الخميس، 21 أبريل 2011

جواسيس إيران في الخليج

جريدة الشرق الأوسط اللندنية 21 من جمادى الأولى 1431هـ / 5 من مايو 2010م

رغم الشك المستمر، والقطيعة السياسية، فإن الحركة ما بين إيران ودول مجلس التعاون الست لم تنقطع. هناك مسافرون بصورة يومية، غالبا هم خليجيون عرب باتجاه إيران، طلاب وتجار، وهناك مسافرون إيرانيون باتجاه الخليج غربا بينهم ركاب ترانزيت في طريقهم الى أنحاء العالم، أو تجار يحملون على قواربهم الخشبية السجاد والأسماك والكافيار.

ورغم العداوة الهادئة والحرب الباردة ما بين النظام المتطرف في إيران والحكومات الخليجية فإن خيطا رفيعا ظل يربط بين ضفتي الخليج يتيح لشعوب الخليج التنقل وخدمة المصالح. وجاء الكشف عن شبكة الجواسيس الإيرانية في الكويت ليؤكد الشكوك بأن طهران لم تتوقف عن إرسال جواسيسها ومجنديها ليندسوا بين التجار والطلاب والمسافرين، وتجنيد المواطنين المحليين الذين يقعون في براثن النظام الأمني العسكري الديني المتطرف.

وقد اثار اكتشاف شبكة التجسس الإيرانية في الكويت النقاش حول ملف العلاقة من جديد، هل يجب تقليص التواصل مع طهران حتى تقتنع السلطات هناك بأنها الخاسر الأكبر لو أغلقت بوابة الخليج، بوابتها الرئيسية نحو العالم. فنشاطاتها وحركتها عبر معابر أخرى، مثل تركيا وسورية وباكستان، لا تقدم لها ما تحصل عليه عبر دبي والكويت والبحرين، التي تمثل الممر الرئيسي للخارج.

ومهما أظهرنا من غضب حيال ما حدث في الكويت فإن النظام الإيراني لن يكف عن استخدام شركات طيرانه وبنوكه ومؤسساته التجارية في الحصول على خدمات تجسسية، لأن هذه طبيعة النظام الإيراني الذي يقوم أساسا على نشاطاته الأمنية، ويعتبر شبكاته التي ينشرها في المنطقة ذراعا سياسية وكتيبة عسكرية متقدمة. فطهران لا تخفي في تصريحاتها المعادية تجاه الولايات المتحدة بأنها تعتزم استهداف دول الخليج، في حال نشوب اشتباك بين الطرفين. وهي تعتبر دول الخليج منطقة رخوة ذات مصالح عالمية حيوية وتريد استغلالها في ابتزاز خصومها، وانها في حال الهجوم عليها ستقوم بالهجوم على هذه الدول. وقد جربت في عام 1987 الهجوم على السواحل السعودية وفقدت طائرتين في عرض البحر، أعلن عن إسقاط واحدة. وشنت حربا شعواء لتفجير ناقلات النفط التي تتاجر مع دول الخليج، وخاصة الكويت، حتى اضطرت هذه الناقلات الى رفع الأعلام الأميركية ومخرت المياه بصحبة قوات بحرية أميركية. يضاف الى ذلك العمليات الإرهابية التي دلت على طهران، ولاحقا استضافت إيران القاعدة بعد حرب أفغانستان، حيث لا تزال هناك.

هذا التاريخ الاستفزازي من جانب إيران هو الذي يجعل دول الخليج لا تثق مطلقا بإمكانية العلاقة السلمية معها، فهي تشك بوجود خلايا إيرانية نائمة وأخرى نشطة على أراضيها، والطرفان في حالة حرب باردة لم تتوقف منذ قيام الثورة في عام 79. أما على الجانب الآخر، حيث نظام طهران فإنه يشعر أنها حرب من جانب واحد، حيث أن الأنظمة الخليجية لا تحمل مشاريع سياسية مضادة، ولا ترسل بعثات تجسس، ولا تملك شبكات تخريب نائمة على التراب الإيراني.

فهل ينفع إيران اعتمادها على سياسة تجهيز الأرض للحرب ضد دول الخليج؟ الحقيقة أن ما ينفقه النظام الإيراني من أموال، ويبذل من جهد في المنطقة لتجنيد وتمويل الحركات الموالية له، أو المعارضة للأنظمة الخليجية، يشابه كثيرا ما كان يفعله نظام صدام الذي اكتشف في النهاية أن كل ما بناه لم يخدم مصالحه في اللحظة الحرجة سواء في عام 1990 أو عام 2003. استراتيجية نظام إيران تقوم فقط على مفهوم الحرب وتبني كل علاقاتها، وفقا لذلك مما يجعل العلاقة صعبة معها.

الكاتب / عبدالرحمن الراشد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق