الأحد، 1 مايو 2011

أوباما يلعب لعبة الدجاجة النووية مع إيران

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 2 من ذي الحجة 1431هـ / 8 من نوفمبر 2010م
بينما تتوجه أنظار الأميركيين إلى انتخابات التجديد النصفي، يستمر صراع مرير بين الولايات المتحدة وإيران على النفوذ في الشرق الأوسط.
وتدور رحى الصراع في العراق ولبنان؛ حيث يضغط الإيرانيون من خلال وكلائهم من أجل ما يصل إلى مستوى السيطرة السياسية، بينما تقاوم الولايات المتحدة وحلفاؤها - أحيانا بضعف، ولكن بالقدر الذي كبح التقدم الإيراني. وقد تتصاعد الحرب بالوكالة في الأسابيع المقبلة داخل كل من بغداد وبيروت.
وتأمل إدارة أوباما أن تكون هذه المنافسة مع إيران تمهيدا لمحادثات جادة حول حدود البرنامج النووي الإيراني. وترى الإدارة أن العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الإيرانيين مثلت ضغطا عليهم، ولكنهم يردون عليها بالقتال داخل العراق ولبنان بهدف إثبات أنهم لا يزالون يتمتعون بالنفوذ.
وقد أعطى البيت الأبيض مرارا إشارات إلى إيران مفادها أن لديه رغبة في التوصل إلى حل سلمي للبرنامج النووي، وجاء الرد الإيراني غامضا كالمعتاد، ولكن قال الإيرانيون إنهم مستعدون لعقد محادثات مع واشنطن وحلفائها الرئيسيين خلال الشهر الحالي، ربما في فيينا.
وتضمنت الإشارات المحيرة التي تقول برغبة إيران في مفاوضات تواصل إسفانديار رحيم مشائي، أحد أهم المستشارين السياسيين للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، مع شخصيات أميركية. وقد حضر مستشار سياسي آخر للرئيس الإيراني اجتماعا نظمته الولايات المتحدة في روما في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حول إرساء الاستقرار في أفغانستان. وقد أوضحت الولايات المتحدة، عبر الكثير من الوسطاء، أنها ستقبل مفاوضات مرحلية بدأت بحل وسط قدمته تركيا بشأن تزويد مفاعل طهران النووي البحثي بالوقود النووي ثم الانتقال إلى برنامج إيران النووي الشامل.
وبلغ عمر لعبة الدجاجة النووية نحو 10 سنوات، وعلى الرغم من المناورات حول الجولة المقبلة من المحادثات، لا يوجد دليل قوي يذكر، حتى الآن، على جدية إيران في التوصل إلى صفقة، بينما تظل حملتها من أجل التمتع بنفوذ سياسي في بغداد وبيروت مستمرة.
لطالما كانت المقاومة الأميركية لطهران نوعا من استراتيجية التظاهر بالضعف، يقوم في إطارها حلفاء الولايات المتحدة بامتصاص الضربات الإيرانية، بينما تتفاوض واشنطن من أجل الوصول إلى حل وسط - ومجازا تنتظر أن تدمر إيران نفسها. وأمل الولايات المتحدة، على حد قول السفير الأميركي السابق ريان كروكر، هو أن «يحد النفوذ الإيراني من نفسه، فكلما ازداد ضغطهم، ازدادت المقاومة التي يواجهونها».
أما في العراق، فقد مر أكثر من سبعة أشهر منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في مارس (آذار) الماضي دون تشكيل حكومة جديدة، وقد ألقت إيران بثقلها دعما لسعي رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي إلى الاحتفاظ بمنصبه، ويقال إنها شكلت فرقة مهام خاصة في بغداد من أجل الضغط على الفصائل العراقية. ويقال أيضا إن إيران منعت دعما مستترا للأحزاب الشيعية التي رفضت دعم المالكي.
ومن الغريب أن تدعم الولايات المتحدة مسعى المالكي بشكل تكتيكي، لكن واشنطن أصرت على إشراك القائمة العراقية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، والمدعومة من السنة، في الحكومة الائتلافية. ويدعم مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان والذي يعتبر لاعبا فاعلا أساسيا في هذه المفاوضات، المطلب الأميركي.
ويخشى بعض العراقيين من أن طهران تخطط لحملة انتقامية. ففي الأسبوع الماضي، أرسل مصدر إلي تقريرا استخباراتيا عراقيا مزعوما يقول: «إن ضباطا استخباراتيين إيرانيين (يخططون) لعملية على مرحلتين تتضمن اغتيال أعضاء (سابقين) في حزب البعث وضباط سابقين وحاليين في الجيش ووكالة الاستخبارات».
وداخل لبنان تكتسب الحرب بالوكالة ضراوة بالقدر نفسه؛ حيث يقوم حزب الله، وهو ميليشيا شيعية أنشأتها إيران، بإذكاء المشاعر ضد محكمة دولية يقال إنها تستعد لإصدار لائحة اتهام ضد عناصر في حزب الله الشهر المقبل تتعلق بمقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005. وقد نظمت واشنطن تحالفا، يضم روسيا، من أجل دعم عمل المحكمة. وإذا أصدرت اتهامات، ربما يتحرك حزب الله من أجل الإطاحة بالحكومة اللبنانية، مما يعني المواجهة. ومن غير الواضح حاليا كيف ستتعامل الولايات المتحدة وإسرائيل مع ذلك، ولكن لا يوجد أمامهما سوى خيارات محدودة.
في الأسبوع الماضي، اتهم أحمدي نجاد، الغاضب، روسيا بالترويج لـ«الشيطان» من خلال دعم عقوبات وإلغاء صفقة صواريخ أرض-جو كان مخططا بيعها لإيران.
وتأمل إدارة أوباما أن تسعى إيران، بعد شعورها بالعزلة، إلى الوصول إلى تسوية فيما يتعلق بملفها النووي. ولكن كما قال كريم سجادبور في «فورين بوليسي»، فإن هذا النظام الحاكم الذي يعاني «عقدة الضحية» يحتاج إلى أميركا كعدو أكثر من أي وقت مضى. ومن المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة أن تدرس كل مساحة معقولة للتسوية، ولكن الحروب بالوكالة داخل العراق ولبنان تظهر أن إيران في حاجة إلى التفاوض من قوة أيضا.
بعد لغط الانتخابات، يجب على الرئيس أوباما أن يتحول إلى هذا الاختبار ويكتشف ما إذا كانت إيران تريد مفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق أم لقتل الوقت.


الكاتب - ديفيد إغناتيوس
* خدمة «واشنطن بوست»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق