الثلاثاء، 14 يونيو 2011

وزير إيراني مراسل لصحيفة سورية !

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 9 من رجب 1432هـ / 11 من يونيو 2011م

كتبت قبل أسبوع وتحت عنوان «الطفل الذي هز سوريا» أن «المفروض على المحطات الإخبارية العربية المحترمة في منطقتنا ألا تقبل بظهور هؤلاء (المحللين)، فإذا كان النظام السوري يريد الدفاع عن نفسه، فعليه تخصيص متحدث رسمي، أو عبر وزير إعلام النظام.. بدلا من خروج (محللين) تعرف المحطات، أكثر من غيرها، أن لا مصداقية لهم»!

ونعود اليوم لنفس الموضوع ولسبب بسيط، فيوم أمس بثت محطة «سكاي» الإخبارية البريطانية خبرا عن قمع النظام السوري للمدنيين، وقالت المحطة: «ومعنا للتعليق المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية السورية»! فالمحطة البريطانية لم تقبل استضافة «المحللين» السوريين لأنها تحترم مهنيتها ومشاهديها، ولا تعرضهم للدعاية الكاذبة، فرضخ نظام دمشق وأرسل لهم متحدثة شقراء، وهذا ما لم تفعله فضائياتنا كلها!

بل الغريب أن النظام السوري يهاجم الفضائيات العربية بدلا من أن يشكرها، فهذه فضائية تمنح مساحة لمن سمته «المحلل»، الذي وجه دعوة على الهواء للوزراء الأوروبيين لزيارة سوريا، من دون أن يسأله المذيع «بأي صفة تدعوهم؟». بل عند البحث عن ذلك المحلل عبر «غوغل» يتضح أنه غير معروف صحافيا، بل مكتوب أنه مقاول عقارات، وتصفه الفضائية العربية بالـ«إعلامي»، وهذا وصف لا أساس مهنيا له. فإما أن تكون صحافيا أو لا، وليس لذلك المحلل (المقاول) حتى مقالة واحدة، فهو حتى ليس من بين من أسميهم (كتاب «ادعوني أكتب لكم»)، أي وجهوا لي الدعوة مع التذكرة وسأمتدحكم، وما أكثرهم!

والأدهى أن تلك المحطة قامت ببث شريط مسجل لمكالمة بثها التلفزيون السوري، يدعي أنها لجماعات مسلحة تستهدف الجيش، وهو أمر يدعو للسخرية والاشمئزاز، ولا يمكن أن تقدم فضائية محترمة على إعادة بثه، خصوصا بعد فضيحة توريط المحطة الفرنسية في تزوير استقالة سفيرة دمشق في فرنسا، وهي ما سميتها من قبل «عودة شهود الزور». ولأن الحديث ذو صلة، فهذه فضائية أخرى جاءت بمن وصفته بـ«المفكر العربي»، ليقول إنه يخشى على سوريا من أن تكون دولة طائفية مثل لبنان الذي باتت الطائفية فيه مُمَأْسَسَة - بحسب قوله - متناسيا، حضرة المفكر، أن نظام الأسد الأب، والابن - بالشراكة مع إيران - هو مَن مَأْسَسَ الطائفية في لبنان؟

وبالعودة إلى موضوع المتحدثة باسم الخارجية السورية، ولأن كثيرًا من فضائياتنا تفضل «المعلومة الجاهزة»، أي ما ينشر بالصحف، فإن اسم المتحدثة التي ظهرت على «سكاي» البريطانية هو ريم حداد، وعلى الفضائيات بالطبع أن تسعى للحصول على رقم هاتفها!

وعلى كل حال، فليس المقصود هنا هو تصيد عثرات فضائياتنا، بقدر ما أنها محاولة لحماية إعلامنا كله من خداع النظام السوري الذي لا يتوانى عن استغلال الإعلام، ومنذ عقود، ففي كتاب باتريك سيل «الأسد.. الصراع على الشرق الأوسط»، والمؤلف في عام 1989، يذكر الكاتب البريطاني أن نظام الأسد الأب قام بمنح صادق قطب زاده - أحد الوزراء في بداية الثورة الخمينية، وتم إعدامه بعد ذلك - جواز سفر سوري مكنه من التنقل للعمل ضد الشاه، متنكرا بوظيفة مراسل صحافي لصحيفة «الثورة» السورية!

فهل هذا يكفي أم نزيد؟


الكاتب :- طارق الحميد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق