الاثنين، 25 أبريل 2011

هيئة وكالة الأئمة في ايران !

مختارات إيرانية العدد 76- نوفمبر 2006م

 بسبب قلة أعداد الشيعة ، وعدم انتشارهم وبخاصة عدم تجمعهم في أماكن خاصة بهم ، ولظروف سياسية معينة واجتماعية .. كان تشكيل وتأسيس هيئة باسم الوكالة غير ممكن في عصر الإمام الباقر عليه السلام ، وما قبل هذا العصر ، وأضحت الحدود الجغرافية للوكالة تنحدر في شبه الجزيرة العربية ، إيران ، العراق وشمال إفريقيا ؛ حيث كانوا يختارون نوابهم عن طريق الإمام المعصوم؛ لما كان لهم من أدوار يمثلونها من عوامل الاستقرار بين الشيعة ومراكز الاستقرار الزعامية الشيعية ، ثم يأتي الدور لإرسال الوجوه الشرعية (الْخُمُس والصدقات والهبات ) المُجَمَّعَة من مختلف الممالك الإسلامية للإمام آنذاك ، هذا وعلى الرغم من مغزى هذه الوكالة وأهدافها ؛ إلا أنها أحيانًا ما كانت تستخدم لمصالح بعض الأشخاص بعيدًا عن المصلحة العامة يحث إنهم يدعون بالكذب أنهم تحت رعاية غطاء الوكالة مما أدى إلى إخلال في أعمال الوكالة في مضمونها ؛ لذا حرص الأئمة عليهم السلام بمعارضة كل هؤلاء الأشخاص بشدة والذين أصدروا أحيانًا فتوى بجواز قتلهم .

" هيئة الوكالة" ترتكز على مجموعة من النشاطات وحزمة من الفعاليات المنسقة المتفق عليها تحت مظلة زعامية واحدة ، فأسست في عصر الإمام الصادق " عليه السلام " نظرا لدعم العالم الإسلامي وامتداد الشيعة في مناطق متعددة ومتفرقة حيث لم يكن سهلاً عليهم الاتصال والحيلولة دون معرفة أخبار الشيعة في الأماكن البعيدة للأئمة ، وأيضًا من صعوبة الانتقال إليهم إلى سكنهم ، والتي تستوجب عليهم الاتصال بالإمام فجازت الضرورة لتشكيل مثل هذه الوكالة لضرورة معرفة أوضاعهم وأحوالهم .

أما عن الإشراف وتوجيهات ومتابعة مجريات فعاليات الهيئة فكانت من ضمن اختصاصات الأئمة وكان إشرافهم عليها طبقًا لمقاماتهم ، وإحدى أهم العوامل الرئيسية لتأسيس الوكالة هي الضرورة التي اتضحت في بادئ الأمر وهي العلاقة بين الأئمة الأطهار " عليهم السلام " ، وبين شيعتهم بالخارج ؛ لأن من غير الوارد أن يتواجد أي نظام ديني أو سياسي أو اجتماعي دون الاتصال الشعبي بزعيمهم أو العكس وكانت من ضمن سمات يجب توافرها في حيازة لقب الوكيل العام أو كما يسمونها " وكيلاً " ، وهو الشخص همزة الوصل بين الإمام والمنطقة التي يعيش فيها وما من مناطق مجاورة له أو بمحيطه الثقة ، الأمانة والعمل الصالح هي كانت تعد من أهم سمات الوكلاء والتي إن لم تكن متوافرة تحدث المشكلات .

مؤسسة الوكالة طرحت منذ عصر الإمام الصادق ، ولم توجد إشارة إلى سبب البدء في هذا الطرح تحديدًا بذات الوقت ، حيث لم نجد مثلاً نماذج من تلك المؤسسات في عصر الإمام الباقر " عليه السلام " مثلاً أو حتى في المرحلة التي سبقتها ، والسؤال هنا : لماذا نعتقد أن مثل هذه المؤسسات أنشئت من عصر الإمام " الصادق " وليس في عصر الإمام الكاظم " عليه السلام " وبدأت في نشاطاتها؟

 وللإجابة على هذا السؤال لا بد وأن نتطرق لذكر نقطتين:

أولاهما : أعداد الشيعة ومعدلات الدعم في المناطق المختلفة لم تكن بالصورة المطلوبة التي بحاجة إلى أن تستشعر إقدامات النائب، أو الوكيل من جانب الإمام الباقر ، والأئمة من قبلهم.

ثانيهما : الظروف السياسية والاجتماعية الخاصة التي واكبت قبل تلك الفترات ، والتي لم تكن تسمح بظهور ووجود مؤسسة دينية ، ومن ضمن ركائزها الأساسية هي جمع واستقصاء الوجوه المالية والهدايا الشيعية ، والتي زادت مدتها في عصر بني أمية فضلاً عن الظروف الاجتماعية ، والتي لم تكن هي الأخرى بمعزل عن الحياة السياسية آنذاك .

ويحتمل أن الشيخ الطوسي قد رأى أن "حمران بن أمين " كان وكيلاً للإمام الباقر " عليه السلام " كما عبر عنها في كتابه " كتاب الغيب " .

ولم ترد إشارة للحدود الجغرافية لنشاط هيئة الوكالة ، بالرغم من زيادة حجم ومعدل تطور وبسط النفوذ الشيعي في الفترات الماضية المختلفة .

 ويمكن أن نحدد المناطق التي كانت ضمن حيز اهتمامهم " وكلاء الأئمة ":

1- منطقة الجزيرة العربية : المدينة – مكة – اليمن – البحرين.

2- منطقة العراق : وتعد بحق هي أحد المراكز الرئيسية للشيعة ، وكانت من أهم اختصاصاتهم ونشاطاتهم ، ومنها الكوفة ، بغداد ، سامراء، المدائن ، الواسط والبصرة ، حيث كانت مناطق لآفاق رحبة طبقًا للناحية التاريخية.

3- منطقة شمال إفريقيا : منها المناطق التي كانت مؤسساتها شيعية من قبل ، وكانت تحت رعاية الوكالة ، والبلاد التي كانت لها أهمية عالية جدًّا ، ومن أهم تلك المناطق مصر والمغرب .

4- إيران : تلك المنطقة التي اتخذت موطنًا للشيعة ، وكانت تعرف من الأزمنة السحيقة واحدة من أهم مراكز المتشيعين وكانت مقرًّا لأنشطة وكلاء الأئمة ومنها قم – آوه – الري – قزوين – همدان – أهواز – خرسان – سبزوار- مرو بلخ – التي كانت تتمتع بأهمية خاصة .

مع أن أحد أهم العوامل الرئيسية لنشأة الوكالة هي ضرورة الاتصال ، والوجود المعنوي بين الأئمة " عليهم السلام " وأبتاعهم ، لكنه في نفس الوقت لم يوجد ما يشير إلى كيف كان يتم هذا الاتصال مع وكلاء هذه الوكالة ، وكيفية تنفيذ آليات وبرامج خططها الموضوعة ، وينبغي القول بأن هيئة الوكالة تتبعت كأي منظمة أو هيئة مجموعة من الأهداف متفق عليها مع التزامات متبعة وما لها من أساس تنظيمي وإداري ، هذا البناء يمكن تصوره كالبناء الهرمي ، حيث كان يشكل قمته وبنيته العليا الزعيم أو الرئيس لتلك المؤسسة وهم الأئمة عليهم السلام ، ونزولاً بالقاعدة تدريجيًّا لقاعدته نجد أنها تبدأ بالوكلاء العارفين ، أو كما يقولون عنهم بالفارسية " باب هاي أئمة " ثم الوكلاء الذين ينتشرون بمختلف البقاع .

فضلاً عن الوكلاء المقيمين في الأطراف ، وأحيانًا كان يعين النواب من قبل الأئمة تحت مسمى (سيار) أي الكوكب تعزيزًا لأهداف الوكالة ، ومهمته ما بين مقر رئاسة الوكالة ومقر إقامة الوكلاء في الأقاليم الأخرى .

أما عن أعمالهم ووظائفهم هو إيجاد وإحداث اتصال الأئمة مع الوكلاء والشيعيين في الأقاليم المختلفة ، ومن ثم كانوا يمثلون همزة الوصل فيما بينهم ، ومن إحدى مهامهم الخاصة هي تسليم الوجوه الشرعية المجمعة إلى حيث مقر الأئمة ، إلى أن الوكالة كانت ذات نطاق محدود ، وكان لا بد على الوكلاء العاملين في الوكالة أن يعلنوا قبل ترشيحهم برامج عمل محددة وأن يتولوا مسؤوليات خاصة من باب معرفتهم ، النحو الذي أخذ بمحمل خاطئ وكانوا مصدر مساءلة من جانب الإمام ، ومن الواجب ذكره إنه لتيسير ظروف حياتهم أحيانا ، كانوا يعتمدون دخولهم الشخصية وفي حالات كثيرة من خلال مرتبات وأجور أحيانًا كانت تعطى لهم كمصارف ودخول شرعية.

وكانت إحدى مهام الإمام بشأن اختيار الوكالة المباشرة على أعمالهم ؛ ليمثل علاقة مهمة للشيعة حيث يدفعون له الأموال والوجوه الشرعية، وتسليم الاستفسارات واحتياجاتهم وإلى تلك الأمور لذا كان ضروريًّا الاطمئنان والثقة للوكلاء ، ومعرفة تفاصيل حياتهم ، ولهذا كان لالتواءات بعض من الوكالات لحركة فاسدة وخائنة وشخصيات منحرفة، وبموجب مهام ووظائف الأئمة في هذه الوكالة حماية للوكالة إعلان عزلهم ، وفصلهم من الوكالة أحد الأدوار المهمة.

ولعل أحد المصائب والأضرار المهمة في مسيرة هذه الوكالة، هو ظهور وبروز بعض الادعائيين الكاذبين للوكالة والبابية، والتي تصدى لها الأئمة عليهم السلام بحزم وبأساليب خاصة .

ومنها مجموعة منحرفة ادعت كذبًا بالوكالة والبابية بجانب الوكلاء الجائرين الفاسدين ، حتى لوثوا التاريخ وروايات من عصر الإمام الرضا عليه السلام ، وما بعد هذا العصر وفي عصر الغيبة الصغرى لعدة أشخاص مدعين البابية والوكالة زيفًا وقد وصلت مداها إلى ما يعتقد به غيبة الإمام (المهدي المنتظر) وسيرة الأئمة بشأن تلك الأمور ودعواهم المختلفة معروفة للشيعة بالإضافة إلى إعرابهم عن كذب دعواهم وبطلانها ، الأمر الذي أدى إلى لعنهم وطردهم واتخاذ قانون بإبعادهم مشيرين إلى أنهم شديدي الخطورة.

 

 الكاتب والمعد / حسن أبو بكر الطنطاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق