الأربعاء، 27 يوليو 2011

إيران.. تقيّة أم تغيير؟

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 23 من شعبان 1432هـ / 24 من يوليو 2011م

بعد أن تفنن جل مرتدي العمائم في إيران، ومعظم مرتدي البزات العسكرية، في الهجوم على السعودية والبحرين، حيث لم يبق إلا مدير مرور طهران تقريبًا الذي لم يتوعد السعودية والخليج، خرج وزير خارجية إيران بتصريحات «ناعمة» تجاه الرياض والمنامة!

فبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، يقول علي أكبر صالحي: «ليست لدينا مشكلات خاصة مع السعودية، ونعترف بالسعودية بلدًا مهمًّا في المنطقة ومؤثرًا على الصعيد الدولي»، مضيفًا أنه «بعد الأحداث في المنطقة، حصل تباين في التفسير والتحليل. وأعتقد أن في الإمكان تبديد سوء التفاهم هذا». كما أعلن صالحي أن بلاده «تحترم السيادة الوطنية واستقلال البحرين وتريد السلام والاستقرار والأمن للبحرين»، مضيفًا أن بلاده تعتبر «قرار العاهل البحريني بدء حوار مع الشعب بأنه إيجابي. ونأمل أن يتيح هذا الحوار إيجاد حل للأزمة». وأعلن صالحي أيضًا استعداد بلاده للتفاوض مع أميركا!

وبالتأكيد أن أول سؤال سيتبادر إلى ذهن المتابع هو: ما الذي يحدث؟ كيف يقول صالحي ما قاله عن السعودية؟

 وخصوصًا أن مصدرًا سعوديًّا صرح لصحيفتنا قبل أيام موضحًا الرواية الرسمية لبلاده حيال الموقف من إيران، وقائلاً إن بلاده لم توجه دعوة لطهران! وبالنسبة إلى البحرين، فإن إيران ما فتئت تلوي الحقائق حول ما يحدث في المنامة، بل إن أحد الأئمة المتشددين في إيران، وهو مقرب من دوائر صنع القرار، طالب بأن يتم فتح البحرين إسلاميًّا، هذا فضلاً عن الهجوم على واشنطن دفاعًا عن حزب الله، الذي تطالب المحكمة الدولية لبنان بتسليمه أربعة من قيادات الحزب الإيراني بتهمة اغتيال الراحل رفيق الحريري. كما أن حديث صالحي عن العلاقة مع واشنطن يأتي في الوقت الذي تهدد فيه أميركا الميليشيات الشيعية المحسوبة على إيران في العراق، والتي ترتكب جرائم بحق السنة هناك، فهل نحن أمام تغيير إيراني حقيقي، أم هي التقية السياسية بشكل جديد؟

من الصعب بالطبع تصديق نيات إيران، فعند التعامل مع طهران، سعوديًّا، أو خليجيًّا، لا بد من تذكر المثل القائل: «لا يحزنني أنك تكذب عليّ، لكن يحزنني أنني لم أعد أصدقك»، إلا أنه -وأيًّا كانت نيات طهران- من المهم التنبه إلى نقطة جوهرية، قد تكون تصريحات صالحي أهم مؤشر عليها، وهي أن إيران باتت تشعر اليوم بالخطر مما يحدث في سوريا. وقد تكون طهران توصلت إلى قناعة بأن نظام الأسد لن يستمر، وأن التغيير قادم، وهذا يعني انهيار الدبلوماسية الإيرانية، كما أسلفنا مرارًا.

 مما يعني أن طهران ستواجه استحقاقًا داخليًّا تأخر قرابة الثلاثين عامًا، وهو قادم لا محالة، فكل المؤشرات تقول إن النار تحت الرماد في طهران.

لذا، فلا بد من التنبه إلى أن إيران تلعب سياسة صحيح، لكنها أقرب إلى الشطرنج، وقلاع إيران اليوم، أي نظام الأسد، توشك على السقوط، ومن أجل هذا تمارس طهران التقية، إذا أردنا إحسان الظن.

فهل هناك من يتنبه لهذا الأمر، عربيًّا ودوليًّا، ويعي قيمة الفرصة السانحة للمنطقة برمتها ؟ هنا السؤال !

الكاتب :- طارق الحميد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق