الأربعاء، 16 مارس 2011

ابحث عن أصابع إيران في أحداث البحرين ?

لو عدنا إلى الوراء قليلاً متذكرين الخلية التجسسية الإرهابية التي كشفتها سلطات البحرين والتي يمتد نشاطها من البحرين إلى الكويت والسعودية ودول أخرى في الخليج وعرفنا أن من كان وراء تشكيل هذه الخلية وتمويلها وتوجيهها إنما هو النظام الإيراني. عرفنا بيقين أن ما يحدث الآن من فتنة طائفية بين أبناء البحرين العربية إنما يتم بأصابع تحركه من وراء الستار وأنها أصابع يد نظام ولاية الفقيه الإيرانية.
يقول الأستاذ كاظم فنجان الحمامي المحامي العراقي إن البحرينيين شعب طيب جدًّا وهم يتصرفون مع ضيوفهم بعفوية مطلقة, ومن دون تكلف, ويغلب عليهم طابع السخاء والكرم والهدوء والبساطة, ويتميزون بالصدق والأمانة ودماثة الخلق الرفيع، يجمعهم الود والوئام في إطار العائلة البحرينية المنسجمة المتكاتفة المتحابة, وأن من تسنح له فرصة التجوال في (المحرق) سيشعر أنه يتجول في بساتين (أبي الخصيب), وكما لو كان يتنقل بين سواقيها الملتوية, ويعبر فوق قناطرها المبنية من جذوع الأشجار, وأن من يتأمل غابات النخيل المزدانة بقاماتها السامقة حول ينابيع البحرين وعيونها المتدفقة بالماء الزلال, يحس أنه ينظر إلى غابات (الفداغية) و(المعامر) و(المخراق) وكل البساتين المتناثرة على ضفاف شط العرب, فلا فرق عندي أبدًا بين ضواحي المنامة وضواحي البصرة.
البحرين حديقة الخليج العربي, وبستانه الطبيعي, ونافذته التاريخية المطلة على مرافئ الحضارة السومرية العريقة, وهي على صغرها ورشاقتها وقلة مواردها, أجمل عندي من جزر القمر, بل هي أجمل من القمر نفسه.
لكنها للأسف الشديد لم تنج من الإصابة بفيروسات العنف والشحن والتحريض, وتأثرت مراسيها بزوابع الاستنفار الإعلامي, وسموم الفضائيات التي مارست تأجيجًا مضرًّا باستقرار البلد, فتحولت الفضائيات المغرضة إلى منابر لبث الفتنة, حتى جاء اليوم المشئوم الذي شاهدنا فيه المواجهات, التي وقفت فيها البحرين ضد البحرين في دوار اللؤلؤة, وكيف تخندقت ضد نفسها, ثم وقع ما لم يكن بالحسبان, في ظل الفتنة, التي افتعلتها الفضائيات والصحف الخبيثة لتأجيج الأوضاع القلقة, ولخلق حالة من العداء الطائفي بين البحرين وأهلها, وإقحام الشعب المسالم في خنادق التوتر السياسي القائم بين إيران وأمريكا, فتسللت مخالب الشياطين عبر الحدود الملتهبة, وتسربت همساتهم الشريرة عبر الخطوط الهاتفية الساخنة لتصب النار على الزيت, وسعت لتقسيم سكان هذه الجزيرة الوادعة إلى طائفتين متشاحنتين متنافرتين, فتطوعت الفضائيات الموتورة للقيام بأبشع المهمات الإعلامية من خلال حملاتها الرامية لتوسيع فجوات الشكوك, التي كانت تساور عامة الناس في البلدان العربية الأخرى, عن طريق تلفيق الاتهامات- -, فحملت معولها لتهديم أسس البنيان البحريني الصلب, ووجد سكان البحرين أنفسهم أمام عصرين متناقضين, عصر ما قبل (الجزيرة), وعصر ما بعد (الجزيرة), فقد أحدثت (الجزيرة) (من المعروف أن هذه القناة إنما تأتمر بأمر زمرة ملالي ولاية الفقيه – عبد الكريم) خروقات اجتماعية وسياسية لا تعد ولا تحصى في سقوف الكيانات العربية كلها, واستعانت بكل الأساليب الطائفية الاستفزازية لإشعال نار الفتنة, وسخرت زمنها الفضائي كله في التحريض والتهويل والمزايدات المذهبية, فتحولت هي وأخواتها من وسائل إعلامية يفترض أن تكون محايدة إلى فيروسات خبيثة تسعى لبعثرة الشعب البحريني, بيد أن أبناء البحرين كانوا أكثر دهاءً وحكمة من تلك الفضائيات الرخيصة, عندما أعلنوا للعالم أجمع أنهم تجمعوا في (دوار اللؤلؤة) تأييدًا وتضامنًا وامتدادًا للثورة التونسية والانتفاضة المصرية, ولا علاقة لهم بإيران البتة, وأنهم جاؤوا لمطالبة الحكومة بإقامة نظام ديمقراطي عادل, ومطالبتها بتعديل الدستور, والمساواة بين عامة الناس, وإصلاح الأوضاع المعيشية, وتنظيم انتخابات دستورية حرة.
كانت احتجاجات الشعب البحريني احتجاجات نزيهة ونظيفة ومقبولة, وكان البحرينيون كما عرفناهم, أشداء في مواجهة الأزمات, أقوياء في التصدي للعقبات, من دون حاجة إلى تدخل الأطراف الحاقدة والحاسدة والفاسدة.
وكانت الحكومة البحرينية الواعية أكثر نضجًا وتفهمًا من الحكومات العربية الأخرى, عندما اختارت الوقوف بحزم مع أبناء البحرين كافة, فأبدت رغبتها الصادقة للقيام بمراجعة جادة لكل القناعات السياسية, وبادرت بفتح نوافذ الحوار, تمهيدا لإنتاج واقع ديمقراطي جديد, يحمي البحرين من المؤامرات والدسائس الخارجية, ويؤسس إلى مشروع أصلاحي شامل, ويفتح الآفاق المستقبلية الحرة من أجل تحسين أوضاع البحرين, وتعزيز رفعتها وازدهارها. ولن تقف البحرين ضد البحرين مهما استطالت مخالب الباطل) ولن يتمكن النظام الإيراني مهما تكالبت الظروف وتراكمت الأغلاط من زرع الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد لذا فإن الدعوة المخلصة لكل حريص على أبناء البحرين إنما تتلخص في الدعوة إلى الهدوء ومناقشة الأمور بروية والاستفادة من قرار الحكومة فتح حوار مع المحتجين وسماع صوتهم، وإنها لفرصة طيبة لمنع التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي وتحويل البحرين إلى ساحة معترك طائفي بين النظام الإيراني وخصومه المذهبيين في المنطقة، وهو ما لن يجني من ورائه أبناء البحرين شيئًا غير الضرر والإضرار وحفر الخنادق وإسالة الدماء، كفاهم الله شرها وكفى الله تلك الجزيرة الوادعة شر العواصف التي تسوقها نحوها كهنة الشر في طهران .

الكاتب / عبدالكريم عبدالله
الملف نت 20 من ربيع الأول 1432هـ / 23 من فبراير 2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق