الأربعاء، 15 يونيو 2011

انتفاضة البنزين المرتقبة في إيران

السياسة الكويتية 15-محرم-1432هـ / 21-ديسمبر-2010م

قد تكون الانتفاضة المقبلة بداية نهاية النظام الديكتاتوري المكسورة شوكته في إيران في أحد الأيام الأخيرة من نوفمبر الماضي وفي موقف شديد الهزل الناجم عما هو أكثر هزلا والدال على تدهور كبير ذهب طالب في جامعة "جالوس" وهي مدينة بالقرب من بحر قزوين في شمال إيران وفي حركة رمزية احتجاجا على شح البنزين، ذهب راكبا حماراً من مدينته "نوشهر" لمسافة كيلومترات الى "جالوس" وشد عنان حماره وربطه أمام الجامعة!

وقبل اكثر من ثلاثة اعوام وفي ساعات العصر ليوم 25 يونيو عام 2007 أرسلت مصادر المقاومة الإيرانية و"مجاهدي خلق" تقارير من داخل إيران عبر الانترنت عن تأزم الموقف وحدوث حرائق في عدد من مناطق طهران مدن إيرانية عدة أخرى وبخاصة إضرام النار في محطات الوقود.

وفي الساعة الثانية صباحا ليوم 26 يونيو بث تلفزيون "سي إن إن" تقريرا مصورا عن هجمات المواطنين على محطات الوقود في مدن إيرانية عدة كخبر عاجل وأصبح الخبر في صباح اليوم نفسه الخبر الأول لوسائل الإعلام العربية والعالمية. واشتعلت النار في طهران ومدن عدة إيرانية. وتلك كانت بداية لنهضة ثارت واشتعلت فجأة في يومها الأول في طهران ومحافظات أخرى وأدت في الأيام التي تلتها إلى اثارة احتجاجات عدة.

وفي غضون ساعة واحدة ذهب دجل القيادة الإيرانية أدراج الريح عندما خطب نجاد متعهدا بإيصال حصة النفط إلى سماط المواطنين، وانضم الى أرشيف دخان الادعاءات الحكومية حول البرنامج النووي وشعار "الطاقة النووية هي حقنا المسلم" وذهبت إلى الهواء كغيرها وانهارت دعايات أصحاب المساومة مع النظام الإيراني وحُرقت في نار هذه الانتفاضة.

والانتفاضة التي قامت في يومي 25 و26يونيو من ذلك العام والتي تفجرت من أزمة بنزين كانت الصورة الحقيقية لمجتمع ازداد احتباسه وتذمره فانفجر. وجاءت هذه الانتفاضة لتكون أوضح دليل واكثر واقعية لمطالب الشعب الإيراني.. وكان على العالم آنذاك أن ينتظر عامين آخرين ليرى بأم عينه ما يعلن عنه هذا الشعب. وقد هزت الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني أسس الديكتاتورية الحاكمة في إيران في عام 2009 وأوصلته إلى حافة السقوط.

وبعد مضي عام ونصف عام من هذه الانتفاضة العارمة التي بددت أسطورة استقرار النظام الحاكم في إيران، يمكن التنبؤ بأن ما سيحدث في المستقبل قد يواجه بعدم قناعة البعض مثلما كان يحدث قبل"انتفاضة بنزين" في عام 2007.

ولمعرفة ماذا يحدث في إيران الآن دعونا نلقي نظرة على هذا الخبر: بث تلفزيون "شبكة خبر" الحكومي الإيراني يوم 21 نوفمبر الماضي في الساعة التاسعة ليلا كلام المدعو رويانيان رئيس هيأة النقل والوقود في إيران" قائلا: إن حصة البنزين للشهر الإيراني الحالي ("آذر"، أي من 22 نوفمبر إلى 21ديسمبر) هي 60 لترا ولا يوجد حاليا أي تغيير في الحصص وستكون الأسعار كتلك الأسعار السابقة، "ولكن ذلك لا يعني بأنه لا توجد امكانية التغيير في الشهر نفسه وفور بث الخبر، قامت رموز النظام بحذف عبارة "ولكن ذلك لا يعني بأنه لا توجد امكانية التغيير في الشهر نفسه" وأكدت وسائل اعلام النظام بشكل مستمر على أنه لا يوجد هناك أي تغيير لا في الاسعار ولا في حصص البنزين.

وفزعا من غضب المواطنين وهجومهم على محطات الوقود احتجاجا على الزيادة المحتملة في اسعار الوقود، وأبلغت ديكتاتورية الملالي محطات البنزين للتأهب الليلي. ويقول رئيس رابطة أصحاب محطات الوقود في انحاء البلاد أن الحكومة أبلغتهم بأن يتواجد مسؤولو المحطات طوال الليل فيها لأن من الممكن أن يعلن في احدى هذه الليالي رفعاً في سعر البنزين.

وكتبت صحيفة "مردم سالاري" الحكومية أيضا عن تأهب محطات الوقود للإعلان عن زيادة في سعر البنزين ومما جاء في الخبر: "أن الصفوف الطويلة أمام محطات الوقود في اليوم الأخير من الشهر الماضي كانت مثيرة ومستفزة عند رؤيتها حيث كانت في الانتظار امام كل محطة وقود اكثر من ستين سيارة على اقل تقدير".

إن ضغوط قرارات المقاطعة وحظر استيراد البنزين وشحه في البلد والصفوف الطويلة المترامية امام محطات البنزين وحصة لترين من البنزين في اليوم لكل سيارة في بلد كإيران التي تجلس على مصادر وخزانات هائلة من النفط ، أضف إلى ذلك أنواع الضغوط الهائلة التي تمارسها السلطة على المواطنين والقمع اليومي ضدهم، وكل ذلك مجتمعا يشكل وقودا لانتفاضة مرتقبة.

وفي يوم 7 ديسمبر الجاري أي يوم الطلاب في إيران تعالت الاحتجاجات وهتافات "الموت للديكتاتور وليطلق سراح السجين السياسي" وتلك المنبعثة من مختلف الجامعات الإيرانية قد دحرت وأفشلت التعبئة القمعية التي أصبحت منذ شهر الشغل الشاغل للنظام لتعزيز قدراته القمعية ومواجهة سقوطه المرتقب، وأثبتت مرة أخرى الطاقة الكامنة للمجتمع الإيراني واستعدادها للتفجر على الدوام لإسقاط نظام "ولاية الفقيه" الديكتاتوري الحاكم في إيران. وقد تكون الانتفاضة المقبلة انتفاضة بنزين أخرى ..فهل سيتمكن النظام القمعي المكسورة شوكته من احتوائها ؟


الكاتب :- محمد إقبال
خبير ستراتيجي إيراني



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق