الأربعاء، 30 مارس 2011

"حزب الله" وشركاه والمسألة البحرينية

السياسة الكويتية 18-ربيع الآخر-1432هـ / 23-مارس-2011م

أتاحت الأحداث المؤسفة الأخيرة التي حدثت في مملكة البحرين فرصة تاريخية للاطلاع والمتابعة والكشف ورصد الأضواء على الهيكلية السياسية والطائفية التابعة للنظام الإيراني في المنطقة والخليج العربي , وهي هيكلية معروفة ومشخصة وبعضها كان في حالة صمت معلن أو نفاق سياسي واضح المبنى والمعنى, فالأحزاب الطائفية العميلة والفاشلة الحاكمة في العراق المحتل مثلا قد كشفت عن نفسها بغباء شديد وأثبتت بأنها مجرد ترس أو "برغي" صدأ في ماكينة النظام الإيراني الاستخبارية والدعائية وهنا أقصد بخاصة الجوقة الطائفية التي يمثلها المدعو إبراهيم الإشيقر الجعفري رئيس ما يسمى بالتحالف الطائفي العراقي وأحد الزعامات السابقة لحزب"الدعوة" الإيراني العميل ورئيس الوزراء الأسبق والمتقاعد لأسباب صحية من دائرة الصحة البريطانية , فهذا الإشيقر الذي حول محطته التلفزيونية الفضائية "بلادي" بوقا يبث من خلاله الأكاذيب وينشر الفتن الطائفية ويجيش قطاعات من الشعب العراقي المغلوب على أمره لصالح قناعات طائفية مريضة لا تصب في مصلحة شيعة العراق بل في مصلحة النظام الإيراني الآيل للسقوط قد كشف عن عمالته وارتباطاته الإيرانية القوية, وتخلى حتى عن ورقة التوت التي كانت تستر عوراته ومثالبه السياسية وتحول عنصرا سياسي يحمل ضررا كبيرا لمصالح العراق القومية والإقليمية, فيما لو كلف بأي مهمة رسمية لأنه ببساطة لم يعد يمثل العراق ولا مصالحه, ولا هويته, بل أضحى عنصرا إيرانيا مبارزا بعد أن كشفت الأحداث عن معادن الجماعات والأحزاب والدكاكين الطائفية وحقيقة انتمائها!.

فالجوقة الطائفية الذليلة القائمة في العراق هي بمثابة الاحتياطي المخزون والرديف الستراتيجي للنظام الإيراني ومخططاته الخبيثة في الجسدين الخليجي والعربي ولعل تعطيل البرلمان الطائفي العراقي التعبان أعماله والتضامن مع ما قيل عن مذبحة الشيعة في البحرين مهزلة حقيقية لأن شيعة العراق ذاتهم وعلى يد العصابات الطائفية المنتحلة لأسمهم تمارس جرائم تصفية وإبادة جماعية لهم ونهبا لحقوقهم ومصالحهم وإيذاءا بهم من خلال عمليات سرقة العراق وتردي الخدمات وتصاعد الإرهاب والسجون السرية والتعذيب, وعلى أهل ذلك البرلمان المسخ أن يخجلوا من أنفسهم أو لا ويبتعدوا عن حالة المراهقة السياسية التافهة التي ورطهم بها نفر من العملاء والمأجورين تحولوا بفضل أحذية الأميركيين الثقيلة لقادة سياسيين في ظل حالة النفاق الشامل التي تطبق برقاب العراقيين.

لقد توضحت الصورة بالكامل وعرفت الحقائق وكشفت جميع الأدوار, أما "حزب الله" اللبناني الذي يعتبره الإيرانيون رسميا "فخر الصناعة الإيرانية" وثمرة تعب وحشد وتنظيم تاريخي وطويل فقد برز من دون جدال ليقود حملة التضليل والدس الطائفي الإيرانية ومارس دوره المطلوب والمحدد تماما لمثل هذه الساعات الفاصلة من تاريخ إدارة الصراع الإقليمي ليقود عمليات "التغيير والهيمنة" الإيرانية في المنطقة مستغلين الأجواء الإقليمية العامة المضطربة والتي لا علاقة لها بالحسابات الإيرانية , ومبشرين المنطقة وشعوبها بخيارات ظلامية وخرافية وعازفين على أوتار الفتنة الخبيثة النتنة السوداء بين مكونات الأمة العربية والإسلامية تحت وابل كثيف من قصف شعارات العدالة والمظلومية رغم أن الشعب الإيراني ذاته هو من يشكي ظلامته للعالمين بسبب إرهاب وتخلف وديكتاتورية نظامه المزور الذي انتهك إرادة الجماهير ومارس الغش والتدليس والخداع والكذب محاولا في أيام أعياده القومية "نوروز" الحصول على انتصار وهمي مزيف في البحرين يبرر ويخفي من خلاله سلسلة خيباته الثقيلة وهويته العنصرية القومية المتعصبة, ولكن هيهات فقد أفشل البحارنة المؤامرة ولقنوا المتآمرين درسا بليغا في احترام إرادة الشعوب الحرة كما قدمت دول مجلس التعاون الخليجي كل جهودها الخيرة في احتواء الموقف ودعم الشعب البحريني وحمايته ما أثار هلع الجبناء وإطار صواب العملاء والمندسين.

وحكاية حزب الله مع البحرين حكاية طويلة لأنها باختصار حكاية الأطماع الإيرانية التي لم تنته أو تتوقف يوما منذ عقود طويلة كانت حافلة بالمؤامرات ومحاولات الضم والهيمنة والإلحاق إضافة الى التهديدات اللفظية المشفوعة بالعمل التبشيري الحوزوي السري والمعروف أيضا! فالبحرين بالنسبة الى إيران هي بمثابة "قدس مفقودة" والصراع عليها وحولها ومن أجلها يظل أحد أهم الثوابت الستراتيجية للنظام الإيراني الذي نجح في تجنيد كل خلاياه العاملة وشبكة متعاونيه من أجل تقريب يوم ذلك الهدف الخبيث الذي لن يتحقق أبدا بل ستظل البحرين شوكة في عيون أحفاد الأكاسرة وورثة الاستعباد المقدس, فالقضية أبعد بكثير من خلافات حول سياسات داخلية في البحرين لأنها باختصار تعبير عن أطماع تاريخية صيغت بلهجة طائفية وقحة ونتنة ولـ"حزب الله" الذي تحول من خياره الستراتيجي في مناوئة إسرائيل كما يقول ويعلن ليركز على البحرين دور مركزيا في الملف البحريني , ففي معلومات سرية وخاصة علمنا بأن قيادات هذا الحزب الأمنية قد مارست مناورات وحملات ابتزاز بشأن هذا الملف كان آخرها قبل ثلاثة أعوام حينما قام رجل أعمال عراقي وثيق الصلة العائلية والشخصية بحسن نصر الله بالاتصال بجهة أمنية خليجية للتطوع لبيع معلومات أمنية لتلك الجهة تتعلق بشبكة تجنيد إيرانية في البحرين تهدف الى تدبير انقلاب سياسي هناك!

 وفعلا تم الاتفاق على البيع والشراء وقدمت ملفات لمحاولة انقلابية أعلنت السلطات البحرينية عن جزء من تفاصيلها وكانت مناورة وخطة خداع إيرانية للحصول على المال وللتضحية ببعض الأوراق المحروقة ولاكتساب مصداقية معينة, لأن طبيعة الدور الإيراني وأدواته في المنطقة الخليجية تظل ذات طبيعة إفعوانية ترتكز على شبكات طويلة ومتمرسة من المتآمرين الذين تجمعهم نوازع الحقد القومي والطائفي المريض, لذلك فقد شاهدنا هذا المحفل الواسع من الخبثاء الذي ضم تشكيلات طائفية بدءا من إبراهيم الجعفري وصولاغ والمالكي والحكيم في العراق, وصولا الى حسن نصر الله في سردابه التابع للمخابرات السورية والذي نأمل بأن يعجل الله فرجه بعد الانهيار القادم والقريب للنظام الاستخباري السوري بعون الله, حكاية مؤامرات "حزب الله" هي حكاية الخبث الإيراني التاريخي نفسه لقد سقطت الطيور على أشكالها فعلا, أما البحرين فستظل أرضا للعرب وشوكة في عيون الدجالين.

الكاتب / داود البصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق