الاثنين، 28 مارس 2011

الدبلوماسيون الإيرانيون في الخليج العربي عناصر تخريب

السياسة الكويتية 17-ربيع الآخر-1432هـ / 22-مارس-2011م
إقدام السلطات البحرينية على إبعاد دبلوماسي إيراني بتهمة التخريب والتخطيط لعناصر الفوضى والإرهاب هو مجرد عملية روتينية لإرهاب دولة منظم تمارسه السلطات الإيرانية بشكل منهجي ومنظم ومعروف وموثق , فالسفارات الإيرانية في العالم أجمع ليست مجرد بعثات دبلوماسية تنطبق عليها مواصفات ومقاييس وشروط مؤتمر فيينا للعام 1815 , بل أنها مقرات إرهابية محترفة , وأماكن حشد وتعبئة وتجميع للأنصار والمحازبين والمخربين , ومراكز فتنة مستوطنة ومعروفة , والأمر ليس مجرد اتهامات مرسلة بواقع من التعصب والكراهية , بل أنه من الحقائق الميدانية والمعروفة بديهيا لجميع الأجهزة الأمنية لدول المنطقة وحتى لجميع الإعلاميين والمهتمين بهذا الملف الشائك الذي شكل واحدا من أهم محاور التشابكات ألأمنية في الإقليم منذ أكثر من ثلاثين عاما , فمن المعروف إن الجسم الدبلوماسي الإيراني هو جهاز استخباري بالدرجة الأولى وهو ينفذ بكل دقة تعليمات إدارة إستخبارات الحرس الثوري الإيراني المهيمن الأول على أجهزة الدولة الإيرانية وبالتالي فإن الحديث عن الديبلوماسية الإيرانية يعني الحديث أساسا عن المخابرات الإيرانية وهنالك طواقم دبلوماسية كاملة لا علاقة لها بالدبلوماسية بل بعوالم الاستخبارات والتجسس خصوصا وأن هنالك نقاطاً جغرافية حساسة تمثل نقاط ستراتيجية حساسة للاستخبارات الإيرانية وأهمها دول الخليج العربي والعراق وسورية ولبنان ومصر والمغرب وبعض المناطق الإفريقية إضافة لأميركا اللاتينية , وبالنسبة للخليج العربي فإن دور الإرهاب الرسمي الإيراني فيه قد فاق كل الدوائر وأشر على مناطق عمل ستراتيجية فاعلة تنطلق من عوامل ومبررات وعوامل مشجعة من حيث الاصطفاف والولاء الطائفي والقدرة الإيرانية الاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية على اختراق بعض المجتمعات الخليجية و بكفاءة وبعض الاختراقات خطيرة للغاية وتمثل نجاحا إستخباريا إيرانيا لافتا للنظر وذلك ملف شائك وطويل ومعقد والاسترسال فيه سيدخلنا في إشكاليات نحن في غنى عنها ?
للمخابرات الإيرانية في الخليج العربي أدوات عمل وواجهات بعضها محلي صرف وبعضها يكمن في بعض المفاصل الستراتيجية لدول المنطقة وحتى في دوائر الدراسات السياسية والستراتيجية وحجم التمدد الإستخباري الإيراني المباشر أو غير المباشر من خلال شبكة مخابرات حزب الله اللبناني مثلا أخطر بكثير مما يتصور البعض ? بل أن شبكة رجال المال والأعمال المرتبطين بالحرس الثوري أكثر تنظيما وفاعلية مما يعتقد البعض و يتصور ولا أبالغ أو أغالي في القول بأن بعض دول الخليج العربي يشرف الإيرانيون على الإطلاع على جميع ملفات الأمن القومي فيها! وذلك ليس سرا من الأسرار بل أن السلطات المختصة تلم بكل الوقائع و الملفات ? ويجب أن لا ننسى من الناحية التاريخية القريبة الصرفة أن غالبية الأعمال الإرهابية التي شهدتها دول المنطقة في ثمانينات القرن الماضي كانت تخطط وتنفذ في المقار الدبلوماسية الإيرانية وبتخطيط وبرمجة من ( عين المقر ) في طهران , وإن فجارات الحرم المكي العام 1989 التي تورط فيها بعض الكويتيين مثلا وأسماؤهم معروفة وبعضهم شهير جدا و محسوب على الجوقة الإيرانية في المنطقة كان السلاح الذي أستخدم في تفجير الحرم المكي الشريف قد تم جلبه من السفارة الإيرانية في الكويت ?
وتلك ليست أسرارا بل أنها وقائع تحقيق نشرت وقتذاك علنا و أمام الملأ وصدرت الأحكام القضائية السعودية بالإعدام والسجن بحق منفذيها وقد تدخل صاحب السمو أمير دولة الكويت شخصيا حينما كان وزيرا للخارجية للتوسط وتخفيف بعض الأحكام وطوي الملفات وفتحت صفحة جديدة تعفو عن المخطئ و المغرر به وتترك له الفرصة لحياة مستقبلية أكثر التزاما باحترام الحياة والقانون , كما أن الإنفجارات الإرهابية وعمليات الإغتيال وعمليات التخريب التي حدثت في الكويت اعتبارًا من العام 1983 وما قبلها أيضا وخصوصا قضية محاولة الاغتيال الإجرامية ضد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد في 25مايو 1985 كانت تقف خلفها مخابرات الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع عملائها في الأحزاب الطائفية العراقية العميلة كحزب الدعوة وبقية الجوقة المعروفة ( الأحزاب الحاكمة في عراق اليوم )! , أما مملكة البحرين فإن حملات الحشد والتعبئة والتجنيد في الأوساط الحوزوية في قم أو في الشام أو في بريطانيا معروفة وهي هدف إيراني مركزي ومقدس ويعتبره الإيرانيون أحد أهم النقاط الستراتيجية , فالهيمنة على البحرين بشكل مباشر تظل بمثابة الحلم الإيراني والأمل الدائم فهم يعتبرونها جزءا من الأراضي الإيرانية ولا يريدون أي تفسير غير ذلك المعنى لذلك فإن الإيعاز الإيراني لعملائهم في العراق والمنطقة بتشديد الحملة الإعلامية المغرضة ضد الحكومة البحرينية والعويل واللطم الدائم على ما يقولون إنه إبادة للشيعة في البحرين هو أحد أهم واجهات وأساليب التحرك .
ومن يتابع أداء الأحزاب الطائفية العراقية المؤيد حتى الثمالة للموقف الإيراني بل يتجاوزه في المزايدة والحماسة ودعوة الفاشل العميل إبراهيم الجعفري لقطع العلاقات العراقية مع السعودية والبحرين وتحريض البرلمان العراقي ( التعبان ) و تعبئته طائفيا , فإنه سيعرف عن خطورة دور الأحزاب العميلة لإيران في العراق في تفجير المنطقة من الداخل بعد إن ارتضوا لأنفسهم بأن يكونوا حصان طروادة عربياً متقدماً في الجسم الخليجي , أعتقد إن الوقوف بوجه دبلوماسية الإرهاب الإيرانية تقتضي موقفاً مماثلا من أحزاب العمالة الإيرانية في العراق , والخليج العربي مقبل على ساعات حسم صعبة في ظل تعدد محاور التحدي الداخلية الخطيرة ومحاولات إشعال الفتنة الطائفية النتنة , فكيف سيكون الرد الستراتيجي الخليجي ازاء الهجمة الإيرانية المباشرة ? هذا ما سنحاول تتبع فصوله خلال المقالات المقبلة.

كاتب / داود البصري 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق