من غير الممكن أن يتم نشر المعلومات شبه الموثقة وشبه الرسمية بواسطة موقع ويكيليكس ، وأن يمر مرور الكرام ، وذلك بما حوته الوثائق من أدلة أو استنتاجات منطقية وربما تكون بديهية ، والتي تؤكد التنسيق المنظم وغير المعلن طبعاً ما بين الولايات المتحدة وإيران ، وهما " العدوين اللدودين " كما هو معلن .
ومما يؤكد شكوكنا حول العداء المزعوم بين أميركا وإيران ، أنهما متواجدتان وبكثافة في ميدان واحد ، وهو أرض العراق ، فكان من المنطقي أن يكون هناك احتكاك ونزاع بينهما بشكل أو بآخر ، وذلك بشكل أو بآخر ، لكن جوهر الأمر أنهما متفقتين على توزيع الأدوار فيما بينهما ، وذلك بشكل استراتيجي ومتكامل ، حيث تحولت ساحة المعركة المفترضة ما بين الطرفين على أرض العراق إلى ساحة للتنسيق المكثف والحميم لتنفيذ مآرب الدولتين المشبوهة في المنطقة ، أي أن العدوين اللدودين هما في واقع الأمر " سمن على عسل " كما يقال ، ونحن في غفلة ساهون !
ولا شك بأن هذا الموضوع مقلق ، حيث يظهر من خلاله عمق التآمر الأمريكي الإيراني على الشعب العراقي وعلى كيان دولة العراق ، بيد أن الأخطر من ذلك ، هو الوجهان المتناقضان لحليف الكويت الرئيسي وهو الولايات المتحدة ، والذي يعمل لمصالحه بالدرجة الأولى بكل تأكيد ، وهذا شيء مشروع ومفهوم منذ البداية ، لكن الخطورة في الموضوع ، أنه ربما يأتي وقت – ولعله يكون قريباً – تكون فيه مصلحة حليفنا الحالي الأمريكي متناقضة مع مصلحتنا ، وقد ينتهي بنا المطاف إلى أن يتم احتلال الكويت من جانب الجار الإيراني بسكوت حليفنا الأمريكي ، إن لم نقل بتشجيعه أو مباركته .
ونعتقد – وبدون مقدمات – أن إيران ستحتل الكويت في أي لحظة وخلال ساعات ، وبإطار زمني لا يتعدى 10 سنوات من الآن ، والذي هو لا شيء في عمر الدول والشعوب ، حيث لا يخفى على أحد المعطيات الحالية ، والتي تؤكد نوايا إيران التوسعية وبسط نفوذها على منطقة الخليج والشرق الأوسط ، وذلك بالاستناد إلى عدة دلائل ومؤشرات ، ومنها : بناء الترسانة العسكرية على نحو متسارع وغير مسبوق ، أو مد حلفائها في المنطقة بالمال والسلاح وإذكائهم بالأيدولوجيات اللازمة لتجييش المشاعر وغسل الأدمغة ، وغيرها من خطوات مبرمجة ومدروسة لتحقيق أهدافها الإمبراطورية إن صح التعبير ، كما أن بسط النفوذ الإيراني والواضح والمؤثر جداً امتد إلى أفغاستان بغطاء أمريكي سافر ، والذي لا يختلف عليه اثنان حسب اعتقادنا.
ونعتقد أن الكويت بوضعها الحالي تعتبر لقمة سائغة للإيرانيين من عدة محاور ، منها الحقيقة الجغرافية ومعايير القوى والأحجام، وكذلك نفوذ إيران في المجتمع المدني وفي أوساط كويتية متعددة ومتنوعة ، ناهيك عن تغلغلها الخطير بشكل أو بآخر في المؤسسات الرسمية الحكومية ، ومنها العسكرية ، حيث لم يكن ببعيد عنا اعتقال شبكة التجسس مؤخرا ، والتى كانت تنشط في عدة مرافق حساسة ، منها مرافق عسكرية كويتية ، وقد كانت تلك الشبكة مشبوهه بقوة في العمل لصالح إيران ، بالإضافة إلى الخلايا النائمة والنشطة ، وكذلك الحال في باقي دول الخليج .
ومما يشجع إيران على احتلالها للكويت حالة الفساد المتفشية في دوائر الدولة ، وتشرذم المؤسسة التشريعية المتمثلة في مجلس الأمة ، وحالة اللامبالاة العامة والتفكك المجتمعي ، واستشراء الأنانية والمصلحة الشخصية البحتة مهما كانت العواقب ، وغيرها من المظاهر الخطيرة والمؤلمة.
صدام الأمس ونجاد اليوم
وتذكرنا تصريحات الرئيس الإيراني السيد محمود أحمدي نجاد بشأن إسرائيل وتدميرها ومحوها وإبادتها … إلخ ، بتصريحات طاغية العراق المقبور صدام قبل وقبيل احتلاله للكويت (كلاكيت ثاني مرة) ، حيث كان يهدد ويتوعد إسرائيل بشتى صنوف العذاب والدمار والإحراق ، وفعلا نفذ تهديده ، ولكن باتجاه الكويت ، وليس إسرائيل ، ومن أسباب تهديد صدام الأمس ونجاد اليوم بتدمير إسرائيل ، هو كسب التأييد الشعبي المحلي أولاً ، ثم الخارجي بالمتاجرة بالقضية العاطفية الفلسطينية ، وذلك لنيل مباركة الجماهير المغفلة لأي خطوة أو مبادرة أو احتلال قادم ، فلو كان صدام ونجاد صادقين في صراخهما وعدائهما تجاه إسرائيل ، لباغتا الدولة العبرية بالهجوم الصاروخي الحقيقي المكثف والمفاجئ ، دون الاكتفاء ولسنوات بتهديد العدو المزعوم بالكلام والإعلام ، حيث إن الحرب خدعة ، فالصادق بالحرب لا ينبه العدو بها لفترة طويلة ، حتى يأخذ العدو حذره واستعداده ، بل يفاجئه بالدمار والخراب ، ومن ثم ، فإننا نعتقد أن حرب نجاد تجاه إسرائيل ليست إلا جعجعة كلامية ودعائية ، ومقدمة لحرب إيرانية حقيقية وفاصلة مع آخرين وأولهم الكويت .
كما نعتقد أن الاحتلال الإيراني للكويت سيكون بمسوغات وتبريرات كثيرة ومعلبة وجاهزة منذ فترة ولا تحتاج إلى مجهود إضافي يُذكر ، لكن الأسباب الحقيقية وراء الاحتلال كثيرة أيضاً ، ومنها الطمع بالثروات الموجودة على الضفة الأخرى من الخليج ، والتي يتمتع بها حفنة من "الأعراب" من وجهة نظر نجاد وطاقمه ، وهؤلاء "الأعراب" هم الذين كانوا سبباً في انهيار امبراطوريتهم الفارسية الغابرة ، كما أن النظرة الدونية لشعوب دول الخليج العربية حاضرةٌ تماماً في أذهان شريحة عريضة من القيادات المؤثرة الإيرانية ، وذلك بالمقارنة مع حضارتهم العريقة والغنية والعالمية أيضاً ، وهذه طبعاً حقيقة لا ننكرها ولاينكرها عاقل ! ، ولا ننسى فوق هذا وذاك ، الإستراتيجية الرسمية والمعلنة لجمهورية إيران الإسلامية الإيرانية بتصدير الثورة ، والتي أطلقها مؤسسها الخميني ، والتي نرى تطبيقاتها العملية حاليا على أرض الواقع بكل وضوح ، وعلى قدم وساق ، بل وبتسارع رهيب ، وذلك على خلفية الإسناد الأمريكي الفاعل ، وأيضا المباركة الإسرائيلية المكشوفة .
أما طريقة الاحتلال الإيراني للكويت ، فهي مسألة غير مهمة في هذا المقام ، إلا أنها سهلة وسلسة بكل تأكيد ، حيث البر الكويتي لا يفصله عن البر الإيراني أكثر من بضع عشرات الكيلومترات من الناحية الشمالية الشرقية للكويت ، ناهيك عن الواجهة البحرية الكويتية البالغة نحو 250 كليو متر المفتوحة والمواجهة لإيران ، كما يجب أن لا ننسى أن العراق "السليب" تحت الوصاية الإيرانية والأمريكية ، خاصة أن الجنوب العراقي والمهم والحيوي والمتاخم للكويت خاضع للسيطرة الإيرانية الكاملة والمطلقة ولو غير المعلنة .
كما نعتقد أن احتلال إيران للكويت سيكون وقتياً ، لحين إعادة صياغة المنطقة برمتها من جديد ، وذلك وفقاً للمصالح الإيرانية الأمريكية المشتركة ، وذلك بعد مرحلة الصياغة المفصلية التي بدأت بإسقاط الطاغية صدام ، والتي اتسمت في إعادة توزيع موازين القوى في المنطقة بأهواء أمريكية وآلية إيرانية ، أو العكس ، لا يهم ، ورغم قولنا بالاحتلال المؤقت ، إلا أنه سيكون أطول من الاحتلال البعثي البالغ سبعة شهور ، كما ستكون أضراره المادية والبيئية والإنسانية مضاعفة بمراحل عديدة للاحتلال السابق ، ولا نتوقع أن يكون الاحتلال والضرر الإيرانيين مقتصرين على الكويت فحسب ، لكنه سيشمل باقي أو معظم دول مجلس التعاون ، لكننا لن نسترسل بما يتعلق بالدول الأخرى في هذا المقام .
وبعد إبداء رأينا وفقاً لما ورد أعلاه ، يجب أن نتساءل... ما هو الحل ؟ وكيف سنتصدى للخطر الداهم ؟ فعلاً هناك مجموعة أسئلة أو بالأحرى مشاكل خطيرة مقبلة ومحدقة يجب التصدي لها ، ولعل من أهمها التعامل الجاد والمخلص مع هذا الخطب الجلل ، وذلك من خلال رص صفوفنا الداخلية ، وأيضاً مفاتحة "حليفنا السابق" الولايات المتحدة بحقيقة علاقته معنا ومع إيران وباقي مكونات دول المنطقة ، ولا شك أن التنسيق الأخوي والمصيري مع أشقائنا في دول مجلس التعاون هو بعدنا الاستراتيجي الوحيد في منطقة حبلى بالمفاجاءات والمؤثرات والغدر الأمريكي المرتقب ، كون منطقتنا مرتكز حيوي لكل العالم بأبعادها الجغرافية والاقتصادية والدينية .
وفي الختام ، ربما يفاجأ أو يصدم قارئ هذا المقال بـ"الانقلاب المفاجئ" لكاتب هذه السطور من اهتمامه المعروف والمعلن لسنين طويلة بالشأن الاقتصادي ، وذلك بتحوله بغتة إلى "محلل سياسي" ، وذلك بطرح موضوع ربما يكون كبيراً وخطيراً وحساساً من وجهة نظر البعض ، وهو كذلك في حقيقة الأمر ، ولعلنا نجيب على من يطرح هذا التساؤل ، بأن كاتب هذه السطور مهتم بالشأن السياسي قبل اهتمامه بالشأن الاقتصادي ، لكنه آثر على نفسه أن يكون موضوع السياسة بينه وبين ذاته غالبا ، بينما يتم طرح آرائه الاقتصادية على الساحة ، لكنه لم يستطع كتم رأيه حول هذا الموضوع المفصلي والمصيري في نفسه ، والذي يهدد بلده ووطنه ، وبالتبعية شخصه ومن حوله ، إلا أنه يأمل أن لا يُستدرج إلى أتون السياسة ومصائبها ، وأن يعود فوراً إلى مضماره الاقتصادي ، ويتمنى أن قد أوصل الرسالة لأصحابها ، ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد .
الكاتب / ناصر النفيسي / تاريخ المقال 1-11-2010
ومما يؤكد شكوكنا حول العداء المزعوم بين أميركا وإيران ، أنهما متواجدتان وبكثافة في ميدان واحد ، وهو أرض العراق ، فكان من المنطقي أن يكون هناك احتكاك ونزاع بينهما بشكل أو بآخر ، وذلك بشكل أو بآخر ، لكن جوهر الأمر أنهما متفقتين على توزيع الأدوار فيما بينهما ، وذلك بشكل استراتيجي ومتكامل ، حيث تحولت ساحة المعركة المفترضة ما بين الطرفين على أرض العراق إلى ساحة للتنسيق المكثف والحميم لتنفيذ مآرب الدولتين المشبوهة في المنطقة ، أي أن العدوين اللدودين هما في واقع الأمر " سمن على عسل " كما يقال ، ونحن في غفلة ساهون !
ولا شك بأن هذا الموضوع مقلق ، حيث يظهر من خلاله عمق التآمر الأمريكي الإيراني على الشعب العراقي وعلى كيان دولة العراق ، بيد أن الأخطر من ذلك ، هو الوجهان المتناقضان لحليف الكويت الرئيسي وهو الولايات المتحدة ، والذي يعمل لمصالحه بالدرجة الأولى بكل تأكيد ، وهذا شيء مشروع ومفهوم منذ البداية ، لكن الخطورة في الموضوع ، أنه ربما يأتي وقت – ولعله يكون قريباً – تكون فيه مصلحة حليفنا الحالي الأمريكي متناقضة مع مصلحتنا ، وقد ينتهي بنا المطاف إلى أن يتم احتلال الكويت من جانب الجار الإيراني بسكوت حليفنا الأمريكي ، إن لم نقل بتشجيعه أو مباركته .
ونعتقد – وبدون مقدمات – أن إيران ستحتل الكويت في أي لحظة وخلال ساعات ، وبإطار زمني لا يتعدى 10 سنوات من الآن ، والذي هو لا شيء في عمر الدول والشعوب ، حيث لا يخفى على أحد المعطيات الحالية ، والتي تؤكد نوايا إيران التوسعية وبسط نفوذها على منطقة الخليج والشرق الأوسط ، وذلك بالاستناد إلى عدة دلائل ومؤشرات ، ومنها : بناء الترسانة العسكرية على نحو متسارع وغير مسبوق ، أو مد حلفائها في المنطقة بالمال والسلاح وإذكائهم بالأيدولوجيات اللازمة لتجييش المشاعر وغسل الأدمغة ، وغيرها من خطوات مبرمجة ومدروسة لتحقيق أهدافها الإمبراطورية إن صح التعبير ، كما أن بسط النفوذ الإيراني والواضح والمؤثر جداً امتد إلى أفغاستان بغطاء أمريكي سافر ، والذي لا يختلف عليه اثنان حسب اعتقادنا.
ونعتقد أن الكويت بوضعها الحالي تعتبر لقمة سائغة للإيرانيين من عدة محاور ، منها الحقيقة الجغرافية ومعايير القوى والأحجام، وكذلك نفوذ إيران في المجتمع المدني وفي أوساط كويتية متعددة ومتنوعة ، ناهيك عن تغلغلها الخطير بشكل أو بآخر في المؤسسات الرسمية الحكومية ، ومنها العسكرية ، حيث لم يكن ببعيد عنا اعتقال شبكة التجسس مؤخرا ، والتى كانت تنشط في عدة مرافق حساسة ، منها مرافق عسكرية كويتية ، وقد كانت تلك الشبكة مشبوهه بقوة في العمل لصالح إيران ، بالإضافة إلى الخلايا النائمة والنشطة ، وكذلك الحال في باقي دول الخليج .
ومما يشجع إيران على احتلالها للكويت حالة الفساد المتفشية في دوائر الدولة ، وتشرذم المؤسسة التشريعية المتمثلة في مجلس الأمة ، وحالة اللامبالاة العامة والتفكك المجتمعي ، واستشراء الأنانية والمصلحة الشخصية البحتة مهما كانت العواقب ، وغيرها من المظاهر الخطيرة والمؤلمة.
صدام الأمس ونجاد اليوم
وتذكرنا تصريحات الرئيس الإيراني السيد محمود أحمدي نجاد بشأن إسرائيل وتدميرها ومحوها وإبادتها … إلخ ، بتصريحات طاغية العراق المقبور صدام قبل وقبيل احتلاله للكويت (كلاكيت ثاني مرة) ، حيث كان يهدد ويتوعد إسرائيل بشتى صنوف العذاب والدمار والإحراق ، وفعلا نفذ تهديده ، ولكن باتجاه الكويت ، وليس إسرائيل ، ومن أسباب تهديد صدام الأمس ونجاد اليوم بتدمير إسرائيل ، هو كسب التأييد الشعبي المحلي أولاً ، ثم الخارجي بالمتاجرة بالقضية العاطفية الفلسطينية ، وذلك لنيل مباركة الجماهير المغفلة لأي خطوة أو مبادرة أو احتلال قادم ، فلو كان صدام ونجاد صادقين في صراخهما وعدائهما تجاه إسرائيل ، لباغتا الدولة العبرية بالهجوم الصاروخي الحقيقي المكثف والمفاجئ ، دون الاكتفاء ولسنوات بتهديد العدو المزعوم بالكلام والإعلام ، حيث إن الحرب خدعة ، فالصادق بالحرب لا ينبه العدو بها لفترة طويلة ، حتى يأخذ العدو حذره واستعداده ، بل يفاجئه بالدمار والخراب ، ومن ثم ، فإننا نعتقد أن حرب نجاد تجاه إسرائيل ليست إلا جعجعة كلامية ودعائية ، ومقدمة لحرب إيرانية حقيقية وفاصلة مع آخرين وأولهم الكويت .
كما نعتقد أن الاحتلال الإيراني للكويت سيكون بمسوغات وتبريرات كثيرة ومعلبة وجاهزة منذ فترة ولا تحتاج إلى مجهود إضافي يُذكر ، لكن الأسباب الحقيقية وراء الاحتلال كثيرة أيضاً ، ومنها الطمع بالثروات الموجودة على الضفة الأخرى من الخليج ، والتي يتمتع بها حفنة من "الأعراب" من وجهة نظر نجاد وطاقمه ، وهؤلاء "الأعراب" هم الذين كانوا سبباً في انهيار امبراطوريتهم الفارسية الغابرة ، كما أن النظرة الدونية لشعوب دول الخليج العربية حاضرةٌ تماماً في أذهان شريحة عريضة من القيادات المؤثرة الإيرانية ، وذلك بالمقارنة مع حضارتهم العريقة والغنية والعالمية أيضاً ، وهذه طبعاً حقيقة لا ننكرها ولاينكرها عاقل ! ، ولا ننسى فوق هذا وذاك ، الإستراتيجية الرسمية والمعلنة لجمهورية إيران الإسلامية الإيرانية بتصدير الثورة ، والتي أطلقها مؤسسها الخميني ، والتي نرى تطبيقاتها العملية حاليا على أرض الواقع بكل وضوح ، وعلى قدم وساق ، بل وبتسارع رهيب ، وذلك على خلفية الإسناد الأمريكي الفاعل ، وأيضا المباركة الإسرائيلية المكشوفة .
أما طريقة الاحتلال الإيراني للكويت ، فهي مسألة غير مهمة في هذا المقام ، إلا أنها سهلة وسلسة بكل تأكيد ، حيث البر الكويتي لا يفصله عن البر الإيراني أكثر من بضع عشرات الكيلومترات من الناحية الشمالية الشرقية للكويت ، ناهيك عن الواجهة البحرية الكويتية البالغة نحو 250 كليو متر المفتوحة والمواجهة لإيران ، كما يجب أن لا ننسى أن العراق "السليب" تحت الوصاية الإيرانية والأمريكية ، خاصة أن الجنوب العراقي والمهم والحيوي والمتاخم للكويت خاضع للسيطرة الإيرانية الكاملة والمطلقة ولو غير المعلنة .
كما نعتقد أن احتلال إيران للكويت سيكون وقتياً ، لحين إعادة صياغة المنطقة برمتها من جديد ، وذلك وفقاً للمصالح الإيرانية الأمريكية المشتركة ، وذلك بعد مرحلة الصياغة المفصلية التي بدأت بإسقاط الطاغية صدام ، والتي اتسمت في إعادة توزيع موازين القوى في المنطقة بأهواء أمريكية وآلية إيرانية ، أو العكس ، لا يهم ، ورغم قولنا بالاحتلال المؤقت ، إلا أنه سيكون أطول من الاحتلال البعثي البالغ سبعة شهور ، كما ستكون أضراره المادية والبيئية والإنسانية مضاعفة بمراحل عديدة للاحتلال السابق ، ولا نتوقع أن يكون الاحتلال والضرر الإيرانيين مقتصرين على الكويت فحسب ، لكنه سيشمل باقي أو معظم دول مجلس التعاون ، لكننا لن نسترسل بما يتعلق بالدول الأخرى في هذا المقام .
وبعد إبداء رأينا وفقاً لما ورد أعلاه ، يجب أن نتساءل... ما هو الحل ؟ وكيف سنتصدى للخطر الداهم ؟ فعلاً هناك مجموعة أسئلة أو بالأحرى مشاكل خطيرة مقبلة ومحدقة يجب التصدي لها ، ولعل من أهمها التعامل الجاد والمخلص مع هذا الخطب الجلل ، وذلك من خلال رص صفوفنا الداخلية ، وأيضاً مفاتحة "حليفنا السابق" الولايات المتحدة بحقيقة علاقته معنا ومع إيران وباقي مكونات دول المنطقة ، ولا شك أن التنسيق الأخوي والمصيري مع أشقائنا في دول مجلس التعاون هو بعدنا الاستراتيجي الوحيد في منطقة حبلى بالمفاجاءات والمؤثرات والغدر الأمريكي المرتقب ، كون منطقتنا مرتكز حيوي لكل العالم بأبعادها الجغرافية والاقتصادية والدينية .
وفي الختام ، ربما يفاجأ أو يصدم قارئ هذا المقال بـ"الانقلاب المفاجئ" لكاتب هذه السطور من اهتمامه المعروف والمعلن لسنين طويلة بالشأن الاقتصادي ، وذلك بتحوله بغتة إلى "محلل سياسي" ، وذلك بطرح موضوع ربما يكون كبيراً وخطيراً وحساساً من وجهة نظر البعض ، وهو كذلك في حقيقة الأمر ، ولعلنا نجيب على من يطرح هذا التساؤل ، بأن كاتب هذه السطور مهتم بالشأن السياسي قبل اهتمامه بالشأن الاقتصادي ، لكنه آثر على نفسه أن يكون موضوع السياسة بينه وبين ذاته غالبا ، بينما يتم طرح آرائه الاقتصادية على الساحة ، لكنه لم يستطع كتم رأيه حول هذا الموضوع المفصلي والمصيري في نفسه ، والذي يهدد بلده ووطنه ، وبالتبعية شخصه ومن حوله ، إلا أنه يأمل أن لا يُستدرج إلى أتون السياسة ومصائبها ، وأن يعود فوراً إلى مضماره الاقتصادي ، ويتمنى أن قد أوصل الرسالة لأصحابها ، ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد .
الكاتب / ناصر النفيسي / تاريخ المقال 1-11-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق