السبت، 9 أبريل 2011

وهم «الأغلبية الشيعية»

الوطن الكويتية 19/3/2011

من البحرين الى لبنان والعراق، يصدق الكثيرون وهم «الأغلبية الشيعية»، ويبنون عليها مختلف الحسابات السياسية والاجتماعية، هؤلاء للاسف ينظر الى الجزر الشيعية الصغيرة ويغفلون عن محيط واسع من العرب والمسلمين غير الشيعة! فمهما بلغت نسبة الشيعة في هذه الدول، حتى لو بلغت مئة بالمئة، سيبقى الشيعة قطرة من بحر، وكتلة سكانية «مذهبية»، في اغلبية كاسحة غامرة.

ايران نفسها ضحية وهم كبير من هذا القبيل فهي تنظر فقط الى ما أن تحب ان تراه، وتغفل عن اهل السنة داخل ايران وخارجها، وان نسبة الشيعة لاتزال ضئيلة جداً مقارنة بعدد بقية المسلمين في العالم.

واذا كان عدد سكان ايران مثلاً ثمانين او حتى مئة مليون نسمة، فان دولة واحدة مثل اندونيسيا سكانها نحو مئتي مليون نسمة، دع عنك بنغلاديش وماليزيا وغيرها!.

مشكلة الشيعة ليست في انهم اقلية صغيرة جداً ان كانوا اغلبية في بعض البلدان، بل مشكلتهم كذلك تاريخية وفقهية واجتماعية ومذهبية، كما انها اليوم، ومنذ الثورة الايرانية عام 1979، سياسية كذلك بسبب تسييس المذهب الشيعي، وتعبئة شباب الشيعة وبعض نخبهم الدينية والاكاديمية والقيادية فتعمقت بذلك الشكوك ضدهم وازدادت المخاوف. الشارع العربي والشارع في العالم الاسلامي لا تقوده النخب المتسامحة المستنيرة والمتفهمة للاختلافات المذهبية والتنوع الديني والثقافي، ومن كان من هؤلاء في سدة القيادة حاصرته التطورات والفتن، واسكتته الاحداث!.

عندما بدأت الثورة الايرانية عام 1979 استقطبت عواطف العرب والمسلمين الى اقصى حد، وقدمت ايران «الاسلامية» نفسها لقيادة العالم الاسلامي، ولكن الحقائق والمخاوف المذهبية والسياسات عزلت الثورة وابعدت معظم العالم العربي والاسلامي عن هذه الثورة، وبرهنت بشكل قاطع للاسلامي والعلماني والليبرالي، بأن «الأقلية المذهبية» لا تستطيع ان تقود ثورة اسلامية بالشكل الذي اعلنته القيادة الايرانية وأدبيات ثورتها، وحتى داخل ايران نفسها عادت الثورة الى قواعدها الايرانية ولغتها وثقافتها ومصالحها الاقليمية، والى الدروس الثمينة التي استوعبتها من معاركها العسكرية مع العراق، وصراعاتها السياسية مع الواقع السياسي في دول الجوار وعموم العالم الاسلامي.

هذه التجربة الايرانية الشيعية لم يستوعبها للاسف الشديد شيعة العالم العربي، لا في لبنان ولا في العراق ولا الكويت والبحرين، ويتلخص اهم دروس التجربة أنه:

1 - لا تستطيع المجتمعات العربية والاسلامية تجاهل الاختلاف المذهبي الشيعي - السني في التحرك السياسي الكبير.

2 - لا يستطيع الشيعة ولا ينبغي لهم، قيادة اي معارضة سياسية وطنية الأفق منفردين او بشكل رئيسي، اذ لا مهرب من اثارة بعض المخاوف والحساسيات المذهبية داخل مجتمعاتهم.

3 - مخاوف «الشارع السني» من اي حركة يقودها الشيعة، اكبر من مخاوفهم من اي نظام سياسي قائم، مهما كانت تجارب الناس مع هذا النظام.

4 - من الخطأ ان يطرح الشيعة مطالب سياسية تتجاوز مطالب اهل السنة، اما الخطأ الأكبر فهو طرح شعارات يختلف الشيعة انفسهم حولها مثل «الجمهورية الاسلامية» او «ولاية الفقيه».

5 - هناك نخبة معارضة ليبرالية او قومية او يسارية تؤيد التغيير مهما كانت الانتماءات المذهبية لقيادتها، ولكنها في اغلب الاحوال نخبة محدودة الحجم والتأثير.

6 - لدى تساوي كل عوامل ومعطيات النجاح والفشل في التحرك السياسي داخل المجتمعات العربية والاسلامية، فان الارجح والانجح انقياد الشيعة للسنة.

ختاماً، هذه كلها استنتاجات شخصية وربما انطباعات بحاجة الى دراسات تحليلية وإحصائيات، وهذه متروكة للباحثين.


الكاتب / خليل علي حيدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق