الاثنين، 11 أبريل 2011

لماذا اختار الغرب قصف ليبيا ؟

 ما حدث في ليبيا من قصف جوي , وبحري , يختلف - كلية - عن الهدف من فرض الحضر الجوي , وهو حماية المدنيين , وليس التعرض للمواطنين الليبيين . وإذا كانت الضربات الجوية لقوات التحالف ضد ليبيا , لا تهدف إلى إزاحة القذافي من الحكم , كما يقوله رئيس - هيئة أركان الجيوش الأمريكية - الأميرال " مايكل مولن " , وإنما هدفت إلى شل منظومة الدفاع الجوي الليبي , - إضافة - إلى قصف مكثف لمنشآت عسكرية ليبية , ضمن مرحلة أولية من عملية متعددة المراحل . وهذا - بلا شك - مؤشر خطير , على أن ما يحدث هو : مس بسيادة ليبيا , وستكون له عواقبه الوخيمة على الأمن , والسلام في المنطقة .

إذا كانت الإستراتيجية , تتمثل في التعرف على أفضل طريقة ؛ لبلوغ الهدف . فإني أتفهم بعض الخلفيات والدوافع , التي تكمن وراء الموقف العدائي من ليبيا , ولا أجد مثالا للعدوان المزدوج , مثل : التحالف الأمريكي البريطاني , الذي ظهر بصورة فجة , وبشكل بشع , لا يمكن تصورها على البنى التحتية الاقتصادية , والقوة العسكرية , واستهداف مستقبل ليبيا , والقضاء على هذا المستقبل , وتكبيله بأغلال من حديد , وما سيترتب عنه من نتائج , - إضافة - إلى سياسة التوتير في المنطقة , وإشاعة التخويف , واللعب بالأزمات .

أعتقد , أن القوة العسكرية التي يملكها القذافي في شمال أفريقيا , هي قوة رعب بالنسبة لأمريكا , والدول الغربية . وخشية أن تصبح هذه القوة , قوة مواجهة , فإنه لا بد من تدمير ليبيا كدولة , تشكل محورا مهما في القارة الأفريقية . وذلك فقا لفكرة الحرب الاستباقية , أو الوقائية ؛ للتأكيد على الرد المدمر , ومنع الخصم من الإقدام على أي عمل معاد . وهو - بلا شك - مطلب ظالم للشرعية الدولية , سيعقبه احتلال ؛ لفرض نموذج ليبي , بما يتوافق مع المقاس الأمريكي الغربي .

هناك مؤشرات يمكن قراءتها , ومن ذلك ما أشار إليه - الأستاذ - معتز فيصل , من أن : البترول , والغاز الليبيان , يشكلان نسبة كبيرة من مصادر الطاقة في أوروبا , وهناك استثمارات أوروبية , وأمريكية , كبيرة في ليبيا , وفي طرق إمداد النفط , والغاز , لا يمكن الاستغناء عنها . لذلك , فإن ليبيا مقسمة متناحرة , يمكن الضغط عليه بسهولة , وبمختلف الطرق ؛ للسيطرة على طرق الإمدادات , وعلى نصف النفط , أو أكثر ، تعتبر ضمانة للغرب من كل المفاجآت , التي لا يمكن حسابها - حالياً - في حال نجاح الثورة . كما أن القذافي , وأسرته , سيبقيان تهديداً دائما لتونس , ولأي قوة تظهر فيها , ولأي محاولة ؛ للابتعاد عن السيطرة الغربية عليها . كما سيكونان حاجزاً في وجه أي تكتل مغاربي , يضم الجزائر , والمغرب , وموريتانيا في المستقبل , وهو مصداق لما يتوقعه - الأميرال - " مايكل مولن " .

الشرق الليبي المحرر , حتى لو بقي محرراً ، سيظل مشغولاً بحرب دائمة مع الغرب الليبي ، وسيشكلان سوقاً جديدة للسلاح ، يستفيد منه الغرب لعشرات السنين ، وسيشكل التنافس بين الليبيتين , خفضاً لأسعار النفط والغاز ، وستصادر كل الأموال الليبية المخزنة في الغرب ؛ ليستفيد منها في السنوات القادمة ؛ لدعم اقتصاده , وتدعيم الوحدة الأوروبية , التي تعاني بعض بلدانها من مشاكل اقتصادية , ومالية كبيرة في الوقت الحالي . وسيكون المال الليبي المُصادَر , الحل المثالي لبلاد , مثل : اليونان , والبرتغال , وحتى أسبانيا .

ولأننا أمام تحد كبير , يوجب علينا أن ننهض إلى مستوى المسؤولية , ونفكر بطريقة أكثر حيوية ؛ سأطرح سؤالي مباشرة , وهو : هل ما يحصل في المنطقة العربية , - بدءً - من تقسيم السودان , وانفصال الجنوب عنه , - ومرورا - بحصول المفاجآت في تونس , ومصر , إلى التدخل العسكري لقوات التحالف في ليبيا , هل هو مخطط برئ ؟ . أم أنه حلقة في مسلسل " سايكس بيكو " جديدة ؛ لتغيير خريطة منطقة الشرق الأوسط - بزعمهم - , بما يتوافق مع المصالح الأمريكية , والغربية - الإستراتيجية والأيدلوجية - , في إطار الملائمة السياسية , والعسكرية , بما في ذلك الإطاحة بأنظمة حكم , وتقسيم دول , وحرمان أصحابها من مصادر الثروة ؟ .

 الكاتب -  د . سعد بن عبد القادر القويعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق