الثلاثاء، 15 مارس 2011

خامنئي يريد أن يغير العالم كله إلا إيران

يطلق القادة الإيرانيون بعامة, وخامنئي بخاصة, تصريحات نارية واستثنائية بخصوص ضرورة إجراء تغييرات سياسية وفكرية في الدول العربية خصوصا والعالم كله عموما, خامنئي, وخلال جل خطبه الأخيرة, يريد أن يوحي للعالم أجمع ولشعوب المنطقة تحديدًا, بأنه يساند ويدعم التغيير في مختلف إرجاء العالم وانه يدعو كل الشعوب للنهوض من أجل بناء مستقبلها.
خامنئي, الذي يصدر التصريحات والفتاوى تلو الأخرى ويظهر نفسه بمظهر المناصر والمؤيد والداعم لموقف الشعوب الرافضة لحكامها بصورة تجعله يبدو وكأنه الملهم والموجه لهكذا تيار, لكن, وعند التمعن والنظر بدقة إلى المشهد الايراني والاوضاع المزرية التي يمر بها نظامه قبالة المطالب الجماهيرية العادلة للشعب الإيراني وابسطها رفض نظام ولاية الفقيه, نستطيع أن ندرك وبكل وضوح ان تصريحات وفتاوى "التغيير"و"الثورة" التي يصدرها من طهران لا يصدرها إلا من أجل معالجة الأوضاع الداخلية الإيرانية التي تكاد أن تشبه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
خامنئي يريد, ومن خلال اتباع سياسة توجيه الأنظار صوب الخارج واصطناع أو افتعال المشكلات والأزمات أو التدخل في أمور أخرى من أجل أهداف خاصة, السيطرة من جديد على زمام الامور الداخلية التي باتت رويدا رويدا تفلت من يديه وهو كما يبدو مع جميع اركان نظامه يعاني الأمرين من اجل إرجاع الأوضاع إلى سابق عهدها, لكن وكما هو مؤكد فإن هذه المهمة صارت في حكم المستحيل, وان أوساطًا من النظام الإيراني قد باتت تنظر بتشاؤم إلى المستقبل ومن المرجح أنها قد بدأت في الإعداد والتخطيط للمستقبل المجهول.
إن خامنئي ينادي الشعوب كي تهب للثورة وتقوم بتغيير الأوضاع في بلدانها نحو الأفضل, ينسى القاعدة القرآنية المعروفة: "الأقربون أولى بالمعروف", إذ ان شعب إيران أولى من كل شعوب العالم بالنداءات "الحميمة"و"المخلصة" وهو "الاحوج" لفتاواه التي بات يقدمها لكل الشعوب من دون إستثناء. نعم ان شعب إيران الذي يعيش حالة من الغليان الثوري ويطمح ويعمل بكل قوته من أجل إحداث التغيير بما يخدم آماله وتطلعاته, يبدو أن عيني الولي الفقيه لا يمكنها أن تبصره وان آذانه كما يبدو أيضا عاجزة عن سماع أصوات الاحتجاج والرفض المتصاعدة من طهران وزنجان وأصفهان وتبريز وسنندج وغيرها من المدن الإيرانية, لكن آذانه وفي الوقت نفسه بإمكانها أن تلتقط أصوات الرفض والاحتجاج في قارتي افريقيا وآسيا وكل أرجاء العالم, فهل ان خامنئي ولي أمر جميع شعوب العالم ومن حقه التدخل في شؤونها كيفما يحلو له إلا أنه وعندما يتعلق الأمر بشعبه وما يشعر به من ظلم وجور واضطهاد وفساد وتزوير لإرادتهم وسرقة لثرواتهم, فإن الأمر يصير بصورة مغايرة تماما, فإيران بالنسبة لخامنئي مثل النسبة الثابتة 22/7, لا تغيير فيها أبدا فيما يعتبر العالم كله ساحة مفتوحة للتغيير ومن حقه"تصدير"فتاواه بالمفرد والجملة لها.
إننا كمرجعية اسلامية للشيعة العرب, في الوقت الذي نستهجن ونرفض بشدة هكذا اسلوب يعتمد اساسا على مبدأ"الكيل بمكيالين", فإننا لا نستغرب أبدا من التزام خامنئي لهذا الاسلوب والطريقة غير الاسلامية, ذلك أن نظام ولاية الفقيه قد عاش ويعيش على مبدأ الكيل بمكيالين في تعامله مع العالم من جهة, وإيران من جهة أخرى, وان هذا الأسلوب ومع مرور الأيام قد أثبت عقمه وفشله الذريع في تسيير وتجيير الأمور بما يحلو للنظام ويخدم أهدافه, وإننا نقول ان تلك الفتاوى التي يصدرها خامنئي ويوجهها إلى خارج إيران عليه أن يدرك جيدا انه ليست هناك آذان مستعدة للإصغاء إلى كلام من يتجاهل معاناة وحرمان شعبه ويتظاهر بالاهتمام بمعاناة وهموم شعوب أخرى هي أساسًا في غنى عن فتاواه وتوجيهاته وإرشاداته وان الشعب الإيراني الأبي قد عرف طريقه وهو يعمل بكل جهده من أجل بلوغ أهدافه وغاياته السامية في حياة حرة كريمة والتي لن تكون متيسرة أبدا مع بقاء هذا النظام.
وأخيرًا, فإننا نقول: إن خامنئي وكما يصدر فتاوى إنهاء وتغيير النظم, فإن عليه أن يعلم جيدا أن الشعب الايراني قد أصدر قراره الوطني الحر الشجاع بتغيير نظامه وبناء نظام وطني ديمقراطي قائم على حكم الشعب بيد وإرادة الشعب يخدم آمال وتطلعات إيران وشعبها وعموم شعوب المنطقة والعالم.

الكاتب / محمد علي الحسيني

السياسة الكويتية 25-ربيع الأول-1432هـ / 28-فبراير-2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق