الجمعة، 24 يونيو 2011

«المهداوية» وحدود الخرافة الدينية والسياسية لدى نجاد

الملف نت 20 من رجب 1432هـ / 22 من يونيو 2011م

تشهد الساحة الدينية والسياسية في إيران ومنذ عدة أشهر نقاشًا حادًّا بين التيار الإصلاحي والتيار المحافظ بشأن «العقيدة المهداوية» أي علاقة عودة المهدي بالواقع السياسي الإيراني والعالمي والإمام المهدي الملقب «بالإمام المنتظر» وهو الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري، الإمام الثاني عشر في سلسلة الأئمة المعصومين الذين يعتقد الشيعة الاثني عشرية بتعيينهم من قبل الله، ويقولون بولادته في 255 هجرية بصورة سرية، واختفى في سرداب سامراء بعد وفاة والده الإمام العسكري سنة 260 للهجرة وهم ينتظرون عودته ليملأ الدنيا عدلاً بعد أن مُلئت جورًا وظلمًا.

النقاش المشار إليه ينصب حول مدى علاقة وتأثير الإمام المهدي فيما يجري من أحداث في إيران ومحيطها الإقليمي وفي العالم، وقد برز هذا النقاش لأول مرة منذ تولى نجاد رئاسة الجمهورية عام 2005 حيث أخذ ومنذ ذلك التاريخ التلميح إلى أنه على اتصال مع الإمام الغائب وأن كل خطواته التي يتخذها تتم بمباركة ورضا الإمام، لكنه وبعد فوزه المشكوك به في انتخابات الرئاسة عام 2009 أخذ نجاد يجاهر ويعلن أنه مدعوم مباشرة من الإمام الغائب وأن حكومته يباركها الإمام، وهو ما أثار حتى حفيظة مرشد الثورة علي خامنئي «الولي الفقيه» الذي من المفترض أنه يمارس سلطة الإمام الغائب وصلاحياته المطلقة على الأمة الإسلامية، فادِّعاء الصلة بالمهدي المنتظر من قبل نجاد وأخذ المباركة منه تعني عمليًّا ووفق العقيدة الشيعية الاثنا عشرية مرحلة تدخله في حالة من التنافس، لا بل التميز على «الولي الفقيه» نفسه والذي هو «نائب الإمام في غيبته»، وقد تطور هذا الوضع التصادمي على الصعيد العقائدي بين مرشد الثورة ورئيس الجمهورية إلى صدام سياسي بلغ أشده خلال الفترة الماضية وتمثل في تدخل المرشد مباشرة بوقف قرار نجاد بإقالة وزير المخابرات حيدر مصلحي بعد أن نجح قبل ذلك بإقالة وزير الخارجية السابق منوشهر متكي الذي كان يحظى بدعم من المرشد.

إن خطورة «المهداوية» في عقيدة نجاد تكمن في سلوكه السياسي وحساسية موقعه كرئيس للدولة الإيرانية، فنجاد وبتأثير من صهره وصديقه رحيم مشائي صاحب النظرية المهداوية والداعي لتأسيس دين إسلامي -إيراني يجمع بين الإسلام والقومية الفارسية، يعتقد أن أي سلوك يقوم به سيكون مكللا بالنجاح لأنه مبارك من الإمام الغائب ولذا نراه يتحدث عن تدمير إسرائيل باعتباره تكليفًا إلهيا، كما أنه يتحدث عن مشروعه النووي باعتباره أمرًا ربانيًّا كلفه به الإمام كضرورة من أجل الإسراع والتعجيل في ظهور المهدي وإقامة العدل في الدنيا.

وفيما يخصنا نحن العرب فإن نجاد يعتقد أن ما يجرى في الشارع العربي من ثورات باستثناء ما يجرى في سوريا هي من البشائر التي سبق أن تحدث عنها الإمام الخميني وهي ستعجل بعودة المهدي المنتظر الذي سيقيم الدولة الإسلامية العالمية، ولتعميم هذا المعتقد مَوَّلَ نجاد مؤسسة تدعى «مبشران ظهور» لإنتاج وتصوير فيلم «الخروج قريب جدًّا» والذي يجمع بين الدين والسياسية ويمزج بين لحظة ظهور المهدي والإشارات التي سبق أن تحدث عنها الفقه الشيعي الاثني عشري وبين علامات وشخصيات سياسية موجودة حاليًا، من هذه الشخصيات، شعيب بن صالح حيث يشار إليه بأنه (أحمدي نجاد)، والسيد الخراساني الذي يشار إليه بأنه (علي خامنئي) الذي من المفترض حسب الفيلم أن يقود جيشًا عظيمًا من خراسان باتجاه إحدى بلاد الشام لنصرة المهدي المنتظر في مواجهة الشخصية المعادية للمهدي والمسماة «بالسفياني» وفق الفكر الاثنا عشري.

إن هذا الفيلم يعكس تمامًا خطورة الفكر المهداوي لنجاد على صعيد الخرافة ويؤشر بوضوح إلى أن نجاد يعتبر العرب في الجزيرة العربية وبلاد الشام ليسوا أعداءً سياسيين فحسب بل هم أعداء لعقيدته ولذا فإنه يعمل ومنذ إنتاج الفيلم في إبريل الماضي على ترويج هذا الفكر المعادي « للإسلام العربي» حسب تعبير مشائي والعروبة كأمة بصورة ملفتة للنظر حيث وصل عدد النسخ التي تم توزيعها على الشيعة في إيران والعراق ولبنان مئات الآلاف من النسخ، وذلك في حرب أقل ما يقال عنها أنها «غسيل للدماغ عبر التحريض الطائفي والخرافة الدينية».

الكاتب :- رجا طلب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق