الخميس، 21 أبريل 2011

خلية الكويت.. خدمة للمشروع الإيراني !

 
مفكرة الإسلام 17-جمادي الأولى-1431هـ / 1-مايو-2010م

أعلنت مصادر صحفية كويتية اليوم عن القبض على خلية تتكون من عرب وكويتيين يتجسسون لصالح الحرس الثوري الإيراني، وقالت المصادر أيضًا أن تلك الخلية تقوم بتغذية الحرس الثوري الإيراني بمعلومات عن عدد من الأهداف الكويتية والأمريكية، وتم القبض على سبعة رجال بعضهم خدم في وزارتي الداخلية والدفاع في الكويت، وتلك الأنباء لم تؤكد بصورة رسمية حتى الآن ولكن فقط نشرتها صحيفة القبس الكويتية، وقالت الصحيفة إن وكالات الأمن والاستخبارات مازالت تتعقب حوالي سبعة أشخاص آخرين يشتبه في أنهم أعضاء في نفس الخلية.

وتلك الحادثة ليست الأولى في دول الخليج العربي من حيث الاختراق الإيراني للمستويات العسكرية والأمنية، حيث قبضت السلطات البحرينية مؤخرًا على الوزير البحريني منصور بن رجب بتهمة غسيل أموال لصالح الحرس الثوري الإيراني، حيث تردد أن الوزير المقبوض عليه كان يغسل الأموال غير الشرعية الناتجة من بيع مخدر الأفيون من قبل الحرس الثوري الإيراني وكانت الأموال تحول من كولومبيا وشرق الصين وأذربيجان الى الوزير المتهم، وتلك حادثة أخرى تفيد بمدى تغلغل الحرس الثوري الإيراني لأعلى المستويات القيادية والأمنية في دول الخليج.

وقبل أيام قليلة أيضًا أثار وزير الخارجية الإماراتي مسألة الجزر الإماراتية الثلاثة التي تحتلها إيران، وقال أن الاحتلال الإيراني لا يختلف عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وهو ما استدر ردًا غاضبًا من الجانب الإيراني الذي حذر الإمارات من المضي قدمًا في مثل تلك التصريحات، وكل هذا يشير إلى وجود توترات متزايدة في نقاط التماس الخليجية الإيرانية، في خضم تصعيد الولايات المتحدة ضغوطها على إيران لوقف برنامجها النووي، ورد الجانب الإيراني بإجراء مناورة عسكرية بحرية ضخمة في الخليج، والمناخ العام يشير إلى أن منطقة الخليج ستشهد توترًا متصاعدًا في الفترة القادمة مع دخول النووي الإيراني مراحله الحاسمة، ذلك التوتر ليس بالضرورة سيؤدي في النهاية إلى مواجهة عسكرية.

فإيران تشعر بتزايد الضغوط الأمريكية عليها، من تجميد أصول الحرس الثوري الإيراني إلى محاولة عقد جولات مكوكية مع الصين وروسيا لتأمين فرض عقوبات موجعة على إيران من مجلس الأمن، لذلك تحاول إيران في الفترة الحالية أن تستعرض عضلاتها لإرهاب الولايات المتحدة بمناورة الرسول الأعظم 5 الأخيرة، وكذلك بمحاولة جمع المعلومات المطلوبة عن تواجد القوات الأمريكية في منطقة الخليج استعدادًا لضربة أمريكية حتى لو كانت مستبعدة في الوقت الراهن، هذا بالإضافة إلى محاولة تنويع مصادر دخلها وغسيل الأموال كما حدث في الحالة البحرينية.

فقد تم تجميد أرصدة الحرس الثوري في أوروبا وتوقفت عمليات غسيل الأموال التي كان يقوم بها الحرس الثوري الايراني من بيع الافيون في دبي بعد القبض على المدعو على محمد جنتي ـ ايراني الجنسية ـ وكان يغسل أموال الحرس الثوري الايراني ويحولها فيما بعد الى مصرف سويسري باسمه بصفته تاجر سجاد ومواد أولية لصناعة التبغ، حيث تستفيد إيران أيضًا من الغزو الأمريكي لأفغانستان لازدهار تجارة المخدرات، وذلك يدخل ضمن إطار عمليات غسيل الأموال الإيرانية لتنويع مصادرها بعد أن انخفضت أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية المتوقعة عليها.

ويبدو أن إيران تستعد جديًا لأي تصعيد محتمل مع الولايات المتحدة حيث عثرت قوات الأمن الكويتية في مداهمتها لأحد قادة الخلية في منطقة الصليبية على خرائط لمواقع حيوية وأجهزة اتصالات متطورة للغاية ومبلغ مالي يتجاوز 250 ألف دولار أميركي. وقالت المصادر أن المتهمين البالغ عددهم سبعة كشفوا في اعترافاتهم الأولية أن عملهم كان يتطلب تجنيد عدد من العناصر التي تتوافق أفكارهم وتوجهاتهم مع الحرس الثوري الإيراني، وأضافت المصادر أن أعضاء الخلية كانوا يترددون على إيران بشكل مستمر وان بعض المقبوض عليهم كانوا يعملون في وزارتي الداخلية والدفاع.

والكويت تعد واحدة من أهم الأهداف الإيرانية المتحملة في حال ضرب الولايات المتحدة للمواقع النووية الإيرانية؛ حيث يوجد للجيش الأمريكي قواعد عسكرية في الكويت، وهناك 15الف جندي أمريكي في البلاد، وتجنيد المزيد من الأتباع في الكويت ربما يضمن لطهران أن تستخدمهم في يوم من الأيام لشن عمليات من داخل الكويت على الأهداف الأمريكية في حال نشوب مواجهة عسكرية بين الطرفين.

كما أفادت أنباء بوجود عناصر للحرس الثوري الإيراني في أمريكا اللاتينية، وبخاصة في فنزويلا، حيث أعلنت مصادر من البنتاجون في شهادة لها أمام الكونجرس في 22 أبريل الماضي أن الحرس الثوري الإيراني "يحافظ على قدرات عملياتية حول العالم"، وأفاد تقرير للبنتاجون أن لإيران "قواعد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن هدف إيران الأول حاليًا هو بقاء النظام"، كما تم ضبط خلية لحزب الله داخل مصر، ويعتقد أن تلك الخلية كان منوطًا بها تنفيذ عمليات داخل مصر وكذلك في منطقة القناة ضد السفن الأمريكية والإسرائيلية المتوقع مرورها لدعم العمليات العسكرية ـ إن تمت ـ ضد إيران في الخليج.

وبالرغم من كل ذلك التصعيد المستتر داخل منطقة الخليج وحول العالم، إلا أن الاحتمال الأرجح سيكون عدم توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد إيران بحال من الأحول، ولكن هذا سيستلزم بقاء الولايات المتحدة مدة أطول في العراق، بعد أن كان مقررًا انسحاب القوات الأمريكية المحتلة من البلاد بحلول عام 2011، حيث إن حجة الولايات المتحدة هو أن انسحاب القوات الأمريكية سيؤدي إلى تصاعد النفوذ الإيراني في العراق وفي الخليج بصفة عامة، والمواجهة الأمريكية الإيرانية عسكريًا سيكون لها عواقب كارثية على منطقة الخليج بكاملها وعلى تدفق النفط، وكذلك سوف يتم إشعال حرب مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران، بأذرعها النائمة في مختلف مناطق العالم وبإغلاقها لمضيق هرمز واستهداف القوات الأمريكية العاملة فيه.

لذا فإن الخيار الأقرب يظل هو عقد صفقة أمريكية إيرانية في النهاية، والقبول بإيران نووية حيث إن وجود السلاح النووي لن يضير الولايات المتحدة بصورة مباشرة، حيث إن قدراتها العسكرية والنووية تردع طهران عن اتخاذ أي خطوة باستخدام ذلك السلاح النووي، والصفقة الأمريكية الإيرانية سوف تؤدي إلى التعاون بين الجانبين في العراق وأفغانستان، كما أنه سيخول للولايات المتحدة البقاء لفترة أطول في الخليج، وسيؤدي أيضًا إلى تصاعد شهوة التسلح لدى دول مجلس التعاون، وهو ما يعني انتعاش الاقتصاد الأمريكي وصناع السلاح والذخيرة والمركبات والطائرات وتزايد الطلب على كافة المواد القتالية الأخرى، وتستطيع الولايات المتحدة أن تحجم النفوذ العسكري الإيراني باستمرار تواجد قواتها في منطقة الخليج.

لذا يتبقى في النهاية أن الإعلان عن تلك الخلايا الموالية للحرس الثوري الإيراني في دول الخليج تصب في مصلحة إيران أيضًا وليس العكس؛ حيث إن ذلك يقوي منظومة الردع لديها، فذلك الإعلان يقدم لها خدمة مجانية باستعراض قوتها، مثلما استعرضت قوتها البحرية القتالية في المناورة البحرية الأخيرة، باستخدام الصواريخ قصيرة المدى والمدمرات القادرة على وضع الألغام البحرية والزوارق البحرية السريعة القادرة على المناورة والمحملة بصواريخ لاستهداف الغواصات والسفن، والإعلان عن تلك الخلايا ربما يزيد من قناعة الولايات المتحدة بعقد صفقة مع إيران لما يمكن أن تحدثه من خسائر للولايات المتحدة في حال حدوث مواجهة عسكرية معها.

ويبدو أن دول الخليج العربي هم أيضًا لا يرغبون في تصعيد الموقف العسكري مع إيران ويدعون إلى حلول سلمية لبرنامجها النووي، حيث إن المواجهة العسكرية ستحول منطقة الخليج بأكملها إلى أرض محروقة وساحة للحرب بين الجانبين الإيراني والأمريكي، وهو ما لا تستطيع أن تتحمله دول مجلس التعاون في الفترة الحالية، لذا فإن الخيار لدى العرب ربما يكون في النهاية: كيف يمكن التعايش مع إيران نووية.



الكاتب / محمد الزواوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق