيبة ستكون مادة وثائقية دسمة للباحثين لعقود طويلة, العقوبات الأوروبية بصورتها الراهنة تتسم بالسذاجة المفرطة, ثورة الشعب السوري وحدها هي التي ستصحح الأوضاع المقلوبة في العالم العربي, فانتظروا مفاجأة أحرار الشام لأنها الداء والبلسم لكل تخاريف المهرجين والقتلة والدجالين...!


الكاتب :- داود البصري