الثلاثاء، 14 يونيو 2011

أبناء بيت الحكم ليس هناك مكانهم


13/06/2011
أبناء بيت الحكم ليس هناك مكانهم

لا يمكن تغطية الشمس بغربال, هذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها بشأن ما يتداول هنا وهناك عن خلافات في الاسرة الحاكمة, وهو ما أصبح مادة تتاجر بها بعض المنتديات والصحف ووسائل الاعلام, كل حسب أجندته أكانت على حق او على باطل, ما يعني ان الأمر لم يعد ينفع معه التورية.
مع الأسف, هناك خلافات, لكن ما يجب ان يقال ويدركه الجميع هو أنه في الانظمة المشابهة لنظامنا تبقى خلافات بيت الحكم داخله, وتحل في إطاره, وتحسم الامور بحزم حتى اذا كان ذلك بالاكراه, لأن على أفراد بيت الحكم إبعاد مشاحناتهم عن الناس, و من واجبهم عدم الانحياز الى أي أجندة من تلك المطروحة في الساحات, حتى وإن كانت في معظمها قانونية ودستورية, لأن موقعهم ودورهم يفرض عليهم البقاء على الحياد.
لقد منح الدستور المواطنين حرية الرأي والتعبير, وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان, ولهم ان يطرحوا ما يشاؤون من أفكار لكنهم يبقون في نهاية المطاف مواطنين وليسوا رموزا من بيت الحكم, الذي من واجبه ان يغلب ما يصلح للرعية على أي أمر آخر, و ما هو ضدها او يخالف مصلحة الوطن يحذر منه, بل يلجم ويرفض, حتى لا تختلط الامور, وتضيع هيبته ودوره.
يؤسفنا ان نذكر من يقول إن من يريد إصلاح شأن الناس عليه أولا اصلاح بيت الحكم حتى يكون قويا في محاسبة المتجاوزين او من يريدون سوءا, او من في نفوسهم مرض, بل المؤسف اكثر, ان نلوم قلة قليلة تتظاهر بينما هناك بعض الافراد من الاسرة يشاركون في هذه التظاهرات, التي رغم محدوديتها وتأكيدنا على عدم تأثيرها, وتأكيدنا أيضا على ان من حق المشاركين فيها ان يقولوا رأيهم وعلينا ان نسمعهم, بل ان ندافع عن هذا الحق, لكن عندما نرى بعض أفراد الأسرة الحاكمة ممن يفترض بهم ان يكونوا على الحياد وفوق الاجندات يقرعون طبول هذه التظاهرات ويشاركون فيها, علنا أو سراً بل ان بعضهم يصب الزيت على النار لتأجيج الشارع كلما اختلف بعض افراد بيت الحكم مع بعضهم بعضا, وهذا يثير عندنا الخوف مما يمكن ان تحمله الايام لنا من ذلك البعض, وهم أشخاص أعلنوا عن نفسهم, وكما يقال "مصلعين".
هؤلاء الافراد من الاسرة الذين يتعاركون على مفاهيم او مناصب ربما يظنون ان الطريق الى كراسيها تمر عبر إثارة الشغب في الشارع, ويعملون بمبدأ" مع الخيل يا شقرا" و ينطبق عليهم المثل القائل" كل من طق طبلة قال انا قبله" هؤلاء لا يخدمون لا بيت الحكم ولا أنفسهم, ولا حتى الوطن, وهو ما عليهم معرفته بكل صراحة, ويجب ردعهم عن تلك المغامرات لأنهم حكام وليسوا طبولاً يقرع عليهم بالعصي.
نعم, لن نستطيع تغطية الشمس بغربال, فهناك خلل واضح, ولكن إصلاحه يكون داخل بيت الحكم الذي معه لا تصلح الليونة, بل يحتاج الى الحزم, لأننا نبني وطنا ومواطنين, ونبني علاقة بين بيت حكم عريق ومواطنة تعيش زمانها وعصرنتها, وهو ما يجب إدراكه من الجميع الذين من واجبهم اذا عاتبنا ألا يقول أحدهم :لماذا انا وليس ذاك? ففي هذا الشأن الجميع يتحمل المسؤولية, ولا مجال لالقاء التبعات على الاخرين, فأبناء بيت الحكم مكانهم الحكم وليس مكانا آخر, وعليهم ان يفهموا أنهم حكام لهذا البلد وليسوا منافسين لأهله, وان ساحة الارادة لها ناسها.
وحتى ان نجحت تجمعات تلك الساحة في التغيير لن يكونوا بلا شك على رأس هذا التغيير, بل لهم مكان آخر اقله المحاسبة وقلة التقدير.
ان بيوتات الحكم في المنطقة وفي الانظمة المشابهة لنظامنا يبعدون أبناءهم باللين او بالزجر ويمنعونهم من تخطي حدودهم, بل ان الصغير هناك لا يجرؤ على الكبير ولا يخالف تعليماته أبدا, بل ينفذها بكل طاعة, واذا حدث ان خالف تلك الطقوس فانه يردع ضمن إطار بيت الحكم, وهذا ما يجب ان تكون عليه الحال في الكويت.
دعاؤنا ان يتغلب هؤلاء على ما في نفوسهم, لأن النفس امارة بالسوء.

الكاتب :-
أحمد الجارالله

المصدر جريدة السياسة
تاريخ نشر المقال :-13/06/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق