الاثنين، 9 مايو 2011

حقيقة "حزب الله" .. الأسطورة والتاريخ !




لكم عانت أمة الإسلام من خلط المفاهيم وتشويه صورتها، ومن تبديل الحقائق وتزويرها، وكم عانت  من تجارب مريرة خدعتها زخرفة الصورة وبهاء منظرها، وحلو منطق مزخرفها.. .
ومن هذا الخلط التلميع الدائم والمستمر لحزب الله وكأنهم جند الله المنتظرون حتى يقول أحد الناس عن حسن نصر الله زعيم الحزب: "إنه صلاح الدين القرن العشرين"!! والعجب العجاب كيف صنعت هذه السنون الخداعة التي نعيش فيها من الضالين المتطرفين في بدعتهم قادة وأبطالاً تصاغ لهم الأمجاد الكاذبة وتهتف لهم الجماهير!!
ومن هذا المنطلق لابد لأسطورة حزب الله أن توضع في ميزان العقل وتُدرس من كل الجوانب وتوضع في كل الأطر عقائدياً وإقليمياً لنرى كيف تسير عجلة هذه الأسطورة؟ ومن تخدم؟ وما هدفها ؟وما برنامجها وما هي أولوياتها ؟
وهل قام حزب الله  فعلاً بما لم تقم به الجيوش العربية...؟  وهل يضع في حساباته تحرير كامل التراب الفلسطيني بما فيه القدس الشريف؟ وهل يعمل ذلك الحزب لخدمة القضية الفلسطينية... أم ينطلق من مصالح طهران ودمشق؟ وماذا يعرف المثقفون العرب والإسلاميون عن حقيقة هذا الحزب...؟ وما هي خلفياته..؟
 
هذا الملف سيحاول الكشف عن الكثير من تلك الحقائق والأسرار حتى لا ينخدع الناس بالتضليل الإعلامي لهذا الحزب.
 
حقل ألغام..
لا شك أن الكتابة عن الحركات الباطنية بعامة، وحزب الله  اللبناني بخاصة، هي محاولة خوض في حقل ألغام، وذلك لأسباب عدة منها:
-  أن ذلك المفهوم المستقر في نفوس كثير من الناس عن أن حركة المقاومة يجب أن تدعم مهما كان توجهها، ما دامت منضوية تحت راية -إسلامية- لا سيما وأن مثل هذا المسلك بدأ في الظهور لدى طبقة من المثقفين والمفكرين المنتسبين إلى أهل السنة.
- أن حجم التأثير الإعلامي لتلك الحركة كان كبيراً ومؤثراً، وكان هذا الإعلام ضاغطاً على انهزامية الأمة واستسلامها وخضوعها أمام الاستكبار العالمي لليهود، والشيطان الأكبر، مما أعطى تفريغاً للشحنات المكبوتة في نفوس كثير ممن ضاق بهم أفق الأمل في وعد الله، أو حين رأوا أن الحلول القومية وتوابعها الفكرية والسياسية قد سقطت في مزبلة التاريخ والتزييف، فراحوا يتعلقون بأية راية تزعم حلاً لواقع الأمة المنكوبة، فكان توجيه الحديث إلى تلك الفئة صعباً كذلك، حين يرون في هذه الصورة التي يرونها وردية لأحلامهم صورة أخرى مغايرة على أرض الواقع، ولذلك فإن من يوقظ النائم الحالم لا بد أن يصيبه من لومه ونقده.
 
- تلك الأنفة التاريخية التي ترسخت لدى الكثيرين من عدم القبول بالنقد والتحليل، وخاصة للحركات التي تتبنى العمل المسلح؛ حيث يرون أن الذين يضحون بأرواحهم ودمائهم هم أرفع الناس عن النقد وأبعدهم منه، فكان ذلك المفهوم عائقاً نفسياً في أن يجد الحديث مسلكاً يتجاوز به حتى نصل إلى مسائل الاتفاق.
وبرغم ذلك كله يبقى من الضرورة التي سبق أن نبه إلى مثلها علماء الأمة أن ترصد الحركات الفكرية والعقدية والسياسية والعسكرية التي تعمل في جسد الأمة، معملة فيها معاولها البانية والهادمة، ليميز الله الخبيث من الطيب: "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"  (الرعد:71)
 
شعارات زائفة !!
هل يهدف حزب الله  إلى تحرير كامل التراب الفلسطيني كما يزعم ؟
باختصار... لا... بل فلسطين ليست من أهدافه...ولو ادعى مسبقاً أنه سيحرر الأقصى، فبعد الانسحاب الإسرائيلي لم يقم بعمليات اختطاف أو إسقاط طائرات أو هجوم على مواقع دفاعية بل دُكت مواقعه.. إذاً المسالة  ليست سوى ضجيج إعلامي .. ثم من يفسر لنا بعض المواقف والتصريحات التي تثير أكثر من علامة استفهام:
- في عملية تبادل الأسرى الأخيرة  كان من شروطها منع المقاومة الفلسطينية من اتخاذ جنوب لبنان مركزاً لها، والمفرج عنهم استثني منهم العسكريون والأردنيون والمقدسيون وسكان أراض 48 وأهالي الجولان وأصحاب الأحكام العالية.. ولم يفرج إلا عن من لا تتعدى أحكامهم سنتين ومن قاربت محكومياتهم على الانتهاء.. ومن هم تحت لواء الحزب!!
- وها هو صُبحي الطفيلي "الأمين العام الأسبق لحزب الله" يتهم الحزب بحماية إسرائيل وصد أي عمل جهادي ضدها ، وفي مقابلة له مع جريدة الشرق الأوسط جاء في معرض الأسئلة: إذاً أنت تعتبر أن المقاومة انتهت؟
أجاب: وهل ذلك موضع نقاش؟ لقد بدأت نهاية هذه المقاومة مذ دخلت قيادتها في صفقات كتفاهم يوليو -تموز- 1994 وتفاهم إبريل -نيسان- 1996الذي أسبغ حماية على المستوطنات الإسرائيلية وذلك بموافقة وزير خارجية إيران، لكن هذا التفاهم اعتبر انتصاراً للبنان لأنه حيد المدنيين اللبنانيين واعترف بشرعية المقاومة، مع أن عمليات المقاومة تحصل في مزارع شبعا بين الحين والآخر.. هذا التفاهم الهدف الأساس منه تحييد المقاومة وإدخالها في اتفاقات مع الإسرائيليين، كما أن العمليات الفولكلورية التي تحصل بين حين وآخر لا جدوى منها لأن الإسرائيلي مرتاح، وهل هناك فرق بين الإسرائيلي في مزارع شبعا والإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ هذا اعتراف بالاحتلال، أنا أرى أن الخيام -بلدة حدودية لبنانية- هي مثل عكا وحيفا. وما يؤلمني أن المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت في سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة، تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية، ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام أنواع التعذيب في السجون!!
 
مزاعم الدفاع عن فلسطين ..
ولا ريب أن تشدق حزب الله بمناصرة القضية الفلسطينية ليس سوى أكذوبة يستميل بها قلوب العامة ، ولعل في الإجابة عن التساؤلات التالية ما يؤيد ذلك ويوضح الصورة كاملة ويشهد بمخادعة ذلك الحزب وإلا فمن الذي يمنع الفلسطينيين من اختراق شمال فلسطين لضرب العدو الصهيوني؟
وللنظر إلى ماضي منظمة أمل الرافضية التي خرج منها "حزب الله".. إنه بلا شك ماض أسود فلقد: قتلوا المئات من الفلسطينيين وأهل السنة في المخيمات الفلسطينية بداية من 20/ 5/1985م وحتى 18/6/ 1985م.
- وعلينا ألا ننسى قبل ذلك أنه في الوقت الذي كانت فيه القوات الصهيونية تجتاز الحدود اللبنانية، فيما عرف آنذاك بحملة سلامة الجليل -حزيران/ يونيو 1982-، كانت التجمعات الباطنية الموجودة في قرى الجنوب اللبناني تجمع الورود لنثرها على قوات التحرير، وفي تلك الأيام كانت المرجعية الدينية قد تحولت من العراق في النجف إلى قم في إيران، كنتيجة لسقوط نظام الشاه وسيطرة الخميني على الحكم في إيران، فأصبح شأن لبنان بيد الملالي يحركونه كيفما يشاؤون خدمة لمصالح الجمهورية الصفوية الفارسية !!
 
أدلة وبراهين...
- تصريح حيدر الدايخ أحد زعماء حركة أمل لمجلة الأسبوع العربي: "لقد ساعدتنا إسرائيل على اقتلاع الإرهاب الفلسطيني من الجنوب"!!
وبالفعل فقد تضافرت جهود اليهود والباطنية والنصارى في اقتلاع السنة من الجنوب فأخمدت صوت المقاومة المسلمة في الجنوب اللبناني بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، والتي نفذها عناصر حركة أمل واللواء السادس للجيش اللبناني الذي انفصل بأغلبيته الباطنية عن الجيش ليلتحق بحركة أمل التي ساندتها القوات المارونية والصهيونية في تنفيذ تلك المجزرة الرهيبة. وبذلك تحقق حلم رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق وأحد حكماء الساسة اليهود بن جوريون بأن تكون إسرائيل محمية بحزام من الأقليات والطوائف غير السنية.
ولن ننسى أن مقاتلي منظمة أمل والتي يترأسها رئيس البرلمان اللبناني الحالي نبيه بري هم من نفذ مجزرة مخيم صبرا الفلسطيني وكان ذلك في رمضان  من عام 1405هـ عام -1985- ؛ وبمشاركة من لواءين من الجيش اللبناني فخلَّفوا أكثر من 3000 بين قتيل وجريح في صفوف الفلسطينيين حيث هاجمت قوات أمل مخيمي صبرا وشاتيلا، وارتكبت فيهما مجازر أبشع من التي ارتكبها اليهود والقوات اللبنانية، وفي 18/6/1985م خرج الفلسطينيون من حرب المخيمات التي شنتها أمل، خرجوا من المخابئ بعد شهر كامل من الخوف والرعب والجوع ، والذي دفعهم لأكل القطط والكلاب، خرجوا ليشهدوا أطلال بيوتهم التي تهدم 90% منها و 3100 بين قتيل وجريح و 15 ألف من المهجرين أي 40% من سكان المخيمات .
- وذكرت وكالة الأنباء الكويتية في 4/6/1985م والوطن في 3/6/1985م أن قوات أمل اقترفت جريمة بشعة، حيث قامت باغتصاب 25 فتاة فلسطينية من أهالي مخيم صبرا وعلى مرأى من أهالي المخيم .
وردد مقاتلو أمل في شوارع بيروت الغربية في مسيرات 2/6/1985م احتفالاً بيوم النصر، بعد سقوط مخيم صبرا : لا إله إلا الله العرب أعداء الله !!.
وكان إيلي حبيقة القائد النصراني وكتائبه، سبق نبيه بري بثلاث سنوات فقط في تنفيذ مذبحة في المخيم ذاته مع مخيم شاتيلا، وبتواطؤ "إسرائيلي" يقوده ـ عسكرياً ـ الغائبُ عن الحياة شارون؛ ما أسفر وقتها عن سقوط ربع هذا العدد تقريباً من القتلى. - طالع كتاب: أمل والمخيمات الفلسطينية- لعبد الله الغريب.
- التجاهل الصهيوأمريكي لمسألة -إرهابية- حزب الله التي يطنطنون بها ليل نهار   واستعداد وافر لدى الصهاينة للتعامل مع الحزب الإرهابي متى كان ذلك ممكناً.
 
افتعال الحرب الأخيرة..
ولسائل أن يسأل عن الأحداث الأخيرة وعن إشعال فتيل الحرب في هذا الوقت بالذات ولماذا أسر حزب الله الجنديين الإسرائيليين في ذلك التوقيت؟
 
إن من ينظر لهذه العملية بكل دقة وتأمل ٍ ليعلم تمام العلم أن هذا العمل ما هو إلا إنقاذ لليهود وفائدة لحزب الله، فدولة الكيان اليهودي في موقف محرج أمام أهل المقاومة الحقيقيين، فحماس وضعت اليهود في موقف محرج فلكي تُطلق جنديها الأسير لابد أن تفاوض حماس وتخضع للمفاوضات وتنفذ شروط حماس التي من أهمها إطلاق كثيراً من الأسرى الفلسطينيين وهذا مالا تُريده دولة الكيان اليهودي وهو أن تبدو أمام العالم ضعيفة تفاوض حركة فلسطينية تصفها أمريكا ودولة يهود --بالحركة الإرهابية--!
 
لماذا التحرك في هذا الوقت بالذات ؟!
خلال الأسابيع الماضية التي شهدت ما سمي بمشروع المصالحة الوطنية في العراق والتي بدا فشلها ظاهرًا وبدت عورات الحكومة الصفوية واضحة أكثر فأكثر بعد فضيحة سجون وزارة الداخلية المتكررة وتصفية أبناء السنة بأيدي الأحزاب الطائفية في العراق وبعد دعوة الرئيس الإيراني مجددًا لإزالة الكيان الصهيوني وتفكيكه لوحظ أن كلا الأمرين؛ مشروع المصالحة الوطنية ودعوة الرئيس نجاد لإزالة إسرائيل لم يلقيا أي نجاح أو اهتمام سياسي وإعلامي على الأقل بعكس ما لاقته دعاوى المشاركة في الانتخابات العراقية والعملية السياسية المترتبة عليها في بداية العام الحالي، ودعوة الرئيس الإيراني من قبل لمحو إسرائيل وما صاحب ذلك من تداول إعلامي وإخباري واسع، وتزامن كل هذا مع عملية الوهم المتبدد البطولية التي زلزلت أركان اليهود؛ ما حدا بحكماء الصفويين أن يوكلوا حزب الله نيابة عنهم لكي يقوم بعملية الجنوب اللبناني وخطف الجنديين الإسرائيليين في محاولة أخرى للتأثير على الجماهير المذبذبة التي انقسمت بين خجول تائه لما يرونه من ازدواجية إيران في التعامل مع قضايا المسلمين، وبين من لفظهم بعد أن اكتشف حقدهم الدفين على الإسلام والعروبة.. ولم يكن هناك أنسب من -حزب الله- ليقوم بهذا الدور لكي يتسنى لهم أمور عديدة نستعرضها بإيجاز  وهي :
1-التغطية على جرائم الطائفية الهمجية بحق أهل السنة في العراق.
2-كبح جماح أية عملية  قد تدور في مخيلة التنظيمات الفلسطينية في لبنان على ضوء تطورات الأحداث في غزة.
3- التغطية وإشغال الرأي العام العالمي عن الخطر النووي الإيراني الذي يتهدد دول الجوار وإعطاء المزيد من الوقت لطهران لاستكمال برنامجها النووي.
4-والأهم من ذلك هو مشاغلة مشاعر الأمة الإسلامية وشل قدرتها على تحديد موقف ثابت من المشروع الصفوي الجاري تنفيذه في العراق على أيدي عصابات إيران في بلاد الرافدين لتهيئة الأجواء لقيام دولة باطنية  صفوية تكون شوكة في خاصرة الأمة العربية والإسلامية، وقاعدة لنشر مذهبها في أخطر بقاع الأرض وأكثرها ثراءً على الإطلاق، وهذا ما ستكشف عنه الشهور القادمة.
 
مكاسب.. وحسابات:
مكاسب كثيرة  تكسبها دولة الكيان اليهودي من هذه العملية أهمها إنقاذ ماء وجهها أمام العالم وبدلاً من أن تتفاوض مع حركة حماس فإنها ستتفاوض مع حزب الله لأنها سبق وأن فاوضته ولا تجد حرجاً في ذلك فليس في مفاوضته مرة أخرى إهانة للدولة الصهيونية أو إظهارها بموقف الضعف ..
 
  وقد يقول قائل: كيف تسمح لحسن نصر الله بقتل جنودها؟! وهذا جهل سياسي  فالصهاينة ومن خلفهم أمريكا لا يمانعون بمقتل بعض جنودهم أو رعاياهم مقابل تحقيق هدف سياسي أكبر فالجندي يبقى  جندياً وجنود الكيان اليهودي الذين تم أسرهم هم من الدروز وليسوا يهوداً أصليين!!
- ومن مكاسب حزب الله من تلك العملية تحقيق هدف إعلامي تضليلي فهو يُريد قطف الثمرة لصرف النظر عن المقاومة الحقيقية الفلسطينية ويصور هذا الحزب على أنه حزب مقاوم ليدعو السذج من الناس لإتباع عقيدته فحينما يُصور على أنه حزب يهتم بقضايا المسلمين ويدافع عنهم فسوف يجد تعاطفاً ومديحاً، وهذا ما نراه حالياً بينما حقيقته أنه حزب غريب الأطوار مهمته حراسة شمال الدولة العبرية وليس بينه وبين اليهود عداء.
- ومن أهدافهم أيضا أنهم  يحاولون بتلك العملية  التخلص من السمعة السيئة التى التصقت بهم منذ احتلال العراق و بدء المجازر الطائفية التى تقودها الأحزاب الطائفية في بلاد الرافدين.
وبعد أن كان ابن لادن يمثل البطل لدى العوام تراجع إلى الظل ليفسح المجال لحسن نصر الله الذي خرج علينا بصراخه المعتاد حتى يستميل العامة ويحقق مخطط  تحويل أهل السنة  إلى الرفض خلال العقود القادمة ..
 
النشأة والخلفيات التاريخية .. 
 قبل الدخول في الحديث عن حزب الله ينبغي أن نعرج على بعض المعلومات ولو بشكل سريع عن حركة -أمل- لأن الحزب خرج من رحِم هذه الحركة... فهاهي هذه الحركة في سطور:
 
نشأت حركة أمل عام 1973م بعد انفجار في معسكر لحركة -المحرومين-  مما يشكك في أهداف الحركة أصلاً، ويرجح الطفيلي أن البدايات كانت عام 1969م، وقد دعمت الحركة في البداية من ليبيا ولكن الدعم الأكبر جاء من إيران ولها ممثل في طهران هو -إبراهيم أمين- بل إن الحركة بايعت الخميني، كما قامت حركة فتح عن حسن نية  بتدريب الحزب في بداياته، وفي عام 1982م انشطر الحزب إلى قسمين قســم -نبيه بري- وقسم -حزب الله، وحركته الأم المسئولة عن أحداث -صبرا وشاتيلا- الثانية بعد تلك التي نفذها جيش الاحتلال الصهيوني والتي وقعت عام 1983م.
 
حزب الله في سطور:
"حزب الله" نشأ عام 1982م بعد انفصاله عن حركة أمل وكان أمينة الأول -صبحي الطفيلي-  والحزب يهدف إلى إقامة جمهورية إسلامية في لبنان على غرار جمهورية إيران، وأهم الداعمين للحزب سوريا وإيران خصوصاً الأخيرة حيث يقدر أبناء الطائفة في لبنان 23 % والعلاقة والكتابات التاريخية تثبت ذلك حيث استقدم -إسماعيل الصفوي- شاه إيران علماء من جبل عامل كـ-علي العاملي- وغيره، وكما في منطقة البقاع والجنوب، والحزب عضو في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وله أنصار في الأوساط الأخرى كحركة -التوحيد- لسعيد شعبان -.. وقد أقامت إيران ما يقارب أربع مراكز لتدريب الحزب ، واعترف صبحي الطفيلي بتدريب إيران لهم عام 82.
وتقدر مساعدات إيران بــ 5 ملايين دولار شهرياً ويقول آخرون أنها 12 مليون ومنهم من يقدرها بــ 3,5، ويذكر أن المساعدات عام 91 بلغت 5 ملايين، ويؤكد البعض أنها 12 أما في عام 93 فهي 16 وفي عهد رافسنجاني 28 مليون دولار، أما سوريا فيتركز دعمها بالسلاح.
هذا وقد وضعت إيران قوات من -الباسدران- الحرس الثوري للتدريب والإشراف ، ولذا فبعد اتفاق الطائف في عام 1989م و الذي أجمع عليه جميع الفرقاء خرج الحزب في مظاهرات وهو يرفع اللافتات وقد كتب علـى بعضهـا: - الوهابيون رجس من عمل الشيطان... سننتقم من الوهابيين...-.
- وقد قام الحزب بعدد من العمليات في الداخل والخارج، وهو يستهدف المصالح الغربية والخليجية فقد استهدف الكويت بعدد من العمليات التفجيرية إحداها عندما استهدف موكب أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الصباح رحمه الله، وقد نجا بأعجوبة وعمليات إرهابية أخرى كعملية اختطاف الطائرة الكويتية وغيرها، وهم متهمون بالضلوع في أحداث الحج في السعودية، كما يتهمهم البعض بتهريب أسلحة إلى إحدى بلدان الخليج وتدريب بعض المقاتلين للقيام بعمليات إرهابية ولكنها أحبطت.
 
إيران .. والشيطان الأكبر:
ولا يخفى  على كل متابع أريب أن الحرب الأمريكية التي شنتها على كل من العراق وأفغانستان إنما هي حرب أمريكية اتفقت مع المصالح الإيرانية والهندية في المنطقة، كما  سئمنا من متابعة الملف النووي الإيراني ومعارضة واشنطن له، وتكرار الأسطوانات المشروخة من التعنت والرفض الإعلامي الإيراني، والصبر الأمريكي منقطع النظير، وتعالوا لنقوم بجردة حساب تثبت أن أمريكا التي يصفونها بأنها -الشيطان الأكبر-ليست سوى الحليف الأكبر، والخل الوفي لطهران:
 
1- سقوط الشاه بالطريقة التي حصل بها، وتخشب الجيش الإيراني الذي كان خامس أكبر جيش في العالم موال للسياسة الأمريكية والغربية، ووقوفه آنذاك على الحياد، والسماح بتسلم الخميني الحكم دون أن تسفك قطرة دم، في حين رأينا كل الحرب الضروس الخفية والعلنية التي نفخت فيها واشنطن ومن خلفها لمنع وصول حلفائها السابقين من المجاهدين الأفغان إلى السلطة، بعد رحيل الاحتلال السوفيتي.
2- صفقة إيران غيت مع -الشيطان الأكبر- المتضمنة شراء الأسلحة الأمريكية، ثم قصة باخرة الأسلحة الإسرائيلية لإيران.
3- وقوف إيران في كل خندق تتمترس فيه واشنطن، وتجلى ذلك في أفغانستان، إذ لم تعترف طهران بحكومة طالبان، في حين دعمت وساندت على الفور الحكومة الأفغانية التي جاءت مع الاحتلال الأمريكي، وأعلن المسؤولون الإيرانيون وعلى رأسهم الرئيس السابق رافسنجاني بأنه لولا طهران لما سقطت كابول وبغداد، ويجب ألا ننسى أن أول هبوط للقوات الأمريكية في أفغانستان كان على متن الطائرات الإيرانية.
4- الموقف الإيراني في العراق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وآخر ما تفتقت عنه عبقرية عبد العزيز الحكيم في مسرحية باهتة هي دعوته إيران للتفاوض عن اليتيم العراقي مع أمريكا، واستجابة الطرفين الأمريكي والإيراني لتلك للدعوة..
5- أعلنت طهران وما زالت تعلن صباح مساء أن لديها العشرات من قادة وعناصر تنظيم القاعدة، ولم نسمع مرة واحدة أن أمريكا طالبتها بتسليم أحد منهم للتحقيق معهم، في حين تطالب باكستان بتسليمها حتى لو تم اعتقال دجاجة يعتقد أنها مصابة بأنفلونزا القاعدة وطالبان.
 
تصريحات:
ولا يغيب عن الساحة أيضا التصريحات التالية التي تؤيد ما ذهبنا إليه :
- نقلت وكالات الأنباء العالمية والعربية تصريحات المسؤولين الإيرانيين أمثال أبطحي الذي قال- لولا إيران لما تمكنت أمريكا من شن حربها ضد أفغانستان والعراق-.
- كذلك جاء تصريح السفير الإيراني في لندن حيث قال: -إننا تعاوناً مع أمريكا لإنجاح الانتخابات في العراق وأنهم مستعدون للتعاون مع الأمريكان في الشرق الأوسط-.
- وتصريح حسن روحاني رئيس مجلس الأمن الإيراني الذي قال: - إن فوز بوش سيخدم مصلحة إيران العليا-.
- كما تحدث الطفيلي لصحيفة الشرق الأوسط مؤكدا أن: "إيران رأس حربة للمشروع الأميركي وأنها أصبحت حرس حدود لإسرائيل"..
-وقيل لأحد قادة الحزب، وهو إبراهيم الأمين، "أنتم جزء من إيران"، فكان رده: "نحن لا نقول إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران"، المصدر جريدة النهار 5/ 3/1987
- يقول المرشد الروحي لــحزب الله -محمد حسين فضل الله-: إن علاقة حزبه مع قادة إيران قوية... ورأيي ينسجم مع الفكر الإيراني... ويسير في نفس سياسته.
 
الخلاصة:
إن الوضع الآن وما يقوم به حزب الله من مساجلات مع قوات العدو الصهيوني هي أشبه ما تكون بحرب الفرس للروم التي وصفها القرآن - ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله- وإذا كنا نعترف بقتال حزب الله للجيش الصهيوني المحتل، فلا بد لنا من أن نضع هذا القتال في إطاره الصحيح دون زيادة ولا نقصان، وفصله عن هذا الإطار تشويه لتاريخنا الحديث، ومسخ للحقيقة، واستهتار بعقول أبناء أمتنا، ومن الخطأ عدم النظر لباقي أجزاء الصورة ليكتمل التصور الصحيح للحدث.  
وفي مثل هذا الحدث لا ينفك الجانب السياسي عن العقدي كما يرتبط فيه الواقع بالتاريخ لأننا بإزاء حزب عقائدي بجذر تاريخي يمارس الحرب والسياسة.
ولئن كان حزب الله قد حرر جنوب لبنان سابقاً؛  فقد اقتصر على الجانب الدفاعي وهو أمر يفعله جميع الناس سواء مسلمين أو يهود أو نصارى وكل أحد يتعرض بلده للاحتلال.
- ولا بد أن نقرر حقيقة أن حزب الله ليس سوى مؤسسة إيرانية في ثوب لبناني ولقد أرادت إيران له أن يكون هو الحزب العربي الأول، وأن يكون حديث العرب كلهم، وأن يسرق الأضواء من المجاهدين الحقيقيين الذين هزوا الكيان الصهيوني في فلسطين.
ولا أدل على ذلك من بيان حماس الفلسطينية  التي دعت الإعلاميين  إلى "إبداء أكبر قدر ممكن من التوازن المهني والموضوعي حيال تغطياتها الصحفية والإعلامية للشأنين اللبناني والفلسطيني، وعدم الانصراف إلى متابعة الشأن اللبناني الأكثر سخونة على حساب الشأن الفلسطيني".
- لقد حاول زعيم -حزب الله- أن يدغدغ مشاعر العالمين العربي والإسلامي في خطابه عند قوله: "إن الحزب اليوم هو رأس حربة لمشروع الدفاع عن الأمة ، وعلى الأمة أن تتحمل مسؤوليتها؟ هنا نقول نعم حزب الله رأس حربه لمشروع  صفوي  إقليمي في الأمة وليس كما وصفت وقد بدت ملامح مشروعكم في العراق واضحة من غير لبس ولا تأويل؛ لذلك على الأمة إن كانت واعية أن تحذر من الانزلاق وراء تلك الخطابات الجوفاء المضللة ..
- ويبقى بعد ذلك كله أن نقرر أن الحركة الباطنية في العالم الإسلامي متصلة ببعضها اتصالاً إستراتيجياً وتنظيمياً وتتولى إيران إدارة هذه الحركة بمعنى أن أي تصرف يقوم به -حزب الله- لا يمكن أن يفسر إلا على ضوء أهداف الحركة الباطنية وواقعها -.


الكاتب
ياسر البعلبكي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق