الثلاثاء، 31 مايو 2011

إيران تعيش ذروة أزماتها السياسية الخانقة والبحث جار عن عدو خارجي !

تؤكد تصريحات وزير الدفاع الإيراني أحمدي وحيدي حول ضعف الإمكانات العسكرية الأمريكية عن مواجهة إيران، وطرحه تساؤلا حول الإمكانات العسكرية السعودية، في إطار حديثه عن إمكانية تعرض إيران لعدوان خارجي بأنها تصريحات تعكس حالة من القلق الكبير وإرهاصات الثورة الداخلية، وهذا يؤكد أن هناك بحثا جاريا عن عدو خارجي، وهذه التصريحات من مسؤولين في الحكومة الإيرانية باتت نسخة مألوفة بالنسبة لدول الخليج العربي، فإيران تعيش عقدة نفسية تسمى وهم القوة والحضور، وتحاول جاهدة التهرب من مسؤولياتها الحقيقية أمام مواطنيها بجر إيران والمجتمع الإيراني للمواجهة مع دول الجوار ومع العالم أيضا، فإيران في أزمة خانقة وهي تبحث بقوة عن عدو خارجي تقنع به المواطن الإيراني بصوابية سياساتها.

يقول وزير الدفاع الإيراني إن السعودية لا يمكنها التعرض لإيران، ونقول لوحيدي هذا صحيح لأن السعودية لديها مثل وقيم إسلامية حقيقية، وهي لا تبحث عن دور خارجي بالقوة والتدخل وبتبديد ثروات الأمة، والتدخل في الشؤون الداخلية للمجتمعات وبذر الفتن، فصانع القرار في السعودية يحكم مواطنيه بالمحبة الصادقة والصدق الجميل مؤكدا لهم أنه خادم للشعب وأقل من ذلك، وهو أمين على أمن واستقرار العالم الإسلامي وليس لديه تطلعات عدوانية وبحث عن نفوذ أو عصبية طائفية قلقة، فإيران اليوم على علاقة اقتصادية مع إسرائيل وهذا ما تؤكده الصحافة الإسرائيلية وليس السعودية، وإيران تتعامل بوجهين مزدوجين، وجه المقاومة والممانعة لاختراق جسد الأمة والفتك الداخلي به، ولجعل البلدان العربية ورقة رابحة لتحقيق المشروع الإيراني، وعليه فإن السعودية لديها نظرة بعيدة واستراتيجية ونظرة صائبة وحكيمة للمنطقة والعالم الإسلامي، فالرياض لم تمنح أمريكا رخصة ضرب إيران عسكريا ولو منحت الرياض إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الضوء الأخضر لكانت إيران اليوم تعيش المأساة الحقيقية، ولكان الشعب الإيراني يعاني الأمرين،خاصة أن الثورة الإيرانية لم تجلب له التنمية الحقيقية بل الحروب والويلات وتبديد الثروة على الأحزاب ووهم التشيع الخارجي، والجيوب الطائفية.

إيران تحتاج إلى الحرب وتبحث عنها بفارغ الصبر كما يقال لأن السقوط بات قريبا وفقا لحسابات سياسية واستراتيجية واستخبارية عديدة، فكما بحثت عن حرب في الثمانينيات لتصدير أزماتها فهي تبحث اليوم عن حرب لمواجهة التحديات التي تعيشها، فنظامها السياسي يعيش مأزقا كبيرا وهو مهدد بالتفسخ والسقوط، والقوميات في إيران اليوم باتت أكثر وعيا وتكتيكا من السابق ولم تعد طهران قادرة على اختراقها، والنظام الإسلامي في إيران يفتك به الفساد المالي والإداري، والكل يحاول أن يؤمن مستقبله قبل عملية التغيير المنتظرة، وخلط الأوراق الجاري الآن في طهران يؤكد أن النظام يعيش مراحله الأخيرة، والخروج من المأزق لا يكون إلا بسقوط ولاية الفقيه وكف يد المتدينين عن المال العام، فيما ينفق أحمدي نجاد ما يعادل 40 مليار دولار على الأحياء الفقيرة والمهمشة نقدا وليس عبر مشاريع اقتصادية وتنموية بهدف كسب الانتخابات الرئاسية القادمة التي سيترشح لها رحيم مشائي.

ويحاول وحيدي أن يكون موضوعيا لكنه في موضوعيته تلك يعكس حالة التوتر الشديدة التي تعيشها إيران عندما أحبطت دول الخليج مسعاها في دعم عمل انقلابي في مملكة البحرين، وسيزداد قلقها أكثر عندما تقوم قوات درع الجزيرة بإقامة قاعدة عسكرية وجوية ثابتة في البحرين، وإنشاء منظومة استخباراتية خليجية مشتركة، وعليه يقول وحيدي (إنه ومن خلال نظرة موضوعية بسيطة يمكن معرفة البلد الذي احتل البحرين بقواته العسكرية ويتدخل في شؤونة الداخلية) وموضوعية وحيدي فاقدة لكثير من شروطها كونها تعبيرا عن حالة من اليأس والمعاناة الإيرانية التي كانت تتطلع طهران من خلالها لإبعاد رحى استيراد الثورات الشعبية بدلا من تصديرها، فاليوم الشارع الإيراني منقسم انقساما حادا، وهناك محاصرة لرجال الدين وانكشاف لهم، ونتيجة لهذه الأزمة الكل فيها بات يدعي الاتصال بالمهدي المنتظر، والكل يدعي أنه الأحق بالتواصل معه، وهذه الخلافات والادعاءات تعكس وصول فكرة الثورة الإيرانية إلى النفق المظلم، ويكشف عن حالة الجمود السياسي التي تعيشها إيران.

فبالأمس القريب اقتلعت الكويت خلية تجسس إيرانية، وكذلك البحرين، ومصر التي كانت طهران تتطلع لعلاقات نوعية معها تطرد دبلوماسيا بعد القبض عليه متلبسا بالتخابر مع إيران وتزويده إياها بمعلومات تمس الأمن الوطني والقومي لمصر، وبالأمس القريب رفضت الرياض استقبال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بسبب دعم المملكة لأمن واستقرار مملكة البحرين، وإثارة إيران للقلاقل في دول الخليج العربي، واكتشاف خلايا نائمة تدعمها إيران، ناهيك عن موضوع الحوثيين والتعرض للأمن القومي الخليجي، وتخريب القنصلية السعودية المقصود في مشهد والهجوم على السفارة في طهران دون تقديم اعتذار رسمي، وبالتالي فإن الزيارة لم تعد ودية في ظل هذه الظروف أيضا اللغة التهديدية التي حاول صالحي استعمالها ما دفع وزارات دول الخليج لمنحه درسا في الأدب الدبلوماسي، كما أن صالحي حاول جل جهده للقدوم إلى الرياض بوساطة قطرية غير أن الدوحة رفضت الوساطة مؤكدة على أن التعامل المباشر هو الأفضل، وصالحي بقدومه إلى الرياض يحاول الحصول على ضوء أخضر يؤكد نجاح مساعيه الدبلوماسية مع السعودية والهدف من ذلك تعزيز جبهة الحكومة الإيرانية في أزمتها الداخلية.

وصالحي الذي ما إن عين وزيرا بالوكالة حتى أكد أن من بين أبرز مهامه تعزيز العلاقات الإيرانية السعودية والإيرانية التركية، غير أن صالحي لم يستفد من درس منوشهر متقي وزير الخارجية السابق عندما عرف أن الحرس الثوري يقوم بمهام دبلوماسية وأمنية واستخباراتية دون علمه أو معرفته، وأن نجاد يتصل بالسفراء دون المرور به، ولهذا تعتقد الخارجية السعودية أن الخارجية الإيرانية لم تعد الجهة الوحيدة المسؤولة عن العلاقات الخارجية وتحسينها لأن القرار بات قرار الحرس الثوري الإيراني، وازدواجية السلوك الإيراني لا يمكن التعايش معها، ففي الوقت الذي يتحدث فيه صالحي عن علاقات فوق العادة، يقوم الحرس الثوري وهو الكود المختصر للدولة الإيرانية بأعمال تمس الأمن القومي العربي والأمن الخليجي.

وإيران التي تعيش على فقه السياسات المتناقضة والغريبة جعلت دول الخليج مجتمعة ترى أن الجار الإيراني يعيش عقدة تاريخية ونوعا من جنون العظمة السياسي، لا بل إن إيران تعيش في عقلية القرون الوسطى، وتحاول استثارة الهواجس الأمنية الخليجية كونها دولة تعيش مشكلات داخلية عديدة ولهذا فعلى مدى اثنين وثلاثين عاما استمعت دول الخليج لتصريحات كثيرة من هذا النوع، وكان الجنرال علي شمخاني متخصصا في هذا الهذيان، وتبعه من بعده الجنرال حسن فيروزبادي رئيس أركان الجيش الإيراني عندما شن هجوما على ما سماه جبهة الدكتاتوريات العربية في الخليج المعادية لإيران، مؤكدا أن هذه المنطقة كانت دائما ملكا لإيران.

هذا الصلف الإيراني مخز طبعا لأنه يؤكد أن إيران دولة فاشلة لأنه ليس من الطبيعي أن تعيش دولة ومجتمع في حالة صراع دائم مع الإقليم ومع المجتمع الدولي،ولعل ازدواجية السياسة الإيرانية وفشلها كانت المشهد الأكثر إشفاقا على طهران فبالأمس أعلن في القاهرة عن القبض على الدبلوماسي الإيراني متلبسا بجريمة التخابر والتجسس على أمن مصر الوطني والقومي، ومع ذلك خرجت الخارجية الإيرانية لتنفي الخبر وتؤكد أن دولا ومؤسسات إعلامية كانت وراء هذا الخبر الذي وصفته بالملفق، وبعد يومين قررت القاهرة طرد الدبلوماسي الإيراني ليعلن وزير الاستخبارات الإيراني حجة الإسلام حيدر مصلحي ان الحكومة المصرية أطلقت سراح الدبلوماسي الإيراني قاسم حسيني وتقدمت باعتذار لطهران على فعلتها غير المبررة، كونها اعتقلته بطريق الخطأ بدلا من شخص آخر، بينما المصادر الدبلوماسية المصرية تؤكد أنه ضبط وبالجرم المشهود.

مشكلة إيران داخلية فهي تحاول إقناع الإيرانيين بأنهم مستهدفون وأن ثورتهم مستهدفة وأن أمريكا على الحدود مع إيران، لكن الحقيقة أن طهران على تنسيق أمني كبير مع واشنطن والعراق وأفغانستان أكبر دليل على هذا التنسيق ناهيك عن العلاقة الخاصة مع إسرائيل وإرسالها وحدات من فيلق القدس إلى دمشق لقمع الاحتجاجات السورية، وتمضي وكالة الدعاية الدينية الإيرانية قدما في تعبئة مملة وغير موثوق بها من قبل الشارع الإيراني وبدت مع الوقت فاقدة مصداقيتها، فأمام جامع طهران(المؤقت) سيد أحمد خاتمي يرى أن أحداث البحرين تجري بتوجيه من أمريكا وأن القيام بأعمال التعذيب في العراق حسب كلامه تجري بالتعاون بين بريطانيا والكيان الصهيوني، ويقوم بها البعثيون أنصار صدام والصهاينة، وبتحليلنا للخطاب الديني السياسي في إيران تحاول منظومة الآيات في إيران بعث الكراهية في نفوس الإيرانيين في أمريكا ودول الخليج العربية، واستحضار صدام كما استحضره المالكي في بغداد قبل شهرين تقريبا، وكما يحاول مشائي والرئيس نجاد استحضار الأرواح والاتصال بالمهدي المنتظر.

وهنا يتكلم (زرادشت إيران) فلاحت بيشه عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي عما يجري في المنطقة تحليلا مسطحا للأحداث يرى فيه أن ثورات المنطقة الحقت الضرر بأمريكا ولهذا فإن واشنطن لا تستطيع العيش بلا حروب خارجية مؤكدا سعيها إلى إشعال حرب جديدة في المنطقة بعد الإطاحة بنظام مبارك،وقال إن أمريكا تخطط لنشوب حرب في المنطقة كل عشر سنوات حيث أشعلت الحروب المفروضة على إيران وحرب الكويت وغزو العراق وأفغانستان في العقود الثلاثة الماضية، ويستعرض بيشه الفقه الديني للتنظير السياسي والتحليل الاستراتيجي ليؤكد أن الولايات المتحدة تخطط للحرب كلما عانت من الإحباط في استراتيجيتها، لذا فإنها بعد تدخلها في أوضاع ليبيا بالشكل الذي يخدم مصالحها في هذا البلد فإنها تخطط لحرب جديدة عن طريق سورية.

ويبدو أن إيران التي تربطها علاقة تخادم مع تنظيم القاعدة قد تفاجأت هي الأخرى بالموقف الأمريكي الداعي لنهاية مسلسل أسامة بن لادن وإنهاء تنظيم القاعدة، فطهران كانت تستثمر تنظيم القاعدة لتحقيق العديد من مصالحها، تدمر وتقتل باسم القاعدة وبحسب وزير الاستخبارات الإيراني حيدر مصلحي فإن بن لادن توفي منذ سنوات إثر إصابته بمرض في الكلى وأن لدى الاستخبارات الإيرانية وثائق تؤكد ذلك وأن الادعاء الأمريكي لا أساس له من الصحة،وأن السبب في الإعلان الأمريكي هو لأجل استخدام هذا النصر لغايات انتخابية قادمة وخداع الشعب الأمريكي، والمتابع للخطب الدينية في أيران يجد أنها سياسية بامتياز وعلى الضد من أمريكا واتهامية لدول الجوار لكن ليس من بينها من يتحدث عن الفقر والبطالة والتضخم في إيران، وليس من بينها من يتحدث عن حقوق الأقليات المسلمة في إيران، وليس من بينها من يقول كفى استعداء لدول الجوار.


المصدر :-الالكترونية الاقتصادية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق