الثلاثاء، 21 يونيو 2011

الجنرال حصان طروادة لـ "حزب الله"

السياسة الكويتية 18-رجب-1432هـ / 20-يونيو-2011م

لمع اسم العماد ميشال عون في العام 1988 بعد تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس أمين الجميل الذي كلف العماد عون تشكيل حكومة عسكرية. من ثم اشتهر اسمه أكثر في حرب التحرير ضد "القوات السورية" وحرب الإلغاء ضد "القوات اللبنانية". في 13 اكتوبر عام 1990 خسر العماد عون حربه ضد الجيش السوري بسبب رفضه اتفاق الطائف ما مكن الجيش السوري من دخول القصر الجمهوري ووزارة الدفاع, وفر عون من القصر الجمهوري إلى السفارة الفرنسية, تاركا ً وراءه زوجته وبناته الثلاث اللواتي تم إجلاؤهن لاحقا ً إلى السفارة الفرنسية تحت حماية إيلي حبيقة وضابط كبير بالمخابرات الجوية في الجيش السوري. ثم سمح له لاحقا ً بالتوجه إلى منفاه في فرنسا في 28 أغسطس 1991 وعاد بعد 15 سنة من منفاه في باريس إلى لبنان عندما انسحب الجيش السوري على أثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سنة 2005.

زار "الفوهرر ميشال عون" المعْلم "السياحي الجهادي المقاوم" في بلدة مليتا الجنوبية في منطقة إقليم التفاح وهو أيضا أحد معالم المربعات الأمنية لحزب الله, ففرشوا له السجاد الأحمر ومشى عليه كما كان يمشي "الفوهرر هتلر", مصحوبا ً بزغاريد هيئة النسوة في "حزب الله" وبنثر الورود والأرز مع التلويح بالرايات الصفراء والبرتقالية, ثم ألقى العماد عون خطابا ودروسا في المقاومة, قائلا ً بأنه سيلوي أذرع إسرائيل وأميركا وراح يرمي الاتهامات جزافاً على الآخرين, تارة ً بالعمالة لإسرائيل أو لأميركا وتارة ً بنشر الطائفية بين اللبنانيين, متناسيا الموقع الذي كان موجودا ً فيه في منطقة "إقليم التفاح" حيث تتواجد بكثافة عناصر ل¯ "حزب الله" الذي أطلق أحد عناصره النار على مروحية تابعة لسلاح الجو في الجيش اللبناني, ما أدى إلى هبوط المروحية إضطراريا في مربعهم الأمني وأسفر عن مقتل قائد المروحية, الضابط الطيار في الجيش اللبناني "سامر حنا".

خلد الجنرال عون في خطابه أعمال المقاومة ومجد شعبها الذي قاوم سنوات عديدة منذ عام 1982, متناسيا سنة 1983 أثناء توليه قيادة اللواء الثامن في الجيش اللبناني كيف حاصر وقصف ودمر شعب المقاومة الممجَّدة من قبله في ضاحية بيروت الجنوبية.

في سياق خطابه أضاف عون: "كما قلنا في السابق سنلوي ذراع إسرائيل", أي ذراع ستلوي يا سيادة الجنرال, ذراع إسرائيل أم ذراع مستشارك والمسؤول في تيارك العوني في منطقة زغرتا العميل العميد المتقاعد "فايز كرم"? كما أشارت محطة ال"أم تي في" المرئية التي نقلت عن مصادر قضائية إعترافه أمام مدعي عام التمييز القاضي "سعيد ميرزا" بأنه قصد في أحد الأيام خلال حرب يوليو عام 2006 منزل الجنرال عون في الرابية وقال له: "جنرال, أنت تعلم بعلاقتي مع أحد الضباط في المخابرات الإسرائيلية الذي أصبح اليوم مسؤولاً في لندن, فما رأيك أن أعرض عليه أن تكون أنت الوسيط بينهم وبين حزب الله لإنهاء الحرب وتأخذ دور البطولة أمام الجميع?" فأجابه عون, "بيعهم هلق, ودعهم جانبا ً مش وقتها", "فخار يكسر بعضه". والأمر المضحك عندما قال: "سنلوي اليوم ذراع أميركا, أميركا سيدة العالم, أميركا الأقوى إقتصاديا ً وعسكريا ً وتكنولوجيا ً في العالم".

وسيادة "الفوهرر عون" يريد أن يلوي ذراعها وهو الذي ذهب في عام 2003 إلى اللجنة الفرعية للعلاقات الدولية في مجلس النواب الأميركي ليدلي بشهادته أمامها بشأن قانون محاسبة سورية, واتهم وكلاء سورية بالهجمات الإرهابية المتزامنة ضد السفارة الأميركية في رأس بيروت وعوكر وهو اليوم حليفهم وأحد الوكلاء لسورية في لبنان. ليس هذا فقط فالعماد عون كان دائما ً يتحف الشعب اللبناني بإنجازه العظيم ممنناً إياه بأنه هو من طالب بإصدار القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن لبنان. ثم أضاف الجنرال في خطابه: "لن يكون في لبنان حرب أهلية, لا سنية - شيعية ولا مسيحية - إسلامية, حتى لو كان بعض الهامشيين يتمنونها ليتمكنوا من السيطرة على الحكم", هذا الكلام جميل جدا ً ولكنه ينطبق على الجنرال عون وحلفائه, ولإنعاش ذاكرة الجنرال عون نظرا ً إلى تقدمه بالسن, من الذي اجتاح بيروت في 7 مايو عام 2008 وأقفل طريق المطار وقطع الطرقات? أليسوا حلفاءهُ في حزب الله وحركة أمل الذين كان يمهد لهم الأمور في بث سموم خطاباته والشحن الطائفي عندما كان يتهم زورا ً "تيار المستقبل" بأنه يسلح نفسه في بيروت, قبل شهرين من 7 مايو 2008 تمهيدا ً لذاك اليوم المجيد (كما صنفه سماحة السيد)? ماذا عن الإعتصام الكرنفالي في وسط بيروت الذي أدى إلى شلل ٍ في قسم لا يستهان به من الإقتصاد الوطني اللبناني الذي كنت أنت أحد مسببيه? ليس هذا فقط, فكان حلفاؤك يتخذونك ذريعة لهذا الإعتصام.

أنسيت يا فخامة الجنرال عون الاشتباك المسلح بين "حزب الله" و"الأحباش" في بيروت في منطقة برج أبي حيدر في مطلع سنة 2011? أنسيت كيف حرضت كلا ً من النظام السوري والسيد حسن نصر الله على تغيير قواعد اللعبة في المناطق المسيحية عسكريا ً لإنهاء المناوئين لك نهائيا ً مثل "حزب القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" لتتفرد أنت بالساحة المسيحية, كما ذكرت جريدة "السفير" في 18 يوليو 2010? والهامشيون الذين ذكرتهم بأنهم الأقلية ويريدون الاستيلاء على الحكم, نعم أصبحوا أقلية نيابية بعد خروج المتقلب سياسيا ً وليد بك جنبلاط وكتلته من فريق "14 آذار". أما أنت يا حضرة الجنرال فتدعي دائما ً بالأكثرية النيابية المسيحية إلا إنها ليست إلا أقلية شعبيا ً في الوسط المسيحي, كما أنك عطلت تأليف الحكومة لأكثر من أربعة أشهر فقط للاستيلاء على معظم الوزارات وأهمها وزارة الداخلية ولإخراج رجلك الفارس في العمالة العميل "فايز كرم" من السجن, لأن الأخير هددك بأنه سيفضح المستور إن لم تخرجه من السجن, خصوصا ً عندما أدلى بإعترافه لقاضي التحقيق "سعيد ميرزا" بأنك كنت على علم ٍ بعلاقته مع أحد الضباط الكبار في المخابرات الإسرائيلية, وأيضا ً لإلغاء "فرع شعبة المعلومات" الذي له الفضل في كشف أكثر من 60 في المئة من شبكات العملاء لإسرائيل ومن ضمنهم العميد المتقاعد فايز كرم.

أولئك الذين نعتهم بالهامشيين يا سيادة الجنرال لم يتقلبوا في السياسة كما فعلت أنت عندما قفزت من ضفة "14 أذار" إلى "8 أذار", ولم يتعدوا بالسلاح على أحد كما فعل حلفاؤك في بيروت في 7 مايو, ولم يخلوا بإتفاقهم كما فعلتم أنت وحلفاؤك في "إتفاق الدوحة", ولم ينشروا فرقا ً وعصابات ٍ ترتدي القمصان السوداء على مفترق ومفاصل تقاطع الطرقات في بيروت لتهديد نواب "14 أذار" كما فعل حلفاؤك.

هذا هو الجنرال عون يدعي الحنكة السياسية وهو ليس إلا حصان َ طروادة يمتطيه "حزب الله" لمآربه السياسية فقط.


كاتب :- علي ب. أسعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق