الاثنين، 30 مايو 2011

"Game Over" ... النظام السوري !

السياسة الكويتية 27-جمادى الآخرة-1432هـ / 30-مايو-2011م

ماقاله الرئيس أوباما قبل الخميس الماضي في خطابه للنظام السوري من بليغ الكلام ووجيزه إما الإصلاح وإما الرحيل, كان بياناً واضحاً بمثابة صافرة الحكم أن الوقت المتاح نفد, وأن اللعبة انتهت (Game over), وما على النظام سوى الرحيل. ومن ثم فقد قيل الكثير في كلام الرئيس الأميركي من المحللين والمعلقين من شرق وغرب, ومن الإسلاميين والعروبيين من جماعة النظام نفسه أنصاراً وحلفاء وإعلاميين. ومع تعدد الرؤى في ما قاله أوباما إيجاباً وسلباً من السياسيين عموماً, فإن النظام و"شبيحته" خصوصاً لم يروا فيه إلا تدخلاً في ما لا علاقة للأميركيين به ولا لغيرهم أيضاً, مما يعتبرونه شأناً سورياً سيادياً بل وداخلي ليس من حق أحد التدخل فيه إلا دعماً وعوناً, وذلك فقط لمن كان حليفاً ونصيراً. وفي هذه المناسبة لم ينس النظام وجوقته رش التهم على المعارضة والمعارضين ارتباطاً وتآمراً, وذراً للرماد في ملايين عيونٍ ترى كل يوم مجازر واعتقالات, ودجل إعلام وفبركات لا أضل منها ولا أكذب.

وعليه, فإن "شبيحة" النظام من إعلاميين وصحافيين ومشايخ وكتاب وغيرهم, وجدوا في تصريحات الرئيس الأميركي فرصة لإسماعنا معزوفاتهم عن أميركا وممارساتها, والنيل من المعارضة السورية وطرقنا بما يناسب من شعاراتهم ووطنياتهم الفارغة الكاذبة, في الوقت نفسه الذي يتعامون فيه عن القامعين واللصوص, ويتغافلون عن أن مسؤولا أمنياً وسياسياً سورياً رفيع المستوى استقبل السفيرين الفرنسي والأميركي في دمشق اريك شوفالييه وروبرت فورد معاً, وسلمهما الأفكار الرئيسة لخطة الإصلاح مؤكداً التزام دمشق إياها كما هو مكتوب في الوثائق, وذلك حسب ما ذكره مراسل صحيفة النهار اللبنانية في دمشق نقلاً عن مصادر غربية والمنشور في عددها الصادر يوم الجمعة 20 مايو الجاري.

صحيح أن السوريين في ثورتهم السلمية ومطالبتهم بالحرية والكرامة بحاجة إلى كل موقف داعم لمطالبهم المشروعة في مواجهتهم مع النظام الذي لم يجد طريقة للتعامل معها منذ ساعاتها الأولى غير الإرهاب قتلاً وإراقةً للدماء, واعتقالاً وتعذيباً وقلعاً لأظافر أطفال في مدرسة ابتدائية, ولكننا نذكر الجميع أن السوريين وقبل شهرين من كلام أوباما كانوا قد طالبوا النظام بالرحيل ومازالوا, فلا أحد يتصيد ويبيعنا وطنيات ويتهمنا بما قاله أوباما بعد الذي رآه من القمع والقتل.

لقد قال أحرار وحرائر سورية كلمتهم برحيل النظام وبكل الوسائل المتاحة: "الشعب يريد إسقاط النظام", كما نقلت الفضائيات العربية والعالمية أيضاً تكسيرهم لنصب وجداريات وتمزيق صور عملاقة لرجالات النظام, الأموات منهم والأحياء وضربها بالنعال والأحذية, وتظاهراتهم مستمرة منذ أكثر من شهرين, وفي كل يوم يقتل النظام العشرات منهم ويعتقل المئات, بل ومئات دباباته تتحرك في ملاحقة المطالبين بالتغيير الذين طفح كيلهم بعد أن وضعهم النظام في طريق مسدودة ومليئة بوعودٍ بالإصلاح كثيرة ومتكررة وحالية خلال أكثر من أربعين عاماً من الحكم مابين الأب والابن لم يتحقق منها شيء بعد, بل وانتهت إلى إعلان الحرب على الشعب.

نظام يرفض الإصلاح تحت الضغوط الشعبية وهي عنده قاعدة ذهبية, ويرفض أيضاً الإصلاح من دون ضغوط وهي عنده قاعدة ماسية. ورغم أنه قد أخذ حقه ومستحقه من عمر الناس في الإصلاح, وأن الوطن طفح كيله إصلاحاً وتصليحاً, ولاسيما بعدما انتهى بإعلان الحرب على الشعب وإشاعة المذابح والمجازر, ومن ثم فمابقي عليه غير الراحة والرحيل, وهو كلام فصل ليس بالهزل قاله السوريون.

وأما إذا كان شبيحة النظام من مستشارين وقتلة وإعلاميين يوهمونه أنه بقتل بضع آلاف من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ من أحرار سورية وحرائرها, واعتقال الآلاف أيضاً, وبنشر مئات الدبابات في المدن والأرياف, وبتقديم أوراق اعتماد خطة إصلاحية للسفيرين الأميركي والفرنسي أنه يمكن له أن يستمر, فهذا أمر فيما نعتقد بات ضرباً من الوهم, وحسابهم عليه عسير, فالشعب السوري مابينذل, والشعب كله بدو حرية, مسلمين ومسيحية, سنة وعلوية, عرب وكرد ودروز وأشورية, وإلا كيف يمكن تفهيم المعاندين أن الوقت انتهى والـ ." Game Over"

الكاتب السوري
بدر الدين حسن قربي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق