السبت، 18 يونيو 2011

لماذا يرفضون إدانة سوريا ؟

موقع المسلم 16-رجب-1432هـ / 18-يونيو-2011م

روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.. تلك هي الدول التي تعارض إصدار قرار من الأمم المتحدة لإدانة سوريا بسبب القمع الدامي الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد ضد حركة الاحتجاجات الشعبية الواسعة.

هذه المعارضة، هي ما دعت وزير الخارجية الفرنسي الآن جوبيه أن يعلن الثلاثاء الماضي أن الدول التي أعدت مشروع القرار لن تطرحه على التصويت في مجلس الأمن قبل أن تضمن توافر غالبية كافية لمصلحتها، مشيرا إلى جهود لإقناع تلك الدول بتغيير موقفها. روسيا ترفض بطبيعة الحال بسبب العلاقات الاقتصادية والتاريخية الوثيقة بين البلدين والتعاون العسكري بينهما حيث تعتبر الجيش السوري مشتريا دائما للمنتجات العسكرية الروسية.

كذلك الصين؛ حيث تعتبر هي الأخرى موردا رئيسيا للأسلحة التي يستخدمها الجيش السوري، كما لها العديد من المشاريع الاقتصادية الحيوية في سوريا.

روسيا والصين هددتا باستخدام الفيتو في حال التصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار يدين القمع الدموي في سوريا، رغم أنهما لم يلجآ لهذه الآلية خلال التصويت على إدانة ليبيا وفرض حظر عليها، وذلك رغم معارضتهم لعمليات حلف شمال الأطلسي الناتو التي تستهدف النظام الليبي.

وهذا الرفض الصارم لإدانة سوريا تجسد في مقاطعة روسيا والصين للمحادثات التي جرت نهاية الأسبوع المنصرم في مجلس الأمن الدولي على مستوى الخبراء. تلك المحادثات التي تناولت مشروع قرار الإدانة، وقد قاطعتاه رغم أنهما "كانتا على علم بمحادثات السبت ولكنهما اختارتا عدم المجيء"، بحسب دبلوماسي فضل عدم الكشف عن هويته.

وأملا في الضغط على روسيا والصين من أجل الامتناع عن استخدام الفيتو ضد القرار إذا ما طرح للتصويت، وزعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال قبل أسبوعين مسودة مشروع القرار، ثم أدخلوا عليها تعديلات لـ"إرضاء المزيد من الدول".

وتخشى فرنسا من أن يصبح مجلس الأمن الدولي "شريكا صامتا" في الأزمة السورية، كما وصفه السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار أرو.

البرازيل أيضا متحفظة على مشروع القرار، حسبما قال أرو في مقابلة مع صحيفة "استادو دو ساو باولو". لكن مبرر البرازيل مختلف؛ فهي تتحفظ على القرار بسبب القلق من أن يؤدي التصويت عليه بالموافقة إلى تدخل عسكري دولي كالذي يحدث في ليبيا، حيث فوض مجلس الأمن الدولي حلف الناتو بفرض حظر جوي على البلاد لمنع العقيد الليبي معمر القذافي من استخدام الطيران في قصف الاحتجاجات الشعبية المطالبة بسقوطه. لكن التجربة في ليبيا بدأت تتطور في اتجاه تدخل عسكري وليس فقط فرض حظر جوي، حيث بدأت أطماع الدول الغربية التي تنفذ القرار الأممي تتضح.

وعلى ذلك عدة شواهد، أهمها: الحديث المتكرر عن الحاجة إلى جنود على الأرض لمساعدة الثوار الليبيين في حربهم ضد النظام، واستمرار قصف أماكن حكومية تسفر عن مقتل مدنيين في حين أنه من المؤكد أن القذافي لا يتواجد بها، وكان آخرها استهداف مبنى التلفزيون.

وقال جوبيه مخاطبا الجمعية الوطنية (البرلمان) الفرنسية: "لن نجازف بأن نطرح على التصويت مشروع قرار يدين النظام السوري إلا إذا توصلنا إلى غالبية كافية. لدينا اليوم على الأرجح تسعة أصوات في مجلس الأمن، يبقى علينا أن نقنع جنوب إفريقيا والهند والبرازيل، ونعمل على ذلك يومًا بعد يوم".

وأضاف الوزير الفرنسي: "إذا تحركت الأمور من هذا الجانب، وإذا تمكنا من تأمين أحد عشر صوتًا فعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته. سنطرح مشروع القرار هذا للتصويت وسنرى ما إذا كانت روسيا والصين ستستمران في (موقفهما لجهة استخدام) الفيتو". وبالنسبة إلى فرنسا فإن القمع في سوريا "يثير الاستياء ويستدعي الإدانة"، على حد قول الوزير الذي أضاف أن "الأمور تتدهور من يوم إلى آخر".

وقبل عشرة أيام، اعتبر جوبيه أن مشروع القرار الذي لا يزال قيد البحث في الأمم المتحدة يمكن أن يحصل على أحد عشر صوتًا من أصل خمسة عشر في مجلس الأمن. وبعيد ذلك، أوضح أن طرح المشروع للتصويت هو "مسالة أيام وربما ساعات".

والنموذج الليبي تسبب بشكل واضح في تردد بعض الدول بدعم مشروع القرار لا سيما جنوب إفريقيا. فقد اعتبر الرئيس جاكوب زوما أن حلف شمال الأطلسي تجاوز بشكل واضح تفويضه في ليبيا.

لكن جنوب إفريقيا التي كان من المتوقع أن تتهم الحلف الأطلسي الأربعاء باستهداف الزعيم الليبي معمر القذافي عمدا، انتهى بها الأمر إلى عدم القيام بذلك أمام مجلس الأمن خلال الخطاب الذي ألقته وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية مايت نكوانا ماشابان في جلسة مغلقة.

فقد طالبت بريتوريا (إحدى العواصم الثلاثة الرئيسية لجنوب إفريقيا) مثلها مثل الاتحاد الإفريقي بجهود إضافية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية والثوار كما أعلن دبلوماسيون.

وكان رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، قد وجه انتقادات لاذعة للحملة الجوية التي يقودها الناتو في ليبيا، والتي انطلقت بموجب قرار دولي بهدف أساسي هو حماية المدنيين. لكن زوما رأى أن الحلف الأطلسي أساء استخدام التفويض بمحاولاته تغيير النظام والاغتيالات السياسية والاحتلال العسكري.

ويأتي هذا الرفض لإدانة سوريا بالرغم من مقتل أكثر من 1300 مواطن سوري على أيدي قوات الأمن المتمثلة أساسا في الجيش وقوات الشبيحة والشرطة. إلى جانب اعتقال الآلاف من الأبرياء في محاولة لقمع الاحتجاجات.


الكاتب :- نسيبة داود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق