الثلاثاء، 5 أبريل 2011

حرب إيران الباردة في الخليج ؟

جريدة الرأي الأردنية 30-ربيع الآخر-1432هـ / 4-أبريل-2011م

لإيران قراءتها الخاصة لما يجرى بالمنطقة انها قراءة رغائبية قائمة على الأماني أكثر منها على الوقائع تلفها حالة من التناقض والإرباك ، فهي تؤيد الثورات الديمقراطية في العالم العربي على أساس سياسي وليس حقوقيا – انسانياً، لذا نجدها تؤيد بحماس ما جرى في تونس ومصر وما يجرى في اليمن ولكنها تصمت إزاء ما يجرى في سوريا وتتجاهل كل ما يجرى في ليبيا ، وتعلن وتمارس ما هو أكثر من التأييد أو الدعم لما قام به المحتجون الشيعة في البحرين حيث مارست افعالا وصلت حد التدخل الأمني المباشر والتورط فيه ، وفوق كل ذلك تعتقد طهران انها « واحة للديمقراطية « في نظرة تدلل على الغياب التام عن الوعي بوضعها الداخلي ومحيطها الخارجي ويعتبر النظام المستند عقائديا لنظرية « الولي الفقيه « ان من يخرج من الإيرانيين للتظاهر ضد النظام هو كافر ويستحق الإعدام .

هذه القراءة القاصرة والمتناقضة تدفع بنجاد ودوائر صنع القرار الأمني داخل النظام إلى الاستثمار بقوة في حالة الثورات العربية المتعاقبة ، وتعتقد انها وبما تملك من أدوات أمنية وخلايا سرية نائمة في دول الخليج العربي وفي مناطق نفوذها في الوطن العربي وفي الشيعة العرب بصورة خاصة قادرة على تحقيق نظرية « تصدير الثورة « ، وما يغريها في الذهاب إلى ابعد الحدود في هذا المجال نجاحها عبر أدواتها بالانقلاب على شرعية صناديق الاقتراع، في عدد من العواصم.

ومع هذا تدرك طهران ان إكمال هذا النهج في بقية الدول وبخاصة في الخليج العربي ليس بالمهمة السهلة حيث كانت البحرين بمثابة صفعة قوية لها رغم كل ما بذلته من جهد تحريضي وامني تحطم بفعل الدعم الخليجي السريع والحاسم والمتمثل بتدخل قوات درع الجزيرة ، والفشل في إشعال الأوضاع في المنطقة الشرقية في السعودية ، وكذلك في الكويت التي رأت طهران ان أسلوب التغلغل الأمني وزرع شبكات التجسس فيها هي الوسيلة المثلى بعدما فشلت في سياسة التجييش الطائفي بين الكويتيين .

ان أردنا إلقاء الضوء على حجم المأزق الإيراني في ركوب موجة الثورات العربية واستثمارها طائفيا وبخاصة في الخليج العربي علينا التوقف مليا عند بيان لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني والذي هدد السعودية بلغة فجة متوترة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين قائلا انها تلعب بالنار ان لم تسحب قواتها من البحرين معتبرا بقاء هذه القوات في البحرين يماثل احتلال نظام صدام للكويت .

الرد السعودي عكس في المقابل نبرة تحدٍ واضحة وواثقة وهي أجواء حرب باردة صنعتها طهران ليس فقط من اجل تصدير أزمتها الداخلية المتمثلة بالمواجهات مع الشارع الإيراني الذي يعيش في ظل دولة خارج اطار الزمن بكل ما تعني الكلمة من معنى ، بل لرغبتها في جر المنطقة برمتها الى حرب باردة وساخنة على أساس طائفي بعد فشلها في تسويق نفسها كدولة ثورية تتقدم على العرب في مشروع تحرير فلسطين .

ان لجوء طهران إلى ورقتها الطائفية التي هي سلاحها الفعلي والحقيقي يمثل قمة الضعف ولذا فانها الآن في جاهزية كاملة للتصرف بعقلية انتحارية متطرفة بعد سنين طويلة من ممارسة «التقية السياسية والدينية» مع العرب ، وهو امر يستدعي من دول الخليج والدول العربية الانتباه والحذر مما سيقدم عليه النظام الإيراني في المقبل من الأيام وليس بالضرورة في الخليج بل ربما يكون لبنان او العراق او حتى غزة منطلقا لما تريد طهران !

الكاتب / رجا طلب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق