الثلاثاء، 28 يونيو 2011

شبكات الحرس الثوري الإيراني والعقوبات الأوروبية !

السياسة الكويتية 24-رجب-1432هـ / 26-يونيو-2011م

مسلسل العقوبات الدولية ضد قيادات الحرس الثوري الإيراني المتورطة في دعم الإرهاب الإقليمي, وحماية الأنظمة الشمولية الموشكة على السقوط, كالنظام البعثي السوري ليسا أمرًا جديدا , فالمخابرات الدولية تمتلك معلومات تفصيلية عن جميع النشاطات التمويلية الإيرانية التابعة لمؤسسات الحرس الثوري في العالم, وفي المقدمة العالم العربي, وخصوصا منطقة الخليج العربي التي تتمركز فيها مصالح إيرانية مهمة تبدأ بالتجارة والاستيراد والتصدير, ولا تنتهي عند تمويل شبكات التجسس, وبناء منظومة اللوبيات الاقتصادية والسياسية المستثمرة لأموال وعوائد النظام الإيراني من تجارة الأفيون والمخدرات, وفوائض البترول, والتي تستثمر في بعض دول الخليج العربي, ولعل تذكر قضية ذلك الوزير الخليجي المتورط بتشغيل واستثمار وتنظيف أموال الحرس الثوري تسلط جانبا من الضوء على ذلك المشروع الإيراني الخطير.

النظام الإيراني في ظل المتغيرات الإقليمية الكبرى اكتسب مساحات تمدد ستراتيجية مريحة للغاية مكنته من التحرك أفقيا وعموديا وتشغيل ماكنته السرية واستثماراته العملاقة, وبناء الشبكات واللوبيات والمصالح الكبرى المرتبطة به , ونجح ذلك النظام في إبراز عناصره والمرتبطين به في مختلف المجالات المالية والسياسية والبرلمانية في دول المنطقة , ونجح بشكل لافت في بناء قواعد عمل مهنية ومركزية مهمة, بل أن نفوذه قد تغلغل للأسف حتى في المؤسسات العسكرية والأمنية في دول المنطقة كما أظهرت ذلك حقائق كشف شبكات التجسس , وعلينا ألا نتجاهل ان الاستثمار الاقتصادي والسياسي والستراتيجي الإيراني الأكبر كان في العلاقة التحالفية والخاصة جدا مع النظام السوري منذ عام 1980, وهي علاقة أنتجت كما هائلا من الاستثمارات الاقتصادية في دمشق, وتعزيز شبكة العلاقات السياسية والأمنية بأموال الفوائض البترولية الإيرانية مما مكن الإيرانيون من توسيع شبكاتهم السرية في لبنان والعراق, وحتى دول الخليج العربي , كما كان تغلغلهم الكبير والستراتيجي في العراق بعد احتلاله عام 2003 وهيمنة الأحزاب الطائفية التي صنعها النظام الإيراني ونفخ فيها من روحه على السلطة في العراق, وإدارة العملية السياسية الكسيحة هناك بمثابة النصر الإيراني الأكبر, وفتح الفتوح للستراتيجية الإيرانية التي تمكنت بعد احتلال العراق وسرقة منشآته النووية, وحتى علمائه ووثائقه للتسريع في بناء المشروع النووي الإيراني بشكل غير مسبوق, وبما يحاول النظام تحقيقه من امتلاك كامل لسلاح ردعي يعزز به وضعه الداخلي المتآكل والمهزوز.


العقوبات الأوروبية على قيادات الحرس الثوري بشأن التورط في قمع الثورة السورية ليست من الحدة التي تؤثر في هيمنة ذلك الجهاز العسكري الكبير والأخطبوطي لأنها جاءت متأخرة أولا ولأن محمد علي جعفري أو قاسم سليماني أوحسين نائب, وهم القيادات التي طالتها تلك العقوبات, لا يحتاجون إلى السفر لأوروبا أبدا , ثم أنهم لا يمتلكون حسابات هناك! فهناك جيوش كبيرة من رجال الأعمال ومن اللوبيات والمتمولين والأثرياء يشكلون تغطية حقيقية لأموال الحرس الثوري, ولا أستطيع نشر بعض الأسماء لأن مقالتي لن ينشر أبدا للاعتبارات المعروفة...! ولكن الحر تكفيه الإشارة , وجميع الملفات أضحت واضحة لمن يرغب ويتابع ويهتم بالمعرفة التفصيلية.


هناك في العراق مثلا أحزاب كاملة ومؤسسات سياسية واقتصادية متكاملة على علاقة مع الغرب ولكنها تعمل بأموال النظام الإيراني كحزب "الدعوة" أو "جماعة المجلس الأعلى" أو مجاميع مقتدى الصدر وغيرها من التنظيمات والأرزقية وحملة المباخر والانتهازيين الجدد أو القدماء , كما أن بعض اللوبيات الخليجية, وتحديدا في الإمارات والكويت توفر خدمات هائلة للشبكات المالية والاستخبارية الإيرانية يضاف الى ذلك كله التمدد السرطاني الإيراني في العراق, والذي هو فعليا تحت الإدارة الإيرانية, لنكتشف فيما بعد أن تلك العقوبات مجرد قرصة إذن لا قيمة لها على أرض الواقع, طبعا من دون أن ننسى جيش رجال الأعمال المرتبطين بمنظومة "حزب الله" اللبناني وهي شبكة رهيبة تضم أطيافا واسعة من المتعاملين العرب والأوروبيين والأميركيين اللاتينيين , وهو ملف واسع ومتورم للغاية وحافل بالغرائب والعجاب التي تصل لدرجة الخرافة..!

العقوبات الحقيقية التي سيأكلها النظام الإيراني ستكون أشد فاعلية وهولا بعد سقوط النظام السوري وتحلل منظومته الأمنية والاستخبارية , فتلك الخطوة وحدها هي التي ستجعل المؤسسة الأمنية الإيرانية عارية تماما حتى من ورقة التوت, وسقوط نظام البعث السوري ستتبعه حتما انكشاف ملفات سرية رهيبة ستكون مادة وثائقية دسمة للباحثين لعقود طويلة, العقوبات الأوروبية بصورتها الراهنة تتسم بالسذاجة المفرطة, ثورة الشعب السوري وحدها هي التي ستصحح الأوضاع المقلوبة في العالم العربي, فانتظروا مفاجأة أحرار الشام لأنها الداء والبلسم لكل تخاريف المهرجين والقتلة والدجالين...!


الكاتب :- داود البصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق