الأحد، 8 مايو 2011

المشروع الرئاسي الأمريكي للعام 2008

الإسلام اليوم/ 3-11-1428هـ

في إطار الاستعداد للانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، قام معهد بروكينجز الأمريكي و مقره واشنطن بإطلاق مشروع (الفرصة 2008). يهدف المشروع أو البرنامج إلى عرض و معالجة المواضيع المهمة التي سيكون للانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2008 تأثير كبير عليها. ويقوم البرنامج بتوفير كم كبير من المعلومات و الأفكار و التوصيات التي تتعلق بعدد من الملفات المحلية و العالمية مثل: "الهجرة، الاحتباس الحراري، السلام في الشرق الأوسط، العراق، إيران، الصين، الأمن القومي، الرعاية الصحيّة، الاقتصاد، ...." و غيرها من الملفات المهمة التي سيكون على الرئيس الأمريكي القادم التعامل معها بشكل مباشر.

وهذا ملخّص لأبرز ما تمّ طرحه في البرنامج:

السلام في الشرق الأوسط
بينما يبقى تحقيق السلام في الشرق الأوسط هدفا أساسياً, فإن الإخفاق في الوصول إليه أدى إلى تداعيات و انعكاسات سلبية على المصالح الأمريكية في الداخل و الخارج. و في هذا الإطار يرى السفير الأمريكي السابق في إسرائيل (مارتن انديك), بالإضافة إلى الباحث في معهد بروكنجز (تمارا كوفمان) من أنّه لن يكون أمام الرئيس الأمريكي القادم من خيار سوى العودة إلى دبلوماسية توازن القوى في الشرق الأوسط من خلال المفاوضات الثنائية مع إيران، والاتفاقات الإقليمية الأمنية، و وضع عملية السلام العربية-الإسرائيلية على المسار من جديد.

التوصيات

1- بذل الجهود من أجل تحقيق تسوية عربية إسرائيلية قد تؤدي إلى الفصل بين سوريا و إيران و احتواء الأخيرة.

2- التفاوض مع إيران من أجل صد طموحاتها النووية، بما في ذلك الانخراط الثنائي من أجل الوقوف على مكامن المخاوف الأكبر و الأبعد.

3- إقامة ترتيبات أمنية إقليمية من أجل احتواء الخطر الإيراني و منح حصول سباق تسلّح في منطقة الشرق الأوسط، و إذا اقتضى الأمر حماية حلفائنا في المنطقة بتأمين المظلّة النووية.

4- تأمين أجندة إصلاح سياسية و اقتصادية تساعد على إيجاد عقد اجتماعي جديد بين الحكومات العربية و مواطنيها.

5- التأكيد على إقامة مؤسسات ديموقراطية في البلدان الأقل أمناً، بدلاً من التأكيد على مجرد إجراء انتخابات.

إيران: الاستعداد لمرحلة جديدة

قامت إيران في السنوات الأخيرة الماضية باستعراض عضلاتها الثورية -مدعّمة إياها بترسانة من الأسلحة التقليدية- بالسعي للحصول على أسلحة نووية متحدّية مجلس الأمن، بالإضافة إلى تدخلاتها في لبنان و العراق. و من هذا المنطلق يحذّر الخبير في معهد بروكينجز (بيتر رودمان) من أنّه لا يمكن للولايات المتّحدة أن تكون قوية في مواجهة إيران طالما أنّها ضعيفة في العراق.

التوصيات:

تحتاج الولايات المتّحدة إلى أن تحقّق توازناً جيوبوليتيكياً و نفسياً أفضل من الموجود حالياً –تحقيق انكماش في ثقة إيران بنفسها و تعزيز ثقة أصدقائنا فينا- والرئيس الأمريكي القادم يستطيع، بل و يجب عليه أن يعمل باتجاه استعادة هذا التوازن عبر اتباع سياسات معينة منها:

1- التأكيد على تحقيق بعض النجاحات في تعزيز استقرار العراق.

2- العمل على استعمال أوسع و أشمل للضغوط الاقتصادية إلى أبعد مدى ممكن بدلاً من استخدام العقوبات الموجّهة و الضيّقة.

3- دعم المجتمع المدني في إيران بما في ذلك توسيع البث الرسمي الأمريكي إلى الداخل الإيراني.

الجهزوية العسكرية للجيش الأمريكي

لقد تمّ استنفاد قواتنا المسلحة إلى أقصى درجة ممكنة تصل إلى حد الانهيار بسبب الانتشار الواسع. كما أن جيشنا يفتقر غالباً إلى التجهيزات اللازمة، و أعمال الصيانة تنخفض بشكل تدريجي.

يقول الباحث في بروكينجز (بيتر سينجر): إنّه إذا كان على الولايات المتّحدة أن تحافظ على تفوق جيشها من ناحية القوّة العسكرية و القتالية و القدرة، فعلى القائد العام القادم أن يعمل على تأمين الموارد اللازمة لقواتنا و التي تحتاجها لتستمر قويّة و قادرة.
التوصيات:
على الرئيس القادم أن يحضر خطط عمل ليلبي بشكل سريع عمليات التجنيد العسكرية و المعدات اللازمة. بمعنى آخر، على الرئيس الجديد أن يقوم بالتحديد بـ:

1- تشكيل نداء وطني خاص لدعم عمليات التجنيد.

2- التأكّد من عدم تخفيض معايير التنجنيد و المحافظة عليها.

3- استعادة مستويات عمليات تمويل القوات المسلحة المعتبرة "مؤقتة" حالياً.

4- توسيع القوات فقط في الحالات التي تعتبر أن هناك حاجة ماسة لسد ثغرات كبيرة و حاجات ماسة.

5- إنشاء قيادة مشتركة للاستقرار لتخطيط أفضل من أجل دعم العمليات.

6- الاستجابة لهواجس الجنود حول مستوى المعيشة الخاص بهم، و إنشاء لجنة استشارية عسكرية من أهالي و عائلات العسكريين لدعمهم بشكل أفضل.

الأمن القومي الأمريكي

إن معضلة الأمن الوطني من حيث المصطلح و السياسة وُلدت مباشرة بعد هجمات 11 أيلول 2001.

 سياسة الأمن الداخلي بدأت بعد ذلك بهدف بسيط و هو "منع حصول أية هجمات أخرى على الأراضي الأمريكية". الآن، و بعد خمس سنوات من الحرب التي لم تنته بعد على الإرهاب، يجب على الأمن الداخلي أن يتطور ليتجاوب مع سلسلة من الإجراءات و السياسات الطارئة التي يجب أن يتم تفسيرها لدافع الضرائب على أسس صلبة.

التوصيات:

على الرئيس الجديد أن يعدّ مسبقاً إستراتيجية لمواجهة التهديدات التي من الممكن أن يتعرض لها الأمن الداخلي، على أن يتم التركيز على أربعة جهود أساسية في هذا الإطار هي:

1- التعاون مع شركائنا في الخارج من أجل الدفع نحو محاصرة و مكافحة القاعدة بشكل أكبر.

2- الاستمرار في الحماية الشديدة للطيران المدني بما فيه تفتيش الشحنات الجويّة و الدفاع ضد الصواريخ الأرض-جو التي قد تُستعمل في هذا المجال.

3- الحث على التثقيف العام و ذلك ليكون الوضع أكثر ليونة عند حصول أي هجمات أخرى.

4- التواصل مع الجاليات الإسلامية في الولايات المتّحدة خاصة تلك التي تعادي الجماعات الإرهابية، و هو الأمر الذي جعل و سيجعل أمريكا أقل عرضة لهجمات إرهابية من تلك الدول التي لم تتبع هذا الأسلوب.

التغيّر المناخي
يوافق المجتمع الدولي على أن نبقي نظام التجارة العالمي نظاماً مفتوحاً، و هو يوافقنا أيضاً على ضرورة تناول موضوع الاحترار العالمي. و على الرغم من ذلك, فقد أخفق قادتنا إلى الآن في إيجاد الاتفاق الأفضل فيما يخص هذه التحديات و مواجهتها.

يجادل كل من (ستروبي تالبوت) و (وليام أنثوليس) و هما من خبراء معهد بروكينجز الشهير، حول ضرورة إيجاد نموذج جديد للقيادة الأمريكية في المواضيع الدولية التي يكون بموجبها للرؤساء المستقبليين انخراط مبكّر في الكونجرس بشكل أكبر و أكثر كثافة.
و من هذا المنطلق و لكي ينجح الرئيس المقبل في هذا الموضوع، عليه أن:
1- يضع الأسس الداخلية لمبادرة دبلوماسية عبر حشد الرأي العام و الكونغرس خلفه، بدلاً من انتظار المفاوضين ليحضروا مبادرتهم للتوقيع عليها.

2- البحث عن اختراقات في موضوع التغير المناخي و التجارة بحيث تكون مكملة لبعضها البعض، و هكذا نستطيع أن نوجد مجموعات متقاطعة المصالح حول دعم الجهد في كلا الموضوعين.

3- إيلاء الدول النامية مزيداً من الاهتمام، خاصّة أن تأثيرهم على هذه العملية و نتائجها –سواء كان إيجابياً أم سلبياً- يزداد مع الوقت.

4- الاستفادة من القيادة الأمريكية لتحسين فعالية المعاهد الدولية المسؤولة عن التعاطي في هكذا مواضيع و تحديّات.

الصعود الصيني

يشكّل نمو القوّة الصينية تحدّياً للعلاقات الأمريكية-الصينية، و ينعكس في نفس الوقت على الاقتصاد العالمي. تلعب الصين و الولايات المتّحدة حالياً دوراً كبيراً و صاخباً على جميع الأصعدة الاقتصادية, والعسكرية و السياسية. و من هذا المنطلق يرى خبراء بروكينجز (جيفري بادر) و (ريتشارد بوش) أنّه إذا عاملت الولايات المتّحدة الصين على أساس أنها عدوّة فإنها ستحصل عليها كعدوة في النهاية.

و يشدّد خبراء بروكينجز (لائيل بيرنارد) و (وينج ثاي وو) على وجوب أن تحافظ الولايات المتّحدة على مستوى عالٍ و ثابت من العلاقات التجارية مع الصين, بينما يرى (مايكل جرين) من مركز الدراسات الإستراتيجية و الدولية أن مفتاح النجاح يكمن في الحفاظ على المصالح بشكل متوازن في آسيا.

خمسة عناصر للحصول على مقاربة ناجحة للتجارة مع الصين:

1- إعداد الولايات المتّحدة لصعود الصين و تهيئة البيئة المحيطة لهذا الغرض "لصالحنا" و جعل هذا الأمر أولوية عليا و المحافظة عليه.

2- التطبيق القوي للبرامج التي تتيح للولايات المتّحدة المنافسة في الاقتصاد العالمي و إعطاء التأمين الاجتماعي حقّه لدعم الحركية و الفرص المتاحة.

3- تطبيق الإجراءات الملزمة و الدقيقة في مجال التجارة بشكل قوي للحصول على النتائج الفضلى في مجال المنافسة الأمريكية بخصوص سرقة الملكية الفكرية و الصناعات الصينية لصادراتها كأهداف مركزية.

4- الضغط و المطالبة بتعديل أسرع للعملة الصينية كعامل مهم في السياسة الخارجية من شأنه أن يسهيل الانخفاض المنظم في الاختلالات الحاصلة في حجم التجارة العالمية.

5- الاعتماد على دبلوماسية اقتصادية ثابتة في أعلى المستويات لتشكيل هياكل اقتصادية إقليمية و متعددة الأطراف و اتفاقات إيجابية لصالحنا.

مجاراة الصعود الصيني:

على الرئيس الأمريكي القادم أن يعتمد على إستراتيجية الانخراط التي وضعها الرئيس ريتشارد نيكسون و التي اتّبعها جميع الرؤساء اللاحقين. وعلى المرشحين للرئاسة الأمريكية أن يتفادوا الإدانات المتشنجة للصين، و أن يقوموا بالمقابل بإرسال إشارات حول استعداداهم الشخصي لتطوير علاقة خاصة مع نظرائهم الصينيين مبنية على الثقة المتبادلة، و ذلك فور فوزهم بالمقعد الرئاسي. كما على الرئيس الجديد أن يقوم بـ:

1- إقناع المسؤولين الصينيين بأنهم يستطيعون تحقيق مصالح بلادهم بأفضل شكل ممكن من خلال التعاون مع الولايات المتّحدة الأمريكية و باقي القوى الكبرى لمواجهة التحديات في مجال الأمن و السلام العالمي: على سبيل المثال من خلال كبح تطوير كل من كوريا الشمالية و إيران لأسلحتهما النووية.

2- المساعدة على تحقيق انخراط الصين في شبكة المنظمات الدولية و تسهيل مساهمات الصين في تحقيق ثورة المستقبل.

3- تشجيع الإصلاحات الاقتصادية الصينية التي ستؤسس لعلاقة أمتن من التبادل التجاري المزدوج و العادل بين الطرفين، بالإضافة إلى تنمية الروابط الاستثمارية.

4- العمل على تحديث البنية الأمنية لمنطقة آسيا و المحيط الهادئ لضمان عدم استبعاد الولايات المتّحدة من هذه الترتيبات مستقبلاً.

5- تفعيل التعاون الصيني في المواضيع ذات الصلة بمجال الطاقة.

6- العمل على بناء إجماع داخلي حول دعم هذه السياسة تجاه الصين.

بناء إستراتيجية ناجحة تجاه الصين:

على الرئيس الجديد أن يعمل على تعزيز علاقتنا المشتركة مع اليابان و الهند و استراليا، و الانتباه جيداً إلى التحالفات التي دخلت مرحلة الانحراف خصوصاً في تحالف الولايات المتّحدة مع كوريا الجنوبية. أما عن مكونات هذه المقاربة أو هذا التوجه فيجب أن تكون على الشكل التالي:
1- تجنب الضغط على تلك الدول و إجبارها على اتخاذ خيار إستراتيجي في الوقت الذي لا تريد هي أن تختار بين الولايات المتّحدة و الصين في آسيا.

2- استكمال الحوار الإستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي حول الصين و إستراتيجية آسيا، و التي ستكون على ما يبدو جزءاً مهما من الإستراتيجية الإقليمية لإدارة الصعود الصيني.

3- تشجيع التغير الإيجابي في موقف الصين من حكم القانون، الحاكمية، حقوق الإنسان، و حتى المشاركة السياسية من خلال العمل على نشر النموذج لهذه الأفكار العالمية و لكن على الصعيد الآسيوي هذه المرّة.


الكاتب :- علي حسين باكير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق