الأحد، 17 يوليو 2011

رؤية للمعارضة الديمقراطية الإيرانية

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 12 من شعبان 1432هـ / 13 من يوليو 2011م

من الأقوال المأثورة على لسان رجل الدولة في القرن الثامن عشر، إدموند بيرك، قوله: «إن كل ما يحتاجه الشر كي ينتصر هو أن لا يحرك الأشخاص الصالحون ساكنًا».

وفيما يخص شر النظام الإيراني، نجد أن الرجال والنساء الصالحين في إيران يقومون بواجبهم، لكن القلق يساورهم حيال وقوف الحكومات الغربية بلا حراك.

الملاحظ أن الشعب الإيراني يتمتع بتاريخ تليد وثقافة عظيمة، تعرضت للأسف للتشويه على يد الرئيس محمود أحمدي نجاد، والملالي الراديكاليين الذين يحكمون البلاد حاليًا.

ومع ذلك، يبقى الشعب الإيراني على استعداد وقادرًا على إحداث التغيير الذي تحتاجه البلاد بشدة.

مؤخرًا، أتيحت لي فرصة معاينة هذا الحماس والالتزام بالتغيير، أعرب عنه عشرات الآلاف من المنفيين الإيرانيين عندما حضرت تجمعًا هنا في فرنسا لدعم المعارضة الديمقراطية، المتمثلة في جماعة «مجاهدين خلق».

عام 1997، أدرجت «مجاهدين خلق» في قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة، في إجراء كان بمثابة جزرة في إطار محاولة لتغيير سلوك النظام الإيراني العنيد. ولم يرفض النظام تغيير سلوكه فحسب، وإنما سرع من وتيرة البرنامج النووي وسياسات تدميرية أخرى. والآن، أسقط الاتحاد الأوروبي وبريطانيا «مجاهدين خلق» من القوائم الراهنة للمنظمات الإرهابية.

عندما أتيحت لي فرصة تقلد منصب عمومي كوزير للأمن الداخلي، كنت أتلقى بانتظام قائمة بالتهديدات الإرهابية التي تواجه الولايات المتحدة.

خلال تلك السنوات، لم تظهر «مجاهدين خلق» قط ولو لمرة واحدة على القائمة، كتهديد للولايات المتحدة. على النقيض تماما، شكلت المنظمة مصدرًا لمعلومات قيمة، اعتمدنا عليها في مناقشاتنا مع إيران. أعضاء هذه المنظمة ليسوا إرهابيين. في اعتقادي الشخصي، أن الناس بمختلف أرجاء العالم يحملون في قلوبهم وعقولهم تطلعًا نحو الحرية، والتعبير عن آرائهم، وممارسة معتقداتهم الدينية، واختيار قادتهم، والتسامح تجاه بعضهم بعضًا، والتمتع بحياة متمدنة ومحترمة.

وهذه تحديدًا هي رؤية أعضاء «مجاهدين خلق» في معسكر أشرف بالعراق، وهي أيضًا رؤية الولايات المتحدة، ويجب أن تدعم الديمقراطيات الغربية فكرة رفع اسم المنظمة من القوائم الإرهابية.

لقد شرفت للغاية بانضمامي إلى أقراني من الولايات المتحدة في مسيرة نظمت في 18 يونيو (حزيران) بالقرب من باريس، وحظيت بفرصة العمل في الكثير من المناسبات مع سيدة أعتقد أنها واحدة من أعظم قادة القرن الحادي والعشرين وأكثرهم إثارة للإلهام، وهي مريم رجوي، وهي الرئيسة المنتخبة لـ«المجلس الوطني للمقاومة في إيران»، الذي تعد «مجاهدين خلق» العنصر الرئيسي به. وتحدثت أمام الحشد، وأعربت عن أملي في أن يأتي يوم، في وقت ليس ببعيد، نتمكن فيه من استقبال رجوي داخل الولايات المتحدة، باعتبارها ممثلاً للتطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني.

في تلك الأثناء، يتعين على واشنطن العمل على ضمان حماية أعضاء «مجاهدين خلق» داخل معسكر أشرف من التهديدات الكثيرة الصادرة عن طهران. جدير بالذكر أن سكان المعسكر تعرضوا لهجوم من جانب القوات العراقية في 8 إبريل (نيسان)، مما أسفر عن مقتل 36 شخصًا وإصابة المئات. ويجب أن تدرك الحكومة العراقية أن الولايات المتحدة التي قدمت أموالاً هائلة وأرواح كثير من أبنائها، تتوقع توفير الحماية، إن لم يكن الدعم المباشر، لـ«مجاهدين خلق» داخل معسكر أشرف. للأسف، تستغل الحكومة إدراجنا غير اللائق للمنظمة على قائمة المنظمات الإرهابية كذريعة لشن هجمات غير مبررة ضد أعضائها.

ويجب أن يدرك رئيس الوزراء، نوري المالكي، أن الولايات المتحدة وحلف الناتو لم يوحِّدَا جهودهما داخل العراق لإسقاط نظام استبدادي قمعي لم يستجب لحقوق الإنسان العالمية، ليجدا أمامهما قائدًا آخر يبدي من وقت لآخر نفس السلوك، مثلما اتضح من الغارتين غير المبررتين ضد معسكر أشرف.

عام 2004، أعلنت الولايات المتحدة التزامها بحماية أبناء معسكر أشرف. ووعدت حكومة المالكي بالحفاظ على التزامها في ظل اتفاقية جنيف الرابعة. إلا أنه من الواضح أن بغداد فشلت في ذلك. وقد حان الوقت لأن تلتزم بغداد بوعودها، بحيث نتمكن من الالتزام بوعودنا.
عندما يتعلق الأمر بإيران، نجد أن العقوبات والمفاوضات والدبلوماسية لم تفلح. إن العدو الأول لحكومة طهران الحالية هو «مجاهدين خلق». لذا، فإن الأمر الصائب الآن أمامها هو الاعتراف بأن «مجاهدين خلق» حليف لنا، وأن من مصلحة واشنطن دعم إزالة اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية.

بجانب ذلك، ينبغي أن تعمل واشنطن على إمداد سكان معسكر أشرف بملاذ آمن وحماية حتى يتمكنوا من إيجاد ملاذ آمن لهم بمنطقة أخرى. وآمل من جانبي أن لا يتم الإبقاء على صوت المعارضة الإيرانية فحسب، وإنما يجري العمل أيضًا على رفعه لمستوى يصبح عنده مسموعًا؛ ليس في الغرب فحسب، وإنما أيضًا داخل إيران، وهو المكان الأهم.

* توم ريدج عمل وزيرًا للأمن الداخلي بين عامي 2003 و2005، وحاكم بنسلفانيا بين عامي 1995 و2001، وهو عضو كونغرس سابق (1983 - 1995).


الكاتب :- توم ريدج

* خدمة «نيويورك تايمز»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق