الخميس، 7 أبريل 2011

إيران والوعي العربي الجديد

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 3 من جمادى الأولى 1432هـ / 6 من إبريل 2011م

منذ قيام ثورة الخميني في عام 1979 والنظام الحاكم في إيران يسلك خيار العنف في مواجهة المعارضة، وينهج أسلوب السحق التام للأقليات غير الفارسية الاثني عشرية المطالبة بحقوقها، تفعيلا للمادة الثانية عشرة من الدستور الإيراني التي تنص على أن: «الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب هو الجعفري الاثني عشري» وبناء على هذه المادة، تواجه الأقليات الدينية، كالسنة، والشيعة غير الاثني عشرية، واليهود، والمسيحيين. والأقليات العرقية، كالعرب، والأكراد، والتركمان، والأذاريين، والبلوش، قمعا ممنهجا من نظام ولاية الفقيه الفارسي. ولا تزال منظمة العفو الدولية تعد تقريرا سنويا منذ قيام الثورة، وإلى اليوم، تؤكد فيه استمرار النظام في قمع المطالبين من هذه الأقليات بالمشاركة السياسية أو بحقوقهم الاقتصادية، وقد طال القمع الملالي أنفسهم إذا كانوا غير مؤمنين بولاية الفقيه المطلقة، أو يتبنون فكرا إصلاحيا تصالحيا مع هذه الأقليات.

كما يقوم النظام المتطرف في طهران بمنع هذه الأقليات من ممارسة حياتها الاجتماعية أو الثقافية الخاصة، ويصادر عليها أبسط حقوق المواطنة، وهو حق العمل في الأجهزة الحكومية، استنادا إلى نظام «غوزنيش» الخاص بالاختيار.

لذلك فإن أزمة الأقليات في إيران هي أزمة مواطنة بالدرجة الأولى، حيث ينبغي أن يتم التعامل مع رعايا الدولة الواحدة، وأبناء الوطن الواحد، باعتبارهم أفرادا متساوين في الحقوق والواجبات، المدنية والسياسية، دون النظر إلى التصنيف الديني أو العرقي.

ومن ثم فإن نظام ولاية الفقيه في طهران يظل فاقدا للشرعية، ليس فقط على المستوى الدولي، بل في بلده، وبين أبنائه، وتلك الشرعية المفقودة هي التي يحاول أن يصنع من خلالها أسبابا لزرع وتأجيج الطائفية في مناطق مختلفة من العالم العربي، والخليج العربي على وجه الخصوص.

لقد فشل نظام ولاية الفقيه على مدار العقود الثلاثة الماضية في تحقيق الحلم الفارسي الطائفي الكبير، المتمثل في تصدير الثورة إلى دول الجوار العربية والإسلامية، مع الاعتراف بأنة حقق نجاحا جزئيا في لبنان والعراق، متدثرا باسم المقاومة في لبنان، وبدعم وتسهيلات من قوات الاحتلال في العراق.

إلا أن الأحداث الأخيرة في العالم العربي، وفي البحرين واليمن على وجه الخصوص، بعثت ذلك الحلم من جديد، لكن في صورة أخرى، وتحت مسمى مختلف، يتماشى مع موجة التغيير والإصلاح التي تهب على المنطقة، وفي ذلك استغلال للمطالب المشروعة في أصلها، وتغييب للوعي الشعبي، وإيهام للرأي العام الإقليمي والعالمي بأن المطالب مجرد حقوق سياسية داخلية، وهي في الحقيقة مطالب إيرانية محضة، خاصة في البحرين.

وهي فرصة سانحة لتصدير الثورة من جديد، يحاول النظام استغلالها. لها نفس النكهة، لكن بألوان جديدة. إن مسألة إيقاظ الوعي السياسي في مجتمعاتنا العربية، والخليجية خاصة، تتعدى إدراك المواطن حقوقه السياسية أو الاقتصادية إلى ما هو أهم وأخطر، وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا، ألا وهو الاستشعار الكامل للخطر الفارسي التوسعي في منطقتنا، ويصبح الموقف أكثر تحديا، حينما يواجه المواطن البسيط أسلحة إعلامية فتاكة وموجهة له، تعيد تشكيل القضايا وصياغتها في محاولة مدروسة لتغييب وعيه السياسي تجاه ذلك الخطر.

وأبت تلك المؤسسات الإعلامية والاستخباراتية الإيرانية أو الدائرة في فلكها إلا أن تترك هفوات مهنية، تزيح قليلا من الأقنعة، لتكشف ملامح الصفقات السياسية، والاستغلال الطائفي للتآمر على دول وشعوب المنطقة من قبل النظام في طهران، وما البحرين والكويت عنا ببعيد.

فهل نعي، نحن العرب ديانات وطوائف مختلفة، تلك المخططات الفارسية لتغييب الوعي العربي من جديد؟


الكاتب / عبد الملك بن أحمد آل الشيخ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق