السبت، 28 مايو 2011

"جيش المهدي" الصدري والحرس الإرهابي الثوري !

السياسة الكويتية 25-جمادى الآخرة-1432هـ / 28-مايو-2011م

مع اقتراب العد التنازلي لموعد انسحاب القوات الأميركية من العراق بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين حكومة المنطقة البغدادية الخضراء والولايات المتحدة العام 2008 تتراقص عفاريت المشهد الميداني العراقي في أكثر من إتجاه ، وتنشط خطط وخيارات وتيارات كانت قد تجاوزتها الأحداث سابقا لتحاول ملء الفراغ الكبير الذي سينجم عن رحيل الأميركان رغم شكوكنا الكاملة بإمكانية تنفيذ هذا الرحيل وتلك مسألة أخرى.

المهم إن العصابات الطائفية المهيمنة على المشهد العراقي وفي ظل حالة الانهيار الكامل السائدة في العراق وتمكن التيارات الطائفية والرجعية والعدمية بأفكارها الخرافية ورؤيتها الميتافيزيقية من الهيمنة على مفاصل السلطة المهترئة أصلا في العراق تتحضر اليوم لتفجير المشهد العراقي من الداخل بعد الفشل الكبير الذي أظهرته النخب السياسية الطائفية العراقية، خصوصا حكومة نوري المالكي العاجزة والفاشلة في مختلف الميادين، والمهزومة في مختلف ملفات إدارة الصراع ، فحكومة حزب الدعوة وشركاه فشلت فشلا ذريعا في استثمار الحالة التغييرية القائمة في العالم العربي وتلقت دبلوماسيتها ضربة موجعة عبر الفشل في استضافة القمة العربية، وهي القمة التي أفشلتها الأحزاب الطائفية المكونة للحكومة العراقية، فهم قد انحازوا لخياراتهم الطائفية على حساب خياراتهم الوطنية والقومية، وأضحوا للأسف جزءا أو نسخة عربية ناطقة من المشروع التخريبي الصفوي الإيراني خصوصا في تعقيدات المسألة البحرينية وهي مسألة تجاوزت كثيرا قضية الخلاف المعروف بين السلطة والمعارضة في البحرين، تدخل ضمن إطار تخريبي كبير شعاره وهدفه المعلن والرئيسي إقامة ما يسمى بالجمهورية الإسلامية في البحرين!

أي الدعوة لاحتلال إيراني مباشر لذلك البلد العربي الأصيل، وهي مؤامرة تخريبية كبرى صيغت فصولها وأعدت ملفاتها في سراديب حزب "الدعوة" والمخابرات الإيرانية، وتلك مسألة معروفة، أما تعهد حكومة المالكي بمهلة المئة يوم التي انتهت تقريبا من أجل توفير الخدمات الحياتية الأساسية من ماء وكهرباء وخدمات صحية وبنى تحتية مفقودة فقد ذهب أدراج الرياح ، فالفاشلون لا يصنعون دولة، بل يقيمون عزاء ومآسي، ومما زاد في كهربة الموقف الميداني ه التدهور الأمني المريع والفشل في توزير الوزارات الأمنية في ظل حالة التناحر بين الأحزاب الطائفية الفاشلة، شيعية كانت أم سنية، فالتخلف واحد في جميع الظروف والأحوال ، ولعل العودة القوية والميدانية وبأسلوب استعراض عسكري لعصابة ما يسمى بـ"جيش المهدي" التابعة لمقتدى الصدر الذي غاب غيبيته الصغرى في إيران ثم عاد للعراق ورأيناه بعد ذلك في قطر!، هي من الظواهر السلبية التي تؤشر لعودة لغة السلاح والميليشيات المشكلة على النهج الإيراني للساحة العراقية، وبما سيؤدي بالضرورة إلى شحن الطرف الطائفي الآخر في استعراض قدراته العسكرية وبما من شأنه أن يعيد العراق للمربع الأول ولنقطة الصفر، وحيث الفشل يستنسخ الفشل والمأساة تكرر ذاتها بمتوالية حسابية دموية مرعبة.

الاستعراض العسكري الجديد لعصابة "جيش المهدي" بشعاراته الطائفية المتخلفة وبشكله الممقوت وبأفكاره الخرافية الجاهلية المتورمة بالتخلف ما هو إلا مسرحية إيرانية من ترتيب وإعداد الحرس الثوري الإيراني الذي يرعى مثل تلك التجمعات كما فعل قبل ثلاثة عقود مع ميليشيات "حزب الله" اللبناني الذي دربها وأعدها ومولها لوجستيا وبمساعدة نظام المخابرات السورية لتكون رقما داخليا ميليشاويا مهما في لبنان الذي كان يعيش في ثمانينات القرن الماضي أجواء حرب أهلية ساخنة ، و"جيش المهدي" الذي ارتكب الفظائع الإنسانية في العراق بحروبه الطائفية وبعناصره من القتلة والمتخلفين هو اليوم بوارد السيطرة على الشارع العراقي وتأسيس جمهوريته "الطالبانية" بنسختها الشيعية بعد أن قامت القيادات العسكرية لـ"حزب الله" اللبناني ومنهم الصريع عماد مغنية بتدريبه وإعداده ميدانيا وهي قصة معروفة ، وقضية الارتباط بين "جيش المهدي" وعصابات الحرس الثوري الإيراني لا تحتاج لتوثيق أو دليل أكثر من أدلة وجود قائد ذلك الجيش الطويل بين الأحضان الإيرانية في قم وأكثر من عمليات تهريب المعتقلين الخطيرين من أعضائه من سجون المالكي لإيران ثم إعادتهم من جديد وأكثر من الاستعراض العسكري الجديد الذي يقولون انه يمهد لقتال القوات الأميركية! رغم أن الموازين العسكرية تقول إن باستطاعة الأميركيين لو شاءوا إبادة ذلك الجيش وقائده فلا تكافؤ بين القوتين أبدا ، ولكن الهدف الأول ليس قتال الأميركيين بل ملء الفراغ والسيطرة على العراق برمته وإشعال حرب أهلية لن تبقي أو تذر وكجزء حيوي وستراتيجي من المشروع التخريبي الإيراني في الشرق الأوسط.

لقد اطلت عمائم السوء والجريمة الصدرية بقرونها على العالمين ، وسيشهد العراق كما أسلفنا سابقا صيفا دمويا مرعبا ، وهو خيار الطائفيين المتخلفين الوحيد للأسف في ظل غيبة الشعب العراقي وسيادة الجهل.

• الكاتب :- داود البصري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق