السبت، 25 يونيو 2011

أسماك زينة كانت هوامير

في الماضي كان المضاربون يسرحون ويمرحون في كل مجالات الاستثمار التي استطاعوا دخولها.. أسواق المال.. والعقار.. وغيرها أما اليوم فقد انطفأت شمعتهم وغربت شمسهم.  

البداية كانت قبل ذلك ومع رحلة أسواق المال، حين كانوا يلاحقون السهم تلو الآخر وكأن السوق تحولت إلى مضمار للقفز العالي، كل منهم يحاول أن يدفع بالأسهم إلى الأعلى لتحطم أرقاماً قياسية لم تبلغها من قبل، يشترون في بداية الجلسات، ويبيعون في آخرها، ثم يعاودون الكرة المرة تلو الأخرى.

أوجدت الأيام من أولئك المضاربين أناساً أشداء أقوياء، كانوا يسمون أيامها بـ”الهوامير”، واستمروا على هذه الحال حتى زال بريق الأسهم، فتحولت معها “الهوامير” إلى “أسماك زينة” مختلفة الألوان، واختفى الكثير من المضاربين الآخرين الذين كان شغلهم الشاغل اتباع ما يسمعونه عن تحركات “الهوامير”.

ومع طفرة العقار، ظهر المضاربون مجدداً، فكان الحمل أكثر ثقلاً، فأخذوا يشترون ويبيعون الأوراق والخرائط ليحققوا المكاسب ويجنوا الأرباح، لكنهم استخفوا بالأمر، فنسوا أنهم يحملون على ظهورهم فللا وشققاً وعمارات، وظنوا أنها مجرد أوراق ليس لها نصيب من الأوزان، كان بعضهم يقف في الطوابير ليشتري وحدات سكنية، ويعيد بيعها مجدداً محققاً ربحاً خلال دقائق.

واليوم لم يعد هناك مضاربون في العقار، فقد تلقوا ضربة موجعة، فتحولت أوراقهم وخرائطهم إلى كتل إسمنتية حقيقية لها ثمنها الذي يجب دفعه، وأصبحت ثقيلة بحيث لا يمكن حملها وتحريكها، ولا التخلص منها بسهولة، فاختفى المضاربون واختفت طوابيرهم المكتظة.

لعل ما حدث خلال العامين الأخيرين صحح الكثير من الأوضاع التي لم تكن سليمة في الأسواق، فبالرغم من قسوة الخسائر التي تعرض لها الكثير من المستثمرين والمضاربين، لكن تلك المبالغات في طرق الاستثمار لم تكن تعكس وضعاً اقتصادياً سليماً .

ورغم أن وجود المضاربين أمر طبيعي في الكثير من الأعمال الاستثمارية سواء في الأسهم أو العقار أو حتى في النفط والذهب وغيرها، إلا حصتهم من تلك الأعمال يجب أن تكون معقولة، فمن المنطق أن يكون 20٪ من المستثمرين في الأسهم والعقار من فئة المضاربين، ولكن من غير المنطق أن تكون نسبتهم 80٪ أو أكثر. 

يبدو أن الأمور تعود إلى مسارها الطبيعي رغم أن السوق تعيش ظروفاً غير طبيعية ناتجة عن أزمة المال العالمية، لكنها ستعود بالتأكيد إلى التحرك والنشاط ولكن ضمن الحدود الطبيعية والمعقولة، فإنجاز المشاريع أجبر الكثيرين على الاستثمار الحقيقي في العقار، والأسهم لم تعد مثل بالونات الهواء، ومن أراد الاستثمار عليه أن يحترم قواعد المال والأعمال وأن يضع الدراسات التفصيلية وأن يتابع مشروعه بدقة ليحقق النجاح.

 يبقى الأهم من ذلك هو تعلم الدروس، وأن يكون المستثمرون في المستقبل أكثر خبرة ومعرفة في كيفية استثمار أموالهم، وأن يدركوا خطورة المضاربين إذا عادوا مجدداً لغزو أي من مجالات الاستثمار.

-
MalhuwaiDi@
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق