الأربعاء، 27 يوليو 2011

نجاد.. ولعبة التحدي وكشف الأسرار

مفكرة الإسلام 23-شعبان-1432هـ / 24-يوليو-2011م

علي رضا نادر/ مؤسسة راند البحثية

لا تزال تستعر المعركة الحامية بين الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" والمرشد الأعلى للثورة "علي خامنئي"؛ وهي المعركة التي بدأ فيها كلا الطرفين في استخدام سلاح التهديد لردع الآخر. فالرئيس الإيراني الذي يعرف الكثير من بواطن الأمور داخل النظام يلعب على وتر التهديد بكشف الأسرار، بينما يعمل خامنئي على استغلال وسائل الإعلام، وكذلك ولاء كبار قادة الحرس الثوري له من أجل كبح جماح وتشويه صورة رئيس حكومته الذي كان يومًا من أقرب معاونيه.

ويرى المحلل السياسي "على رضا نادر"- الباحث بمؤسسة راند البحثية الأمريكية- أنه بالرغم من كفاح نجاد المستميت من أجل السلطة فإنه ربما لن يكون قادرًا على الصمود أمام التحدي الصعب الذي يواجهه في المرحلة الراهنة. وقال في مقال له تحت عنوان "أحمدي نجاد في مواجهة الحرس الثوري" أن الحرس الثوري ربما سيبذل كل ما بوسعه للحفاظ على امتيازاته حتى ولو كان على حساب نجاد.
وفيما يلي نص مقال "أحمدي نجاد في مواجهة الحرس الثوري" وجاء فيه:

يواجه الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" مأزقًا صعبًا هذه الأيام. حيث أثار تحديه للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية "آية الله علي خامنئي"- والذي بدأ في أعقاب إقالته لوزير الاستخبارات في أبريل الماضي- غضبًا عميقًا لدى النخبة السياسية والعسكرية في إيران. حتى أن هناك حديث عن إمكانية إقالة الرئيس.

وفي الماضي، أثبت أحمدي نجاد أنه الأكثر صمودًا. ومهد طريقه ببراعة للوصول إلى أقوى ثاني منصب في إيران؛ إلا أنه يواجه الآن تحديًا ربما لن يكون قادرًا على التغلب عليه. فقد أسند خامنئي للحرس الثوري مهمة تقويضه- - وربما حتى اختيار من يحل محله كرئيس للبلاد.

وفي مقابلة أجريت مؤخرًا مع قائد الحرس الثوري الإيراني "محمد علي الجعفري" قال: إن قواته مسئولة حاليًا عن التعاطي مع "التيار المنحرف"؛ وهي أحدث لغة يتم استخدامها حاليًا في وصف "أحمدي نجاد" ومدير مكتبه المثير للجدل "إسفنديار رحيم مشائي" وغيرهم في دائرة نجاد المقربة. وأشار الجعفري إلى أن الحرس سوف يساعد في تهيئة الظروف للانتخابات البرلمانية التي ستجرى العام المقبل وكذلك الانتخابات المستقبلية.

وموجهًا خطابه للمعارضة، صرح الجعفري كذلك أن الإصلاحيين الذين لم يتجاوزوا "الخطوط الحمراء" للنظام سيتم السماح لهم بالمشاركة. وهذا ربما يتضمن الرئيس الإيراني السابق "محمد خاتمي"، الذي طلب مؤخرًا من النظام أن "يصفح" عن الإيرانيين الذين خرجوا في احتجاجات في أعقاب الانتخابات الرئاسية محل النزاع التي جرت عام 2009. وقد عكست تعليقات الجعفري مدى تصاعد سلطة الحرس الثوري كأداة تنفيذ سياسية لإيران.

لكن من غير المرجح أن يرحل "أحمدي نجاد" دون صراع. فقد رد بقوة على الجعفري بانتقاده المعابر الحدودية "غير القانونية"التي تستخدمها الوكالات الحكومية من أجل تهريب البضائع من وإلى إيران، والتي تُقدر بأنها تدر مليارات الدولارات من الأرباح غير المشروعة. وأعرب نجاد ضمنيًا أن المهربين كانوا "أخوة" لهم مصالح أمنية واستخبارية. وقد فُسرت تعليقاته على نطاق واسع في إيران على أنها تشير إلى الحرس الثوري، الذي من المعروف عنه إدارته لأرصفة بحرية ومعابر وموانئ في أنحاء البلاد. و قد أدان الجعفري لاحقًا هذه الادعاءات ووصفها بأنها "منحرفة".

إن من المفارقات، أن الحرس الثوري كان قد لعب دورًا حاسمًا في انتخاب "أحمدي نجاد" عام 2005 و2009. حتى أن "أحمدي نجاد" كان يعتبر في فترة ما بين أكثر الحلفاء المقربين للحرس الثوري، كما سمح لهم خلال رئاسته بتجميع المزيد من السلطات السياسية والاقتصادية. إلا أنه عندما ألمح إلى قضية التهريب، طرح بصورة علنية أنه على دراية بأسرارهم. كما أنه ربما يعلن عن المزيد من المعلومات الداخلية إذا ما استشعر بتهديد أكبر.

ومن المعروف عن الحرس الثوري أنهم قوة منقسمة؛ حيث يؤيد بعض عناصره الإصلاحيين بينما هناك آخرين هم من المواليين لـ "أحمدي نجاد". ومع ذلك، يبدو أن كبار قادة الحرس يقفون بقوة خلف خامنئي الذي ضمن لقادة الجناح العسكري الأعلى أنهم سيكونون حرس السياسة الإيرانية الأقوياء على المدى الطويل. ومن المستبعد أن يسمح خامنئي والجعفري للتيار السياسي الموالي لـ "أحمدي نجاد" أن يحقق الفوز في الانتخابات البرلمانية عام 2012 أو الرئاسية عام 2013.

لذلك فإن "أحمدي نجاد" ربما يعتزم تحدي الأعضاء الأبرز في النخبة السياسية، بما في ذلك خامنئي والجعفري. إلا أن الحرس الثوري أيضًا يُظهرون بوضوح أنهم على استعداد لبذل ما في وسعهم من قدرات متنامية- حتى وإن كانت ضد "إخوانهم"- من أجل حماية امتيازاتهم.

*علي رضا نادر: محلل سياسي بمركز أبحاث "راند" الأمريكي، وخبير متخصص في الشأن الإيراني. من أبرز أعماله "المرشد الأعلى القادم: الخلافة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق